الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ صَلَاةِ الْخَوْفِ
[839]
حَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلَاةَ الْخَوْفِ بِإِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ رَكْعَةً وَالطَّائِفَةُ الْأُخْرَى مُوَاجِهَةُ الْعَدُوِّ، ثُمَّ انْصَرَفُوا، وَقَامُوا فِي مَقَامِ أَصْحَابِهِمْ مُقْبِلِينَ عَلَى الْعَدُوِّ، وَجَاءَ أُولَئِكَ، ثُمَّ صَلَّى بِهِمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم رَكْعَةً، ثُمَّ سَلَّمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ قَضَى هَؤُلَاءِ رَكْعَةً وَهَؤُلَاءِ رَكْعَةً.
[خ: 4133]
وَحَدَّثَنِيهِ أَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ، حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ: أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُ عَنْ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْخَوْفِ، وَيَقُولُ: صَلَّيْتُهَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، بِهَذَا الْمَعْنَى.
وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ مُوسَى ابْنِ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلَاةَ الْخَوْفِ فِي بَعْضِ أَيَّامِهِ، فَقَامَتْ طَائِفَةٌ مَعَهُ وَطَائِفَةٌ بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ، فَصَلَّى بِالَّذِينَ مَعَهُ رَكْعَةً، ثُمَّ ذَهَبُوا، وَجَاءَ الْآخَرُونَ فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَةً، ثُمَّ قَضَتِ الطَّائِفَتَانِ رَكْعَةً رَكْعَةً قَالَ: وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: فَإِذَا كَانَ خَوْفٌ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، فَصَلِّ رَاكِبًا أَوْ قَائِمًا، تُومِئُ إِيمَاءً.
[840]
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلَاةَ الْخَوْفِ، فَصَفَّنَا صَفَّيْنِ، صَفٌّ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَالْعَدُوُّ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ، فَكَبَّرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَكَبَّرْنَا جَمِيعًا، ثُمَّ رَكَعَ وَرَكَعْنَا جَمِيعًا، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ وَرَفَعْنَا جَمِيعًا، ثُمَّ انْحَدَرَ بِالسُّجُودِ وَالصَّفُّ الَّذِي يَلِيهِ، وَقَامَ الصَّفُّ الْمُؤَخَّرُ فِي نَحْرِ الْعَدُوِّ، فَلَمَّا قَضَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم السُّجُودَ، وَقَامَ الصَّفُّ الَّذِي يَلِيهِ انْحَدَرَ الصَّفُّ الْمُؤَخَّرُ بِالسُّجُودِ
وَقَامُوا، ثُمَّ تَقَدَّمَ الصَّفُّ الْمُؤَخَّرُ، وَتَأَخَّرَ الصَّفُّ الْمُقَدَّمُ، ثُمَّ رَكَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَرَكَعْنَا جَمِيعًا، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ وَرَفَعْنَا جَمِيعًا، ثُمَّ انْحَدَرَ بِالسُّجُودِ وَالصَّفُّ الَّذِي يَلِيهِ الَّذِي كَانَ مُؤَخَّرًا فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى، وَقَامَ الصَّفُّ الْمُؤَخَّرُ فِي نُحُورِ الْعَدُوِّ، فَلَمَّا قَضَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم السُّجُودَ وَالصَّفُّ الَّذِي يَلِيهِ، انْحَدَرَ الصَّفُّ الْمُؤَخَّرُ بِالسُّجُودِ فَسَجَدُوا، ثُمَّ سَلَّمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَسَلَّمْنَا جَمِيعًا. قَالَ جَابِرٌ: كَمَا يَصْنَعُ حَرَسُكُمْ هَؤُلَاءِ بِأُمَرَائِهِمْ.
