الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ فَضْلِ اسْتِمَاعِ الْقُرْآنِ، وَطَلَبِ الْقِرَاءَةِ مِنْ حَافِظِهِ لِلِاسْتِمَاعِ، وَالْبُكَاءِ عِنْدَ الْقِرَاءَةِ وَالتَّدَبُّرِ
[800]
وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبُو كُرَيْبٍ، جَمِيعًا عَنْ حَفْصٍ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبِيدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((اقْرَأْ عَلَيَّ الْقُرْآنَ)) قَالَ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَقْرَأُ عَلَيْكَ، وَعَلَيْكَ أُنْزِلَ؟ قَالَ:((إِنِّي أَشْتَهِي أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْ غَيْرِي))، فَقَرَأْتُ النِّسَاءَ حَتَّى إِذَا بَلَغْتُ:{فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيدًا} رَفَعْتُ رَأْسِي، أَوْ غَمَزَنِي رَجُلٌ إِلَى جَنْبِي، فَرَفَعْتُ رَأْسِي، فَرَأَيْتُ دُمُوعَهُ تَسِيلُ.
[خ: 5055]
حَدَّثَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، وَمِنْجَابُ بْنُ الْحَارِثِ التَّمِيمِيُّ، جميعًا عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُسْهِرٍ عَنِ الأَعْمَشِ بِهَذَا الإِسْنَادِ، وَزَادَ هَنَّادٌ فِي رِوَايَتِهِ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ-: ((اقْرَأْ عَلَيَّ)).
وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبُو كُرَيْبٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنِي مِسْعَرٌ، وَقَالَ أَبُو كُرَيْبٍ: عَنْ مِسْعَرٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ: ((اقْرَأْ عَلَيَّ)) قَالَ: أَقْرَأُ عَلَيْكَ، وَعَلَيْكَ أُنْزِلَ؟ قَالَ:((إِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْ غَيْرِي)) قَالَ: فَقَرَأَ عَلَيْهِ مِنْ أَوَّلِ سُورَةِ النِّسَاءِ إِلَى قَوْلِهِ: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيدًا} ، فَبَكَى.
قَالَ مِسْعَرٌ: فَحَدَّثَنِي مَعْنٌ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: ((شَهِيدًا عَلَيْهِمْ مَا دُمْتُ فِيهِمْ، أَوْ مَا كُنْتُ فِيهِمْ)) شَكَّ مِسْعَرٌ.
في هذا الحديث: ييان تذكر الرسول صلى الله عليه وسلم لهذا الموقف العظيم الموضح في قوله تعالى: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيدًا يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوْا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمْ الأَرْضُ وَلا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا} ، فلما تذكره بكى عليه الصلاة والسلام، وسالت دموعه، وذلك لما قرأ عليه عبد الله رضي الله عنه من أول سورة النساء إلى أن وصل إلى هذه الآية، وقد قرأ قريبًا من نصف جزء تقريبًا، وهذه منقبة لعبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قرأ القرآن على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وفيه: التخشُّع والتدبُّر للقراءة، والتحزُّن والبكاء، فكل هذا مطلوب.
والصحابة رضي الله عنهم كانوا يبكون بدموع العين، وكانت تَوْجَل قلوبهم وتلين وتخشع وتلين جلدوهم وقلوبهم، ولكن كان عندهم ثبات وقوة، كما قال الله تعالى:{اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} ، وقال تعالى:{الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم} .
وحال التابعين لم يكن كذلك كما ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، قال: ((وله
(1)
في الجسد آثار محمودة؛ من خشوع القلب، ودموع العين، واقشعرار الجلد، وقد ذكر الله هذه الثلاثة في القرآن. وكانت موجودة في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وسلم الذين أثنى عليهم في القرآن ووجد بعدهم في التابعين آثار ثلاثة: الاضطراب والاختلاج والإغماء- أو الموت والهيام؛ فأنكر بعض السلف ذلك- إما لبدعتهم وإما لحبهم. وأما جمهور الأئمة والسلف فلا ينكرون ذلك؛ فإن السبب إذا لم يكن محظورًا كان صاحبه فيما تولد عنه معذورًا)).
(2)
(1)
أي: للقرآن.
(2)
مجموع الفتاوى، لابن تيمية (11/ 590).
[801]
حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّه قَالَ: كُنْتُ بِحِمْصَ، فَقَالَ لِي بَعْضُ الْقَوْمِ: اقْرَأْ عَلَيْنَا، فَقَرَأْتُ عَلَيْهِمْ سُورَةَ يُوسُفَ قَالَ: فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: وَاللَّهِ مَا هَكَذَا أُنْزِلَتْ قَالَ: قُلْتُ: وَيْحَكَ! وَاللَّهِ لَقَدْ قَرَأْتُهَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ لِي: أَحْسَنْتَ، فَبَيْنَمَا أَنَا أُكَلِّمُهُ إِذْ وَجَدْتُ مِنْهُ رِيحَ الْخَمْرِ قَالَ: فَقُلْتُ: أَتَشْرَبُ الْخَمْرَ، وَتُكَذِّبُ بِالْكِتَاب؟ لَا تَبْرَحُ حَتَّى أَجْلِدَكَ قَالَ: فَجَلَدْتُهُ الْحَدَّ.
[خ: 5001]
وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَعَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ، قَالَا: أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ. ح، وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبُو كُرَيْبٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، جَمِيعًا عَنِ الأَعْمَشِ بِهَذَا الإِسْنَادِ، وَلَيْسَ فِي حَدِيثِ أَبِي مُعَاوِيَةَ فَقَالَ لِي: أَحْسَنْتَ.
في هذا الحديث: أن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قرأ القرآن، فاعترض عليه رجل من أهل حمص، وقال: ما هكذا أنزلت، فقال له عبد الله:((وَيْحَكَ! وَاللَّهِ لَقَدْ قَرَأْتُهَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم)، ثم لما وجد منه ريح الخمر قال له:((أَتَشْرَبُ الْخَمْرَ، وَتُكَذِّبُ بِالْكِتَاب؟ ))، أي: فجمعت بين السيئتين؟ ! ((لَا تَبْرَحُ حَتَّى أَجْلِدَكَ))، يعني: لا تغادر هذا المكان حتى أجلدك، فجلده الحدَّ رضي الله عنه.
وفيه: أن الصحابة رضي الله عنهم فيهم من القوة ما يقيمون به الحد من غير نكير.
وفيه: أن من وُجد فيه ريح خمر فإنه يُجلد، وأن هذا علامة على شرب الخمر، وكذلك هناك علامة أخرى، وهي: تقيؤ الخمر؛ كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ((إنَّهُ لَمْ يَتَقَيَّأْهَا حَتَّى شَرِبَهَا))
(1)
.
(1)
أخرجه البيهقي في الكبرى (16101)، والدارقطني (434).