الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
فَصْلٌ: فِي الْإِيلَاءِ
وَهُوَ لُغَةً الْحَلِفُ قَالَ الشَّاعِرُ
وَأَكْذَبُ مَا يَكُونُ أَبُو الْمُثَنَّى
…
إذَا آلَى يَمِينًا بِالطَّلَاقِ
وَشَرْعًا حَلِفُ زَوْجٍ يَصِحُّ طَلَاقُهُ عَلَى امْتِنَاعِهِ مِنْ وَطْءِ زَوْجَتِهِ مُطْلَقًا أَوْ فَوْقَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ كَمَا سَيَأْتِي. وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ} [البقرة: 226] الْآيَةَ وَإِنَّمَا عُدِّيَ فِيهَا بِمِنْ وَهُوَ إنَّمَا يُعَدَّى بِعَلَى
ــ
[حاشية البجيرمي]
[فَصْلٌ فِي الْإِيلَاءِ]
ِ وَأَخَّرَهُ عَنْ الرَّجْعَةِ لِصِحَّتِهِ مِنْ الرَّجْعِيَّةِ وَكَذَا يُقَالُ: فِي ذِكْرِ الظِّهَارِ وَاللِّعَانِ عَقِبَهَا، وَكَانَ طَلَاقًا بَائِنًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، لَا رَجْعَةَ بَعْدَهُ أَبَدًا فَغَيَّرَ الشَّرْعُ حُكْمَهُ إلَى مَا يَأْتِي مِنْ ضَرْبِهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، ثُمَّ بَعْدَهَا بِالْفَيْئَةِ أَوْ الطَّلَاقِ، فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْهُمَا طَلَّقَ عَلَيْهِ الْقَاضِي. قَوْلُهُ (لُغَةً الْحَلِفُ) أَيْ بِدَلِيلِ قِرَاءَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ:(لِلَّذِينَ يُقْسِمُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ) قَوْلُهُ: (وَأَكْذَبُ مَا يَكُونُ إلَخْ) أَيْ أَكْذَبُ أَحْوَالِهِ إذَا حَلَفَ بِالطَّلَاقِ ع ش.
قَوْلُهُ: (أَبُو الْمُثَنَّى) هُوَ شَاعِرٌ كَانَ يُكْثِرُ الْحَلِفَ بِالطَّلَاقِ. قَوْلُهُ: (حَلِفُ زَوْجٍ) : أَيْ غَيْرِ مَجْبُوبٍ وَغَيْرِ مَشْلُولٍ، بِخِلَافِ مَا لَوْ طَرَأَ الشَّلَلُ أَوْ الْجَبُّ بَعْدَ الْإِيلَاءِ، فَلَا يَمْنَعُ مِنْ تَرَتُّبِ الْأَحْكَامِ وَهُوَ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ، وَدَخَلَ فِي الزَّوْجِ الْمُسْلِمُ وَالْكَافِرُ وَالْحُرُّ وَالْعَبْدُ، وَقَدْ اشْتَمَلَ التَّعْرِيفُ عَلَى جَمِيعِ الْأَرْكَانِ قَوْلُهُ:(زَوْجَتِهِ) أَيْ غَيْرِ الرَّتْقَاءِ وَالْقَرْنَاءِ، سَوَاءٌ كَانَتْ مُسْلِمَةً أَوْ كَافِرَةً، حُرَّةً أَوْ أَمَةً قَوْلُهُ:(مُطْلَقًا) أَيْ امْتِنَاعًا مُطْلَقًا قَوْلُهُ: (أَوْ فَوْقَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ) لِأَنَّ الْمَرْأَةَ يَعْظُمُ ضَرَرُهَا إذَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ، لِأَنَّهَا تَصْبِرُ عَنْ الزَّوْجِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، وَبَعْدَ ذَلِكَ يَفْنَى صَبْرُهَا أَوْ يَقِلُّ.
رَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ عُمَرَ، أَنَّهُ خَرَجَ مَرَّةً فِي اللَّيْلِ فِي شَوَارِعِ الْمَدِينَةِ، فَسَمِعَ امْرَأَةً تَقُولُ:
تَطَاوَلَ هَذَا اللَّيْلُ وَاسْوَدَّ جَانِبُهُ
…
وَأَرَّقَنِي أَنْ لَا خَلِيلَ أُلَاعِبُهْ
فَوَاَللَّهِ لَوْلَا اللَّهُ تُخْشَى عَوَاقِبُهْ
…
لَحُرِّكَ مِنْ هَذَا السَّرِيرِ جَوَانِبُهْ
مَخَافَةَ رَبِّي وَالْحَيَاءُ يَصُدُّنِي
…
وَأَخْشَى لِبَعْلِي أَنْ تُنَالَ مَرَاتِبُهْ
فَقَالَ عُمَرُ لِابْنَتِهِ حَفْصَةَ: كَمْ أَكْثَرُ مَا تَصْبِرُ الْمَرْأَةُ عَنْ الزَّوْجِ؟ وَرُوِيَ أَنَّهُ سَأَلَ النِّسَاءَ، فَقُلْنَ لَهُ تَصْبِرُ شَهْرَيْنِ وَفِي الثَّالِثِ يَقِلُّ صَبْرُهَا، وَفِي آخِرِ الرَّابِعِ يُفْقَدُ صَبْرُهَا، فَكَتَبَ إلَى أُمَرَاءِ الْأَجْنَادِ أَنْ لَا تَحْبِسُوا رَجُلًا عَنْ امْرَأَتِهِ، أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، وَقَوْلُهَا مِنْ هَذَا السَّرِيرِ أَرَادَتْ نَفْسَهَا، لِأَنَّهَا فِرَاشُ الرَّجُلِ فَهِيَ كَالسَّرِيرِ الَّذِي يَجْلِسُ عَلَيْهِ اهـ. شَرْحُ الْمِنْهَاجِ لِلدَّمِيرِيِّ فَقَوْلُهَا: لَوْلَا إلَخْ الْبَيْتُ. الْمُرَادُ مِنْهُ: لَوْلَا أَخْشَى اللَّهَ لَزَنَيْت.
قَوْلُهُ: {يُؤْلُونَ} أَيْ يَحْلِفُونَ قَوْلُهُ: (وَإِنَّمَا عُدِّيَ إلَخْ) جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ حَاصِلُهُ: أَنَّ الْإِيلَاءَ بِمَعْنَى الْحَلِفِ، وَالْحَلِفُ يَتَعَدَّى بِعَلَى لَا بِمِنْ.
وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ الْآيَةَ فِيهَا تَضْمِينٌ بَيَانِيٌّ، وَضَابِطُهُ أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ فِعْلٌ مَذْكُورٌ لَا يُنَاسِبُ الْحَرْفَ الْمَذْكُورَ، فَيُؤْتَى بِاسْمِ فَاعِلٍ مِنْ فِعْلٍ مَحْذُوفٍ يُنَاسِبُ الْحَرْفَ الْمَذْكُورَ، وَيُجْعَلُ اسْمُ الْفَاعِلِ حَالًا مِنْ فَاعِلِ الْفِعْلِ الْمَذْكُورِ، كَمَا قَدَّرَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ: مُبْعِدِينَ إلَخْ أَوْ تَضْمِينٌ
لِأَنَّهُ ضُمِّنَ مَعْنَى الْبُعْدِ، كَأَنَّهُ قَالَ: لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مُبْعِدِينَ أَنْفُسَهُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ.
وَهُوَ حَرَامٌ لِلْإِيذَاءِ وَأَرْكَانُهُ سِتَّةٌ: حَالِفٌ وَمَحْلُوفٌ بِهِ، وَمَحْلُوفٌ عَلَيْهِ، وَمُدَّةٌ وَصِيغَةٌ، وَزَوْجَانِ. وَالْمُصَنِّفُ ذَكَرَ بَعْضَهَا بِقَوْلِهِ:(وَإِذَا حَلَفَ) أَيْ الزَّوْجُ بِاسْمٍ مِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى أَوْ صِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ أَوْ بِالْتِزَامِ مَا يَلْزَمُ بِنَذْرٍ أَوْ تَعْلِيقِ طَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ (أَنْ لَا يَطَأَ زَوْجَتَهُ) الْحُرَّةَ أَوْ الْأَمَةَ وَطْئًا شَرْعِيًّا فَهُوَ مُولٍ فَلَا إيلَاءَ بِحَلِفِهِ عَلَى امْتِنَاعِهِ مِنْ تَمَتُّعِهِ بِهَا بِغَيْرِ وَطْءٍ وَلَا مِنْ وَطْئِهَا فِي دُبُرِهَا أَوْ فِي قُبُلِهَا فِي نَحْوِ حَيْضٍ أَوْ إحْرَامٍ. ثُمَّ أَشَارَ إلَى الْمُدَّةِ بِقَوْلِهِ: (مُطْلَقًا) بِأَنْ يُطَلِّقَ كَقَوْلِهِ: وَاَللَّهِ لَا أَطَؤُك. (أَوْ مُدَّةً تَزِيدُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ) كَقَوْلِهِ وَاَللَّهِ لَا أَطَؤُك خَمْسَةَ أَشْهُرٍ أَوْ قَيَّدَ بِمُسْتَبْعَدِ الْحُصُولِ فِيهَا
ــ
[حاشية البجيرمي]
نَحْوِيٌّ وَهُوَ إشْرَابُ كَلِمَةٍ مَعْنَى كَلِمَةٍ أُخْرَى لِتُؤَدِّي مَعْنَاهَا وَتَتَعَدَّى تَعْدِيَتَهَا كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ، لِأَنَّهُ ضَمَّنَ مَعْنَى الْبُعْدِ فَعَلَى هَذَا يُولُونَ مَعْنَاهُ: يُبْعِدُونَ. قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ فِي تَفْسِيرِهِ: وَفَائِدَةُ التَّضْمِينِ أَنْ تَدُلَّ كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ عَلَى مَعْنَى كَلِمَتَيْنِ.
