الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كِتَابُ الْمَسَاجِدِ وَمَوَاضِعِ الصَّلَاةِ
كِتَابُ الْمَسَاجِدِ وَمَوَاضِعِ الصَّلَاةِ
[520]
حَدَّثَنِي أَبُو كَامِلٍ الْجَحْدَرِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ. ح، قَالَ: وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبُو كُرَيْبٍ قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ مَسْجِدٍ وُضِعَ فِي الأَرْضِ أَوَّلُ؟ قَالَ:((الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ))، قُلْتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: ((الْمَسْجِدُ الأَقْصَى))، قُلْتُ: كَمْ بَيْنَهُمَا؟ قَالَ: ((أَرْبَعُونَ سَنَةً، وَأَيْنَمَا أَدْرَكَتْكَ الصَّلَاةُ فَصَلِّ، فَهُوَ مَسْجِدٌ)).
[خ: 336]
في هذا الحديث: بيان فضل الله تعالى وإحسانه لعباده من هذه الأمة: حيث جعل لهم الأرض مسجدًا وطهورًا، بخلاف الأمم السابقة؛ فإنهم لا يصلون إلا في أماكن العبادة الخاصة كالكنائس، وإذا كانوا بعيدين عنها جمعوا الصلوات حتى يصلوها في مكان عبادتهم.
أما هذه الأمة فإن الله تعالى تفضل عليها، وأحسن إليها، وجعل الأرض كلها لها مسجدًا وطهورًا، كما قال صلى الله عليه وسلم:((وَأَيْنَمَا أَدْرَكَتْكَ الصَّلَاةُ فَصَلِّ))، أي: في أي أرض من أرض الله.
وهناك مواضع مستثناة من هذا التعميم، وردت في قوله صلى الله عليه وسلم:((سَبْعُ مَوَاطِنَ لَا تَجُوزُ فِيهَا الصَّلَاةُ: ظَاهِرُ بَيْتِ اللَّهِ، وَالْمَقْبَرَةُ، وَالْمَزْبَلَةُ، وَالْمَجْزَرَةُ، وَالْحَمَّامُ، وَعَطَنُ الْإِبِلِ، وَمَحَجَّةُ الطَّرِيقِ))
(1)
، فهذه المواضع لا يصلَّى فيها.
(1)
أخرجه ابن ماجه (747)، والبزار (161 (البحر الزخار.
وفيه: أن أول مسجد وضع في الأرض: المسجد الحرام، وبناه إبراهيم الخليل عليه السلام، وبنى الكعبة هو وابنه إسماعيل عليه السلام، ثُمَّ المسجد الأقصى، بناه حفيدُ إبراهيمَ يعقوبُ عليهم السلام، وبينهما أربعون سنة، ثُمَّ ثالث المساجد: مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، وهو آخرها بناءً.
حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ السَّعْدِيُّ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يَزِيدَ التَّيْمِيِّ قَالَ: كُنْتُ أَقْرَأُ عَلَى أَبِي الْقُرْآنَ فِي السُّدَّةِ، فَإِذَا قَرَأْتُ السَّجْدَةَ سَجَدَ، فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَبَتِ، أَتَسْجُدُ فِي الطَّرِيقِ؟ قَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ أَبَا ذَرٍّ يقول: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ أَوَّلِ مَسْجِدٍ وُضِعَ فِي الأَرْضِ، قَالَ:((الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ))، قُلْتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: ((الْمَسْجِدُ الأَقْصَى))، قُلْتُ: كَمْ بَيْنَهُمَا؟ قَالَ: ((أَرْبَعُونَ عَامًا، ثُمَّ الأَرْضُ لَكَ مَسْجِدٌ، فَحَيْثُمَا أَدْرَكَتْكَ الصَّلَاةُ فَصَلِّ)).
قوله: ((السُّدَّةِ)) مكان رحب حول المسجد، ومنه سمي السُّدِّي
(1)
؛ لأنه كان يبيع في سدة المسجد مما حوله، كما يبيع الناس الآن حول المساجد.
(1)
إسماعيل بن عبد الرحمن ابن أبي كريمة السُّدِّي- بضم المهملة وتشديد الدال- أبو محمد الكوفي، صدوق مات سنة 127 هـ، روى له مسلم، وأصحاب السنن. تقريب التهذيب، لابن حجر (ص 463).
[521]
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ عَنْ سَيَّارٍ عَنْ يَزِيدَ الْفَقِيرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ قَبْلِي: كَانَ كُلُّ نَبِيٍّ يُبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً، وَبُعِثْتُ إِلَى كُلِّ أَحْمَرَ وَأَسْوَدَ، وَأُحِلَّتْ لِيَ الْغَنَائِمُ، وَلَمْ تُحَلَّ لِأَحَدٍ قَبْلِي، وَجُعِلَتْ لِيَ الأَرْضُ طَيِّبَةً طَهُورًا وَمَسْجِدًا، فَأَيُّمَا رَجُلٍ أَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ صَلَّى حَيْثُ كَانَ، وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ بَيْنَ يَدَيْ مَسِيرَةِ شَهْرٍ، وَأُعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ)).
[خ: 438]
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا سَيَّارٌ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ الْفَقِيرُ، أَخْبَرَنَا جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: فَذَكَرَ نَحْوَهُ.
[522]
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنْ أَبِي مَالِكٍ الأَشْجَعِيِّ عَنْ رِبْعِيٍّ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((فُضِّلْنَا عَلَى النَّاسِ بِثَلَاثٍ: جُعِلَتْ صُفُوفُنَا كَصُفُوفِ الْمَلَائِكَةِ، وَجُعِلَتْ لَنَا الأَرْضُ كُلُّهَا مَسْجِدًا، وَجُعِلَتْ تُرْبَتُهَا لَنَا طَهُورًا إِذَا لَمْ نَجِدِ الْمَاءَ، وَذَكَرَ خَصْلَةً أُخْرَى)).
