الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ اسْتِحْبَابِ صَلَاةِ الضُّحَى، وَأَنَّ أَقَلَّهَا رَكْعَتَانِ، وَأَكْمَلَهَا ثَمَانِ رَكَعَاتٍ، وَأَوْسَطَهَا أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ، أَوْ سِتٌّ، وَالْحَثِّ عَلَى الْمُحَافَظَةِ عَلَيْهَا
[717]
وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ عَنْ سَعِيدٍ الْجُرَيْرِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ قَالَ: قُلْتُ لِعَائِشَةَ: هَلْ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي الضُّحَى؟ قَالَتْ: لَا، إِلَّا أَنْ يَجِيءَ مِنْ مَغِيبِه.
وَحَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا كَهْمَسُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَيْسِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ قَالَ: قُلْتُ لِعَائِشَةَ: أَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي الضُّحَى؟ قَالَتْ: لَا، إِلَّا أَنْ يَجِيءَ مِنْ مَغِيبِهِ.
[718]
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي سُبْحَةَ الضُّحَى قَطُّ، وَإِنِّي لَأُسَبِّحُهَا، وَإِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَيَدَعُ الْعَمَلَ- وَهُوَ يُحِبُّ أَنْ يَعْمَلَ بِهِ-؛ خَشْيَةَ أَنْ يَعْمَلَ بِهِ النَّاسُ، فَيُفْرَضَ عَلَيْهِمْ.
[خ: 1128]
قولها: ((وَإِنِّي لَأُسَبِّحُهَا))، يعني: لأصليها.
[719]
حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ- يَعْنِي: الرِّشْكَ- حَدَّثَتْنِي مُعَاذَةُ أَنَّهَا سَأَلَتْ عَائِشَةَ رضي الله عنها: كَمْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي صَلَاةَ الضُّحَى؟ قَالَتْ: أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، وَيَزِيدُ مَا شَاءَ.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَابْنُ بَشَّارٍ قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ يَزِيدَ، بِهَذَا الإِسْنَادِ مِثْلَهُ، وَقَالَ: يَزِيدُ مَا شَاءَ اللَّهُ.
وَحَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ حَبِيبٍ الْحَارِثِيُّ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ عَنْ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ: أَنَّ مُعَاذَةَ الْعَدَوِيَّةَ حَدَّثَتْهُمْ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ
صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي الضُّحَى أَرْبَعًا، وَيَزِيدُ مَا شَاءَ اللَّهُ.
وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَابْنُ بَشَّارٍ، جَمِيعًا عَنْ مُعَاذِ بْنِ هِشَامٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ قَتَادَةَ بِهَذَا الإِسْنَادِ مِثْلَهُ.
قولها: ((وَيَزِيدُ مَا شَاءَ)): المشيئة هنا للرسول صلى الله عليه وسلم، وفي الرواية الأخرى:((وَيَزِيدُ مَا شَاءَ اللهُ)).
[336]
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَابْنُ بَشَّارٍ قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ: مَا أَخْبَرَنِي أَحَدٌ أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي الضُّحَى إِلَّا أُمُّ هَانِئٍ، فَإِنَّهَا حَدَّثَتْ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ بَيْتَهَا يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ، فَصَلَّى ثَمَانِي رَكَعَاتٍ، مَا رَأَيْتُهُ صَلَّى صَلَاةً قَطُّ أَخَفَّ مِنْهَا، غَيْرَ أَنَّهُ كَانَ يُتِمُّ الرُّكُوعَ، وَالسُّجُودَ.
وَلَمْ يَذْكُرْ ابْنُ بَشَّارٍ فِي حَدِيثِهِ قَوْلَهُ: قَطُّ.
