الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ صَلَاةِ اللَّيْلِ، وَعَدَدِ رَكَعَاتِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي اللَّيْلِ، وَأَنَّ الْوِتْرَ رَكْعَةٌ، وَأَنَّ الرَّكْعَةَ صَلَاةٌ صَحِيحَةٌ
[736]
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصَلِّي بِاللَّيْلِ إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، يُوتِرُ مِنْهَا بِوَاحِدَةٍ، فَإِذَا فَرَغَ مِنْهَا اضْطَجَعَ عَلَى شِقِّهِ الأَيْمَنِ، حَتَّى يَأْتِيَهُ الْمُؤَذِّنُ، فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ.
وَحَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ- زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي فِيمَا بَيْنَ أَنْ يَفْرُغَ مِنْ صَلَاةِ الْعِشَاءِ- وَهِيَ الَّتِي يَدْعُو النَّاسُ الْعَتَمَةَ- إِلَى الْفَجْرِ إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، يُسَلِّمُ بَيْنَ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ، وَيُوتِرُ بِوَاحِدَةٍ، فَإِذَا سَكَتَ الْمُؤَذِّنُ مِنْ صَلَاةِ الْفَجْرِ، وَتَبَيَّنَ لَهُ الْفَجْرُ وَجَاءَهُ الْمُؤَذِّنُ، قَامَ فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ، ثُمَّ اضْطَجَعَ عَلَى شِقِّهِ الأَيْمَنِ، حَتَّى يَأْتِيَهُ الْمُؤَذِّنُ لِلإِقَامَةِ.
وَحَدَّثَنِيهِ حَرْمَلَةُ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ بِهَذَا الإِسْنَادِ، وَسَاقَ حَرْمَلَةُ الْحَدِيثَ بِمِثْلِهِ، غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ: وَتَبَيَّنَ لَهُ الْفَجْرُ، وَجَاءَهُ الْمُؤَذِّنُ، وَلَمْ يَذْكُرْ: الإِقَامَةَ، وَسَائِرُ الْحَدِيثِ بِمِثْلِ حَدِيثِ عَمْرٍ وَسَوَاءً.
[737]
وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبُو كُرَيْبٍ قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ. ح، وَحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً، يُوتِرُ مِنْ ذَلِكَ بِخَمْسٍ، لَا يَجْلِسُ فِي شَيْءٍ إِلَّا فِي آخِرِهَا.
وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ. ح، وَحَدَّثَنَاهُ أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، وَأَبُو أُسَامَةَ، كُلُّهُمْ عَنْ هِشَامٍ بِهَذَا الإِسْنَادِ.
وَحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ عِرَاكِ
بْنِ مَالِكٍ عَنْ عُرْوَةَ: أَنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصَلِّي ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً بِرَكْعَتَيِ الْفَجْرِ.
[738]
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ: كَيْفَ كَانَتْ صَلَاةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي رَمَضَانَ؟ قَالَتْ: مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَزِيدُ فِي رَمَضَانَ، وَلَا فِي غَيْرِهِ عَلَى إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، يُصَلِّي أَرْبَعًا، فَلَا تَسْأَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي أَرْبَعًا، فَلَا تَسْأَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي ثَلَاثًا، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَتَنَامُ قَبْلَ أَنْ تُوتِرَ؟ فَقَالَ:((يَا عَائِشَةُ، إِنَّ عَيْنَيَّ تَنَامَانِ، وَلَا يَنَامُ قَلْبِي)).
[خ: 1140]
قول عائشة رضي الله عنها: ((فَلَا تَسْأَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ))، تعني: أنه عليه الصلاة والسلام كان يحسنها ويقيمها، وكانت صلاته طويلة عليه الصلاة والسلام.
وقولها رضي الله عنها: ((ثُمَّ يُصَلِّي أَرْبَعًا، فَلَا تَسْأَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ))، يعني: يصلي أربع ركعات بسلامين، وليس المراد أنه كان يسردها بسلام واحد، كما دلت على ذلك الأحاديث الأخرى، والسنة يفسر بعضها بعضًا.
