الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كِتَاب الْجُمُعَةِ
كِتَاب الْجُمُعَةِ
[844]
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ، ومُحَمَّدُ بْنُ رُمْحِ بْنِ الْمُهَاجِرِ قَالَا: أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ. ح، وَحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللهِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: ((إِذَا أَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْتِيَ الْجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِلْ)).
[خ: 877]
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ ح، وَحَدَّثَنَا ابْنُ رُمْحٍ، أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ- وَهُوَ قَائِمٌ عَلَى الْمِنْبَر-:((مَنْ جَاءَ مِنْكُمُ الْجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِلْ)).
وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي ابْنُ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ، وعَبْدِ اللهِ ابني عبد الله بن عمر عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِمِثْلِهِ، وَحَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ بِمِثْلِهِ.
في هذه الأحاديث: استحباب الاغتسال للجمعة، وصَرَفَ الأمرَ عن الوجوب إلى الاستحباب- عند الجمهور- أحاديث سيأتي تفصيلها.
[845]
وَحَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، حَدَّثَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ بَيْنَا هُوَ يَخْطُبُ النَّاسَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ دَخَلَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَنَادَاهُ عُمَرُ، أَيَّةُ سَاعَةٍ هَذِهِ؟ فَقَالَ: إِنِّي شُغِلْتُ الْيَوْمَ فَلَمْ أَنْقَلِبْ إِلَى أَهْلِي، حَتَّى سَمِعْتُ النِّدَاءَ، فَلَمْ أَزِدْ عَلَى أَنْ تَوَضَّأْتُ، قَالَ عُمَرُ: وَالْوُضُوءَ أَيْضًا؟ وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَان يَأْمُرُ بِالْغُسْلِ.
[خ: 878]
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ: بَيْنَمَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَخْطُبُ النَّاسَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ؛ إِذْ دَخَلَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ، فَعَرَّضَ بِهِ عُمَرُ، فَقَالَ: مَا بَالُ رِجَالٍ يَتَأَخَّرُونَ بَعْدَ النِّدَاءِ؟ فَقَالَ عُثْمَانُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا زِدْتُ حِينَ سَمِعْتُ النِّدَاءَ أَنْ تَوَضَّأْتُ، ثُمَّ أَقْبَلْتُ، فَقَالَ عُمَرُ: وَالْوُضُوءَ أَيْضًا؟ أَلَمْ تَسْمَعُوا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: ((إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ إِلَى الْجُمُعَةِ فَلْيَغْتَسِلْ)).
في هذا الحديث: إنكار عمر رضي الله عنه على من دخل، وهو عثمان رضي الله عنه، وهو من السابقين الأولين.
وفيه: أنه ينبغي لأهل الفضل والأكابر أن يكونوا قدوة للناس، وأن يتقدموا إلى الجمعة، قال له عمر رضي الله عنه:((أَيَّةُ سَاعَةٍ هَذِهِ؟ ))، يعني: تأخرتَ، فأنكر عليه تأخره عن الجمعة، كما أنكر عليه عدم الغسل، وقد احتج بهذا بعض العلماء على وجوب الغسل.
والمراد بالنداء: الأذان الثاني؛ لأن النداء هو الأذان بعد دخول الخطيب، وهذا هو النداء الذي كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وعهد أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، وأما الأذان الأول فما شرع إلا في زمن عثمان رضي الله عنه؛ لأنه اجتهد
وأمر المنادي بالأذان الأول لما كثر الناس في المدينة
(1)
.
وفيه: أنه يجوز للمأموم أن يكلم الإمام وهو يخطب، والإمام له أن يكلم بعض الناس خاصة وهو يخطب.
وقوله: ((فَلَمْ أَزِدْ عَلَى أَنْ تَوَضَّأْتُ)) فيه دليل على أن غسل الجمعة ليس بواجب؛ حيث لم يأمر عمرُ عثمانَ رضي الله عنهما بالرجوع إلى بيته للاغتسال، وأقره الصحابة رضوان الله عليهم عليه.