قَوْلُهُ: (وَهُوَ حَرَامٌ) : أَيْ مِنْ الْكَبَائِرِ عَلَى مَا فِي الزَّوَاجِرِ، قَالَ سم عَلَى ابْنِ حَجَرٍ: عَدَّ فِي الزَّوَاجِرِ الْإِيلَاءَ مِنْ الْكَبَائِرِ قَالَ: وَعُدِّيَ لِهَذَا مِنْ الْكَبَائِرِ غَيْرُ بَعِيدٍ، وَإِنْ لَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَهُ، لَكِنْ نَقَلَ عَنْ مَرَّ أَنَّهُ صَغِيرَةٌ وَهُوَ الْأَقْرَبُ عش عَلَى مَرَّ.
قَوْلُهُ: (وَمُدَّةٌ) : أَيْ حَقِيقَةٌ وَهُوَ ظَاهِرٌ أَوْ حُكْمًا بِأَنْ يُطَلِّقَ أَوْ يُؤَبِّدَ.
قَوْلُهُ: (وَزَوْجَانِ) الْأَوْلَى وَزَوْجَةٌ لِأَنَّ الزَّوْجَ هُوَ الْحَالِفُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَوْ كَانَ يَحْذِفُ الْحَالِفَ فِيمَا تَقَدَّمَ لِيَنْتَفِيَ التَّكْرَارُ، وَالْجَوَابُ: أَنَّهُ أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ الْحَالِفَ، لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ زَوْجًا لَكِنْ هَذَا يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ الزَّوْجُ شَرْطًا فِي الْحَالِفِ لَا رُكْنًا وَقَدْ نَظَمَهَا بَعْضُهُمْ فَقَالَ:
أَرْكَانُ الْإِيلَاءِ مَنْ يَحُطُّهَا لَدَيْهِ
…
حَالِفٌ وَمَحْلُوفٌ وَمَحْلُوفٌ عَلَيْهِ
وَزَوْجَةٌ وَصِيغَةٌ وَمُدَّهْ
…
فَافْهَمْ مَقَالِي لَا لَقِيَتْ شِدَّهْ
وَقَوْلُ النَّاظِمِ: وَمَحْلُوفٌ أَيْ بِهِ وَإِنَّمَا حَذَفَهُ لِضَرُورَةِ النَّظْمِ.
قَوْلُهُ: (ذَكَرَ بَعْضَهَا) : أَيْ الْأَرْكَانِ وَهُوَ مَا عَدَا الْمَحْلُوفَ بِهِ فَإِنَّهُ لَمْ يَذْكُرْهُ قَوْلُهُ: (أَوْ بِالْتِزَامِ مَا يَلْزَمُ بِنَذْرٍ) . كَإِنْ وَطِئْتُك، فَعَلَيَّ عِتْقُ رَقَبَةٍ، أَوْ فَلِلَّهِ عَلَيَّ صَدَقَةٌ، أَوْ صَوْمٌ أَوْ صَلَاةٌ. وَلَوْ قَالَ أَوْ الْتِزَامٌ عَطْفًا عَلَى حَلِفٍ لَكَانَ أَوْلَى، فَإِنَّ صَنِيعَهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ مِنْ الْحَلِفِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَمِثْلُهُ يَجْرِي فِي قَوْلِهِ: أَوْ تَعْلِيقُ طَلَاقٍ. اهـ. م د. وَقَدْ يُؤَوَّلُ كَلَامُهُ أَيْ أَوْ أَتَى بِالْتِزَامٍ إلَخْ، لَكِنَّ عِبَارَةَ الْمَنْهَجِ تَقْتَضِي أَنَّهُ حَلَفَ كَعِبَارَةِ الشَّارِحِ وَهُوَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ دَاخِلٌ فِي تَعْرِيفِ الْحَلِفِ لِقَوْلِ الْمَنْهَجِ فِي الطَّلَاقِ وَالْحَلِفِ، مَا تَعَلَّقَ بِهِ حَثٌّ أَوْ مَنْعٌ أَوْ تَحْقِيقُ خَبَرٍ ثُمَّ مَثَّلَ ذَلِكَ.
وَفَهِمَ الْقَلْيُوبِيُّ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَلِفِ مَا فِيهِ كَفَّارَةٌ، فَاعْتُرِضَ عَلَى الشَّارِحِ، وَقَدْ عَلِمْت رَدَّهُ بِتَعْرِيفِهِ الْمَذْكُورِ. قَوْلُهُ:(فَهُوَ مُولٍ) . جَعَلَهُ جَوَابَ إذَا فَيَكُونُ قَوْلُ الْمَاتِنِ الْآتِي فَهُوَ مُولٍ ضَائِعًا مَعَ أَنَّهُ كَانَ جَوَابَ إذَا فَكَانَ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ عَدَمُ ذِكْرِهِ.
قَوْلُهُ: (فَلَا إيلَاءَ) لَكِنَّهُ خَالَفَ فَيَحْنَثُ إذَا خَالَفَ يَمِينَهُ، وَتَلْزَمُ الْكَفَّارَةُ وَإِنْ لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْإِيلَاءِ، وَكَذَا يُقَالُ فِي كُلِّ الصُّوَرِ، الَّتِي يَنْتَفِي فِيهَا الْإِيلَاءُ.
قَوْلُهُ: (مُطْلَقًا) نَعْتٌ لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ، أَيْ امْتِنَاعًا مُطْلَقًا غَيْرَ مُقَيَّدٍ بِمُدَّةٍ وَمِثْلُ الْمُطْلَقِ الْمُؤَبَّدُ اهـ. زي.
قَوْلُهُ: (بِأَنْ يُطْلِقَ) : فِيهِ تَفْسِيرُ الشَّيْءِ بِنَفْسِهِ، فَلَوْ قَالَ: بِأَنْ لَا يُقَيِّدَ بِمُدَّةٍ لَكَانَ أَوْلَى، فَقَوْلُهُ:(أَوْ مُدَّةٍ تَزِيدُ إلَخْ) أَيْ بِيَمِينٍ وَاحِدَةٍ، لِيَخْرُجَ مَا إذَا زَادَتْ عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ بِيَمِينَيْنِ، كَالْمِثَالِ الْآتِي كَمَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ.
قَوْلُهُ: (عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ) أَيْ وَلَوْ قَدْرًا لَا يَسَعُ الرَّفْعَ لِلْحَاكِمِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، ق ل.
وَفَائِدَتُهُ: حِينَئِذٍ الْإِثْمُ، لِإِيذَائِهَا وَقَطْعِ طَمَعِهَا مِنْ الْوَطْءِ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ سم. وَأَمَّا الْإِيلَاءُ الَّذِي يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الرَّفْعُ لِلْقَاضِي وَضَرْبُ الْمُدَّةِ فَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ زَائِدًا عَلَى الْأَرْبَعَةِ بِزَمَنٍ يَسَعُ ذَلِكَ، وَعِبَارَةُ ح ل وَنَقَلَ عَنْ وَالِدِ شَيْخِنَا أَنَّ الْإِيلَاءَ الَّذِي يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْأَحْكَامُ، مَا زَادَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ بِمُدَّةٍ يُمْكِنُ فِيهَا الْمُطَالَبَةُ وَالرَّفْعُ لِلْحَاكِمِ وَالْإِيلَاءُ الَّذِي يَحْصُلُ بِهِ الْإِثْمُ، هُوَ أَنْ تَزِيدَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، وَلَوْ لَحْظَةً لَا تَسَعُ اهـ. وَبِهِ يُجْمَعُ بَيْنَ كَلَامِ م ر وز ي قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَهَذِهِ الْأَشْهُرُ هِلَالِيَّةٌ، فَلَوْ حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَطَؤُهَا مِائَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا لَمْ يُحْكَمْ بِأَنَّهُ مُولٍ فِي الْحَالِ فَإِذَا مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ هِلَالِيَّةٍ، وَلَمْ يَتِمَّ ذَلِكَ الْعَدَدُ لِنَقْصِ الْأَهِلَّةِ أَوْ بَعْضِهَا، تَبَيَّنَ حِينَئِذٍ كَوْنَهُ مُولِيًا اهـ
كَقَوْلِهِ: وَاَللَّهِ لَا أَطَؤُك حَتَّى يَنْزِلَ السَّيِّدُ عِيسَى عليه الصلاة والسلام أَوْ حَتَّى أَمُوتَ أَوْ تَمُوتِي أَوْ يَمُوتَ فُلَانٌ (فَهُوَ مُولٍ) لِضَرَرِهَا بِمَنْعِ نَفْسِهِ مِمَّا لَهَا فِيهِ حَقُّ الْعَفَافِ وَخَرَجَ بِقَيْدِ الزَّوْجَةِ أَمَتُهُ فَلَا يَصِحُّ الْإِيلَاءُ مِنْهَا وَبِقَيْدِ الزِّيَادَةِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، مَا إذَا حَلَفَ لَا يَطَؤُهَا مُدَّةً وَسَكَتَ، أَوْ لَا يَطَؤُهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ مُولِيًا فِيهِمَا.
