الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كِتَاب الْكُسُوفِ
بَابُ صَلَاةِ الْكُسُوفِ
[901]
وَحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ. ح، وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ- وَاللَّفْظُ لَهُ- قَال: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: ((خَسَفَتِ الشَّمْسُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي، فَأَطَالَ الْقِيَامَ جِدًّا، ثُمَّ رَكَعَ، فَأَطَالَ الرُّكُوعَ جِدًّا، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ، فَأَطَالَ الْقِيَامَ جِدًّا، وَهُوَ دُونَ الْقِيَامِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ رَكَعَ، فَأَطَالَ الرُّكُوعَ جِدًّا، وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ سَجَدَ، ثُمَّ قَامَ، فَأَطَالَ الْقِيَامَ، وَهُوَ دُونَ الْقِيَامِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ رَكَعَ، فَأَطَالَ الرُّكُوعَ، وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ، فَقَامَ، فَأَطَالَ الْقِيَامَ، وَهُوَ دُونَ الْقِيَامِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ رَكَعَ، فَأَطَالَ الرُّكُوعَ، وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ سَجَدَ، ثُمَّ انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ تَجَلَّتِ الشَّمْسُ، فَخَطَبَ النَّاسَ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، وَإِنَّهُمَا لَا يَنْخَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ، وَلَا لِحَيَاتِهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا فَكَبِّرُوا، وَادْعُوا اللَّهَ، وَصَلُّوا وَتَصَدَّقُوا يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ، إِنْ مِنْ أَحَدٍ أَغْيَرَ مِنَ اللَّهِ أَنْ يَزْنِيَ عَبْدُهُ، أَوْ تَزْنِيَ أَمَتُهُ، يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ، وَاللَّهِ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا، وَلَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا،
أَلَا هَلْ بَلَّغْتُ؟ )).
وَفِي رِوَايَةِ مَالِكٍ: ((إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ)).
[خ: 1044]
وَحَدَّثَنَاهُ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ، وَزَادَ، ثُمَّ قَالَ:((أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ))، وَزَادَ- أَيْضًا-:((ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ؟ )).
صلاة الكسوف: المشهور عند العلماء أنها سنة مؤكدة، وتشرع إقامتها جماعة وفرادى للمقيمين، والمسافرين، وللرجال والنساء.
يقال: كَسَفت الشمس، وخَسَفت الشمس، ويقال- أيضًا-: كَسَف القمر، وخَسَف القمر، هذا هو الصواب الذي قاله المحققون من أهل اللغة، قال تعالى:{فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ وَخَسَفَ الْقَمَرُ وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ} .
وقال بعضهم: المشهور في اللغة أن يقال للشمس: كَسفت، ويقال للقمر: خَسف، ولا يقال للشمس: خَسفت، ولا يقال للقمر: كَسف
(1)
.
وقال آخرون: إذا ذهب بعض نور الشمس فهو الكسوف وإذا ذهب جميعه فهو الخسوف
(2)
.
والصواب: أنه يقال لكل منهما: كَسَف، وخَسَف.
وصلاة الكسوف مشروعة إذا وُجد السبب، وهو كسوف الشمس، أو خسوف القمر، سواء ذهب ضوء الشمس كاملًا، أو بعض ضوئها، وسواء أذهب ضوء القمر، أو بعض ضوئه.
وصلاة الكسوف لها سببان:
سبب شرعي: وهو تخويف الله لعباده، فهي من الآيات التي يخوف الله عز وجل بها عباده: كالزلازل والبراكين، والرياح، والعواصف.
وقال كثير من العلماء: يصلَّى عند الزلزلة، وروي عن علي رضي الله عنه أنه صلى لما حصلت زلزلة في الكوفة
(3)
.
وسبب حسي: وهو أن الكسوف والخسوف يُدرَك بالحساب، كما حقق
(1)
النهاية، لابن الأثير (2/ 31 - 32).
(2)
لسان العرب، لابن منظور (9/ 69).
(3)
أخرجه الشافعي في الأم (7/ 168)، وابن أبي شيبة في المصنف (2/ 472)، والبيهقي في السنن (3/ 343).
ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله
(1)
، والعلامة ابن القيم رحمه الله
(2)
.
وصلاة الكسوف جاءت فيها أخبار متعددة، منها: حديث عائشة رضي الله عنها وهو أول حديث في الباب، وحديث ابن عباس رضي الله عنهما، كما سيأتي قريبًا، وحديث جابر رضي الله عنهما
(3)
، وجماعة من الصحابة.
وفي هذا الحديث: وصفت صلاة الكسوف بأنها صلاة طويلة جدًّا، قيامها طويل، وركوعها طويل، وسجودها طويل، إلا أن كل قيام يكون أقل من القيام الذي قبله، وكل ركوع يكون أقل من الركوع الذي قبله، وكل سجود يكون أقل من السجود الذي قبله.
وفيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى صلاة الكسوف ركعتين: في كل ركعة ركوعان، وسجودان، فتكون أربع ركوعات في أربع سجدات، هذا هو الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو الذي اتفق عليه الشيخان: البخاري، ومسلم في حديث عائشة وابن عباس رضي الله عنهم جميعًا.
وفيه: مشروعية الخطبة بعد صلاة الكسوف، وليس من شروط هذه الخطبة أن يقف الإمام على المنبر.
وفيه: رد على معتقَد أهل الجاهلية الذين كانوا يزعمون أن الكسوف والخسوف إنما يكونان لموت عظيم، أو ولادة عظيم، وقد صادف كسوف الشمس في عهد النبي صلى الله عليه وسلم اليوم الذي مات فيه إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم، فقال الناس: كسفت الشمس لموت إبراهيم، فخطب النبي صلى الله عليه وسلم الناسَ وبيَّن الحكمة من الكسوف والخسوف في حديث آخر، فقال:((وَلَكِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُخَوِّفُ بِهَا عِبَادَهُ))
(4)
.
(1)
مجموع الفتاوى، لابن تيمية (24/ 246 - 254).
(2)
مفتاح دار السعادة، لابن القيم (2/ 209).
(3)
أخرجه مسلم (1904).
(4)
أخرجه البخاري (1048).
وفيه: مشروعية التكبير، والإكثار من الدعاء والتضرع إلى الله، والصلاة والصدقة، وعتق الرقاب.
وقوله: ((يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ، إِنْ مِنْ أَحَدٍ أَغْيَرَ مِنَ اللَّهِ أَنْ يَزْنِيَ عَبْدُهُ، أَوْ تَزْنِيَ أَمَتُهُ)): إن نافية، بمعنى: ما، يعني: ما من أحد أغير من الله أن يزني عبده، أو تزني أمته، أي: أن الإنسان الذي عنده غيرة إذا رأى عبده يزني، أو أمته غار عليهما، فالله تعالى أغير منه، كما جاء في الحديث الآخر لما قال سعد بن معاذ رضي الله عنه:((لَوْ رَأَيْتُ رَجُلًا مَعَ امْرَأَتِي لَضَرَبْتُهُ بِالسَّيْفِ غَيْرَ مُصْفَحٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: أَتَعْجَبُونَ مِنْ غَيْرَةِ سَعْدٍ؟ لَأَنَا أَغْيَرُ مِنْهُ وَاللَّهُ أَغْيَرُ مِنِّي))
(1)
.
وفيه: إثبات الغيرة لله عز وجل، والغيرة من الصفات الفعلية على ما يليق بجلاله وعظمته سبحانه، فهو عز وجل لا يشابه المخلوقين في صفاتهم؛ خلافًا للجهمية، والأشاعرة، الذين أنكروا وصف الله تعالى بالغيرة وبالصفات الفعلية.
وقوله: ((يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ، وَاللَّهِ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا، وَلَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا))، يعني: لو تعلمون ما أعلم ما عند الله من العقوبة للعاصي، ومن الشدائد التي في يوم القيامة لبكيتم كثيرًا، ولضحكتم قليلًا.
وفيه: الرد على من عبد الشمس والقمر من دون الله؛ ولهذا ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ يُكَوَّرَانِ فِي النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ))
(2)
، وقال تعالى:{إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ} ، وهذا زيادة في النكال بالكفرة الذين عبدوا الشمس والقمر- نسأل الله العافية والسلامة.
والشمس والقمر آيتان من آيات الله، مسخَّرات، ليس لهما من الأمر شيء، ولا يستحقان شيئًا من العبادة، قال الله تعالى: {ومن آياته الليل
(1)
أخرجه البخاري (5219)، ومسلم (1501).
(2)
أخرجه ابن بطة في الإبانة الكبرى (55).
والنهار والشمس والقمر لا تسجدوا للشمس ولا للقمر واسجدوا لله الذي خلقهن إن كنتم إياه تعبدون}.
حَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنِي ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ.
