الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ إِعْطَاءِ مَنْ سَأَلَ بِفُحْشٍ وَغِلْظَةٍ
[1056]
حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ، قَالَ إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا، وَقَالَ الْآخَرَانِ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ سَلْمَانَ بْنِ رَبِيعَةَ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه: قَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَسْمًا، فَقُلْتُ: وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَغَيْرُ هَؤُلَاءِ كَانَ أَحَقَّ بِهِ مِنْهُمْ قَالَ:((إِنَّهُمْ خَيَّرُونِي أَنْ يَسْأَلُونِي بِالْفُحْشِ، أَوْ يُبَخِّلُونِي، فَلَسْتُ بِبَاخِلٍ)).
في هذا الحديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم قد يعطي السائل وإن كان لا يستحق؛ لأنه لا يَرُدُّ عليه الصلاة والسلام سائلًا، ولا يحب أن يُبَخَّل، أي: أن يقال: بخيل؛ ولهذا لما تعلَّق به الأعراب بمرجعه من حنين، وأعطاهم ما عنده، حتى اضطروه إلى شجرة من شجر البادية فخطفت رداءَه، قال:((أَعْطُونِي رِدَائِي، فَلَوْ كَانَ عَدَدُ هَذِهِ الْعِضَاهِ نَعَمًا لَقَسَمْتُهُ بَيْنَكُمْ، ثُمَّ لَا تَجِدُونِي بَخِيلًا، وَلَا كَذُوبًا، وَلَا جَبَانًا))
(1)
.
(1)
أخرجه البخاري (2821).
[1057]
حَدَّثَنَا عَمْرٌو النَّاقِدُ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ سُلَيْمَانَ الرَّازِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ مَالِكًا. ح، وَحَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى- وَاللَّفْظُ لَهُ- أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كُنْتُ أَمْشِي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَعَلَيْهِ رِدَاءٌ نَجْرَانِيٌّ غَلِيظُ الْحَاشِيَةِ، فَأَدْرَكَهُ أَعْرَابِيٌّ، فَجَبَذَهُ بِرِدَائِهِ جَبْذَةً شَدِيدَةً، نَظَرْتُ إِلَى صَفْحَةِ عُنُقِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ أَثَّرَتْ بِهَا حَاشِيَةُ الرِّدَاءِ مِنْ شِدَّةِ جَبْذَتِهِ، ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، مُرْ لِي مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي عِنْدَكَ، فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَضَحِكَ، ثُمَّ أَمَرَ لَهُ بِعَطَاءٍ.
[خ: 3149]
حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ. ح، وَحَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ ابْنُ عَمَّارٍ. ح، وَحَدَّثَنِي سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ، حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، كُلُّهُمْ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِهَذَا الْحَدِيثِ، وَفِي حَدِيثِ عِكْرِمَةَ بْنِ عَمَّارٍ مِنَ الزِّيَادَةِ قَالَ: ثُمَّ جَبَذَهُ إِلَيْهِ جَبْذَةً، رَجَعَ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي نَحْرِ الْأَعْرَابِيِّ، وَفِي حَدِيثِ هَمَّامٍ: فَجَاذَبَهُ حَتَّى انْشَقَّ الْبُرْدُ، وَحَتَّى بَقِيَتْ حَاشِيَتُهُ فِي عُنُقِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.
قوله: ((وَعَلَيْهِ رِدَاءٌ نَجْرَانِيٌّ))، أي: منسوج في نجران، فنُسب إليها.
وقوله: ((غَلِيظُ الْحَاشِيَةِ))، يعني: ليس لينًا، بل غليظًا، يؤثر على الجسد إذا جرَّه أحد بقوة.
وقوله: ((فَأَدْرَكَهُ أَعْرَابِيٌّ، فَجَبَذَهُ بِرِدَائِهِ جَبْذَةً شَدِيدَةً))، وفي الرواية الأخرى:((رَجَعَ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي نَحْرِ الْأَعْرَابِيِّ)): هذا يدل على أنها جذبة شديدة؛ لوصول النبي صلى الله عليه وسلم إلى صدر الأعرابي من قوة جذبته؛ ذلك لأن الأعراب عندهم جفاء وقسوة.
وفي هذا الحديث: حُسن خلق النبي صلى الله عليه وسلم وتواضعه، وعدم انتصاره لنفسه.
وفيه: أن هذا الأعرابي أساء بالقول، والفعل إلى النبي صلى الله عليه وسلم: فأساء بالفعل أولًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم بهذه المعاملة السيئة، ثم بالقول بقوله:((يَا مُحَمَّدُ، مُرْ لِي مِنْ مَالِ اللَّهِ))، ومع ذلك فلم ينتصر النبي صلى الله عليه وسلم لنفسه، وهذا من تواضعه عليه الصلاة والسلام، بل التفت إليه- وهو يضحك- وأمر له بعطاء، ولم يعامله عليه الصلاة والسلام بمقتضى جفائه وغلظته.
[1058]
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنِ المِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ أَنَّهُ قَالَ: قَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَقْبِيَةً، وَلَمْ يُعْطِ مَخْرَمَةَ شَيْئًا، فَقَالَ مَخْرَمَةُ: يَا بُنَيَّ انْطَلِقْ بِنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَانْطَلَقْتُ مَعَهُ قَالَ: ادْخُلْ فَادْعُهُ لِي قَالَ: فَدَعَوْتُهُ لَهُ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ وَعَلَيْهِ قَبَاءٌ مِنْهَا، فَقَالَ:((خَبَأْتُ هَذَا لَكَ)) قَالَ: فَنَظَرَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: رَضِيَ مَخْرَمَةُ.
[خ: 2599]
حَدَّثَنَا أَبُو الْخَطَّابِ زِيَادُ بْنُ يَحْيَى الْحَسَّانِيُّ، حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ وَرْدَانَ أَبُو صَالِحٍ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ السَّخْتِيَانِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنِ المِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ قَالَ: قَدِمَتْ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَقْبِيَةٌ، فَقَالَ لِي أَبِي مَخْرَمَةُ: انْطَلِقْ بِنَا إِلَيْهِ؛ عَسَى أَنْ يُعْطِيَنَا مِنْهَا شَيْئًا قَالَ: فَقَامَ أَبِي عَلَى الْبَابِ فَتَكَلَّمَ، فَعَرَفَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم صَوْتَهُ، فَخَرَجَ وَمَعَهُ قَبَاءٌ، وَهُوَ يُرِيهِ مَحَاسِنَهُ، وَهُوَ يَقُولُ:((خَبَأْتُ هَذَا لَكَ، خَبَأْتُ هَذَا لَكَ)).
قوله: ((وَعَلَيْهِ قَبَاءٌ)): القباء- بفتح القاف-: ثوب يلبس فوق الثياب.
وقوله: ((خَبَأْتُ هَذَا لَكَ))، يعني: ادخرت هذا لك.
وفي هذا الحديث: رعاية النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه، فقد كان يعلم ما في أبي مخرمة من الحدة، فراعى حاله، وأنه كان يعلم أنه سيأتي، فبمجرد أن سمع صوته صلى الله عليه وسلم خرج له بالقباء.