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: غَزَوْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَوْمًا مِنْ جُهَيْنَةَ، فَقَاتَلُونَا قِتَالًا شَدِيدًا، فَلَمَّا صَلَّيْنَا الظُّهْرَ، قَالَ الْمُشْرِكُونَ: لَوْ مِلْنَا عَلَيْهِمْ مَيْلَةً لَاقْتَطَعْنَاهُمْ، فَأَخْبَرَ جِبْرِيلُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَلِكَ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:((وَقَالُوا: إِنَّهُ سَتَأْتِيهِمْ صَلَاةٌ هِيَ أَحَبُّ إِلَيْهِمْ مِنَ الْأَوْلَادِ))، فَلَمَّا حَضَرَتِ الْعَصْرُ قَالَ: صَفَّنَا صَفَّيْنِ وَالْمُشْرِكُونَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ قَالَ: فَكَبَّرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَكَبَّرْنَا، وَرَكَعَ فَرَكَعْنَا، ثُمَّ سَجَدَ وَسَجَدَ مَعَهُ الصَّفُّ الْأَوَّلُ، فَلَمَّا قَامُوا سَجَدَ الصَّفُّ الثَّانِي، ثُمَّ تَأَخَّرَ الصَّفُّ الْأَوَّلُ وَتَقَدَّمَ الصَّفُّ الثَّانِي، فَقَامُوا مَقَامَ الْأَوَّلِ، فَكَبَّرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَكَبَّرْنَا، وَرَكَعَ فَرَكَعْنَا، ثُمَّ سَجَدَ مَعَهُ الصَّفُّ الْأَوَّلُ وَقَامَ الثَّانِي، فَلَمَّا سَجَدَ الصَّفُّ الثَّانِي ثُمَّ جَلَسُوا جَمِيعًا سَلَّمَ عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.
قَالَ أَبُو الزُّبَيْرِ: ثُمَّ خَصَّ جَابِرٌ أَنْ قَالَ: كَمَا يُصَلِّي أُمَرَاؤُكُمْ هَؤُلَاءِ.
[841]
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلَّى بِأَصْحَابِهِ فِي الْخَوْفِ، فَصَفَّهُمْ خَلْفَهُ صَفَّيْنِ، فَصَلَّى بِالَّذِينَ يَلُونَهُ رَكْعَةً، ثُمَّ قَامَ فَلَمْ يَزَلْ قَائِمًا حَتَّى صَلَّى الَّذِينَ خَلْفَهُمْ رَكْعَةً، ثُمَّ تَقَدَّمُوا وَتَأَخَّرَ الَّذِينَ كَانُوا قُدَّامَهُمْ، فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَةً، ثُمَّ قَعَدَ حَتَّى صَلَّى الَّذِينَ تَخَلَّفُوا رَكْعَةً، ثُمَّ سَلَّمَ.
[خ: 4131]
[842]
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنْ يَزِيدَ ابْنِ رُومَانَ
عَنْ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ، عَمَّنْ صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ ذَاتِ الرِّقَاعِ صَلَاةَ الْخَوْفِ: أَنَّ طَائِفَةً صَفَّتْ مَعَهُ وَطَائِفَةٌ وِجَاهَ الْعَدُوِّ، فَصَلَّى بِالَّذِينَ مَعَهُ رَكْعَةً، ثُمَّ ثَبَتَ قَائِمًا وَأَتَمُّوا لِأَنْفُسِهِمْ، ثُمَّ انْصَرَفُوا، فَصَفُّوا وِجَاهَ الْعَدُوِّ، وَجَاءَتِ الطَّائِفَةُ الْأُخْرَى، فَصَلَّى بِهِمُ الرَّكْعَةَ الَّتِي بَقِيَتْ، ثُمَّ ثَبَتَ جَالِسًا، وَأَتَمُّوا لِأَنْفُسِهِمْ ثُمَّ سَلَّمَ بِهِمْ.
