الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ تَحْرِيمِ الصَّيْدِ لِلْمُحْرِمِ
[1193]
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ اللَّيْثِيِّ: أَنَّهُ أَهْدَى لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم حِمَارًا وَحْشِيًّا وَهُوَ بِالْأَبْوَاءِ- أَوْ بِوَدَّانَ- فَرَدَّهُ عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: فَلَمَّا أَنْ رَأَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَا فِي وَجْهِي قَالَ: إِنَّا لَمْ نَرُدَّهُ عَلَيْكَ، إِلَّا أَنَّا حُرُمٌ.
[خ: 1825]
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، وَمُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ، وَقُتَيْبَةُ، جَمِيعًا عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ. ح، وَحَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ. ح، وَحَدَّثَنَا حَسَنٌ الْحُلْوَانِيُّ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ صَالِحٍ، كُلُّهُمْ عَنِ الزُّهْرِيِّ بِهَذَا الْإِسْنَادِ: أَهْدَيْتُ لَهُ حِمَارَ وَحْشٍ، كَمَا قَالَ مَالِكٌ، وَفِي حَدِيثِ اللَّيْثِ، وَصَالِحٍ: أَنَّ الصَّعْبَ بْنَ جَثَّامَةَ أَخْبَرَهُ.
وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَعَمْرٌو النَّاقِدُ قَالُوا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ بِهَذَا الْإِسْنَادِ، وَقَالَ: أَهْدَيْتُ لَهُ مِنْ لَحْمِ حِمَارِ وَحْشٍ.
[1194]
وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبُو كُرَيْبٍ قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: أَهْدَى الصَّعْبُ بْنُ جَثَّامَةَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حِمَارَ وَحْشٍ وَهُوَ مُحْرِمٌ، فَرَدَّهُ عَلَيْهِ، وَقَالَ:((لَوْلَا أَنَّا مُحْرِمُونَ لَقَبِلْنَاهُ مِنْكَ)).
وَحَدَّثَنَاهُ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: سَمِعْتُ مَنْصُورًا يُحَدِّثُ عَنِ الحكم. ح، وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَابْنُ بَشَّارٍ قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ. ح، وَحَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، جَمِيعًا عَنْ حَبِيبٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما فِي رِوَايَةِ مَنْصُورٍ عَنِ الْحَكَمِ: أَهْدَى الصَّعْبُ بْنُ
جَثَّامَةَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم رِجْلَ حِمَارِ وَحْشٍ، وَفِي رِوَايَةِ شُعْبَةَ عَنِ الْحَكَمِ: عَجُزَ حِمَارِ وَحْشٍ يَقْطُرُ دَمًا، وَفِي رِوَايَةِ شُعْبَةَ عَنْ حَبِيبٍ: أُهْدِيَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم شِقُّ حِمَارِ وَحْشٍ فَرَدَّهُ.
[1195]
وَحَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي الْحَسَنُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَدِمَ زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ- يَسْتَذْكِرُهُ-: كَيْفَ أَخْبَرْتَنِي عَنْ لَحْمِ صَيْدٍ أُهْدِيَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ حَرَامٌ؟ قَالَ: قَالَ: أُهْدِيَ لَهُ عُضْوٌ مِنْ لَحْمِ صَيْدٍ فَرَدَّهُ، فَقَالَ:((إِنَّا لَا نَأْكُلُهُ؛ إِنَّا حُرُمٌ)).
[1196]
وَحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ. ح، وَحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ- وَاللَّفْظُ لَهُ- حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُحَمَّدٍ- مَوْلَى أَبِي قَتَادَةَ- يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا قَتَادَةَ يَقُولُ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالْقَاحَةِ، فَمِنَّا الْمُحْرِمُ وَمِنَّا غَيْرُ الْمُحْرِمِ؛ إِذْ بَصُرْتُ بِأَصْحَابِي يَتَرَاءَوْنَ شَيْئًا، فَنَظَرْتُ فَإِذَا حِمَارُ وَحْشٍ، فَأَسْرَجْتُ فَرَسِي وَأَخَذْتُ رُمْحِي، ثُمَّ رَكِبْتُ فَسَقَطَ مِنِّي سَوْطِي، فَقُلْتُ لِأَصْحَابِي- وَكَانُوا مُحْرِمِينَ: نَاوِلُونِي السَّوْطَ، فَقَالُوا: وَاللهِ لَا نُعِينُكَ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ، فَنَزَلْتُ فَتَنَاوَلْتُهُ، ثُمَّ رَكِبْتُ فَأَدْرَكْتُ الْحِمَارَ مِنْ خَلْفِهِ، وَهُوَ وَرَاءَ أَكَمَةٍ، فَطَعَنْتُهُ بِرُمْحِي فَعَقَرْتُهُ، فَأَتَيْتُ بِهِ أَصْحَابِي، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: كُلُوهُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا تَأْكُلُوهُ، وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَمَامَنَا، فَحَرَّكْتُ فَرَسِي فَأَدْرَكْتُهُ، فَقَالَ:((هُوَ حَلَالٌ فَكُلُوهُ)).
