الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ جَوَازِ صَلَاةِ النَّافِلَةِ عَلَى الدَّابَّةِ فِي السَّفَرِ حَيْثُ تَوَجَّهَتْ
[700]
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصَلِّي سُبْحَتَهُ حَيْثُمَا تَوَجَّهَتْ بِهِ نَاقَتُهُ.
[خ: 1000]
وَحَدَّثَنَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصَلِّي عَلَى رَاحِلَتِهِ حَيْثُ تَوَجَّهَتْ بِهِ.
وَحَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي وَهُوَ مُقْبِلٌ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ عَلَى رَاحِلَتِهِ، حَيْثُ كَانَ وَجْهُهُ قَالَ: وَفِيهِ نَزَلَتْ: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} .
وَحَدَّثَنَاهُ أَبُو كُرَيْبٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، وَابْنُ أَبِي زَائِدَةَ. ح، وَحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، كُلُّهُمْ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بِهَذَا الإِسْنَادِ نَحْوَهُ، وَفِي حَدِيثِ ابْنِ مُبَارَكٍ، وَابْنِ أَبِي زَائِدَةَ: ثُمَّ تَلَا ابْنُ عُمَرَ: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} ، وَقَالَ: فِي هَذَا نَزَلَتْ.
في هذه الأحاديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي سُبْحَتَهُ- أي: النافلة- على راحلته حيثما توجهت به- ولو إلى غير القبلة، فدل هذا على جواز صلاة النافلة على الدابة، وعلى الراحلة، وعلى المركوب حيثما توجهت به، سواء كان إلى جهة القبلة، أو إلى غير جهة القبلة، إلا أنه ورد حديث عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: ((كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى رَاحِلَتِهِ تَطَوُّعًا اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، فَكَبَّرَ لِلصَّلَاةِ، ثُمَّ خَلَّى عَنْ رَاحِلَتِهِ، فَصَلَّى حَيْثُمَا
تَوَجَّهَتْ بِهِ))
(1)
، وهذا من باب الاستحباب.
أما الفريضة فكان صلى الله عليه وسلم ينزل على الأرض، ويصلي متجهًا للقبلة.
وفيها: أنه فُسِّرَ قوله تعالى: {فأينما تولوا فثم وجه الله} بتفسيرين:
أحدهما: يثبت صفة الوجه لله تعالى؛ وأن الله تعالى قِبَل وجه المصلي، وهو فوق العرش.
الثاني: أن المراد بوجه الله فيها: قبلته، فإذا صلى المسلم على الراحلة إلى غير جهة القبلة، وكذا إذا لم تُعرف القبلة في الصحراء واجتهد- فصلاته صحيحة، وثمَّ وجه الله وقبلته التي شرع.
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى الْمَازِنِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي عَلَى حِمَارٍ، وَهُوَ مُوَجِّهٌ إِلَى خَيْبَرَ.
في هذا الحديث: دليل على جواز الصلاة على الحمار وعلى البغل وعلى البعير.
وفيه: دليل على أن عَرَق الحمار والبغل طاهر، وكذا سؤره طاهر، ولو شرب الحمار من ماء لم ينجس في أصح قولي العلماء، وإنما النجاسة في بوله وروثه.
وفيه: تواضعه صلى الله عليه وسلم في ركوبه الحمار، خلافًا لما عليه أهل الكبر من الأَنَفة من ركوب الحمار، بل كان النبي صلى الله عليه وسلم يردف عليه أحيانًا.
(1)
أخرجه أحمد (12696)، وأبو داود (1225).
وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ: أَنَّهُ قَالَ: كُنْتُ أَسِيرُ مَعَ ابْنِ عُمَرَ بِطَرِيقِ مَكَّةَ، قَالَ سَعِيدٌ: فَلَمَّا خَشِيتُ الصُّبْحَ نَزَلْتُ فَأَوْتَرْتُ، ثُمَّ أَدْرَكْتُهُ، فَقَالَ لِي ابْنُ عُمَرَ: أَيْنَ كُنْتَ؟ فَقُلْتُ لَهُ: خَشِيتُ الْفَجْرَ، فَنَزَلْتُ فَأَوْتَرْتُ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: أَلَيْسَ لَكَ فِي رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أُسْوَةٌ؟ ! فَقُلْتُ: بَلَى وَاللَّهِ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُوتِرُ عَلَى الْبَعِيرِ.
