الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ تَحْرِيمِ الْكَلَامِ فِي الصَّلَاةِ، وَنَسْخِ مَا كَانَ مِنْ إِبَاحَتِهِ
[537]
حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ، أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ- وَتَقَارَبَا فِي لَفْظِ الْحَدِيثِ- قَالَا: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ حَجَّاجٍ الصَّوَّافِ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ هِلَالِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ السُّلَمِيِّ قَالَ: بَيْنَا أَنَا أُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذْ عَطَسَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ، فَقُلْتُ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ، فَرَمَانِي الْقَوْمُ بِأَبْصَارِهِمْ، فَقُلْتُ: وَا ثُكْلَ أُمِّيَاهْ، مَا شَأْنُكُمْ تَنْظُرُونَ إِلَيَّ؟ فَجَعَلُوا يَضْرِبُونَ بِأَيْدِيهِمْ عَلَى أَفْخَاذِهِمْ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُمْ يُصَمِّتُونَنِي، لَكِنِّي سَكَتُّ، فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَبِأَبِي هُوَ وَأُمِّي، مَا رَأَيْتُ مُعَلِّمًا قَبْلَهُ، وَلَا بَعْدَهُ أَحْسَنَ تَعْلِيمًا مِنْهُ، فَوَاللَّهِ مَا كَهَرَنِي وَلَا ضَرَبَنِي وَلَا شَتَمَنِي قَالَ:((إِنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ، لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ، إِنَّمَا هُوَ التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ)) - أَوْ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي حَدِيثُ عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ، وَقَدْ جَاءَ اللَّهُ بِالإِسْلَامِ، وَإِنَّ مِنَّا رِجَالًا يَأْتُونَ الْكُهَّانَ قَالَ:((فَلَا تَأْتِهِمْ)) قَالَ: وَمِنَّا رِجَالٌ يَتَطَيَّرُونَ قَالَ: ((ذَاكَ شَيْءٌ يَجِدُونَهُ فِي صُدُورِهِمْ، فَلَا يَصُدَّنَّهُمْ)) - قَالَ ابْنُ الصَّبَّاحِ: ((فَلَا يَصُدَّنَّكُمْ)) - قَالَ: قُلْتُ: وَمِنَّا رِجَالٌ يَخُطُّونَ قَالَ: ((كَانَ نَبِيٌّ مِنَ الأَنْبِيَاءِ يَخُطُّ، فَمَنْ وَافَقَ خَطَّهُ فَذَاكَ)) قَالَ:
وَكَانَتْ لِي جَارِيَةٌ، تَرْعَى غَنَمًا لِي قِبَلَ أُحُدٍ وَالْجَوَّانِيَّةِ، فَاطَّلَعْتُ ذَاتَ يَوْمٍ، فَإِذَا الذِّيبُ قَدْ ذَهَبَ بِشَاةٍ مِنْ غَنَمِهَا، وَأَنَا رَجُلٌ مِنْ بَنِي آدَمَ، آسَفُ كَمَا يَأْسَفُونَ، لَكِنِّي صَكَكْتُهَا صَكَّةً، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَعَظَّمَ ذَلِكَ عَلَيَّ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفَلَا أُعْتِقُهَا؟ قَالَ:((ائْتِنِي بِهَا))، فَأَتَيْتُهُ بِهَا، فَقَالَ لَهَا:((أَيْنَ اللَّهُ؟ ))، قَالَتْ: فِي السَّمَاءِ قَالَ: ((مَنْ أَنَا؟ )) قَالَتْ: أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ قَالَ: ((أَعْتِقْهَا؛ فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ)).
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، بِهَذَا الإِسْنَادِ نَحْوَهُ.
في هذا الحديث:
1 -
أن الجاهل إذا تكلم في الصلاة- ومثله الناسي- فإن صلاتهما صحيحة لا تبطل؛ ولهذا لما تكلم معاوية بن الحكم السلمي رضي الله عنه وكان جاهلا بالحكم-لأنهم كانوا في أول الإسلام يتكلمون في الصلاة، ثُمَّ نهوا عن الكلام- لم يأمره النبي صلى الله عليه وسلم بإعادة الصلاة، فدل على أن الجاهل إذا تكلم في الصلاة فصلاته صحيحة، ومثله الناسي- أيضًا- فقد جاء في الصحيحين من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ انْصَرَفَ مِنَ اثْنَتَيْنِ، فَقَالَ لَهُ ذُو الْيَدَيْنِ: أَقَصُرَتِ الصَّلَاةُ، أَمْ نَسِيتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:((أَصَدَقَ ذُو الْيَدَيْنِ؟ ! ))
(1)
، ثُمَّ لم يعد رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة ولم يأمرهم بإعادة.