وقولها رضي الله عنها: ((اضْطَجَعَ عَلَى شِقِّهِ الأَيْمَنِ، حَتَّى يَأْتِيَهُ الْمُؤَذِّنُ لِلإِقَامَةِ)): هذا الاضطجاع لا ينقض الوضوء؛ لأن عينيه تنام ولا ينام قلبه، وهذا من خصائصه صلى الله عليه وسلم كما قال سفيان
(1)
، أما غيره فإن النوم ناقض له؛ لقوله عليه الصلاة والسلام:((وَلَكِنْ مِنْ غَائِطٍ وَبَوْلٍ وَنَوْمٍ))
(2)
، ولقوله:((إنَّ الْعَيْنَيْنِ وِكَاءُ السَّهِ، فَإِذَا نَامَتْ الْعَيْنَانِ اسْتُطْلِقَ الْوِكَاءُ))
(3)
.
(1)
مسلم (763).
(2)
أخرجه أحمد (17625)، والترمذي (96)، والنسائي (158).
(3)
أخرجه عبد الله بن أحمد في زوائد المسند (16437).
وفي هذه الأحاديث: بيان مشروعية قيام الليل، واستحباب الوتر، وأن صلاة الوتر تكون بعد صلاة العشاء إلى طلوع الفجر، وصلاة الليل وصلاة الوتر واحدة، فتسمى صلاةَ الوتر، وتسمى قيامَ الليل.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يوتر بإحدى عشرة ركعة، أو بثلاث عشرة ركعة، وكان يحافظ على قيام الليل، وكان في الغالب يصلى إحدى عشرة ركعة، كما في حديث عائشة رضي الله عنها:((مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَزِيدُ فِي رَمَضَانَ وَلَا فِي غَيْرِهِ عَلَى إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً))، يعني: في الغالب، وربما زاد، كما سبق في حديث عائشة رضي الله عنها أنه أوتر بثلاث عشرة ركعة صلاهن بتسليمة واحدة، وفي الحديث الآخر: أنه صلى ثلاث عشرة ركعة منهن ركعتا الفجر، وفي حديث آخر: أنه أوتر بتسع وبسبع، فدل على أن صلاة النبي عليه السلام متنوعة، لكن الأفضل إحدى عشرة ركعة، أو ثلاث عشرة ركعة.
فلا بأس أن يوتر المسلم بثلاث ركعات يسردها سردًا، أو بخمس يسردهن سردًا، أو بسبع يسردهن سردًا، أو بتسع، لكن يجلس في الثامنة يتشهد، ثم يأتي بالتاسعة ثم يتشهد ويسلم، كل هذا ثابت عنه صلى الله عليه وسلم.
وفيها: مشروعية الاضطجاع على الشق الأيمن بعد ركعتي الفجر في البيت اضطجاعة خفيفة؛ لأنه لم ينقل عن الصحابة أنهم كانوا يضطجعون في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم.
وهذه الاضطجاعة مستحبة عند الجمهور
(1)
، وقال ابن حزم رحمه الله: إنها واجبة، وأن من لم يضطجع لا تصح صلاته
(2)
، وهذا القول مبالغة منه، والراجح: أنها مستحبة اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم.
(1)
حاشية الدر المختار، لابن عابدين (2/ 21)، روضة الطالبينن، للنووي (1/ 338)، المغني، لابن قدامة (2/ 94).
(2)
المحلى، لابن حزم (3/ 196، 200).
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ عَنْ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: كَانَ يُصَلِّي ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً، يُصَلِّي ثَمَانَ رَكَعَاتٍ، ثُمَّ يُوتِرُ، ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ قَامَ فَرَكَعَ، ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ بَيْنَ النِّدَاءِ وَالإِقَامَةِ مِنَ صَلَاةِ الصُّبْحِ.
وَحَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ. ح، وَحَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ بِشْرٍ الْحَرِيرِيُّ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ- يَعْنِي: ابْنَ سَلَّامٍ- عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ: أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ عَنْ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِمِثْلِهِ، غَيْرَ أَنَّ فِي حَدِيثِهِمَا: تِسْعَ رَكَعَاتِ قَائِمًا، يُوتِرُ مِنْهُنَّ.
في هذا الحديث: جواز الصلاة بعد الوتر؛ لأن النبي صلى ثلاث عشرة ركعة، ثم صلى ركعتين خفيفتين بعد الوتر، فإذا أوتر الإنسان في أول الليل، ثم يسر الله له القيام في آخر الليل فيقوم ويصلي بدون وتر، ويكفي الوتر السابق، وكذلك لو صلى في آخر الليل وأوتر وظن أن الفجر قرب، ثم تبين له أنه بقي بقية من الليل وأحب أن يصلي فلا بأس.
