الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ فَضْلِ الأَذَانِ، وَهَرَبِ الشَّيْطَانِ عِنْدَ سَمَاعِهِ
[387]
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدَةُ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ يَحْيَى عَنْ عَمِّهِ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، فَجَاءَهُ الْمُؤَذِّنُ يَدْعُوهُ إِلَى الصَّلَاةِ، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:((الْمُؤَذِّنُونَ أَطْوَلُ النَّاسِ أَعْنَاقًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ)).
وَحَدَّثَنِيهِ إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَامِرٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ يَحْيَى عَنْ عِيسَى بْنِ طَلْحَةَ قَالَ: سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِمِثْلِهِ.
في هذا الحديث: فضل المؤذنين، وأن الله عز وجل جعلهم أطولَ الناس أعناقًا يوم القيامة؛ لأنهم ينادون بالتكبير، ويرفعون بها أصواتهم، وينادون بالشهادتين، ويدعون إلى الصلاة.
وورد في تفسير قوله تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صالحًا} : أنه المؤذن
(1)
، أي: أن المؤذن يدخل في هذه الآية.
(1)
أخرجه ابن جرير في تفسيره (20/ 430).
[388]
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا، وَقَالَ الآخَرَانِ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: ((إِنَّ الشَّيْطَانَ إِذَا سَمِعَ النِّدَاءَ بِالصَّلَاةِ، ذَهَبَ حَتَّى يَكُونَ مَكَانَ الرَّوْحَاءِ))، قَالَ سُلَيْمَانُ: فَسَأَلْتُهُ عَنِ الرَّوْحَاءِ؟ فَقَالَ: هِيَ مِنَ الْمَدِينَةِ، سِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ مِيلًا.
وَحَدَّثَنَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبُو كُرَيْبٍ قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الأَعْمَشِ، بِهَذَا الإِسْنَادِ.
في هذا الحديث: أن الشيطان حين الأذان يهرب إلى مكان بعيد؛ ليشوش على نفسه حتى لا يسمع صوت الأذان، ثُمَّ يرجع بعد الأذان ويشوِّش على الإنسان، حتى يخطر بينه وبين نفسه، وَلَا يمنعه من ذلك تشهد المصلي في الصلاة؛ لأنه لا يرفع بها صوته، بخلاف المؤذن الذي يجهر بالأذان.
وهذا الشيطان الذي يهرب المراد به: جنس الشيطان، أما القرين فإن النصوص دلت على أنه ملازم للإنسان لا يفارقه.
وقوله: ((سِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ مِيلًا))، أي: قريب من خمسين كيلو مترًا، أَوْ ثمان وأربعين كيلو مترًا.
[389]
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ- وَاللَّفْظُ لِقُتَيْبَةَ- قَالَ إِسْحَاق: أَخْبَرَنَا، وَقَالَ الآخَرَانِ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((إِنَّ الشَّيْطَانَ إِذَا سَمِعَ النِّدَاءَ بِالصَّلَاةِ أَحَالَ لَهُ ضُرَاطٌ حَتَّى لَا يَسْمَعَ صَوْتَهُ، فَإِذَا سَكَتَ رَجَعَ فَوَسْوَسَ، فَإِذَا سَمِعَ الإِقَامَةَ ذَهَبَ حَتَّى لَا يَسْمَعَ صَوْتَهُ، فَإِذَا سَكَتَ رَجَعَ فَوَسْوَسَ)).
[خ: 608]
حَدَّثَنِي عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ بَيَانٍ الْوَاسِطِيُّ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ- يَعْنِي: ابْنَ عَبْدِ اللَّهِ- عَنْ سُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((إِذَا أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ أَدْبَرَ الشَّيْطَانُ وَلَهُ حُصَاصٌ)).
