الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ وَقْتِ الْعِشَاءِ وَتَأْخِيرِهَا
[638]
وَحَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ سَوَّادٍ الْعَامِرِيُّ، وَحَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى قَالَا: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ أَخْبَرَهُ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ: أَنَّ عَائِشَةَ- زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ: أَعْتَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةً مِنَ اللَّيَالِي بِصَلَاةِ الْعِشَاءِ- وَهِيَ الَّتِي تُدْعَى الْعَتَمَةَ-، فَلَمْ يَخْرُجْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: نَامَ النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ لِأَهْلِ الْمَسْجِدِ حِينَ خَرَجَ عَلَيْهِمْ:((مَا يَنْتَظِرُهَا أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الأَرْضِ غَيْرُكُمْ، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَفْشُوَ الإِسْلَامُ فِي النَّاسِ)).
زَادَ حَرْمَلَةُ فِي رِوَايَتِهِ، قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَذُكِرَ لِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تَنْزُرُوا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الصَّلَاةِ))، وَذَاكَ حِينَ صَاحَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ.
[خ: 566]
وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْثِ، حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ جَدِّي عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، بِهَذَا الإِسْنَادِ مِثْلَهُ، وَلَمْ يَذْكُرْ قَوْلَ الزُّهْرِيِّ، وَذُكِرَ لِي وَمَا بَعْدَهُ.
حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ، كِلَاهُمَا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بَكْرٍ. ح، قَالَ: وَحَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ. ح، قَالَ: وَحَدَّثَنِي حَجَّاجُ بْنُ الشَّاعِرِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ- وَأَلْفَاظُهُمْ مُتَقَارِبَةٌ- قَالُوا جَمِيعًا: عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي الْمُغِيرَةُ بْنُ حَكِيمٍ عَنْ أُمِّ كُلْثُومٍ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ: أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: أَعْتَمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ لَيْلَةٍ، حَتَّى ذَهَبَ عَامَّةُ اللَّيْلِ، وَحَتَّى نَامَ أَهْلُ الْمَسْجِدِ، ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى، فَقَالَ:((إِنَّهُ لَوَقْتُهَا لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي)).
وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ: ((لَوْلَا أَنَّ يَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي)).
[639]
وَحَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ إِسْحَاقُ:
أَخْبَرَنَا، وَقَالَ زُهَيْرٌ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: مَكَثْنَا ذَاتَ لَيْلَةٍ نَنْتَظِرُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِصَلَاةِ الْعِشَاءِ الآخِرَةِ، فَخَرَجَ إِلَيْنَا، حِينَ ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيْلِ، أَوْ بَعْدَهُ، فَلَا نَدْرِي أَشَيْءٌ شَغَلَهُ فِي أَهْلِهِ، أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ، فَقَالَ حِينَ خَرَجَ:((إِنَّكُمْ لَتَنْتَظِرُونَ صَلَاةً مَا يَنْتَظِرُهَا أَهْلُ دِينٍ غَيْرُكُمْ، وَلَوْلَا أَنْ يَثْقُلَ عَلَى أُمَّتِي لَصَلَّيْتُ بِهِمْ هَذِهِ السَّاعَةَ، ثُمَّ أَمَرَ الْمُؤَذِّنَ، فَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَصَلَّى)).
[خ: 570]
وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شُغِلَ عَنْهَا لَيْلَةً فَأَخَّرَهَا، حَتَّى رَقَدْنَا فِي الْمَسْجِدِ، ثُمَّ اسْتَيْقَظْنَا، ثُمَّ رَقَدْنَا، ثُمَّ اسْتَيْقَظْنَا، ثُمَّ خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ قَالَ:((لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الأَرْضِ اللَّيْلَةَ يَنْتَظِرُ الصَّلَاةَ غَيْرُكُمْ)).
قولها رضي الله عنها: ((أَعْتَمَ))، يعني: أخَّر صلاة العشاء حتى كانت العتمة، يعني: الظلمة، ولعل هذا كان لعارضٍ أن أخَّرها عليه الصلاة والسلام إلى وقت متأخر قربَ نصفِ الليل.
قوله صلى الله عليه وسلم: ((مَا يَنْتَظِرُهَا أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الأَرْضِ غَيْرُكُمْ)) يحتمل أنه قال هذا بوحي من الله، وأن جميع المسلمين صلوا إلا أهل المدينة، ويحتمل- كما قالت عائشة رضي الله عنها: أن هذا كان قبل أن يفشو الإسلام ويكثر، وكان المسلمون قلة، ولم يبقَ إلا هم.
