الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ السَّهْوِ فِي الصَّلَاةِ وَالسُّجُودِ لَهُ
[389]
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا قَامَ يُصَلِّي جَاءَهُ الشَّيْطَانُ، فَلَبَسَ عَلَيْهِ، حَتَّى لَا يَدْرِيَ كَمْ صَلَّى، فَإِذَا وَجَدَ ذَلِكَ أَحَدُكُمْ، فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ)).
[خ: 1231]
حَدَّثَنِي عَمْرٌو النَّاقِدُ، وزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ قَالَا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ- وَهُوَ ابْنُ عُيَيْنَةَ-.ح، قَالَ: وَحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ عَنِ اللَّيْثِ ابْنِ سَعْدٍ، كِلَاهُمَا عَنِ الزُّهْرِيِّ، بِهَذَا الإِسْنَادِ نَحْوَهُ.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ حَدَّثَهُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:((إِذَا نُودِيَ بِالأَذَانِ أَدْبَرَ الشَّيْطَانُ لَهُ ضُرَاطٌ، حَتَّى لَا يَسْمَعَ الأَذَانَ، فَإِذَا قُضِيَ الأَذَانُ أَقْبَلَ، فَإِذَا ثُوِّبَ بِهَا أَدْبَرَ، فَإِذَا قُضِيَ التَّثْوِيبُ أَقْبَلَ، يَخْطُرُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَنَفْسِهِ، يقول: اذْكُرْ كَذَا، اذْكُرْ كَذَا، لِمَا لَمْ يَكُنْ يَذْكُرُ، حَتَّى يَظَلَّ الرَّجُلُ إِنْ يَدْرِي كَمْ صَلَّى، فَإِذَا لَمْ يَدْرِ أَحَدُكُمْ كَمْ صَلَّى، فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ)).
حَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرٌو عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:((إِنَّ الشَّيْطَانَ إِذَا ثُوِّبَ بِالصَّلَاةِ وَلَّى، وَلَهُ ضُرَاطٌ))، فَذَكَرَ نَحْوَهُ، وَزَادَ: فَهَنَّاهُ وَمَنَّاهُ وَذَكَّرَهُ مِنْ حَاجَاتِهِ، مَا لَمْ يَكُنْ يَذْكُرُ.
هذا الحديث ورد مجملًا في مشروعية سجود السهو، وقد بينته الأحاديث الأخرى كما سيأتي، والقاعدة: أن المجمل من النصوص تبينه النصوص الأخرى المفصلة.
قوله: ((التَّثْوِيبُ))، يعني: الإقامة، وسميت تثويبًا؛ لأنه رجوع إلى الأذان مرة أخرى؛ فالأذان إعلام بدخول الوقت، والإقامة إعلام بإقامة الصلاة، فهي أذانٌ ثانٍ.
في هذا الحديث:
1.
أن الشيطان يولي إذا سمع الأذان وإذا سمع الإقامة؛ لأنه يشق عليه ويؤذيه سماع الأذان، فيولي وله ضراط؛ حتى يشوش على نفسه ولا يسمع، فإذا انتهى الأذان أقبل، فإذا أُقيمت الصلاة ولى هاربًا.
2.
أن الشيطان له ضراط، وهو الريح التي لها صوت؛ لأنه يأكل ويشرب مثل بني آدم، ويخرج منه الحدث كالإنسان.
3.
أنه ينبغي للإنسان ألا يشابه الشيطان، فإذا سمع الأذان يقبل على الصلاة، ويعتني ولا يتأخر، ولا يدبر كالشيطان.
4.
حرص الشيطان على ابن آدم، فهو يخطر بينه وبين نفسه ويقول: اذكر كذا، اذكر كذا، يُذَكِّره الأشياء التي نسيها حتى يلبس عليه صلاته؛ فلا يدري كم صلى.
وقوله: ((فَهَنَّاهُ وَمَنَّاهُ))، يعني: هنَّاه بإسعاد، ومنَّاه وذكَّره بالأشياء التي نسيها، حتى يلبس عليه صلاته، يريد أن يفسدها عليه؛ لأن الشيطان حريص على إفساد عبادة ابن آدم، وقد أخذ على نفسه العهد وأقسم لما أهبطه الله على إغواء بني آدم، وقال:{فبعزتك لأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين} .