[خ: 1103]
وَحَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، وَمُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ الْمُرَادِيُّ قَالَا: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ: أَنَّ أَبَاهُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ قَالَ: سَأَلْتُ، وَحَرَصْتُ عَلَى أَنْ أَجِدَ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ يُخْبِرُنِي: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَبَّحَ سُبْحَةَ الضُّحَى، فَلَمْ أَجِدْ أَحَدًا يُحَدِّثُنِي ذَلِكَ، غَيْرَ أَنَّ أُمَّ هَانِئٍ بِنْتَ أَبِي طَالِبٍ أَخْبَرَتْنِي: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَتَى بَعْدَ مَا ارْتَفَعَ النَّهَارُ يَوْمَ الْفَتْحِ، فَأُتِيَ بِثَوْبٍ فَسُتِرَ عَلَيْهِ، فَاغْتَسَلَ، ثُمَّ قَامَ فَرَكَعَ ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ، لَا أَدْرِي أَقِيَامُهُ فِيهَا أَطْوَلُ، أَمْ رُكُوعُهُ، أَمْ سُجُودُهُ، كُلُّ ذَلِكَ مِنْهُ مُتَقَارِبٌ، قَالَتْ: فَلَمْ أَرَهُ سَبَّحَهَا قَبْلُ، وَلَا بَعْدُ.
قَالَ الْمُرَادِيُّ: عَنْ يُونُسَ، وَلَمْ يَقُلْ: أَخْبَرَنِي.
في هذا الحديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الضحى أيام الفتح بعد ارتفاع الشمس،
وهذا بداية وقت صلاة الضحى.
وفيه: أنه لا بأس بالصلاة في الثوب الواحد؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم اغتسل وصلى بثوب واحد خالف بين طرفيه.
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنْ أَبِي النَّضْرِ: أَنَّ أَبَا مُرَّةَ- مَوْلَى أُمِّ هَانِئٍ بِنْتِ أَبِي طَالِبٍ- أَخْبَرَهُ: أَنَّهُ سَمِعَ أُمَّ هَانِئٍ بِنْتَ أَبِي طَالِبٍ تَقُولُ: ذَهَبْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَامَ الْفَتْحِ، فَوَجَدْتُهُ يَغْتَسِلُ، وَفَاطِمَةُ ابْنَتُهُ تَسْتُرُهُ بِثَوْبٍ، قَالَتْ: فَسَلَّمْتُ، فَقَالَ: مَنْ هَذِهِ؟ قُلْتُ: أُمُّ هَانِئٍ بِنْتُ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: ((مَرْحَبًا بِأُمِّ هَانِئٍ))، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ غُسْلِهِ قَامَ فَصَلَّى ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ مُلْتَحِفًا فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، فَلَمَّا انْصَرَفَ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، زَعَمَ ابْنُ أُمِّي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: أَنَّهُ قَاتِلٌ رَجُلًا أَجَرْتُهُ- فُلَانُ ابْنُ هُبَيْرَةَ- فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((قَدْ أَجَرْنَا مَنْ أَجَرْتِ يَا أُمَّ هَانِئٍ))، قَالَتْ أُمُّ هَانِئٍ: وَذَلِكَ ضُحًى.
وَحَدَّثَنِي حَجَّاجُ بْنُ الشَّاعِرِ، حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ، حَدَّثَنَا وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي مُرَّةَ- مَوْلَى عَقِيلٍ- عَنْ أُمِّ هَانِئٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلَّى فِي بَيْتِهَا عَامَ الْفَتْحِ ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، قَدْ خَالَفَ بَيْنَ طَرَفَيْهِ.
في هذا الحديث: أنه لا بأس بتكنية الإنسان، سواء كان رجلًا أم أنثى، ككنية أم هانئ.
وفيه: أنه لا بأس بسلام المرأة على الرجل من دون مصافحة، إذا لم يكن هناك ريبة، أما إذا كان هناك ريبة فلا تسلِّم عليه، لا سيما إذا كان وحده.
وفيه: أن قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((مَرْحَبًا بِأُمِّ هَانِئٍ)) ترحيب بالقادم بعد السلام، يعني: على الرُّحب والسَّعَة.
وفيه: أنه لا بأس بكلام المرأة مع الرجل وسؤالها إياه، وما زالت النساء يسألن النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة رضي الله عنهم، ولا سيما إذا كانت مستفتية، أو محتاجة للبيع والشراء، إذا لم يكن هناك ريبة، وذلك إذا كان الصوت عاديًّا ليس فيه خضوع، أما الخضوع فلا يجوز؛ لأنه يُطمع الفاسد فيها، قال تعالى:{فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ} .
وهذه أم هانئ سلَّمت، وسألت النبي صلى الله عليه وسلم، وقالت:((زَعَمَ ابْنُ أُمِّي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ)): وهو أخوها لأمها وأبيها، ولكن هذا من باب بيان صلة الرحم، كما قال هارون عليه السلام لموسى:{يا ابن أم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي} وهو أخوه من أبيه وأمه، وذلك من باب الاستعطاف.
