الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ مَا يُقَالُ بَيْنَ تَكْبِيرَةِ الإِحْرَامِ وَالقِرَاءَةِ
[598]
حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ عُمَارَةَ ابْنِ الْقَعْقَاعِ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا كَبَّرَ فِي الصَّلَاةِ سَكَتَ هُنَيَّةً قَبْلَ أَنْ يَقْرَأَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، أَرَأَيْتَ سُكُوتَكَ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَالْقِرَاءَةِ، مَا تَقُولُ؟ قَالَ:((أَقُولُ: اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ، كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، اللَّهُمَّ نَقِّنِي مِنْ خَطَايَايَ، كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الأَبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ، اللَّهُمَّ اغْسِلْنِي مِنْ خَطَايَايَ بِالثَّلْجِ وَالْمَاءِ وَالْبَرَدِ)).
[خ: 744]
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَابْنُ نُمَيْرٍ قَالَا: حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ. ح، وَحَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ- يَعْنِي: ابْنَ زِيَادٍ- كِلَاهُمَا عَنْ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ، بِهَذَا الإِسْنَادِ نَحْوَ حَدِيثِ جَرِيرٍ.
في هذا الحديث: بيان أصح أدعية الاستفتاح الواردة في الصلاة، وهو ما رواه الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه.
وهناك استفتاحات أخرى سيأتي ذكرها، منها:((أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ يَجْهَرُ بِهَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ، يَقُولُ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، تَبَارَكَ اسْمُكَ وَتَعَالَى جَدُّكَ، وَلَا إِلَهَ غَيْرُكَ))
(1)
وهذا الاستفتاح اختاره الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله
(2)
، وهو أقصرها؛ ليحفظه العامة، وكان عمر رضي الله عنه يلقنه الناس على المنبر، وهو أفضل الاستفتاحات في ذاته؛ لأنه ثناء على الله تعالى.
وجاء في حديث عائشة رضي الله عنها: ((اللَّهُمَّ رَبَّ جَبْرَائِيلَ، وَمِيكَائِيلَ، وَإِسْرَافِيلَ، فَاطِرَ
(1)
أخرجه مسلم (399).
(2)
آداب المشي الى الصلاة، لمحمد بن عبد الوهاب (ص 6).
السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ، عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ، اهْدِنِي لِمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِكَ؛ إِنَّكَ تَهْدِي مَنْ تَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ))
(1)
.
وجاء عن ابن عباس رضي الله عنهما استفتاح طويل يُذكَر في قيام الليل
(2)
، وهناك استفتاح آخر:((اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا، وَسُبْحَانَ اللَّهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا))
(3)
.
[599]
قَالَ مُسْلِم: وَحُدِّثْتُ عَنْ يَحْيَى بْنِ حَسَّانَ وَغَيْرِهِمَا، وَيُونُسَ الْمُؤَدِّبِ قَالُوا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَارَةُ بْنُ الْقَعْقَاعِ، حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يقول: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا نَهَضَ مِنَ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ، اسْتَفْتَحَ الْقِرَاءَةَ بِـ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} ، وَلَمْ يَسْكُتْ.
هذا الحديث من الأحاديث المعلقة في صحيح مسلم التي سقط أول إسنادها.
قال الشيخ الإمام أبو عمرو بن الصلاح رحمه الله: ((ما وقع في صحيحي البخاري ومسلم مما صورته صورة المنقطع ليس ملتحقًا بالمنقطع في خروجه من حيز الصحيح إلى حيز الضعيف، ويسمى هذا النوع تعليقًا، سماه به الإمام أبو الحسن الدارقطني، ويذكره الحميدي في الجمع بين الصحيحين، وكذا غيره من المغاربة، وهو في كتاب البخاري كثير جدًّا، وفي كتاب مسلم قليل جدًّا، فإذا كان التعليق منهما بلفظ فيه جزم بأن من بينهما وبينه الانقطاع قد قال ذلك، أو رواه واتصل الإسناد منه على الشرط،
(1)
أخرجه مسلم (770).
