الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ ائْتِمَامِ الْمَأْمُومِ بِالإِمَامِ
[411]
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، وَعَمْرٌو النَّاقِدُ، وأبو كريب، جَمِيعًا عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: سَقَطَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ فَرَسٍ، فَجُحِشَ شِقُّهُ الأَيْمَنُ، فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ نَعُودُهُ، فَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ، فَصَلَّى بِنَا قَاعِدًا، فَصَلَّيْنَا وَرَاءَهُ قُعُودًا، فَلَمَّا قَضَى الصَّلَاةَ قَالَ:((إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا، وَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا، وَإِذَا رَفَعَ فَارْفَعُوا، وَإِذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فَقُولُوا: رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ، وَإِذَا صَلَّى قَاعِدًا فَصَلُّوا قُعُودًا أَجْمَعُون)).
[خ: 805]
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ. ح، وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ، أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: خَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ فَرَسٍ، فَجُحِشَ، فَصَلَّى لَنَا قَاعِدًا، ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَهُ.
حَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صُرِعَ عَنْ فَرَسٍ، فَجُحِشَ شِقُّهُ الأَيْمَنُ، بِنَحْوِ حَدِيثِهِمَا، وَزَادَ:((فَإِذَا صَلَّى قَائِمًا، فَصَلُّوا قِيَامًا)).
حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ، حَدَّثَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَكِبَ فَرَسًا، فَصُرِعَ عَنْهُ، فَجُحِشَ شِقُّهُ الأَيْمَنُ، بِنَحْوِ حَدِيثِهِمْ، وَفِيهِ:((إِذَا صَلَّى قَائِمًا، فَصَلُّوا قِيَامًا)).
حَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنِي أَنَسٌ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سَقَطَ مِنْ فَرَسِهِ، فَجُحِشَ شِقُّهُ الأَيْمَنُ، وَسَاقَ الْحَدِيثَ، وَلَيْسَ فِيهِ زِيَادَةُ يُونُسَ، وَمَالِكٍ.
قوله: ((فَجُحِشَ))، يعني: جُرِحَ، وقد جُرح شقُّه الأيمنُ عليه الصلاة والسلام؛ لأنه سقط عن فرسه، وورد أنه قد سقط عن ناقته في بعض الغزوات هو وزوجته صفية رضي الله عنها
(1)
، وهذا فيه دليل على أن النبي صلى الله عليه وسلم ليس بإله، لكنه بشر، يصيبه ما يصيب البشر من الأسقام والأمراض والسقوط، ويحتاج ما يحتاجه البشر من الأكل والشرب والبول، قال تعالى:{قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ} .
وفي هذا الحديث: رد على من قال: إنه صلى الله عليه وسلم نور، وإنه جزء من نور الله، فبعض الغلاة يقولون: إنه ليس بشرًا، وأقبح من ذلك وأشد من قال: إنه جزء من الله عز وجل نعوذ بالله- وهذا قول الملاحدة الكفار.
ومنهم من قال: إنه صلى الله عليه وسلم سراج حسي: والرد عليه، أنه كان صلى الله عليه وسلم يصلي في غرفة في بيته، وفقدته عائشة رضي الله عنها، فقد قالت: كُنْتُ أَنَامُ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ورِجْلَايَ فِي قِبْلَتِهِ، فَإِذَا سَجَدَ غَمَزَنِي فَقَبَضْتُ رِجْلِي، وَإِذَا قَامَ بَسَطْتُهُمَا، قَالَتْ: والبُيُوتُ يَوْمَئِذٍ لَيْسَ فِيهَا مَصَابِيحُ
(2)
.
فلو كانت تراه رضي الله عنها ما احتاجت إلى أن يغمز صلى الله عليه وسلم، فهو- إذن- نور معنوي، هو نور الإيمان الذي يخرج الناس من الظلمات إلى النور، بإذن الله.
