الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ جَوَازِ لَعْنِ الشَّيْطَانِ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ، وَالتَّعَوُّذِ مِنْهُ، وَجَوَازِ الْعَمَلِ الْقَلِيلِ فِي الصَّلَاةِ
[541]
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَإِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَا: أَخْبَرَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ- وَهُوَ ابْنُ زِيَادٍ- قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يقول: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((إِنَّ عِفْرِيتًا مِنَ الْجِنِّ جَعَلَ يَفْتِكُ عَلَيَّ الْبَارِحَةَ لِيَقْطَعَ عَلَيَّ الصَّلَاةَ، وَإِنَّ اللَّهَ أَمْكَنَنِي مِنْهُ فَذَعَتُّهُ، فَلَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَرْبِطَهُ إِلَى جَنْبِ سَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي الْمَسْجِدِ، حَتَّى تُصْبِحُوا تَنْظُرُونَ إِلَيْهِ أَجْمَعُونَ- أَوْ: كُلُّكُمْ-، ثُمَّ ذَكَرْتُ قَوْلَ أَخِي سُلَيْمَانَ: رَبِّ اغْفِرْ لِي، وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي، فَرَدَّهُ اللَّهُ خَاسِئًا)).
[خ: 461]
وَقَالَ ابْنُ مَنْصُورٍ شُعْبَةُ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ- هُوَ ابْنُ جَعْفَرٍ-.ح، قَالَ: حَدَّثَنَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا شَبَابَةُ، كِلَاهُمَا عَنْ شُعْبَةَ، فِي هَذَا الإِسْنَادِ، وَلَيْسَ فِي حَدِيثِ ابْنِ جَعْفَرٍ قَوْلُهُ:((فَذَعَتُّهُ))، وَأَمَّا ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، فَقَالَ فِي رِوَايَتِهِ:((فَدَعَتُّهُ)).
قوله: ((ثُمَّ ذَكَرْتُ قَوْلَ أَخِي سُلَيْمَانَ))، يعني: ذكر أن تسخير الشياطين من خصائص سليمان عليه السلام، فلقد سُخِّرت له الشياطين والريح، قال تعالى:{والشياطين كل بناء وغواص} ، وقال تعالى على لسان سليمان:{رب هب لي ملكًا لا ينبغي لأحد من بعدي} ، فخشي عليه الصلاة والسلام أن يكون إذا ربط هذا العفريت من الجن أن يكون شارك سليمان عليه السلام في تسخير الجن، فتركه.
وقوله: ((فَرَدَّهُ اللَّهُ خَاسِئًا)) فيه: دليل على أن الشيطان قد يسلَّط على الإنسان، وعلى الرجل الصالح، بل على النبي صلى الله عليه وسلم.
[542]
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ الْمُرَادِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ يقول: حَدَّثَنِي رَبِيعَةُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَسَمِعْنَاهُ يَقُولُ:((أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ))، ثُمَّ قَالَ:((أَلْعَنُكَ بِلَعْنَة اللَّهِ)) - ثَلَاثًا- وَبَسَطَ يَدَهُ، كَأَنَّهُ يَتَنَاوَلُ شَيْئًا، فَلَمَّا فَرَغَ مِنَ الصَّلَاةِ، قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ سَمِعْنَاكَ تَقُولُ فِي الصَّلَاةِ، شَيْئًا لَمْ نَسْمَعْكَ تَقُولُهُ قَبْلَ ذَلِكَ، وَرَأَيْنَاكَ بَسَطْتَ يَدَكَ قَالَ:((إِنَّ عَدُوَّ اللَّهِ إِبْلِيسَ جَاءَ بِشِهَابٍ مِنَ نَارٍ لِيَجْعَلَهُ فِي وَجْهِي، فَقُلْتُ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ- ثَلَاثَ مَرَّاتٍ-، ثُمَّ قُلْتُ: أَلْعَنُكَ بِلَعْنَةِ اللَّهِ التَّامَّةِ، فَلَمْ يَسْتَأْخِرْ- ثَلَاثَ مَرَّاتٍ-، ثُمَّ أَرَدْتُ أَخْذَهُ، وَاللَّهِ لَوْلَا دَعْوَةُ أَخِينَا سُلَيْمَانَ، لَأَصْبَحَ مُوثَقًا يَلْعَبُ بِهِ وِلْدَانُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ)).
في هذا الحديث: عتو هذا الشيطان- والعياذ بالله- لما يلي:
أولًا: أنه جاء بشهاب من نار؛ ليحرق وجه النبي صلى الله عليه وسلم.
ثانيًا: أن النبي صلى الله عليه وسلم لعنه ثلاثًا، واستعاذ ثلاثًا، ولم يستأخر.
وفيه: دليل على أنه لا بأس بالاستعاذة من الشيطان في الصلاة، فإذا كثرت الوساوس على الإنسان جاز له أن يستعيذ بالله من الشيطان، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:((أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ- ثَلَاثَ مَرَّاتٍ-، ثُمَّ قُلْتُ: أَلْعَنُكَ بِلَعْنَةِ اللَّهِ التَّامَّةِ، فَلَمْ يَسْتَأْخِرْ)).