الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ اسْتِحْبَابِ التَّبْكِيرِ بِالصُّبْحِ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا، وَهُوَ التَّغْلِيسُ، وَبَيَانِ قَدْرِ الْقِرَاءَةِ فِيهَا
[645]
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَعَمْرٌو النَّاقِدُ، وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ كُلُّهُمْ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، قَالَ عَمْرٌو: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ نِسَاءَ الْمُؤْمِنَاتِ كُنَّ يُصَلِّينَ الصُّبْحَ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ يَرْجِعْنَ مُتَلَفِّعَاتٍ بِمُرُوطِهِنَّ، لَا يَعْرِفُهُنَّ أَحَدٌ.
[خ: 578]
وَحَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ أَخْبَرَهُ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ- زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ: لَقَدْ كَانَ نِسَاءٌ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ يَشْهَدْنَ الْفَجْرَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُتَلَفِّعَاتٍ بِمُرُوطِهِنَّ، ثُمَّ يَنْقَلِبْنَ إِلَى بُيُوتِهِنَّ، وَمَا يُعْرَفْنَ؛ مِنْ تَغْلِيسِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالصَّلَاةِ.
وَحَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ، وَإِسْحَاقُ بْنُ مُوسَى الأَنْصَارِيُّ قَالَا: حَدَّثَنَا مَعْنٌ عَنْ مَالِكٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: إِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَيُصَلِّي الصُّبْحَ، فَيَنْصَرِفُ النِّسَاءُ، مُتَلَفِّعَاتٍ بِمُرُوطِهِنَّ، مَا يُعْرَفْنَ مِنَ الْغَلَسِ.
وَقَالَ الأَنْصَارِيُّ فِي رِوَايَتِهِ: مُتَلَفِّفَاتٍ.
في هذه الأحاديث من الفوائد:
1.
دليل على استحباب التبكير في صلاة الفجر، لكن بعد أن يتحقق طلوعه، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يبكر بها، ويصليها بِغَلَس، كما سبق؛ ولهذا كانت النسوة يصلين مع النبي صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ ينصرفن متلفعات، وفي لفظ:((مُتَلَفِّفَاتٍ)).
2.
دليل على أن مذهب الأحناف في هذه المسألة مرجوح؛ لأنهم
يؤخرون صلاة الفجر إلى وقت الإسفار الشديد
(1)
، ويستدلون بحديث:((أَسْفِرُوا بِالْفَجْرِ؛ فَإِنَّهُ أَعْظَمُ لِلْأَجْرِ))
(2)
، وهذا إن صح فهو محمول على أن المراد بالإسفار: التحقق من طلوع الفجر.
3.
جواز صلاة المرأة في المسجد جميع الأوقات إذا لم يخش عليها الفتنة، أما إذا خشي عليها الفتنة، أو خرجت متبرجة فإنها تمنع.
[646]
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ عَنْ شُعْبَةَ. ح، قَالَ: وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَابْنُ بَشَّارٍ قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ ابْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ الْحَجَّاجُ الْمَدِينَةَ، فَسَأَلْنَا جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، فَقَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي الظُّهْرَ بِالْهَاجِرَةِ، وَالْعَصْرَ وَالشَّمْسُ نَقِيَّةٌ، وَالْمَغْرِبَ إِذَا وَجَبَتْ، وَالْعِشَاءَ أَحْيَانًا يُؤَخِّرُهَا، وَأَحْيَانًا يُعَجِّلُ، كَانَ إِذَا رَأَىهُمْ قَدِ اجْتَمَعُوا عَجَّلَ، وَإِذَا رَأَىهُمْ قَدْ أَبْطَئُوا أَخَّرَ، وَالصُّبْحَ كَانُوا، أَوَ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّيهَا بِغَلَسٍ.
[خ: 560]
وَحَدَّثَنَاهُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَعْدٍ، سَمِعَ مُحَمَّدَ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ: كَانَ الْحَجَّاجُ، يُؤَخِّرُ الصَّلَوَاتِ، فَسَأَلْنَا جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، بِمِثْلِ حَدِيثِ غُنْدَرٍ.
[647]
وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَبِيبٍ الْحَارِثِيُّ، حَدَّثَنَا خَالِدُ ابْنُ الْحَارِثِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، أَخْبَرَنِي سَيَّارُ بْنُ سَلَامَةَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَسْأَلُ أَبَا بَرْزَةَ عَنْ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: قُلْتُ: آنْتَ سَمِعْتَهُ؟ قَالَ: فَقَالَ: كَأَنَّمَا أَسْمَعُكَ السَّاعَةَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَسْأَلُهُ عَنْ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: كَانَ لَا يُبَالِي بَعْضَ تَأْخِيرِهَا- قَالَ: يَعْنِي الْعِشَاءَ- إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ، وَلَا
(1)
تبيين الحقائق، للزيلعي (1/ 82).
