المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل: في الرضاع - حاشية البجيرمي على الخطيب = تحفة الحبيب على شرح الخطيب - جـ ٤

[البجيرمي]

فهرس الكتاب

- ‌ فَصْلٌ: فِي الْإِيلَاءِ

- ‌تَتِمَّةٌ: لَوْ اخْتَلَفَ الزَّوْجَانِ فِي الْإِيلَاءِ أَوْ فِي انْقِضَاءِ مُدَّتِهِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الظِّهَارِ

- ‌أَرْكَانُ الظِّهَارِ

- ‌فَصْلٌ: فِي اللِّعَانِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْعِدَدِ

- ‌فَصْلٌ: فِيمَا يَجِبُ لِلْمُعْتَدَّةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الِاسْتِبْرَاءِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الرَّضَاعِ

- ‌ فَصْلٌ: فِي نَفَقَةِ الْقَرِيبِ

- ‌فَصْلٌ: فِي النَّفَقَةِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْحَضَانَةِ

- ‌كِتَابُ الْجِنَايَاتِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الدِّيَةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْقَسَامَةِ

- ‌كِتَابُ الْحُدُودِ

- ‌فَصْلٌ: فِي حَدِّ الْقَذْفِ

- ‌فَصْلٌ فِي حَدِّ شَارِبِ الْمُسْكِرِ

- ‌فَصْلٌ فِي حَدِّ السَّرِقَةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي قَاطِعِ الطَّرِيقِ

- ‌فَصْلٌ: فِي حُكْمِ الصِّيَالِ وَمَا تُتْلِفُهُ الْبَهَائِمُ

- ‌فَصْلٌ: فِي قِتَالِ الْبُغَاةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الرِّدَّةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي تَارِكِ الصَّلَاةِ

- ‌كِتَابُ أَحْكَامِ الْجِهَادِ

- ‌فَصْلٌ: فِي قَسْمِ الْغَنِيمَةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي قَسْمِ الْفَيْءِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْجِزْيَةِ

- ‌[كِتَابُ الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ]

- ‌فَصْلٌ: فِي الْأَطْعِمَةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْأُضْحِيَّةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْعَقِيقَةِ

- ‌كِتَابُ السَّبْقِ وَالرَّمْيِ

- ‌كِتَابُ الْأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ

- ‌فَصْلٌ: فِي النُّذُورِ

- ‌خَاتِمَةٌ فِيهَا مَسَائِلُ مُهِمَّةٌ تَتَعَلَّقُ بِالنَّذْرِ:

- ‌[فَرْعٌ النَّذْرُ لِلْكَعْبَةِ]

- ‌كِتَابُ الْأَقْضِيَةِ وَالشَّهَادَاتِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْقِسْمَةِ

- ‌فَصْلٌ فِي الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَاتِ

- ‌فَصْلٌ فِي الشَّهَادَاتِ

- ‌[فَصْلٌ مَا يُعْتَبَرُ فِيهِ تَعَدُّدُ الشُّهُودِ وَمَا لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ التَّعَدُّدُ]

- ‌كِتَابُ الْعِتْقِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْوَلَاءِ

- ‌فَصْلٌ فِي التَّدْبِيرِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْكِتَابَةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ

- ‌[خَاتِمَة الْكتاب]

الفصل: ‌فصل: في الرضاع

فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي بِيَمِينِهِ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُهُ مِنْهُ وَثَبَتَ نَسَبُ الْبَائِعِ عَلَى الْأَوْجَهِ مِنْ خِلَافٍ فِيهِ إذْ لَا ضَرُورَةَ عَلَى الْمُشْتَرِي فِي الْمَالِيَّةِ وَالْقَائِلُ بِخِلَافِهِ عَلَّلَهُ بِأَنَّ ثُبُوتَهُ يَقْطَعُ إرْثَ الْمُشْتَرِي بِالْوَلَاءِ. فَإِنْ أَقَرَّ بِوَطْئِهَا وَبَاعَهَا نُظِرَ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ أَنْ اسْتَبْرَأَهَا فَأَتَتْ بِوَلَدٍ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، مِنْ اسْتِبْرَائِهَا مِنْهُ لَحِقَهُ، وَبَطَلَ الْبَيْعُ لِثُبُوتِ أُمِّيَّةِ الْوَلَدِ. وَإِنْ وَلَدَتْهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ فَالْوَلَدُ مَمْلُوكٌ لِلْمُشْتَرِي إنْ لَمْ يَكُنْ وَطِئَهَا، وَإِلَّا فَإِنْ أَمْكَنَ كَوْنُهُ مِنْهُ بِأَنْ وَلَدَتْهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ مِنْ وَطْئِهِ لَحِقَهُ، وَصَارَتْ الْأَمَةُ مُسْتَوْلَدَةً لَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ اسْتَبْرَأَهَا قَبْلَ الْبَيْعِ فَالْوَلَدُ لَهُ إنْ أَمْكَنَ كَوْنُهُ مِنْهُ إلَّا إنْ وَطِئَهَا الْمُشْتَرِي، وَأَمْكَنَ كَوْنُهُ مِنْهُمَا فَتُعْرَضُ عَلَى الْقَائِفِ وَلَوْ زَوَّجَ أَمَتَهُ فَطَلُقَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَأَقَرَّتْ لِلسَّيِّدِ بِوَطْئِهَا فَوَلَدَتْ وَلَدًا لِزَمَنٍ يُحْتَمَلُ كَوْنُهُ مِنْهُمَا لَحِقَ السَّيِّدَ عَمَلًا بِالظَّاهِرِ وَصَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لِلْحُكْمِ بِلُحُوقِ الْوَلَدِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ.

‌فَصْلٌ: فِي الرَّضَاعِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

فَالْجُمْلَةُ اثْنَتَا عَشْرَةَ صُورَةً.

قَوْلُهُ: (لَمْ يُقِرَّ بِوَطْئِهَا) فِي قُبُلِهَا بِأَنْ نَفَى الْوَطْءَ أَوْ سَكَتَ. قَوْلُهُ: (وَادَّعَاهُ) أَيْ الْبَائِعُ لِيُبْطِلَ الْبَيْعَ وَيُثْبِتَ الِاسْتِيلَادَ، وَكَذَّبَهُ الْمُشْتَرِي فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي بِيَمِينِهِ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُهُ مِنْهُ أَيْ مِنْ الْبَائِعِ أَيْ فَيَسْتَمِرُّ عَلَى رِقِّهِ، وَيَثْبُتُ نَسَبُ الْبَائِعِ أَيْ بِاسْتِلْحَاقِهِ.

قَوْلُهُ: (وَثَبَتَ نَسَبُ الْبَائِعِ) لَمْ يَتَعَرَّضْ الشِّهَابُ الْقَلْيُوبِيُّ وَكَذَا الْمَرْحُومِيُّ لِضَعْفِهِ وَاَلَّذِي فِي شَرْحِ م ر خِلَافُهُ وَعِبَارَتُهُ وَلَوْ بَاعَ أَمَةً لَمْ يُقِرَّ بِوَطْئِهَا فَظَهَرَ بِهَا حَمْلٌ وَادَّعَاهُ صُدِّقَ الْمُشْتَرِي بِيَمِينِهِ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُهُ أَنَّهُ مِنْهُ وَفِي ثُبُوتِ نَسَبِهِ مِنْ الْبَائِعِ خِلَافٌ الْأَصَحُّ مِنْهُ عَدَمُهُ اهـ. فَكَلَامُ الشَّارِحِ ضَعِيفٌ. قَوْلُهُ: (عَلَى الْأَوْجَهِ) يَرْجِعُ لِثُبُوتِ النَّسَبِ فَقَطْ.

قَوْلُهُ: (مِنْ خِلَافٍ فِيهِ) أَيْ فِي النَّسَبِ أَيْ فِي ثُبُوتِهِ.

قَوْلُهُ: (إذْ لَا ضَرُورَةَ عَلَى الْمُشْتَرِي) أَيْ لِثُبُوتِ رِقِّهِ لَهُ وَيُتَصَوَّرُ ثُبُوتُ نَسَبِهِ مَعَ كَوْنِ الْوَلَدِ رَقِيقًا لِلْمُشْتَرِي بِأَنْ يَطَأَهَا الْبَائِعُ قَبْلَ أَنْ يَمْلِكَهَا عَلَى ظَنِّ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ الْأَمَةُ وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: إذْ لَا ضَرَرَ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ.

فَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ نَسَبُ الْبَائِعِ م ر.

قَوْلُهُ: (فِي الْمَالِيَّةِ) أَيْ لِأَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ بَيْعُهُ لَكِنْ لَوْ قَتَلَهُ الْبَائِعُ لَا يُقْتَلُ فِيهِ وَيَلْزَمُ الْبَائِعَ قِيمَتُهُ لِلْمُشْتَرِي، وَلَوْ بَاعَهُ لِلْمُشْتَرِي عَتَقَ عَلَيْهِ حَتَّى لَوْ مَاتَ الْبَائِعُ بَعْدَ عِتْقِ الْوَلَدِ فَإِنَّهُ يَرِثُهُ اهـ. طُوخِيٌّ وَقَوْلُهُ: فِي الْمَالِيَّةِ لِأَنَّ النَّسَبَ لَا يُنَافِي كَوْنَهُ مَمْلُوكًا لِلْمُشْتَرِي قَوْلُهُ: (بِخِلَافِهِ) أَيْ بِخِلَافِ ثُبُوتِ النَّسَبِ قَوْلُهُ: (بِأَنَّ ثُبُوتَهُ يَقْطَعُ) أَيْ وَفِي هَذَا ضَرَرٌ عَلَى الْمُشْتَرِي فَكَيْفَ يُقَالُ: إذْ لَا ضَرَرَ عَلَى الْمُشْتَرِي فَقَصْدُهُ رَدُّ تَعْلِيلِ الْقَوْلِ الْآخَرِ.

قَوْلُهُ: (بِالْوَلَاءِ) أَيْ إذَا أَعْتَقَهُ لِأَنَّ عُصُوبَةَ النَّسَبِ وَهُوَ الْأَبُ مُقَدَّمَةٌ عَلَى عُصُوبَةِ الْوَلَاءِ وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِإِرْثٍ فَلَوْ عَتَقَ ثُمَّ مَاتَ وَرِثَهُ أَبُوهُ فَمَنْ بَعْدَهُ مِنْ أَقَارِبِهِ دُونَ الْمُشْتَرِي قَوْلُهُ: (فَإِنْ أَقَرَّ إلَخْ) هَذَا قَسِيمُ قَوْلِهِ لَمْ يُقِرَّ بِوَطْئِهَا.

قَوْلُهُ: (فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ) أَيْ الْبَيْعُ قَوْلُهُ: (لَحِقَهُ) أَيْ الْبَائِعَ وَلَا عِبْرَةَ بِالِاسْتِبْرَاءِ.

قَوْلُهُ: (لِثُبُوتِ أُمِّيَّةِ الْوَلَدِ) أَيْ لِلْبَائِعِ وَحِينَئِذٍ فَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ بَيْعُهَا وَرَهْنُهَا وَكُلُّ تَصَرُّفٍ يُزِيلُ الْمِلْكَ.

قَوْلُهُ: (لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ) أَيْ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ.