[خ: 1823]
قوله: ((أَهْدَى لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم حِمَارًا وَحْشِيًّا)) الحمار الوحشي يشبه الحمار الأهلي إلأ أنه متوحش، والحمار الوحشي يجوز أكله بخلاف الحمار الأهلي.
والحمار الأهلي كان مباحًا في أول الأمر، ثُمَّ حرم في غزوة خيبر، كما ثبت عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم جَاءَهُ جَاءٍ، فَقَالَ: أُكِلَتِ
الْحُمُرُ؟ فَسَكَتَ، ثُمَّ أَتَاهُ الثَّانِيَةَ، فَقَالَ: أُكِلَتِ الْحُمُرُ؟ فَسَكَتَ، ثُمَّ أَتَاهُ الثَّالِثَةَ، فَقَالَ: أُفْنِيَتِ الْحُمُرُ؟ فَأَمَرَ مُنَادِيًا، فَنَادَى فِي النَّاسِ:((إِنَّ اللهَ وَرَسُولَهُ يَنْهَيَانِكُمْ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ، فَأُكْفِئَتِ الْقُدُورُ، وَإِنَّهَا لَتَفُورُ بِاللَّحْمِ))
(1)
.
واختلف العلماء في سبب تحريمها:
فقال بعضهم: لأنها مركوب الناس فلو أبيح أكلها لانتهى مركوبهم.
وقال بعضهم: لأنها جلَّالة.
والصواب: تحريمها لأنها رجس؛ لأن العلة نص عليها في الخبر، فقال المنادي:((إِنَّ اللهَ وَرَسُولَهُ يَنْهَيَانِكُمْ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ؛ فَإِنَّهَا رِجْسٌ))
(2)
.
أما الحمار الوحشي فصيد، والصيد مباح، لكن المحرِم لا يصيد؛ لأنه من باب الترفه، قال الله تعالى: } أُحل لكم صيد البحر وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا {، يعني: ما دمتم محرمين.
والصعب ابن جثامة رضي الله عنه كان رجلًا مضيافًا، فلما سمع بمجيء النبي صلى الله عليه وسلم وكان ذلك في حجة الوداع صاد له حمارًا وحشيًّا، وأهداه إليه، فرده النبي صلى الله عليه وسلم، فكأن الصعب وجد في نفسه شيئًا، وظهر ذلك على وجهه، فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم ذلك قال له:((إِنَّا لَمْ نَرُدَّهُ عَلَيْكَ، إِلَّا أَنَّا حُرُمٌ)).
وفي هذه الأحاديث: أن أكل الصيد للمحرم من محظورات الإحرام التسعة التي دلَّ عليها الاستقراء والتتبع للنصوص، وهي:
المحظور الأول: أخذ شيء من شعر الرأس.
المحظور الثاني: تقليم الأظفار.
المحظور الثالث: تغطية الرأس.
المحظور الرابع: لبس المخيط.
(1)
أخرجه البخاري (4199)، ومسلم (1940).
(2)
أخرجه البخاري (4198)، ومسلم (1940).
المحظور الخامس: استعمال الطيب في بدنه، أو ثوبه، أو أكله، أو شربه.
المحظور السادس: قتل الصيد.
المحظور السابع: عقد النكاح، فلا يعقد لا لنفسه ولا لغيره، بل ولا يكون شاهدًا.
المحظور الثامن: مباشرة المرأة دون جماع.
المحظور التاسع- وهو أشدها وأغلظها-: الجماع.
