الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ مَا يَجْمَعُ صِفَةَ الصَّلَاةِ، وَمَا يُفْتَتَحُ بِهِ، وَيُخْتَمُ بِهِ، وَصِفَةَ الرُّكُوعِ وَالِاعْتِدَالِ مِنْهُ، وَالسُّجُودِ وَالِاعْتِدَالِ مِنْهُ، وَالتَّشَهُّدِ بَعْدَ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ مِنَ الرُّبَاعِيَّةِ، وَصِفَةَ الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ، وَفِي التَّشَهُّدِ الأَوَّلِ
[495]
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا بَكْرٌ- وَهُوَ ابْنُ مُضَرَ- عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنْ الأَعْرَجِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ ابْنِ بُحَيْنَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا صَلَّى، فَرَّجَ بَيْنَ يَدَيْهِ، حَتَّى يَبْدُوَ بَيَاضُ إِبْطَيْهِ.
[خ: 390]
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ سَوَّادٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، كِلَاهُمَا عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، وَفِي رِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا سَجَدَ يُجَنِّحُ فِي سُجُودِهِ حَتَّى يُرَى وَضَحُ إِبْطَيْهِ، وَفِي رِوَايَةِ اللَّيْثِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا سَجَدَ فَرَّجَ يَدَيْهِ عَنْ إِبْطَيْهِ حَتَّى إِنِّي لَأَرَى بَيَاضَ إِبْطَيْهِ.
في هذه الأحاديث: أنه عليه الصلاة والسلام كان في الغالب يكون عليه إزار ورداء، كما هي عادة العرب.
وفيه: أنه كان صلى الله عليه وسلم يتعاهد إبطه، وَلَا يُبقي فيه شعرًا؛ ولهذا كان يبدو بياضُ إبطيه.
[496]
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، وَابْنُ أَبِي عُمَرَ، جَمِيعًا عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ يَحْيَى: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الأَصَمِّ عَنْ عَمِّهِ يَزِيدَ بْنِ الأَصَمِّ عَنْ مَيْمُونَةَ قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا سَجَدَ لَوْ شَاءَتْ بَهْمَةٌ أَنْ تَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ لَمَرَّتْ.
قوله: ((كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا سَجَدَ لَوْ شَاءَتْ بَهْمَةٌ أَنْ تَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ لَمَرَّتْ)) البهمة: أولاد الغنم؛ وذلك لأنه صلى الله عليه وسلم كان يُفَرِّج بين يديه.
[497]
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ، أَخْبَرَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْفَزَارِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الأَصَمِّ عَنْ يَزِيدَ بْنِ الأَصَمِّ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ عَنْ مَيْمُونَةَ- زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا سَجَدَ خَوَّى بِيَدَيْهِ- يَعْنِي: جَنَّحَ- حَتَّى يُرَى وَضَحُ إِبْطَيْهِ مِنْ وَرَائِهِ، وَإِذَا قَعَدَ اطْمَأَنَّ عَلَى فَخِذِهِ الْيُسْرَى.
قوله: ((خَوَّى))، يعني: جنَّح، ورفع.
وفي هذا الحديث: أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا قعد للتشهد الأول وكذلك بين السجدتين جلس على فَخِذه اليسرى، ونصب رجله اليمنى.
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ- وَاللَّفْظُ لِعَمْرٍو- وَعَمْرٌو النَّاقِدُ، قَالَ إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا، وَقَالَ الآخَرُونَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ الأَصَمِّ عَنْ مَيْمُونَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا سَجَدَ جَافَى حَتَّى يَرَى مَنْ خَلْفَهُ وَضَحَ إِبْطَيْهِ، قَالَ وَكِيعٌ: يَعْنِي: بَيَاضَهُمَا.
[498]
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ- يَعْنِي: الأَحْمَرَ- عَنْ حُسَيْنٍ الْمُعَلِّمِ قَالَ: ح، وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ- وَاللَّفْظُ لَهُ- قَالَ: أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ الْمُعَلِّمُ عَنْ بُدَيْلِ بْنِ مَيْسَرَةَ عَنْ أَبِي الْجَوْزَاءِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَسْتَفْتِحُ الصَّلَاةَ بِالتَّكْبِيرِ، وَالْقِرَاءَةَ بِـ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} ، وَكَانَ إِذَا رَكَعَ لَمْ يُشْخِصْ رَأْسَهُ، وَلَمْ يُصَوِّبْهُ، وَلَكِنْ بَيْنَ ذَلِكَ، وَكَانَ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ لَمْ يَسْجُدْ حَتَّى يَسْتَوِيَ قَائِمًا، وَكَانَ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ السَّجْدَةِ لَمْ يَسْجُدْ حَتَّى يَسْتَوِيَ جَالِسًا، وَكَانَ يَقُولُ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ: التَّحِيَّةَ، وَكَانَ يَفْرِشُ رِجْلَهُ الْيُسْرَى، وَيَنْصِبُ رِجْلَهُ الْيُمْنَى، وَكَانَ يَنْهَى عَنْ عُقْبَةِ الشَّيْطَانِ، وَيَنْهَى أَنْ يَفْتَرِشَ الرَّجُلُ ذِرَاعَيْهِ افْتِرَاشَ السَّبُعِ، وَكَانَ يَخْتِمُ الصَّلَاةَ بِالتَّسْلِيمِ.
وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ نُمَيْرٍ عَنْ أَبِي خَالِدٍ: وَكَانَ يَنْهَى عَنْ عَقِبِ الشَّيْطَانِ.