أَمَّا الْأَوَّلُ: فَلِتَرَدُّدِ اللَّفْظِ بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ. وَأَمَّا الثَّانِي: فَلِصَبْرِهَا عَنْ الزَّوْجِ هَذِهِ الْمُدَّةَ. فَإِذَا قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أَطَؤُك أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، فَإِذَا مَضَتْ، فَوَاَللَّهِ لَا أَطَؤُك أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ. فَلَيْسَ بِمُولٍ لِانْتِفَاءِ فَائِدَةِ الْإِيلَاءِ وَلَكِنَّهُ يَأْثَمُ لَكِنْ إثْمَ الْإِيذَاءِ لَا إثْمَ الْإِيلَاءِ. قَالَ فِي الْمَطْلَبِ: وَكَأَنَّهُ دُونَ إثْمِ الْمُولِي. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فَوْقَهُ لِأَنَّ ذَلِكَ تَقْدِرُ فِيهِ عَلَى رَفْعِ الضَّرَرِ. بِخِلَافِ هَذَا فَإِنَّهُ لَا رَفْعَ لَهُ إلَّا مِنْ جِهَةِ الزَّوْجِ بِالْوَطْءِ هَذَا إذَا أَعَادَ حَرْفَ الْقَسَمِ. فَلَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أَطَؤُك أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، فَإِذَا مَضَتْ فَلَا أَطَؤُك أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ كَانَ مُولِيًا لِأَنَّهَا يَمِينٌ وَاحِدَةٌ اشْتَمَلَتْ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، وَلَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أَطَؤُك خَمْسَةَ أَشْهُرٍ فَإِذَا مَضَتْ فَوَاَللَّهِ لَا أَطَؤُك سِتَّةَ أَشْهُرٍ. فَإِيلَاءَانِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا حُكْمُهُ.
وَشُرِطَ فِي الصِّيغَةِ لَفْظٌ يُشْعِرُ بِالْإِيلَاءِ وَفِي مَعْنَاهُ مَا مَرَّ فِي
ــ
[حاشية البجيرمي]
بِرْمَاوِيٌّ. قَوْلُهُ: (أَوْ قَيَّدَ) عَطْفٌ عَلَى مُطْلَقًا أَيْ أَوْ مُقَيَّدًا بِمُسْتَبْعَدِ الْحُصُولِ أَيْ فَنُزُولُ عِيسَى بَعِيدٌ، وَكَذَا الْمَوْتُ بَعِيدٌ فِي ظَنِّ ابْنِ آدَمَ لِمَا جُبِلَ عَلَيْهِ مِنْ حُبِّ الْحَيَاةِ وَطُولِ الْأَمَلِ، وَإِنْ كَانَ الْمَوْتُ أَقْرَبَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ.
قَالَ ق ل: وَمِثْلُهُ لَا أَطَؤُك إلَّا فِي الدُّبُرِ، بِخِلَافِ إلَّا فِي النِّفَاسِ وَإِلَّا فِي نَهَارِ رَمَضَانَ، وَإِلَّا فِي الْحَيْضِ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، لِأَنَّ الْمَنْعَ فِيهَا لِعَارِضٍ بِخِلَافِ الدُّبُرِ فَإِنَّ الْمَنْعَ لِذَاتِهِ. قَوْلُهُ:(حَتَّى يَنْزِلَ السَّيِّدُ عِيسَى) فِي مُسْلِمٍ وَأَنَّهُ يَنْزِلُ عَلَى الْمَنَارَةِ الْبَيْضَاءِ شَرْقِيَّ دِمَشْقَ، وَأَنَّهُ يَقْتُلُ الدَّجَّالَ، وَأَنَّهُ يُصَلِّي وَرَاءَ إمَامٍ مِنَّا، تَكَرُّمَةً مِنْ اللَّهِ تَعَالَى لِهَذِهِ الْأُمَّةِ. وَجَاءَ أَنَّهُ يَتَزَوَّجُ بَعْدَ نُزُولِهِ، وَيُولَدُ لَهُ وَلَدَانِ، ذَكَرٌ وَأُنْثَى، يُسَمِّي الذَّكَرَ مُحَمَّدًا وَالْأُنْثَى تُسَمَّى فَاطِمَةَ، وَيُدْفَنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. اهـ. دَمِيرِيٌّ. وَقَدْ نَقَلَ ابْنُ سَيِّدِ النَّاسِ فِي تَرْجَمَةِ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ رِوَايَةَ الطَّبَرَانِيِّ وَالطَّبَرِيِّ «أَنَّ عِيسَى عليه السلام لَمَّا نَزَلَ إلَى الْأَرْضِ بَعْدَ الرَّفْعِ فِي حَيَاةِ أُمِّهِ وَخَالَتِهِ فَوَجَدَ أُمَّهُ تَبْكِي عِنْدَ الْجِذْعِ فَأَخْبَرَهَا بِحَالِهِ، فَسَكَنَ مَا بِهَا وَوَجَّهَ الْحَوَارِيِّينَ فِي بَعْضِ الْحَوَائِجِ» .
قَالَ الطَّبَرِيُّ: فَإِذَا جَازَ نُزُولُهُ بَعْدَ رَفْعِهِ مَرَّةً، قَبْلَ نُزُولِهِ آخِرَ الزَّمَانِ فَلَا بِدْعَ أَنْ يَنْزِلَ مَرَّاتٍ وَنَقَلَ عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ أَنَّهُ اجْتَمَعَ بِهِ أَيَّامَ سِيَاحَتِهِ فِي طَلَبِ مَنْ يُرْشِدُهُ إلَى الدِّينِ الْحَقِّ، قَبْلَ بَعْثَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَذَلِكَ أَنَّهُ مَرَّ عَلَى غَيْضَةٍ فَرَأَى قَوْمًا مِنْ أَرْبَابِ الْبَلَايَا، يَجْلِسُونَ تُجَاهَ الْغَيْضَةِ فِي وَقْتٍ يَعْرِفُونَهُ فَيَخْرُجُ لَهُمْ الْمَسِيحُ عليه السلام، فَيَمْسَحُ يَدَهُ عَلَى عَاهَاتِهِمْ فَيَبْرَءُونَ مِنْهَا كُلِّهَا، فَاجْتَمَعَ بِهِ سَلْمَانُ وَأَعْلَمَهُ بِقُرْبِ ظُهُورِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم اهـ. ذَكَرَهُ الشَّعْرَانِيُّ فِي الْمِنَنِ.
قَوْلُهُ: (لِضَرَرِهَا إلَخْ) : عِلَّةٌ لِلْحُكْمِ عَلَيْهِ، بِأَنَّهُ مُولٍ. وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ مُولٍ وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ أَحْكَامُهُ، مِنْ ضَرْبِ الْمُدَّةِ وَإِلْزَامِهِ بَعْدَهَا، بِالتَّخْيِيرِ بَيْنَ الْفَيْئَةِ وَالطَّلَاقِ، وَالْحُكْمُ عَلَيْهِ بِالْإِثْمِ لِضَرَرِهَا إلَخْ. فَهُوَ عِلَّةٌ لِلْحُكْمِ لَا لِإِيلَائِهِ نَفْسَهُ فَلَيْسَ الْمَعْنَى أَنَّ عِلَّةَ إيلَائِهِ وَحَلِفِهِ تَضَرُّرُهَا إذْ لَا يَصِحُّ الْمَعْنَى. فَإِنْ قُلْت: إنَّ الْوَطْءَ حَقٌّ لِلزَّوْجِ فَلِمَ حَكَمَ بِالْإِيلَاءِ فِي مُدَّةِ الزِّيَادَةِ، عَلَى الْأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ.
قُلْت: أُجِيبَ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ الزَّوْجَ لَمَّا حَلَفَ قَطَعَ رَجَاءَهَا مِنْ الْعِفَّةِ فِي الْمُدَّةِ، فَرُبَّمَا لَمْ تُطِقْ ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَحْلِفْ فَلَا يَنْقَطِعُ الرَّجَاءُ.
قَوْلُهُ: (فَإِذَا قَالَ إلَخْ) مُحْتَرِزُ قَيْدٍ مُقَدَّرٍ فِي الْمَتْنِ أَيْ تَزِيدُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، بِيَمِينٍ وَاحِدَةٍ وَمَا هُنَا يَمِينَانِ.