[570]
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَعْرَجِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ بُحَيْنَةَ قَالَ: صَلَّى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَكْعَتَيْنِ مِنْ بَعْضِ الصَّلَوَاتِ، ثُمَّ قَامَ فَلَمْ يَجْلِسْ، فَقَامَ النَّاسُ مَعَهُ، فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ وَنَظَرْنَا تَسْلِيمَهُ كَبَّرَ، فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ، قَبْلَ التَّسْلِيمِ، ثُمَّ سَلَّمَ.
[خ: 1224]
وَحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ. ح، قَالَ: وَحَدَّثَنَا ابْنُ رُمْحٍ، أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ بُحَيْنَةَ الأَسْدِيِّ حَلِيفِ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِب: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَامَ فِي صَلَاةِ الظُّهْرِ وَعَلَيْهِ جُلُوسٌ، فَلَمَّا أَتَمَّ صَلَاتَهُ، سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، يُكَبِّرُ فِي كُلِّ سَجْدَةٍ، وَهُوَ جَالِسٌ، قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ، وَسَجَدَهُمَا النَّاسُ مَعَهُ، مَكَانَ مَا نَسِيَ مِنَ الْجُلُوسِ.
وَحَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَعْرَجِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ بْنِ بُحَيْنَةَ الأَزْدِيِّ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَامَ فِي الشَّفْعِ، الَّذِي يُرِيدُ أَنْ يَجْلِسَ فِي صَلَاتِهِ، فَمَضَى فِي صَلَاتِهِ، فَلَمَّا كَانَ فِي آخِرِ الصَّلَاةِ، سَجَدَ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ، ثُمَّ سَلَّمَ.
قوله: ((وَنَظَرْنَا تَسْلِيمَهُ))، يعني: انتظرنا.
في هذا الحديث: أن التشهد الأول واجب مخفَّف، ليس كالأركان؛ لأنه يسقط بالنسيان، ويجبر بسجود السهو، أما الأركان فهي لا تسقط لا سهوًا، ولا عمدًا، ولا جهلًا، ولا بد من الإتيان بها، ولو تركها بطلت صلاته.
وقال العلماء
(1)
: من نسي التشهد الأول فله أحوال ثلاثة:
الحالة الأولى: أن يذكر قبل أن يستتم قائمًا، فهنا يرجع.
الحالة الثانية: أن يستتم قائمًا ولم يشرع في القراءة، فهذا يكره له الرجوع.
(1)
شرح منتهى الإرادات، للبهوتي (1/ 229).
الحالة الثالثة: أن يشرع في القراءة، وهذا يحرم عليه الرجوع.
والجمهور عندهم: أن سجود السهو سنة
(1)
، ولها تكبير، فيكبر إذا سجد، وإذا رفع كبر، وإذا سجد كبر، والسجدة الثانية كذلك، وهكذا- أيضًا- سجدة التلاوة.
[571]
وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي خَلَفٍ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ دَاوُدَ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ ابْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((إِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ، فَلَمْ يَدْرِ كَمْ صَلَّى، ثَلَاثًا، أَمْ أَرْبَعًا، فَلْيَطْرَحِ الشَّكَّ، وَلْيَبْنِ عَلَى مَا اسْتَيْقَنَ، ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ، قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ، فَإِنْ كَانَ صَلَّى خَمْسًا، شَفَعْنَ لَهُ صَلَاتَهُ، وَإِنْ كَانَ صَلَّى إِتْمَامًا لِأَرْبَعٍ، كَانَتَا تَرْغِيمًا لِلشَّيْطَانِ)).
حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي عَمِّي عَبْدُ اللَّهِ، حَدَّثَنِي دَاوُدُ بْنُ قَيْسٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، وَفِي مَعْنَاهُ قَالَ:((يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ، قَبْلَ السَّلَامِ))، كَمَا قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ.
في هذا الحديث: أنه إذا حصل للمصلي شك- ولم يكن عنده غلبة ظن- فإنه يبني على اليقين، وهو الأقل، فاليقين إذا شك أصلى ثلاث ركعات، أم أربع، فيجعلها ثلاثًا، فيتمم صلاته، ثُمَّ يسجد سجدتين قبل أن يسلم، ومثله لو شك في الطواف هل طاف شوطين أو ثلاثة فيبني على اليقين، وهو الأقل، ويجعله شوطين.
(1)
مواهب الجليل، للحطاب (2/ 14)، المجموع، للنووي (4/ 151)، حاشية ابن عابدين (2/ 78)، كشاف القناع، للبهوتي (1/ 409، 408).