ح، وَحَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ الْمُرَادِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ- زَوجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ: ((خَسَفَتِ الشَّمْسُ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْمَسْجِدِ، فَقَامَ، وَكَبَّرَ وَصَفَّ النَّاسُ وَرَاءَهُ، فَاقْتَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قِرَاءَةً طَوِيلَةً، ثُمَّ كَبَّرَ، فَرَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ، فَقَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ، ثُمَّ قَامَ فَاقْتَرَأَ قِرَاءَةً طَوِيلَةً، هِيَ أَدْنَى مِنَ الْقِرَاءَةِ الْأُولَى، ثُمَّ كَبَّرَ، فَرَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا، هُوَ أَدْنَى مِنَ الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ، ثُمَّ سَجَدَ- وَلَمْ يَذْكُرْ أَبُو الطَّاهِرِ: ثُمَّ سَجَدَ-، ثُمَّ فَعَلَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُخْرَى مِثْلَ ذَلِكَ، حَتَّى اسْتَكْمَلَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، وَأَرْبَعَ سَجَدَاتٍ، وَانْجَلَتِ الشَّمْسُ قَبْلَ أَنْ يَنْصَرِفَ، ثُمَّ قَامَ، فَخَطَبَ النَّاسَ، فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، لَا يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ، وَلَا لِحَيَاتِهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهَا فَافْزَعُوا لِلصَّلَاةِ))، وَقَالَ- أَيْضًا-:((فَصَلُّوا حَتَّى يُفَرِّجَ اللَّهُ عَنْكُمْ))، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((رَأَيْتُ فِي مَقَامِي هَذَا كُلَّ شَيْءٍ وُعِدْتُمْ، حَتَّى لَقَدْ رَأَيْتُنِي أُرِيدُ أَنْ آخُذَ قِطْفًا مِنَ الْجَنَّةِ حِينَ
رَأَيْتُمُونِي جَعَلْتُ أُقَدِّمُ- وقَالَ الْمُرَادِيُّ: أَتَقَدَّمُ-، وَلَقَدْ رَأَيْتُ جَهَنَّمَ يَحْطِمُ بَعْضُهَا بَعْضًا حِينَ رَأَيْتُمُونِي تَأَخَّرْتُ، وَرَأَيْتُ فِيهَا ابْنَ لُحَيٍّ، وَهُوَ الَّذِي سَيَّبَ السَّوَائِبَ)). وَانْتَهَى حَدِيثُ أَبِي الطَّاهِرِ عِنْدَ قَوْلِهِ:((فَافْزَعُوا لِلصَّلَاةِ))، وَلَمْ يَذْكُرْ مَا بَعْدَهُ.
قوله صلى الله عليه وسلم: ((فَافْزَعُوا لِلصَّلَاةِ)): لأن المقام مقام خوف؛ ولهذا جاء في
الحديث الآخر: ((أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا خَسَفتِ الشَّمْسُ قَامَ فَزِعًا يَخْشَى أَنْ تَكُونَ السَّاعَةُ، حَتَّى أَتَى الْمَسْجِدَ، فَقَامَ يُصَلِّي بِأَطْوَلِ قِيَامٍ وَرُكُوعٍ وَسُجُودٍ، مَا رَأَيْتُهُ يَفْعَلُهُ فِي صَلَاةٍ قَطُّ)).
في هذا الحديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم كُشف له عن الجنة، وعن النار، وأنه لما كشف له عن الجنة تقدم، وتقدمت الصفوف، حتى كأنه يريد أن يتناول عنقودًا من العنب، كما سيأتي في الحديث الآخر، قال:((إِنِّي رَأَيْتُ الْجَنَّةَ، فَتَنَاوَلْتُ عُنْقُودًا، وَلَوْ أَصَبْتُهُ لَأَكَلْتُمْ مِنْهُ مَا بَقِيَتِ الدُّنْيَا، وَأُرِيتُ النَّارَ، فَلَمْ أَرَ مَنْظَرًا كَالْيَوْمِ قَطُّ أَفْظَعَ، وَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا النِّسَاءَ))
(1)
.
وفيه: جواز التقدم والحركة في الصلاة للحاجة، وأنه لا يبطل الصلاة؛ ولهذا تقدم النبي صلى الله عليه وسلم، وتقدمت الصفوف، وتأخر، وتأخرت الصفوف، فإذا كان الإنسان في الصف وأمامه فرجة، ثم تقدم ليسدها فلا حرج، وجاء عن سهل بن سعد رضي الله عنه في حديث المنبر:((فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ كَبَّرَ، وَقَامَ النَّاسُ خَلْفَهُ، فَقَرَأَ وَرَكَعَ، وَرَكَعَ النَّاسُ خَلْفَهُ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ، ثُمَّ رَجَعَ الْقَهْقَرَى، فَسَجَدَ عَلَى الْأَرْضِ، ثُمَّ عَادَ إِلَى الْمِنْبَرِ، ثُمَّ رَكَعَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ، ثُمَّ رَجَعَ الْقَهْقَرَى حَتَّى سَجَدَ بِالْأَرْضِ))
(2)
.
(1)
أخرجه البخاري (1052)، ومسلم (910).
(2)
أخرجه البخاري (377)، ومسلم (546).
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مِهْرَانَ الرَّازِيُّ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ أَبُو عَمْرٍو، وَغَيْرُهُ: سَمِعْتُ ابْنَ شِهَابٍ الزُّهْرِيَّ يُخْبِرُ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ: ((أَنَّ الشَّمْسَ خَسَفَتْ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَبَعَثَ مُنَادِيًا: الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ، فَاجْتَمَعُوا، وَتَقَدَّمَ، فَكَبَّرَ، وَصَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ فِي رَكْعَتَيْنِ، وَأَرْبَعَ سَجَدَاتٍ)).