قَوْلُهُ: (فَلَيْسَ بِمُولٍ) . بَلْ حَالِفٌ يَلْزَمُهُ بِالْمُخَالَفَةِ كَفَّارَةٌ، وَإِنْ كَانَ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْأَحْكَامُ الْآتِيَةُ، وَمَدَارُ كَوْنِهِ لَيْسَ مُولِيًا عَلَى إعَادَةِ الْيَمِينِ الثَّانِي سَوَاءٌ. قَالَ: فَإِذَا مَضَتْ أَمْ لَا؟ فَإِنْ لَمْ يُعِدْ الْيَمِينَ الثَّانِيَ كَانَ مُولِيًا. قَوْلُهُ: (لِانْتِفَاءِ فَائِدَةِ الْإِيلَاءِ) وَهِيَ الرَّفْعُ لِلْقَاضِي، وَطَلَبِ الْفَيْئَةِ مِنْهُ بَعْدَ مُدَّةِ الْإِيلَاءِ أَوْ الطَّلَاقِ فَإِنْ امْتَنَعَ طَلَّقَ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ. وَكَيْفِيَّةُ طَلَاقِ الْقَاضِي عَنْ الْمُولِي إذَا امْتَنَعَ أَنْ يَقُولَ: أَوْقَعْت عَلَى فُلَانٍ مِنْ فُلَانَةَ طَلْقَةً عَلَيْهِ فِي زَوْجَتِهِ، أَوْ حَكَمْت عَلَيْهِ فِي زَوْجَتِهِ بِطَلْقَةٍ. فَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ وَلَمْ يَقُلْ عَنْ فُلَانٍ لَمْ يَقَعْ. وَكَيْفِيَّةُ الدَّعْوَى عِنْدَ الْقَاضِي أَنْ تَدَّعِيَ عَلَيْهِ الْإِيلَاءَ وَأَنَّ مُدَّتَهُ قَدْ انْقَضَتْ مِنْ غَيْرِ وَطْءٍ، وَتَطْلُبُ مِنْهُ دَفْعَ الضَّرَرِ بِالْخُرُوجِ عَنْ مُوجِبِهِ بِالْفَيْئَةِ، كَمَا سَيَأْتِي فِي الشَّرْحِ.
قَوْلُهُ: (لَكِنَّ إثْمَ الْإِيذَاءِ) ضَعِيفٌ وَقَوْلُهُ: وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ إلَخْ مُعْتَمَدٌ وَقَوْلُهُ: هَذَا أَيْ قَوْلُهُ فَلَيْسَ بِمُولٍ قَوْلُهُ: (لَا رَفْعَ لَهُ) . أَيْ لِلضَّرَرِ قَوْلُهُ: (فَإِيلَاءَانِ) أَيْ إنْ أَعَادَ الْيَمِينَ الثَّانِيَ، وَأَعَادَ قَوْلُهُ: فَإِذَا مَضَتْ وَإِنْ حَذَفَ الْيَمِينَ الثَّانِيَ، فَإِيلَاءٌ وَاحِدٌ وَكَذَا إنْ أَعَادَ الْيَمِينَ الثَّانِيَ لَكِنْ حَذَفَ قَوْلُهُ: فَإِذَا
الضَّمَانِ وَذَلِكَ إمَّا صَرِيحٌ كَتَغْيِيبِ حَشَفَةٍ بِفَرْجٍ وَوَطْءٍ وَجِمَاعٍ. كَقَوْلِهِ: وَاَللَّهِ لَا أُغَيِّبُ حَشَفَتِي بِفَرْجِك أَوْ لَا أَطَؤُك أَوْ لَا أُجَامِعُك. فَإِنْ قَالَ: أَرَدْت بِالْوَطْءِ الْوَطْءَ بِالْقَدَمِ، وَبِالْجِمَاعِ الِاجْتِمَاعَ لَمْ يُقْبَلْ فِي الظَّاهِرِ وَيُدَيَّنُ وَإِمَّا كِنَايَةً كَمُلَامَسَةٍ وَمُبَاضَعَةٍ وَمُبَاشَرَةٍ. كَقَوْلِهِ: وَاَللَّهِ لَا أَمَسُّك أَوْ لَا أُبَاضِعُكِ أَوْ لَا أُبَاشِرُك فَيَفْتَقِرُ إلَى نِيَّةِ الْوَطْءِ لِعَدَمِ اشْتِهَارِهَا فِيهِ. وَلَوْ قَالَ: إنْ وَطِئْتُك فَعَبْدِي حُرٌّ فَزَالَ مِلْكُهُ عَنْهُ بِمَوْتٍ أَوْ بِغَيْرِهِ، زَالَ الْإِيلَاءُ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ بِالْوَطْءِ بَعْدَ ذَلِكَ شَيْءٌ. وَلَوْ قَالَ: إنْ وَطِئْتُك فَضَرَّتُك طَالِقٌ فَمُولٍ مِنْ الْمُخَاطَبَةِ فَإِنْ وَطِئَ فِي مُدَّةِ الْإِيلَاءِ أَوْ بَعْدَهَا طَلُقَتْ الضَّرَّةُ، لِوُجُودِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ وَزَوَالِ الْإِيلَاءِ إذْ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ بِوَطْئِهَا بَعْدُ، وَلَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أَطَؤُك سَنَةً إلَّا مَرَّةً مَثَلًا فَمُولٍ إنْ وَطِئَ وَبَقِيَ مِنْ السَّنَةِ أَكْثَرُ مِنْ الْأَشْهُرِ الْأَرْبَعَةِ لِحُصُولِ الْحِنْثِ بِالْوَطْءِ بَعْدَ ذَلِكَ، بِخِلَافِ مَا لَوْ بَقِيَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ فَأَقَلُّ. فَلَيْسَ بِمُولٍ بَلْ حَالِفٌ
ــ
[حاشية البجيرمي]
مَضَتْ تَكُونُ يَمِينًا وَاحِدَةً قَوْلُهُ: (لَفْظٌ) . أَيْ وَلَوْ بِالْعَجَمِيَّةِ حَيْثُ عُرِفَ مَعْنَاهَا، وَكَاللَّفْظِ الْكِتَابَةُ، وَإِشَارَةُ الْأَخْرَسِ. قَوْلُهُ:(كَتَغْيِيبِ حَشَفَةٍ) عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ كَمُشْتَقٍّ تَغْيِيبٌ، كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ بَعْدُ وَالتَّعْبِيرُ بِتَغْيِيبِ الْحَشَفَةِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ الْمِنْهَاجِ، بِتَغْيِيبِ الذَّكَرِ، لِأَنَّ الْحَشَفَةَ هِيَ الْمُرَادُ هُنَا، وَأَمَّا الذَّكَرُ فَلَيْسَ مُرَادًا هُنَا حَتَّى لَوْ قَالَ: لَا أُغَيِّبُ ذَكَرِي، فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ بِذَلِكَ مُولِيًا، لِحُصُولِ مُرَادِهَا بِتَغْيِيبِ حَشَفَتِهِ فَقَطْ.
قَوْلُهُ: (وَوَطْءٌ وَجِمَاعٌ) وَنَيْكٌ وَالْمُرَادُ بِهِ اللَّفْظُ الْمُشْتَقُّ مِنْ مَادَّةٍ ن ي ك فِعْلًا كَانَ أَوْ مَصْدَرًا أَوْ اسْمَ فَاعِلٍ أَوْ مَفْعُولٍ كَلَا أَنِيكُ أَوْ لَا يَقَعُ مِنِّي لَك نَيْكٌ، أَوْ لَسْت بِنَائِكٍ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ فِي فَرْجِك خِلَافًا لِلتَّهْذِيبِ أَوْ لَا تَكُونِي مَنْيُوكَةً مِنِّي، أَوْ بِذَكَرِي، شَوْبَرِيُّ.
قَوْلُهُ: (وَبِالْجِمَاعِ الِاجْتِمَاعُ) لَكِنَّهُ إذَا أَرَادَ هَذَا وَوَطِئَ حَنِثَ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ الْجِمَاعِ الِاجْتِمَاعُ وَلَمْ يَكُنْ مُولِيًا لِأَنَّ الْحَلِفَ لَيْسَ عَلَى الْوَطْءِ وَإِنْ لَزِمَهُ ح ف.
قَوْلُهُ: (لَمْ يُقْبَلْ فِي الظَّاهِرِ) أَيْ فَتَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْإِيلَاءِ، ظَاهِرًا وَأَمَّا بَاطِنًا فَلَا يَحْنَثُ، إذَا وَطِئَ فِي الْأُولَى وَلَا يَلْزَمُهُ كَفَّارَةٌ وَلَا غَيْرُهَا مِمَّا عَلَّقَ بِهِ. لِأَنَّ نِيَّتَهُ عَدَمُ الْوَطْءِ بِالْقَدَمِ وَلَمْ يُخَالِفْ ذَلِكَ بِخِلَافِهِ فِي الثَّانِيَةِ، إذَا وَطِئَ حَنِثَ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ الْجِمَاعِ الِاجْتِمَاعُ، وَهُوَ حَلِفٌ عَلَى عَدَمِ الِاجْتِمَاعِ وَقَدْ حَصَلَ الِاجْتِمَاعُ فِي ضِمْنِ الْوَطْءِ، لَكِنْ لَا يَأْثَمُ إثْمَ الْإِيلَاءِ، لِأَنَّهُ لَمْ يَحْلِفْ عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنْ الْوَطْءِ، وَكَذَا فِي الْأُولَى لِأَنَّهُ لَا إيلَاءَ فِي نِيَّتِهِ، وَقَوْلُهُ فِي الظَّاهِرِ: أَيْ إلَّا لِقَرِينَةٍ. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
قَوْلُهُ: (وَيُدَيَّنُ) وَكَذَا لَوْ قَالَ: أَرَدْت حَشَفَةَ تَمْرٍ مَثَلًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُدَيَّنُ أَيْضًا، فِيمَا لَوْ قَالَ: أَرَدْت بِالْفَرْجِ الدُّبُرَ، وَلَا تَدْيِينَ فِي النَّيْكِ، كَمَا لَوْ قَالَ: أَرَدْت النَّيْكَ بِالْأُصْبُعِ، أَوْ فِي الْأُذُنِ وَنَحْوَهُ.