[572]
وَحَدَّثَنَا عُثْمَانُ، وَأَبُو بَكْرِ ابْنَا أَبِي شَيْبَةَ، وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، جَمِيْعًا عَنْ جَرِيرٍ، قَالَ عُثْمَانُ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ إِبْرَاهِيمُ: زَادَ أَوْ نَقَصَ: فَلَمَّا سَلَّمَ، قِيلَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَحَدَثَ فِي الصَّلَاةِ شَيْءٌ؟ قَالَ:((وَمَا ذَاكَ؟ ))، قَالُوا: صَلَّيْتَ كَذَا وَكَذَا قَالَ: فَثَنَى رِجْلَيْهِ، وَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ، فَقَالَ:((إِنَّهُ لَوْ حَدَثَ فِي الصَّلَاةِ شَيْءٌ أَنْبَأْتُكُمْ بِهِ، وَلَكِنْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ، أَنْسَى كَمَا تَنْسَوْنَ، فَإِذَا نَسِيتُ فَذَكِّرُونِي، وَإِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ فَلْيَتَحَرَّ الصَّوَابَ، فَلْيُتِمَّ عَلَيْهِ، ثُمَّ لِيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ)).
[خ: 401]
حَدَّثَنَاهُ أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ بِشْرٍ. ح، قَالَ: وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، كِلَاهُمَا عَنْ مِسْعَرٍ عَنْ مَنْصُورٍ، بِهَذَا الإِسْنَادِ.
وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ بِشْرٍ: ((فَلْيَنْظُرْ أَحْرَى ذَلِكَ لِلصَّوَابِ))، وَفِي رِوَايَةِ وَكِيعٍ:((فَلْيَتَحَرَّ الصَّوَابَ)).
وَحَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّارِمِيُّ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، حَدَّثَنَا وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، وقَالَ: مَنْصُورٌ: ((فَلْيَنْظُرْ أَحْرَى ذَلِكَ لِلصَّوَابِ)).
حَدَّثَنَاهُ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ الأُمَوِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، وَقَالَ:((فَلْيَتَحَرَّ الصَّوَابَ)).
حَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مَنْصُورٍ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، وَقَالَ:((فَلْيَتَحَرَّ أَقْرَبَ ذَلِكَ إِلَى الصَّوَابِ)).
حَدَّثَنَاهُ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ مَنْصُورٍ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، وَقَالَ:((فَلْيَتَحَرَّ الَّذِي يَرَى أَنَّهُ الصَّوَابُ)).
حَدَّثَنَاهُ ابْنُ أَبِي عُمَرَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ عَنْ مَنْصُورٍ بِإِسْنَادِ هَؤُلَاءِ، وَقَالَ:((فَلْيَتَحَرَّ الصَّوَابَ)).
في هذه الأحاديث: بيان أن النبي صلى الله عليه وسلم بشر، ليس برب، ولا إله يعبد، بل هو بشر يصيبه ما يصيب البشر، كالنسيان والأمراض وغيرها، أما الرب سبحانه وتعالى فلا ينسى، كما قال الله:{لا يضل ربي ولا ينسى} ، والله تعالى منزه لا يلحقه النسيان؛ لأنه كامل، ولا يحتاج إلى شيء، ولا يحتاج إلى أحد، فهو غني عن العالمين سبحانه وتعالى، بخلاف الرسول صلى الله عليه وسلم؛ فإنه عبد، يأكل ويشرب، لكنه نبي كريم، يطاع ويتبع، ولا يعبد فالعبادة حق الله؛ ولهذا قال:((وَلَكِنْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ، أَنْسَى كَمَا تَنْسَوْنَ، فَإِذَا نَسِيتُ فَذَكِّرُونِي))، وقال الله تعالى:{قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد} .
وهذا من رحمة الله تعالى بعباده: أن جعل نبيه ينسى؛ حتى يكون فعله تشريعًا للأمة؛ ليعلمهم ماذا يعملون إذا حصل لهم النسيان.
وقوله: ((فَلْيَتَحَرَّ الصَّوَابَ، فَلْيُتِمَّ عَلَيْهِ)) هذا إذا كان عنده غلبة ظن، فيبني على غلبة الظن، ويتحرى الصواب، وفي رواية النسائي:((فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ بَعْدَ مَا يُسَلِّمُ))
(1)
؛ فإنه يبني على غلبة الظن، ويتم الصلاة، ثُمَّ يسلم، ثُمَّ يسجد سجدتين، ثُمَّ يسلم، بخلاف حديث أبي سعيد رضي الله عنه الذي سبق فيما إذا كان عنده شك، ولم يكن عنده غلبة ظن؛ فيبني على اليقين، وهو الأقل، ويكون السجود قبل السلام.
