الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ مَا رُوِيَ فِيمَنْ نَامَ اللَّيْلَ أَجَمْعَ حَتَّى أَصَبْحَ
[774]
حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَإِسْحَاقُ، قَالَ عُثْمَانُ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: ذُكِرَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ نَامَ لَيْلَةً حَتَّى أَصْبَحَ قَالَ: ((ذَاكَ رَجُلٌ بَالَ الشَّيْطَانُ فِي أُذُنَيْهِ- أَوَ قَالَ: فِي أُذُنِهِ)).
[خ: 3270]
في هذا الحديث: أن العلماء اختلفوا في معنى قوله: ((ذُكِرَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ نَامَ لَيْلَةً حَتَّى أَصْبَحَ))، فقيل: إنه نام عن صلاة العشاء، وقيل: نام عن صلاة الفجر، وقيل: إنه نام عن صلاة الليل، والأقرب: أنه نام عن صلاة الليل، وهذا ما فهمه الإمامان البخاري، ومسلم، فقد ذكراه في قيام الليل.
وفيه: أنه ينبغي للإنسان أن يصلي من الليل ولو ركعة يوتر بها قبل أن يصبح، فإذا نام حتى أصبح ولم يصلِّ بعد صلاة العشاء شيئًا، فهذا مذموم، وينطبق عليه هذا الحديث.
وقوله: ((بال الشيطان)): هذا البول بول حقيقي، الله أعلم بكيفيته.
[775]
وَحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنْ عُقَيْلٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ: أَنَّ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيّ حَدَّثَهُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم طَرَقَهُ، وَفَاطِمَةَ، فَقَالَ:((أَلَا تُصَلُّونَ؟ ! ))، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّمَا أَنْفُسُنَا بِيَدِ اللَّهِ، فَإِذَا شَاءَ أَنْ يَبْعَثَنَا بَعَثَنَا، فَانْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ قُلْتُ لَهُ ذَلِكَ، ثُمَّ سَمِعْتُهُ، وَهُوَ مُدْبِرٌ يَضْرِبُ فَخِذَهُ، وَيَقُولُ:(({وَكَانَ الإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا})).
[خ: 1127]
في هذا الحديث: الأمر بقيام الليل، والتعاون على البر والتقوى؛ لطرقه صلى الله عليه وسلم باب بيت علي وفاطمة رضي الله عنهما، وقوله:((أَلَا تُصَلُّونَ؟ ! ))، وكما جاء في الحديث:((رَحِمَ اللهُ رَجُلًا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ، فَصَلَّى، وَأَيْقَظَ امْرَأَتَهُ، فَصَلَّتْ، فَإِنْ أَبَتْ نَضَحَ فِي وَجْهِهَا الْمَاءَ، وَرَحِمَ اللهُ امْرَأَةً قَامَتْ مِنَ اللَّيْلِ، فَصَلَّتْ، وَأَيْقَظَتْ زَوْجَهَا، فَصَلَّى، فَإِنْ أَبَى، نَضَحَتْ فِي وَجْهِهِ الْمَاءَ))
(1)
، قَالَ سُفْيَانُ: لَا يُرَشُّ فِي وَجْهِهِ، بل تَمْسَحُهُ
(2)
، فكل هذا من التعاون على البر والتقوى، ولو كان نافلة.
وفيه: إثبات المشيئة لله عز وجل في قول علي رضي الله عنه: ((إِنَّمَا أَنْفُسُنَا بِيَدِ اللَّهِ، فَإِذَا شَاءَ أَنْ يَبْعَثَنَا بَعَثَنَا)).
وفيه: أن اليقظة من النوم تسمى بعثًا؛ لأن النوم موتة صغرى، واليقظة بعث أصغر، قال تعالى:{وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُم بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُم بِالنَّهَارِ} .
وفيه: أن جواب علي رضي الله عنه غير مناسب؛ ولهذا كان في نفس النبي صلى الله عليه وسلم شيء لما أجاب به، وكان المناسب أن يقول رضي الله عنه: نسأل الله أن يعيننا، ادعُ
(1)
أخرجه أحمد (7410)، وأبو داود (1308)، والنسائي (1610)، وابن ماجه (1336).
(2)
أخرجه أحمد (7322).
الله لنا؛ لذا ولى النبي صلى الله عليه وسلم مدبرًا وهو يضرب على فخذه، ويقول:(({وَكَانَ الإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا}))، يعني: أن هذا من الجدل المذموم.
وفيه: أن الإنسان العظيم قد يقع منه بعض كلام خلاف الأولى، كما وقع من علي رضي الله عنه مع جلالة قدره.
[776]
حَدَّثَنَا عَمْرٌو النَّاقِدُ، وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، قَالَ عَمْرٌو، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ- يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم:((يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ عَلَى قَافِيَةِ رَأْسِ أَحَدِكُمْ ثَلَاثَ عُقَدٍ إِذَا نَامَ، بِكُلِّ عُقْدَةٍ يَضْرِبُ: عَلَيْكَ لَيْلًا طَوِيلًا، فَإِذَا اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللَّهَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، وَإِذَا تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عَنْهُ عُقْدَتَانِ، فَإِذَا صَلَّى انْحَلَّتِ الْعُقَدُ، فَأَصْبَحَ نَشِيطًا، طَيِّبَ النَّفْسِ، وَإِلَّا أَصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلَانَ)).
[خ: 1142]
في هذا الحديث: حِرص الشيطان- عدوِّ الله- على إيذاء ابن آدم، فإنه يعقد ثلاث عقد، ويضرب على كل عقدة:((عَلَيْكَ لَيْلًا طَوِيلًا)).
وفيه: أن الإنسان إذا لم يتوضأ، أو إذا لم يُصَلِّ، أو إذا لم يذكر الله أصبح خبيثَ النفس كسلانَ.
وهذه العقد المذكورة في الحديث عقد حقيقية، الله أعلم بكيفيتها.