قَوْلُهُ: (وَمُبَاضَعَةٌ) وَفِي نُسْخَةٍ وَمُضَاجَعَةٌ، وَلَا مَانِعَ مِنْ كَوْنِ كُلٍّ كِنَايَةً خِلَافًا لِلْمَرْحُومِيِّ.
قَوْلُهُ: (وَمُبَاشَرَةٌ) وَإِتْيَانٌ وَغَشَيَانٌ كَقَوْلِهِ: لَا أَغْشَاك أَيْ لَا أَطَؤُك، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ:{فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلا خَفِيفًا} [الأعراف: 189] قَوْلُهُ: (لَا أَمَسُّك) الْمُنَاسِبُ لَا أَلْمِسُك، كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ قَوْلُهُ:(فَيَفْتَقِرُ إلَى نِيَّةِ الْوَطْءِ) أَيْ فَإِنْ نَوَى، جَرَتْ أَحْكَامُ الْإِيلَاءِ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ لَمْ تَجْرِ لَكِنَّ الْيَمِينَ مُنْعَقِدَةٌ فَيَحْنَثُ فِيهَا إنْ خَالَفَهَا، بِاللَّمْسِ أَوْ الْمُبَاضَعَةِ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: (فَزَالَ مِلْكُهُ) : أَيْ قَبْلَ الْوَطْءِ عِشْ.
قَوْلُهُ: (عَنْهُ) أَوْ عَنْ بَعْضِهِ ح ل. وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ فَزَالَ مِلْكُهُ أَيْ كُلُّهُ، زَوَالًا حَقِيقِيًّا لَا بَعْضُهُ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ.
قَوْلُهُ: (بِمَوْتٍ) أَيْ أَوْ عِتْقٍ. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
قَوْلُهُ: (أَوْ بِغَيْرِهِ) كَبَيْعٍ لَازِمٍ مِنْ جِهَتِهِ، أَوْ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِلْمُشْتَرِي وَحْدَهُ، وَلَا يَعُودُ الْإِيلَاءُ بِفَسْخِهِ لِتَجَدُّدِ الْمِلْكِ وَالْهِبَةُ الْمَقْبُوضَةُ، كَالْبَيْعِ بِخِلَافِ الِاسْتِيلَادِ وَالتَّدْبِيرِ وَنَحْوِهِمَا. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إلَخْ) . أَيْ وَإِنْ مَلَكَهُ بَعْدَ ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: (فَمُولٍ مِنْ الْمُخَاطَبَةِ) . أَيْ لِأَنَّهُ يَمْتَنِعُ مِنْ الْوَطْءِ، لِئَلَّا تَطْلُقَ الضَّرَّةُ.
قَوْلُهُ: (بِوَطْئِهَا بَعْدُ) أَيْ لِانْحِلَالِ الْيَمِينِ بِالْوَطْءِ الَّذِي حَصَلَ.
قَوْلُهُ: (إلَّا مَرَّةً) فَإِنْ لَمْ يَطَأْ، حَتَّى مَضَتْ السَّنَةُ، انْحَلَّ الْإِيلَاءُ وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ. وَلَا نَظَرَ لِاقْتِضَاءِ اللَّفْظِ وَطْأَهُ مَرَّةً لِأَنَّ الْقَصْدَ مَنْعُ الزِّيَادَةِ عَلَيْهَا لَا إيجَادُهَا ش م ر.
قَوْلُهُ: (فَمُولٍ إنْ وَطِئَ) أَمَّا قَبْلَ الْوَطْءِ فَلَيْسَ مُولِيًا لِأَنَّهُ لَوْ مَضَتْ السَّنَةُ، وَهُوَ مُمْتَنِعٌ
(وَيُؤَجَّلُ لَهُ) بِمَعْنَى يُمْهِلُ الْوَلِيُّ وُجُوبًا (إنْ سَأَلَتْ) زَوْجَتُهُ (ذَلِكَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ) سَوَاءٌ الْحُرُّ وَالرَّقِيقُ فِي الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ مِنْ حِينِ الْإِيلَاءِ فِي غَيْرِ رَجْعِيَّةٍ وَابْتِدَاؤُهُ فِي رَجْعِيَّةٍ آلَى مِنْهَا مِنْ حِينِ الرَّجْعَةِ. وَيَقْطَعُ الْمُدَّةَ رِدَّةٌ بَعْدَ دُخُولٍ وَلَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا وَبَعْدَ الْمُدَّةِ لِارْتِفَاعِ النِّكَاحِ أَوْ اخْتِلَالِهِ بِهَا فَلَا يُحْسَبُ زَمَنُهَا مِنْ الْمُدَّةِ. وَمَانِعُ وَطْءٍ بِالزَّوْجَةِ حِسِّيٌّ أَوْ شَرْعِيٌّ غَيْرُ نَحْوِ حَيْضٍ كَنِفَاسٍ، وَذَلِكَ كَمَرَضٍ وَجُنُونٍ وَنُشُوزٍ وَتَلَبُّسٍ بِفَرْضٍ نَحْوِ صَوْمٍ كَاعْتِكَافٍ، وَإِحْرَامٍ فَرْضَيْنِ لِامْتِنَاعِ الْوَطْءِ مَعَهُ بِمَانِعٍ مِنْ قِبَلِهَا وَتُسْتَأْنَفُ الْمُدَّةَ بِزَوَالِ الْقَاطِعِ وَلَا تُبْنَى عَلَى مَا مَضَى.
ــ
[حاشية البجيرمي]
لَا يَحْنَثُ لِأَنَّ مَعْنَى كَلَامِهِ: أَنَّهُ إنْ حَصَلَ مِنِّي وَطْءٌ لَا يَكُونُ إلَّا مَرَّةً فَيَبَرُّ بِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ بِالْوَطْءِ مَرَّةً، أَوْ الِامْتِنَاعِ مِنْ الْوَطْءِ، حَتَّى تَفْرُغَ السَّنَةُ.
قَوْلُهُ: (بَلْ حَالِفٌ) فَإِنْ وَطِئَ ثَانِيًا حَنِثَ وَلَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ بِالْوَطْءِ الثَّانِي.
قَوْلُهُ: (بِمَعْنَى يُمْهِلُ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ قَوْلَهُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ: مَنْصُوبٌ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ مَعَ أَنَّ الَّذِي يُفْهَمُ مِنْ الْمَتْنِ، أَنَّهُ نَائِبُ فَاعِلٍ يُؤَجَّلُ إلَّا أَنْ يُقَالَ هَذَا حَلُّ مَعْنًى.
قَوْلُهُ: (إنْ سَأَلَتْ) لَيْسَ بِقَيْدٍ كَمَا يَأْتِي. وَقَوْلُهُ: ذَلِكَ أَيْ التَّأْجِيلُ. قَوْلُهُ: (أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ) يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَفْعُولًا لِقَوْلِهِ: يُؤَجَّلُ وَنَائِبُ الْفَاعِلِ قَوْلُهُ لَهُ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ بِالرَّفْعِ نَائِبُ فَاعِلٍ وَلَهُ مُتَعَلِّقٌ بِيُؤَجِّلُ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ الشَّرْحِ، يَقْتَضِي أَنَّهُ مَفْعُولٌ، وَنَائِبُ الْفَاعِلِ ضَمِيرٌ يَعُودُ عَلَى الْمُولِي حَيْثُ قَالَ يُمْهِلُ الْمُولِي كَمَا عَلِمْت وَهِيَ أَيْ الْأَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ حَقٌّ لِلزَّوْجِ، كَالْأَجَلِ فِي الدَّيْنِ. وَخَالَفَ أَبُو حَنِيفَةَ فَاقْتَصَرَ عَلَى شَهْرَيْنِ فِي الزَّوْجَةِ الرَّقِيقَةِ، وَمَالِكٌ فَاقْتَصَرَ عَلَى شَهْرَيْنِ فِي الزَّوْجِ الرَّقِيقِ، كَمَذْهَبِهِمَا فِي الطَّلَاقِ. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
قَوْلُهُ: (مِنْ حِينِ الْإِيلَاءِ) أَيْ مِنْ تَلَفُّظِهِ بِهِ، وَلَوْ فِي مُبْهَمَةِ عَيَّنَهَا لَا مِنْ وَقْتِ الرَّفْعِ إلَى الْقَاضِي. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
قَوْلُهُ: (وَابْتِدَاؤُهُ) أَيْ التَّأْجِيلِ قَوْلُهُ: (وَيَقْطَعُ الْمُدَّةَ) أَيْ الْأَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ رِدَّةٌ إلَخْ.
قَوْلُهُ: (بَعْدَ دُخُولٍ) وَأَمَّا قَبْلَهُ فَإِنَّ النِّكَاحَ يَنْقَطِعُ لَا مَحَالَةَ فَلَا إيلَاءَ، وَمِثْلُ الدُّخُولِ اسْتِدْخَالُ مَنِيِّ الزَّوْجِ الْمُحْتَرَمِ.