[خ: 4129]
[843]
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا أَبَانُ بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: أَقْبَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى إِذَا كُنَّا بِذَاتِ الرِّقَاعِ قَالَ: كُنَّا إِذَا أَتَيْنَا عَلَى شَجَرَةٍ ظَلِيلَةٍ تَرَكْنَاهَا لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، وَسَيْفُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُعَلَّقٌ بِشَجَرَةٍ، فَأَخَذَ سَيْفَ نَبِيِّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَاخْتَرَطَهُ، فَقَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَتَخَافُنِي؟ قَالَ: ((لَا)) قَالَ: فَمَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي؟ قَالَ: ((اللَّهُ يَمْنَعُنِي مِنْكَ)) قَالَ: فَتَهَدَّدَهُ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَغْمَدَ السَّيْفَ وَعَلَّقَهُ قَالَ: فَنُودِيَ بِالصَّلَاةِ، فَصَلَّى بِطَائِفَةٍ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ تَأَخَّرُوا، وَصَلَّى بِالطَّائِفَةِ الْأُخْرَى رَكْعَتَيْنِ قَالَ: فَكَانَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ، وَلِلْقَوْمِ رَكْعَتَانِ.
[خ: 4136]
وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّارِمِيُّ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى- يَعْنِي: ابْنَ حَسَّانَ- حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ- وَهُوَ ابْنُ سَلَّامٍ- أَخْبَرَنِي يَحْيَى، أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَنَّ جَابِرًا أَخْبَرَهُ أَنَّهُ صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَلَاةَ الْخَوْفِ، فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِإِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ صَلَّى بِالطَّائِفَةِ الْأُخْرَى رَكْعَتَيْنِ، فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، وَصَلَّى بِكُلِّ طَائِفَةٍ رَكْعَتَيْنِ.
في هذا الباب ذكر صلاة الخوف وهي إنما تُصلى في الجهاد وقتال الأعداء، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب لم يُصلِّ صلاة الخوف، وأخَّر صلاة
العصر، ولم يصلها إلا بعد غروب الشمس، ثم صلى بعدها المغرب، وثبت في سنن النسائي- أيضًا-:((أنَّ الْمُشْرِكِينَ شَغَلُوا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنْ أَرْبَعِ صَلَوَاتٍ يَوْمَ الْخَنْدَقِ، فَأَمَرَ بِلَالًا، فَأَذَّنَ ثُمَّ أَقَامَ، فَصَلَّى الظُّهْرَ، ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الْعَصْرَ، ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الْمَغْرِبَ، ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الْعِشَاءَ))
(1)
.
وثبت- أيضًا-: أن عمر رضي الله عنه جعل يسب المشركين، وقال: يا رسول الله، شغلونا عن الصلاة، ما كدت أن أصليها حتى غربت الشمس، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:((مَا إِنْ صَلَّيْتُهَا بَعْدُ)): فتوضأ، وصلاها بعد المغرب، فقال صلى الله عليه وسلم:((مَلَأَ اللَّهُ قُبُورَهُمْ وَبُيُوتَهُمْ نَارًا، كَمَا حَبَسُونَا وَشَغَلُونَا عَنِ الصَّلَاةِ الْوُسْطَى، حَتَّى غَابَتِ الشَّمْسُ))
(2)
: يعني: العصر.
قال الجمهور من العلماء: إن هذا قبل أن تشرع صلاة الخوف، ثم شرعت صلاة الخوف بعد ذلك، فكان النبي صلى الله عليه وسلم لا يؤخر الصلاة عن وقتها، وإنما يصليها في وقتها على إحدى الصفات الواردة.
وذهب المحققون من أهل العلم إلى أنه قد تؤخر الصلاة عن وقتها، ولو بعد شرعية صلاة الخوف، إذا لم يتمكن المسلمون من صلاتها في الوقت، وكما قال ابن عمر رضي الله عنهما هنا:((فَصَلِّ رَاكِبًا، أَوْ قَائِمًا))، ويصلون كلٌّ وحْدانًا، ولا يصلون جماعة، بل يصلون ركبانًا أو مشاة، ويومئون إيماءً، فإذا تمكنوا من صلاتها جماعة صلوا، وإذا لم يتمكنوا صلى كل واحد وحده، وقال بهذا البخاري رحمه الله وجماعة من المحققين
(3)
.
واستدلوا على هذا بفعل بعض الصحابة رضوان الله عليهم بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم لما فتحوا تُسْتَر، حضرت صلاة الفجر ولم يتم الفتح، والمجاهدون منهم من هو على الأبواب ومنهم من هو على الأسوار، ورأوا لو أنهم صلوا
(1)
أخرجه الترمذي (179)، والنسائي (656).