قَوْلُهُ: (إنْ لَمْ يَكُنْ) أَيْ الْمُشْتَرِي وَطِئَهَا أَيْ أَصْلًا أَوْ وَطِئَهَا وَطْئًا لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مِنْهُ بِأَنْ وَلَدَتْهُ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَطْئِهِ.

قَوْلُهُ: (وَإِلَّا) بِأَنْ وَطِئَهَا الْمُشْتَرِي.

قَوْلُهُ: (وَمِنْهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي. قَوْلُهُ: (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ) أَيْ الْبَائِعُ اسْتَبْرَأَهَا قَبْلَ الْبَيْعِ فَالْوَلَدُ لَهُ أَيْ لِلْبَائِعِ إنْ أَمْكَنَ كَوْنُهُ مِنْهُ أَيْ فَقَطْ بِأَنْ لَمْ يَطَأْ الْمُشْتَرِي وَطْئًا يُمْكِنُ كَوْنُهُ مِنْهُ قَوْلُهُ: (وَأَقَرَّتْ) صَوَابُ الْعِبَارَةِ كَمَا فِي الرَّوْضِ وَأَقَرَّ أَيْ السَّيِّدُ بِأَنَّهُ وَطِئَهَا لِيُوَافِقَ الْحُكْمَ الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّارِحُ أَيْ لِأَنَّ الْمُعَوَّلَ عَلَيْهِ إقْرَارُهُ وَإِقْرَارُهَا لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ.

قَوْلُهُ: (بِوَطْئِهَا) أَيْ بِوَطْءِ زَوْجِهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَا يَنْزِلُ قَوْلُهَا مَنْزِلَةَ الدُّخُولِ فَلَا يَلْحَقُهُ الْوَلَدُ، أَيْ لَا يَلْحَقُ الزَّوْجَ وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ مَسْأَلَةٌ أُخْرَى. اهـ. طُوخِيٌّ وَشَيْخُنَا.

[فَصَلِّ فِي الرَّضَاع]

ِ وَسَبَبُ تَحْرِيمِ الرَّضَاعِ، أَنَّ اللَّبَنَ جُزْءُ الْمُرْضِعَةِ، وَقَدْ صَارَ مِنْ أَجْزَاءِ الرَّضِيعِ، فَأَشْبَهَ مَنِيَّهَا فِي النَّسَبِ. وَيُؤَثِّرُ فِي تَحْرِيمِ النِّكَاحِ ابْتِدَاءً وَدَوَامًا وَجَوَازِ النَّظَرِ وَالْخَلْوَةِ، وَعَدَمِ نَقْضِ الطَّهَارَةِ بِاللَّمْسِ دُونَ سَائِرِ أَحْكَامِ النَّسَبِ، كَالْمِيرَاثِ وَالنَّفَقَةِ

ص: 69

هُوَ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَيَجُوزُ كَسْرُهَا وَإِثْبَاتُ التَّاءِ مَعَهُمَا لُغَةً اسْمٌ لِمَصِّ الثَّدْيِ وَشُرْبِ لَبَنِهِ وَشَرْعًا اسْمٌ لِحُصُولِ لَبَنِ امْرَأَةٍ أَوْ مَا حَصَلَ مِنْهُ فِي مَعِدَةِ طِفْلٍ أَوْ دِمَاغِهِ. وَالْأَصْلُ فِي تَحْرِيمِهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ الْآيَةُ وَالْخَبَرُ الْآتِيَانِ

وَأَرْكَانُهُ ثَلَاثَةٌ: مُرْضِعٌ وَرَضِيعٌ وَلَبَنٌ، وَقَدْ شَرَعَ فِي الرُّكْنِ الْأَوَّلِ فَقَالَ:(وَإِذَا أَرْضَعَتْ الْمَرْأَةُ) أَيْ الْآدَمِيَّةُ خَلِيَّةً كَانَتْ أَوْ مُزَوَّجَةً الْحَيَّةُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَالْعِتْقِ لِلْمِلْكِ وَسُقُوطِ الْقِصَاصِ وَرَدِّ الشَّهَادَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. اهـ بِرْمَاوِيٌّ. وَعِبَارَةُ ز ي وَلِقُصُورِ الرَّضَاعِ عَنْ النَّسَبِ لَمْ يُثْبِتْ لَهُ مِنْ أَحْكَامِهِ سِوَى الْمَحْرَمِيَّةِ دُونَ الْإِرْثِ وَنَحْوِهِ وَذَكَرَهُ عَقِبَ الْعِدَّةِ لِلتَّحْرِيمِ فِي كُلٍّ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ الْحُرْمَةُ فَإِنَّ حُرْمَةَ الرَّضَاعِ مُؤَبَّدَةٌ، بِخِلَافِ الْعِدَّةِ فَإِنَّ الْحُرْمَةَ فِيهَا تَنْتَهِي بِانْتِهَائِهَا اهـ.

وَيَجُوزُ إبْدَالُ الضَّادِ تَاءً كَمَا قَالَهُ ع ش قَوْلُهُ: (وَإِثْبَاتُ التَّاءِ مَعَهُمَا) أَيْ الْفَتْحِ وَالْكَسْرِ بِأَنْ يُقَالَ: رَضَاعَةٌ قَالَ تَعَالَى: {وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ} [النساء: 23] قَوْلُهُ: (اسْمٌ لِمَصِّ الثَّدْيِ) إذَا تَأَمَّلْت مَا ذَكَرَهُ رَأَيْت الْمَعْنَى اللُّغَوِيَّ أَخَصَّ مِنْ الْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ وَهُوَ خِلَافُ الْغَالِبِ. قَوْلُهُ: (وَشُرْبِ لَبَنِهِ) عَطْفُ مُسَبَّبٍ عَلَى سَبَبٍ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَيْنَهُمَا عُمُومٌ وَخُصُوصٌ وَجْهِيٌّ.

قَوْلُهُ: (لَبَنِ امْرَأَةٍ) أَيْ وَلَوْ حُكْمًا وَلَوْ مَخِيضًا وَشَمِلَ الزُّبْدَ وَالْجُبْنَ وَالْأَقِطَ وَالْقِشْطَةَ بِخِلَافِ السَّمْنِ الْخَالِصِ عَنْ اللَّبَنِ وَالْمَصْلِ وَدَخَلَ فِيهِ الْمُخْتَلِطُ بِنَحْوِ مَائِعٍ حَيْثُ بَقِيَ طَعْمُهُ أَوْ لَوْنُهُ أَوْ رِيحُهُ، فَإِنْ شُرِبَ الْكُلَّ حَرَّمَ وَإِلَّا فَلَا. وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ كَانَتْ الْمَرْأَةُ مِنْ الْإِنْسِ أَوْ مِنْ الْجِنِّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَيَنْبَنِي عَلَى ذَلِكَ التَّحْرِيمُ وَلَوْ عَلَى غَيْرِ صُورَةِ الْآدَمِيَّةِ أَوْ كَانَ ثَدْيُهَا أَوْ فَرْجُهَا فِي غَيْرِ مَحِلِّهِ الْمَعْهُودِ.

قَوْلُهُ: (فِي مَعِدَةِ طِفْلٍ) أَيْ مِنْ مَنْفَذٍ مَفْتُوحٍ وَلَوْ كَانَ مِنْ جِرَاحَةٍ كَجَائِفَةٍ فِي بَطْنِهِ وَصَلَ مِنْهَا اللَّبَنُ إلَيْهَا، أَوْ دَامِغَةٍ فِي رَأْسِهِ وَصَلَ مِنْهَا اللَّبَنُ إلَى الدِّمَاغِ.

قَوْلُهُ: (أَوْ دِمَاغِهِ) أَيْ كَأَنْ خُرِقَتْ رَأْسُهُ فَوَصَلَ مِنْ دِمَاغِهِ لِمِعْدَتِهِ فَيَضُرُّ التَّقْطِيرُ فِي الْأُذُنِ إنْ وَصَلَ إلَى الدِّمَاغِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَصِلْ وَإِنْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ اهـ. شَيْخُنَا، وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر لَا بِحُقْنَةٍ فِي الْأَظْهَرِ لِأَنَّهَا لِإِسْهَالِ مَا انْعَقَدَ فِي الْأَمْعَاءِ فَلَمْ يَكُنْ فِيهَا تَغَذٍّ. وَمِثْلُهَا صَبُّهُ فِي أُذُنٍ أَوْ قُبُلٍ وَالثَّانِي يُحَرِّمُ كَمَا يَحْصُلُ بِهِ الْفِطْرُ وَرُدَّ بِأَنَّهُ مَنُوطٌ بِمَا يَصِلُ إلَى جَوْفٍ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مَعِدَةً وَلَا دِمَاغًا بِخِلَافِهِ هُنَا. وَلِهَذَا لَمْ يَحْرُمْ تَقْطِيرٌ فِي أُذُنٍ أَوْ جِرَاحَةٍ إذَا لَمْ يَصِلْ إلَى مَعِدَةٍ اهـ. قَوْلُهُ:(الْآيَةَ وَالْخَبَرُ الْآتِيَيْنِ) كَذَا فِي خَطِّ الْمُؤَلِّفِ وَصَوَابُهُ الْآتِيَانِ بِالْأَلِفِ لِأَنَّهُ مُثَنَّى مَرْفُوعٌ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ نَعْتٌ مَقْطُوعٌ بِتَقْدِيرِ أَعْنِي لَكِنْ يَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ قَطْعُ النَّعْتِ عَنْ التَّبَعِيَّةِ إلَّا إنْ كَانَ مُعَيَّنًا بِدُونِ ذِكْرِهِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ مَالِكٍ:

وَاقْطَعْ أَوْ اتْبَعْ إنْ يَكُنْ مُعَيَّنًا

بِدُونِهَا أَوْ بَعْضِهَا اقْطَعْ مُعْلِنَا

قَوْلُهُ: (وَإِذَا أَرْضَعَتْ الْمَرْأَةُ) لَيْسَ قَيْدًا فَلَوْ قَالَ: وَإِذَا ارْتَضَعَ وَلَدٌ لَكَانَ أَوْلَى وَأَنْسَبَ لِيَدْخُلَ مَا لَوْ ارْتَضَعَ عَلَى امْرَأَةٍ نَائِمَةٍ وَأَوْلَى مِنْ ذَلِكَ أَيْضًا لَوْ قَالَ: وَإِذَا وَصَلَ إلَى جَوْفِهِ لِيَدْخُلَ مَا لَوْ أُوجِرَهُ وَهُوَ نَائِمٌ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْقَصْدَ لَيْسَ قَيْدًا بَلْ الْمَدَارُ عَلَى وُصُولِ اللَّبَنِ إلَى جَوْفِ الطِّفْلِ بِأَيِّ وَجْهٍ كَانَ سَوَاءٌ أَكَانَ بِفِعْلٍ أَوْ لَا وَلَوْ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِهِ الْمُعْتَادِ، وَانْظُرْ انْفِصَالَهُ مِنْ الْمُرْضِعَةِ هَلْ يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ مِنْ طَرِيقِهِ الْمُعْتَادِ أَوْ لَا اهـ. وَعِبَارَةُ سم عَلَى التُّحْفَةِ: فَرْعٌ لَوْ خَرَجَ اللَّبَنُ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِهِ الْمُعْتَادِ فَهَلْ يُؤَثِّرُ مُطْلَقًا أَوْ فِيهِ نَحْوُ تَفْصِيلِ الْغُسْلِ، بِخُرُوجِ الْمَنِيِّ مِنْ ذَلِكَ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَعَلَّ الْقِيَاسَ الثَّانِي وَكَذَا لَوْ خَرَجَ مِنْ ثَدْيٍ زَائِدٍ فَهَلْ يُؤَثِّرُ مُطْلَقًا أَوْ يُفَصَّلُ فِيهِ سم عَلَى حَجّ؟

