الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ فَضْلِ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَسُورَةِ الْبَقَرَةِ
[804]
حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو تَوْبَةَ- وَهُوَ الرَّبِيعُ بْنُ نَافِعٍ-، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ- يَعْنِي: ابْنَ سَلَّامٍ- عَنْ زَيْدٍ: أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَلَّامٍ يَقُولُ: حَدَّثَنِي أَبُو أُمَامَةَ الْبَاهِلِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: ((اقْرَءُوا الْقُرْآنَ، فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا لِأَصْحَابِهِ، اقْرَءُوا الزَّهْرَاوَيْنِ: الْبَقَرَةَ، وَسُورَةَ آلِ عِمْرَانَ؛ فَإِنَّهُمَا تَأْتِيَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ، أَوْ كَأَنَّهُمَا غَيَايَتَانِ، أَوْ كَأَنَّهُمَا فِرْقَانِ مِنْ طَيْرٍ صَوَافَّ تُحَاجَّانِ عَنْ أَصْحَابِهِمَا، اقْرَءُوا سُورَةَ الْبَقَرَةِ فَإِنَّ أَخْذَهَا بَرَكَةٌ، وَتَرْكَهَا حَسْرَةٌ، وَلَا تَسْتَطِيعُهَا الْبَطَلَةُ))، قَالَ مُعَاوِيَةُ: بَلَغَنِي أَنَّ الْبَطَلَةَ: السَّحَرَةُ.
وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّارِمِيُّ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى- يَعْنِي: ابْنَ حَسَّانَ-، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بِهَذَا الإِسْنَادِ مِثْلَهُ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: وَكَأَنَّهُمَا فِي كِلَيْهِمَا، وَلَمْ يَذْكُرْ قَوْلَ مُعَاوِيَةَ: بَلَغَنِي.
في هذا الحديث: فضل قراءة القرآن، وأن من عمل به يأتي له شفيعًا يوم القيامة.
وفيه: فضل سورة البقرة وآل عمران؛ لما اشتملتا عليه من الأحكام العظيمة؛ ولهذا ورد في الموطأ أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما مكث في سورة البقرة ثمان سنين يتعملها
(1)
.
وهذا الفضل هو لمن عمل بالقرآن، أما من لم يعمل به فيكون القرآن خصمًا له يوم القيامة- نسأل الله السلامة والعافية- والمؤمن يقوده القرآن إلى الجنة، والفاجر يقوده إلى النار- والعياذ بالله!
(1)
أخرجه مالك في الموطأ (477).
وفيه: أن أخْذ سورة البقرة بركة، وتركها حسرة، ولا تستطيعها السحرة.
وفيه: جواز قول: ((سورة البقرة))، و ((سورة آل عمران))، والرد على الحجاج بن يوسف الذي تورع عن قول:((سورة البقرة))، فقال في خطبة له:((لا تَقُولُوا: سُورَةَ الْبَقَرَةِ، وَلا سُورَةَ كَذَا وَكَذَا))
(1)
، وهذا لا وجه له، فقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال- لما رمى جمرة العقبة-:((هَذَا- وَالَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ- مَقَامُ الَّذِي أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ))
(2)
.
[805]
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ رَبِّهِ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ ابْنُ مُسْلِمٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُهَاجِرٍ عَنِ الوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجُرَشِيِّ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ قَالَ: سَمِعْتُ النَّوَّاسَ بْنَ سَمْعَانَ الْكِلَابِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: ((يُؤْتَى بِالْقُرْآنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَهْلِهِ الَّذِينَ كَانُوا يَعْمَلُونَ بِهِ، تَقْدُمُهُ سُورَةُ الْبَقَرَةِ وَآلُ عِمْرَانَ)) وَضَرَبَ لَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثَلَاثَةَ أَمْثَالٍ، مَا نَسِيتُهُنَّ بَعْدُ قَالَ:((كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ، أَوْ ظُلَّتَانِ سَوْدَاوَانِ بَيْنَهُمَا شَرْقٌ، أَوْ كَأَنَّهُمَا حِزْقَانِ مِنْ طَيْرٍ صَوَافَّ تُحَاجَّانِ عَنْ صَاحِبِهِمَا)).
قوله: ((فِرْقَان))، و ((حِزْقَانِ)): معناهما واحد، وهما: الجماعتان.
وقوله: ((يُؤْتَى بِالْقُرْآنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَهْلِهِ الَّذِينَ كَانُوا يَعْمَلُونَ بِهِ)): فيه: أن أهل القرآن هم الذين يعملون به، سواء كانوا يقرؤونه عن ظهر غيب، أو من المصحف- نسأل الله أن يجعلنا وإياكم من أهل القرآن وخاصته.
وأهل القرآن هم: الذين يصدقون أخباره، وينفذون أحكامه، ويمتثلون لأوامره، ويجتنبون نواهيه، ويعملون بمحكمه، ويؤمنون بمتشابهه، ويقفون عند حدوده، ويتعظون بمواعظه.
(1)
أخرجه الفاكهي في أخبار مكة (2642).
(2)
أخرجه مسلم (1297).
فتلاوة القرآن نوعان:
تلاوة لفظية: وهي عبادة، وللتالي بكل حرف حسنة، والحسنة بعشرة أمثالها.
تلاوة حكمية: وهي تصديق أخباره، وتنفيذ أحكامه، وهذه الذي عليها الثواب والعقاب.
وإن كانت تلاوة القرآن اللفظية فيها ثواب، لكنها وسيلة إلى التلاوة الحكمية، والتي هي الغاية، قال الله تعالى:{الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ} ، أي: يعملون به حق العمل.