الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ مَنْ جَمَعَ الصَّدَقَةَ وَأَعْمَالَ الْبِرِّ
[1027]
حَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ، وَحَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى التُّجِيبِيُّ- واللفظ لأبي الطاهر- قَالَا: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:((مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ نُودِيَ فِي الْجَنَّةِ: يَا عَبْدَ اللَّهِ، هَذَا خَيْرٌ، فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّلَاةِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجِهَادِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الْجِهَادِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّدَقَةِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصِّيَامِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الرَّيَّانِ))، قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا عَلَى أَحَدٍ يُدْعَى مِنْ تِلْكَ الْأَبْوَابِ مِنْ ضَرُورَةٍ، فَهَلْ يُدْعَى أَحَدٌ مِنْ تِلْكَ الْأَبْوَابِ كُلِّهَا؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:((نَعَمْ، وَأَرْجُو أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ)).
[خ: 1897]
حَدَّثَنِي عَمْرٌو النَّاقِدُ، وَالْحَسَنُ الْحُلْوَانِيُّ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ قَالُوا: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ- وَهُوَ ابْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ- حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ صَالِحٍ. ح، وَحَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، كِلَاهُمَا عَنْ الزُّهْرِيِّ بِإِسْنَادِ يُونُسَ وَمَعْنَى حَدِيثِهِ.
قوله: ((مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ)): المراد بالزوجين: الصنفان، كطعام، ولباس مثلًا، فالطعام نوع، واللباس نوع، وقيل: المراد بالزوج: الشفع، والمطلوب: تشفيع صدقة بأخرى، مثل: درهمين أو دينارين، أو عبدين، أو بعيرين، أو فرسين، أو ثوبين.
وقوله: ((فِي سَبِيلِ اللَّهِ)): قيل: المراد به: العموم في جميع وجوه الخير، وقيل: المراد به: خصوص الجهاد في سبيل الله، لكن ظاهر الحديث أن المراد به: عموم وجوه الخير.
وأهل الصلاة: من صلى الفرائض، ولو لم يتطوع، وكذلك أهل الصدقة: كل من أدى الزكاة، ولو لم يتطوع، وأهل الصيام: كل من صام رمضان، ولو لم يتطوع بالصيام.
وفي هذا الحديث: فضل أبي بكر رضي الله عنه فقد كان سَبَّاقًا للخيرات؛ ولهذا قال له النبي صلى الله عليه وسلم: ((وَأَرْجُو أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ))، أي: ممن يُدعى من تلك الأبواب كلها.
وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ. ح، وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ- وَاللَّفْظُ لَهُ- حَدَّثَنَا شَبَابَةُ، حَدَّثَنِي شَيْبَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ دَعَاهُ خَزَنَةُ الْجَنَّةِ، كُلُّ خَزَنَةِ بَابٍ: أَيْ فُلُ! هَلُمَّ))، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ذَلِكَ الَّذِي لَا تَوَى عَلَيْهِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:((إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ)).
[خ: 2841]
قوله: ((أَيْ فُلُ))، يعني: أي فلان، وأي: حرف نداء، بمعنى: يا، قال الحريري
(1)
:
وَنَادِ مَنْ تَدْعُو بِـ: يَا أَوْ بِـ: أَيَا أَوْ هَمْزَةٍ أَوْ أَيْ وَإِنْ شِئْتَ هَيَا
وقوله: ((أَيْ فُلُ)): ترخيم، وهو أسلوب عربي معروف، ومن ذلك: قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((يَا عَائِشَ، هَذَا جِبْرِيلُ يُقْرِئُكِ السَّلامَ))
(2)
.
وقوله: ((ذَلِكَ الَّذِي لَا تَوَى عَلَيْهِ))، يعني: لا هلاك عليه.
(1)
ملحة الإعراب، للحريري (ص 54).
(2)
أخرجه البخاري (3768).
وقوله: ((هَلُمَّ))، يعني: تعال، أي: أن خزنة الجنة يدعونه، فإذا كان من أهل الصدقة دعاه خزنة باب الصدقة، وإن كان من أهل الجهاد دعاه خزنة باب الجهاد.
وفي هذا الحديث: أن المدح القليل قد يُعفَى عنه في بعض الأحيان إذا لم يُخَفْ على صاحبه الإعجاب؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم مدح أبا بكر رضي الله عنه، وأثنى عليه، وقال:((إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ))، وإلا فالمدح ممنوع، كما جاء في النصوص التي فيها النهي عن المدح، من مثل قوله صلى الله عليه وسلم:((إذَا رَأَيْتُمُ الْمَدَّاحِينَ فَاحْثُوا فِي وُجُوهِهِمُ التُّرَابَ))
(1)
.
[1028]
حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ، حَدَّثَنَا مَرْوَانُ- يعني: الْفَزَارِيَّ- عَنْ يَزِيدَ- وَهُوَ ابْنُ كَيْسَانَ- عَنْ أَبِي حَازِمٍ الْأَشْجَعِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ صَائِمًا؟ ))، قَالَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه: أَنَا قَالَ: ((فَمَنْ تَبِعَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ جَنَازَةً؟ ))، قَالَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه: أَنَا قَالَ: ((فَمَنْ أَطْعَمَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ مِسْكِينًا؟ ))، قَالَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه: أَنَا قَالَ: ((فَمَنْ عَادَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ مَرِيضًا؟ ))، قَالَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه: أَنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:((مَا اجْتَمَعْنَ فِي امْرِئٍ إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ)).
قوله: ((مَا اجْتَمَعْنَ فِي امْرِئٍ إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ))، يعني: في يوم واحد.
وفي هذا الحديث: منقبة عظيمة لأبي بكر الصديق رضي الله عنه.
(1)
أخرجه مسلم (3002).