الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ فَضْلِ الصِّيَامِ
وَحَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى التُّجِيبِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: ((قَالَ اللَّهُ عز وجل: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ، إِلَّا الصِّيَامَ، هُوَ لِي، وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَخُلْفَةُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ)).
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَا: حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ وَهُوَ الْحِزَامِيُّ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((الصِّيَامُ جُنَّةٌ)).
وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ عَنْ أَبِي صَالِحٍ الزَّيَّاتِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((قَالَ اللَّهُ عز وجل: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا الصِّيَامَ، فَإِنَّهُ لِي، وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثْ- يَوْمَئِذٍ- وَلَا يَسْخَبْ، فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ، أَوْ قَاتَلَهُ، فَلْيَقُلْ: إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ، وَلِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا: إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ بِفِطْرِهِ، وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ)).
[خ: 1904]
وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، وَوَكِيعٌ عَنِ الْأَعْمَشِ. ح، وَحَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنِ الْأَعْمَشِ. ح، وَحَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْأَشَجُّ- وَاللَّفْظُ لَهُ- حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ؛ الْحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعمِائَة ضِعْفٍ، قَالَ اللَّهُ عز وجل: إِلَّا الصَّوْمَ، فَإِنَّهُ لِي، وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي، لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ:
فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِهِ، وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ، وَلَخُلُوفُ فِيهِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ)).
وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنْ أَبِي سِنَانٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي سَعِيدٍ رضي الله عنهما قَالَا: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((إِنَّ اللَّهَ عز وجل يَقُولُ: إِنَّ الصَّوْمَ لِي، وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، إِنَّ لِلصَّائِمِ فَرْحَتَيْنِ: إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ، وَإِذَا لَقِيَ اللَّهَ فَرِحَ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ)).
وَحَدَّثَنِيهِ إِسْحَاق بْنُ عُمَرَ بْنِ سَلِيطٍ الْهُذَلِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ- يَعْنِي: ابْنَ مُسْلِمٍ- حَدَّثَنَا ضِرَارُ بْنُ مُرَّةَ- وَهُوَ أَبُو سِنَانٍ- بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ: وَقَالَ: إِذَا لَقِيَ اللَّهَ فَجَزَاهُ فَرِحَ.
في هذه الأحاديث: فضل الصيام، حيث أضافه الرب سبحانه وتعالى إليه، وقال:((إِلَّا الصِّيَامَ، فَإِنَّهُ لِي، وَأَنَا أَجْزِي بِهِ)): والإضافة هنا للتشريف؛ لأن الصيام عبادة سرية لا يطَّلع عليها إلا الله عز وجل.
وفيها: فائدة نحوية، وهي أن كلمة:((فم)) إذا أضيفت ثبتت الميم، وقال بعض النحاة: إن الميم تسقط عند الإضافة، فيقال: خلوف في الصائم، مثل ما جاء في الحديث الآخر:((حَتَّى مَا تَجْعَلُ فِي فِي امْرَأَتِكَ))
(1)
، يعني: في فم امرأتك.
وقوله: ((كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا الصِّيَامَ، فَإِنَّهُ لِي، وَأَنَا أَجْزِي بِهِ)): هذا من كلام الله تعالى لفظًا ومعنًى، وأما سائر الحديث فهو من الله معنًى، ومن النبي صلى الله عليه وسلم لفظًا.
وقوله: ((وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ))، أي: مانع وساتر من المآثم والمعاصي، أو هو ستر
(1)
أخرجه البخاري (1295).
ومانع من النار، ومنه: المجن وهو الترس الذى يستتر به، ومنه: الجن؛ سُموا جنًّا لاستتارهم عن أعين الناس، فمادة الجيم والنون تدل على الاستتار.
وقوله: ((وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ)): فيه: إثبات اليد لله عز وجل، وأن نفوس العباد كلها بيد الله سبحانه وتعالى.
وقوله: ((لَخُلْفَةُ فَمِ الصَّائِمِ))، وفي الحديث الثاني:((لَخُلُوفُ)): يقال: خُلوف بالضم، وخَلوف بالفتح، والمراد: الرائحة الكريهة التي تنبعث من فم الصائم بسبب خلو المعدة من الطعام والشراب، فهذه الرائحة أطيب عند الله من ريح المسك؛ لأنها ناشئة عن مرضاة الله وطاعته، وإن كانت مستكرهة لمشام الناس إلا أنها محبوبة عند الله، كما أن الشهيد يأتي يوم القيامة لونه لون الدم وريحه ريح مسك.
وقوله: ((أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ)): قال المازري: ((هذا مجاز واستعارة؛ لأن استطابة بعض الروائح من صفات الحيوان الذي له طبائع تميل إلى شيء فتستطيبه وتنفر عَن آخر فتستقذره، والله تعالى يتقدس عن ذلك، ولكن جرت العادة فينا بتقريب الروائح الطيبة منَّا، واستُعِيرَ ذلك في الصوم لتقريبه من الله سبحانه))
(1)
.
قلت: هذا كلام باطل، فليس في كلام الله عز وجل ولا كلام رسوله صلى الله عليه وسلم مجاز.
وقد قال بعض أهل العلم أنه يؤخذ من هذا صفة الشم لله عز وجل، وهو ظاهر كلام شيخنا عبد العزيز بن باز رحمه الله
(2)
، ولم يظهر لي أن الحديث يخبر عن صفة الشم؛ لأنه ليس صريحًا بهذا.
وقد ذكر شيخ الإسلام رحمه الله الخلاف في إثبات صفة الشم، وأن نفيها مذهب كثير من المثبتة
(3)
.
(1)
المعلم، للمازري (2/ 61).
(2)
مسائل الإمام ابن باز (ص 278).
(3)
مجموع الفتاوى، لابن تيمية (6/ 135)، درء تعارض العقل والنقل، لابن تيمية (2/ 200).
وقوله: ((وَلِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا: إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ بِفِطْرِهِ)): حيث تم صومه، ولم يحصل له فيه خلل، وحيث أباح الله له ما يتناوله من المباحات، من المأكل والمشرب وغيرهما، ((وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ))؛ حيث وجد صومه مُدَّخَرًا له عند الله عز وجل.
[1152]
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ- وَهُوَ الْقَطَوَانِيُّ- عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ، حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((إِنَّ فِي الْجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ لَهُ: الرَّيَّانُ، يَدْخُلُ مِنْهُ الصَّائِمُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، لَا يَدْخُلُ مَعَهُمْ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، يُقَالُ: أَيْنَ الصَّائِمُونَ؟ فَيَدْخُلُونَ مِنْهُ، فَإِذَا دَخَلَ آخِرُهُمْ أُغْلِقَ، فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ أَحَدٌ)).
في هذا الحديث: أن للصائمين بابًا خاصًّا من أبواب الجنة الثمانية، يقال له:(الريان)، لا يدخل منه إلا الصائمون.
وقوله: ((يُقَالُ: أَيْنَ الصَّائِمُونَ؟ فَيَدْخُلُونَ مِنْهُ، فَإِذَا دَخَلَ آخِرُهُمْ أُغْلِقَ، فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ أَحَدٌ)): المراد بهم: صائمو رمضان، وكذلك من صام صيام النفل يدخل منه، تبعًا لصيام الفرض.