الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كِتَابُ الصَّيْدِ
مَصْدَرُ صَادَ يَصِيدُ ثُمَّ أُطْلِقَ الصَّيْدُ عَلَى الْمَصِيدِ قَالَ تَعَالَى {لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} [المائدة: 95](وَالذَّبَائِحُ جَمْعُ ذَبِيحَةٍ بِمَعْنَى مَذْبُوحَةٍ) وَلَمَّا كَانَ الصَّيْدُ مَصْدَرًا أَفْرَدَهُ الْمُصَنِّفُ وَجَمَعَ الذَّبَائِحَ؛ لِأَنَّهَا تَكُونُ بِالسِّكِّينِ أَوْ السَّهْمِ أَوْ الْجَوَارِحِ. وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى: {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} [المائدة: 2] وقَوْله تَعَالَى: {إِلا مَا ذَكَّيْتُمْ} [المائدة: 3] وقَوْله تَعَالَى: {أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ} [المائدة: 4] وَالْمُذَكَّى مِنْ الطَّيِّبَاتِ. تَنْبِيهٌ: ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ كَالْمِنْهَاجِ وَأَكْثَرُ الْأَصْحَابِ هَذَا الْكِتَابَ وَمَا بَعْدَهُ هُنَا وِفَاقًا لِلْمُزَنِيِّ. وَخَالَفَ فِي الرَّوْضَةِ فَذَكَرَهُ آخَرَ رُبْعِ الْعِبَادَاتِ تَبَعًا لِطَائِفَةٍ مِنْ الْأَصْحَابِ قَالَ وَهُوَ أَنْسَبُ. قَالَ ابْنُ قَاسِمٍ: وَلَعَلَّ الْأَنْسَبِيَّةَ أَنَّ طَلَبَ الْحَلَالِ فَرْضُ عَيْنٍ اهـ.
(وَأَرْكَانُ الذَّبْحِ) بِالْمَعْنَى الْحَاصِلِ بِالْمَصْدَرِ أَرْبَعَةٌ ذَبْحٌ وَآلَةٌ وَذَبِيحٌ وَذَابِحٌ. وَقَدْ شَرَعَ فِي بَيَانِ ذَلِكَ فَقَالَ: (وَمَا قُدِرَ) بِضَمِّ الْقَافِ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ (عَلَى ذَكَاتِهِ) بِالْمُعْجَمَةِ أَيْ ذَبْحِهِ مِنْ الْحَيَوَانِ الْمَأْكُولِ (فَذَكَاتُهُ) اسْتِقْلَالًا (فِي حَلْقِهِ وَلَبَّتِهِ) إجْمَاعًا. هَذَا هُوَ الرُّكْنُ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي وَهُوَ الذَّبْحُ وَالذَّبِيحُ وَالْحَلْقُ أَعْلَى الْعُنُقِ وَاللَّبَّةُ بِفَتْحِ اللَّامِ الْمُشَدَّدَةِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
[كِتَابُ الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ]
أَيْ مَا يَحِلُّ مِنْهُمَا وَمَا لَا يَحِلُّ. قَوْلُهُ: (عَلَى الْمَصِيدِ) وَهُوَ الْحَيَوَانُ وَإِنَّمَا أُوِّلَ بِاسْمِ الْمَفْعُولِ لِيُنَاسِبَ الذَّبَائِحَ.
وَلِأَجْلِ قَوْلِهِ: إنْ قَدَرَ عَلَيْهِ إلَخْ ق ل. قَوْلُهُ: (وَلَمَّا كَانَ الصَّيْدُ مَصْدَرًا) لَا يُنَافِيهِ كَوْنُهُ بِمَعْنَى الْمَصِيدِ لِأَنَّ كَلَامَهُ هُنَا بِالنَّظَرِ لِأَصْلِهِ فَلَا يُعْتَرَضُ بِأَنَّهُ بِمَعْنَى الْمَصِيدِ فِي كَلَامِهِ. قَوْلُهُ: {فَاصْطَادُوا} [المائدة: 2] وَالْأَمْرُ بِالِاصْطِيَادِ يَقْتَضِي حِلَّ الْمَصِيدِ، وَالْأَمْرُ فِيهِ لِلْإِبَاحَةِ. وَقَوْلُهُ:{إِلا مَا ذَكَّيْتُمْ} [المائدة: 3] مُسْتَثْنًى مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ فِي الْآيَةِ أَيْ مِنْ بَعْضِهَا وَهُوَ الْأَرْبَعَةُ الْأَخِيرَةُ فَيُفِيدُ حِلَّ الْمُذَكَّيَاتِ شَوْبَرِيٌّ.