ومنهم من يعبد الرسول صلى الله عليه وسلم، ويزعم أنه يعلم الغيب، فكل هذا كفر بالله- نسأل الله العافية، قال الله تعالى {قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ} .
فالرسول صلى الله عليه وسلم نبي كريم، اختاره الله واصطفاه بالرسالة فوجبت محبته وطاعته، وهو نبي كريم تصيبه الأمراض والأسقام؛ ليعظم الله له الأجر، ولتقتدي به أمته.
(1)
أخرجه البخاري (5968)، ومسلم (1345).
(2)
أخرجه البخاري (382)، ومسلم (512).
وفيه: أنه يجب متابعة الإمام، فيأتي المأموم بأفعاله بعد أفعال الإمام؛ ولهذا قال النبي:((إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ)) والائتمام هو أن تأتي بأفعالك بعد أفعاله؛ إذا كبر فكبِّر، ((وَإِذَا قَالَ: سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فَقُولُوا: رَبَّنَا وَلَكَ الحَمْدُ)) فلا تتأخر عنه، وَلَا تتقدم عليه، وَلَا توافقه.
وأحوال المأموم مع الإمام أربع:
الأولى: مسابقة الإمام: وهي: أن يسبق المأموم الإمام بركن أو بركنين، فهذا حرام، ويبطل الصلاة إن كان عن عمدٍ، وفيه الوعيد الشديد ((أَمَا يَخْشَى الَّذِي يَرْفَعُ رَأْسَهُ قَبْلَ الإِمَامِ أَنْ يُحَوِّلَ اللهُ رَأْسَهُ رَأْسَ حِمَارٍ؟ ))
(1)
، أما إذا كان ناعسًا فإنه يكون معذورًا.
والثانية: يتأخر الماموم عن الإمام كثيرًا، مثل ما يفعل بعض الناس، يجلس والإمام في السجود، ويتأخر حتى يقرأ الإمام الفاتحة أو نصفها وهو ساجد، أَوْ إذا قام الإمام للركعة الثانية جلس حتى يقرب الإمام من الركوع، وهذا يبطل الصلاة إن كان عن عمد؛ لأنه ترك القيام مع القدرة، إلا إذا كان مريضًا أو عاجزًا أو به علة فهذا معذور، وإلا فليس له أن يجلس والإمام واقف.
والثالثة: الموافقة، فيوافق الإمام كحال كثير من الناس يسجد معه ويركع معه، وهذا مكروه.
والرابعة: المتابعة، وهي: أن تأتي بأفعالك بعد أفعال الإمام، وهذا هو المشروع.
وفيه: أنه إذا صلى الإمام قاعدًا فإن المأمومين يصلون قعودًا.
(1)
أخرجه مسلم (427).
[412]
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: اشْتَكَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَدَخَلَ عَلَيْهِ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ يَعُودُونَهُ، فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَالِسًا، فَصَلُّوا بِصَلَاتِهِ قِيَامًا، فَأَشَارَ إِلَيْهِمْ أَنِ اجْلِسُوا، فَجَلَسُوا، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا، وَإِذَا رَفَعَ فَارْفَعُوا، وَإِذَا صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا.
[خ: 688]
حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ- يَعْنِي: ابْنَ زَيْدٍ-.ح، وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبُو كُرَيْبٍ قَالَا: حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ. ح، وَحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، جَمِيعًا عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، بِهَذَا الإِسْنَادِ نَحْوَهُ.
