الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ اسْتِحْبَابِ صِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَصَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ وَعَاشُورَاءَ وَالِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ
[1160]
حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ يَزِيدَ الرِّشْكِ قَالَ: حَدَّثَتْنِي مُعَاذَةُ الْعَدَوِيَّةُ أَنَّهَا سَأَلَتْ عَائِشَةَ- زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَصُومُ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، فَقُلْتُ لَهَا: مِنْ أَيِّ أَيَّامِ الشَّهْرِ كَانَ يَصُومُ؟ قَالَتْ: لَمْ يَكُنْ يُبَالِي مِنْ أَيِّ أَيَّامِ الشَّهْرِ يَصُومُ.
في هذا الحديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم من كل شهر ثلاثة أيام، ولا يبالي من أيِّها كان، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يوصي أبا هريرة وأبا الدرداء رضي الله عنهما بصوم ثلاثة أيام من كل شهر، وهذه الثلاثة أيام من أيِّ الشهر كان؛ من وسطه، أو من أوله، أو من آخره، متتابعةً، أو متفرقةً، وبصيامها يحصل له أجرٌ كأنما صام الدهر كله؛ لأن الحسنة بعشر أمثالها.
وجاء في غير الصحيح: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم، قال لأبي ذر:((يَا أَبَا ذَرٍّ إِذَا صُمْتَ مِنَ الشَّهْرِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَصُمْ ثَلَاثَ عَشْرَةَ، وَأَرْبَعَ عَشْرَةَ، وَخَمْسَ عَشْرَةَ))
(1)
، وهذا الحديث صحيح ولا بأس بسنده، وعلى هذا فالأفضل للمسلم أن يصوم الأيام البيض، وإن لم يتيسر، أو فاتت عليه صامها من أيِّ الشهر.
(1)
أخرجه الترمذي (761)، وابن خزيمة (2128).
[1161]
وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ الضُّبَعِيُّ، حَدَّثَنَا مَهْدِيٌّ- وَهُوَ ابْنُ مَيْمُونٍ- حَدَّثَنَا غَيْلَانُ بْنُ جَرِيرٍ عَنْ مُطَرِّفٍ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رضي الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهُ، أَوَ قَالَ لِرَجُلٍ وَهُوَ يَسْمَعُ:((يَا فُلَانُ، أَصُمْتَ مِنْ سُرَّةِ هَذَا الشَّهْرِ؟ )) قَالَ: لَا قَالَ: ((فَإِذَا أَفْطَرْتَ فَصُمْ يَوْمَيْنِ)).
[خ: 1983]
[1162]
وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ جَمِيعًا عَنْ حَمَّادٍ، قَالَ يَحْيَى: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ غَيْلَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْبَدٍ الزِّمَّانِيِّ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ: رَجُلٌ أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: كَيْفَ تَصُومُ؟ فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا رَأَى عُمَرُ رضي الله عنه غَضَبَهُ قَالَ: رَضِينَا بِاللَّهِ رَبًّا، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ نَبِيًّا، نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ غَضَبِ اللَّهِ، وَغَضَبِ رَسُولِهِ، فَجَعَلَ عُمَرُ رضي الله عنه يُرَدِّدُ هَذَا الْكَلَامَ حَتَّى سَكَنَ غَضَبُهُ، فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ بِمَنْ يَصُومُ الدَّهْرَ كُلَّهُ؟ ! قَالَ:((لَا صَامَ وَلَا أَفْطَرَ))، أَوَ قَالَ:((لَمْ يَصُمْ وَلَمْ يُفْطِرْ)) قَالَ: كَيْفَ مَنْ يَصُومُ يَوْمَيْنِ، وَيُفْطِرُ يَوْمًا؟ قَالَ:((وَيُطِيقُ ذَلِكَ أَحَدٌ؟ ! )) قَالَ: كَيْفَ مَنْ يَصُومُ يَوْمًا، وَيُفْطِرُ يَوْمًا؟ قَالَ:((ذَاكَ صَوْمُ دَاوُدَ عليه السلام) قَالَ: كَيْفَ مَنْ يَصُومُ يَوْمًا، وَيُفْطِرُ يَوْمَيْنِ؟ قَالَ:((وَدِدْتُ أَنِّي طُوِّقْتُ ذَلِكَ))، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:((ثَلَاثٌ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ، فَهَذَا صِيَامُ الدَّهْرِ كُلِّهِ، صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ، وَصِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ، أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ)).