وفيه: دليل على صحة إجارة المرأة، وأنه لا بأس أن تجير رجلًا، وكذلك العبد له أن يجير، ويدل على ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم:((ذِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ وَاحِدَةٌ، يَسْعَى بِهَا أَدْنَاهُمْ))
(1)
.
(1)
أخرجه البخاري (3179)، ومسلم (1371).
[720]
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ الضُّبَعِيُّ، حَدَّثَنَا مَهْدِيٌّ- وَهُوَ ابْنُ مَيْمُونٍ- حَدَّثَنَا وَاصِلٌ- مَوْلَى أَبِي عُيَيْنَةَ- عَنْ يَحْيَى بْنِ عُقَيْلٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ الدُّؤَلِيِّ عَنْ أَبِي ذَرٍّ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:((يُصْبِحُ عَلَى كُلِّ سُلَامَى مِنْ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ؛ فَكُلُّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةٌ، وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ، وَنَهْيٌ عَنِ الْمُنْكَرِ صَدَقَةٌ، وَيُجْزِئُ مِنْ ذَلِكَ رَكْعَتَانِ يَرْكَعُهُمَا مِنَ الضُّحَى)).
[721]
حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، حَدَّثَنَا أَبُو التَّيَّاحِ، حَدَّثَنِي أَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: أَوْصَانِي خَلِيلِي صلى الله عليه وسلم بِثَلَاثٍ: بِصِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَرَكْعَتَيِ الضُّحَى، وَأَنْ أُوتِرَ قَبْلَ أَنْ أَرْقُدَ.
[خ: 1178]
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَابْنُ بَشَّارٍ قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبَّاسٍ الْجُرَيْرِيِّ وَأَبِي شِمْرٍ الضُّبَعِيِّ، قَالَا: سَمِعْنَا أَبَا عُثْمَانَ النَّهْدِيَّ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِمِثْلِهِ.
وَحَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ مَعْبَدٍ، حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُخْتَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ الدَّانَاجِ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو رَافِعٍ الصَّائِغُ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: أَوْصَانِي خَلِيلِي أَبُو الْقَاسِمِ صلى الله عليه وسلم بِثَلَاثٍ، فَذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ أَبِي عُثْمَانَ عَنِ أَبِي هُرَيْرَةَ.
[722]
وَحَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ قَالَا: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُنَيْنٍ عَنْ أَبِي مُرَّةَ- مَوْلَى أُمِّ هَانِئٍ- عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: أَوْصَانِي حَبِيبِي صلى الله عليه وسلم بِثَلَاثٍ، لَنْ أَدَعَهُنَّ مَا عِشْتُ: بِصِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَصَلَاةِ الضُّحَى، وَبِأَنْ لَا أَنَامَ حَتَّى أُوتِرَ.
في هذه الأحاديث: مشروعية صلاة الضحى، والقاعدة عند أهل العلم:
أن السنة تثبت بالقول، وبالفعل، وبالتقرير، وأقواها: القول، ثم الفعل، ثم التقرير، فصلاة الضحى سنة ثابتة من قول النبي صلى الله عليه وسلم وفعله.
أما من قوله صلى الله عليه وسلم، فالنبي صلى الله عليه وسلم أوصى أبا هريرة وأبا الدرداء رضي الله عنهما بصلاة الضحى، والإيتار قبل النوم، وصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وكان أبو هريرة رضي الله عنهما يدرس الحديث، ويكتبه في الليل، فيخشى أن لا يقوم آخر الليل؛ فلهذا أوصاه أن يوتر أول الليل، أما من غلب على ظنه أنه يقوم في آخر الليل فالوتر في آخر الليل أفضل؛ لحديث جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((مَنْ خَافَ أَنْ لَا يَقُومَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ فَلْيُوتِرْ أَوَّلَهُ، وَمَنْ طَمِعَ أَنْ يَقُومَ آخِرَهُ فَلْيُوتِرْ آخِرَ اللَّيْلِ؛ فَإِنَّ صَلَاةَ آخِرِ اللَّيْلِ مَشْهُودَةٌ، وَذَلِكَ أَفْضَلُ))
(1)
، وكذلك أوصى أبا الدرداء رضي الله عنه.