(2)
أخرجه مسلم (763).
(3)
أخرجه مسلم (601).
مثل: أن يقولا: روى الزهري عن فلان، ويسوقان إسناده الصحيح، فحال الكتابين يوجب أن ذلك من الصحيح عندهما، وكذلك ما روياه عمن ذكراه بلفظ مبهم لم يعرف به، وأورداه أصلًا محتجين به، وذلك مثل: حدثني بعض أصحابنا، ونحو ذلك))
(1)
.
[600]
وَحَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، أَخْبَرَنَا قَتَادَةُ، وَثَابِتٌ، وَحُمَيْدٌ عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ رَجُلًا جَاءَ فَدَخَلَ الصَّفَّ وَقَدْ حَفَزَهُ النَّفَسُ، فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا، مُبَارَكًا فِيهِ، فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلَاتَهُ قَالَ:((أَيُّكُمُ الْمُتَكَلِّمُ بِالْكَلِمَاتِ؟ ))، فَأَرَمَّ الْقَوْمُ، فَقَالَ:((أَيُّكُمُ الْمُتَكَلِّمُ بِهَا؟ فَإِنَّهُ لَمْ يَقُلْ بَأْسًا))، فَقَالَ رَجُلٌ: جِئْتُ وَقَدْ حَفَزَنِي النَّفَسُ، فَقُلْتُهَا، فَقَالَ:((لَقَدْ رَأَيْتُ اثْنَيْ عَشَرَ مَلَكًا يَبْتَدِرُونَهَا، أَيُّهُمْ يَرْفَعُهَا)).
[601]
حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ، أَخْبَرَنِي الْحَجَّاجُ بْنُ أَبِي عُثْمَانَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ عَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ نُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذْ قَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا، وَسُبْحَانَ اللَّهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:((مَنِ الْقَائِلُ كَلِمَةَ كَذَا وَكَذَا؟ ))، قَالَ رَجُلٌ مِنِ الْقَوْمِ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: ((عَجِبْتُ لَهَا، فُتِحَتْ لَهَا أَبْوَابُ السَّمَاءِ)).
قَالَ ابْنُ عُمَرَ: فَمَا تَرَكْتُهُنَّ مُنْذُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ ذَلِكَ.
قوله: ((فَأَرَمَّ الْقَوْمُ))، أي: سكتوا، وظنوا أنه أخطأ، فلما رآهم سكتوا قال:((أَيُّكُمُ الْمُتَكَلِّمُ بِهَا، فَإِنَّهُ لَمْ يَقُلْ بَأْسًا))، أي: لم يقل شيئًا مستنكرًا، فقال رجل:((جِئْتُ وَقَدْ حَفَزَنِي النَّفَسُ، فَقُلْتُهَا))، قال صلى الله عليه وسلم: ((لَقَدْ رَأَيْتُ اثْنَيْ عَشَرَ مَلَكًا
(1)
شرح مسلم، للنووي (1/ 16).
يَبْتَدِرُونَهَا، أَيُّهُمْ يَرْفَعُهَا)).
في هذا الحديث: فضل هذا الذكر الجليل.
وقوله: ((رَأَيْتُ اثْنَيْ عَشَرَ مَلَكًا يَبْتَدِرُونَهَا)) هذا لا ينافي أن الكتبة يكتبون، وإنما ابتدرها هؤلاء الاثنا عشر ملكًا لفضلها.
وفيه: أن هناك بعض الأعمال يكتبها الحفظة، وأنهم لا يكتبون كل شيء، وقد ذكر الحافظ ابن كثير رحمه الله ومِن بعده العلامة الأمين الشنقيطي الخلاف في: هل يكتب الملَك كل شيء من الكلام؟
(1)
(1)
تفسير ابن كثير (7/ 398)، أضواء البيان، للشنقيطي (7/ 190).