الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ سُجُودِ التِّلَاوَةِ
[575]
حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، كُلُّهُمْ عَنْ يَحْيَى الْقَطَّانِ، قَالَ زُهَيْرٌ: حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ سَعِيدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ، فَيَقْرَأُ سُورَةً فِيهَا سَجْدَةٌ، فَيَسْجُدُ، وَنَسْجُدُ مَعَهُ، حَتَّى مَا يَجِدُ بَعْضُنَا مَوْضِعًا لِمَكَانِ جَبْهَتِهِ.
[خ: 1075]
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بِشْرٍ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: رُبَّمَا قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْقُرْآنَ، فَيَمُرُّ بِالسَّجْدَةِ، فَيَسْجُدُ بِنَا، حَتَّى ازْدَحَمْنَا عِنْدَهُ، حَتَّى مَا يَجِدُ أَحَدُنَا مَكَانًا لِيَسْجُدَ فِيهِ، فِي غَيْرِ صَلَاةٍ.
في هذا الحديث: مشروعية قراءة القرآن في المجالس، فيقرأ واحد والبقية يستمعون، فتكون الفائدة عامة، وقد ثبت عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قال: قَالَ لِي النَّبِيُّ: ((اقْرَأْ عَلَيَّ))، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَأَقْرَأُ عَلَيْكَ وَعَلَيْكَ أُنْزِلَ؟ ! قَالَ:((نَعَمْ))، فَقَرَأْتُ سُورَةَ النِّسَاءِ حَتَّى أَتَيْتُ إِلَى هَذِهِ الْآيَةِ:{فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيدًا} قَالَ: ((حَسْبُكَ الْآنَ))، فَالْتَفَتُّ إِلَيْهِ فَإِذَا عَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ
(1)
؛ وذلك لأنه تذكَّر هذا الموقف العظيم.
وفيه: استحباب سجدة التلاوة، وأن المسلم إذا قرأ القرآن ومر بالسجدة فإنه يسجد، ولو في غير الصلاة، وإذا قرأ وأتى إلى سجدة فإن القارئ يسجد، ويسجد المستمعون، وثبت عن عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه أنه: قَرَأَ يَوْمَ
(1)
أخرجه البخاري (4583).
الْجُمُعَةِ عَلَى الْمِنْبَرِ بِسُورَةِ النَّحْلِ، حَتَّى إِذَا جَاءَ السَّجْدَةَ نَزَلَ فَسَجَدَ، وَسَجَدَ النَّاسُ، حَتَّى إِذَا كَانَتْ الْجُمُعَةُ الْقَابِلَةُ قَرَأَ بِهَا حَتَّى إِذَا جَاءَ السَّجْدَةَ قَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا نَمُرُّ بِالسُّجُودِ فَمَنْ سَجَدَ فَقَدْ أَصَابَ، وَمَنْ لَمْ يَسْجُدْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَسْجُدْ عُمَرُ رضي الله عنه، وَزَادَ نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَفْرِضْ السُّجُودَ إِلَّا أَنْ نَشَاءَ
(1)
.
[576]
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: سَمِعْتُ الأَسْوَدَ يُحَدِّثُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَنَّهُ قَرَأَ وَالنَّجْمِ، فَسَجَدَ فِيهَا، وَسَجَدَ مَنْ كَانَ مَعَهُ، غَيْرَ أَنَّ شَيْخًا أَخَذَ كَفًّا مِنْ حَصًى، أَوْ تُرَابٍ، فَرَفَعَهُ إِلَى جَبْهَتِهِ، وَقَالَ: يَكْفِينِي هَذَا، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: لَقَدْ رَأَيْتُهُ بَعْدُ قُتِلَ كَافِرًا.
[خ: 1067]
قوله: ((قُتِلَ كَافِرًا)) هو أمية بن خلف؛ فقد قُتل كافرًا يوم أحد
(2)
.
(1)
أخرجه البخاري (1077).
(2)
أخرجه البخاري (4863).
[577]
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وابْنُ حُجْرٍ، قَالَ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى: أَخْبَرَنَا، وَقَالَ الآخَرُونَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ- وَهُوَ ابْنُ جَعْفَرٍ- عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُصَيْفَةَ عَنِ ابْنِ قُسَيْطٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ: أَنَّهُ أَخْبَرَهُ: أَنَّهُ سَأَلَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ عَنِ الْقِرَاءَةِ مَعَ الإِمَامِ، فَقَالَ: لَا قِرَاءَةَ مَعَ الإِمَامِ فِي شَيْءٍ، وَزَعَمَ أَنَّهُ قَرَأَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:{وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى} فَلَمْ يَسْجُدْ.
[خ: 1073]
قوله: ((زَعَمَ)) بمعنى: قال، والزعم يطلق على الكذب، ويطلق على الكلام المشكوك فيه.
وفي هذا الحديث: دليل على أن سجود التلاوة ليس بواجب؛ ولهذا لم يسجد النبي صلى الله عليه وسلم، هذه المرة، وسجد في غيرها.
وقوله: ((أنه سَأَلَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ عَنِ الْقِرَاءَةِ مَعَ الإِمَامِ، فَقَالَ: لَا قِرَاءَةَ مَعَ الإِمَامِ فِي شَيْءٍ)) هذا مذهب زيد رضي الله عنه، وبعض الصحابة
(1)
.
القول الثاني: وإليه ذهب الجمهور: أنه لا قراءة مع الإمام في الصلاة الجهرية
(2)
.