وقد اختلف العلماء في حكم غسل الجمعة على أقوال ثلاثة:
القول الأول: وهو مذهب الجمهور
(2)
: أن غسل الجمعة سنة، والأمر في قوله صلى الله عليه وسلم:((إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ إِلَى الْجُمُعَةِ فَلْيَغْتَسِلْ)) مصروف عن الوجوب إلى الاستحباب، بأحاديث، منها:
حديث عائشة رضي الله عنها: أن بعض الصحابة كانوا يأتون الجمعة من أشغالهم، وتكون لهم روائح، فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم:((لَوِ اغْتَسَلْتُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ))
(3)
، وهو يُشعر بعدم الوجوب، والتقدير: لكان أفضل.
وبحديث سمرة رضي الله عنه المشهور في السنن: ((مَنْ تَوَضَّأَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَبِهَا وَنِعْمَتْ، وَمَنِ اغْتَسَلَ فَالْغُسْلُ أَفْضَلُ))
(4)
.
وبحديث أبي هريرة رضي الله عنه الآتي: ((مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ، ثُمَّ أَتَى الْجُمُعَةَ فَاسْتَمَعَ وَأَنْصَتَ غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ، وَزِيَادَةُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَمَنْ مَسَّ الْحَصَى فَقَدْ لَغَا))
(5)
، لقوله:((مَنْ تَوَضَّأَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ)) ولم يقل: من اغتسل غفر له ما بين
(1)
أخرجه البخاري (912).
(2)
بدائع الصنائع، للكاساني (1/ 20)، التاج والإكليل، للمواق (2/ 543)، الحاوي الكبير، للماوردي (1/ 372)، المجموع، للنووي (2/ 201 (.
(3)
أخرجه البخاري (903)، ومسلم (1405).
(4)
أخرجه أحمد (19584)، وأبو داود (354)، والترمذي (497)، والنسائي (1380)، وابن ماجه (1091).
(5)
أخرجه مسلم (859)، وأحمد (9280).
الجمعة والجمعة الأخرى.
واستدلوا بقصة عمر مع عثمان رضي الله عنهما، فقالوا: إن عمر على عثمان رضي الله عنهما عدم الغسل، لكنه لم يأمره بالرجوع إلى بيته للاغتسال، ولو كان واجبًا لأمره بذلك.
واستدلوا على مذهبهم بأن النبي صلى الله عليه وسلم قرن غسل الجمعة بالطيب والسواك
(1)
فدل على أنه مستحب؛ لأن السواك والطيب مستحبان.
أما حديث أبي سعيد رضي الله عنه: ((الْغُسْلُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ)) فقالوا: واجب، يعني: متأكد، كما تقول العرب:((حقك عليَّ واجب))، أي: متأكَّد.
والقول الثاني: أن غسل الجمعة واجب، وهو قول لبعض الصحابة والتابعين والظاهرية
(2)
، واستدلوا بقوله صلى الله عليه وسلم:((إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ إِلَى الْجُمُعَةِ فَلْيَغْتَسِلْ))، وقالوا: إن الأصل في الأمر الوجوب، واستدلوا كذلك بحديث أبي سعيد رضي الله عنه الآتي:((الْغُسْلُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ))، أي: بالغ.
والقول الثالث: أن غسل الجمعة واجب على أهل المهن والحرف الذين يكثر فيهم العرق والروائح بسبب أعمالهم دون غيرهم، واستدلوا بحديث عائشة رضي الله عنها:((كَانَ النَّاسُ أَهْلَ عَمَلٍ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ كُفَاةٌ، فَكَانُوا يَكُونُ لَهُمْ تَفَلٌ، فَقِيلَ لَهُمْ: لَوِ اغْتَسَلْتُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ))
(3)
؛ فهذا دليل على أن الغسل واجب على أهل المهن، وأما غيرهم فهو مستحب في حقهم، واختار هذا سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله
(4)
.
(1)
أخرجه البخاري (883)، ومسلم (848).
(2)
المحلى، لابن حزم (1/ 255).
(3)
أخرجه مسلم (1405).
(4)
مجموع فتاوى ابن باز (10/ 170).