الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ صِيَامِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي غَيْرِ رَمَضَانَ، وَاسْتِحْبَابِ أَنْ لَا يُخْلِيَ شَهْرًا عَنْ صَوْمٍ
[1156]
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ عَنْ سَعِيدٍ الْجُرَيْرِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ قَالَ: قُلْتُ لِعَائِشَةَ رضي الله عنها: هَلْ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَصُومُ شَهْرًا مَعْلُومًا سِوَى رَمَضَانَ؟ قَالَتْ: وَاللَّهِ إِنْ صَامَ شَهْرًا مَعْلُومًا سِوَى رَمَضَانَ، حَتَّى مَضَى لِوَجْهِهِ، وَلَا أَفْطَرَهُ حَتَّى يُصِيبَ مِنْهُ.
[خ: 1969]
وَحَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا كَهْمَسٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ قَالَ: قُلْتُ لِعَائِشَةَ رضي الله عنها: أَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَصُومُ شَهْرًا كُلَّهُ؟ قَالَتْ: مَا عَلِمْتُهُ صَامَ شَهْرًا كُلَّهُ إِلَّا رَمَضَانَ، وَلَا أَفْطَرَهُ كُلَّهُ، حَتَّى يَصُومَ مِنْهُ، حَتَّى مَضَى لِسَبِيلِهِ صلى الله عليه وسلم.
في هذا الحديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم ما كان يصوم شهرًا معلومًا سوى رمضان، لكن جاء في الحديث الآخر: أن النبي صلى الله عليه وسلم ((كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ))
(1)
، وفي رواية أنه:((كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ إِلَّا قَلِيلًا))
(2)
.
فاختلف العلماء في هاتين الروايتين:
فقيل: المعنى: أن الرواية الثانية تفسِّر الرواية الأولى، أي: أنه يصوم الشهر إلا قليلًا منه، فمن صام هكذا فكأنه صام الشهر كله.
وقيل: إنه صلى الله عليه وسلم في بعض السنين كان يصوم شعبان كاملًا، وفي بعض السنين كان يصوم أغلبه.
وقول عائشة رضي الله عنها: ((وَاللَّهِ إِنْ صَامَ شَهْرًا مَعْلُومًا)): إن نافية، بمعنى: ما.
(1)
أخرجه البخاري (1970)، ومسلم (1156).
(2)
أخرجه مسلم (1156).
وفيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يخلي شهرًا من صومٍ.
وَحَدَّثَنِي أَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ أَيُّوبَ، وَهِشَامٍ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ، قَالَ حَمَّادٌ: وَأَظُنُّ أَيُّوبَ قَدْ سَمِعَهُ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ رضي الله عنها عَنْ صَوْمِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَتْ: كَانَ يَصُومُ حَتَّى نَقُولَ: قَدْ صَامَ، قَدْ صَامَ، وَيُفْطِرُ حَتَّى نَقُولَ: قَدْ أَفْطَرَ، قَدْ أَفْطَرَ، قَالَتْ: وَمَا رَأَيْتُهُ صَامَ شَهْرًا كَامِلًا مُنْذُ قَدِمَ الْمَدِينَةَ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ رَمَضَانَ.
وَحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ رضي الله عنها: بِمِثْلِهِ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْإِسْنَادِ هِشَامًا، وَلَا مُحَمَّدًا.
في هذا الحديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم ربما سرد الصوم، وربما سرد الفطر، على حسب فراغه؛ فإن كان مشغولًا بالوفود، أو بالدعوة، أو بالجهاد أفطر، وإذا حصل له فراغ سرد الصوم اغتنامًا للفضل.
وهكذا ينبغي للإنسان أن يقتدي بالنبي صلى الله عليه وسلم، فإذا كان الصيام يُضعِفه عن طلب الرزق، أو طلب العلم، أو الدعوة إلى الله، أو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ترك الصيام، وصام في وقت فراغه.
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنْ أَبِي النَّضْرِ- مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ- عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَائِشَةَ- أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ- رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَصُومُ حَتَّى نَقُولَ: لَا يُفْطِرُ، وَيُفْطِرُ حَتَّى نَقُولَ: لَا يَصُومُ، وَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اسْتَكْمَلَ صِيَامَ شَهْرٍ قَطُّ، إِلَّا رَمَضَانَ، وَمَا رَأَيْتُهُ فِي شَهْرٍ أَكْثَرَ مِنْهُ صِيَامًا، فِي شَعْبَانَ.
وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَعَمْرٌو النَّاقِدُ، جَمِيعًا عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ ابْنِ أَبِي لَبِيدٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ رضي الله عنها عَنْ صِيَامِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَتْ: كَانَ يَصُومُ حَتَّى نَقُولَ: قَدْ صَامَ، وَيُفْطِرُ حَتَّى نَقُولَ: قَدْ أَفْطَرَ، وَلَمْ أَرَهُ صَائِمًا مِنْ شَهْرٍ قَطُّ أَكْثَرَ مِنْ صِيَامِهِ مِنْ شَعْبَانَ، كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ، كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ إِلَّا قَلِيلًا.
[782]
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الشَّهْرِ مِنَ السَّنَةِ أَكْثَرَ صِيَامًا مِنْهُ فِي شَعْبَانَ، وَكَانَ يَقُولُ:((خُذُوا مِنَ الْأَعْمَالِ مَا تُطِيقُونَ، فَإِنَّ اللَّهَ لَنْ يَمَلَّ حَتَّى تَمَلُّوا))، وَكَانَ يَقُولُ:((أَحَبُّ الْعَمَلِ إِلَى اللَّهِ، مَا دَاوَمَ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ، وَإِنْ قَلَّ)).
[خ: 1970]
[1157]
حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِي بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: مَا صَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَهْرًا كَامِلًا قَطُّ غَيْرَ رَمَضَانَ، وَكَانَ يَصُومُ إِذَا صَامَ حَتَّى يَقُولَ الْقَائِلُ: لَا وَاللَّهِ لَا يُفْطِرُ، وَيُفْطِرُ إِذَا أَفْطَرَ حَتَّى يَقُولَ الْقَائِلُ: لَا وَاللَّهِ لَا يَصُومُ.
[خ: 1971]
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ نَافِعٍ عَنْ غُنْدَرٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ أَبِي بِشْرٍ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ، وَقَالَ: شَهْرًا مُتَتَابِعًا مُنْذُ قَدِمَ الْمَدِينَةَ.
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ. ح، وَحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ حَكِيمٍ الْأَنْصَارِيُّ قَالَ: سَأَلْتُ سَعِيدَ
ابْنَ جُبَيْرٍ عَنْ صَوْمِ رَجَبٍ، وَنَحْنُ- يَوْمَئِذٍ- فِي رَجَبٍ، فَقَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَصُومُ، حَتَّى نَقُولَ: لَا يُفْطِرُ، وَيُفْطِرُ حَتَّى نَقُولَ: لَا يَصُومُ.
وَحَدَّثَنِيهِ عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ. ح، وَحَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، كِلَاهُمَا عَنْ عُثْمَانَ بْنِ حَكِيمٍ، فِي هَذَا الْإِسْنَادِ بِمِثْلِهِ.
[1158]
وَحَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، وَابْنُ أَبِي خَلَفٍ قَالَا: حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه. ح، وَحَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ نَافِعٍ- وَاللَّفْظُ لَهُ- حَدَّثَنَا بَهْزٌ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، حَدَّثَنَا ثَابِتٌ عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: كَانَ يَصُومُ حَتَّى يُقَالَ: قَدْ صَامَ، قَدْ صَامَ، وَيُفْطِرُ حَتَّى يُقَالَ: قَدْ أَفْطَرَ، قَدْ أَفْطَرَ.
في هذا الحديث: أن أحب العمل إلى الله ما داوم عليه صاحبه، ولو كان قليلًا، فركعات معدودة يصليها في الضحى باستمرار، أو في الليل، أفضل من كونه يصلي يومًا ويترك يومًا.
وقوله: ((خُذُوا مِنَ الْأَعْمَالِ مَا تُطِيقُونَ)): وفي اللفظ الآخر: ((اكْلَفُوا مِنَ الْأَعْمَالِ مَا تُطِيقُونَ))
(1)
، يعني: أن المسلم عليه أن يأتي من الأعمال والنوافل ما يطيقه، ولا يشق على نفسه، حتى لا يملَّ العبادة ولا يكرهَها.
وقوله: ((فَإِنَّ اللَّهَ لَنْ يَمَلَّ حَتَّى تَمَلُّوا)): هذه الصفة لم يثبتها الله عز وجل لنفسه إلا في مقابلة فعل المخلوقين، فتكون على سبيل المجازاة لهم بجنس فعلهم، على ما يليق بكمال الله، كقوله تعالى:{يخادعون الله وهو خادعهم} ، وقوله:{ويمكرون ويمكر الله} ، وقوله:{إنهم يكيدون كيدًا وأكيد كيدًا} فهذه صفات كمال، مجازاة للماكرين وللكائدين.
(1)
أخرجه البخاري (6465).