وقوله: ((وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تَنْزُرُوا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الصَّلَاةِ))، يعني: بسبب قول عمر رضي الله عنه: ((نَامَ النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ)) لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد يأتيه الوحي فيتأخر، وقد تكون هناك أسباب أخرى منعته.
وفيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم بيَّن أن الأفضل في صلاة العشاء أن تؤخَّر- إذا لم يشق على الناس- إلى قرب نصف الليل.
قوله صلى الله عليه وسلم: ((إِنَّهُ لَوَقْتُهَا))، يعني: وقتها المختار، وهو وقت الفضيلة، وإلا فوقت العشاء من مغيب الشفق إلى نصف الليل، فلو كان جماعة في قرية، أو في مزرعة، واتفقوا إلى تأخيرها إلى ثلث الليل فلهم ذلك، وهو أفضل.
قوله صلى الله عليه وسلم: ((مَا يَنْتَظِرُهَا أَهْلُ دِينٍ غَيْرُكُمْ)) لأن هناك أهل جواثى في الأحساء في البحرين، وكانوا أسلموا قديمًا، وكانوا يصلون.
قوله: ((حَتَّى رَقَدْنَا فِي الْمَسْجِدِ))، يعني: نعسنا النعاس الذي لا ينقض الوضوء، مثل ما جاءَ عنْ قَتَادَةَ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسًا رضي الله عنه يَقُولُ: ((كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَنَامُونَ، ثُمَّ يُصَلُّونَ وَلَا يَتَوَضَّئُونَ))
(1)
، بخلاف النوم المستغرق الذي يزول معه الإحساس، بحيث لو خرج منه الحدث لا يشعر به.
(1)
أخرجه مسلم (376).
[640]
وَحَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ نَافِعٍ الْعَبْدِيُّ، حَدَّثَنَا بَهْزُ ابْنُ أَسَدٍ الْعَمِّيُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ: أَنَّهُمْ سَأَلُوا أَنَسًا عَنْ خَاتَمِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: أَخَّرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْعِشَاءَ ذَاتَ لَيْلَةٍ إِلَى شَطْرِ اللَّيْلِ، أَوْ كَادَ يَذْهَبُ شَطْرُ اللَّيْلِ، ثُمَّ جَاءَ، فَقَالَ:((إِنَّ النَّاسَ قَدْ صَلَّوْا وَنَامُوا، وَإِنَّكُمْ لَمْ تَزَالُوا فِي صَلَاةٍ، مَا انْتَظَرْتُمُ الصَّلَاةَ))، قَالَ أَنَسٌ: كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى وَبِيصِ خَاتَمِهِ مِنْ فِضَّةٍ، وَرَفَعَ إِصْبَعَهُ الْيُسْرَى بِالْخِنْصِرِ.
وَحَدَّثَنِي حَجَّاجُ بْنُ الشَّاعِرِ، حَدَّثَنَا أَبُو زَيْدٍ سَعِيدُ بْنُ الرَّبِيعِ، حَدَّثَنَا قُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: نَظَرْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةً، حَتَّى كَانَ قَرِيبٌ مِنْ نِصْفِ اللَّيْلِ، ثُمَّ جَاءَ فَصَلَّى، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ، فَكَأَنَّمَا أَنْظُرُ إِلَى وَبِيصِ خَاتَمِهِ فِي يَدِهِ مِنْ فِضَّةٍ.
وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الصَّبَّاحِ الْعَطَّارُ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ الْحَنَفِيُّ، حَدَّثَنَا قُرَّةُ بِهَذَا الإِسْنَادِ، وَلَمْ يَذْكُرْ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ.
قوله: ((نَظَرْنَا))، يعني: انتظرنا.
وقوله: ((أَنْظُرُ إِلَى وَبِيصِ خَاتَمِهِ))، أي: أنظر إلى لمعان خاتمه.
في هذا الحديث: دليل على جواز لبس خاتم الفضة للرجل، وأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يلبس خاتمه في الخنصر في يده اليسرى، أو البنصر، وكذلك في اليد اليمنى في الخنصر، أو في البنصر، وإنما جاء النهي عن لبسه في الوسطى والسبابة، قَالَ عَلِيٌّ رضي الله عنه: نَهَانِي رَسُولُ اللَّهِ أَنْ أَتَخَتَّمَ فِي إِصْبَعِي هَذِهِ أَوْ هَذِهِ قَالَ: فَأَوْمَأَ إِلَى الْوُسْطَى، وَالَّتِي تَلِيهَا
(1)
.