قَوْلُهُ: (هُنَا) وَجْهُهُ أَنَّ الْجِهَادَ تَارَةً يَكُونُ فَرْضَ كِفَايَةٍ وَتَارَةً فَرْضَ عَيْنٍ، وَطَلَبُ الْحَلَالِ أَيْ مَعْرِفَتُهُ فَرْضُ عَيْنٍ فَنَاسَبَ ضَمَّ فَرْضِ الْعَيْنِ إلَى فَرْضِ الْعَيْنِ. ز ي وَعِبَارَةُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ ذَكَرَهُ هُنَا عَقِبَ الْجِهَادِ لِمَا فِيهِ مِنْ الِاكْتِسَابِ بِالِاصْطِيَادِ الْمُشَابِهِ لِلِاكْتِسَابِ بِالْغَزْوِ. وَذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا عَقِبَ رُبُعِ الْعِبَادَاتِ لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ.
قَوْلُهُ: (قَالَ ابْنُ قَاسِمٍ) أَيْ الْغَزِّيُّ لِأَنَّ الْعَبَّادِيَّ تِلْمِيذٌ لِلْخَطِيبِ. قَوْلُهُ: (فَرْضُ عَيْنٍ) أَيْ وَالْعِبَادَةُ فَرْضُ عَيْنٍ كَالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَالزَّكَاةِ.
قَوْلُهُ: (بِالْمَعْنَى الْحَاصِلِ بِالْمَصْدَرِ) وَهُوَ الِانْذِبَاحُ الَّذِي هُوَ أَثَرُ الْفِعْلِ الْحَاصِلِ فِي الْمَذْبُوحِ وَإِنَّمَا فَسَّرَهُ بِهَذَا لِيُفَارِقَ الذَّبْحَ الَّذِي هُوَ أَحَدُ الْأَرْكَانِ. لِئَلَّا يَلْزَمَ اتِّحَادُ الْجُزْءِ وَالْكُلِّ رَشِيدِيٌّ. وَالْمُرَادُ بِكَوْنِهَا أَرْكَانًا لَهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ لِتَحَقُّقِهِ مِنْهَا وَإِلَّا فَلَيْسَ وَاحِدٌ مِنْهَا جُزْءًا مِنْهُ ع ش.
قَوْلُهُ: (وَمَا قُدِرَ) هَذَا هُوَ الرُّكْنُ الْأَوَّلُ وَقَوْلُهُ: أَيْ ذَبْحُهُ مُرَادُهُ بِهِ مَا يَشْمَلُ النَّحْرَ، وَقَوْلُهُ: فِي حَلْقِهِ أَيْ فِي صُورَةِ الذَّبْحِ، وَقَوْلُهُ: وَلَبَتِّهِ أَيْ فِي صُورَةِ النَّحْرِ، كَمَا فِي الْإِبِلِ. وَالْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ.
قَوْلُهُ: (وَالثَّانِي) جَعَلَهُ ثَانِيًا بِاعْتِبَارِ تَفْصِيلِ الْأَرْكَانِ فِي الْمَتْنِ وَإِنْ كَانَ ثَالِثًا فِي الْإِجْمَالِ عِنْدَ ذِكْرِ الْأَرْكَانِ. قَوْلُهُ: (وَهُوَ الذَّبْحُ وَالذَّبِيحُ) رَاجِعٌ لِلْأَوَّلِ وَالثَّانِي عَلَى اللَّفِّ
أَسْفَلُهُ وَقَيَّدْت إطْلَاقَهُ بِالِاسْتِقْلَالِ لِأَنَّهُ مُرَادُهُ فَلَا يَرِدُ حِلُّ الْجَنِينِ الْمَوْجُودِ مَيِّتًا فِي بَطْنِ أُمِّهِ، وَلَمْ يُذْبَحْ وَلَمْ يُعْقَرْ لِأَنَّ حِلَّهُ بِطَرِيقِ التَّبَعِيَّةِ لِذَكَاةِ أُمِّهِ. كَمَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ.
