الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ فِي تَقْدِيمِ الزَّكَاةِ، وَمَنْعِهَا
[983]
وَحَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عُمَرَ عَلَى الصَّدَقَةِ، فَقِيلَ: مَنَعَ ابْنُ جَمِيلٍ، وَخَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَالْعَبَّاسُ عَمُّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:((مَا يَنْقِمُ ابْنُ جَمِيلٍ إِلَّا أَنَّهُ كَانَ فَقِيرًا فَأَغْنَاهُ اللَّهُ؟ ! وَأَمَّا خَالِدٌ فَإِنَّكُمْ تَظْلِمُونَ خَالِدًا، قَدِ احْتَبَسَ أَدْرَاعَهُ وَأَعْتَادَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَأَمَّا الْعَبَّاسُ فَهِيَ عَلَيَّ، وَمِثْلُهَا مَعَهَا، ثُمَّ قَالَ: يَا عُمَرُ، أَمَا شَعَرْتَ أَنَّ عَمَّ الرَّجُلِ صِنْوُ أَبِيهِ؟ )).
[خ: 1468]
قوله: ((مَنَعَ ابْنُ جَمِيلٍ، وَخَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ، وَالْعَبَّاسُ عَمُّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم)، أي: منعوا الزكاة، أما ابن جميل، فقال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم:((مَا يَنْقِمُ ابْنُ جَمِيلٍ إِلَّا أَنَّهُ كَانَ فَقِيرًا فَأَغْنَاهُ اللَّهُ؟ ! )) وهذا إنكار عليه، يعني: ما الذي يمنعه من ذلك، وقد كان فقيرًا فأغناه الله؟ !
وقوله: ((وَأَمَّا خَالِدٌ فَإِنَّكُمْ تَظْلِمُونَ خَالِدًا، قَدِ احْتَبَسَ أَدْرَاعَهُ وَأَعْتَادَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ))، أي: أوقفها في سبيل الله، فكيف يمنع الزكاة، وهي شيء واجب عليه، وليس عنده شيء يخرجه؟ !
وقوله: ((وَأَمَّا الْعَبَّاسُ فَهِيَ عَلَيَّ، وَمِثْلُهَا مَعَهَا))، يعني: أن النبي صلى الله عليه وسلم استسلف منه زكاة سنتين مقدَّمًا، فأجمع العلماء على أنه لا بأس بتقديم الزكاة سنة، أو سنتين.
وقوله: ((يَا عُمَرُ أَمَا شَعَرْتَ أَنَّ عَمَّ الرَّجُلِ صِنْوُ أَبِيهِ؟ ))، يعني: أن عم الرجل مثل أبيه، والعباس عم النبي صلى الله عليه وسلم، فهو صنو أبيه.
وفي هذا الحديث: مشروعية بعثِ ولي الأمر العمالَ لأخذ الصدقة،
وجبايتها من الناس، وأنه إذا بعث ولي الأمر السُّعاة لجِباية الزكاة، ثم دفعها المزكي إليهم، فقد برئت ذمته.
واستُدل بهذا الحديث على صحة وقف المنقول
(1)
، خلافًا للحنفية، فإنهم قالوا: لا يوقف المنقول، وإنما الوقف يكون في الشيء الثابت كالعقارات، والدور
(2)
.
واستَدل الظاهرية بهذا الحديث- أيضًا- على عدم وجوب الزكاة في عروض التجارة
(3)
، والصواب: أن عروض التجارة فيها زكاة، كما ذهب إلى ذلك جمهور العلماء
(4)
، فعَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ قَالَ:((أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَأْمُرُنَا أَنْ نُخْرِجَ الصَّدَقَةَ مِنَ الَّذِي نُعِدُّ لِلْبَيْعِ))
(5)
.
(1)
الشرح الكبير، للدردير (4/ 77)، روضة الطالبين، للنووي (5/ 314)، الإنصاف، للمرداوي (7/ 7).
(2)
المبسوط، للسرخسي (2/ 205)، (12/ 45)، الاختيار لتعليل المختار، لأبي الفضل الحنفي (3/ 42).
(3)
المحلى، لابن حزم (5/ 209).
(4)
العناية، للبابرتي (2/ 218)، الشرح الكبير، للدردير (1/ 472)، المجموع، للنووي (6/ 47)، المغني، لابن قدامة (3/ 58).
(5)
أخرجه أبو داود (1562)، والبيهقي في الكبرى (7597)، والطبراني في الكبير (7029).