أما إذا تكلم المصلي عالمًا عامدًا فبان منه حرفان- لأنه أقل الكلام- بطلت صلاته، لقوله صلى الله عليه وسلم:((إِنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ، إِنَّمَا هُوَ التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ))، حتى قال بعض العلماء: إذا تنحنح فبان منه حرفان بطلت صلاته، لكن الأقرب أن النحنحة يُعفى عنها.
2 -
حسنُ خلق النبي صلى الله عليه وسلم، فقد قال معاوية بن الحكم رضي الله عنه:((فَوَاللَّهِ مَا كَهَرَنِي، وَلَا ضَرَبَنِي، وَلَا شَتَمَنِي))، يعني: ما انتهره ولا زجره؛ فينبغي للدعاة أن يتأسوا به عليه الصلاة والسلام في دعوتهم إلى الله، والأصل أن تكون الدعوة بالرفق واللين، كما قال الله تعالى:{ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة} ؛ لأن هذا أدعى إلى القبول، إلا من ظلم وتعدى الحد فإنه
(1)
أخرجه البخاري (714)، ومسلم (574).
يُسلَكُ معه مسلكُ الشدة؛ لقوله تعالى: {ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم} .
3 -
فيه دليل على أن الإشارة في الصلاة والعمل القليل لا يبطلها، ومن الإشارة اليسيرة التي لا تبطل الصلاة: رد السلام، فعنْ أَسْمَاءَ رضي الله عنها، قَالَتْ: أَتَيْتُ عَائِشَةَ وَهِيَ تُصَلِّي، فَقُلْتُ: مَا شَأْنُ النَّاسِ؟ فَأَشَارَتْ إِلَى السَّمَاءِ، فَإِذَا النَّاسُ قِيَامٌ، فَقَالَتْ: سُبْحَانَ اللَّهِ! قُلْتُ: آيَةٌ، فَأَشَارَتْ بِرَأْسِهَا: أَيْ نَعَمْ
(1)
.
4 -
تحريم الكهانة، وهي: ادعاء العلم بمغيبات المستقبل؛ فقد جاء في الحديث الصحيح قوله صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً))
(2)
، وقال:((مَنْ أَتَى عَرَّافًا، أَوْ كَاهِنًا، فَصَدَّقَهُ فِيمَا يَقُولُ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وآله وسلم)
(3)
.
ولما سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الكهان، قال:((لَيْسُوا بِشَيْءٍ))
(4)
، يعني: أن أخبارهم لا يوثق بها، ولا ينبغي سؤالهم، ولا الإتيان إليهم.
5 -
تحريم التطير، وهو التشاؤم بالطيور، أو بالأسماء، أو بالألفاظ، أو بالبقاع، أو بالأشخاص، قال النبي صلى الله عليه وسلم:((لَيْسَ مِنَّا مَنْ تَطَيَّرَ، أَوْ تُطِيَّرَ لَهُ، أَوْ تَكَهَّنَ، أَوْ تُكِهِّنَ لَهُ، أَوْ سَحَرَ، أَوْ سُحِرَ لَهُ، وَمَنْ عَقَدَ عُقْدَةً، وَمَنْ أَتَى كَاهِنًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ))
(5)
.
ومن الشعوذة والكهانة: الخط في الأرض للإخبار عن المغيبات في المستقبل، والإخبار عن مكان المسروق، كل هذا من أنواع الكهانة المحرمة، فلا يجوز أن يخط خطًّا في الأرض يستدل به على علم الغيب، أو
(1)
أخرجه البخاري (86)، ومسلم (907).
(2)
أخرجه مسلم (2233).
(3)
أخرجه أحمد (9082)، وابن ماجه (639)، والحاكم (14).
(4)
أخرجه البخاري (6213)، ومسلم (2231).
(5)
أخرجه البزار في مسنده (3578) البحر الزخار. والطبراني في الكبير (355).
يرمي بالحصى، ومثله الذي يقرأ الفنجان، ومثله الذي يفتح الكتاب، ويُحضِّر الجنَّ، كل هذا من أنواع الشعوذة والسحر والكهانة.