(1)
أخرجه مسلم (2095).
[641]
وَحَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ الأَشْعَرِيُّ، وَأَبُو كُرَيْبٍ قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدٍ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: كُنْتُ أَنَا وَأَصْحَابِي الَّذِينَ قَدِمُوا مَعِي فِي السَّفِينَةِ نُزُولًا فِي بَقِيعِ بُطْحَانَ، وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْمَدِينَةِ، فَكَانَ يَتَنَاوَبُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ، كُلَّ لَيْلَةٍ نَفَرٌ مِنْهُمْ، قَالَ أَبُو مُوسَى: فَوَافَقْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَا وَأَصْحَابِي، وَلَهُ بَعْضُ الشُّغْلِ فِي أَمْرِهِ، حَتَّى أَعْتَمَ بِالصَّلَاةِ، حَتَّى ابْهَارَّ اللَّيْلُ، ثُمَّ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَصَلَّى بِهِمْ، فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ قَالَ- لِمَنْ حَضَرَهُ-:((عَلَى رِسْلِكُمْ: أُعْلِمُكُمْ وَأَبْشِرُوا أَنَّ مِنْ نِعْمَةِ اللَّهِ عَلَيْكُمْ: أَنَّهُ لَيْسَ مِنَ النَّاسِ أَحَدٌ يُصَلِّي هَذِهِ السَّاعَةَ غَيْرُكُمْ- أَوَ قَالَ: مَا صَلَّى هَذِهِ السَّاعَةَ أَحَدٌ غَيْرُكُمْ، لَا نَدْرِي أَيَّ الْكَلِمَتَيْنِ)) - قَالَ: قَالَ أَبُو مُوسَى: فَرَجَعْنَا فَرِحِينَ بِمَا سَمِعْنَا مِنَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.
[خ: 567]
قوله: ((ابْهَارَّ اللَّيْلُ))، يعني: انتصف، والمعنى: كاد أن ينتصف؛ لأنه إذا انتصف الليل خرج الوقت.
وقوله: ((عَلَى رِسْلِكُمْ))، أي: على مهلكم.
وقوله: ((فَرَجَعْنَا فَرِحِينَ بِمَا سَمِعْنَا)) وهذا الفرح داخل في قول الله تعالى: {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} ، والفرح هنا بالثواب الذي أعده الله للمؤمنين بتوفيق الإنسان للعلم ولحفظ القرآن؛ ولهذا فرح أبو موسى رضي الله عنه بهذه البشارة.
وفي هذا الحديث: التناوب في طلب العلم، وأنه إذا لم يتيسر للإنسان أن يخرج كل يوم، فيكون له زميل يتناوب معه، كما فعل عمر رضي الله عنه مع جاره الأنصاري
(1)
، وكما في قصة أبي موسى رضي الله عنه هنا، كل واحد ينزل يومًا،
(1)
أخرجه البخاري (2468)، ومسلم (1479).
ويخبر صاحبه بما قال النبي صلى الله عليه وسلم وما استفاده من العلم.