أَقُولُ: الْقِيَاسُ الثَّانِي أَيْضًا إنْ قُلْنَا: الْخَارِجُ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِهِ الْمُعْتَادِ لَا يُحَرِّمُ، وَأَمَّا إنْ قُلْنَا: بِالتَّحْرِيمِ وَهُوَ الْقِيَاسُ حَيْثُ خَرَجَ مُسْتَحْكَمًا عَلَى مَا ذَكَرَهُ فَلَا وَجْهَ لِلتَّرَدُّدِ فِيهِ إذْ غَايَتُهُ أَنَّهُ خَرَجَ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِهِ الْمُعْتَادِ وَقَوْلُ سم أَوْ فِيهِ نَحْوُ تَفْصِيلِ الْغُسْلِ أَيْ وَهُوَ إنْ خَرَجَ مُسْتَحْكَمًا بِأَنْ لَمْ يَحِلَّ خُرُوجُهُ عَلَى مَرَضٍ حَرَّمَ وَإِلَّا فَلَا. وَلَيْسَ مِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ انْخَرَقَ ثَدْيُهَا وَخَرَجَ مِنْهُ اللَّبَنُ فَلَا يُقَالُ: فِيهِ هَذَا التَّفْصِيلُ بَلْ يُقَالُ: الْأَقْرَبُ التَّحْرِيمُ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ انْكَسَرَ صُلْبُهُ فَخَرَجَ مَنِيُّهُ، حَيَّتْ قَالُوا بِوُجُوبِ الْغُسْلِ فِيهِ اهـ. ع ش وَإِنْ خُلِقَ لَهَا أَكْثَرُ مِنْ ثَدْيَيْنِ

ص: 70

حَيَاةً مُسْتَقِرَّةً حَالَ انْفِصَالِ لَبَنِهَا بَلَغَتْ تِسْعَ سِنِينَ قَمَرِيَّةً تَقْرِيبًا وَإِنْ لَمْ يُحْكَمْ بِبُلُوغِهَا بِذَلِكَ. (بِلَبَنِهَا) وَلَوْ مُتَغَيِّرًا عَنْ هَيْئَةِ انْفِصَالِهِ عَنْ الثَّدْيِ بِحُمُوضَةٍ أَوْ غَيْرِهَا ثُمَّ أَشَارَ إلَى الرُّكْنِ الثَّانِي بِقَوْلِهِ: (وَلَدًا صَارَ الرَّضِيعُ وَلَدُهَا) مِنْ الرَّضَاعِ فَخَرَجَ بِالْمَرْأَةِ ثَلَاثَةُ أُمُورٍ: أَحَدُهَا الرَّجُلُ فَلَا تَثْبُتُ حُرْمَةٌ بِلَبَنِهِ عَلَى الصَّحِيحِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مُعَدًّا لِلتَّغْذِيَةِ فَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ التَّحْرِيمُ كَغَيْرِهِ مِنْ الْمَائِعَاتِ لَكِنْ يُكْرَهُ لَهُ وَلِفَرْعِهِ نِكَاحُ مَنْ ارْتَضَعَتْ مِنْهُ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَالْبُوَيْطِيُّ. ثَانِيهَا الْخُنْثَى الْمُشْكِلُ، وَالْمَذْهَبُ تَوَقُّفُهُ إلَى الْبَيَانِ فَإِنْ بَانَتْ أُنُوثَتُهُ حَرُمَ وَإِلَّا فَلَا فَلَوْ مَاتَ قَبْلَهُ لَمْ يَثْبُتْ التَّحْرِيمُ فَلِلرَّضِيعِ نِكَاحُ أُمِّ الْخُنْثَى وَنَحْوِهَا كَمَا نَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ الْمُتَوَلِّي.

ثَالِثُهَا: الْبَهِيمَةُ فَلَوْ ارْتَضَعَ صَغِيرَانِ مِنْ شَاةٍ مَثَلًا لَمْ يَثْبُتْ بَيْنَهُمَا أُخُوَّةٌ فَتَحِلُّ مُنَاكَحَتُهُمَا لِأَنَّ الْأُخُوَّةَ فَرْعُ الْأُمُومَةِ فَإِذَا لَمْ يَثْبُتْ الْأَصْلُ لَمْ يَثْبُتْ الْفَرْعُ. وَخَرَجَ بِآدَمِيَّةٍ وَلَوْ عَبَّرَ بِهَا بَدَلَ الْمَرْأَةِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ الشَّافِعِيُّ لَكَانَ أَوْلَى الْجِنِّيَّةُ إنْ تُصُوِّرَ إرْضَاعُهَا بِنَاءً عَلَى عَدَمِ صِحَّةِ مُنَاكَحَتِهِمْ، وَهُوَ الرَّاجِحُ لِأَنَّ الرَّضَاعَ تِلْوَ النَّسَبِ بِدَلِيلِ:«يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ» وَاَللَّهُ تَعَالَى قَطَعَ النَّسَبَ بَيْنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ، وَبِالْحَيَّةِ لَبَنَ الْمَيِّتَةِ فَإِنَّهُ لَا يَحْرُمُ لِأَنَّهُ مِنْ لَبَنِ جُثَّةٍ مُنْفَكَّةٍ عَنْ الْحِلِّ وَالْحُرْمَةُ كَالْبَهِيمَةِ، خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ. وَبِاسْتِكْمَالِ تِسْعِ سِنِينَ تَقْرِيبًا مَا لَوْ

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَاشْتَبَهَ الْأَصْلِيُّ بِالزَّائِدِ حَرَّمَ الشُّرْبُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا.

قَوْلُهُ: (خَلِيَّةً كَانَتْ إلَخْ) وَلَوْ بِكْرًا نَزَلَ لَهَا لَبَنٌ قَوْلُهُ: (حَيَاةً مُسْتَقِرَّةً) أَيْ بِأَنْ لَمْ تَصِلْ إلَى حَرَكَةِ مَذْبُوحٍ فَإِنْ وَصَلَتْ إلَيْهَا بِمَرَضٍ حَرَّمَ لَبَنُهَا أَوْ بِجِرَاحَةٍ فَلَا ق ل. قَوْلُهُ: (بَلَغَتْ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ: الَّتِي بَلَغَتْ وَيُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ الْجُمْلَةُ حَالًا بِتَقْدِيرِ قَدْ.

قَوْلُهُ: (تَقْرِيبًا) لَوْ قَالَ: تَقْرِيبِيَّةً لَكَانَ أَنْسَبَ وَالْمُرَادُ بِهِ مَا فِي الْحَيْضِ بِأَنْ يَنْفَصِلَ اللَّبَنُ قَبْلَ تَمَامِ التِّسْعِ بِمَا لَا يَسَعُ حَيْضًا وَطُهْرًا وَهُوَ دُونَ سِتَّةَ عَشَرَ يَوْمًا ق ل.

قَوْلُهُ: (وَإِنْ لَمْ يُحْكَمْ بِبُلُوغِهَا بِذَلِكَ) لِأَنَّ بُلُوغَهَا إنَّمَا يَحْصُلُ بِالْحَيْضِ أَوْ الِاحْتِلَامِ أَوْ بُلُوغِ خَمْسَ عَشَرَةَ سَنَةً كَمَا مَرَّ.

قَوْلُهُ: (بِلَبَنِهَا) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ الشَّارِحُ ثُمَّ أَشَارَ إلَى الرُّكْنِ الثَّالِثِ بِقَوْلِهِ: بِلَبَنِهَا كَمَا فَعَلَ فِي سَابِقِهِ وَلَاحِقِهِ وَاسْتَوْجَهَ سم دُخُولَ السَّمْنِ لِأَنَّ فِيهِ دُسُومَةَ اللَّبَنِ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ مُتَغَيِّرًا عَنْ هَيْئَةِ انْفِصَالِهِ) هَذَا لَا يُنَاسِبُ قَوْلَهُ: وَإِذَا أَرْضَعَتْ الْمَرْأَةُ بِلَبَنِهَا وَإِنَّمَا يُنَاسِبُ عِبَارَةَ مَنْ قَالَ: وَإِذَا وَصَلَ لِلْإِيضَاحِ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ يُسَمَّى رَضِيعًا كَمَا يُسَمَّى مُرْضَعًا بِفَتْحِ الضَّادِ.

قَوْلُهُ: (فَلَوْ مَاتَ قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ الْبَيَانِ.

قَوْلُهُ: (وَنَحْوِهَا) كَأُخْتِهِ قَوْلُهُ: (الْجِنِّيَّةُ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّ لَبَنَ الْجِنِّيَّةِ يُحَرِّمُ فَتَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ هُوَ الْأَوْلَى وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ يُقَالُ: لِلْجِنِّيَّةِ امْرَأَةٌ وَفِي كَلَامِ ابْنِ النَّقِيبِ مَا يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يُقَالُ لَهَا امْرَأَةٌ حَيْثُ قَالَ: عَدَلَ الْمِنْهَاجُ عَنْ قَوْلِ الْمُحَرَّرِ أُنْثَى إلَى امْرَأَةٍ لِيُخْرِجَ الْجِنِّيَّةَ وَأَمَّا النِّسَاءُ فَاسْمٌ لِلْإِنَاثِ مِنْ بَنَاتِ آدَمَ وَكَذَا الرِّجَالُ وَإِنَّمَا أُطْلِقَ عَلَى الْجِنِّ فِي قَوْلِهِ: {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ} [الجن: 6] إلَخْ لِلْمُقَابَلَةِ ح ل وَقَوْلُهُ: الْجِنِّيَّةُ فَاعِلُ خَرَجَ.

قَوْلُهُ: (وَهُوَ الرَّاجِحُ) أَيْ عِنْدَ الشَّارِحِ، وَاَلَّذِي اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا م ر وَأَتْبَاعُهُ، صِحَّةُ مُنَاكَحَتِهِمْ أَيْ الْجِنِّ، فَلَبَنُ الْجِنِّيَّةِ يُحَرِّمُ وَلَوْ عَلَى غَيْرِ صُورَةِ الْآدَمِيَّةِ أَوْ كَانَ ثَدْيُهَا أَوْ فَرْجُهَا فِي غَيْرِ مَحِلِّهِ الْمَعْهُودِ ق ل قَوْلُهُ:(تِلْوَ) أَيْ تَابِعٌ لَهُ.