(2)
أخرجه أحمد (15819)، والترمذي (154)، والنسائي (548).
يُحِبُّ النَّوْمَ قَبْلَهَا، وَلَا الْحَدِيثَ بَعْدَهَا، قَالَ شُعْبَةُ، ثُمَّ لَقِيتُهُ بَعْدُ، فَسَأَلْتُهُ، فَقَالَ: وَكَانَ يُصَلِّي الظُّهْرَ، حِينَ تَزُولُ الشَّمْسُ، وَالْعَصْرَ يَذْهَبُ الرَّجُلُ إِلَى أَقْصَى الْمَدِينَةِ وَالشَّمْسُ حَيَّةٌ قَالَ: وَالْمَغْرِبَ، لَا أَدْرِي أَيَّ حِينٍ ذَكَرَ قَالَ: ثُمَّ لَقِيتُهُ بَعْدُ، فَسَأَلْتُهُ، فَقَالَ: وَكَانَ يُصَلِّي الصُّبْحَ، فَيَنْصَرِفُ الرَّجُلُ، فَيَنْظُرُ إِلَى وَجْهِ جَلِيسِهِ الَّذِي يَعْرِفُ فَيَعْرِفُهُ قَالَ: وَكَانَ يَقْرَأُ فِيهَا بِالسِّتِّينَ إِلَى الْمِائَةِ.
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَيَّارِ بْنِ سَلَامَةَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا بَرْزَةَ يقول: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَا يُبَالِي بَعْضَ تَأْخِيرِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ، وَكَانَ لَا يُحِبُّ النَّوْمَ قَبْلَهَا، وَلَا الْحَدِيثَ بَعْدَهَا.
قَالَ شُعْبَةُ، ثُمَّ لَقِيتُهُ مَرَّةً أُخْرَى، فَقَالَ: أَوْ ثُلُثِ اللَّيْلِ.
وَحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ عَمْرٍو الْكَلْبِيُّ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ سَيَّارِ بْنِ سَلَامَةَ أَبِي الْمِنْهَالِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا بَرْزَةَ الأَسْلَمِيَّ يقول: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُؤَخِّرُ الْعِشَاءَ إِلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ، وَيَكْرَهُ النَّوْمَ قَبْلَهَا، وَالْحَدِيثَ بَعْدَهَا، وَكَانَ يَقْرَأُ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ مِنَ الْمِائَةِ إِلَى السِّتِّينَ، وَكَانَ يَنْصَرِفُ حِينَ يَعْرِفُ بَعْضُنَا وَجْهَ بَعْضٍ.
في هذه الأحاديث: دليل على التبكير بصلاة الصبح بعد تحقق طلوع الفجر؛ لأن المصلين كانوا ينصرفون والرجل يعرف جليسه، يعني: من ضوء الصبح؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه: ((إنَّ أَثْقَلَ الصَّلَاةِ عَلَى الْمُنَافِقِينَ صَلَاةُ الْعِشَاءِ، وَصَلَاةُ الْفَجْرِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا))؛ لأن الناس لا يرونهم فيهما، بخلاف الظهر، والعصر، والمغرب، فهي تؤدى في النور، فالمنافقون يصلونها تقيةً.
وفيها: كراهية السمر بعد العشاء والنوم قبلها، وهذه الكراهية كراهية
تنزيه؛ لأنه قد يؤدي إلى تأخير صلاة العشاء، أو تضييعها، والحديث بعدها قد يؤدي إلى السهر الذي قد يخل بصلاة الفجر، ويستثنى من هذا: الحديث مع الضيف، والسمر مع الأهل، والسهر في مصالح المسلمين، وفي طلب العلم إذا لم يؤدِّ إلى تأخير صلاة الفجر.
وجاء مما يدل على استثناء السهر في مصالح المسلمين: قولُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ يَسْمُرُ مَعَ أَبِي بَكْرٍ فِي الْأَمْرِ مِنْ أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ، وَأَنَا مَعَهُمَا
(1)
.
وجاء كذلك ما يدل على استثناء السهر مع الأهل، فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: بِتُّ عِنْدَ خَالَتِي مَيْمُونَةَ، فَتَحَدَّثَ رَسُولُ اللَّهِ مَعَ أَهْلِهِ سَاعَةً، ثُمَّ رَقَدَ
(2)
.
أما السمر في المجالس بعد العشاء فمكروه، إذا لم يكن فيها محظور، أما إذا كان فيها محظور فتكون محرمة، كمجالس الغيبة والنميمة.
(1)
أخرجه البخاري (602).
(2)
أخرجه البخاري (4569).