الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ تَسْوِيَةِ الصُّفُوفِ وَإِقَامَتِهَا، وَفَضْلِ الأَوَّلِ فَالأَوَّلِ مِنْهَا، وَالِازْدِحَامِ عَلَى الصَّفِّ الأَوَّلِ، وَالْمُسَابَقَةِ إِلَيْهَا، وَتَقْدِيمِ أُولِي الْفَضْلِ وَتَقْرِيبِهِمْ مِنَ الإِمَامِ
[432]
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ، وَأَبُو مُعَاوِيَةَ، وَوَكِيعٌ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَمْسَحُ مَنَاكِبَنَا فِي الصَّلَاةِ، وَيَقُولُ:((اسْتَوُوا، وَلَا تَخْتَلِفُوا، فَتَخْتَلِفَ قُلُوبُكُمْ، لِيَلِنِي مِنْكُمْ أُولُو الأَحْلَامِ وَالنُّهَى، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ)). قَالَ أَبُو مَسْعُودٍ: فَأَنْتُمُ الْيَوْمَ أَشَدُّ اخْتِلَافًا.
وَحَدَّثَنَاهُ إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ قَالَ: ح، وَحَدَّثَنَا ابْنُ خَشْرَمٍ، أَخْبَرَنَا عِيسَى- يَعْنِي: ابْنَ يُونُسَ- قَالَ: ح، وَحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، بِهَذَا الإِسْنَادِ نَحْوَهُ.
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَبِيبٍ الْحَارِثِيُّ، وَصَالِحُ بْنُ حَاتِمِ بْنِ وَرْدَانَ قَالَا: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنِي خَالِدٌ الْحَذَّاءُ عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((لِيَلِنِي مِنْكُمْ أُولُو الأَحْلَامِ وَالنُّهَى، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ- ثَلَاثًا- وَإِيَّاكُمْ وَهَيْشَاتِ الأَسْوَاقِ)).
قوله: ((أُولُو الأَحْلَامِ وَالنُّهَى))، أي: أصحاب العقول، قال تعالى:{إن في ذلك لآيات لأولي النهى} .
وفي هذه الأحاديث: أن تقديم أولي الأحلام والنهى يترتب عليه مصالح، منها:
أولًا: أن يكون العلماء والعقلاء في مقدمة الناس ليقتدوا بهم.
وثانيًا: أنه يحتاج الإمام إليهم إذا استغلق عليه القرآن، أن يفتح عليه أحدهم، وإذا احتاج إلى استخلاف يستخلف أحدًا منهم.
وفيها: الأمر بتسوية الصفوف، وأنه تجب تسويتها.
وفيها: أن اختلاف الصفوف يؤدي إلى اختلاف القلوب، واختلاف الوجهات.
وقوله: ((وَإِيَّاكُمْ وَهَيْشَاتِ الأَسْوَاقِ)) الهيشات هي: الأصوات والصياح، فينبغي أن يكون السكون في المسجد.
[433]
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَابْنُ بَشَّارٍ قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: سَمِعْتُ قَتَادَةَ يُحَدِّثُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((سَوُّوا صُفُوفَكُمْ؛ فَإِنَّ تَسْوِيَةَ الصَّفِّ مِنْ تَمَامِ الصَّلَاةِ)).
[خ: 723]
في هذا الحديث: أمر يفيد الوجوب، وهو قوله:((سَوُّوا صُفُوفَكُمْ؛ فَإِنَّ تَسْوِيَةَ الصَّفِّ مِنْ تَمَامِ الصَّلَاةِ))، وفي لفظ:((فإنَّ إقامةَ الصَّفِّ مِن حُسْنِ الصلاةِ))
(1)
، وفي لفظ:((فإنَّ تسويةَ الصفوفِ مِن إقامةِ الصلاةِ))
(2)
.
(1)
أخرجه البخاري (722)، ومسلم (414).
(2)
أخرجه البخاري (723)، ومسلم (433).
[434]
حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ- وَهُوَ ابْنُ صُهَيْبٍ- عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((أَتِمُّوا الصُّفُوفَ؛ فَإِنِّي أَرَاكُمْ خَلْفَ ظَهْرِي)).
[435]
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ قَالَ: هَذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَذَكَرَ أَحَادِيثَ، مِنْهَا: وَقَالَ: ((أَقِيمُوا الصَّفَّ فِي الصَّلَاةِ، فَإِنَّ إِقَامَةَ الصَّفِّ مِنْ حُسْنِ الصَّلَاةِ)).
[436]
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ عَنْ شُعْبَةَ. ح، وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَابْنُ بَشَّارٍ قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ قَالَ: سَمِعْتُ سَالِمَ بْنَ أَبِي الْجَعْدِ الْغَطَفَانِيَّ قَالَ: سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: ((لَتُسَوُّنَّ صُفُوفَكُمْ، أَوْ لَيُخَالِفَنَّ اللَّهُ بَيْنَ وُجُوهِكُمْ)).