وهذه التسعة حرام على الرجل، أما المرأة فإنه لا يحرم عليها لبس المخيط وتغطية رأسها ووجهها، لكن من غير نقاب، وتغطي- أيضًا- رجليها بالشراب، لكنها لا تغطي يديها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم:((وَلَا تَنْتَقِبِ الْمَرْأَةُ الْمُحْرِمَةُ، وَلَا تَلْبَسِ الْقُفَّازَيْنِ))
(1)
، لكن تغطي يديها بثيابها، ووجهها بخمارها إذا مرَّ بها الرجال الأجانب، وأما بقية المحظورات فهي على الرجال، والنساء.
وفيها: دليل على أن الإنسان إذا فعل شيئًا، أو رد هدية فعليه أن يبين السبب في ذلك لصاحبه.
وفيها: أنه أهداه حمارًا حيًّا، وفي بعض الروايات أنه أهداه رِجْلَ حمار، أو عَجُزَ حمار، أو عضو حمار
(2)
.
وأما لحم الصيد فإن صاده المحرم أو صِيد له فهو حرام، سواء صيد له بإذنه، أو بغير إذنه، أما إن صاده الإنسان لنفسه، ولم يقصد المحرم، ثُمَّ أهدى له من لحمه، أو باعه له- لم يحرم عليه هذا.
(1)
أخرجه البخاري (1838).
(2)
أخرجه مسلم (1194).
وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ. ح، وَحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ عَنْ مَالِكٍ فِيمَا قُرِئَ عَلَيْهِ عَنْ أَبِي النَّضْرِ عَنْ نَافِعٍ- مَوْلَى أَبِي قَتَادَةَ- عَنْ أَبِي قَتَادَةَ رضي الله عنه: أَنَّهُ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى إِذَا كَانَ بِبَعْضِ طَرِيقِ مَكَّةَ تَخَلَّفَ مَعَ أَصْحَابٍ لَهُ مُحْرِمِينَ، وَهُوَ غَيْرُ مُحْرِمٍ، فَرَأَى حِمَارًا وَحْشِيًّا فَاسْتَوَى عَلَى فَرَسِهِ، فَسَأَلَ أَصْحَابَهُ أَنْ يُنَاوِلُوهُ سَوْطَهُ، فَأَبَوْا عَلَيْهِ، فَسَأَلَهُمْ رُمْحَهُ، فَأَبَوْا عَلَيْهِ فَأَخَذَهُ، ثُمَّ شَدَّ عَلَى الْحِمَارِ فَقَتَلَهُ، فَأَكَلَ مِنْهُ بَعْضُ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَبَى بَعْضُهُمْ، فَأَدْرَكُوا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلُوهُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ:((إِنَّمَا هِيَ طُعْمَةٌ أَطْعَمَكُمُوهَا اللهُ)).
وَحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ عَنْ مَالِكٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ رضي الله عنه فِي حِمَارِ الْوَحْشِ، مِثْلَ حَدِيثِ أَبِي النَّضْرِ، غَيْرَ أَنَّ فِي حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: هَلْ مَعَكُمْ مِنْ لَحْمِهِ شَيْءٌ؟ .
وَحَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ مِسْمَارٍ السُّلَمِيُّ، حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي قَتَادَةَ قَالَ: انْطَلَقَ أَبِي مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ، فَأَحْرَمَ أَصْحَابُهُ وَلَمْ يُحْرِمْ، وَحُدِّثَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ عَدُوًّا بِغَيْقَةَ، فَانْطَلَقَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: فَبَيْنَمَا أَنَا مَعَ أَصْحَابِهِ يَضْحَكُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ؛ إِذْ نَظَرْتُ فَإِذَا أَنَا بِحِمَارِ وَحْشٍ، فَحَمَلْتُ عَلَيْهِ، فَطَعَنْتُهُ، فَأَثْبَتُّهُ، فَاسْتَعَنْتُهُمْ، فَأَبَوْا أَنْ يُعِينُونِي، فَأَكَلْنَا مِنْ لَحْمِهِ، وَخَشِينَا أَنْ نُقْتَطَعَ، فَانْطَلَقْتُ أَطْلُبُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَرْفَعُ فَرَسِي شَأْوًا، وَأَسِيرُ شَأْوًا، فَلَقِيتُ رَجُلًا مِنْ بَنِي غِفَارٍ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ، فَقُلْتُ: أَيْنَ لَقِيتَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: تَرَكْتُهُ بِتَعْهِنَ، وَهُوَ قَائِلٌ السُّقْيَا، فَلَحِقْتُهُ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ أَصْحَابَكَ يَقْرَءُونَ عَلَيْكَ السَّلَامَ وَرَحْمَةَ اللهِ، وَإِنَّهُمْ قَدْ خَشُوا أَنْ يُقْتَطَعُوا دُونَكَ، انْتَظِرْهُمْ فَانْتَظَرَهُمْ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي أَصَدْتُ وَمَعِي مِنْهُ فَاضِلَةٌ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِلْقَوْمِ:((كُلُوا، وَهُمْ مُحْرِمُونَ)).