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ- واللفظ لابن المثنى- قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ غَيْلَانَ بْنِ جَرِيرٍ، سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَعْبَدٍ الزِّمَّانِيَّ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَنْ صَوْمِهِ، قَالَ: فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: رَضِينَا بِاللَّهِ رَبًّا، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا، وَبِبَيْعَتِنَا بَيْعَةً قَالَ: فَسُئِلَ عَنْ
صِيَامِ الدَّهْرِ، فَقَالَ:((لَا صَامَ وَلَا أَفْطَرَ، أَوْ مَا صَامَ وَمَا أَفْطَرَ)) قَالَ: فَسُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمَيْنِ وَإِفْطَارِ يَوْمٍ قَالَ: ((وَمَنْ يُطِيقُ ذَلِكَ؟ ! )) قَالَ: وَسُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمٍ وَإِفْطَارِ يَوْمَيْنِ قَالَ: ((لَيْتَ أَنَّ اللَّهَ قَوَّانَا لِذَلِكَ)) قَالَ: وَسُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمٍ وَإِفْطَارِ يَوْمٍ قَالَ: ((ذَاكَ صَوْمُ أَخِي دَاوُدَ عليه السلام) قَالَ: وَسُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ قَالَ: ((ذَاكَ يَوْمٌ وُلِدْتُ فِيهِ، وَيَوْمٌ بُعِثْتُ- أَوْ أُنْزِلَ عَلَيَّ فِيهِ)) قَالَ: فَقَالَ: ((صَوْمُ ثَلَاثَةٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَرَمَضَانَ إِلَى رَمَضَانَ صَوْمُ الدَّهْرِ)) قَالَ: وَسُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ، فَقَالَ:((يُكَفِّرُ السَّنَةَ الْمَاضِيَةَ وَالْبَاقِيَةَ)) قَالَ: وَسُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ، فَقَالَ:((يُكَفِّرُ السَّنَةَ الْمَاضِيَةَ)).
وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ رِوَايَةِ شُعْبَةَ قَالَ: وَسُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ، فَسَكَتْنَا عَنْ ذِكْرِ الْخَمِيسِ لَمَّا نُرَاهُ وَهْمًا، وَحَدَّثَنَاهُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا أَبِي. ح، وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا شَبَابَةُ. ح، وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، كُلُّهُمْ عَنْ شُعْبَةَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ، وَحَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ، حَدَّثَنَا حَبَّانُ بْنُ هِلَالٍ، حَدَّثَنَا أَبَانُ الْعَطَّارُ، حَدَّثَنَا غَيْلَانُ بْنُ جَرِيرٍ فِي هَذَا الْإِسْنَادِ بِمِثْلِ حَدِيثِ شُعْبَةَ، غَيْرَ أَنَّهُ ذَكَرَ فِيهِ: الِاثْنَيْنِ، وَلَمْ يَذْكُرِ الْخَمِيسَ.
في هذا الحديث جملة من الفوائد، منها:
1 -
أن النبي صلى الله عليه وسلم غضب، وقد ذكر النووي رحمه الله سبب غضبه، فقال: ((قال العلماء: سبب غضبه صلى الله عليه وسلم: أنه كره مسألته؛ لأنه يحتاج إلى أن يجيبه، ويخشى من جوابه مفسدة، وهي: أنه ربما اعتقد السائل وجوبه، أو استقلَّه، أو اقتصر عليه، وكان يقتضي حاله أكثر منه، وإنما اقتصر عليه النبي صلى الله عليه وسلم لشغله بمصالح المسلمين وحقوقهم، وحقوق أزواجه، وأضيافه والوافدين إليه؛ ولئلَّا يقتدي به كل أحد، فيؤدي إلى الضرر في حق بعضهم.
وكان حق السائل أن يقول: كم أصوم؟ أو كيف أصوم؟ فيخص السؤال بنفسه؛ ليجيبه بما تقتضيه حاله، كما أجاب غيره بمقتضى أحوالهم، والله أعلم))
(1)
.
2 -
إثبات الغضب لله عز وجل، كما يليق بجلاله سبحانه وتعالى، والرد على من أنكر الغضب من الأشاعرة، والمعتزلة، والجهمية.
3 -
النهي عن صوم الدهر، وقد سبق تفصيل الخلاف فيه في بابه.
وقوله صلى الله عليه وسلم: ((لَا صَامَ، وَلَا أَفْطَرَ))، يعني: ليس فيه فضيلة.
4 -
ترغيب النبي صلى الله عليه وسلم في صيام ثلاثة أيام من كل شهر؛ لأن هذا أرفقُ بالمسلم، وهو الذي يستطيع أن يقوم معه بالواجبات الأخرى.
5 -
فضل صيام يوم عرفة، وأن صيامه يُكفِّر الله به ذنوب سنتين؛ السنة التي قبله، والسنة التي بعده.
6 -
أن صيام عرفة يُكفِّر ذنوب الصائم في السنتين، والمراد: تكفير الذنوب الصغائر عند جمهور العلماء؛ لقوله تعالى: {إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم} ، أما الكبائر فلا بد لها من توبة.
وقال بعض العلماء: المراد تكفير الذنوب الكبائر والصغائر، لكن ظاهر النصوص أن المراد بها: الصغائر.
(1)
شرح مسلم، للنووي (8/ 50).
وَحَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، حَدَّثَنَا مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ عَنْ غَيْلَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْبَدٍ الزِّمَّانِيِّ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَنْ صَوْمِ الِاثْنَيْنِ، فَقَالَ:((فِيهِ وُلِدْتُ، وَفِيهِ أُنْزِلَ عَلَيَّ)).
في هذا الحديث: فضل صيام يوم الاثنين، وأنه اليوم الذي وُلد فيه النبي صلى الله عليه وسلم، واليوم الذي بُعث فيه وأُنزل عليه فيه الوحي.
وجاء في الحديث الآخر: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال عن يوم الاثنين، والخميس:((ذَانِكَ يَوْمَانِ تُعْرَضُ فِيهِمَا الْأَعْمَالُ عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأُحِبُّ أَنْ يُعْرَضَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ))
(1)
فدل على فضل صومهما.
(1)
أخرجه أحمد (21753)، والنسائي في الكبرى (2679).