وَيُشْتَرَطُ فِي الذَّبْحِ قَصْدٌ. فَلَوْ سَقَطَتْ مُدْيَةٌ عَلَى مَذْبَحِ شَاةٍ أَوْ احْتَكَّتْ بِهَا فَانْدَمَجَتْ أَوْ اسْتَرْسَلَتْ جَارِحَةٌ بِنَفْسِهَا فَقَتَلَتْ أَوْ أَرْسَلَ سَهْمًا لَا لِصَيْدٍ فَقَتَلَ صَيْدًا حَرُمَ كَجَارِحَةٍ أَرْسَلَهَا وَغَابَتْ عَنْهُ مَعَ الصَّيْدِ أَوْ جَرَحَتْهُ. وَلَمْ يَنْتَهِ بِالْجُرْحِ إلَى حَرَكَةِ مَذْبُوحٍ وَغَابَتْ ثُمَّ وَجَدَهُ مَيِّتًا فِيهِمَا، فَإِنَّهُ يَحْرُمُ لِاحْتِمَالِ أَنَّ مَوْتَهُ بِسَبَبٍ آخَرَ، وَمَا ذُكِرَ مِنْ التَّحْرِيمِ فِي الثَّانِيَةِ هُوَ مَا عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَإِنْ اخْتَارَ النَّوَوِيُّ فِي تَصْحِيحِهِ الْحِلَّ. وَلَوْ رَمَى شَيْئًا ظَنَّهُ حَجَرًا أَوْ رَمَى قَطِيعَ ظِبَاءٍ فَأَصَابَ وَاحِدَةً مِنْهُ أَوْ قَصَدَ وَاحِدَةً مِنْهُ فَأَصَابَ غَيْرَهَا، حَلَّ ذَلِكَ لِصِحَّةِ قَصْدِهِ وَلَا اعْتِبَارَ بِظَنِّهِ الْمَذْكُورِ.
(وَمَا لَمْ يُقْدَرْ) بِضَمِّ حَرْفِ الْمُضَارَعَةِ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ (عَلَى ذَكَاتِهِ) لِكَوْنِهِ مُتَوَحِّشًا كَالضَّبُعِ. (فَذَكَاتُهُ عَقْرُهُ) أَيْ بِجَرْحٍ مُزْهِقٍ لِلرُّوحِ فِي أَيِّ مَوْضِعٍ كَانَ الْعَقْرُ مِنْ بَدَنِهِ بِالْإِجْمَاعِ. وَلَوْ تَوَحَّشَ إنْسِيٌّ كَبَعِيرٍ نَدَّ فَهُوَ كَالصَّيْدِ يَحِلُّ بِجَرْحِهِ فِي غَيْرِ مَذْبَحِهِ. (حَيْثُ قُدِرَ عَلَيْهِ) بِالظَّفْرِ بِهِ. وَيَحِلُّ بِإِرْسَالِ الْكَلْبِ عَلَيْهِ كَمَا قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ.
ــ
[حاشية البجيرمي]
وَالنَّشْرِ الْمُرَتَّبِ.
قَوْلُهُ: (قَصْدٌ) أَيْ قَصْدُ الْعَيْنِ أَوْ الْجِنْسِ بِالْفِعْلِ. شَرْحُ الْمَنْهَجِ فَلَوْ أَجَالَ بِسَيْفِهِ فَأَصَابَ مَذْبَحَ صَيْدٍ أَوْ أَرْسَلَ سَهْمَهُ فِي ظُلْمَةٍ رَاجِيًا صَيْدًا فَقَتَلَهُ، حَرُمَ سم. وَعِبَارَةُ ح ل أَيْ قَصَدَ الْعَيْنَ وَإِنْ أَخْطَأَ فِي ظَنِّهِ أَوْ الْجِنْسِ أَيْ الْحَقِيقَةِ الصَّادِقَةِ بِالْكُلِّ مِنْ الْأَفْرَادِ وَبِبَعْضِهَا وَإِنْ أَخْطَأَ فِي الْإِصَابَةِ اهـ. فَرْعٌ: وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا لَوْ صَالَ عَلَيْهِ حَيَوَانٌ مَأْكُولٌ، فَضَرَبَهُ بِسَيْفٍ فَقَطَعَ رَأْسَهُ، هَلْ يَحِلُّ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ قَصْدَ الذَّبْحِ لَا يُشْتَرَطُ وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ قَصْدُ الْفِعْلِ وَقَدْ وُجِدَ بَلْ وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ قَطْعِ الرَّأْسِ مَا لَوْ أَصَابَ غَيْرَ عُنُقِهِ كَيَدِهِ مَثَلًا فَجَرَحَهُ، وَمَاتَ وَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ ذَبْحِهِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ. اهـ. ع ش عَلَى م ر.
قَوْلُهُ: (وَغَابَتْ عَنْهُ) أَيْ قَبْلَ جَرْحِهِ أَمَّا لَوْ بَلَغَ مِنْهُ مَبْلَغَ الذَّبْحِ وَهُوَ يَرَاهُ ثُمَّ غَابَ عَنْهُ ثُمَّ وُجِدَ مَيِّتًا حَلَّ قَطْعًا؛ لِأَنَّهُ قَدْ صَارَ مُذَكًّى عِنْدَ مُشَاهَدَتِهِ فَلَمْ يَحْرُمْ مَا حَدَثَ بَعْدَهُ وَعِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ: وَغَابَ، وَهِيَ أَوْلَى.
قَوْلُهُ: (هُوَ مَا عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ) مُعْتَمَدٌ.