[642]
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ: قُلْتُ لِعَطَاءٍ: أَيُّ حِينٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ أَنْ أُصَلِّيَ الْعِشَاءَ، الَّتِي يَقُولُهَا النَّاسُ الْعَتَمَةَ إِمَامًا وَخِلْوًا؟ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يقول: أَعْتَمَ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ لَيْلَةٍ الْعِشَاءَ قَالَ: حَتَّى رَقَدَ نَاسٌ، وَاسْتَيْقَظُوا، وَرَقَدُوا، وَاسْتَيْقَظُوا، فَقَامَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، فَقَالَ: الصَّلَاةَ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَخَرَجَ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ الآنَ، يَقْطُرُ رَأْسُهُ مَاءً، وَاضِعًا يَدَهُ عَلَى شِقِّ رَأْسِهِ قَالَ:((لَوْلَا أَنْ يَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي، لَأَمَرْتُهُمْ أَنْ يُصَلُّوهَا كَذَلِكَ)) قَالَ: فَاسْتَثْبَتُّ عَطَاءً، كَيْفَ وَضَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ، كَمَا أَنْبَأَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ، فَبَدَّدَ لِي عَطَاءٌ بَيْنَ أَصَابِعِهِ شَيْئًا مِنْ تَبْدِيدٍ، ثُمَّ وَضَعَ أَطْرَافَ أَصَابِعِهِ عَلَى قَرْنِ الرَّأْسِ، ثُمَّ صَبَّهَا يُمِرُّهَا كَذَلِكَ عَلَى الرَّأْسِ، حَتَّى مَسَّتْ إِبْهَامُهُ طَرَفَ الأُذُنِ مِمَّا يَلِي الْوَجْهَ، ثُمَّ عَلَى الصُّدْغِ، وَنَاحِيَةِ اللِّحْيَةِ، لَا يُقَصِّرُ، وَلَا يَبْطِشُ بِشَيْءٍ إِلَّا كَذَلِكَ، قُلْتُ لِعَطَاءٍ: كَمْ ذُكِرَ لَكَ أَخَّرَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَيْلَتَئِذٍ؟ قَالَ: لَا أَدْرِي، قَالَ عَطَاءٌ: أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ أُصَلِّيَهَا إِمَامًا وَخِلْوًا مُؤَخَّرَةً، كَمَا صَلَّاهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَيْلَتَئِذٍ، فَإِنْ شَقَّ عَلَيْكَ ذَلِكَ خِلْوًا، أَوْ عَلَى النَّاسِ فِي الْجَمَاعَةِ، وَأَنْتَ إِمَامُهُمْ، فَصَلِّهَا وَسَطًا لَا مُعَجَّلَةً، وَلَا
مُؤَخَّرَةً.
[خ: 571]
[643]
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سعيد، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَ يَحْيَى: أَخْبَرَنَا، وَقَالَ الآخَرَانِ: حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُؤَخِّرُ صَلَاةَ الْعِشَاءِ الآخِرَةِ.
وَحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَأَبُو كَامِلٍ الْجَحْدَرِيُّ قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي الصَّلَوَاتِ نَحْوًا مِنْ صَلَاتِكُمْ، وَكَانَ يُؤَخِّرُ الْعَتَمَةَ بَعْدَ صَلَاتِكُمْ شَيْئًا، وَكَانَ يُخِفُّ الصَّلَاةَ، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي كَامِلٍ: يُخَفِّفُ.
قوله: ((عَلَى قَرْنِ الرَّأْسِ))، يعني: على الناصية.
وقوله: ((خِلْوًا))، يعني: منفردًا.
وفي هذا الحديث: بيان أن الأفضل لصلاة العشاء التأخير، وأنه إن شق ذلك فتصلَّى وسطًا.
[644]
وَحَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، وَابْنُ أَبِي عُمَرَ، قَالَ زُهَيْرٌ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ ابْنِ أَبِي لَبِيدٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: ((لَا تَغْلِبَنَّكُمْ الأَعْرَابُ عَلَى اسْمِ صَلَاتِكُمْ، أَلَا إِنَّهَا الْعِشَاءُ، وَهُمْ يُعْتِمُونَ بِالإِبِلِ)).
وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي لَبِيدٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((لَا تَغْلِبَنَّكُمُ الأَعْرَابُ عَلَى اسْمِ صَلَاتِكُمُ الْعِشَاءِ؛ فَإِنَّهَا فِي كِتَابِ اللَّهِ الْعِشَاءُ، وَإِنَّهَا تُعْتِمُ بِحِلَابِ الإِبِلِ)).
قوله: ((لَا تَغْلِبَنَّكُمُ الأَعْرَابُ عَلَى اسْمِ صَلَاتِكُمُ الْعِشَاءِ)) لأن الأعراب يسمونها العتمة.
ولكن النبي صلى الله عليه وسلم سماها العتمة، كما في الحديث الآخر:((وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي الْعَتَمَةِ وَالصُّبْحِ لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا)).
واختلف العلماء في الجمع بين الحديثين:
القول الأول: النهي محمول على التنزيه، وتسميتها العتمة جائز.
القول الثاني: النهي محمول على الكثرة؛ ولهذا قال: ((لَا تَغْلِبَنَّكُمْ الأَعْرَابُ عَلَى اسْمِ صَلَاتِكُمْ))، أي: فلا تكثروا من تسميتها بالعتمة.
أو أن المعنى: أن الأعراب يسمون المغرب العشاء؛ فإن الصلاة الأولى اسمها: المغرب، والثانية: العشاء.