الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابٌ فِي كَفَنِ الْمَيِّتِ
[940]
وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، وَأَبُو كُرَيْبٍ- وَاللَّفْظُ لِيَحْيَى-، قَالَ يَحْيَى: أَخْبَرَنَا، وَقَالَ الْآخَرُونَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ شَقِيقٍ عَنْ خَبَّابِ بْنِ الْأَرَتِّ قَالَ: ((هَاجَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي سَبِيلِ اللَّهِ، نَبْتَغِي وَجْهَ اللَّهِ، فَوَجَبَ أَجْرُنَا عَلَى اللَّهِ، فَمِنَّا مَنْ مَضَى لَمْ يَأْكُلْ مِنْ أَجْرِهِ شَيْئًا، مِنْهُمْ: مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ، فَلَمْ يُوجَدْ لَهُ شَيْءٌ يُكَفَّنُ فِيهِ إِلَّا نَمِرَةٌ، فَكُنَّا إِذَا وَضَعْنَاهَا عَلَى رَأْسِهِ خَرَجَتْ رِجْلَاهُ، وَإِذَا وَضَعْنَاهَا عَلَى رِجْلَيْهِ خَرَجَ رَأْسُهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ضَعُوهَا مِمَّا يَلِي رَأْسَهُ، وَاجْعَلُوا عَلَى رِجْلَيْهِ الْإِذْخِرَ. وَمِنَّا مَنْ أَيْنَعَتْ لَهُ ثَمَرَتُهُ فَهُوَ يَهْدِبُهَا)).
[خ: 1286]
وَحَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ. ح وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ. ح، وَحَدَّثَنَا مِنْجَابُ بْنُ الْحَارِثِ التَّمِيمِيُّ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ. ح، وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَابْنُ أَبِي عُمَرَ، جميعًا عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنِ الأَعْمَشِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ نَحْوَهُ.
في هذا الحديث: فضل الصحابة رضوان الله عليهم، وتذكرهم لحالهم السابقة.
وفيه: أنهم كلهم رضي الله عنهم على خير، فمنهم من مات، ولم يأكل من أجره شيئًا، ومنهم من بقي ففتح الله على يديه الفتوح.
وقوله: ((نَبْتَغِي وَجْهَ اللَّهِ، فَوَجَبَ أَجْرُنَا عَلَى اللَّهِ))، أي: ثبت أجرنا على الله؛ لأن الله أخبرنا بذلك، وهذا مثل قوله عليه الصلاة والسلام في حديث آخر:((وَحَقَّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ: أَنْ لَا يُعَذِّبَ مَنْ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا))
(1)
.
(1)
أخرجه البخاري (2856)، ومسلم (32).
وقوله: ((فَمِنَّا مَنْ مَضَى لَمْ يَأْكُلْ مِنْ أَجْرِهِ شَيْئًا))، يعني: مات على الفقر، ولم يدرك الفتوح، ولم تنصبَّ عليهم الدنيا.
وقوله: ((فَلَمْ يُوجَدْ لَهُ شَيْءٌ يُكَفَّنُ فِيهِ إِلَّا نَمِرَةٌ))، أي: قطعة قماش صغيرة.
وقوله: ((فَكُنَّا إِذَا وَضَعْنَاهَا عَلَى رَأْسِهِ خَرَجَتْ رِجْلَاهُ))، أي: لقصرها.
وقوله: ((ضَعُوهَا مِمَّا يَلِي رَأْسَهُ)): لأن الرأس أشرف.
وقوله: ((وَاجْعَلُوا عَلَى رِجْلَيْهِ الْإِذْخِرَ)): هو نبت طيب الرائحة، يسد به الخلل في القبور، ويجعل في السقوف بين الخشب، ويوقد به الحدادون النار.
وقوله: ((وَمِنَّا: مَنْ أَيْنَعَتْ لَهُ ثَمَرَتُهُ فَهُوَ يَهْدِبُهَا))، أي: يجتنيها ويقطفها.