قَوْلُهُ: (قَطَعَ النَّسَبَ بَيْنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ) أَيْ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا} [النحل: 72] قَوْلُهُ: (وَبِالْحَيَّةِ) أَيْ وَبِلَبَنِ الْحَيَّةِ إلَخْ قَوْلُهُ: (مُنْفَكَّةٍ إلَخْ) : أَيْ غَيْرِ مُكَلَّفَةٍ وَلَا تَرِدُ الصَّغِيرَةُ لِأَنَّهَا تُمْنَعُ مِنْ فِعْلِ الْمُحَرَّمِ وَتُؤْمَرُ بِالْعِبَادَاتِ كَالْبَالِغَةِ اهـ. وَكَتَبَ ح ل أَيْ صَارَتْ غَيْرَ مُكَلَّفَةٍ وَلَا يُمْكِنُ عَوْدُ التَّكْلِيفِ إلَيْهَا عَادَةً فَلَا تَرِدُ الْمَجْنُونَةُ، وَقَالَ س ل: كَانَ الْمُرَادُ عَنْ الْحِلِّ لَهَا وَالْحُرْمَةِ عَلَيْهَا أَيْ لَا يَتَعَلَّقُ بِهَا حِلُّ شَيْءٍ، وَلَا حُرْمَتُهُ لِخُرُوجِهَا عَنْ صَلَاحِيَّةِ الْخِطَابِ كَالْبَهِيمَةِ.

قَوْلُهُ: (خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ) أَيْ فِي لَبَنِ الْمَيِّتَةِ، حَيْثُ قَالُوا: إنَّهُ يُحَرِّمُ لِأَنَّ اللَّبَنَ لَا يَمُوتُ كَلَبَنٍ مَوْضُوعٍ فِي ظَرْفٍ نَجِسٍ لِأَنَّ الْمَيِّتَ عِنْدَهُمْ يُنَجَّسُ بِالْمَوْتِ. وَاحْتَجَّ الْأَصْحَابُ بِمَا قَالَهُ الشَّارِحُ وَبِأَنَّ اللَّبَنَ ضَعُفَتْ حُرْمَتُهُ بِمَوْتِ أَصْلِهِ أَلَا

ص: 71

ظَهَرَ لِصَغِيرَةٍ دُونَ ذَلِكَ لَبَنٌ وَارْتَضَعَ بِهِ طِفْلٌ فَلَا يَثْبُتُ بِهِ تَحْرِيمٌ وَلَوْ حُلِبَ لَبَنُ الْمَرْأَةِ الْمَذْكُورَةِ قَبْلَ مَوْتِهَا وَأُوجِرَ لِطِفْلٍ حَرَّمَ لِانْفِصَالِهِ مِنْهَا فِي الْحَيَاةِ.

ثُمَّ أَشَارَ إلَى مَا يُشْتَرَطُ فِي الرَّضِيعِ بِقَوْلِهِ: (بِشَرْطَيْنِ) وَتَرَكَ ثَالِثًا وَرَابِعًا كَمَا سَتَرَاهُ (أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ لَهُ دُونَ السَّنَتَيْنِ) لِخَبَرِ: «لَا رَضَاعَ إلَّا مَا كَانَ فِي الْحَوْلَيْنِ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُ فَإِنْ بَلَغَهُمَا وَشَرِبَ بَعْدَهُمَا لَمْ يُحَرِّمْ ارْتِضَاعَهُ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَيُعْتَبَرُ الْحَوْلَانِ بِالْأَهِلَّةِ فَإِنْ انْكَسَرَ الشَّهْرُ الْأَوَّلُ تَمَّمَ عَدَدَهُ ثَلَاثِينَ يَوْمًا مِنْ الشَّهْرِ الْخَامِسِ وَالْعِشْرِينَ. وَذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: «وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ» جَعَلَ اللَّهُ سبحانه وتعالى تَمَامَ الرَّضَاعَةِ فِي الْحَوْلَيْنِ فَأَفْهَمَ أَنَّ الْحُكْمَ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ بِخِلَافِهِ.

ــ

[حاشية البجيرمي]

تَرَى أَنَّهُ يَسْقُطُ حُرْمَةُ الْأَعْضَاءِ فَلَا غُرْمَ فِي قَطْعِهَا وَبِأَنَّ أَحْكَامَ فِعْلِهِ سَقَطَتْ بِالْمَوْتِ، بِدَلِيلِ عَدَمِ الضَّمَانِ لَوْ سَقَطَ عَلَى شَيْءٍ بِخِلَافِ النَّائِمِ، وَبِأَنَّ الْحُرْمَةَ الْمُؤَبَّدَةَ تَخْتَصُّ بِبَدَنِ الْحَيِّ وَلِذَا لَا تَثْبُتُ الْمُصَاهَرَةُ بِوَطْءِ الْمَيِّتَةِ، وَبِأَنَّ وُصُولَهُ إلَى الْمَيِّتِ لَا يُؤَثِّرُ فَكَذَا انْفِصَالُهُ قِيَاسًا لِأَحَدِ الطَّرَفَيْنِ عَلَى الْآخَرِ اهـ. وَفَرَّقَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ لَبَنَ الْحَيَّةِ حَلَالٌ مُحْتَرَمٌ وَمُرَادُهُ أَنَّهُ يَصِحُّ الِاسْتِئْجَارُ لِإِرْضَاعِهِ وَلَا كَذَلِكَ الْمَيِّتَةُ اهـ م ر.

قَوْلُهُ: (دُونَ السَّنَتَيْنِ) أَيْ يَقِينًا قَالَ شَيْخُنَا: ظَاهِرُهُ عَدَمُ التَّحْرِيمِ لَوْ قَارَنَتْ الرَّضْعَةُ الْخَامِسَةُ تَمَامَ الْحَوْلَيْنِ وَالْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُ فَرَاجِعْهُ بِرْمَاوِيٌّ. قَوْلُهُ: لِخَبَرِ: «لَا رَضَاعَ إلَّا مَا كَانَ فِي الْحَوْلَيْنِ» وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ مُدَّةُ الرَّضَاعِ ثَلَاثُونَ شَهْرًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا} [الأحقاف: 15] وَحَمَلَهُ الْجُمْهُورُ عَلَى أَقَلِّ مُدَّةِ الْحَمْلِ وَأَكْثَرِ مُدَّةِ الرَّضَاعِ لِأَنَّ مُدَّةَ الْحَمْلِ دَاخِلَةٌ فِيهِ، وَأَقَلُّهُ سِتَّةُ أَشْهُرٍ اهـ. خَازِنٌ قَالَ م ر فِي شَرْحِهِ وَخَبَرُ مُسْلِمٍ «فِي سَالِمٍ الَّذِي أَرْضَعَتْهُ زَوْجَةُ مَوْلَاهُ أَبِي حُذَيْفَةَ وَهُوَ رَجُلٌ لِيَحِلَّ لَهُ نَظَرُهَا بِإِذْنِهِ صلى الله عليه وسلم» خَاصٌّ بِهِ أَوْ مَنْسُوخٌ. كَمَا مَالَ إلَيْهِ ابْنُ الْمُنْذِرِ اهـ. وَحَاصِلُ «قِصَّةِ سَالِمٍ أَنَّهُ كَانَ مَوْلًى لِأَبِي حُذَيْفَةَ وَكَانَ يُكْثِرُ الدُّخُولَ عَلَى زَوْجَةِ سَيِّدِهِ أَبِي حُذَيْفَةَ فَيَقَعُ فِي النَّظَرِ إلَيْهَا وَهُوَ رَجُلٌ فَشَكَتْ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَمَرَهَا أَنْ تُرْضِعَهُ لِيَصِيرَ ابْنَهَا فَيَحِلُّ لَهُ نَظَرُهَا وَالدُّخُولُ عَلَيْهَا فَفَعَلَتْ ذَلِكَ» .

قَالَ ع ش فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى م ر: وَقَدْ تُشْكِلُ قِصَّةُ سَالِمٍ بِأَنَّ الْمَحْرَمِيَّةَ الْمُجَوِّزَةَ لِلنَّظَرِ إنَّمَا تَحْصُلُ بِتَمَامِ الْخَامِسَةِ فَهِيَ قَبْلَهَا أَجْنَبِيَّةٌ يَحْرُمُ نَظَرُهَا وَمَسُّهَا فَكَيْفَ جَازَ لِسَالِمٍ الِارْتِضَاعُ مِنْهَا الْمُسْتَلْزِمُ عَادَةً اللَّمْسَ وَالنَّظَرَ قَبْلَ تَمَامِ الْخَامِسَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ ارْتَضَعَ مِنْهَا مَعَ الِاحْتِرَازِ عَنْ الْمَسِّ وَالنَّظَرِ بِحَضْرَةِ مَنْ تَزُولُ الْخَلْوَةُ بِحُضُورِهِ، أَوْ تَكُونَ قَدْ حَلَبَتْ خَمْسَ مَرَّاتٍ فِي إنَاءٍ وَشَرِبَ مِنْهُ، أَوْ جُوِّزَ لَهُ النَّظَرُ وَلَهَا النَّظَرُ وَالْمَسُّ إلَى تَمَامِ الرَّضَاعِ، خُصُوصِيَّةً لَهُمَا كَمَا خُصَّ بِتَأْثِيرِ هَذَا الرَّضَاعِ اهـ. سم عَلَى حَجّ.

قَوْلُهُ: (فَإِنْ بَلَغَهُمَا إلَخْ) تَعَارَضَ هَذَا مَعَ كَلَامِ الْمَتْنِ فِيمَا إذَا كَانَ الشُّرْبُ مَعَ تَمَامِ السَّنَتَيْنِ، فَكَلَامُ الْمَتْنِ يَقْتَضِي عَدَمَ التَّحْرِيمِ وَقَوْلُ الشَّارِحِ فَإِنْ بَلَغَهُمَا يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ، وَهُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ عَشْمَاوِيٌّ وَقَوْلُهُ يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ لِأَنَّ قَوْلَهُ: وَشَرِبَ بَعْدَهُمَا يَقْتَضِي أَنَّ الْخَامِسَةَ الْمُقَارِنَةَ لِتَمَامِ الْحَوْلَيْنِ تُحَرِّمُ.

قَوْلُهُ: (فَإِنْ انْكَسَرَ إلَخْ) هَلْ الْعِبْرَةُ فِي الِانْكِسَارِ بِمُجَرَّدِ الْتِقَامِ الثَّدْيِ وَبِمَصِّهِ مَثَلًا أَوْ بِوُصُولِ شَيْءٍ مِنْ اللَّبَنِ إلَى الْمَعِدَةِ أَوْ الدِّمَاغِ حَتَّى لَوْ وَقَعَ الِالْتِقَامُ وَالْمَصُّ مَعَ ابْتِدَاءِ الشَّهْرِ، لَكِنْ لَمْ يَصِلْ اللَّبَنُ إلَى مَا ذُكِرَ إلَّا بَعْدَ مُضِيِّ جُزْءٍ مِنْهُ حَصَلَ الِانْكِسَارُ فِيهِ نَظَرٌ. وَالْأَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ الثَّانِي لِأَنَّ الْوُصُولَ هُوَ الْمُؤَثِّرُ إلَى مَا ذُكِرَ لَا غَيْرُ اهـ. سم وَهُوَ ظَاهِرٌ لَا إشْكَالَ فِيهِ وَذَلِكَ لِأَنَّ فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ فِي وَضْعِ الثَّدْيِ فِي فَمِ الطِّفْلِ وَتَأَخُّرِ وُصُولِ اللَّبَنِ إلَى الْجَوْفِ أَوْ الدِّمَاغِ زَمَنًا بَعْدَ انْفِصَالِ جَمِيعِهِ فَهَلْ الْعِبْرَةُ بِهَذَا الْوَضْعِ أَوْ بِوُصُولِ اللَّبَنِ إلَى مَا ذُكِرَ اسْتَظْهَرَ سم الْوُصُولَ وَلَيْسَ الْكَلَامُ فِي شُرْبِ الطِّفْلِ قَبْلَ تَمَامِ انْفِصَالِهِ مِنْ الْفَرْجِ أَوْ بَعْدَهُ خِلَافًا لِمَا سَبَقَ إلَيْهِ فَهْمُ الشَّيْخِ الْمَدَابِغِيِّ فَأَشْكَلَ عَلَيْهِ الْحَالُ تَأَمَّلْ. قَوْلُهُ:(فَافْهَمْ إلَخْ) : لَكِنْ قَدْ يُقَالُ: لَا دَلَالَةَ لِهَذِهِ الْآيَةِ عَلَى أَنَّ اللَّبَنَ لَا يُحَرِّمُ إلَّا إذَا كَانَ الرَّضِيعُ دُونَ الْحَوْلَيْنِ مَعَ أَنَّهُ هُوَ الْمَقْصُودُ.

