الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ كَرَاهَةِ الصَّلَاةِ بِحَضْرَةِ الطَّعَامِ الَّذِي يُرِيدُ أَكْلَهُ فِي الْحَالِ، وَكَرَاهَةِ الصَّلَاةِ مَعَ مُدَافَعَةِ الأَخْبَثَيْنِ
[557]
أَخْبَرَنِي عَمْرٌو النَّاقِدُ، وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالُوا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((إِذَا حَضَرَ الْعَشَاءُ، وَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ، فَابْدَءُوا بِالْعَشَاءِ)).
[خ: 5463]
حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الأَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرٌو عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((إِذَا قُرِّبَ الْعَشَاءُ، وَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ، فَابْدَءُوا بِهِ قَبْلَ أَنْ تُصَلُّوا صَلَاةَ الْمَغْرِبِ، وَلَا تَعْجَلُوا عَنْ عَشَائِكُمْ)).
[خ: 672]
[558]
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، وَحَفْصٌ، وَوَكِيعٌ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، بِمِثْلِ حَدِيثِ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ.
[خ: 671]
[559]
حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي. ح، قَالَ: وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ- وَاللَّفْظُ لَهُ- حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ قَالَا: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((إِذَا وُضِعَ عَشَاءُ أَحَدِكُمْ، وَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ، فَابْدَءُوا بِالْعَشَاءِ، وَلَا يَعْجَلَنَّ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْهُ)).
[خ: 673]
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْمُسَيَّبِيُّ، حَدَّثَنِي أَنَسٌ- يَعْنِي: ابْنَ عِيَاضٍ- عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ. ح، وَحَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ مَسْعَدَةَ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ. ح، قَالَ: وَحَدَّثَنَا الصَّلْتُ بْنُ مَسْعُودٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ مُوسَى عَنْ أَيُّوبَ، كُلُّهُمْ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، بِنَحْوِهِ.
في هذا الحديث: دليل على أنه ينبغي للإنسان أن لا يأتي الصلاة وهو مشغول.
وفيه: أنهم كانوا يتعشون قبل صلاة المغرب، فقوله:((فَابْدَءُوا بِالْعَشَاءِ))، أي: قبل أن تصلوا المغرب.
فطعام العشاء يكون بعد العصر، وقبل المغرب، وربما تأخر العشاء إلى بعد المغرب؛ ولهذا كان الناس في نجد قبل أن توجد الوظائف يتعشون بعد العصر، وقد يتأخرون إلى بعد المغرب، فبعد صلاة العشاء ليس إلا النوم، فكانوا ينامون مبكرين ويستيقظون في آخر الليل، فلما وجدت الوظائف، واتسعت البلدان، وانشغل الناس صعب عليهم الاجتماع إلا بعد العشاء فصار العَشاء بعد العِشاء، وصار بعض الناس يتأخر كثيرًا إلى ساعة متأخرة من الليل، وقد ورد عن عبدالرحمن بن أبي بكر قال: جَاءَ أَبُو بَكْرٍ بِضَيْفٍ لَهُ- أَوْ بِأَضْيَافٍ لَهُ- فَأَمْسَى عِنْدَ النَّبِيِّ فَلَمَّا جَاءَ قَالَتْ لَهُ أُمِّي: احْتَبَسْتَ عَنْ ضَيْفِكَ، أَوْ عَنْ أَضْيَافِكَ اللَّيْلَةَ قَالَ: مَا عَشَّيْتِهِمْ؟ فَقَالَتْ: عَرَضْنَا عَلَيْهِ- أَوْ عَلَيْهِمْ- فَأَبَوْا- أَوْ فَأَبَى
…
(1)
، فهذا واضح أن أبا بكر رضي الله عنه تعشى مع النبي صلى الله عليه وسلم بعد المغرب، وربما تعشى قبل المغرب.
والمقصود: أنه إذا قُدِّمَ العَشاء أو الغداء مثلًا قبل العصر، ونفسه متشوقة فقد تشوش، فإنه يبدأ بالعَشاء ولو فاتته الجماعة، ويكون هذا عذرًا له، لكن لا ينبغي أن يتعمد وضع العشاء، فلو تعمد وضعه فإنه يأثم لترك الجماعة، لكن إذا قُدِّم من دون اختياره، أو كان محتاجًا إليه فإنه يبدأ بالعَشاء.
(1)
أخرجه البخاري (6141).