وقوله: ((كَانَ نَبِيٌّ مِنَ الأَنْبِيَاءِ يَخُطُّ، فَمَنْ وَافَقَ خَطَّهُ فَذَاكَ)) معناه: من وافق خطه فهو مباح له، ولكن لا طريق لنا إلى العلم اليقيني بالموافقة، فلا يباح، فالمقصود: أنه حرام؛ لأنه لا يباح إلا بيقين الموافقة، وليس لنا يقين بها، وإنما قال النبي صلى الله عليه وسلم:((فَمَنْ وَافَقَ خَطَّهُ فَذَاكَ)) ولم يقل: هو حرام، بغير تعليق على الموافقة؛ لئلا يتوهم متوهم أن هذا النهي يدخل فيه ذاك النبي الذي كان يخط، فحافظ النبي صلى الله عليه وسلم على حرمة ذاك النبي، مع بيان الحكم في حقنا.
وقوله: ((وَالْجَوَّانِيَّةِ)) مكان قِبَلَ أحد.
6 -
دليل على أنه لا يجوز ضرب الخادمة والعبد إذا لم يقصر في حفظ ما وُكِلَ إليه رعايته، وأنه لا يلام ولا يضرب، ما لم يفرِّط.
7 -
دليل على أن الكفارة لمن ضرب عبده أن يعتقه، وجاء في حديث آخر أنه ضرب أحدهم عبده وأعتقه، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:((أَمَا لَوْ لَمْ تَفْعَلْ لَلَفَحَتْكَ النَّارُ- أَوْ: لَمَسَّتْكَ النَّارُ))
(1)
.
8 -
فائدة عظيمة تتعلق بالعقيدة، والرد على أهل البدع من الجهمية والمعتزلة، وهي: أن الله تعالى في السماء، وأن الله في العلو.
والسماء تطلق على:
أالعلو، وله سبحانه أعلى العلو، وهو فوق العرش.
ب الأجرام المبنية وهي السماوات وفوقها العرش.
فهذا رد على المبتدعة القائلين: إن الله في كل مكان، تعالى الله عما يقولون، وهذا كفر وردة، وبعضهم ينفون ويقولون: لا هو داخل العالم ولا
(1)
أخرجه مسلم (1661).
خارجه، ولا فوقه ولا تحته، ولا مغاير له ولا مخالط، ولا متصل به ولا منفصل عنه، وهذا قول طائفة أخرى من المبتدعة، وكلاهما ينفون العلو، نعوذ بالله من ذلك.
9 -
فيه دليل على أنه يسأل عن الله بـ ((أين))، و ((أين)) يسأل بها عن المكان، والجهمية والمعتزلة يقولون: لا يسأل عن الله بـ ((أين))، ويقولون: إن الرسول صلى الله عليه وسلم وجه الخطاب إلى الجارية يخاطبها على مقدار عقلها، وإلا فإن إثبات المكان لله فيه تنقص منه؛ فالسؤال فاسد لا يصلح، والجواب كذلك- والعياذ بالله-، ويقولون: إن مقصد الرسول: ((مَنِ الله؟ )) وليس مقصده أن يقول: ((أين الله؟ )).
وللرد عليهم نقول: إن الرسول صلى الله عليه وسلم هو أفصح الناس، فكيف لا يستطيع أن يقول:((من الله؟ )) بدلًا من: ((أين الله؟ ))، لكنهم قالوا هذا فرارًا من إثبات المكان، وأن الله في العلو، والله سبحانه وتعالى له علو الذات، فقد علا بذاته، وله علو القدر والشأن، وله علو القهر والسلطان والعظمة، وهذه هي أنواع العلو الثلاثة.
قال ابن القيم رحمه الله:
والفوقُ أنواعٌ ثلاثةُ كلُّها
…
للهِ ثابتةٌ بلا نُكْرانِ
(1)
وقد صنف العلماء مؤلفات في الرد على الجهمية في إنكار العلو، كشيخ الإسلام ابن تيمية، فله:((الحموية))، و ((التدمرية))، و ((الواسطية))، وغيرها في الرد على الجهمية، وكلها رد على هؤلاء في إنكار العلو، والرؤية، والاستواء، وهذه الصفات الثلاث من أنكرها فهو من أهل البدع، ومن أثبتها فهو من أهل السنة.
10 -
أن النبي صلى الله عليه وسلم شهد لهذه الجارية بالإيمان لما أخبرت وآمنت أن الله
(1)
الكافية الشافية، لابن القيم (ص 75).
في السماء، فدل على أن القول بأن الله في السماء إيمان.
11 -
أن من شهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، حُكم له بالإيمان وشُهد له به، كما شهد النبي صلى الله عليه وسلم لهذه الجارية.
