الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ التَّلْبِيَةِ، وَصِفَتِهَا، وَوَقْتِهَا
[1184]
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: أَنَّ تَلْبِيَةَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((لَبَّيْكَ اللهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ، لَا شَرِيكَ لَكَ)). قَالَ: وَكَانَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما يَزِيدُ فِيهَا: لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ، وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ بِيَدَيْكَ، لَبَّيْكَ وَالرَّغْبَاءُ إِلَيْكَ وَالْعَمَلُ.
[خ: 1549]
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ، حَدَّثَنَا حَاتِمٌ- يَعْنِي: ابْنَ إِسْمَاعِيلَ- عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، وَنَافِعٍ- مَوْلَى عَبْدِ اللهِ- وحمزة بن عبد الله عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا اسْتَوَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ، قَائِمَةً عِنْدَ مَسْجِدِ ذِي الْحُلَيْفَةِ أَهَلَّ، فَقَالَ:((لَبَّيْكَ اللهُمَّ لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ، لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ، لَا شَرِيكَ لَكَ))، قَالُوا: وَكَانَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما يَقُولُ: هَذِهِ تَلْبِيَةُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ نَافِعٌ: كَانَ عَبْدُ اللهِ رضي الله عنه يَزِيدُ مَعَ هَذَا: لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ، وَالْخَيْرُ بِيَدَيْكَ لَبَّيْكَ، وَالرَّغْبَاءُ إِلَيْكَ وَالْعَمَلُ.
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا يَحْيَى- يَعْنِي: ابْنَ سَعِيدٍ- عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، أَخْبَرَنِي نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: تَلَقَّفْتُ التَّلْبِيَةَ مِنْ فِي رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَذَكَرَ بِمِثْلِ حَدِيثِهِمْ.
وَحَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: فَإِنَّ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ أَخْبَرَنِي عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُهِلُّ مُلَبِّدًا يَقُولُ: ((لَبَّيْكَ اللهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ، لَا شَرِيكَ لَكَ))، لَا يَزِيدُ عَلَى هَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ، وَإِنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما كَانَ يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَرْكَعُ بِذِي الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ إِذَا اسْتَوَتْ بِهِ النَّاقَةُ قَائِمَةً
عِنْدَ مَسْجِدِ ذِي الْحُلَيْفَةِ أَهَلَّ بِهَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ، وَكَانَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما يَقُولُ: كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه يُهِلُّ بِإِهْلَالِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ هَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ، وَيَقُولُ:((لَبَّيْكَ اللهُمَّ لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ، وَسَعْدَيْكَ، وَالْخَيْرُ فِي يَدَيْكَ لَبَّيْكَ، وَالرَّغْبَاءُ إِلَيْكَ وَالْعَمَلُ)).
قوله: ((لَبَّيْكَ اللهُمَّ لَبَّيْكَ))، يعني: إجابة بعد إجابة، والتثنية للمبالغة، والتأكيد.
وقوله: ((لَا شَرِيكَ))، يعني: أن الله تعالى ليس له شريك لا في ملكه، ولا في تدبيره، ولا في ربوبيته، ولا في أسمائه، وصفاته، ولا في عبادته وألوهيته.
وقوله: ((إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ)) بكسر ((إن)) أفصح، فتكون جملة اسمية، يعني: أنت يا الله لك الحمد ملكًا، واستحقاقًا، فجميع أنواع المحامد ملك لله، والنعمة جنس، أي: أن جميع النعم من الله عز وجل، فالله تعالى خلق الخلق، وأوجدهم من العدم، ووفق المؤمنين، وهداهم للإسلام، ورباهم بنعمه، فالأمر كله لله، قال تعالى:{قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك مِن مَن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير} .
في هذه الأحاديث: مشروعية التلبية للحاج، والمعتمر، وأنه يشرع في حقه التلبية من وقت الإحرام حتى يتحلل من إحرامه.
وقد اختلف العلماء في التلبية هل هي واجبة، أو شرط، أو مستحبة، على أقوال:
القول الأول: وهو المشهور عند الجماهير أنها مستحبة
(1)
، وهو المختار.
(1)
المجموع، للنووي (7/ 225 - 226)، المغني، لابن قدامة (3/ 270).
والقول الثاني: أنها شرط في الاحرام، فإذا لم يقلها فلا يصح إحرامه، ولا حجه
(1)
.
والقول الثالث: أنها واجبة، فإذا تركها فعليه دم
(2)
.
والتلبية إذا قالها مرة واحدة كفاه ذلك، ولكن المستحب للحاج والمعتمر أن يكررها، وهي مشروعة في كل وقت عند تغير الأحوال، وعند إقبال الليل، وإدبار النهار، وعند الالتقاء بالملبّين، وإذا فعل محظورًا ناسيًا.
وكان الصحابة رضي الله عنهم يرفعون أصواتهم بالتلبية، أما المرأة فإنها تلبي ولا ترفع صوتها إلا بقدر ما تسمع رفيقتها التي بجوارها؛ خشية أن يفتتن بها الناس.
والسُّنة في التلبية ألا تكون جماعية؛ لأن التلبية الجماعية لا أصل لها.
وفيها: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يهل حين يركب على دابته، وكذلك يفعل من يركب السيارة، أو الباخرة، أو الطائرة إذا كان عند الميقات، هذه هي السنة، وإذا لبى قبل أن يركب فلا حرج، لكن الأفضل أن تكون التلبية بعد الركوب اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم، وكأن الحكمة في ذلك- والله أعلم-: أنه قبل ذلك قد يكون محتاجًا إلى طيب، أو إلى شيء فإذا ركب يكون قد انتهى من حوائجه.
(1)
المبسوط، للسرخسي (4/ 170، 187).
(2)
الشرح الكبير، للدردير (2/ 40)، مواهب الجليل، للحطاب (3/ 9).
[1185]
وَحَدَّثَنِي عَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ الْعَنْبَرِيُّ، حَدَّثَنَا النَّضْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْيَمَامِيُّ، حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ- يَعْنِي: ابْنَ عَمَّارٍ- حَدَّثَنَا أَبُو زُمَيْلٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: كَانَ الْمُشْرِكُونَ يَقُولُونَ: لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ، قَالَ: فَيَقُولُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((وَيْلَكُمْ قَدْ قَدْ))، فَيَقُولُونَ: إِلَّا شَرِيكًا هُوَ لَكَ، تَمْلِكُهُ وَمَا مَلَكَ. يَقُولُونَ هَذَا وَهُمْ يَطُوفُونَ بِالْبَيْتِ.
في هذا الحديث: بيان ما كان يقوله المشركون من شركهم، وضلالهم، يقولون:((لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ)) فَيَقُولُ لهم رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((وَيْلَكُمْ قَدْ قَدْ))، يعني: يكفي يكفي، لا تزيدوا الشرك، فيقولون:((إِلَّا شَرِيكًا هُوَ لَكَ، تَمْلِكُهُ وَمَا مَلَكَ)) فخالفهم النبي صلى الله عليه وسلم، وأنكر عليهم، وأَهَلَّ بالتوحيد.