[خ: 1821]
حَدَّثَنِي أَبُو كَامِلٍ الْجَحْدَرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَوْهَبٍ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَاجًّا وَخَرَجْنَا مَعَهُ، قَالَ: فَصَرَفَ مِنْ أَصْحَابِهِ فِيهِمْ أَبُو قَتَادَةَ، فَقَالَ: خُذُوا سَاحِلَ الْبَحْرِ حَتَّى تَلْقَوْنِي، قَالَ: فَأَخَذُوا سَاحِلَ الْبَحْرِ، فَلَمَّا انْصَرَفُوا قِبَلَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَحْرَمُوا كُلُّهُمْ، إِلَّا أَبَا قَتَادَةَ فَإِنَّهُ لَمْ يُحْرِمْ، فَبَيْنَمَا هُمْ يَسِيرُونَ إِذْ رَأَوْا حُمُرَ وَحْشٍ، فَحَمَلَ عَلَيْهَا أَبُو قَتَادَةَ، فَعَقَرَ مِنْهَا أَتَانًا، فَنَزَلُوا فَأَكَلُوا مِنْ لَحْمِهَا، قَالَ: فَقَالُوا: أَكَلْنَا لَحْمًا وَنَحْنُ مُحْرِمُونَ! قَالَ: فَحَمَلُوا مَا بَقِيَ مِنْ لَحْمِ الْأَتَانِ، فَلَمَّا أَتَوْا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّا كُنَّا أَحْرَمْنَا، وَكَانَ أَبُو قَتَادَةَ لَمْ يُحْرِمْ، فَرَأَيْنَا حُمُرَ وَحْشٍ، فَحَمَلَ عَلَيْهَا أَبُو قَتَادَةَ، فَعَقَرَ مِنْهَا أَتَانًا، فَنَزَلْنَا فَأَكَلْنَا مِنْ لَحْمِهَا، فَقُلْنَا: نَأْكُلُ لَحْمَ صَيْدٍ وَنَحْنُ مُحْرِمُونَ؟ ! فَحَمَلْنَا مَا بَقِيَ مِنْ لَحْمِهَا، فَقَالَ:((هَلْ مِنْكُمْ أَحَدٌ أَمَرَهُ، أَوْ أَشَارَ إِلَيْهِ بِشَيْءٍ؟ )) قَالَ: قَالُوا: لَا، قَالَ:((فَكُلُوا مَا بَقِيَ مِنْ لَحْمِهَا)).
[خ: 1824]
وَحَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ. ح، وَحَدَّثَنِي الْقَاسِمُ بْنُ زَكَرِيَّاءَ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ عَنْ شَيْبَانَ، جَمِيعًا عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ اللهِ ابْنِ مَوْهَبٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ فِي رِوَايَةِ شَيْبَانَ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((أَمِنْكُمْ أَحَدٌ أَمَرَهُ أَنْ يَحْمِلَ عَلَيْهَا، أَوْ أَشَارَ إِلَيْهَا؟ ))، وَفِي رِوَايَةِ شُعْبَةَ: قَالَ: ((أَشَرْتُمْ، أَوْ أَعَنْتُمْ، أَوْ أَصَدْتُمْ؟ ))، قَالَ شُعْبَةُ: لَا أَدْرِي قَالَ: ((أَعَنْتُمْ، أَوْ أَصَدْتُمْ)).