وفيه: دليل لمن يقول: إنه يعمل بغلبة الظن، ولا يبني على اليقين في هذه الحالة وهو الأقل، فيكون الجمع بينه وبين الحديث السابق أنه يعمل باليقين- وهو الأقل- إذا كان عنده شكٌ، فإن كان عنده غلبة ظن عمل به، ثُمَّ يسجد سجدتين بعد أن يسلم، كما في رواية النسائي، وهذا هو الصواب.
(1)
أخرجه أحمد (1752)، والنسائي (1248).
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى الظُّهْرَ خَمْسًا، فَلَمَّا سَلَّمَ، قِيلَ لَهُ: أَزِيدَ فِي الصَّلَاةِ؟ قَالَ: ((وَمَا ذَاكَ؟ ))، قَالُوا: صَلَّيْتَ خَمْسًا، فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ.
وَحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ عَنِ الْحَسَنِ ابْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ: أَنَّهُ صَلَّى بِهِمْ خَمْسًا.
ح، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ- وَاللَّفْظُ لَهُ- حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سُوَيْدٍ قَالَ: صَلَّى بِنَا عَلْقَمَةُ الظُّهْرَ خَمْسًا، فَلَمَّا سَلَّمَ، قَالَ الْقَوْمُ: يَا أَبَا شِبْلٍ، قَدْ صَلَّيْتَ خَمْسًا؟ قَالَ: كَلَّا مَا فَعَلْتُ؟ قَالُوا: بَلَى قَالَ: وَكُنْتُ فِي نَاحِيَةِ الْقَوْمِ وَأَنَا غُلَامٌ، فَقُلْتُ: بَلَى، قَدْ صَلَّيْتَ خَمْسًا، قَالَ لِي: وَأَنْتَ- أيضًا- يَا أَعْوَرُ، تَقُولُ ذَاكَ؟ قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ قَالَ: فَانْفَتَلَ فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ، ثُمَّ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَمْسًا، فَلَمَّا انْفَتَلَ تَوَشْوَشَ الْقَوْمُ بَيْنَهُمْ، فَقَالَ:((مَا شَأْنُكُمْ؟ ))، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ زِيدَ فِي الصَّلَاةِ؟ قَالَ:((لَا))، قَالُوا: فَإِنَّكَ قَدْ صَلَّيْتَ خَمْسًا، فَانْفَتَلَ، ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ، ثُمَّ قَالَ:((إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ، أَنْسَى كَمَا تَنْسَوْنَ)).
وَزَادَ ابْنُ نُمَيْرٍ فِي حَدِيثِهِ: ((فَإِذَا نَسِيَ أَحَدُكُمْ، فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ)).
حَدَّثَنَاهُ عَوْنُ بْنُ سَلَّامٍ الْكُوفِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ النَّهْشَلِيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الأَسْوَدِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَمْسًا، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَزِيدَ فِي الصَّلَاةِ؟ قَالَ:((وَمَا ذَاكَ؟ ))، قَالُوا: صَلَّيْتَ خَمْسًا قَالَ: ((إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ، أَذْكُرُ كَمَا تَذْكُرُونَ، وَأَنْسَى كَمَا تَنْسَوْنَ، ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ)).
وَحَدَّثَنَا مِنْجَابُ بْنُ الْحَارِثِ التَّمِيمِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ مُسْهِرٍ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَزَادَ، أَوْ
نَقَصَ- قَالَ إِبْرَاهِيمُ: وَالْوَهْمُ مِنِّي؟ - فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَزِيدَ فِي الصَّلَاةِ شَيْءٌ؟ فَقَالَ:((إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ، أَنْسَى كَمَا تَنْسَوْنَ، فَإِذَا نَسِيَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ))، ثُمَّ تَحَوَّلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ.
وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبُو كُرَيْبٍ قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ. ح، قَالَ: وَحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا حَفْصٌ- أَبُو مُعَاوِيَةَ- عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ:((أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سَجَدَ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ، بَعْدَ السَّلَامِ وَالْكَلَامِ)).
في هذه الأحاديث: أنه إذا نسي الإنسان فصلى خمسًا فإنه يسجد سجدتين، وصلاته صحيحة.