(2)
أخرجه مسلم (627).
(3)
صحيح البخاري (2/ 14).
الفجر في وقتها لم يتم الفتح، واستولى عليهم المشركون، فأخروا الصلاة حتى تم الفتح، وفتحت الأبواب، واطمأنوا، فصلوها ضحًى، وقال أنس رضي الله عنه:((شَهِدْتُ فَتْحَ تُسْتَرَ مَعَ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيُّ، فَلَمْ يُصَلِّ صَلاةَ الصُّبْحِ، حَتَّى انْتَصَفَ النَّهَار، قَالَ أَنَسٌ: وَمَا يَسُرُّنِي بِتِلْكَ الصَّلاةِ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا))
(1)
، فدل هذا على أن صلاة الخوف تصلى إذا أمكن، وإن لم يمكن صلى كل واحد وحده.
وصلاة الخوف جاءت على صفات متعددة، قال الإمام أحمد رحمه الله:((كل حديث يروى في أبواب صلاة الخوف فالعمل به جائز، وقال: ستة أوجه أو سبعة يروى فيها، كلها جائزة))
(2)
.
وقال الأثرم: ((قلت لأبي عبد الله: تقول بالأحاديث كلها كل حديث في موضعه، أو تختار واحدًا منها؟ قال: أنا أقول: من ذهب إليها كلها فحسن، وأما حديث سهل فأنا أختاره))
(3)
.
وذكر الإمام مسلم رحمه الله في هذه الأحاديث خمس صفات لصلاة الخوف:
الصفة الأولى: في حديث ابن عمر رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بطائفة ركعة، وطائفة تحرس العدو، فلما صلى بهذه الطائفة ركعة، ذهبوا يحرسون، وجاءت الطائفة الأخرى التي تحرس فصلت معه ركعة، ثم سلم عليه الصلاة والسلام، وقضى هؤلاء ركعة، وقضى هؤلاء ركعة.
الصفة الثانية: في حديث جابر رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم صفَّهم صفَّين، وكان العدو جهة القبلة، ثم كبر وكبروا جميعًا، ثم ركع وركعوا جميعًا، ثم رفع ورفعوا جميعًا، ثم سجد وسجد الصف الذي يليه، وبقي الصف الثاني
(1)
أخرجه البخاري معلَّقًا مجزومًا به عقب حديث (944)، ووصله ابن أبي شيبة في المصنف (33822).
(2)
المغنى، لابن قدامة (2/ 306).
(3)
المغنى، لابن قدامة (2/ 306).
يحرس، فلما قضى سجوده في السجدة الثانية وقاموا وقام الصف الأول، انحدر الصف الثاني، وسجدوا سجدتين، ثم قاموا، فلما قاموا تأخر الصف المقدم، وتقدم الصف المؤخر، ثم ركع وركعوا جميعًا، ثم رفع ورفعوا جميعًا، ثم سجد وسجد الصف الذي يليه الذي كان هو الصف الثاني، وبقي الصف الثاني يحرس، فلما سجدوا سجدتين وقعدوا انحدر الصف الثاني، وسجد سجدتين، ثم تشهدوا جميعًا، وسلم بهم النبي صلى الله عليه وسلم.
الصفة الثالثة: في حديث جابر رضي الله عنه أيضًا-: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بهم، وصفَّهم صفَّين، وكان العدو من جهة القبلة، ثم كبر وكبروا جميعًا، وركع وركعوا جميعًا، ورفع ورفعوا جميعًا، ثم سجد، فسجد الصف الذي يليه، وبقي الصف الثاني يحرس، حتى قام الصف الأول، ولم يسجد الصف الثاني في هذه الصفة، فلما قام الصف الأول تقدم الصف الثاني، وتأخر الصف الأول، ثم ركع وركعوا جميعًا، ثم رفع ورفعوا جميعًا، ثم سجد وسجد الصف الذي يليه الذي كان هو الصف الثاني، ثم لما قاموا سلم النبي صلى الله عليه وسلم، وقضى هؤلاء ركعة، وقضى هؤلاء ركعة.