في هذا الحديث: مشروعية افتتاح الصلاة بالتكبير، وأن الصلاة لا تُفتتح إلابـ ((الله أكبر))، وأنه لا يجزئ غيرها، وإلى هذا ذهب جماهير أهل العلم، فلو قال: ((اللهُ أعظمُ، أَوِ اللهُ أجلُّ
…
)) إلخ فلا يجزئ، خلافًا لما جاء في مذهب أبي حنيفة رحمه الله، أنه يجزئ التعظيم
(1)
، والصواب: أن الصلاة لا تنعقد به.
(1)
بدائع الصنائع، للكاساني (1/ 130)، المبسوط، للسرخسي (1/ 36).
وفيه: أنه يستفتح القراءة بـ {الحمد لله رب العالمين} ، وهذا دليل على أن البسملة ليست من الفاتحة، ولو كانت من الفاتحة لجهر بها، وذهب الشافعية إلى أنها آية من الفاتحة
(1)
، والصواب: أن الفاتحة سبع آيات بدون البسملة، خلافًا لما هو موجود في المصاحف مِن جعل البسملة في الآية الأولى، ويجعلون {صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم وَلَا الضالين} آيةً، فالبسملة آية مستقلة، ليست من الفاتحة، وَلَا من غيرها، إلا أنها بعض آية من سورة النمل، قال تعالى:{إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحيم الرحيم} .
ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يستفتح القراءة بـ {الحمد لله رب العالمين} ، وجاء في لفظ آخر:((كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ يَفْتَتِحُونَ الْقِرَاءَةَ بالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ))
(2)
، وفي لفظ عن أَنَس بْن مَالِكٍ رضي الله عنه ((قَالَ: صَلَّيْتُ خَلْفَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، فَكَانُوا يَسْتَفْتِحُونَ بِـ {الْحَمْد لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} ، لَا يَذْكُرُونَ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} فِي أَوَّلِ قِرَاءَةٍ، وَلَا فِي آخِرِهَا.))، وفي لفظ:((كَانُوا يُسِرُّونَ بِـ {بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}))
(3)
، فالأولى أن يسر المصلي بها، وإن جهر بها بعض الأحيان فلا حرج، كما فعل أبو هريرة رضي الله عنه
(4)
، وكما هو مذهب الشافعية
(5)
.
وفيه: أن موضع الرأس في الركوع يكون محاذيًا للظهر إذا ركع، لا
(1)
المجموع، للنووي (3/ 333)، أسنى المطالب، لزكريا الأنصاري (1/ 150).
(2)
أخرجه أحمد (11991)، وأبو داود (782)، والترمذي (246)، والنسائي (902)، وابن ماجه (813).
(3)
أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار (1203)، وابن خزيمة (498).
(4)
أخرجه النسائي (905)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1185)، وابن خزيمة (499)، وابن حبان (1797).
(5)
المجموع، للنووي (3/ 353 - 355).
يرفعه وَلَا يخفضه، وَلَا يشخصه وَلَا يصوبه، وهذه هي السنة.
وفيه: مشروعية الاطمئنان والاستواء قائمًا بعد الرفع من الركوع، ومشروعية إطالة هذا الركن، خلافًا للأحناف الذين لا يطمئنون في هذا الركن
(1)
.
وفيه: مشروعية الاستواء قاعدًا بعد السجدة الأولى من السجدتين، وأنه لا بد من الطمأنينة، وإطالة هذا الركن.
وفيه: وجوب التحية في كل ركعتين؛ ولهذا قال: ((وَكَانَ يَقُولُ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ: التَّحِيَّةَ)) وذهب بعض العلماء إلى أن التشهد الأول واجب مخفف يجبر بسجود السهو؛ ولهذا ففي حديث عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ بُحَيْنَةَ رضي الله عنه قَالَ: صَلَّى بِنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَقَامَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الأُولَيَيْنِ قَبْلَ أَنْ يَجْلِسَ، فَمَضَى فِي صَلاتِهِ، فَلَمَّا قَضَى صَلاتَهُ انْتَظَرَ النَّاسُ تَسْلِيمَهُ، فَكَبَّرَ وَسَجَدَ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ، ثُمَّ كَبَّرَ وَسَجَدَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَسَلَّمَ»
(2)
،
أما التشهد الثاني فهو ركن.
وفيه: النهي عن افتراش الذراعين افتراش السَّبُعِ.
وفيه: النهي عن عَقِبِ الشيطان، وهو الإقعاء، وهو أن ينصب ساقيه، ويجلس على أليتيه، ويضع يديه خلفه كالكلب.
وفيه: صفة الافتراش؛ بأن ينصب رجله اليمنى وينصب اليسرى ويجلس عليها بين السجدتين وذلك في التشهد الأول، أما في التشهد الأخير الذي يعقبه السلام فإنه يتورك، والتورك هو: أن يجلس على أليتيه، ويخرج رجله اليسرى عن يمينه، وهو السنة، وقال بعض العلماء: يتورك في التشهدين، وقال آخرون: يفترش في التشهدين، والصواب: التفريق بينهما، كما في حديث أبي حميد رضي الله عنه
(3)
.
(1)
بدائع الصنائع، للكاساني (1/ 162).
(2)
أخرجه البخاري (6670).
(3)
أخرجه أحمد (3599)، وأبو داود (730)، والترمذي (304)، وابن ماجه (1061).
وفيه: اختتام الصلاة بالتسليم، واختلف العلماء فيه:
القول الأول: وإليه ذهب الجمهور أن التسليمة الأولى هي الواجبة، والثانية مستحبة.
القول الثاني: أن التسليمتان واجبتان
(1)
.
(1)
بدائع الصنائع، للكاساني (1/ 194)، المغني، لابن قدامة (1/ 396 - 397)، المجموع، للنووي (3/ 473 - 474).