وَقَالَ طَاوُسٌ: كَانَ لَهُنَّ أَيْ لِأَزْوَاجِ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم رَضَعَاتٌ مَعْلُومَاتٌ وَلِسَائِرِ النِّسَاءِ، أَيْ

ص: 72

تَنْبِيهٌ: ابْتِدَاءُ الْحَوْلَيْنِ، مِنْ تَمَامِ انْفِصَالِ الرَّضِيعِ كَمَا فِي نَظَائِرِهِ. فَإِنْ ارْتَضَعَ قَبْلَ تَمَامِهِ لَمْ يُؤَثِّرْ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: أَنَّهُ لَوْ تَمَّ الْحَوْلَانِ فِي الرَّضْعَةِ الْخَامِسَةِ حَرُمَ وَهُوَ الْمَذْهَبُ كَمَا فِي التَّهْذِيبِ وَجَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي. وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ نَصِّ الْأُمِّ، وَغَيْرِهِ عَدَمُ التَّحْرِيمِ. لِأَنَّ مَا يَصِلُ إلَى الْجَوْفِ فِي كُلِّ رَضْعَةٍ غَيْرُ مُقَدَّرٍ كَمَا قَالُوا لَوْ لَمْ يَحْصُلْ فِي جَوْفِهِ إلَّا خَمْسُ قَطَرَاتٍ فِي كُلِّ رَضْعَةٍ قَطْرَةٌ حَرَّمَ.

(وَ) الشَّرْطُ (الثَّانِي أَنْ تُرْضِعُهُ خَمْسَ رَضَعَاتٍ) لِمَا

ــ

[حاشية البجيرمي]

بَاقِيهِنَّ رَضَعَاتٌ مَعْلُومَاتٌ وَوَرَدَ أَنَّهَا عَشْرُ رَضَعَاتٍ لَهُنَّ وَلِغَيْرِهِنَّ خَمْسُ رَضَعَاتٍ مُشْبِعَاتٌ وَهَذَا مِمَّا تَفَرَّدَ بِهِ طَاوُسٌ وَلَمْ يُتَابِعُوهُ عَلَيْهِ، رَوَى أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَالْأَرْبَعَةُ عَنْ عَائِشَةَ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ عَنْ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ «لَا تُحَرِّمُ الْمَصَّةُ وَلَا الْمَصَّتَانِ» ، وَفِي رِوَايَةٍ:«الرَّضْعَةُ وَلَا الرَّضْعَتَانِ» قَالَ الشَّافِعِيُّ: دَلَّ الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّ التَّحْرِيمَ لَا يَكْفِي فِيهِ أَقَلُّ اسْمِ الرَّضَاعِ وَاكْتَفَى بِهِ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ فَحَرَّمُوا بِرَضْعَةٍ وَاحِدَةٍ تَمَسُّكًا بِإِطْلَاقِ آيَةِ {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاتِي أَرْضَعْنَكُمْ} [النساء: 23] قَالَ الْقَاضِي: وَيُجَابُ عَنْ الْآيَةِ بِأَنَّ الْحُرْمَةَ فِيهَا مُرَتَّبَةٌ عَلَى الْأُمُومَةِ وَالْأُخُوَّةِ مِنْ جِهَةِ الرَّضَاعِ وَلَيْسَ فِيهَا دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُمَا يَحْصُلَانِ بِرَضْعَةٍ وَاحِدَةٍ اهـ.

وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ «لَا يُحَرِّمُ دُونَ خَمْسِ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ» وَبِهِ أَخَذَ الشَّافِعِيُّ وَهُوَ إحْدَى رِوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ وَالْحَدِيثُ الْأَوَّلُ وَرَدَ مِثَالًا لِمَا دُونَ الْخَمْسِ وَإِلَّا فَالتَّحْرِيمُ بِالثَّلَاثَةِ الَّتِي ذَهَبَ إلَيْهَا دَاوُد، إنَّمَا يُؤْخَذُ مِنْهُ بِالْمَفْهُومِ وَمَفْهُومُ الْعَدَدِ ضَعِيفٌ عَلَى أَنَّهُ قَدْ عَارَضَهُ مَفْهُومُ حَدِيثِ الْخَمْسِ، فَيَرْجِعُ إلَى التَّرْجِيحِ بَيْنَ الْمَفْهُومِينَ وَحَدِيثُ الْخَمْسِ جَاءَ مِنْ طُرُقٍ صَحِيحَةٍ لَكِنْ فِيهِ اضْطِرَابٌ ذَكَرَهُ ابْنُ حَجَرٍ. اهـ. مُنَاوِيٌّ عَلَى الْخَصَائِصِ. قَوْلُهُ:(مِنْ تَمَامِ انْفِصَالِ الرَّضِيعِ) قَضِيَّةُ هَذَا أَنَّهُ لَوْ خَرَجَ نِصْفُهُ مَثَلًا ثُمَّ إنَّهُ ارْتَضَعَ عَلَى ثَدْيِ أُخْرَى وَمَكَثَ مُتَّصِلًا بِأُمِّهِ نَحْوَ يَوْمٍ أَنَّ هَذَا الْيَوْمَ لَا يُحْسَبُ مِنْ الْحَوْلَيْنِ وَإِنَّمَا يُحْسَبُ ذَلِكَ بَعْدَ تَمَامِ انْفِصَالِهِ وَفِيهِ خِلَافٌ وَالْمُعْتَمَدُ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ مِنْ انْفِصَالِ جَمِيعِهِ كَمَا مَشَى عَلَى ذَلِكَ م ر.

قَوْلُهُ: (فِي الرَّضْعَةِ الْخَامِسَةِ) بِأَنْ سَبَقَ مِنْهَا شَيْءٌ قَبْلَ تَمَامِ الْحَوْلَيْنِ كَمَا يَقْتَضِيهِ التَّعْبِيرُ بِفِي وَالْمَعْنَى تَمَّ الْحَوْلَانِ فِي أَثْنَاءِ الرَّضْعَةِ الْخَامِسَةِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا قَوْلُهُ: لِأَنَّ مَا يَصِلُ إلَخْ أَيْ فَيَكُونُ الْقَدْرُ الَّذِي حَصَلَ قَبْلَ تَمَامِ الْحَوْلَيْنِ يُعَدُّ رَضْعَةً لِأَنَّ الرَّضْعَةَ غَيْرُ مُقَدَّرَةٍ فَتَصْدُقُ بِقَطْرَةٍ حِينَئِذٍ فَيَكُونُ قَوْلُ الشَّارِحِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ ظَاهِرًا لَا غُبَارَ عَلَيْهِ فَانْدَفَعَ اعْتِرَاضُ ق ل لِأَنَّهُ فَهِمَ أَنَّ " فِي " مِنْ قَوْلِهِ فِي الرَّضْعَةِ بِمَعْنَى مَعَ وَأَنَّ التَّمَامَ مُقَارِنٌ لِلْخَامِسَةِ أَيْ لِابْتِدَائِهَا. اهـ. شَيْخُنَا. وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَهُ فِي الرَّضْعَةِ الْخَامِسَةِ: يَحْتَمِلُ أَنَّ عَلَى بَابِهَا مِنْ الظَّرْفِيَّةِ وَيَكُونُ الْمَعْنَى أَنَّهُ ابْتِدَاءُ الرَّضْعَةِ الْخَامِسَةِ وَبَقِيَ مِنْ السَّنَةِ الثَّانِيَةِ شَيْءٌ وَتَمَّتْ الرَّضْعَةُ مُقَارِنَةً لِتَمَامِ الْحَوْلَيْنِ فَيَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ ابْتَدَأَهَا وَهُوَ دُونَ الْحَوْلَيْنِ، فَلِذَلِكَ قَالَ الشَّارِحُ: وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إلَخْ. وَيَكُونُ كَلَامُ الشَّارِحِ ظَاهِرًا لَا غُبَارَ عَلَيْهِ وَلَا تَعَارُضَ بَيْنَ قَوْلِ الْمَتْنِ دُونَ الْحَوْلَيْنِ وَقَوْلِ الشَّارِحِ فَإِنْ بَلَغَهُمَا إلَخْ. وَيُحْتَمَلُ أَنَّ فِي بِمَعْنَى مَعَ وَأَنَّ ابْتِدَاءَ الرَّضْعَةِ الْخَامِسَةِ مُقَارِنَةٌ لِلْجُزْءِ الْأَخِيرِ مِنْ السَّنَةِ الثَّانِيَةِ فَلَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ وَقْتُ الرَّضَاعِ لَهُ دُونَ السَّنَتَيْنِ فَكَلَامُ الْمَتْنِ يَقْتَضِي عَدَمَ التَّحْرِيمِ وَقَوْلُ الشَّارِحِ فَإِنْ بَلَغَهُمَا لَمْ يُحَرِّمْ يَقْتَضِي فِي هَذِهِ التَّحْرِيمِ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ وَقْتَ ابْتِدَاءِ الرَّضْعَةِ الْخَامِسَةِ أَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْ الْحَوْلَيْنِ فَوَقَعَ التَّعَارُضُ بَيْنَ عِبَارَةِ الْمَتْنِ وَعِبَارَةِ الشَّارِحِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ.

وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ كَلَامُ الشَّارِحِ فَهُوَ الْمُعْتَمَدُ فَكَانَ الْأَوْلَى لِلْمَتْنِ أَنْ يَقُولَ: أَنْ لَا يَبْلُغَ الْحَوْلَيْنِ بَدَلَ مَا قَالَهُ.

