الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ فَضْلِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ، وَبَيَانِ التَّشْدِيدِ فِي التَّخَلُّفِ عَنْهَا
[649]
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ أَحَدِكُمْ وَحْدَهُ بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ جُزْءًا)).
[خ: 648]
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:((تَفْضُلُ صَلَاةٌ فِي الْجَمِيعِ عَلَى صَلَاةِ الرَّجُلِ وَحْدَهُ خَمْسًا وَعِشْرِينَ دَرَجَةً قَالَ: وَتَجْتَمِعُ مَلَائِكَةُ اللَّيْلِ وَمَلَائِكَةُ النَّهَارِ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ))، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ: {وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} .
وَحَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدٌ، وَأَبُو سَلَمَةَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ، بِمِثْلِ حَدِيثِ عَبْدِ الأَعْلَى عَنْ مَعْمَرٍ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ:((بِخَمْسٍ وَعِشْرِينَ جُزْءًا)).
وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ، حَدَّثَنَا أَفْلَحُ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ سَلْمَانَ الأَغَرِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ تَعْدِلُ خَمْسًا وَعِشْرِينَ مِنْ صَلَاةِ الْفَذِّ)).
حَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ قَالَا: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: أَخْبَرَنِي عُمَرُ بْنُ عَطَاءِ بْنِ أَبِي الْخُوَارِ: أَنَّهُ بَيْنَا هُوَ جَالِسٌ مَعَ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ؛ إِذْ مَرَّ بِهِمْ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ- خَتَنُ زَيْدِ بْنِ زَبَّانَ- مَوْلَى الْجُهَنِيِّينَ-، فَدَعَاهُ نَافِعٌ، فَقَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يقول: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((صَلَاةٌ مَعَ الإِمَامِ أَفْضَلُ مِنْ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ صَلَاةً يُصَلِّيهَا وَحْدَهُ)).
[650]
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ
عُمَرَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ الْفَذِّ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً)).
[خ: 645]
وَحَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى قَالَا: حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((صَلَاةُ الرَّجُلِ فِي الْجَمَاعَةِ تَزِيدُ عَلَى صَلَاتِهِ وَحْدَهُ سَبْعًا وَعِشْرِينَ)).
وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، وَابْنُ نُمَيْرٍ. ح، قَالَ: وَحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي قَالَا: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، بِهَذَا الإِسْنَادِ.
قَالَ ابْنُ نُمَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ: ((بِضْعًا وَعِشْرِينَ))، وقَالَ أَبُو بَكْرٍ فِي رِوَايَتِهِ:((سَبْعًا وَعِشْرِينَ دَرَجَةً)).
وَحَدَّثَنَاهُ ابْنُ رَافِعٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، أَخْبَرَنَا الضَّحَّاكُ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:((بِضْعًا وَعِشْرِينَ)).
[651]
وَحَدَّثَنِي عَمْرٌو النَّاقِدُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَدَ نَاسًا فِي بَعْضِ الصَّلَوَاتِ، فَقَالَ:((لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ رَجُلًا يُصَلِّي بِالنَّاسِ، ثُمَّ أُخَالِفَ إِلَى رِجَالٍ يَتَخَلَّفُونَ عَنْهَا، فَآمُرَ بِهِمْ، فَيُحَرِّقُوا عَلَيْهِمْ بِحُزَمِ الْحَطَبِ بُيُوتَهُمْ، وَلَوْ عَلِمَ أَحَدُهُمْ أَنَّهُ يَجِدُ عَظْمًا سَمِينًا لَشَهِدَهَا)) - يَعْنِي: صَلَاةَ الْعِشَاءِ.
[خ: 644]
حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ. ح، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبُو كُرَيْبٍ- وَاللَّفْظُ لَهُمَا- قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((إِنَّ أَثْقَلَ صَلَاةٍ عَلَى الْمُنَافِقِينَ: صَلَاةُ الْعِشَاءِ، وَصَلَاةُ الْفَجْرِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا، وَلَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بِالصَّلَاةِ فَتُقَامَ، ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا فَيُصَلِّيَ بِالنَّاسِ، ثُمَّ أَنْطَلِقَ مَعِي بِرِجَالٍ مَعَهُمْ حُزَمٌ مِنْ حَطَبٍ إِلَى قَوْمٍ لَا يَشْهَدُونَ الصَّلَاةَ، فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ بِالنَّارِ)).
[خ: 657]
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ قَالَ: هَذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَذَكَرَ أَحَادِيثَ، مِنْهَا:
وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ فِتْيَانِي أَنْ يَسْتَعِدُّوا لِي بِحُزَمٍ مِنْ حَطَبٍ، ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا يُصَلِّي بِالنَّاسِ، ثُمَّ تُحَرَّقُ بُيُوتٌ عَلَى مَنْ فِيهَا)).
وَحَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، وَأَبُو كُرَيْبٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ وَكِيعٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بُرْقَانَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ الأَصَمِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِنَحْوِهِ.
[652]
وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا أبو إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ، سَمِعَهُ مِنْهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ- لِقَوْمٍ يَتَخَلَّفُونَ عَنِ الْجُمُعَةِ-:((لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ رَجُلًا يُصَلِّي بِالنَّاسِ، ثُمَّ أُحَرِّقَ عَلَى رِجَالٍ يَتَخَلَّفُونَ عَنِ الْجُمُعَةِ بُيُوتَهُمْ)).
في هذه الأحاديث: أن صلاة المنفرد من غير عذر صحيحة مع الإثم.
مسألة: اختلف العلماء في حكم صلاة الجماعة:
القول الأول: ذهب الظاهرية
(1)
، وشيخ الإسلام ابن تيمية رحمهم الله
(2)
، إلى أن الجماعة شرط من شروط الصلاة، وأنه إذا صلى منفردًا من غير عذر لا تصح صلاته، وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله
(3)
، وهذا القول مرجوح.
القول الثاني: أن صلاة الجماعة واجبة يأثم تاركها من غير عذر، وليست بشرط في صحة الصلاة، وهذا هو الصواب الذي تدل عليه النصوص، إلا إذا وجد عذر من الأعذار التي تسقط بها الجماعة، كالخائف على نفسه أو ماله، وكذلك في المطر والمرض.
والأدلة على هذا القول كثيرة غير أحاديث الباب:
1 -
أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرخص لعبد الله ابن أم مكتوم، وهو أعمى في ترك الجماعة، كما سيأتي.
(1)
المحلى، لابن حزم (3/ 104).
(2)
مجموع الفتاوى، لابن تيمية (23/ 253).
(3)
الإنصاف، للمرداوي (2/ 210).
2 -
حديث: ((مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ فَلَمْ يَأْتِهِ، فَلَا صَلَاةَ لَهُ إِلَّا مِنْ عُذْرٍ))
(1)
.
3 -
أمرُ الله تعالى بصلاة الجماعة في الخوف.
4 -
هَمُّ النبي صلى الله عليه وسلم أن يحرق بيوت المتخلفين عن صلاة الجماعة بالنار دليل على وجوبها أيضًا، فكل هذه الأدلة تدل على وجوب الجماعة.
القول الثالث: ذهب النووي إلى أن الجماعة فرض كفاية
(2)
.
القول الرابع: أنها سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ
(3)
.
وقد ورد أن صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ: ((بِخَمْسٍ وَعِشْرِينَ)) وورد: ((بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ)).
وللجمع بين الحديثين نقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أولًا أن الجماعة أفضل من صلاة الفذ بخمس وعشرين، ثُمَّ زاده الله فضلًا وخيرًا، فأخبر أنها أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة.
وقال بعضهم: إن المراد بالفذ في قوله: ((مِنْ صَلَاةِ الْفَذِّ)) هو المعذور، والصواب: أن المراد به غير المعذور، فيفوته هذا الأجر مع الإثم، أما المعذور فإن أجره تام غير ناقص؛ لحديث أبي موسى رضي الله عنه مرفوعًا:((إِذَا مَرِضَ الْعَبْدُ، أَوْ سَافَرَ كُتِبَ لَهُ مِثْلُ مَا كَانَ يَعْمَلُ مُقِيمًا صَحِيحًا))
(4)
.
وقوله: ((بِحُزَمٍ)) بضم الحاء المهملة وفتح الزاي، جمع حُزْمة، وهي: ما جُمع ورُبط من كلِّ شيءٍ.
وقوله: ((وَلَوْ عَلِمَ أَحَدُهُمْ أَنَّهُ يَجِدُ عَظْمًا سَمِينًا لَشَهِدَهَا))، يعني: لو يعلم أحدهم أنه يحصل على شيء من الدنيا ولو قليلًا لشهد العشاء، لكنه يزهد فيما عند الله من الثواب والأجر فيتخلف؛ ولهذا تجد بعض الناس لا يصلي
(1)
أخرجه ابن ماجه (793)، وابن حبان (2064)، والحاكم (894).
(2)
شرح مسلم، للنووي (5/ 151).
(3)
التاج والإكليل، للمواق (2/ 395)، المجموع، للنووي (4/ 182).
(4)
أخرجه البخاري (2996).
الفجر، ولكن لو كان عنده عمل آخر الليل، أو عنده موعد طائرة تجده يستيقظ مرات متعددة حتى لا تفوته الرحلة، أو لا يفوته العمل.
وفي هذه الأحاديث: دليل على جواز تخلف بعض رجال الحسبة والهيئة عن الجماعة، من أجل مداهمة المتخلفين عن الصلاة، وكذا مداهمة بيوت الدعارة، والخمور والمخدرات في وقت الصلاة، إذا اقتضى الأمر ذلك، ثُمَّ يصلون جماعة بعد ذلك.