[413]
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ. ح، وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ، أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: اشْتَكَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَصَلَّيْنَا وَرَاءَهُ وَهُوَ قَاعِدٌ، وَأَبُو بَكْرٍ يُسْمِعُ النَّاسَ تَكْبِيرَهُ، فَالْتَفَتَ إِلَيْنَا، فَرَآنَا قِيَامًا، فَأَشَارَ إِلَيْنَا، فَقَعَدْنَا فَصَلَّيْنَا بِصَلَاتِهِ قُعُودًا، فَلَمَّا سَلَّمَ قَالَ:((إِنْ كِدْتُمْ آنِفًا لَتَفْعَلُونَ فِعْلَ فَارِسَ وَالرُّومِ، يَقُومُونَ عَلَى مُلُوكِهِمْ وَهُمْ قُعُودٌ، فَلَا تَفْعَلُوا، ائْتَمُّوا بِأَئِمَّتِكُمْ إِنْ صَلَّى قَائِمًا فَصَلُّوا قِيَامًا، وَإِنْ صَلَّى قَاعِدًا فَصَلُّوا قُعُودًا)).
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الرُّؤَاسِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبُو بَكْرٍ خَلْفَهُ، فَإِذَا كَبَّرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَبَّرَ أَبُو بَكْرٍ؛ لِيُسْمِعَنَا، ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ اللَّيْثِ.
[414]
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ- يَعْنِي: الْحِزَامِيَّ- عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((إِنَّمَا الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَلَا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ، فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا، وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا، وَإِذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فَقُولُوا: اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ، وَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا، وَإِذَا صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا أَجْمَعُونَ)).
[خ: 734]
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِمِثْلِهِ.
قوله: ((فَالْتَفَتَ إِلَيْنَا)) هذا الالتفات للحاجة، ولعل هذا قبل أن يمكنه الله عز وجل من رؤيتهم من وراء ظهره، كما في حديث:((إِنِّي لَأَرَاكُمْ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِي))
(1)
، أَوْ أن الالتفات للتأكُّد.
وفي هذا الحديث: أن أبا بكر رضي الله عنه كان يُبَلِّغ تكبير النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا هو الأصل في التبليغ، فإذا كان الإمام صوته لا يبلغ فيرفع أحد المأمومين الصوت؛ ليبلغ الناس صوته.
وفيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهاهم أن يقوموا وهو قاعد، فعن جابر رضي الله عنه قال:((اشْتَكَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَصَلَّيْنَا وَرَاءَهُ وَهُوَ قَاعِدٌ، وأبو بكر يُسمِع الناسَ تكبيرَهُ، فَالْتَفَتَ إِلَيْنَا، فرآنا قِيَامًا، فَأَشارَ إِلَيْنَا فَقَعَدْنَا، فَصَلَّيْنَا بِصَلَاتِهِ قُعُودًا، فَلَمَّا سَلَّمَ قال: ((إِنْ كِدْتُمْ آنِفًا لَتَفْعَلُونَ فِعْلَ فَارِس والرُّومِ، يَقُومُونَ عَلَى مُلُوكِهِمْ، وَهُمْ قُعُودٌ، فَلَا تَفْعَلُوا، ائْتَمُّوا بِأَئِمَّتِكُمْ، إِنْ صَلَّى قَائِمًا فَصَلُّوا قِيَامًا، وَإِنْ صَلَّى قَاعِدًا فَصَلُّوا قُعُودًا)).
فنهى النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة أن يصلوا قيامًا وهو قاعد؛ لئلا يتشبهوا بالأعاجم، فلا ينبغي للإنسان أن يكون جالسًا ومن خلفه واقف على رأسه، كما يفعل بعض الناس، يصب القهوة واقفًا، ثُمَّ يبقى واقفًا، وينبغي له أن يجلس إلا عند الحاجة، كما وقف المغيرة بن شعبة رضي الله عنه فوق رأس النبي صلى الله عليه وسلم في صلح الحديبية للحراسة
(2)
.
ويحتمل أن النبي صلى الله عليه وسلم كان قاعدًا في بيته مجاورًا للمسجد في غرفة، وهم خارج الغرفة في المسجد؛ لأن بيوت النبي صلى الله عليه وسلم كان لها أبواب للمسجد.
(1)
أخرجه البخاري (418)، ومسلم (424).
(2)
أخرجه البخاري (2732).