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّارِمِيُّ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ- وَهُوَ ابْنُ سَلَّامٍ- أَخْبَرَنِي يَحْيَى، أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي قَتَادَةَ أَنَّ أَبَاهُ رضي الله عنه أَخْبَرَهُ: أَنَّهُ غَزَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم غَزْوَةَ الْحُدَيْبِيَةِ، قَالَ: فَأَهَلُّوا بِعُمْرَةٍ غَيْرِي، قَالَ: فَاصْطَدْتُ حِمَارَ وَحْشٍ، فَأَطْعَمْتُ أَصْحَابِي، وَهُمْ مُحْرِمُونَ، ثُمَّ أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَأَنْبَأْتُهُ أَنَّ عِنْدَنَا مِنْ لَحْمِهِ فَاضِلَةً، فَقَالَ:((كُلُوهُ))، وَهُمْ مُحْرِمُونَ.
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ الضَّبِّيُّ، حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ النُّمَيْرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو حَازِمٍ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه: أَنَّهُمْ خَرَجُوا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُمْ مُحْرِمُونَ، وَأَبُو قَتَادَةَ مُحِلٌّ، وَسَاقَ الْحَدِيثَ، وَفِيهِ: فَقَالَ: ((هَلْ مَعَكُمْ مِنْهُ شَيْءٌ؟ ))، قَالُوا: مَعَنَا رِجْلُهُ، قَالَ: فَأَخَذَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَأَكَلَهَا.
وَحَدَّثَنَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ. ح، وَحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، وَإِسْحَاقُ عَنْ جَرِيرٍ، كِلَاهُمَا عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ قَالَ: كَانَ أَبُو قَتَادَةَ فِي نَفَرٍ مُحْرِمِينَ، وَأَبُو قَتَادَةَ مُحِلٌّ، وَاقْتَصَّ الْحَدِيثَ، وَفِيهِ: قَالَ: ((هَلْ أَشَارَ إِلَيْهِ إِنْسَانٌ مِنْكُمْ، أَوْ أَمَرَهُ بِشَيْءٍ؟ ))، قَالُوا: لَا يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ:((فَكُلُوا)).
وقوله صلى الله عليه وسلم: ((هَلْ مَعَكُمْ مِنْ لَحْمِهِ شَيْءٌ)) قال لهم هذا؛ ليطيب نفوسهم رضي الله عنهم.
وقوله: ((أَشَرْتُمْ، أَوْ أَعَنْتُمْ، أَوْ أَصَدْتُمْ؟ ))، يعني: هل أمرتم بالصيد، أو جعلتموه يصيده لأجلكم؟
في هذه الأحاديث: أنهم جاز لهم الأكل من حمار الوحش؛ لأنهم لم يشيروا على أبي قتادة رضي الله عنه، ولم يعينوه، ولم يساعدوه على صيده، ولكن لو ساعدوه، أو أشاروا عليه ما أحل لهم الأكل منه؛ ولهذا لما سقط سوطه ((سَأَلَ أَصْحَابَهُ أَنْ يُنَاوِلُوهُ سَوْطَهُ فَأَبَوْا عَلَيْهِ، فَسَأَلَهُمْ رُمْحَهُ فَأَبَوْا عَلَيْهِ))، أي: لم يساعدوه بشيء.
وفيها: بيان أن مجرد الضحك للمحرم ليس فيه إشارة بالصيد.
قال العلماء: وإنما ضحكوا تعجبًا من عروض الصيد، ولا قدرة لهم عليه؛ لمنعهم منه، وبوب البخاري باب: لا يشير المحرم إلى الصيد لكي يصطاده الحلال، وساق هذا الحديث
(1)
.
(1)
صحيح البخاري (3/ 12).
[1197]
حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ عَنْ مُعَاذِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُثْمَانَ التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُنَّا مَعَ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ، وَنَحْنُ حُرُمٌ، فَأُهْدِيَ لَهُ طَيْرٌ، وَطَلْحَةُ رَاقِدٌ، فَمِنَّا مَنْ أَكَلَ، وَمِنَّا مَنْ تَوَرَّعَ، فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ طَلْحَةُ وَفَّقَ مَنْ أَكَلَهُ، وَقَالَ: أَكَلْنَاهُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم.
قوله: ((عَنْ مُعَاذِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُثْمَانَ التَّيْمِيِّ)): هو ابن عم أبي بكر الصديق رضي الله عنه، فهما تيميان.
وقوله: ((وَفَّقَ مَنْ أَكَلَهُ))، يعني: أقره على ذلك، وأخبره بأنه وافق الصواب، وقال: لا بأس بأكله، وهذا محمول على أنهم لم يعينوه، ولم يشيروا عليه، ولم يصد لأجلهم.