[538]
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، وَابْنُ نُمَيْرٍ، وَأبو سعيد الأشج- وألفاظهم متقاربة- قَالُوا: حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كُنَّا نُسَلِّمُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ، فَيَرُدُّ عَلَيْنَا، فَلَمَّا رَجَعْنَا مِنْ عِنْدِ النَّجَاشِيِّ، سَلَّمْنَا عَلَيْهِ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْنَا، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كُنَّا نُسَلِّمُ عَلَيْكَ فِي الصَّلَاةِ، فَتَرُدُّ عَلَيْنَا؟ فَقَالَ:((إِنَّ فِي الصَّلَاةِ شُغْلًا)).
[خ: 1199]
حَدَّثَنِي ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ السَّلُولِيُّ، حَدَّثَنَا هُرَيْمُ بْنُ سُفْيَانَ عَنِ الأَعْمَشِ، بِهَذَا الإِسْنَادِ نَحْوَهُ.
قوله: ((يَا رَسُولَ اللَّهِ، كُنَّا نُسَلِّمُ عَلَيْكَ فِي الصَّلَاةِ، فَتَرُدُّ عَلَيْنَا؟ )) كانوا يتكلمون في الصلاة في أول الإسلام، كان يسلم بعضهم على بعضهم، ويردون السلام، ثُمَّ نُسخ ذلك ونهوا عن الكلام، وصار رد السلام بالإشارة.
فَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما قال: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ إِلَى قُبَاءَ يُصَلِّي فِيهِ قَالَ: فَجَاءَتْهُ الْأَنْصَارُ، فَسَلَّمُوا عَلَيْهِ وَهُوَ يُصَلِّي قَالَ: فَقُلْتُ لِبِلَالٍ: كَيْفَ رَأَيْتَ رَسُولَ اللَّهِ يَرُدُّ عَلَيْهِمْ حِينَ كَانُوا يُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ وَهُوَ يُصَلِّي؟ قَالَ: يَقُولُ هَكَذَا: وَبَسَطَ كَفَّهُ، وَبَسَطَ جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ كَفَّهُ، وَجَعَلَ بَطْنَهُ أَسْفَلَ، وَجَعَلَ ظَهْرَهُ إِلَى فَوْقٍ
(1)
.
(1)
أخرجه أبو داود (927)، والبيهقي في الكبرى (3158).
[539]
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ شُبَيْلٍ عَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ: كُنَّا نَتَكَلَّمُ فِي الصَّلَاةِ، يُكَلِّمُ الرَّجُلُ صَاحِبَهُ وَهُوَ إِلَى جَنْبِهِ فِي الصَّلَاةِ، حَتَّى نَزَلَتْ:{وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} ، فَأُمِرْنَا بِالسُّكُوتِ وَنُهِينَا عَنِ الْكَلَامِ.
[خ: 5434]
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ، وَوَكِيعٌ. ح، قَالَ: وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، كُلُّهُمْ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، بِهَذَا الإِسْنَادِ نَحْوَهُ.
[540]
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ. ح، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ، أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَنِي لِحَاجَةٍ، ثُمَّ أَدْرَكْتُهُ وَهُوَ يَسِيرُ، قَالَ قُتَيْبَةُ: يُصَلِّي، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَأَشَارَ إِلَيَّ، فَلَمَّا فَرَغَ دَعَانِي، فَقَالَ:((إِنَّكَ سَلَّمْتَ آنِفًا وَأَنَا أُصَلِّي))، وَهُوَ مُوَجِّهٌ- حِينَئِذٍ- قِبَلَ الْمَشْرِقِ.
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: أَرْسَلَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ مُنْطَلِقٌ إِلَى بَنِي الْمُصْطَلِقِ، فَأَتَيْتُهُ- وَهُوَ يُصَلِّي عَلَى بَعِيرِهِ- فَكَلَّمْتُهُ، فَقَالَ لِي بِيَدِهِ هَكَذَا، وَأَوْمَأَ زُهَيْرٌ بِيَدِهِ، ثُمَّ كَلَّمْتُهُ، فَقَالَ لِي: هَكَذَا، فَأَوْمَأَ زُهَيْرٌ- أيضًا- بِيَدِهِ نَحْوَ الأَرْضِ، وَأَنَا أَسْمَعُهُ يَقْرَأُ يُومِئُ بِرَأْسِهِ، فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ:((مَا فَعَلْتَ فِي الَّذِي أَرْسَلْتُكَ لَهُ؟ فَإِنَّهُ لَمْ يَمْنَعْنِي أَنْ أُكَلِّمَكَ إِلَّا أَنِّي كُنْتُ أُصَلِّي))، قَالَ زُهَيْرٌ: وَأَبُو الزُّبَيْرِ جَالِسٌ مُسْتَقْبِلَ الْكَعْبَةِ، فَقَالَ بِيَدِهِ أَبُو الزُّبَيْرِ إِلَى بَنِي الْمُصْطَلِقِ، فَقَالَ بِيَدِهِ إِلَى غَيْرِ الْكَعْبَةِ.
حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ الْجَحْدَرِيُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ كَثِيرٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَبَعَثَنِي فِي حَاجَةٍ، فَرَجَعْتُ وَهُوَ يُصَلِّي عَلَى رَاحِلَتِهِ، وَوَجْهُهُ عَلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيَّ، فَلَمَّا
انْصَرَفَ قَالَ: ((إِنَّهُ لَمْ يَمْنَعْنِي أَنْ أَرُدَّ عَلَيْكَ إِلَّا أَنِّي كُنْتُ أُصَلِّي)).
وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ، حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ شِنْظِيرٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَاجَةٍ، بِمَعْنَى حَدِيثِ حَمَّاد.
[خ: 1217]
في هذه الأحاديث:
1 -
بيان مشروعية صلاة النافلة على الراحلة دون التوجه إلى القبلة، فيصلي إلى جهة سيره، فإذا كان السير طريقه إلى جهة الشرق صلى إلى الشرق، وإذا كان جهة الغرب صلى إلى الغرب، أما الفريضة فلا بد أن ينزل ويصلي على الأرض.
مسألة: اختلف العلماء: هل يجب استقبال القبلة عند تكبيرة الإحرام أم لا؟
الجواب: جاء في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم: ((كَانَ إِذَا سَافَرَ فَأَرَادَ أَنْ يَتَطَوَّعَ اسْتَقْبَلَ بِنَاقَتِهِ الْقِبْلَةَ فَكَبَّرَ، ثُمَّ صَلَّى حَيْثُ وَجَّهَهُ رِكَابُهُ))
(1)
، وهذا أحسن وأحوط.
فرع: أما إذا كان يصلي في السيارة، أو يصلي في الطائرة نافلةً فالظاهر أنه لا بد أن يستدير مع القبلة؛ لأنها ليست مثل الراحلة؛ لاستقرارها، فقد ذكر العلماء أنه إذا كان يصلي في المحفة- التي مثل الهودج- فإنه يستدير مع القبلة، والطائرة والسيارة مثل المحفة فيستدير مع القبلة حيث دارت
(2)
.
2 -
دليل على أنه لا بأس من الإشارة بالرأس، أو باليد في الصلاة.
(1)
أخرجه أبو داود (1225)، والبيهقي في الكبرى (2011).
(2)
درر الحكام، لملا خسرو (1/ 131)، المدونة، لمالك بن أنس (1/ 210)، كفاية الأخيار، لتقي الدين الشافعي (ص 101)، شرح منتهى الإرادات، للبهوتي (1/ 169)، الإنصاف، للمرداوي (2/ 4)، بدائع الفوائد، لابن القيم (4/ 108)، فتاوى ابن باز (29/ 211)، فتاوى نور على الدرب، لابن باز (13/ 78 - 81).
3 -
أن العمل القليل لا يؤثر في الصلاة؛ كالإشارة باليد، والإشارة بالرأس، والخطوات اليسيرة، فَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: جِئْتُ وَرَسُولُ اللَّهِ يُصَلِّي فِي الْبَيْتِ، وَالْبَابُ عَلَيْهِ مُغْلَقٌ، فَمَشَى حَتَّى فَتَحَ لِي، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مَكَانِهِ، وَوَصَفَتِ الْبَابَ فِي الْقِبْلَةِ
(1)
.
وعَنْ أَبِي قَتَادَةَ رضي الله عنه: أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصَلِّي وَهُوَ حَامِلٌ أُمَامَةَ بِنْتَ زَيْنَبَ، بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَبِي الْعَاصِ بْنِ الرَّبِيعِ، فَإِذَا قَامَ حَمَلَهَا، وَإِذَا سَجَدَ وَضَعَهَا
(2)
.
وكذلك لما صلى عليه الصلاة والسلام على المنبر سَجَدَ فِي أَصْلِ الْمِنْبَرِ، فكان إذا أراد أن يسجد تأخر وسجد على الأرض، فإذا قام تقدم على المنبر، وقال النبي صلى الله عليه وسلم:((إِنَّمَا صَنَعْتُ هَذَا لِتَأْتَمُّوا، وَلِتَعَلَّمُوا صَلَاتِي))
(3)
.
(1)
أخرجه أحمد (25440)، والترمذي (601).
(2)
أخرجه مسلم (544).
(3)
أخرجه البخاري (917)، ومسلم (546).