قَوْلُهُ: (وَبَعْدَ الْمُدَّةِ) مِنْ جُمْلَةِ الْغَايَةِ أَيْ وَلَوْ كَانَتْ الرِّدَّةُ بَعْدَ الْمُدَّةِ كَمَا قَالَهُ ق ل. وَحِينَئِذٍ فَالْمُرَادُ بِقَطْعِهَا مَا يَشْمَلُ عَدَمَ حُسْبَانِهَا وَبَعْدَ مُضِيِّ الْأَرْبَعَةِ يَضْرِبُ لَهُ أَرْبَعَةً أُخْرَى إنْ بَقِيَ مِنْ زَمَنِ الْإِيلَاءِ أَكْثَرُ مِنْهَا وَإِلَّا فَلَا.
قَوْلُهُ: (لِارْتِفَاعِ النِّكَاحِ) أَيْ إنْ أَصَرَّ إلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَقَوْلُهُ: أَوْ اخْتِلَالَهُ بِهَا أَيْ إنْ عَادَ إلَى الْإِسْلَامِ قَبْلَ مُضِيِّ الْعِدَّةِ زِيَادِيٌّ.
قَوْلُهُ: (فَلَا يُحْسَبُ زَمَنُهَا إلَخْ) أَيْ وَإِنْ أَسْلَمَ فِي الْعِدَّةِ، وَهَذَا لَا حَاجَةَ إلَيْهِ مَعَ قَوْلِهِ: وَتَسْتَأْنِفُ بَلْ رُبَّمَا يُوهِمُ أَنَّ مَعْنَى الْقَطْعِ عَدَمُ الْحُسْبَانِ مَعَ الْبِنَاءِ عَلَى مَا مَضَى، مَعَ أَنَّهَا لَا تَبْنِي كَمَا يَأْتِي.
قَوْلُهُ: (وَمَانِعُ وَطْءٍ) أَيْ وَيَقْطَعُ الْمُدَّةَ مَانِعُ إلَخْ قَوْلُهُ: (كَمَرَضٍ) مِثَالٌ لِلْمَانِعِ الْحِسِّيِّ، لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى وَطْءٍ مِنْ ذَكَرٍ عَادَةً ح ل قَوْلُهُ:(نَحْوِ صَوْمٍ) إلَّا إنْ كَانَ الصَّوْمُ مُوَسَّعًا كَقَضَاءٍ وَنَذْرٍ وَكَفَّارَةٍ، فَإِنَّهُ لَا يَمْنَعُ عَلَى مَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيّ، لِأَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَطَأَهَا الْآنَ، وَاعْتَمَدَ الزَّرْكَشِيّ: أَنَّهُ مَانِعٌ أَيْ لِأَنَّهُ يَهَابُ وَطْأَهَا، وَإِنْ كَانَ جَائِزًا لَهُ ح ل. وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ قَوْلُهُ: نَحْوِ صَوْمٍ أَيْ وَلَوْ نَذْرًا أَوْ كَفَّارَةً أَوْ قَضَاءً فَوْرِيًّا وَكَذَا قَضَاءً مُوَسَّعًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ، خِلَافًا لِلْعَلَّامَةِ ابْنِ حَجَرٍ وَلَا يُكَلَّفُ فِي نَحْوِ الصَّوْمِ الْوَطْءَ لَيْلًا.
قَوْلُهُ: (وَإِحْرَامٍ) : صَرَّحُوا بِأَنَّ لِلزَّوْجِ أَنْ يُحَلِّلَهَا، إذَا أَحْرَمَتْ بِالْفَرْضِ، إلَّا أَنْ يُحْمَلَ هَذَا عَلَى وَاجِبٍ مُضَيَّقٍ كَأَنْ أَفْسَدَتْ الْحَجَّ، أَخْذًا مِمَّا ذَكَرُوهُ فِي الصَّوْمِ حَرَّرَ.
قَوْلُهُ: (فَرْضَيْنِ) فِيهِ أَنَّ الْإِحْرَامَ يَمْتَنِعُ الْخُرُوجُ مِنْهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَرْضًا. وَجَوَابُهُ أَنَّهُ وَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ، فَإِنَّهُ لَا يَقْطَعُ الْمُدَّةَ تَأَمَّلْ، لَكِنْ يُشْكِلُ مَعَهُ الْعِلَّةُ الْمَذْكُورَةُ اهـ. وَقَالَ خَضِرُ اُنْظُرْ أَيَّ حَاجَةٍ لِقَوْلِهِ: فَرْضَيْنِ بَعْدَ قَوْلِهِ: وَتَلَبُّسٍ بِفَرْضٍ نَحْوِ صَوْمٍ اهـ. قَوْلُهُ: (لِامْتِنَاعِ الْوَطْءِ مَعَهُ) أَيْ الْمَانِعُ قَوْلُهُ: (وَتَسْتَأْنِفُ الْمُدَّةَ) أَيْ فِي الرِّدَّةِ وَالْمَانِعُ قَوْلُهُ: (وَلَا تَبْنِي) أَيْ لِانْتِفَاءِ التَّوَالِي الْمُعْتَبَرِ فِي حُصُولِ الْإِضْرَارِ، أَمَّا غَيْرُ الْمَانِعِ كَصَوْمِ نَفْلٍ، أَوْ الْمَانِعِ الْقَائِمِ بِهِ، مُطْلَقًا حِسًّا أَوْ شَرْعًا أَوْ بِهَا، وَكَانَ نَحْوَ حَيْضٍ فَلَا يَقْطَعُ الْمُدَّةَ، لِأَنَّ الزَّوْجَ مُتَمَكِّنٌ مِنْ تَحْلِيلِهَا وَوَطْئِهَا فِي الْأَوَّلِ وَالْمَانِعُ مِنْ قِبَلِهِ فِي الثَّانِيَةِ، وَلِعَدَمِ خُلُوِّ الْمُدَّةِ عَنْ الْحَيْضِ غَالِبًا فِي الثَّالِثَةِ وَأُلْحِقَ بِهِ النِّفَاسُ، لِمُشَارَكَتِهِ لَهُ فِي أَكْثَرِ الْأَحْكَامِ. اهـ. شَرْحُ الْمَنْهَجِ.
وَقَوْلُهُ: لِانْتِفَاءِ التَّوَالِي هَذَا التَّعْلِيلُ لَا يُوجَدُ فِيمَا إذَا طَرَأَ الْمَانِعُ بَعْدَ الْمُدَّةِ، وَقَوْلُهُ: أَمَّا غَيْرُ الْمَانِعِ كَصَوْمِ نَفْلٍ لَعَلَّ مِثْلُهُ كُلُّ مَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَطَأَ فِيهِ وَقَوْلُهُ: مُتَمَكِّنٌ مِنْ تَحْلِيلِهَا أَيْ إخْرَاجِهَا مِنْ الصَّوْمِ، بِسَبَبِ إبْطَالِهِ بِنَحْوِ الْوَطْءِ. فَقَوْلُهُ: وَوَطْئِهَا مِنْ عَطْفِ السَّبَبِ عَلَى الْمُسَبَّبِ وَعِبَارَةُ مَرَّ وَلِأَنَّهُ مُتَمَكِّنٌ
تَنْبِيهٌ: مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ تَوَقُّفِ التَّأْجِيلِ عَلَى سُؤَالِهَا مَمْنُوعٌ فَهُوَ مُخَالِفٌ لِقَوْلِ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ.
فَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي الْأُمِّ كَمَا فِي الْمَطْلَبِ مَا نَصُّهُ: وَمَنْ حَلَفَ لَا يَقْرَبُ امْرَأَتَهُ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَتَرَكَتْهُ امْرَأَتُهُ وَلَمْ تُطَالِبْهُ حَتَّى مَضَى الْوَقْتُ الَّذِي حَلَفَ عَلَيْهِ فَقَدْ خَرَجَ مِنْ حُكْمِ الْإِيلَاءِ، لِأَنَّ الْيَمِينَ سَاقِطَةٌ عَنْهُ اهـ. فَلَوْ كَانَ التَّأْجِيلُ مُتَوَقِّفًا عَلَى طَلَبِهَا لَمَا حُسِبَتْ الْمُدَّةُ وَصَرَّحَ الْأَصْحَابُ بِضَرْبِ الْمُدَّةِ بِنَفْسِهَا سَوَاءٌ عَلِمَتْ ثُبُوتَ حَقِّهَا فِي الطَّلَبِ وَتَرَكَتْهُ قَصْدًا أَمْ لَمْ تَعْلَمْ حَتَّى انْقَضَتْ الْمُدَّةُ وَلَا تَحْتَاجُ إلَى ضَرْبِ الْقَاضِي لِثُبُوتِهَا بِنَصِّ الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، حَتَّى قَالَ فِي الرَّوْضَةِ لَوْ آلَى ثُمَّ غَابَ أَوْ آلَى وَهُوَ غَائِبٌ حُسِبَتْ الْمُدَّةُ (ثُمَّ) إذَا مَضَتْ الْمُدَّةُ وَلَمْ يَطَأْ مِنْ غَيْرِ مَانِعٍ بِالزَّوْجَةِ (يُخَيَّرُ) الْمُولِي بِطَلَبِهَا (بَيْنَ الْفَيْئَةِ) بِأَنْ يُولِجَ الْمُولِي حَشَفَتَهُ أَوْ قَدْرَهَا مِنْ مَقْطُوعِهَا بِقُبُلِ الْمَرْأَةِ وَسُمِّيَ الْوَطْءُ فَيْئَةً لِأَنَّهُ مِنْ فَاءَ إذَا رَجَعَ. (وَالتَّكْفِيرِ) لِلْيَمِينِ إنْ كَانَ حَلِفُهُ بِاَللَّهِ تَعَالَى عَلَى تَرْكِ وَطْئِهَا (أَوْ الطَّلَاقِ) لِلْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ.
