الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ الْحَجِّ عَنِ الْعَاجِزِ لِزَمَانَةٍ وَهَرَمٍ وَنَحْوِهِمَا، أَوْ لِلْمَوْتِ
[1334]
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: كَانَ الْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ رَدِيفَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَجَاءَتْهُ امْرَأَةٌ مِنْ خَثْعَمَ تَسْتَفْتِيهِ، فَجَعَلَ الْفَضْلُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا، وَتَنْظُرُ إِلَيْهِ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَصْرِفُ وَجْهَ الْفَضْلِ إِلَى الشِّقِّ الْآخَرِ، قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ فَرِيضَةَ اللهِ عَلَى عِبَادِهِ فِي الْحَجِّ أَدْرَكَتْ أَبِي شَيْخًا كَبِيرًا لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَثْبُتَ عَلَى الرَّاحِلَةِ، أَفَأَحُجُّ عَنْهُ؟ قَالَ:((نَعَمْ)). وَذَلِكَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ.
[خ: 1513، 1584]
[1335]
حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ، أَخْبَرَنَا عِيسَى عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ الْفَضْلِ: أَنَّ امْرَأَةً مِنْ خَثْعَمَ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ أَبِي شَيْخٌ كَبِيرٌ عَلَيْهِ فَرِيضَةُ اللهِ فِي الْحَجِّ، وَهُوَ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَسْتَوِيَ عَلَى ظَهْرِ بَعِيرِهِ، فقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:((فَحُجِّي عَنْهُ)).
في هذا الحديث: جواز النيابة في الحج عن الميت، وعن العاجز الذي لا يستطيع الثبات على المركوب.
وفيه: دليل على أن العاجز تجب عليه الفريضة بماله، أو بمن يحج عنه إذا وجد من يحج عنه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أقر الخثعمية على قولها فقال:((فَحُجِّي عَنْهُ))، أما إذا كان عاجزًا بالمال والبدن فليس عليه شيء؛ لقول الله عز وجل:{وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} .
وفيه: جواز حج المرأة عن الرجل، وحج الرجل عن المرأة.
وقوله: ((فَجَعَلَ الْفَضْلُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا، وَتَنْظُرُ إِلَيْهِ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَصْرِفُ
وَجْهَ الْفَضْلِ إِلَى الشِّقِّ الْآخَرِ)) استدل به بعضهم على أنه يجوز للمرأة أن تكشف وجهها، وأن وجهها ليس بعورة، وهذا الاستدلال ليس بصحيح؛ لأن هذا الحديث مجمل تفسره الأحاديث الأخرى، وأحاديث الحجاب محكمة لا إشكال فيها، وقال الله تعالى:{وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ} ، والحجاب الذي يحجب المرأة عن الرجل قد يكون بابًا، أو جدارًا، أو ستارًا على وجهها، قال الله تعالى:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ} ، وقال سبحانه:{وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} .
ومعنى {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ} : أنها تجعل خمارها ينزل على رأسها، ووجهها، وصدرها، ففي سنن أبي داوود عن أم سلمة قالت:((لما نزلت {يدنين عليهن من جلابيبهن} خرج نساء الأنصار كأن على رءوسهن الغربان من الأكسية))
(1)
.
ومن الأدلة الصريحة- أيضًا-: ما ثبت في الصحيح في قصة الإفك، لما ذهبوا وتركوا عائشة رضي الله عنها، وكان صفوان بن المعطل السلمي رضي الله عنه قد تأخر فجاء إليها، وكانت قد غلبتها عينها، فعرفها، فجعل يقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، قالت عائشة: فاستيقظت باسترجاع صفوان، فخمَّرت وجهي بجلبابي، وكان يعرفني قبل الحجاب
(2)
، فدل هذا الحديث أن النساء قبل الحجاب يكشفن وجوههن، وأما بعد الحجاب فكن يسترن وجوههن.
وفي المسند والسنن عن عائشة رضي الله عنها قالت: ((كَانَ الرُّكْبَانُ يَمُرُّونَ بِنَا وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مُحْرِمَاتٌ، فَإِذَا حَاذَوْا بِنَا أَسْدَلَتْ إِحْدَانَا جِلْبَابَهَا مِنْ رَأْسِهَا عَلَى وَجْهِهَا، فَإِذَا جَاوَزُونَا كَشَفْنَاهُ))
(3)
، هذا في الحج، وأما قوله:
(1)
أخرجه أبو داود (4101).
(2)
صحيح البخاري (2661)، وصحيح مسلم (2373).
(3)
أخرجه أحمد (24021)، وأبو داود (1833)، وابن ماجه (2935).
((يَنْظُرُ إِلَيْهَا، وَتَنْظُرُ إِلَيْهِ)) فليس بصريح في أنها كاشفة وجهها؛ لأنه قد ينظر إليها وهي متسترة الوجه، فينظر إلى طولها أو قدها، أو أنه بدا شيء من وجهها، ولم ينتبه له النبي صلى الله عليه وسلم، أو ما أشبه ذلك.