الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ مَا أَنْفَقَ الْعَبْدُ مِنْ مَالِ مَوْلَاهُ
[1025]
وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَابْنُ نُمَيْرٍ، وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، جَمِيعًا عَنْ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، قَالَ ابْنُ نُمَيْرٍ: حَدَّثَنَا حَفْصٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ عُمَيْرٍ- مَوْلَى آبِي اللَّحْمِ- قَالَ: كُنْتُ مَمْلُوكًا، فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَأَتَصَدَّقُ مِنْ مَالِ مَوَالِيَّ بِشَيْءٍ؟ قَالَ: ((نَعَمْ، وَالْأَجْرُ بَيْنَكُمَا نِصْفَانِ)).
وَحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا حَاتِمٌ- يعني: ابْنَ إِسْمَاعِيلَ- عَنْ يَزِيدَ- يعني: ابْنَ أَبِي عُبَيْدٍ- قَالَ: سَمِعْتُ عُمَيْرًا- مَوْلَى آبِي اللَّحْمِ- قَالَ: أَمَرَنِي مَوْلَايَ أَنْ أُقَدِّدَ لَحْمًا، فَجَاءَنِي مِسْكِينٌ فَأَطْعَمْتُهُ مِنْهُ، فَعَلِمَ بِذَلِكَ مَوْلَايَ فَضَرَبَنِي، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَدَعَاهُ، فَقَالَ: لِمَ ضَرَبْتَهُ؟ فَقَالَ: يُعْطِي طَعَامِي بِغَيْرِ أَنْ آمُرَهُ، فَقَالَ:((الْأَجْرُ بَيْنَكُمَا)).
وقوله صلى الله عليه وسلم: ((نَعَمْ، وَالْأَجْرُ بَيْنَكُمَا نِصْفَانِ))، يعني: قسمين.
وفي هذا الحديث: أن جواز تصدق العبد بغير إذن سيده محمول على التصدق بشيء يظن أن سيده يرضى به.
وفيه: أن العبد إذا تصدق بمال سيده بما جرت به العادة فله أجر، ولسيده أجرٌ مثله.
وظاهر اللفظ الأول أن عميرًا رضي الله عنه استأذن سيده في الصدقة بقدرٍ يعلم رضاه به.
أما اللفظ الثاني فمحمول على أن عميرًا رضي الله عنه تصدق بشيء يظن أن مولاه يرضى به، ولم يرضَ به مولاه فلعمير رضي الله عنه أجر لأنه فعل شيئًا يعتقده طاعة بنية الطاعة، ولمولاه أجر؛ لأن ماله تلف عليه.
[1026]
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ قَالَ: هَذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَذَكَرَ أَحَادِيثَ، مِنْهَا: وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((لَا تَصُمِ الْمَرْأَةُ وَبَعْلُهَا شَاهِدٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ، وَلَا تَأْذَنْ فِي بَيْتِهِ وَهُوَ شَاهِدٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ، وَمَا أَنْفَقَتْ مِنْ كَسْبِهِ مِنْ غَيْرِ أَمْرِهِ فَإِنَّ نِصْفَ أَجْرِهِ لَهُ)).
[خ: 5192]
قوله: ((لَا تَصُمْ الْمَرْأَةُ وَبَعْلُهَا شَاهِدٌ))، أي: حاضر غير مسافر، فإن كان مسافرًا فلها أن تصوم، والمراد بالصوم هنا: صوم التطوع، أو الصوم الواجب على التراخي، كمن كان عليه قضاء من رمضان؛ لقول عائشة رضي الله عنها:((كَانَ يَكُونُ عَلَيَّ الصَّوْمُ مِنْ رَمَضَانَ، فَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقْضِيَهُ إِلَّا فِي شَعْبَانَ، الشُّغْلُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، أَوْ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم)
(1)
، وليس لها أن تصوم إلا بإذنه إذا كان حاضرًا؛ لأن له حقَّ الاستمتاع بها، والصوم يمنعه من الاستمتاع، فإذا أذن لها صامت، وإلا أفطرت.
وقوله: ((وَلَا تَأْذَنْ فِي بَيْتِهِ وَهُوَ شَاهِدٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ))، أي: لا تأذن لأحد بدخول بيته إلا لأحد يرضاه.
وقوله: ((وَمَا أَنْفَقَتْ مِنْ كَسْبِهِ مِنْ غَيْرِ أَمْرِهِ فَإِنَّ نِصْفَ أَجْرِهِ لَهُ))، يعني: ما أنفقت من غير أمره الصريح في ذلك القدر المعين، ويكون معها إذن عام سابق متناول لهذا القدر وغيره.
وفي هذا الحديث: أن الإذن نوعان، كما قال النووي
(2)
:
النوع الأول: الإذن الصريح في النفقة والصدقة.
(1)
أخرجه مسلم (1146).
(2)
شرح مسلم، للنووي (7/ 112).
النوع الثاني: الإذن المفهوم من اطراد العرف والعادة، كإعطاء السائل كسرة ونحوها مما جرت العادة به، واطرد العرف فيه، وعلم بالعرف رضاء الزوج والمالك به، فإذنه في ذلك حاصل وإن لم يتكلم.