وَحَدَّثَنَا عَمْرٌو النَّاقِدُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي لَبِيدٍ سَمِعَ أَبَا سَلَمَةَ قَالَ: أَتَيْتُ عَائِشَةَ، فَقُلْتُ: أَيْ أُمّهْ أَخْبِرِينِي عَنْ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَتْ: كَانَتْ صَلَاتُهُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ وَغَيْرِهِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً بِاللَّيْلِ، مِنْهَا رَكْعَتَا الْفَجْرِ.
حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا حَنْظَلَةُ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ تَقُولُ: كَانَتْ صَلَاةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ اللَّيْلِ عَشَرَ رَكَعَاتٍ، وَيُوتِرُ بِسَجْدَةٍ، وَيَرْكَعُ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ، فَتْلِكَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً.
[739]
وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ. ح، وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: سَأَلْتُ الأَسْوَدَ بْنَ يَزِيدَ عَمَّا حَدَّثَتْهُ عَائِشَةُ عَنْ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَتِ: كَانَ يَنَامُ أَوَّلَ اللَّيْلِ وَيُحْيِي آخِرَهُ، ثُمَّ إِنْ كَانَتْ لَهُ حَاجَةٌ إِلَى أَهْلِهِ قَضَى حَاجَتَهُ، ثُمَّ يَنَامُ، فَإِذَا كَانَ عِنْدَ النِّدَاءِ الأَوَّلِ قَالَتْ: وَثَبَ- وَلَا وَاللَّهِ مَا قَالَتِ: قَامَ- فَأَفَاضَ عَلَيْهِ الْمَاءَ- وَلَا وَاللَّهِ مَا قَالَتِ: اغْتَسَلَ، وَأَنَا أَعْلَمُ مَا تُرِيدُ- وَإِنْ لَمْ يَكُنْ جُنُبًا تَوَضَّأَ وُضُوءَ الرَّجُلِ لِلصَّلَاةِ، ثُمَّ صَلَّى الرَّكْعَتَيْنِ.
[خ: 1146]
قوله: ((أَيْ أُمَّهْ)) يناديها، ((أي)): حرف نداء، يعني: يا أمي؛ لأنها أم المؤمنين رضي الله عنها.
قولها: ((عِنْدَ النِّدَاءِ الأَوَّلِ))، يعني: أذان الفجر، سمته النداء الأول؛ لأن الإقامة نداء آخر.
وقولها: ((وَثَبَ))، أي: قام بسرعة ونشاط، وفيه: الإقبال على العبادة بنشاط وهمة.
[740]
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبُو كُرَيْبٍ قَالَا: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، حَدَّثَنَا عَمَّارُ بْنُ رُزَيْقٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ الأَسْوَدِ عَنِ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ، حَتَّى يَكُونَ آخِرَ صَلَاتِهِ الْوِتْرُ.
في هذا الحديث: أن الأفضل أن يكون آخر الصلاة وترًا، ولقوله عليه السلام أيضًا-:((اجْعَلُوا آخِرَ صَلَاتِكُمْ بِاللَّيْلِ وِتْرًا))
(1)
، وهذا الأمر للاستحباب وليس للوجوب؛ لأنه ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بعد الوتر ركعتين، كما تقدم.
[741]
حَدَّثَنِي هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ عَنْ أَشْعَثَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ عَنْ عَمَلِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: كَانَ يُحِبُّ الدَّائِمَ قَالَ: قُلْتُ: أَيَّ حِينٍ كَانَ يُصَلِّي؟ فَقَالَتْ: كَانَ إِذَا سَمِعَ الصَّارِخَ، قَامَ فَصَلَّى.
[خ: 1132]
قولها: ((كَانَ يُحِبُّ الدَّائِمَ)): الدائم، أي: المستديم، وفي الحديث الآخر:((وَاعْلَمُوا أَنَّ أَحَبَّ الْعَمَلِ إِلَى اللَّهِ أَدْوَمُهُ وَإِنْ قَلَّ))
(2)
، فالأفضل الاستدامة على الطاعة، ولو على القليل، وهو خير من أن يصلي بعض الليالي، ثم يترك.
وقولها: ((إِذَا سَمِعَ الصَّارِخَ))، أي: الديك باتفاق العلماء، قالوا وسمي بذلك لكثرة صياحه)) ذكره النووي رحمه الله
(3)
، وكانت الديكة لها معرفة بتقسيم الليل وترتيبه.
(1)
أخرجه البخاري (998)، ومسلم (752).
(2)
أخرجه مسلم (2820).
(3)
شرح مسلم، للنووي (6/ 23).
[742]
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ بِشْرٍ عَنْ مِسْعَرٍ عَنْ سَعْدٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: مَا أَلْفَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم السَّحَرُ الأَعْلَى فِي بَيْتِي، أَوْ عِنْدِي، إِلَّا نَائِمًا.