تَنْبِيهٌ: كَيْفِيَّةُ الْمُطَالَبَةِ أَنَّهَا تُطَالِبُهُ أَوَّلًا بِالْفَيْئَةِ الَّتِي امْتَنَعَ مِنْهَا فَإِنْ لَمْ يَفِئْ طَالَبَتْهُ بِطَلَاقٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة: 226]{وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 227]
ــ
[حاشية البجيرمي]
مِنْ وَطْئِهَا مَعَ صَوْمِ النَّفْلِ.
قَوْلُهُ: (فَهُوَ مُخَالِفٌ) أَيْ لِأَنَّهُ مُخَالِفٌ إلَخْ قَوْلُهُ: (لَا يَقْرَبُ امْرَأَتَهُ) بِفَتْحِ الرَّاءِ قَالَ تَعَالَى: {وَلا تَقْرَبُوهُنَّ} [البقرة: 222] قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْيَمِينَ سَاقِطَةٌ عَنْهُ) أَيْ مَرْفُوعَةٌ عَنْهُ أَيْ لِمُضِيِّ الزَّمَنِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: (بِضَرْبِ الْمُدَّةِ بِنَفْسِهَا) الْمُرَادُ بِضَرْبِهَا بِنَفْسِهَا حُسْبَانُهَا مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى طَلَبٍ وَلَا ضَرْبِ الْقَاضِي.
قَوْلُهُ: (وَلَا تَحْتَاجُ إلَى ضَرْبِ الْقَاضِي) بِخِلَافِ الْعُنَّةِ لِأَنَّهَا مُجْتَهَدٌ فِيهَا قَوْلُهُ: (حُسِبَتْ الْمُدَّةُ) أَيْ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ تَشْعُرْ بِحَلِفِهِ.
قَوْلُهُ: (مِنْ غَيْرِ مَانِعٍ بِالزَّوْجَةِ) أَمَّا إذَا كَانَ بِهَا مَانِعٌ، فَلَا تُطَالِبُهُ قَوْلُهُ:(يُخَيَّرُ) أَيْ يُخَيِّرُهُ الْقَاضِي بِطَلَبِهَا أَوْ تُخَيِّرُهُ هِيَ بِإِذْنِ الْقَاضِي لَهَا فِي ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: (بَيْنَ الْفَيْئَةِ) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَكَسْرِهَا مَعَ الْمَدِّ مَرَّ قَوْلُهُ: (بِأَنْ يُولِجَ الْمُولِي حَشَفَتَهُ أَوْ قَدْرَهَا مِنْ مَقْطُوعِهَا بِقُبُلِ الْمَرْأَةِ) أَيْ مَعَ زَوَالِ بَكَارَةِ بِكْرٍ، وَلَوْ غَوْرَاءُ وَإِنْ حَرُمَ الْوَطْءُ، أَوْ كَانَ بِفِعْلِهَا فَقَطْ بِخِلَافِهِ فِي دُبُرٍ فَلَا تَحْصُلُ بِهِ فَيْئَةٌ، لَكِنْ تَنْحَلُّ بِهِ الْيَمِينُ، وَتَسْقُطُ الْمُطَالَبَةُ لِحِنْثِهِ بِهِ فَإِنْ أُرِيدَ عَدَمُ حُصُولِ الْفَيْئَةِ بِهِ مَعَ بَقَاءِ الْمُطَالَبَةِ تَعَيَّنَ تَصْوِيرُهُ، بِمَا إذَا حَلَفَ لَا يَطَؤُهَا فِي قُبُلِهَا، أَوْ بِمَا إذَا حَلَفَ وَلَمْ يُقَيِّدْ، لَكِنَّهُ فَعَلَهُ نَاسِيًا لِلْيَمِينِ أَوْ مُكْرَهًا فَلَا تَنْحَلُّ بِهِ اهـ. عش مَرَّ قَوْلُهُ:(بِقُبُلٍ) خَرَجَ الْفَيْئَةَ فِي الدُّبُرِ. وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إنْ حَلَفَ لَا يَطَأُ فِي الْقُبُلِ، فَوَطِئَ فِي الدُّبُرِ فَلَا يُقَالُ لَهُ فَيْئَةٌ وَلَا يَحْنَثُ وَلَا تَنْحَلُّ الْيَمِينُ، وَلَا تَسْقُطُ الْمُطَالَبَةُ، وَإِنْ حَلَفَ لَا يَطَؤُهَا وَأَطْلَقَ فَوَطِئَ فِي الدُّبُرِ حَنِثَ وَلَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ، وَسَقَطَتْ الْمُطَالَبَةُ، وَانْحَلَّتْ الْيَمِينُ، لَكِنْ لَمْ تَحْصُلْ الْفَيْئَةُ وَيَتَرَتَّبُ عَلَى عَدَمِ حُصُولِهَا الْأَيْمَانُ وَالتَّعَالِيقُ وَأَمَّا إذَا وَطِئَ فِي الْقُبُلِ عَامِدًا عَالِمًا مُخْتَارًا حَنِثَ وَانْحَلَّتْ الْيَمِينُ، وَسَقَطَتْ الْمُطَالَبَةُ، وَحُصِلَتْ الْفَيْئَةُ، فَإِنْ كَانَ نَاسِيًا لِلْيَمِينِ لَمْ تَنْحَلَّ الْيَمِينُ وَلَمْ يَحْنَثْ وَلَا يَلْزَمُهُ كَفَّارَةٌ وَسَقَطَتْ الْمُطَالَبَةُ وَحَصَلَتْ الْفَيْئَةُ. قَوْلُهُ:(لِأَنَّهُ مِنْ فَاءَ إذَا رَجَعَ) فَقَدْ رَجَعَ لِلْوَطْءِ بَعْدَ أَنْ حَرَّمَهُ عَلَى نَفْسِهِ قَوْلُهُ: (وَالتَّكْفِيرَ) أَيْ مَعَ التَّكْفِيرِ، فَهُوَ بِالنَّصْبِ مَفْعُولٌ مَعَهُ لِأَنَّ جَرَّهُ يُوهِمُ أَنَّهُ مِنْ الْمُخَيَّرِ فِيهِ.
قَوْلُهُ: (أَوْ الطَّلَاقِ) كَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ، وَفِي بَعْضِهَا، وَالطَّلَاقُ بِغَيْرِ إثْبَاتِ أَلِفٍ قَبْلَ الْوَاوِ، وَهِيَ الْأَوْلَى بَلْ الصَّوَابُ لِأَنَّ بَيْنَ إنَّمَا تُضَافُ لِمُتَعَدِّدٍ.
قَوْلُهُ: (لِلْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ عَلَيْهَا وَقَدْ يُقَالُ إنَّ الضَّمِيرَ رَاجِعٌ، لِأَلْ فِي قَوْلِهِ: لِلْمَحْلُوفِ فَالتَّذْكِيرُ بِاعْتِبَارِ لَفْظِ أَلْ، وَفِي نُسْخَةٍ عَلَيْهَا.
قَوْلُهُ: (كَيْفِيَّةُ الْمُطَالَبَةِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ بَيَانٌ لِكَيْفِيَّةِ الْمُطَالَبَةِ عَلَى طَرِيقَةِ الْمَتْنِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، لِأَنَّ الَّذِي فِي الْمَتْنِ التَّخْيِيرُ لَا التَّرْتِيبُ إلَّا أَنْ يُقَالَ هَذَا بَيَانٌ لِلْمُطَالَبَةِ عَلَى الضَّعِيفِ الْقَائِلِ بِالتَّرْتِيبِ الْمُقَابِلِ لِلْمَتْنِ. وَالْمُعْتَمَدُ مَا
وَلَوْ تَرَكَتْ حَقَّهَا كَانَ لَهَا الْمُطَالَبَةُ بَعْدَ ذَلِكَ لِتَجَدُّدِ الضَّرَرِ، وَلَيْسَ لِسَيِّدِ الْأَمَةِ مُطَالَبَتُهُ، لِأَنَّ التَّمَتُّعَ حَقُّهَا وَيَنْتَظِرُ بُلُوغَ الْمُرَاهِقَةِ وَلَا يُطَالِبُ وَلِيَّهَا لِذَلِكَ. وَمَا ذَكَرْته مِنْ التَّرْتِيبِ بَيْنَ مُطَالَبَتِهَا بِالْفَيْئَةِ وَالطَّلَاقِ هُوَ مَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، تَبَعًا لِظَاهِرِ النَّصِّ وَإِنْ كَانَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْمِنْهَاجِ أَنَّهَا تَرَدُّدُ الطَّلَبِ بَيْنَهُمَا. فَإِنْ كَانَ الْمَانِعُ بِالزَّوْجِ وَهُوَ طَبْعِيٌّ كَمَرَضٍ فَتُطَالِبُهُ بِالْفَيْئَةِ بِاللِّسَانِ بِأَنْ يَقُولَ إذَا قَدَرْت: فِئْت ثُمَّ إنْ لَمْ يَفِئْ طَالَبَتْهُ بِطَلَاقٍ أَوْ شَرْعِيٍّ كَإِحْرَامٍ وَصَوْمٍ وَاجِبٍ فَتُطَالِبُهُ بِالطَّلَاقِ لِأَنَّهُ الَّذِي يُمْكِنُهُ لِحُرْمَةِ الْوَطْءِ فَإِنْ عَصَى بِوَطْءٍ، لَمْ يُطَالَبْ لِانْحِلَالِ الْيَمِينِ (فَإِنْ امْتَنَعَ) مِنْهُمَا أَيْ: الْفَيْئَةِ وَالطَّلَاقِ. (طَلَّقَ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ) طَلْقَةً
ــ
[حاشية البجيرمي]
اقْتَضَاهُ الْمَتْنُ، مِنْ أَنَّهَا تَرَدُّدُ الطَّلَبِ بَيْنَهُمَا، وَالْآيَةُ الْمَذْكُورَةُ لَيْسَتْ نَصًّا فِي التَّرْتِيبِ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الشَّارِحُ بَعْدُ تَبَعًا لِظَاهِرِ النَّصِّ.