قوله: ((وَأَنْتَ- أيضًا- يَا أَعْوَرُ، تَقُولُ ذَاكَ؟ )) لعل هذا من باب الإدلال عليه وممازحته؛ لأنه من تلاميذه، وإلا فلا ينبغي للإنسان أن ينبَز باللقب، كأن يقول: يا أعور، ويا أحول
…
إلخ، .
قوله: ((بَعْدَ السَّلَامِ وَالْكَلَامِ)) فيه: دليل لمن رأى أن الكلام لمصلحة الصلاة لا يبطلها
(1)
، ولأنه حينما تكلم اعتقد أنه انتهى من الصلاة؛ فالكلام إذا كان في مصلحة الصلاة بعد ما يسلم- وهو يعتقد أنه انتهى من الصلاة- لا يعتبر متعمدًا، إنما يبطل الصلاة الكلام العمد.
وفيه: أنه يسجد سجدتين بعد ما يسلم وبعد ما يتكلم؛ لأن الكلام لا يمنع، وإن كان فاصلًا، إلا أن بعض الفقهاء يرى أنه إن طال الفصل، أو أحدث، أو تكلم بكلام سقطت السجدتان؛ لأنه ينافي الصلاة
(2)
، والأقرب: أنه يسجد، ولو طال الفصل.
(1)
المجموع، للنووي (4/ 85)، المغني، لابن قدامة (2/ 36).
(2)
المجموع، للنووي (4/ 121)، المغني، لابن قدامة (2/ 28).
وَحَدَّثَنِي الْقَاسِمُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ، حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الْجُعْفِيُّ عَنْ زَائِدَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: صَلَّيْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَإِمَّا زَادَ أَوْ نَقَصَ- قَالَ إِبْرَاهِيمُ: وَايْمُ اللَّهِ، مَا جَاءَ ذَاكَ، إِلَّا مِنْ قِبَلِي- قَالَ: فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَحَدَثَ فِي الصَّلَاةِ شَيْءٌ؟ فَقَالَ:((لَا)) قَالَ: فَقُلْنَا لَهُ الَّذِي صَنَعَ، فَقَالَ:((إِذَا زَادَ الرَّجُلُ، أَوْ نَقَصَ، فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ)) قَالَ: ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ.
قوله: ((فَإِمَّا زَادَ أَوْ نَقَصَ- قَالَ إِبْرَاهِيمُ: وَايْمُ اللَّهِ، مَا جَاءَ ذَاكَ، إِلَّا مِنْ قِبَلِي-))، أي: أن الشك من قبل إبراهيم، لا يدري هل زاد أو نقص.
وفي هذا الحديث: مشروعية سجود السهو للزيادة والنقصان.
[573]
حَدَّثَنِي، زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، وعَمْرٌو النَّاقِدُ، جَمِيْعًا عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، قَالَ عَمْرٌو: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ سِيرِينَ يقول: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يقول: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِحْدَى صَلَاتَيِ الْعَشِيِّ- إِمَّا الظُّهْرَ، وَإِمَّا الْعَصْرَ- فَسَلَّمَ فِي رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ أَتَى جِذْعًا فِي قِبْلَةِ الْمَسْجِدِ، فَاسْتَنَدَ إِلَيْهَا مُغْضَبًا، وَفِي الْقَوْمِ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرَ، فَهَابَا أَنْ يَتَكَلَّمَا، وَخَرَجَ سَرَعَانُ النَّاسِ، قُصِرَتِ الصَّلَاةُ، فَقَامَ ذُو الْيَدَيْنِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَقُصِرَتِ الصَّلَاةُ، أَمْ نَسِيتَ؟ فَنَظَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَمِينًا، وَشِمَالًا، فَقَالَ:((مَا يَقُولُ ذُو الْيَدَيْنِ؟ ))، قَالُوا: صَدَقَ، لَمْ تُصَلِّ إِلَّا رَكْعَتَيْنِ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، وَسَلَّمَ، ثُمَّ كَبَّرَ، ثُمَّ سَجَدَ، ثُمَّ كَبَّرَ، فَرَفَعَ، ثُمَّ كَبَّرَ، وَسَجَدَ، ثُمَّ كَبَّرَ، وَرَفَعَ. قَالَ: وَأُخْبِرْتُ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّهُ قَالَ: وَسَلَّمَ.
[خ: 6051]
حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِحْدَى صَلَاتَيِ الْعَشِيِّ، بِمَعْنَى حَدِيثِ سُفْيَانَ.
