الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل في ذكر من بعثه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يعلم الأنصار وغيرهم القرآن ويفقههم في الدين
اعلم أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بعث عدة من أصحابه يعلمون الناس القرآن، ويفقهونهم في الدين، وكان أول من بعثه لذلك مصعب بن عمير بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي، القرشي، العبديّ، أبو عبد اللَّه، أحد الجلة من الصحابة، الذين أسلموا قديما، وهاجر إلى الحبشة، ثم بعثه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلى المدينة قبل الهجرة، بعد العقبة الثانية. يقرئهم القرآن [ويفقههم في الدين] وكان يدعى: القارئ والمقرئ وهو أول من سمى المقرئ، ويقال:
إنه أول من جمّع- أي صلاة الجمعة- بالمدينة قبل الهجرة، وشهد بدرا، واستشهد يوم أحد [ (1) ] .
قال الواقدي: حدثني أحمد بن إبراهيم الدورقي، وبكر بن الهيثم، قالا: حدثنا أبو الوليد الطيالسي، حدثنا شعبة، عن أبى إسحاق عن البراء بن عازب رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه قال: أول من قدم علينا من أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من المدينة، مصعب بن عمير، وابن أم مكتوم [ (2) ] .
[ (1) ] له ترجمة في: (تاريخ خليفة) : 69، (حلية الأولياء) : 1/ 106- 108، (تهذيب الأسماء واللغات) : 2/ 96- 97، (الإصابة) : 6/ 123- 124، ترجمة رقم (808) .
[ (2) ] أخرجه أبو عبد اللَّه الحاكم في (المستدرك) : 2/ 683، كتاب تواريخ المتقدمين من الأنبياء والمرسلين، من كتاب الهجرة الأولى إلى الحبشة، حديث رقم (4254) ولفظه: «حدثنا أبو الطيب محمد بن محمد الشعيري، حدثنا محمد بن عصام، حدثنا حفص بن عبد اللَّه، حدثني إبراهيم ابن طهمان، عن شعبة بن الحجاج، عن أبى إسحاق، عن البراء بن عازب أنه قال: أول من قدم علينا المدينة من المهاجرين مصعب بن عمير، وابن أم مكتوم، فكانوا يقرءوننا، فقدم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وقد قرأت: سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى وسورا من المفصّل، ثم قدم سعد بن مالك، وعمار ابن ياسر، ثم قدم عمر بن الخطاب في عشرين، ثم قدم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فما فرحنا بشيء فرحنا برسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، جعل النساء والصبيان يسعون يقولون: هذا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم.
قال الواقدي: وقد روى أن مصعبا سار من المدينة إلى مكة، هاجر إليها مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وأصحابه. وقال نصر بن على: حدثنا وهب بن جرير، حدثنا أبى عن ابن إسحاق قال: ثم انصرفوا، وبعث معهم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم مصعب بن عمير.
قال ابن إسحاق: فحدثني عاصم بن عمران، أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، إنما بعثه بعدهم، وإنما كتبوا إليه: أن الإسلام قد فشا فينا، فابعث إلينا رجلا من أصحابك، يقرئنا القرآن، ويفقهنا في الإسلام، ويقيمنا بسننه وشرائعه، ويؤمنا في صلاتنا، فبعث مصعب بن عمير، وكان منزل مصعب على أبى أمامة أسعد بن زرارة، وكان مصعب يسمى بالمدينة: المقرئ، وكان أبو أمامه يذهب به إلى دور الأنصار، يدعوهم إلى الإسلام، ويفقه من أسلم منهم.
وقال يونس بن بكير، عن ابن إسحاق: يزيد بن أبى حبيب قال: لما انصرف عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم القوم، وبعث معهم مصعب بن عمير، فحدثني عاصم بن عمر، عن ابن قتادة، أن مصعب بن عمير، كان يصلى بهم،
[ () ] قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه بهذه السياقة، وقال الحافظ الذهبي في (التلخيص) : على شرط البخاري ومسلم.