[560]
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ، حَدَّثَنَا حَاتِمٌ- هُوَ ابْنُ إِسْمَاعِيلَ- عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ أَبِي عَتِيقٍ قَالَ: تَحَدَّثْتُ أَنَا وَالْقَاسِمُ عِنْدَ عَائِشَةَ رضي الله عنها حَدِيثًا- وَكَانَ الْقَاسِمُ رَجُلًا لَحَّانَةً، وَكَانَ لِأُمِّ وَلَدٍ- فَقَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ: مَا لَكَ، لَا تَحَدَّثُ كَمَا يَتَحَدَّثُ ابْنُ أَخِي هَذَا؟ أَمَا إِنِّي قَدْ عَلِمْتُ مِنْ أَيْنَ أُتِيتَ هَذَا، أَدَّبَتْهُ أُمُّهُ، وَأَنْتَ أَدَّبَتْكَ أُمُّكَ؟ قَالَ: وَأَضَبَّ عَلَيْهَا، فَلَمَّا رَأَى مَائِدَةَ عَائِشَةَ قَدْ أُتِيَ بِهَا قَامَ، فَغَضِبَ الْقَاسِمُ، قَالَتْ: أَيْنَ؟ قَالَ: أُصَلِّي، قَالَتْ: اجْلِسْ؟ قَالَ: إِنِّي أُصَلِّي، قَالَتْ: اجْلِسْ غُدَرُ؛ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: ((لَا صَلَاةَ بِحَضْرَةِ الطَّعَامِ، وَلَا هُوَ يُدَافِعُهُ الأَخْبَثَانِ)).
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَابْنُ حُجْرٍ قَالُوا: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ- وَهُوَ ابْنُ جَعْفَرٍ- أَخْبَرَنِي أَبُو حَزْرَةَ الْقَاصُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ أَبِي عَتِيقٍ عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، بِمِثْلِهِ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْحَدِيثِ قِصَّةَ الْقَاسِمِ.
قوله: ((وَكَانَ الْقَاسِمُ رَجُلًا لَحَّانَةً))، أي: كثير اللحن في كلامه.
والقاسم بن محمد أمه أم ولد، فأبوه تزوج مَن وليها من بنات كسرى، والثاني أمه عربية من قريش
(1)
.
وقولها: ((وَأَنْتَ أَدَّبَتْكَ أُمُّكَ؟ ))، يعني: وهي أم ولد أعجمية.
وقوله: ((وَأَضَبَّ عَلَيْهَا))، يعني: غضب على عائشة رضي الله عنها، وهي عمته، وهذا كأنه يشبه المزاح، قالت: هذا أدبته أمه، وأنت أدبتك أمك، تقصد أنك تلحن كثيرًا؛ لأن أمك أعجمية، وهذا أمه عربية.
وقولها: ((غُدَر))، يعني: يا غادر، من باب الشدة عليه؛ لأنه لما قدم العشاء قال: أريد أن أصلي، فكأنه لا يريد أن يأكل غضبًا مما قالت.
(1)
الطبقات الكبرى، لابن سعد (5/ 187).
وقوله صلى الله عليه وسلم: ((الأَخْبَثَانِ)) هما: البول والغائط.
مسألة: وقد اختلف العلماء في معنى قوله: ((لَا صَلَاةَ)):
القول الأول: أنه إذا ذهب يصلي وهو بحضرة الطعام، أو وهو يدافِع الأخبثين فلا تصح الصلاة، وذهب إلى هذا أهل الظاهر وجماعة
(1)
؛ لأنه يكون منشغلًا مشوش الذهن، يدافعه البول والغائط، فعليه أن يستفرغ من البول والغائط، ويتوضأ ولو فاتته الجماعة؛ ولهذا أنكرت عائشة رضي الله عنها على القاسم.
القول الثاني: وإليه ذهب الجمهور إلى أن النفي للكمال، بمعنى: لا صلاة كاملة، فإذا صلى وهو يدافع الأخبثين، أو صلى بحضرة طعام، فصلاته صحيحة مع الكراهة
(2)
.
(1)
المحلى، لابن حزم (4/ 46)، نيل الأوطار، للشوكاني (2/ 9).
(2)
رد المختار، لابن عابدين (1/ 654)، المدونة، لمالك بن أنس (1/ 139)، مغني المحتاج، للشربيني (1/ 475)، كشاف القناع، للبهوتي (2/ 410).