الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ اسْتِحْبَابِ تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ بِرَكْعَتَيْنِ، وَكَرَاهَةِ الْجُلُوسِ قَبْلَ صَلَاتِهِمَا، وَأَنَّهَا مَشْرُوعَةٌ فِي جَمِيعِ الأَوْقَاتِ
[714]
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا مَالِكٌ. ح، وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمٍ الزُّرَقِيِّ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يَجْلِسَ)).
[خ: 444]
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ زَائِدَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ يَحْيَى الأَنْصَارِيُّ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ عَنِ عَمْرِو بْنِ سُلَيْمِ بْنِ خَلْدَةَ الأَنْصَارِيِّ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَالِسٌ بَيْنَ ظَهْرَانَي النَّاسِ قَالَ: فَجَلَسْتُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:((مَا مَنَعَكَ أَنْ تَرْكَعَ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ تَجْلِسَ؟ )) قَالَ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، رَأَيْتُكَ جَالِسًا، وَالنَّاسُ جُلُوسٌ قَالَ:((فَإِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ فَلَا يَجْلِسْ حَتَّى يَرْكَعَ رَكْعَتَيْنِ)).
[715]
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَوَّاسٍ الْحَنَفِيُّ أَبُو عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ الأَشْجَعِيُّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كَانَ لِي عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم دَيْنٌ، فَقَضَانِي، وَزَادَنِي، وَدَخَلْتُ عَلَيْهِ الْمَسْجِدَ، فَقَالَ لِي:((صَلِّ رَكْعَتَيْنِ)).
[خ: 2097]
في هذه الأحاديث: أن هاتين الركعتين تُسَمَّيَان تحية المسجد، وفي الحديث الأول؛ حديث أبي قتادة رضي الله عنه أنه أمر بالإتيان بهما إذا دخل المسجد، وفي الحديث الثاني أنه نهى عن الجلوس حتى يصليهما.
وقد اختلف العلماء في حكم صلاة تحية المسجد: فالجمهور على أن الأمر للاستحباب، والنهي للتنزيه، وذهبوا إلى أنهما سنة، وقالوا: إن الصارف للأمر عن الوجوب هنا هو سؤال الرجل الأعرابي الذي سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الواجبات، فأخبره النبي صلى الله عليه وسلم بأن عليه في اليوم والليلة خمس صلوات، والزكاة، والصيام، فقال الأعرابي: هل علي غيرها؟ قال: ((لَا، إِلَّا أَنْ تَطَّوَّعَ))
(1)
، فهذا الحديث قد صرف الأمر من الوجوب إلى الاستحباب
(2)
.
وذهب الظاهرية وجماعة إلى أنها واجبة
(3)
، وقالوا: الصلوات الخمس واجبة في اليوم والليلة، أما هذه فوجبت لسبب خاص، وهو دخول المسجد، والواجب السببي غير الواجب المطلق، وقولهم قوي.
وهنا مسألة خلافية، وهي: أنه إذا دخل المسجد في وقت النهي- كما لو دخله بعد صلاة الفجر، أو بعد صلاة العصر- فهل يصلي التحية؟
اختلف العلماء في الجمع بين الأحاديث الواردة في ذلك، فهناك حديث:((إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يَجْلِسَ))، وحديث النهي:((أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْفَجْرِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وَبَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ))
(4)
؛ فمن العلماء من قدَّم أحاديث النهي، وقالوا: إنها أصح وأكثر، فقالوا: يجلس ولا يصلي.
قال النووي: ((وفيه استحباب التحية في أي وقت دخل وهو مذهبنا وبه قال جماعة، وكرهها أبو حنيفة والأوزاعي والليث في وقت النهي، وأجاب أصحابنا أن النهي إنما هو عما لا سبب له؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بعد العصر
(1)
أخرجه البخاري (46)، ومسلم (13).
(2)
البحر الرائق، لابن نجيم (2/ 55)، حاشية الدر المختار، لابن عابدين (2/ 18)، شرح مختصر خليل، للخرشي (2/ 6)، المجموع، للنووي (4/ 51).
(3)
المحلى، لابن حزم (5/ 69).
(4)
أخرجه البخاري (584)، ومسلم (828).
ركعتين قضاء سنة الظهر فخص وقت النهي وصلى به ذات السبب ولم يترك التحية في حال من الأحوال بل أمر الذي دخل المسجد يوم الجمعة وهو يخطب فجلس أن يقوم فيركع ركعتين مع أن الصلاة في حال الخطبة ممنوع منها إلا التحية، فلو كانت التحية تُترك في حال من الأحوال لَتُركت الآن؛ لأنه قعد وهي مشروعة قبل القعود؛ ولأنه كان يجهل حكمها؛ ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قطع خطبته وكلمه وأمره أن يصلي التحية فلولا شدة الاهتمام بالتحية في جميع الأوقات لما اهتم عليه السلام هذا الاهتمام)).
(1)
(1)
شرح مسلم، للنووي (5/ 226).