[941]
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبُو كُرَيْبٍ- وَاللَّفْظُ لِيَحْيَى-، قَالَ يَحْيَى: أَخْبَرَنَا، وَقَالَ الْآخَرَانِ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: ((كُفِّنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ بِيضٍ سَحُولِيَّةٍ مِنْ كُرْسُفٍ، لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ، وَلَا عِمَامَةٌ، أَمَّا الْحُلَّةُ فَإِنَّمَا شُبِّهَ عَلَى النَّاسِ فِيهَا أَنَّهَا اشْتُرِيَتْ لَهُ لِيُكَفَّنَ فِيهَا، فَتُرِكَتِ الْحُلَّةُ، وَكُفِّنَ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ بِيضٍ سَحُولِيَّةٍ، فَأَخَذَهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، فَقَالَ: لَأَحْبِسَنَّهَا حَتَّى أُكَفِّنَ فِيهَا نَفْسِي، ثُمَّ قَالَ: لَوْ رَضِيَهَا اللَّهُ عز وجل لِنَبِيِّهِ لَكَفَّنَهُ فِيهَا، فَبَاعَهَا، وَتَصَدَّقَ بِثَمَنِهَا)).
[خ: 1264]
وَحَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ السَّعْدِيُّ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:((أُدْرِجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي حُلَّةٍ يَمَنِيَّةٍ، كَانَتْ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، ثُمَّ نُزِعَتْ عَنْهُ، وَكُفِّنَ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ سُحُولٍ يَمَانِيَةٍ، لَيْسَ فِيهَا عِمَامَةٌ، وَلَا قَمِيصٌ، فَرَفَعَ عَبْدُ اللَّهِ الْحُلَّةَ، فَقَالَ: أُكَفَّنُ فِيهَا، ثُمَّ قَالَ: لَمْ يُكَفَّنْ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَأُكَفَّنُ فِيهَا؟ ! فَتَصَدَّقَ بِهَا)).
وَحَدَّثَنَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، وَابْنُ عُيَيْنَةَ، وابن إدريس، وعبدة، ووكيع ح وَحَدَّثَنَاهُ يحيى بن يحيى، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ كُلُّهُمْ عَنْ هِشَامٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ، وَلَيْسَ فِي حَدِيثِهِمْ قِصَّةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ.
وَحَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي عُمَرَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ عَنْ يَزِيدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ أَنَّهُ قَالَ:((سَأَلْتُ عَائِشَةَ- زَوْجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ لَهَا: فِي كَمْ كُفِّنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَقَالَتْ: فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ سَحُولِيَّةٍ)).
قوله: ((مِنْ كُرْسُفٍ))، أي: من قطن.
في هذا الحديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم كُفن ((فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ بِيضٍ))، وهذا هو الذي اختاره الله لنبيه صلى الله عليه وسلم، أي: ثلاث قطع، بعضها فوق بعض، ثم أُدرج
فيها النبي صلى الله عليه وسلم.
وفيه: الأفضل للرجل أن يكفن في البياض، وإن كفن في ثوب ملون فلا بأس.
وقوله: ((لَيْسَ فِيهَا قَمِيصٌ، وَلَا عِمَامَةٌ)): هذا هو الأفضل، أن يكفن الميت في ثلاثة أثواب للذكر، وخمسة أثواب للأنثى؛ درع، وخمار، وثلاثة لفائف، كما سيأتي بيانه.
وقوله: ((فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ سُحُولٍ يَمَانِيَةٍ))، أي: نسبة إلى بلدة سحول في اليمن، نُسبت إليها هذه الثياب، والواجب: ثوب واحد يستر جميع البدن، والدليل على ذلك: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال- في الرجل الذي وقصته راحلته-: ((وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْنِ))
(1)
، وهما: الإزار، والرداء، ويجعل رباط يعقد في الأسفل والوسط والأعلى، ثم تحل العقد إذا وُضع الميت في قبره.
وقوله: ((فِي حُلَّةٍ يَمَنِيَّةٍ)): الحلة تكون في إزار ورداء.
وقوله: ((فَرَفَعَ عَبْدُ اللَّهِ الْحُلَّةَ))؛ لأنه كان يريد أن يجعلها كفنًا له.
وقوله: ((ثُمَّ قَالَ: لَمْ يُكَفَّنْ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأُكَفَّنُ فِيهَا؟ ! ))، أي: بعدما تأمل قال: لو كانت مناسبة لرضيها الله لنبيه صلى الله عليه وسلم، فلما لم يرضها لنبيه صلى الله عليه وسلم تركها وتصدق بها.
(1)
أخرجه البخاري (1265)، ومسلم (1206).