قَوْلُهُ: (وَهُوَ الْمَذْهَبُ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَكَوْنُ هَذَا ظَاهِرَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ غَيْرُ ظَاهِرٍ بَلْ ظَاهِرُهُ عَدَمُ التَّحْرِيمِ فَتَأَمَّلْ ق ل. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ مَا يَصِلُ إلَى الْجَوْفِ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ: حَرَّمَ عَلَى الْمَذْهَبِ وَهُوَ جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ حَاصِلُهُ كَيْفَ حَرَّمَ الرَّضَاعُ فِي ذَلِكَ مَعَ أَنَّ الَّذِي وَصَلَ مِنْ اللَّبَنِ قَلِيلٌ جِدًّا. فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ: لِأَنَّ إلَخْ

قَوْلُهُ: (خَمْسَ رَضَعَاتٍ) أَيْ يَقِينًا انْفِصَالًا وَوُصُولًا كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ الشَّارِحِ فِيمَا سَيَأْتِي. وَلَوْ حُلِبَ مِنْهَا لَبَنٌ إلَخْ وَقَوْلُهُ: وَلَوْ شُكَّ فِي رَضِيعٍ هَلْ رَضَعَ خَمْسًا إلَخْ. قَالَ بَعْضُهُمْ: وَالْحِكْمَةُ فِي كَوْنِ التَّحْرِيمِ بِخَمْسِ رَضَعَاتٍ، أَنَّ الْحَوَاسَّ الَّتِي هِيَ

ص: 73

رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا -: «كَانَ فِيمَا أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْقُرْآنِ عَشْرَ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ يُحَرِّمْنَ فَنُسِخْنَ بِخَمْسٍ مَعْلُومَاتٍ فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُنَّ فِيمَا يُقْرَأُ مِنْ الْقُرْآنِ» أَيْ يُتْلَى حُكْمُهُنَّ أَوْ يَقْرَؤُهُنَّ مَنْ لَمْ يَبْلُغْهُ النَّسْخُ وَقِيلَ تَكْفِي وَاحِدَةٌ وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ رضي الله عنهما وَالْخَمْسُ رَضَعَاتٍ ضَبْطُهُنَّ بِالْعُرْفِ، إذْ لَا ضَابِطَ لَهَا فِي اللُّغَةِ وَلَا فِي الشَّرْعِ فَرُجِعَ فِيهَا إلَى الْعُرْفِ كَالْحِرْزِ فِي السَّرِقَةِ فَمَا قَضَى بِكَوْنِهِ رَضْعَةً أَوْ رَضَعَاتٍ اُعْتُبِرَ وَإِلَّا فَلَا، وَلَا خِلَافَ فِي اعْتِبَارِ كَوْنِهَا (مُتَفَرِّقَاتٍ) عُرْفًا فَلَوْ قَطَعَ الرَّضِيعُ الِارْتِضَاعَ بَيْنَ كُلٍّ مِنْ الْخَمْسِ إعْرَاضًا عَنْ الثَّدْيِ تَعَدَّدَ عَمَلًا بِالْعُرْفِ.

وَلَوْ قَطَعَتْ عَلَيْهِ الْمُرْضِعَةُ لِشُغْلٍ وَأَطَالَتْهُ ثُمَّ عَادَ تَعَدَّدَ كَمَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ لِأَنَّ الرَّضَاعَ يُعْتَبَرُ فِيهِ فِعْلُ الْمُرْضِعَةِ وَالرَّضِيعِ عَلَى الِانْفِرَادِ بِدَلِيلِ مَا لَوْ ارْتَضَعَ عَلَى امْرَأَةٍ نَائِمَةٍ أَوْ أَوْجَرَتْهُ لَبَنًا وَهُوَ نَائِمٌ.

وَإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ وَجَبَ أَنْ يُعْتَدَّ بِقَطْعِهَا كَمَا يُعْتَدُّ بِقَطْعِهِ، وَلَوْ قَطَعَهُ لِلَهْوٍ أَوْ نَحْوِهِ، كَنَوْمَةٍ خَفِيفَةٍ أَوْ تَنَفُّسٍ أَوْ ازْدِرَادِ مَا جَمَعَهُ مِنْ

ــ

[حاشية البجيرمي]

سَبَبُ الْإِدْرَاكِ خَمْسٌ وَفِي هَذِهِ الْحِكْمَةِ نَظَرٌ لِأَنَّ كَوْنَ الْحَوَاسِّ خَمْسَةً لَا يَصْلُحُ حِكْمَةً لِكَوْنِ التَّحْرِيمِ بِخَمْسٍ وَيُمْكِنُ تَوْجِيهُهَا بِأَنَّ كُلَّ رَضْعَةٍ مُحَرِّمَةٍ لِحَاسَّةٍ مِنْ الْحَوَّاسِ اهـ.

قَوْلُهُ: (كَانَ فِيمَا أَنْزَلَ اللَّهُ) خَبَرُ كَانَ مُقَدَّمٌ وَجُمْلَةُ عَشْرَ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ يُحَرِّمْنَ فِي مَحِلِّ رَفْعِ اسْمِ كَانَ مُؤَخَّرًا أَيْ كَانَ هَذَا التَّرْكِيبُ كَائِنًا فِيمَا أَنْزَلَ اللَّهُ إلَخْ. فَلَا يُقَالُ: الْقُرْآنُ أَعْنِي قَوْلَهَا أَيْ عَائِشَةَ: كَانَ فِيمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ الْقُرْآنِ عَشْرَ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ لَا يَثْبُتُ بِالْآحَادِ فَلَا يَصِحُّ دَعْوَى النَّسْخِ لِعَدَمِ ثُبُوتِ الْمَنْسُوخِ. لِأَنَّا نَقُولُ: يَثْبُتُ الْحُكْمُ وَالْعَمَلُ بِهِ وَإِنْ لَمْ تَثْبُتْ الْقُرْآنِيَّةُ، وَاكْتَفَى أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ بِرَضْعَةٍ وَاحِدَةٍ لِإِطْلَاقِ الْآيَةِ. وَجَوَابُهُ أَنَّ السُّنَّةَ بَيَّنَتْهُ اهـ سم.

قَوْلُهُ: (فِي الْقُرْآنِ) أَيْ فِي سُورَةِ الْأَحْزَابِ ع ش.

قَوْلُهُ: (فَنُسِخْنَ) : أَيْ لَفْظًا وَحُكْمًا بِخَمْسٍ مَعْلُومَاتٍ وَنُسِخَتْ هَذِهِ الْخَمْسَةُ أَيْضًا لَفْظًا لَا حُكْمًا. فَائِدَةٌ: لَوْ حَكَمَ حَاكِمٌ بِالتَّحْرِيمِ بِرَضْعَةٍ أَوْ رَضْعَتَيْنِ، هَلْ يُنْقَضُ حُكْمُهُ أَوْ لَا؟ الْمُعْتَمَدُ لَا يُنْقَضُ سم. وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا حَكَمَ بِثُبُوتِ الرَّضَاعِ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ فَإِنَّهُ يُنْقَضُ حُكْمُهُ، وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ عَدَمَ التَّحْرِيمِ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ بِالنَّصِّ بِخِلَافِهِ بِمَا دُونَ الْخَمْسِ اهـ ع ش.

قَوْلُهُ: (أَيْ يُتْلَى حُكْمُهُنَّ) وَهُوَ التَّحْرِيمُ وَمَعْنَى تِلَاوَةِ حُكْمِهِنَّ اعْتِقَادُ حُكْمِهِنَّ فَانْدَفَعَ بِهَذَا التَّأْوِيلِ مَا قَدْ يُقَالُ: يَلْزَمُ مِنْ قِرَاءَةِ الشَّيْءِ تِلَاوَتُهُ فَلَا فَائِدَةَ لِهَذَا التَّأْوِيلِ. وَقَوْلُهُ: مَنْ لَمْ يَبْلُغْهُ النَّسْخُ أَيْ لِتِلَاوَتِهَا، وَإِنْ كَانَ حُكْمُهَا بَاقِيًا فَلَمَّا بَلَغَهُ النَّسْخُ رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهَا لَا تُتْلَى ح ل فَهُوَ جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ كَيْفَ تَقُولُ عَائِشَةُ رضي الله عنها. فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ إلَخْ مَعَ أَنَّ الْقُرْآنَ تَحَرَّرَ وَدُوِّنَ قَبْلَ وَفَاتِهِ وَهَذَا اللَّفْظُ نُسِخَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ. فَأَجَابَ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْقِرَاءَةِ تِلَاوَةُ الْحُكْمِ أَيْ ذِكْرُهُ، أَوْ اعْتِقَادُهُ لَا حَقِيقَةُ قِرَاءَةِ اللَّفْظِ. وَالْجَوَابُ الثَّانِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقِرَاءَةِ الْقِرَاءَةُ حَقِيقَةً لَكِنْ مِنْ شَخْصٍ لَمْ يَبْلُغْهُ نَسْخُهَا فَهُوَ مَعْذُورٌ، فَلَمَّا بَلَغَهُ النَّسْخُ تَرَكَهَا، وَذَكَرَ فِي الْإِتْقَانِ جَوَابًا ثَالِثًا وَهُوَ أَنَّ قَوْلَهَا: فَتُوُفِّيَ الْمُرَادُ مِنْهُ قَارَبَ الْوَفَاةَ قَوْلُهُ: (مُتَفَرِّقَاتٍ) مَنْصُوبُ صِفَةٍ لِرَضَعَاتٍ فِي كَلَامِ الْمَتْنِ وَالشَّارِحُ جَعَلَهُ خَبَرًا لِلسُّكُونِ الَّذِي قَدَّرَهُ فَغَيَّرَ إعْرَابَ الْمَتْنِ.

وَيُجَابُ بِأَنَّهُ لَمْ يُغَيِّرْهُ تَغْيِيرًا حَقِيقِيًّا لِأَنَّهُ مَنْصُوبٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ.

قَوْلُهُ: (تَعَدَّدَ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَطُلْ الزَّمَنُ مَيْدَانِيٌّ قَالَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ قَاسِمٍ: وَيَجْرِي ذَلِكَ فِيمَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ فِي الْيَوْمِ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً فَيُعْتَبَرُ فِي التَّعَدُّدِ الْعُرْفُ فَلَوْ أَكَلَ لُقْمَةً ثُمَّ أَعْرَضَ وَاشْتَغَلَ بِشُغْلٍ طَوِيلٍ ثُمَّ عَادَ وَأَكَلَ حَنِثَ، وَلَوْ أَطَالَ الْأَكْلَ عَلَى الْمَائِدَةِ وَكَانَ يَنْتَقِلُ مِنْ لَوْنٍ إلَى لَوْنٍ آخَرَ وَيَتَحَدَّثُ فِي خِلَالِ الْأَكْلِ وَيَقُومُ وَيَأْتِي بِالْخُبْزِ عِنْدَ فَرَاغِهِ لَمْ يَحْنَثْ، لِأَنَّ ذَلِكَ كُلُّهُ يُعَدُّ فِي الْعُرْفِ أَكْلَةً وَاحِدَةً بِرْمَاوِيٌّ.

قَوْلُهُ: (وَإِطَالَتِهِ) لَيْسَ قَيْدًا بَلْ وَلَوْ عَادَ فَوْرًا كَذَا قِيلَ. وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ هُوَ قَيْدٌ مُعْتَبَرٌ بِدَلِيلِ قَوْلِ الشَّارِحِ بَعْدُ أَوْ قَطَعَتْهُ الْمُرْضِعَةُ لِشُغْلٍ خَفِيفٍ، ثُمَّ عَادَتْ فَلَوْ لَمْ يَتَعَدَّدْ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ هَذَا قَيْدًا لَتَنَاقَضَ كَلَامُهُ وَلَعَلَّ قَوْلَ بَعْضِهِمْ: إنَّهُ غَيْرُ قَيْدٍ سَهْوٌ مِنْهُ سَرَى إلَيْهِ مِنْ عَدَمِ التَّأَمُّلِ فِي عِبَارَةِ الشَّارِحِ مَعَ عِبَارَةِ م ر. وَذَلِكَ لِأَنَّهُ صَرَّحَ بِأَنَّهَا إذَا قَطَعَتْهُ إعْرَاضًا وَلَوْ عَادَتْ فَوْرًا فَإِنَّهُ يَتَعَدَّدُ فَيُوهِمُ أَنَّ عِبَارَةَ الشَّارِحِ كَعِبَارَةِ م ر وَلَا يَخْفَى الْفَرْقُ بَيْنَ الْعِبَارَتَيْنِ وَعِبَارَةِ الْمِنْهَاجِ وَشَرْحِ م ر.