قوله: ((أُسْوَة)): بضم الهمزة، يعني: قدوة.
في هذا الحديث: أن الوتر ليس بواجب، ولكنه سنة مؤكدة؛ لأنه لو كان واجبًا لنزل النبي صلى الله عليه وسلم وصلى بالأرض كما يفعل في الفريضة، وهذا هو مذهب الجمهور
(1)
، وذهب الإمام أبو حنيفة رحمه الله إلى أن الوتر واجب
(2)
، والحديث حجة عليه.
وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي عَلَى رَاحِلَتِهِ حَيْثُمَا تَوَجَّهَتْ بِهِ.
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَفْعَلُ ذَلِكَ.
في هذا الحديث: أن ابن عمر رضي الله عنهما كان يتحرى السنة، فصلى على راحلته كما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حيثما توجهة به، وقد كان رضي الله عنه يتحرى السنة حتى
(1)
المجموع، للنووي (3/ 3)، أسنى المطالب، لزكريا الأنصاري (3/ 98)، مواهب الجليل، للحطاب (2/ 75)، مسائل الإمام أحمد رواية ابنه صالح (1/ 333).
(2)
المبسوط، للسرخسي (1/ 156).
فيما كان من عليه الصلاة والسلام من الأمور العادية، وكان ينزل الأماكن التي صلى فيها النبي صلى الله عليه وسلم فيصلي فيها رضي الله عنه
(1)
.
وَحَدَّثَنِي عِيسَى بْنُ حَمَّادٍ الْمِصْرِيُّ، أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي ابْنُ الْهَادِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُوتِرُ عَلَى رَاحِلَتِهِ.
وَحَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُسَبِّحُ عَلَى الرَّاحِلَةِ، قِبَلَ أَيِّ وَجْهٍ تَوَجَّهَ، وَيُوتِرُ عَلَيْهَا، غَيْرَ أَنَّهُ لَا يُصَلِّي عَلَيْهَا الْمَكْتُوبَةَ.
[701]
وَحَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ سَوَّادٍ، وَحَرْمَلَةُ قَالَا: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ أَخْبَرَهُ: أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ: أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي السُّبْحَةَ بِاللَّيْلِ فِي السَّفَرِ، عَلَى ظَهْرِ رَاحِلَتِهِ حَيْثُ تَوَجَّهَتْ.
[702]
وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ سِيرِينَ قَالَ: تَلَقَّيْنَا أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ حِينَ قَدِمَ الشَّامَ، فَتَلَقَّيْنَاهُ بِعَيْنِ التَّمْرِ، فَرَأَيْتُهُ يُصَلِّي عَلَى حِمَارٍ، وَوَجْهُهُ ذَلِكَ الْجَانِبَ- وَأَوْمَأَ هَمَّامٌ عَنْ يَسَارِ الْقِبْلَةِ- فَقُلْتُ لَهُ: رَأَيْتُكَ تُصَلِّي لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ قَالَ: لَوْلَا أَنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَفْعَلُهُ لَمْ أَفْعَلْهُ.
[خ: 1100]
قوله: ((يُسَبِّحُ))، أي: يتنفل، والسُّبْحةُ بضم السين وإسكان الباء: النافلة، وليس المراد قوله: سبحان الله.
وقوله: ((قِبَلَ أَيِّ وَجْهٍ تَوَجَّهَ))، أي: إلى القبلة وإلى غير القبلة.
(1)
أخرجه البخاري (483، 492).
وقوله: ((غَيْرَ أَنَّهُ لَا يُصَلِّي عَلَيْهَا الْمَكْتُوبَةَ))، يعني: غير أنه لا يصلي عليها الفريضة، وإنما ينزل في الأرض؛ لأن الفريضة أهم وآكد وتحتاج إلى عناية، فإذا صلى إنسان على السفينة أو الطائرة نافلةً جازت الصلاة عليها، في أي جهة توجهت.
أما في الفريضة: فإذا اضطر إلى الصلاة فإنه يدور مع القبلة حيث دارت، وإن تيسر له أن يصلي قبل الركوب صلى وجوبًا.