القول الثالث: وإليه ذهب الشافعي وجماعة إلى أنه يقرأ الفاتحة، ولو كان الإمام يقرأ
(3)
؛ ولهذا قال أبو هريرة رضي الله عنه لسائل يسأله عن قراءة الفاتحة في الصلاة-: ((اقْرَأْ بِهَا فِي نَفْسِكَ))
(4)
.
(1)
القراءة خلف الإمام، للبخاري (ص 7، 36).
(2)
البحر الرائق، لابن نجيم (1/ 363)، شرح مختصر خليل، للخرشي (1/ 269)، المبدع، لابن مفلح (2/ 50)، الإنصاف، للمرداوي (2/ 228 - 229).
(3)
المجموع، للنووي (3/ 365).
(4)
أخرجه مسلم (395).
والصواب أن قراءة الفاتحة مستثناة؛ لحديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه: ((لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ))
(1)
؛ ولقوله صلى الله عليه وسلم: ((إِنِّي لَأَرَاكُمْ تَقْرَءُونَ وَرَاءَ إِمَامِكُمْ ". قُلْنَا: نَعَمْ. وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّا لَنَفْعَلُ هَذَا. قَالَ: " فَلَا تَفْعَلُوا إِلَّا بِأُمِّ الْقُرْآنِ؛ فَإِنَّهُ لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِهَا))
(2)
، ويكون هذا مخصِّصًا للآية الكريمة:{وإذا قرأ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون} .
وهي واجبة على المصلي إلا أنه واجب مخفف، فتسقط بالنسيان إذا نسيها، أو إذا جاء المسبوق والإمام راكع؛ لحديث أبي بكرة: أَنَّهُ انْتَهَى إِلَى النَّبِيِّ وَهُوَ رَاكِعٌ، فَرَكَعَ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إِلَى الصَّفِّ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ، فَقَال:((زَادَكَ اللَّهُ حِرْصًا، وَلَا تَعُدْ))
(3)
، أو جاء في آخر القيام، ولم يتمكن من قراءتها، أو تركها اجتهادًا، ورأى أنها لا تجب، أو تقليدًا لمن قال بعدم وجوبها.
(1)
أخرجه البخاري (756)، ومسلم (395).
(2)
أخرجه أحمد (22694)، والترمذي (311).
(3)
أخرجه البخاري (783).
[578]
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ- مَوْلَى الأَسْوَدِ بْنِ سُفْيَانَ- عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَرَأَ لَهُمْ: {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} ، فَسَجَدَ فِيهَا، فَلَمَّا انْصَرَفَ أَخْبَرَهُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَجَدَ فِيهَا.
وَحَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا عِيسَى عَنِ الأَوْزَاعِيِّ. ح، قَالَ: وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ هِشَامٍ، كِلَاهُمَا عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِمِثْلِهِ.
وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَعَمْرٌو النَّاقِدُ قَالَا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى عَنْ عَطَاءِ بْنِ مِينَاءَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: سَجَدْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} ، و {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} .
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ، أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ عَنْ يَزِيدَ ابْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَعْرَجِ- مَوْلَى بَنِي مَخْزُومٍ- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ: سَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} ، وَ {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} .
وَحَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، مِثْلَهُ.
[خ: 768]
وَحَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى قَالَا: حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ بَكْرٍ عَنْ أَبِي رَافِعٍ قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ صَلَاةَ الْعَتَمَةِ، فَقَرَأَ:{إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} ، فَسَجَدَ فِيهَا، فَقُلْتُ لَهُ: مَا هَذِهِ السَّجْدَةُ؟ فَقَالَ: سَجَدْتُ بِهَا خَلْفَ أَبِي الْقَاسِمِ صلى الله عليه وسلم، فَلَا أَزَالُ أَسْجُدُ بِهَا حَتَّى أَلْقَاهُ.
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الأَعْلَى: فَلَا أَزَالُ أَسْجُدُهَا.
حَدَّثَنِي عَمْرٌو النَّاقِدُ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ. ح، قَالَ: وَحَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ- يَعْنِي: ابْنَ زُرَيْعٍ-.ح، قَالَ: وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ، حَدَّثَنَا سُلَيْمُ بْنُ أَخْضَرَ، كُلُّهُمْ عَنِ التَّيْمِيِّ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، غَيْرَ أَنَّهُمْ لَمْ يَقُولُوا: خَلْفَ أَبِي الْقَاسِمِ صلى الله عليه وسلم.
وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَابْنُ بَشَّارٍ قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي مَيْمُونَةَ عَنْ أَبِي رَافِعٍ قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَسْجُدُ فِي {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} ، فَقُلْتُ: تَسْجُدُ فِيهَا؟ فَقَالَ: نَعَمْ، رَأَيْتُ خَلِيلِي صلى الله عليه وسلم يَسْجُدُ فِيهَا، فَلَا أَزَالُ أَسْجُدُ فِيهَا، حَتَّى أَلْقَاهُ، قَالَ شُعْبَةُ: قُلْتُ: النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: نَعَمْ.
في هذه الأحاديث: بيان السجود في: {إذا السماء انشقت} ، وكذلك في:{اقرأ باسم ربك الذي خلق} ، وسبق في:{والنجم إذا هوى} وكلها من سور المفصل.
وفيها: رد على من قال: إن السجدات التي في المفصل نُسخت
(1)
، لأن إسلام أبي هريرة رضي الله عنه كان متأخرًا في السنة السابعة من الهجرة؛ فشرعية السجود فيها باقية.
(1)
وهو قول الشافعي في القديم، روضة الطالبين، للنووي (1/ 318).