فَلَوْ قَطَعَ الرَّضِيعُ الرَّضَاعَ إعْرَاضًا عَنْ الثَّدْيِ أَوْ قَطَعَتْهُ عَلَيْهِ الْمُرْضِعَةُ إعْرَاضًا ثُمَّ عَادَ إلَيْهِ فِيهِمَا وَلَوْ فَوْرًا تَعَدَّدَ الرَّضَاعُ اهـ.

قَوْلُهُ: (كَنَوْمَةٍ خَفِيفَةٍ) . أَمَّا إذْ نَامَ أَوْ

ص: 74

اللَّبَنِ فِي فَمِهِ وَعَادَ فِي الْحَالِ لَمْ يَتَعَدَّدْ بَلْ الْكُلُّ رَضْعَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِنْ طَالَ لَهْوُهُ، أَوْ نَوْمُهُ، فَإِنْ كَانَ الثَّدْيُ فِي فَمِهِ فَرَضْعَةٌ وَإِلَّا فَرَضْعَتَانِ وَلَوْ تَحَوَّلَ الرَّضِيعُ بِنَفْسِهِ أَوْ بِتَحْوِيلِ الْمُرْضِعَةِ فِي الْحَالِ مِنْ ثَدْيٍ إلَى ثَدْيٍ أَوْ قَطَعَتْهُ الْمُرْضِعَةُ لِشُغْلٍ خَفِيفٍ ثُمَّ عَادَتْ لَمْ يَتَعَدَّدْ حِينَئِذٍ فَإِنْ لَمْ يَتَحَوَّلْ فِي الْحَالِ تَعَدَّدَ الْإِرْضَاعُ.

وَلَوْ حُلِبَ مِنْهَا لَبَنٌ دَفْعَةً وَوَصَلَ إلَى جَوْفِ الرَّضِيعِ أَوْ دِمَاغِهِ بِإِيجَارٍ أَوْ إسْعَاطٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، فِي خَمْسِ مَرَّاتٍ أَوْ حُلِبَ مِنْهَا خَمْسًا وَأَوْجَرَهُ الرَّضِيعُ دَفْعَةً، فَرَضْعَةٌ وَاحِدَةٌ فِي الصُّورَتَيْنِ اعْتِبَارًا فِي الْأُولَى بِحَالَةِ الِانْفِصَالِ مِنْ الثَّدْيِ وَفِي الثَّانِيَةِ بِحَالَةِ وُصُولِهِ إلَى جَوْفِهِ دَفْعَةً وَاحِدَةً.

وَلَوْ شُكَّ فِي رَضِيعٍ هَلْ رَضَعَ خَمْسًا أَوْ أَقَلَّ أَوْ هَلْ رَضَعَ فِي حَوْلَيْنِ أَوْ بَعْدَهُمَا فَلَا تَحْرِيمَ، لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ مَا ذُكِرَ وَلَا يَخْفَى الْوَرَعُ

وَالشَّرْطُ الثَّالِثُ: وُصُولُ اللَّبَنِ فِي الْخَمْسِ إلَى الْمَعِدَةِ فَلَوْ لَمْ يَصِلْ إلَيْهَا فَلَا تَحْرِيمَ، وَلَوْ وَصَلَ إلَيْهَا وَتَقَايَأَهُ ثَبَتَ التَّحْرِيمُ. وَالشَّرْطُ الرَّابِعُ: كَوْنُ الطِّفْلِ حَيًّا كَمَا فِي الرَّوْضَةِ فَلَا أَثَرَ لِلْوُصُولِ إلَى مَعِدَةِ الْمَيِّتِ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْحُرْمَةَ تَنْتَشِرُ مِنْ الْمُرْضِعَةِ وَالْفَحْلِ إلَى أُصُولِهِمَا وَفُرُوعِهِمَا وَحَوَاشِيهِمَا، وَمِنْ الرَّضِيعِ إلَى فُرُوعِهِ فَقَطْ إذَا عَلِمْت ذَلِكَ وَوَجَدْت الشُّرُوطَ الْمَذْكُورَةَ فَتَصِيرُ الْمُرْضِعَةُ بِذَلِكَ أُمَّهُ. (وَيَصِيرُ زَوْجُهَا) الَّذِي يُنْسَبُ إلَيْهِ الْوَلَدُ بِنِكَاحٍ أَوْ وَطْءِ شُبْهَةٍ (أَبًا لَهُ) لِأَنَّ الرَّضَاعَ تَابِعٌ لِلنَّسَبِ أَمَّا مَنْ لَمْ يُنْسَبْ إلَيْهِ الْوَلَدُ كَالزَّانِي فَلَا يَثْبُتُ بِهِ حُرْمَةٌ مِنْ جِهَتِهِ، وَتَنْتَشِرُ الْحُرْمَةُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

الْتَهَى طَوِيلًا فَإِنْ بَقِيَ الثَّدْيُ بِفَمِهِ لَمْ يَتَعَدَّدْ وَإِلَّا تَعَدَّدَ شَرْحُ م ر. وَيُعْتَبَرُ التَّعَدُّدُ فِي أَكْلِ نَحْوِ الْجُبْنِ بِنَظِيرِ مَا تَقَرَّرَ فِي اللَّبَنِ. اهـ. س ل. قَوْلُهُ: (مِنْ ثَدْيٍ إلَخْ) الْأَوْلَى مِنْ ثَدْيِهَا إلَى ثَدْيِهَا الْآخَرِ، وَلَيْسَ الْمَعْنَى إلَى ثَدْيِ امْرَأَةٍ أُخْرَى.

قَوْلُهُ: (أَوْ قَطَعَتْهُ الْمُرْضِعَةُ) أَيْ وَطَالَ الزَّمَنُ كَمَا يُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِثُمَّ لِأَنَّهَا لِلتَّرْتِيبِ وَالتَّرَاخِي، خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.

قَوْلُهُ: (بِإِيجَارٍ أَوْ إسْعَاطٍ) لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ فَالْإِيجَارُ لِلْجَوْفِ وَالْإِسْعَاطُ لِلدِّمَاغِ أَيْ إسْعَاطٌ مِنْ أَنْفِهِ.

قَوْلُهُ: (فَرَضْعَةٌ وَاحِدَةٌ) فَالشَّرْطُ أَنْ تَكُونَ خَمْسًا انْفِصَالًا وَوُصُولًا كَمَا اعْتَمَدَهُ م ر.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ شُكَّ) الْمُرَادُ بِالشَّكِّ مُطْلَقُ التَّرَدُّدِ، فَيَشْمَلُ الظَّنَّ كَالنِّسَاءِ الْمُجْتَمِعَةِ فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ وَقَدْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِإِرْضَاعِ كُلٍّ أَوْلَادَ غَيْرِهَا، وَعَلِمْت كُلٌّ مِنْهُنَّ الْإِرْضَاعَ لَكِنَّهُ لَمْ يَتَحَقَّقْ كَوْنُهُ خَمْسًا فَلْيُتَنَبَّهْ لَهُ، فَإِنَّهُ يَقَعُ كَثِيرًا فِي زَمَانِنَا فَلَوْ شُكَّ هَلْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَةٍ رَضَاعٌ مُحَرِّمٌ أَوْ لَا؟ فَإِنَّهَا تَحِلُّ لَهُ وَلَا تَنْقُضُ وُضُوءَهُ لِأَنَّا لَا نُنْقِضُ بِالشَّكِّ لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا أُخْتُهُ مِنْ الرَّضَاعِ قَرَّرَهُ شَيْخُنَا. نَقْلًا عَنْ ع ش عَلَى م ر.

قَوْلُهُ: (وَلَا يَخْفَى الْوَرَعُ) أَيْ فَلَا يَتَزَوَّجُ بِهَا لَكِنْ لَوْ تَزَوَّجَ بِهَا جَازَ وَلَا تَنْقُضُ وُضُوءَهُ.

قَوْلُهُ: (وَالشَّرْطُ الثَّالِثُ وُصُولُ اللَّبَنِ فِي الْخَمْسِ إلَى الْمَعِدَةِ) أَيْ أَوْ الدِّمَاغِ فَالْمَدَارُ عَلَى الْوُصُولِ إلَى ذَلِكَ لَا إلَى مَا يُفْطِرُ بِهِ الصَّائِمُ. فَإِذَا دَخَلَ فِي الْأُذُنِ حَرَّمَ إنْ وَصَلَ إلَى الدِّمَاغِ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَصِلْ إلَى ذَلِكَ وَإِنْ وَصَلَ إلَى مَا يُفْطِرُ بِهِ الصَّائِمُ فَلَا يُحَرِّمُ، نَعَمْ الْحُقْنَةُ لَا تُحَرِّمُ مَا وَصَلَ بِهَا مُطْلَقًا كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا. تَنْبِيهٌ: عُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ الْمَعِدَةَ وَالدِّمَاغَ، هُمَا الْمُرَادُ بِالْجَوْفِ اهـ.

قَوْلُهُ: (وَالشَّرْطُ الرَّابِعُ) إنْ قُلْت: لَا فَائِدَةَ لِهَذَا الشَّرْطِ لِأَنَّا إذَا قُلْنَا: وُصُولُ اللَّبَنِ إلَى مَعِدَةِ الْمَيِّتِ يُؤَثِّرُ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ لِأَنَّ التَّحْرِيمَ لَا يَنْتَشِرُ إلَّا إلَى فُرُوعِهِ وَلَيْسَ لَهُ فُرُوعٌ. وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّا لَوْ قُلْنَا بِالتَّأْثِيرِ وَكَانَ لَهُ زَوْجَةٌ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى أَبِيهِ مِنْ الرَّضَاعِ التَّزَوُّجُ بِهَا لِأَنَّهَا زَوْجَةُ ابْنِهِ، وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ أَبُوهُ زَوَّجَهُ الْمُرْضِعَةَ وَقُلْنَا: إرْضَاعُهُ يُحَرِّمُ فَإِنَّهُ يَنْفَسِخُ نِكَاحُهَا وَتَحْرُمُ عَلَى أَبِيهِ حِينَئِذٍ. قَوْلُهُ: (وَاعْلَمْ أَنَّ الْحُرْمَةَ) شُرُوعٌ فِي حُرْمَةِ الرَّضَاعِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْمُرْضِعَةِ وَالرَّضِيعِ وَالْفَحْلِ. وَقَدْ نَظَمَ ذَلِكَ بَعْضُهُمْ فَقَالَ:

وَيَنْتَشِرُ التَّحْرِيمُ مِنْ مُرْضِعٍ إلَى

أُصُولِ فُصُولٍ وَالْحَوَاشِي مِنْ الْوَسَطِ

وَمِمَّنْ لَهُ دَرٌّ إلَى هَذِهِ وَمِنْ

رَضِيعٍ إلَى مَا كَانَ مِنْ فَرْعِهِ فَقَطْ

قَوْلُهُ: (إلَى أُصُولِهِمَا) سَوَاءٌ كَانَ الْجَمِيعُ مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ.