الصفة الرابعة: في حديث سهل بن أبي خيثمة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قسم الغزاة قسمين، جعل طائفة تحرس، وصلى بطائفة ركعة، فلما صلى بهم ركعة ثبت قائمًا، فأتموا لأنفسهم الركعة الثانية، ثم سلموا، فذهبوا يحرسون، وجاءت الطائفة الثانية وصلى بهم الركعة التي بقيت من صلاته، ثم ثبت جالسًا، ثم قضوا الركعة التي عليهم، ثم سلَّم بهم.
الصفة الخامسة: في حديث جابر رضي الله عنه أيضًا- أنه صلى بطائفة ركعتين، ثم تأخروا، وصلى بالطائفة الأخرى ركعتين، فتمت الصلاة لرسول الله صلى الله عليه وسلم أربعَ ركعات، وللقوم ركعتين.
وفي حديث أبي بكرة رضي الله عنه عند أحمد وأبي داود زيادة على حديث جابر رضي الله عنه، عن أبي بكرة رضي الله عنه قال: ((صَلَّى بِنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم صَلَاةَ الخَوْفِ، فَصَلَّى
بِبَعْضِ أَصْحَابِهِ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ، فَتَأَخَّرُوا، وَجَاءَ آخَرُونَ، فَكَانُوا فِي مَكَانِهِمْ، فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ، فَصَارَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَرْبَعُ رَكعاتٍ، وَلِلْقَوْمِ رَكْعَتَانِ رَكْعَتَانِ))
(1)
، فتكون الأولى له فريضة، والثانية له نافلة، صلى بطائفة ركعتين وسلم، فهذه الفريضة، ثم جاءت الطائفة الثانية فصلى بهم ركعتين وسلم، وصارت الصلاة الثانية له نافلة، ولهم فريضة، وهذه من الأدلة على أنه يصح ائتمام المفترض بالمتنفل.
فهذه خمس صفات ذكرها الإمام مسلم رحمه الله، وإذا صلى على أي صفة منها صحت صلاته، ويختار من الصفات ما يناسب حاله.
الصفة السادسة: بيَّنها ابن عباس رضي الله عنهما، فقال:((فَرَضَ اللَّهُ الصَّلَاةَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكُمْ صلى الله عليه وسلم فِي الْحَضَرِ أَرْبَعًا، وَفِي السَّفَرِ رَكْعَتَيْنِ، وَفِي الْخَوْفِ رَكْعَةً))
(2)
.
وذهب إلى هذا بعض العلماء أنه إذا اشتد الخوف صلَّى ركعة واحدة
(3)
.
الصفة السابعة: اتفقت عليها المذاهب الأربعة، وهي: الاكتفاء بالتكبير إلى القبلة، أو إلى غيرها، ويصلون رجالًا أو ركبانًا، مستقبلي القبلة وغير مستقبليها، يومِئُون للركوع والسجود، وهذه الحالة تكون عند المسايفة أي عند اشتداد القتال، وقطع الرقاب بالسيوف، فهو إما يقطع رقبة العدو، أو يقطع العدو رقبته
(4)
، عن مجاهد، والحكم، قالا: إذا كان عند الطراد، وعند سل السيوف، أجزأ الرجل أن تكون صلاته تكبيرًا، فإن لم يكن إلا تكبيرة واحدة أجزأته أينما كان وجهه
(5)
.
(1)
أخرجه أحمد (20497)، وأبو داود (1248).
(2)
أخرجه مسلم (689).
(3)
بدائع الصنائع، للكاساني (1/ 243)، بحر المذهب، للروياني (2/ 420).
(4)
تبيين الحقائق، للزيلعي (1/ 233)، البحر الرائق، لابن نجيم (2/ 183)، المدونة، للإمام مالك (1/ 241)، شرح مختصر خليل، للخرشي (2/ 93)، المجموع، للنووي (4/ 424 - 425)، المغني، لابن قدامة (2/ 309).
(5)
مصنف ابن أبي شبة (8261).