وكذلك في حديث أبي ذر رضي الله عنه أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن صلاة ركعتين يركعهما من الضحى تجزئ عن السلاميَّات، وهي: عظام البدن، وأن الإنسان مركَّب من ستين وثلاثمائة مفصل، وعليه أن يتصدق عن كل مفصل، وله بكل تسبيحة صدقة، وبكل تكبيرة صدقة، وبكل تحميده صدقة، وبكل تهليلة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن المنكر صدقة، ويجزئ عن ذلك ركعتان يركعهما من الضحى، فدل ذلك على مشروعية الضحى.
وأما من فعله صلى الله عليه وسلم فقد ورد من حديث عائشة رضي الله عنها: ((كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي الضُّحَى أَرْبَعًا، وَيَزِيدُ مَا شَاءَ اللَّهُ)).
وكذلك في حديث أم هانئ أنه صلى الله عليه وسلم ((قَامَ فَصَلَّى ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ مُلْتَحِفًا فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ))، ويصدق عليه صلاة الضحى، وقال القاضي عياض رحمه الله:((وتأولوا حديث أم هانئ أنها صلاة الفتح، وأنها من السنن ثمانى ركعات))
(2)
.
(1)
أخرجه مسلم (755).
(2)
إكمال المعلم، للقاضي عياض (3/ 52 - 53).
أما حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ أنه قَالَ: ((قُلْتُ لِعَائِشَةَ: أَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي الضُّحَى؟ قَالَتْ: لَا، إِلَّا أَنْ يَجِيءَ مِنْ مَغِيبِهِ))، يعني: من سفره فهو يعارض قولها: ((كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي الضُّحَى أَرْبَعًا، وَيَزِيدُ مَا شَاءَ اللَّهُ)).
وقد حمل النووي رحمه الله قول عائشة رضي الله عنها الأول على أنها أرادت: ما كان يداوم صلى الله عليه وسلم، فيكون نفيًا للمداومة، لا لأصلها
(1)
، ويحتمل أنها نسيت رضي الله عنها؛ لأنها أخبرت قبل ذلك: أنه كان يصلي الضحى أربعًا، ويزيد ما شاء الله، وهذا الأخير ذكره سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله، وكلام النووي رحمه الله غير ظاهر.
والصواب: أن سنة الضحى مشروعة ومستحبة، وأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يداوم عليها؛ لأنه عليه السلام إما أنه كان مشغولًا بتبليغ الدعوة والرسالة، وإنفاذ الجيوش وقضاء حوائج الناس، وإما خشية أن تُفرض على الناس فيعجزوا عنها، قالت عائشة رضي الله عنها:((وَإِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَيَدَعُ الْعَمَلَ- وَهُوَ يُحِبُّ أَنْ يَعْمَلَ بِهِ-؛ خَشْيَةَ أَنْ يَعْمَلَ بِهِ النَّاسُ، فَيُفْرَضَ عَلَيْهِمْ)).
واختلف العلماء: هل يستحب المداومة على صلاة الضحى؟
على قولين، والصواب: أنه يستحب المداومة عليها، وهذا قول الجمهور
(2)
، وقال بعض أهل العلم: يكره المداومة عليها؛ لئلَّا يشبهها بالفرائض
(3)
.
ووقت صلاة الضحى: من ارتفاع الشمس قدر رمح، أي: بعد طلوعها بربع ساعة، أو بثلث ساعة إلى قبيل الزوال.
وأقلها: ركعتان، ولا حد لأكثرها، وقال النووي رحمه الله: إن أكثرها ثمان
(1)
شرح مسلم، للنووي (5/ 230).
(2)
بدائع الصنائع، للكاساني (1/ 294)، مواهب الجليل، للحطاب (2/ 67)، المجموع، للنووي (4/ 37)، الإنصاف، للمرداوي (2/ 191)، المغني، لابن قدامة (2/ 97 - 98).
(3)
زاد المعاد، لابن القيم (1/ 341 - 343).
ركعات
(1)
.
وأفضل أوقاتها: حين ترمض الفصال، أي: حين تشتد الحرارة، والفصال جمع فصيل، وهو ولد الناقة، وترمض الفصال: تصيبها حرارة الرمضاء إذا اشتدت.
(1)
شرح مسلم، للنووي (4/ 29).