[خ: 717]
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ قَالَ: سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُسَوِّي صُفُوفَنَا، حَتَّى كَأَنَّمَا يُسَوِّي بِهَا الْقِدَاحَ، حَتَّى رَأَى أَنَّا قَدْ عَقَلْنَا عَنْهُ، ثُمَّ خَرَجَ يَوْمًا، فَقَامَ حَتَّى كَادَ يُكَبِّرُ، فَرَأَى رَجُلًا بَادِيًا صَدْرُهُ مِنَ الصَّفِّ، فَقَالَ:((عِبَادَ اللَّهِ، لَتُسَوُّنَّ صُفُوفَكُمْ، أَوْ لَيُخَالِفَنَّ اللَّهُ بَيْنَ وُجُوهِكُمْ)).
حَدَّثَنَا حَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ. ح، وَحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ بِهَذَا الإِسْنَادِ نَحْوَهُ.
قوله: ((الْقِدَاحَ))، أي: السهام.
[437]
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنْ سُمَيٍّ- مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ- عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الأَوَّلِ ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إِلَّا أَنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ لَاسْتَهَمُوا، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي التَّهْجِيرِ لَاسْتَبَقُوا إِلَيْهِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي الْعَتَمَةِ وَالصُّبْحِ لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا)).
[خ: 615]
في هذا الحديث: بيان عظيم فضل الأذان، والصف الأول.
وقوله: ((لَاسْتَهَمُوا))، يعني: لفصلت بينهم القرعةُ والسهم.
وقوله: ((وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي التَّهْجِيرِ))، يعني: التبكير للصلوات، ومنه: صلاة الظهر؛ لأنها تصلى في الهاجرة.
وقوله: ((لَاسْتَبَقُوا إِلَيْهِ)) فيه المسابقة في التبكير إلى الصلاة.
وقوله: ((وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي الْعَتَمَةِ وَالصُّبْحِ))، يعني: لو علموا ما فيهما من الأجر والثواب.
[438]
حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ، حَدَّثَنَا أَبُو الأَشْهَبِ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ الْعَبْدِيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَأَى فِي أَصْحَابِهِ تَأَخُّرًا، فَقَالَ لَهُمْ:((تَقَدَّمُوا، فَأْتَمُّوا بِي، وَلْيَأْتَمَّ بِكُمْ مَنْ بَعْدَكُمْ، لَا يَزَالُ قَوْمٌ يَتَأَخَّرُونَ حَتَّى يُؤَخِّرَهُمُ اللَّهُ)).
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّارِمِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقَاشِيُّ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنِ الْجُرَيْرِيِّ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَوْمًا فِي مُؤَخَّرِ الْمَسْجِدِ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ.
في هذا الحديث: وعيد شديد لمن تأخر عن الجماعة، وفي رواية أبي
داود: ((حَتَّى يُؤَخِّرَهُمُ اللهُ في النَّار))
(1)
، وفيه: أن مَن يتأخر يتشبه بالمنافقين، أَوْ يتشبه بالشيطان شيئًا فشيئًا، فيتأخر أولًا عن الجماعة، ثُمَّ يتأخر عن الوقت، ثُمَّ لا يؤديها بعد ذلك- عياذًا بالله -.
[439]
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ دِينَارٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ الْوَاسِطِيُّ قَالَا: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ الْهَيْثَمِ أَبُو قَطَنٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ خِلَاسٍ عَنْ أَبِي رَافِعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:((لَوْ تَعْلَمُونَ- أَوْ: يَعْلَمُونَ- مَا فِي الصَّفِّ الْمُقَدَّمِ لَكَانَتْ قُرْعَةً)).
وقَالَ ابْنُ حَرْبٍ: ((الصَّفِّ الأَوَّلِ، مَا كَانَتْ إِلَّا قُرْعَةً)).
[440]
حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ سُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((خَيْرُ صُفُوفِ الرِّجَالِ أَوَّلُهَا، وَشَرُّهَا آخِرُهَا، وَخَيْرُ صُفُوفِ النِّسَاءِ آخِرُهَا، وَشَرُّهَا أَوَّلُهَا)).
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ- يَعْنِي: الدَّرَاوَرْدِيَّ- عَنْ سُهَيْلٍ، بِهَذَا الإِسْنَادِ.
قوله: ((خَيْرُ صُفُوفِ الرِّجَالِ أَوَّلُهَا)) هذه الخيرية في صفوف الرجال؛ لأنه كلما قربت الصفوف من الإمام فهو أفضل، فالصف الأول له أجره وأجر مَن خلفه.
وقوله: ((وَشَرُّهَا آخِرُهَا))، أي: لبعدها عن الإمام، وقربها من النساء- إذا كان هناك نساء-.
وقوله: ((وَخَيْرُ صُفُوفِ النِّسَاءِ آخِرُهَا))، أي: من أجل بعدها عن الرجال؛ خوفاً من الفتنة وخشية التعلق.
وقوله: ((وَشَرُّهَا أَوَّلُهَا))، أي: لقربها من الرجال.
أما إذا كان النساء يصلين منعزلاتٍ بعيداتٍ لا يرين الرجال؛ فالظاهر- والله أعلم- أن حكم صفوفهن حكم صفوف الرجال.
(1)
أخرجه أبو داود (679)، وابن خزيمة (1559)، وابن حبان (2156).