وأما عبد اللَّه بن أم مكتوم فإنه مختلف في اسمه، فأهل المدينة يقولون: عبد اللَّه بن قيس بن زائدة الأصم بن رواحة القرشيّ العامرىّ.
وأما أهل العراق فسموه عمرا وأمه أم مكتوم هي عاتكة بنت عبد اللَّه بن عنكثة بن عامر ابن مخزوم بن يقظة المخزومية. كانت من السابقين المهاجرين، وكان ضريرا مؤذنا لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم مع بلال وسعد القرظ، وأبى محذورة مؤذن مكة. هاجر بعد وقعة بدر بيسير، وقد كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يحترمه ويستخلفه على المدينة، فيصلي بيقايا الناس.
عن أبى إسحاق، سمع البراء يقول: أول من قدم علينا مصعب بن عمير وابن أم مكتوم، فجعلا يقرئان الناس القرآن.
قال عروة: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم مع رجال من قريش فيهم عتبة بن ربيعة فجاء ابن أم مكتوم يسأل عن شيء، فأعرض عنه، فأنزلت: عَبَسَ وَتَوَلَّى* أَنْ جاءَهُ الْأَعْمى [عبس: 12] .
عن أنس: أن عبد اللَّه بن أم مكتوم يوم القادسية، كانت معه راية سوداء، عليه درع له.
وذلك أن الأوس كره بعضهم أن يؤمه بعض، وحدثني عبد اللَّه بن أبى بكر بن حزم، وعبد اللَّه بن المغيرة بن معيقب قال: بعث رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم مصعب بن عمير. مع النفر الاثني عشر، الذين بايعوه في العقبة الأول إلى المدينة، [يفقه] أهلها، ويقرئهم القرآن. وذكر الخبر، ثم إن مصعب بن عمير رجع إلى مكة.
وقال موسى بن عقبة، عن ابن شهاب، أن مصعب بن عمير، كان أول من جمع الجمعة بالمدينة للمسلمين، قبل أن يقدمها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وذكر غير الواقدي: أن الأنصار صلت قبل الهجرة سنتين إلى بيت المقدس وابن أم مكتوم كان ممن قدم المدينة معه مصعب بن عمير، قال الواقدي: قدمها بعد بدر بيسير [ (1) ] . ومعاذ بن جبل، بعثه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قاضيا الى الجند باليمن يعلم الناس القرآن. وشرائع الإسلام ويقضى بينهم، وقد تقدم التعريف به.
وعمرو [بن][حزم بن] زيد بن لوذان بن عمرو بن عبد عوف بن غنم ابن مالك بن النجار، الأنصاريّ، الخزرجىّ، النجارىّ، ومنهم من ينسبه في مالك بن جشم بن الخزرج، ومنهم من ينسبه في ثعلبة بن زيد بن مناة بن حبيب بن عبد حارثة بن مالك [يكنى] أبا الضحاك، أول مشاهده الخندق، واستعمله رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم على نجران، وهو ابن سبع عشرة سنة، ليفقههم في الدين، ويعلمهم القرآن ويأخذ صدقاتهم، وذلك في سنة عشر، وكتب له كتابا، فيه الفرائض، والسنن والديات، ومات [بالمدينة] سنة إحدى وخمسين وقيل: غير ذلك [ (2) ] .
[ (1) ] راجع التعليق السابق.
[ (2) ] وقيل سنة (51)، وقيل: سنة (54)، وقيل: سنه (53) ، والصحيح أنه توفى بالمدينة بعد الخمسين، في خلافة عمر بن الخطاب رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه، أخرج له أبو داود، والنسائي، وابن حبان، والدارميّ، وغير واحد، روى عنه ابنه محمد، وجماعة. له ترجمة في:
(الإصابة) : 4/ 621، ترجمة رقم (5814)، (الاستيعاب) : 3/ 1172- 1173، ترجمة رقم (1907)، (الثقات) : 3/ 267، (أسماء الصحابة الرواة) : 217، ترجمة رقم (292) ،