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ سَعْدِ ابْنِ طَارِقٍ، حَدَّثَنِي رِبْعِيُّ بْنُ حِرَاشٍ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، بِمِثْلِهِ.
[523]
وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَعَلِيُّ ابْنُ حُجْرٍ قَالُوا: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ- وَهُوَ ابْنُ جَعْفَرٍ- عَنِ الْعَلَاءِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((فُضِّلْتُ عَلَى الأَنْبِيَاءِ بِسِتٍّ: أُعْطِيتُ جَوَامِعَ الْكَلِمِ، وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ، وَأُحِلَّتْ لِيَ الْغَنَائِمُ، وَجُعِلَتْ لِيَ الأَرْضُ طَهُورًا وَمَسْجِدًا، وَأُرْسِلْتُ إِلَى الْخَلْقِ كَافَّةً، وَخُتِمَ بِيَ النَّبِيُّونَ)).
حَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ، وَحَرْمَلَةُ قَالَا: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((بُعِثْتُ بِجَوَامِعِ الْكَلِمِ، وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ، وَبَيْنَا أَنَا نَائِمٌ أُتِيتُ بِمَفَاتِيحِ
خَزَائِنِ الأَرْضِ، فَوُضِعَتْ بَيْنَ يَدَيَّ)). قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَذَهَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَنْتُمْ تَنْتَثِلُونَهَا.
[خ: 2977]
وَحَدَّثَنَا حَاجِبُ بْنُ الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ عَنِ الزُّبَيْدِيِّ عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ مِثْلَ حَدِيثِ يُونُسَ.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، وَعَبْدُ بْنُ حميد قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ عَنِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِمِثْلِهِ.
[524]
وَحَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ عَنْ أَبِي يُونُسَ- مَوْلَى أَبِي هُرَيْرَةَ-: أَنَّهُ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: ((نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ عَلَى الْعَدُوِّ، وَأُوتِيتُ جَوَامِعَ الْكَلِمِ، وَبَيْنَمَا أَنَا نَائِمٌ أُتِيتُ بِمَفَاتِيحِ خَزَائِنِ الأَرْضِ، فَوُضِعَتْ فِي يَدَيَّ)).
[خ: 428]
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ قَالَ: هَذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَذَكَرَ أَحَادِيثَ، مِنْهَا: وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ، وَأُوتِيتُ جَوَامِعَ الْكَلِمِ)).
في هذه الأحاديث: بيان ذكر خصائص النبي صلى الله عليه وسلم.
وقوله: ((أَحْمَرَ وَأَسْوَدَ)) في المراد بالأحمر والأسود قولان
(1)
:
القول الأول: أن المراد بالأحمر: العجم، والأسود: العرب؛ لأن فيهم سمرة.
القول الثاني: أن المراد بهم: الجن، والإنس.
وكل هذا صحيح، فهو صلى الله عليه وسلم مبعوث إلى العرب والعجم، وإلى الجن والإنس.
(1)
شرح مسلم، للنووي (5/ 5).
وفيها: أن حل الغنائم من خصائص هذه الأمة، وكانت الأمم السابقة تجمع الغنائم، فإذا قبلها الله جاءت نار من السماء فأكلتها.
وقوله: ((وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ بَيْنَ يَدَيْ مَسِيرَةِ شَهْرٍ))، أي: أنه إذا كان بينه وبين العدو مسافة شهر خاف العدو ورعب، وكذلك من تبع النبي صلى الله عليه وسلم، واقتدى به، واتبع سنته، وعمل بشرعه، ونصر دينه- ينصره الله على عدوه بالرعب.
وفيها: أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطي الشفاعة العظمى يوم القيامة.
وقوله: ((وَجُعِلَتْ لِيَ الأَرْضُ طَهُورًا وَمَسْجِدًا)) استدل به المحققون على أن الماء مطهر، وأنه رافع للحدث، وأن التراب- أيضًا- مطهر كالماء إذا عدم الماء، وأن التيمم يرفع الحدث، فلا يبطل إلا إذا وجد ناقض من نواقض الوضوء، أو وجد الماء.
وذهب جمهور الفقهاء إلى أن التيمم مبيح لا رافع، وأنه يبطل بخروج الوقت
(1)
، والصواب: أنه كالماء يرفع ويصلي به وقتًا، ووقتين، وثلاثة، وأربعة، ما لم يُحدث.
وقوله: ((تَنْتَثِلُونَهَا))، يعني: تستخرجون ما في خزائن الأرض من الكنوز في الفتوحات، ومن ذلك: كنوز كسرى وقيصر لما فُتحت، كأن أبا هريرة رضي الله عنه يقول: مضى النبي صلى الله عليه وسلم إلى ربه، وأنتم الآن تستخرجون هذه الكنوز بالفتوحات.
وقوله: ((وَأُوتِيتُ جَوَامِعَ الْكَلِمِ)) جوامع الكلم: القرآن والسنة، كقول الرسول صلى الله عليه وسلم:((قُلْ آمَنْتُ بِاللَّهِ، ثُمَّ اسْتَقِمْ))
(2)
، فهذا من جوامع الكلم، لأنه يجمع الدين كله؛ ومنه: قوله صلى الله عليه وسلم: ((الدِّينُ النَّصِيحَةُ))
(3)
.
(1)
حاشية الدسوقي، للدردير (1/ 155)، مغني المحتاج، للخطيب الشربيني (1/ 262 - 263)، الإنصاف، للمرداوي (1/ 296).
(2)
أخرجه مسلم (38).
(3)
أخرجه مسلم (55).