حَدَّثَنِي أُمَيَّةُ بْنُ بِسْطَامَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ- يَعْنِي: ابْنَ زُرَيْعٍ- حَدَّثَنَا رَوْحٌ عَنْ سُهَيْلٍ قَالَ: أَرْسَلَنِي أَبِي إِلَى بَنِي حَارِثَةَ قَالَ: وَمَعِي غُلَامٌ لَنَا- أَوْ: صَاحِبٌ لَنَا- فَنَادَاهُ مُنَادٍ مِنْ حَائِطٍ بِاسْمِهِ، قَالَ: وَأَشْرَفَ الَّذِي مَعِي عَلَى الْحَائِطِ، فَلَمْ يَرَ شَيْئًا، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِأَبِي، فَقَالَ: لَوْ شَعَرْتُ أَنَّكَ تَلْقَ هَذَا لَمْ أُرْسِلْكَ، وَلَكِنْ إِذَا سَمِعْتَ صَوْتًا فَنَادِ بِالصَّلَاةِ؛ فَإِنِّي سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يُحَدِّثُ عَنِ رَسُولِ اللَّهِ أَنَّهُ قَالَ:((إِنَّ الشَّيْطَانَ إِذَا نُودِيَ بِالصَّلَاةِ وَلَّى وَلَهُ حُصَاصٌ)).
قوله: ((فَنَادَاهُ مُنَادٍ مِنْ حَائِطٍ بِاسْمِهِ)) هذا المنادي شيطان؛ ولذلك لما أشرف الغلام على الحائط لم يَرَ شيئًا.
وقوله: ((لَوْ شَعَرْتُ أَنَّكَ تَلْقَ هَذَا لَمْ أُرْسِلْكَ))، أي: أنه خاف عليه أن يستوحش؛ لأنه صغير.
وقوله: ((وَلَكِنْ إِذَا سَمِعْتَ صَوْتًا فَنَادِ بِالصَّلَاةِ))، أي: ولو في غير وقت الصلاة؛ لأن الشيطان يفر من الأذان، وكما جاء في الحديث: ((إِذَا تَغَوَّلَتْ
لَكُمُ الغِيْلَانُ فَبَادِرُوا بالأَذَانِ))
(1)
.
وفيه: أنه لا ينبغي للإنسان أن يستوحش؛ فإن شياطين الجن كشياطين الإنس إذا التفتَ إليها آذته، وإذا لم يهتم بها تركته وأعرضت عنه.
وقوله: ((وَلَهُ حُصَاصٌ)) - بحاء وصاد مهملتين، أي: ضراط، وقيل: الحصاص: شدة العَدْو.
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ- يَعْنِي: الْحِزَامِيَّ- عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ أَدْبَرَ الشَّيْطَانُ لَهُ ضُرَاطٌ؛ حَتَّى لَا يَسْمَعَ التَّأْذِينَ، فَإِذَا قُضِيَ التَّأْذِينُ أَقْبَلَ، حَتَّى إِذَا ثُوِّبَ بِالصَّلَاةِ أَدْبَرَ، حَتَّى إِذَا قُضِيَ التَّثْوِيبُ أَقْبَلَ، حَتَّى يَخْطِرَ بَيْنَ الْمَرْءِ وَنَفْسِهِ، يَقُولُ لَهُ: اذْكُرْ كَذَا، وَاذْكُرْ كَذَا، لِمَا لَمْ يَكُنْ يَذْكُرُ مِنْ قَبْلُ، حَتَّى يَظَلَّ الرَّجُلُ مَا يَدْرِي كَمْ صَلَّى؟ )).
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِمِثْلِهِ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ:((حَتَّى يَظَلَّ الرَّجُلُ إِنْ يَدْرِي كَيْفَ صَلَّى؟ )).
قوله: ((حَتَّى إِذَا ثُوِّبَ بِالصَّلَاةِ أَدْبَرَ)) التثويب: الإقامة، وسميت الإقامة تثويبًا؛ لأن مقيم الصلاة رجع إلى الدعاء إليها؛ فإن الأذان دعاء إلى الصلاة، والإقامة دعاء إليها، وأصله من ثاب: إذا رجع.
وفي هذا الحديث: حرص الشيطان- عدو الله- على إفساد أعمال بني آدم.
(1)
أخرجه أحمد (14277)، وابن ماجه (329).