قَوْلُهُ: (لِتَجَدُّدِ الضَّرَرِ) أَيْ كَالْإِعْسَارِ بِالنَّفَقَةِ وَهَذَا بِخِلَافِهِ فِي الْعُنَّةِ وَالْعَيْبِ وَالْإِعْسَارِ بِالْمَهْرِ لِأَنَّهُ خُصْلَةٌ وَاحِدَةٌ.
قَوْلُهُ: (وَمَا ذَكَرْته مِنْ التَّرْتِيبِ إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ التَّرْدِيدُ وَيَتَرَتَّبُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ: أَنَّهَا إذَا رَتَّبَتْ فَطَالَبَتْهُ بِالْفَيْئَةِ وَحْدَهَا ثُمَّ طَالَبَتْهُ بِالطَّلَاقِ وَحْدَهُ فَامْتَنَعَ، فَطَلَّقَ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ فَإِنَّهُ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ امْتِنَاعِهِ مِنْ الطَّلَاقِ امْتِنَاعُهُ مِنْ الْفَيْئَةِ، بِخِلَافِ مَا إذَا رُدِّدَتْ بَيْنَهُمَا فَامْتَنَعَ، فَإِنَّهُ يَنْفُذُ طَلَاقُ الْقَاضِي عَلَيْهِ لِامْتِنَاعِهِ حِينَئِذٍ مِنْهُمَا كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْحِفْنِيُّ قَوْلُهُ:(تَبَعًا لِظَاهِرِ النَّصِّ) أُجِيبَ: بِأَنَّ مَا فِي الْآيَةِ إنَّمَا هُوَ التَّعْبِيرُ بِالْوَاوِ وَهِيَ لَا تُفِيدُ تَرْتِيبًا فَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهَا تَرَدُّدُ الطَّلَبِ. قَوْلُهُ: (تَرَدُّدُ الطَّلَبِ) قَالَ بَعْضُهُمْ: وَمَا أَدْرِي مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الْخِلَافِ إلَّا أَنْ يُقَالَ إذَا قُلْنَا: بِالتَّرَدُّدِ فَطَلَّقَ الْحَاكِمُ لَا يَقَعُ أَيْ حَيْثُ لَمْ يَمْتَنِعْ مِنْهُمَا تَأَمَّلْ ق ل لِأَنَّهُ الْآنَ غَيْرُ مُمْتَنِعٍ مِنْ الْفَيْئَةِ، قَوْلُهُ:(فَإِنْ كَانَ الْمَانِعُ إلَخْ) مُحْتَرَزٌ قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ مَانِعٍ بِالزَّوْجَةِ فَكَأَنَّهُ قَالَ: أَمَّا الْمَانِعُ بِالزَّوْجِ فَلَا يَمْنَعُ مِنْ التَّخْيِيرِ. قَوْلُهُ: (طَبْعِيٌّ) إنْ كَانَ نِسْبَةً إلَى الطَّبْعِ فَبِفَتْحِ الطَّاءِ وَسُكُونِ الْبَاءِ وَإِنْ كَانَ إلَى الطَّبِيعَةِ، فَالْقِيَاسُ فَتْحُ الطَّاءِ وَالْبَاءِ شَوْبَرِيُّ لِأَنَّ الْقِيَاسَ فِي النِّسْبَةِ إلَى فَعِيلَةٍ فَعَلِيٌّ.
قَالَ ابْنُ مَالِكٍ:
وَفَعَلِيٌّ فِي فَعِيلَةٍ اُلْتُزِمَ
قَوْلُهُ: (بِأَنْ يَقُولَ إلَخْ) تَصْوِيرٌ لِلْفَيْئَةِ بِاللِّسَانِ لَا لِلْمُطَالَبَةِ وَالْوَعْدُ الْمَذْكُورُ فِي ذَلِكَ كَافٍ وَيُسَنُّ أَنْ يَزِيدَ الزَّوْجُ عَلَى ذَلِكَ وَنَدِمْت عَلَى مَا فَعَلْت. اهـ. ح ف. وَيُعْجِبنِي هُنَا هَذَا الْبَيْتُ:
قَدْ صِرْت عِنْدَك كُمُّونًا بِمَزْرَعَةٍ
…
إنْ فَاتَهُ السَّقْيُ أَغْنَتْهُ الْمَوَاعِيدُ
قَوْلُهُ: (ثُمَّ إنْ لَمْ يَفِ) هَذَا عَلَى طَرِيقَتِهِ. اهـ. ق ل وَالْقِيَاسُ رَسْمُهُ بِالْيَاءِ لِأَنَّهُ مِنْ فَاءَ يَفِيءُ فَآخِرُهُ هَمْزَةٌ وَيُمْكِنُ تَصْحِيحُهُ بِأَنْ سُكِّنَ أَوَّلًا قَبْلَ دُخُولِ الْجَازِمِ تَخْفِيفًا ثُمَّ حُذِفَتْ الْيَاءُ وَصَارَ يَفِئْ بِهَمْزَةٍ سَاكِنَةٍ، أُبْدِلَتْ يَاءً لِكَوْنِهَا بَعْدَ كَسْرَةٍ ثُمَّ أُدْخِلَ الْجَازِمُ وَنُزِّلَتْ الْيَاءُ الْعَارِضَةُ مَنْزِلَةَ الْأَصْلِيَّةِ فَحُذِفَتْ لِلْجَازِمِ اهـ. عش عَلَى مَرَّ.
قَوْلُهُ: (طَالَبَتْهُ بِطَلَاقٍ) أَيْ وَإِنْ أَسْقَطَتْ حَقَّهَا بِاللَّفْظِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، مَا لَمْ تَنْقَضِ الْمُدَّةُ وَلَوْ اعْتَرَفَتْ بِالْوَطْءِ سَقَطَ حَقُّهَا وَلَا تَرْجِعُ إلَى الْمُطَالَبَةِ.
وَعِبَارَةُ مَرَّ فَلَهَا الْمُطَالَبَةُ مَا لَمْ تَنْتَهِ مُدَّةُ الْيَمِينِ لَتَجَدُّدِ الضَّرَرِ هُنَا كَالْإِعْسَارِ بِالنَّفَقَةِ، بِخِلَافِهِ فِي الْعُنَّةِ وَالْعَيْبِ وَالْإِعْسَارِ بِالْمَهْرِ، لِأَنَّهُ خُصْلَةٌ وَاحِدَةٌ اهـ. بِحُرُوفِهِ قَوْلُهُ:(فَإِنْ عَصَى بِوَطْءٍ) بِأَنْ كَانَ عَامِدًا عَالِمًا مُخْتَارًا وَتَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ لِحِنْثِهِ وَإِلَّا بِأَنْ اسْتَدْخَلَتْ ذَكَرَهُ أَوْ كَانَ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا أَوْ مُكْرَهًا أَوْ مَجْنُونًا سَقَطَتْ مُطَالَبَتُهَا، وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ لِعَدَمِ حِنْثِهِ وَلَا يَنْحَلُّ يَمِينُهُ ق ل، وَقَوْلُهُ وَلَا يَنْحَلُّ يَمِينُهُ: أَيْ وَإِنْ سَقَطَ حَقُّهَا مِنْ الْمُطَالَبَةِ وَارْتَفَعَ الْإِيلَاءُ لِوُصُولِهَا إلَى حَقِّهَا وَانْدِفَاعِ ضَرَرِهَا سم.
قَوْلُهُ: (طَلَّقَ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ) أَيْ وَلَوْ طَلَاقًا رَجْعِيًّا وَلَوْ طَلَّقَ عَلَيْهِ الْقَاضِي ثُمَّ رَاجَعَ عَادَ الْإِيلَاءُ إنْ بَقِيَ مُدَّةٌ وَاسْتَأْنَفَتْ الْمُدَّةَ مِنْ الرَّجْعَةِ لِأَنَّ حُكْمَ الْإِيلَاءِ