قَوْلُهُ: (الَّذِي يُنْسَبُ إلَيْهِ الْوَلَدُ) أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ التَّعْبِيرَ بِالزَّوْجِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ بَلْ الْمُرَادُ أَنَّ كُلَّ مَنْ نُسِبَ إلَيْهِ الْوَلَدُ فَهُوَ صَاحِبُ اللَّبَنِ وَيُسَمَّى أَبًا سَوَاءٌ كَانَ زَوْجًا أَوْ وَاطِئًا بِشُبْهَةٍ أَوْ بِمِلْكِ يَمِينٍ.

قَوْلُهُ: (أَوْ وَطْءِ شُبْهَةٍ) هَذَا لَا يُنَاسِبُ قَوْلَهُ: زَوْجَهَا وَإِنَّمَا يُنَاسِبُ لَوْ قَالَ: وَيَصِيرُ صَاحِبَ

ص: 75

مِنْ الرَّضِيعِ إلَى أَوْلَادِهِ فَقَطْ سَوَاءٌ كَانُوا مِنْ النَّسَبِ أَمْ مِنْ الرَّضَاعِ فَلَا تَسْرِي الْحُرْمَةُ إلَى آبَائِهِ وَإِخْوَتِهِ فَلِأَبِيهِ وَأَخِيهِ نِكَاحُ الْمُرْضِعَةِ وَبَنَاتِهَا.

وَلِزَوْجِ الْمُرْضِعَةِ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِأُمِّ الطِّفْلِ وَأُخْتِهِ وَيَصِيرُ آبَاءُ الْمُرْضِعَةِ مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَجْدَادًا لِلرَّضِيعِ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْحُرْمَةَ تَنْتَشِرُ إلَى أُصُولِهَا وَتَصِيرُ أُمَّهَاتُهَا مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ جَدَّاتِهِ لِمَا مَرَّ وَأَوْلَادُهَا مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ إخْوَتَهُ وَأَخَوَاتِهِ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْحُرْمَةَ تَنْتَشِرُ إلَى فُرُوعِهَا وَتَصِيرُ إخْوَتُهَا وَأَخَوَاتُهَا مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَخْوَالَهُ وَخَالَاتِهِ، لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْحُرْمَةَ تَسْرِي إلَى حَوَاشِيهَا. وَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِهَا كَمَا يُشِيرُ إلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ:(وَيَحْرُمُ عَلَى الْمُرْضَعِ) بِفَتْحِ الضَّادِ اسْمُ مَفْعُولٍ. (التَّزْوِيجُ إلَيْهَا) أَيْ الْمُرْضِعَةِ لِأَنَّهَا أُمُّهُ مِنْ الرَّضَاعَةِ فَتَحْرُمُ عَلَيْهِ بِنَصِّ الْقُرْآنِ.

(وَ) تَنْتَشِرُ الْحُرْمَةُ مِنْهَا. (إلَى كُلِّ مَنْ نَاسَبَهَا) أَيْ مَنْ انْتَسَبَتْ إلَيْهِ مِنْ الْأُصُولِ أَوْ انْتَسَبَ إلَيْهِ مِنْ الْفُرُوعِ. تَنْبِيهٌ: كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ إلَى كُلِّ مَنْ تَنْتَمِي إلَيْهِ أَوْ يَنْتَمِي إلَيْهَا بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ لِمَا مَرَّ مِنْ الضَّابِطِ.

(وَيَحْرُمُ عَلَيْهَا) أَيْ الْمُرْضِعَةِ (التَّزْوِيجُ إلَيْهِ) أَيْ الرَّضِيعِ لِأَنَّهُ وَلَدُهَا وَهَذَا مَعْلُومٌ. لَكِنْ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ تَوْضِيحًا لِلْمُبْتَدِي لِيُفِيدَهُ أَنَّ الْحُرْمَةَ الْمُنْتَشِرَةَ مِنْهَا لَيْسَتْ كَالْحُرْمَةِ الْمُنْتَشِرَةِ مِنْهُ فَإِنَّ الْحُرْمَةَ الَّتِي مِنْهَا مُنْتَشِرَةٌ إلَى مَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ وَالْحُرْمَةَ الَّتِي مِنْهُ مُنْتَشِرَةٌ إلَيْهِ. (وَ) إلَى (وَلَدِهِ) الذَّكَرِ وَإِنْ سَفَلَ مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ لِأَنَّهُمْ أَحْفَادُهُمَا، (دُونَ مَنْ كَانَ فِي دَرَجَتِهِ) أَيْ الرَّضِيعِ كَأَخِيهِ فَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهَا تَزْوِيجُهُ لِمَا مَرَّ أَنَّ الْحُرْمَةَ لَا تَنْتَشِرُ إلَى حَوَاشِيهِ.

وَعَطَفَ الْمُصَنِّفُ عَلَى الْجُمْلَةِ الْمَنْفِيَّةِ قَوْلَهُ: (أَوْ أَعْلَى) أَيْ وَدُونَ مَنْ كَانَ أَعْلَى (طَبَقَةً مِنْهُ) أَيْ الرَّضِيعِ كَآبَائِهِ فَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهَا تَزْوِيجُ أَحَدِ أَبَوَيْهِ لِمَا مَرَّ أَنَّ الْحُرْمَةَ لَا تَنْتَشِرُ إلَى آبَائِهِ وَتَقَدَّمَ فِي فَصْلِ مُحَرَّمَاتِ النِّكَاحِ مَا يَحْرُمُ بِالنَّسَبِ وَالرَّضَاعِ فَارْجِعْ إلَيْهِ. تَتِمَّةٌ: لَوْ كَانَ لِرَجُلٍ خَمْسُ مُسْتَوْلَدَاتٍ، أَوْ لَهُ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ دَخَلَ بِهِنَّ وَأَمُّ وَلَدٍ فَرَضَعَ طِفْلٌ مِنْ كُلٍّ رَضْعَةٍ وَلَوْ مُتَوَالِيًا صَارَ ابْنَهُ؛ لِأَنَّ لَبَنَ الْجَمِيعِ مِنْهُ فَيُحَرَّمْنَ عَلَى الطِّفْلِ لِأَنَّهُنَّ مَوْطُوآت أَبِيهِ، وَلَوْ كَانَ لِرَجُلٍ بَدَلَ الْمُسْتَوْلَدَاتِ بَنَاتٌ أَوْ

ــ

[حاشية البجيرمي]

اللَّبَنِ فَسَرَى عَلَيْهِ مِنْ عِبَارَةِ غَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (وَتَنْتَشِرُ الْحُرْمَةُ) أَعَادَهُ لِأَجْلِ التَّعْمِيمِ فِي قَوْلِهِ: سَوَاءٌ كَانُوا مِنْ نَسَبٍ أَمْ رَضَاعٍ.

قَوْلُهُ: (التَّزْوِيجُ إلَيْهَا) أَيْ التَّزَوُّجُ. قَوْلُهُ: (كَانَ الْأَوْلَى) هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِمِنْ نَاسَبَهَا مَنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا نَسَبٌ فَإِنْ أُرِيدَ مَنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا انْتِسَابٌ شَمِلَ مَا كَانَ مِنْ الرَّضَاعِ فَسَاوَى الِانْتِمَاءَ الْمَذْكُورَ فَتَأَمَّلْ ق ل.

قَوْلُهُ: (الذَّكَرِ) لَيْسَ قَيْدًا إلَّا بِالنِّسْبَةِ لِخُصُوصِ كَلَامِ الْمَتْنِ وَهُوَ تَزْوِيجُ الْمُرْضِعَةِ بِهِ فَإِنَّهُ بِالنِّسْبَةِ لِذَلِكَ لَا يَكُونُ إلَّا ذَكَرًا، وَأَمَّا الْحُرْمَةُ مِنْ حَيْثُ بُنُوَّةُ الرَّضَاعِ فَلَا تَتَقَيَّدُ بِكَوْنِهِ ذَكَرًا.

قَوْلُهُ: (وَعَطَفَ الْمُصَنِّفُ عَلَى الْجُمْلَةِ إلَخْ) لَعَلَّ مُرَادَهُ بِالْجُمْلَةِ الشَّبِيهُ بِالْجُمْلَةِ وَهُوَ الْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ وَأَرَادَ بِالْمَنْفِيَّةِ كَوْنَهَا فِي حَيِّزٍ دُونٍ لِأَنَّ أَعْلَى مَعْطُوفٌ عَلَى فِي دَرَجَتِهِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ فَكَانَ إمَّا زَائِدَةٌ أَوْ تَامَّةٌ بِمَعْنَى وَجَدَ ق ل.

قُلْت: لَا دَاعِيَ إلَى زِيَادَةِ كَانَ وَلَا إلَى تَمَامِهَا اهـ. م د وَعَلَى هَذَا يَكُونُ الْعَطْفُ عَلَى قَوْلِهِ: كَانَ فِي دَرَجَتِهِ وَهُوَ جُمْلَةُ قَوْلِهِ: (أَوْ أَعْلَى) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ: فِي دَرَجَتِهِ أَيْ بِاعْتِبَارِ مَحِلِّهِ، لِأَنَّ مَحِلَّهُ نَصْبُ خَبَرِ كَانَ وَطَبَقَةً مَنْصُوبٌ عَلَى التَّمْيِيزِ، وَالتَّقْدِيرُ أَوْ دُونَ مَنْ كَانَتْ طَبَقَتُهُ أَعْلَى مِنْهُ فَحَذَفَ الْمُضَافَ، وَهُوَ طَبَقَةٌ وَأُقِيمَ الضَّمِيرُ مَقَامَهُ فَانْفَصَلَ، وَصَارَ ضَمِيرَ رَفْعٍ مُنْفَصِلٍ مُسْتَتِرٍ، فَصَارَ أَوْ دُونَ مَنْ كَانَ هُوَ أَعْلَى فَانْبَهَمَتْ النِّسْبَةُ فَأَتَى بِالْمُضَافِ وَجُعِلَ تَمْيِيزًا قَوْلُهُ:(أَحَدِ أَبَوَيْهِ) الْمُنَاسِبُ أَحَدِ آبَائِهِ إذْ لَا يَصِحُّ أَنْ يُرَادَ بِالْأَبَوَيْنِ هُنَا الْأَبُ وَالْأُمُّ. اهـ. شَيْخُنَا.

قَوْلُهُ: (وَتَقَدَّمَ فِي فَصْلِ إلَخْ) مُرَادُهُ بِذَلِكَ التَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِمَنْ يُحَرِّمُ لِكَوْنِهِ تَقَدَّمَ وَالْمَقْصُودُ هُنَا ذِكْرُ مَا يَحْصُلُ بِهِ التَّحْرِيمُ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا.

قَوْلُهُ: (صَارَ ابْنَهُ) أَيْ فَيَحْرُمُ عَلَى الرَّضِيعِ كُلُّ مَنْ يَنْتَمِي إلَى الرَّجُلِ مِنْ أُصُولٍ

ص: 76