[خ: 1133]
في هذا الحديث: أنه صلى الله عليه وسلم كان- أحيانًا- يكون في السحر نائمًا؛ لأنه يصلي السدس الرابع، والسدس الخامس، ثم ينام السدس السادس؛ حتى يستعين به على عمل النهار، على ما جاء في صلاة داود عليه السلام:((أَحَبُّ الصَّلَاةِ إِلَى اللَّهِ صَلَاةُ دَاوُدَ عليه السلام، وَأَحَبُّ الصِّيَامِ إِلَى اللَّهِ صِيَامُ دَاوُدَ، وَكَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ، وَيَقُومُ ثُلُثَهُ، وَيَنَامُ سُدُسَهُ، وَيَصُومُ يَوْمًا، وَيُفْطِرُ يَوْمًا))
(1)
.
وأحيانًا يأتي السَّحَر على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي، فيقوم السدس الخامس، والسادس، وهو وقت التنزل الإلهي، يقول النبي صلى الله عليه وسلم ((يَنْزِلُ رَبُّنَا تبارك وتعالى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الْآخِرُ، يَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ؟ مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ؟ مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ؟ ))
(2)
، وهو حديث عظيم متواتر.
(1)
أخرجه البخاري (1131)، ومسلم (1159).
(2)
أخرجه البخاري (1145)، ومسلم (758).
[743]
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَنَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ، وَابْنُ أَبِي عُمَرَ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أَبِي النَّضْرِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا صَلَّى رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ، فَإِنْ كُنْتُ مُسْتَيْقِظَةً حَدَّثَنِي، وَإِلَّا اضْطَجَعَ.
وَحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ زِيَادِ بْنِ سَعْدٍ عَنِ ابْنِ أَبِي عَتَّابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَة عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ.
في هذا الحديث: أنه لا بأس بالكلام بعد ركعتي الفجر، خلافًا لمن قال: إنه يكره الكلام بعد الفجر، وهو قول ابن مسعود رضي الله عنه
(1)
وسعيد بن المسيب وعطاء ابن أبي رباح رحمهم الله تعالى
(2)
؛ لأنه وقت استغفار.
[744]
وَحَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ تَمِيمِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي منَ اللَّيْلِ، فَإِذَا أَوْتَرَ قَالَ:((قُومِي فَأَوْتِرِي يَا عَائِشَةُ)).
وَحَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الأَيْلِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصَلِّي صَلَاتَهُ بِاللَّيْلِ، وَهِيَ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَإِذَا بَقِيَ الْوِتْرُ أَيْقَظَهَا فَأَوْتَرَتْ.
في هذا الحديث: استحباب إيقاظ الأهل للأمور المستحبة كالوتر، فالوتر ليس بواجب على الصحيح، كما مر.
(1)
أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (6402).
(2)
أخرجه عبد الرزاق في المصنف (4794).
وفيه: أنه لا بأس باعتراض النائم أمام المصلي، سواء كان رجلًا أو امرأة، وأن هذا لا يعتبر مرورًا أمام المصلي، فالمرور أن يأتي من جانب إلى جانب.
[745]
وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أَبِي يَعْفُورٍ- وَاسْمُهُ وَاقِدٌ، وَلَقَبُهُ وَقْدَانُ-.ح، وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبُو كُرَيْبٍ قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الأَعْمَشِ، كِلَاهُمَا عَنْ مُسْلِمٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: مِنْ كُلِّ اللَّيْلِ قَدْ أَوْتَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَانْتَهَى وِتْرُهُ إِلَى السَّحَرِ.
[خ: 996]
وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ قَالَا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي حَصِينٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ وَثَّابٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: مِنْ كُلِّ اللَّيْلِ قَدْ أَوْتَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ، وَأَوْسَطِهِ، وَآخِرِهِ، فَانْتَهَى وِتْرُهُ إِلَى السَّحَرِ.
حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، حَدَّثَنَا حَسَّانُ قَاضِي كِرْمَانَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ عَنْ أَبِي الضُّحَى عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كُلَّ اللَّيْلِ قَدْ أَوْتَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَانْتَهَى وِتْرُهُ إِلَى آخِرِ اللَّيْلِ.
في هذه الأحاديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوتر أحيانًا من أول الليل، وأحيانًا من وسطه، وأحيانًا من آخره، واستقر إلى آخر الليل، وهذا هو الأفضل، كما مر.