[خ: 1046]
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مِهْرَانَ الرَّازِيُّ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ أَبُو عَمْرٍو، وَغَيْرُهُ: سَمِعْتُ ابْنَ شِهَابٍ الزُّهْرِيَّ يُخْبِرُ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ: ((أَنَّ الشَّمْسَ خَسَفَتْ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَبَعَثَ مُنَادِيًا: الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ، فَاجْتَمَعُوا، وَتَقَدَّمَ، فَكَبَّرَ، وَصَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ فِي رَكْعَتَيْنِ، وَأَرْبَعَ سَجَدَاتٍ)).
[902]
قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَأَخْبَرَنِي كَثِيرُ بْنُ عَبَّاسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: ((أَنَّهُ صَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ فِي رَكْعَتَيْنِ، وَأَرْبَعَ سَجَدَاتٍ)).
وَحَدَّثَنَا حَاجِبُ بْنُ الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ الزُّبَيْدِيُّ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: كَانَ كَثِيرُ بْنُ عَبَّاسٍ يُحَدِّثُ: ((أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ كَانَ يُحَدِّثُ عَنْ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ كَسَفَتِ الشَّمْسُ بِمِثْلِ مَا حَدَّثَ عُرْوَةُ عَنْ عَائِشَةَ)).
في هذا الحديث: مشروعية النداء لصلاة الكسوف، فينادى لها:((الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ))، ويكرر هذا على حسب الحاجة.
وفيه: أن صلاة الكسوف أربع ركعات وأربع سجدات في ركعتين.
وفيه: جواز الجهر بالقراءة في صلاة الكسوف، على الصحيح، وكذلك في خسوف القمر، خلافًا للنووي رحمه الله، فإنه قال:((قوله: (جهر في صلاة الخسوف) هذا عند أصحابنا والجمهور محمول على كسوف القمر؛ لأن مذهبنا ومذهب مالك، وأبي حنيفة، والليث بن سعد، وجمهور الفقهاء: أنه
يُسِرُّ في كسوف الشمس، ويجهر في خسوف القمر، وقال أبو يوسف، ومحمد بن الحسن، وأحمد، وإسحاق وغيرهم: يجهر فيهما، وتمسكوا بهذا الحديث، أنه جهر في صلاة الكسوف))
(1)
.
والصواب: مشروعية الجهر بالقراءة في كل من الخسوف، والكسوف، وقول الجمهور هذا فيه نظر، والقاعدة: أن السنة حاكمة على الأقوال وعلى المذاهب.
والأحاديث جاءت صريحة في أن النبي صلى الله عليه وسلم جهر بالقراءة في صلاة الكسوف.
[901]
وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَطَاءً يَقُولُ: سَمِعْتُ عُبَيْدَ بْنَ عُمَيْرٍ يَقُولُ: حَدَّثَنِي مَنْ أُصَدِّقُ- حَسِبْتُهُ يُرِيدُ عَائِشَةَ-: ((أَنَّ الشَّمْسَ انْكَسَفَتْ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَامَ قِيَامًا شَدِيدًا يَقُومُ قَائِمًا، ثُمَّ يَرْكَعُ، ثُمَّ يَقُومُ، ثُمَّ يَرْكَعُ، ثُمَّ يَقُومُ، ثُمَّ يَرْكَعُ رَكْعَتَيْنِ فِي ثَلَاثِ رَكَعَاتٍ، وَأَرْبَعِ سَجَدَاتٍ، فَانْصَرَفَ وَقَدْ تَجَلَّتِ الشَّمْسُ، وَكَانَ إِذَا رَكَعَ قَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ، ثُمَّ يَرْكَعُ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فَقَامَ، فَحَمِدَ اللَّهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَا يَكْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ، وَلَا لِحَيَاتِهِ، وَلَكِنَّهُمَا مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِمَا عِبَادَهُ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ كُسُوفًا فَاذْكُرُوا اللَّهَ حَتَّى يَنْجَلِيَا)).
وَحَدَّثَنِي أَبُو غَسَّانَ الْمِسْمَعِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَا: حَدَّثَنَا مُعَاذٌ- وَهُوَ ابْنُ هِشَامٍ-، حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ عَائِشَةَ:((أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلَّى سِتَّ رَكَعَاتٍ، وَأَرْبَعَ سَجَدَاتٍ)).
في هذا الحديث: أنه صلى الله عليه وسلم صلى في الركعة الأولى ثلاث ركعات، وسجدتين، والثانية مثلها.
(1)
شرح مسلم، للنووي (6/ 204).