قوله: ((سَرَعَان)) بفتح السين والراء، أي: المسرعون إلى الخروج
(1)
، وهؤلاء السرعان الذين خرجوا ولم يرجعوا يُنَبَّهون، فيقال لهم: من صلى معنا يوم كذا فرض كذا فإنه يعيد الصلاة.
في هذا الحديث: دليل على أن السجود يكون بعد السلام إذا سلم عن نقص.
وفيه: أن سبب النسيان أن النبي صلى الله عليه وسلم كان مغضَبًا.
(1)
شرح مسلم، للنووي (2/ 68).
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ- مَوْلَى ابْنِ أَبِي أَحْمَدَ-: أَنَّهُ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يقول: صَلَّى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلَاةَ الْعَصْرِ، فَسَلَّمَ فِي رَكْعَتَيْنِ، فَقَامَ ذُو الْيَدَيْنِ، فَقَالَ: أَقُصِرَتِ الصَّلَاةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَمْ نَسِيتَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:((كُلُّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ))، فَقَالَ: قَدْ كَانَ بَعْضُ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى النَّاسِ، فَقَالَ:((أَصَدَقَ ذُو الْيَدَيْنِ؟ ))، فَقَالُوا: نَعَمْ، يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَأَتَمَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا بَقِيَ مِنَ الصَّلَاةِ، ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، وَهُوَ جَالِسٌ بَعْدَ التَّسْلِيمِ.
وَحَدَّثَنِي حَجَّاجُ بْنُ الشَّاعِرِ، حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ إِسْمَاعِيل الْخَزَّازُ، حَدَّثَنَا عَلِيٌّ- وَهُوَ ابْنُ الْمُبَارَكِ- حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلَّى رَكْعَتَيْنِ مِنْ صَلَاةِ الظُّهْرِ، ثُمَّ سَلَّمَ، فَأَتَاهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَقُصِرَتِ الصَّلَاةُ، أَمْ نَسِيتَ؟ ، وَسَاقَ الْحَدِيثَ.
وَحَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ شَيْبَانَ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: بَيْنَا أَنَا أُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم صَلَاةَ الظُّهْرِ سَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ، فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ، وَاقْتَصَّ الْحَدِيثَ.
[574]
وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، جَمِيْعًا عَنِ ابْنِ عُلَيَّةَ، قَالَ زُهَيْرٌ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ خَالِدٍ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلَّى الْعَصْرَ، فَسَلَّمَ فِي ثَلَاثِ رَكَعَاتٍ، ثُمَّ دَخَلَ مَنْزِلَهُ، فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ، يُقَالُ لَهُ: الْخِرْبَاقُ، وَكَانَ فِي يَدَيْهِ طُولٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَذَكَرَ لَهُ صَنِيعَهُ، وَخَرَجَ غَضْبَانَ، يَجُرُّ رِدَاءَهُ، حَتَّى انْتَهَى إِلَى النَّاسِ، فَقَالَ:((أَصَدَقَ هَذَا؟ ))، قَالُوا: نَعَمْ، فَصَلَّى رَكْعَةً، ثُمَّ سَلَّمَ، ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ.
وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ- وَهُوَ الْحَذَّاءُ- عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَبِي الْمُهَلَّبِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ قَالَ: سَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي ثَلَاثِ رَكَعَاتٍ مِنَ الْعَصْرِ، ثُمَّ قَامَ فَدَخَلَ الْحُجْرَةَ، فَقَامَ رَجُلٌ بَسِيطُ الْيَدَيْنِ، فَقَالَ: أَقُصِرَتِ الصَّلَاةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَخَرَجَ مُغْضَبًا، فَصَلَّى الرَّكْعَةَ الَّتِي كَانَ تَرَكَ، ثُمَّ سَلَّمَ، ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ، ثُمَّ سَلَّمَ.
في هذا الحديث: بيان لواقعة أخرى غير الواقعة الأولى، ففي الأولى سلم من ركعتين، وفي هذه سلم من ثلاث ركعات.
وفيه: أنه صلى الله عليه وسلم دخل الحجرة، فهو قد قام، وخرج من المسجد، ودخل الحجرة، وجاءه الصحابي وأخبره، فرجع؛ فهنا حركة وكلام بينه وبين الصحابة، ومع ذلك بنى على صلاته، ولم يُعِدِ الصلاةَ؛ فدل على أن الفاصل إذا كان طويلًا فلا يؤثر.