قَوْلُهُ: (ظِبَاءٍ) بِالْمَدِّ. اهـ. م د.
قَوْلُهُ: (فَأَصَابَ غَيْرَهَا) أَيْ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ اهـ ز ي لِأَنَّ الْقَصْدَ وَقَعَ فِي الْجُمْلَةِ. قَوْلُهُ: (وَلَا اعْتِبَارَ بِظَنِّهِ) وَاعْلَمْ أَنَّ الصُّورَةَ ثَلَاثَةٌ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يُخْطِئَ فِي الظَّنِّ فَقَطْ، أَوْ فِي الْإِصَابَةِ فَقَطْ، أَوْ فِيهِمَا. فَإِنْ أَخْطَأَ فِي الظَّنِّ فَقَطْ أَوْ فِي الْإِصَابَةِ فَقَطْ، فَهُوَ حَلَالٌ، وَقَدْ ذَكَرَهَا الشَّارِحُ، أَمَّا إذَا أَخْطَأَ فِيهِمَا؛ فَإِنْ كَانَ ظَانًّا لِلْمُحَرَّمِ فَلَا يَحِلُّ، وَإِنْ كَانَ ظَانًّا لِلْحَلَالِ فَيَحِلُّ، فَالْخَطَأُ فِيهِمَا فِيهِ صُورَتَانِ وَقَدْ ذَكَرَهُمَا س ل. بِقَوْلِهِ: وَلَوْ قَصَدَ وَأَخْطَأَ فِي الظَّنِّ وَالْإِصَابَةِ مَعًا كَمَنْ رَمَى صَيْدًا ظَنَّهُ حَجَرًا أَوْ خِنْزِيرًا فَأَصَابَ صَيْدًا غَيْرَهُ حَرُمَ لِأَنَّهُ قَصَدَ مُحَرَّمًا فَلَا يَسْتَفِيدُ الْحِلَّ لَا عَكْسُهُ بِأَنْ رَمَى حَجَرًا أَوْ خِنْزِيرًا ظَنَّهُ صَيْدًا فَأَصَابَ صَيْدًا فَإِنَّهُ يَحِلُّ لِأَنَّهُ قَصَدَ مُبَاحًا اهـ. وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ.
قَوْلُهُ: (وَمَا لَمْ يُقْدَرْ عَلَى ذَكَاتِهِ) أَيْ وَقْتَ الْإِصَابَةِ كَمَا فِي الْبِرْمَاوِيِّ قَالَ الشَّيْخُ س ل: فَلَوْ رَمَى غَيْرَ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ فَأَصَابَهُ وَهُوَ مَقْدُورٌ عَلَيْهِ أَوْ عَكْسُهُ اُعْتُبِرَ حَالُ الْإِصَابَةِ اهـ. قَوْلُهُ: (لِكَوْنِهِ) لَوْ قَالَ: كَكَوْنِهِ بِالْكَافِ لَكَانَ أَوْلَى لِيَشْمَلَ الْبَعِيرَ النَّادَّ وَالْوَاقِعَ فِي بِئْرٍ وَكَانَ يَسْتَغْنِي عَنْ قَوْلِهِ الْآتِي: وَلَوْ تَوَحَّشَ إلَخْ. قَوْلُهُ: (فِي أَيِّ مَوْضِعٍ إلَخْ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ مَعَ قَوْلِ الْمَتْنِ حَيْثُ قُدِرَ عَلَيْهِ أَيْ فِي أَيِّ مَوْضِعٍ قُدِرَ عَلَى الْعَقْرِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَهُ: أَيِّ مَوْضِعٍ كَانَ هُوَ مَعْنَى قَوْلِ الْمَتْنِ: حَيْثُ قُدِرَ عَلَيْهِ لِأَنَّ مَعْنَاهُ فِي أَيِّ مَحَلٍّ مِنْ بَدَنِهِ إلَخْ. فَلَوْ أَخَّرَهَا الشَّارِحُ وَشَرَحَ بِهَا الْمَتْنَ وَحَذَفَ لَفْظَ الظَّفَرِ لَكَانَ أَوْلَى. وَالتَّكْرَارُ بِالنَّظَرِ لِلظَّاهِرِ وَإِلَّا فَالشَّارِحُ فَرَضَ كَلَامَهُ أَوَّلًا فِي الْمُتَوَحِّشِ الْأَصْلِيِّ وَجَعَلَ قَوْلَ الْمَتْنِ: حَيْثُ قُدِرَ عَلَيْهِ مُتَعَلِّقًا بِمَسْأَلَةِ مَا إذَا كَانَ إنْسِيًّا فَتَوَحَّشَ فَلَا تَكْرَارَ وَعَلَى كُلٍّ فَالْأَوْلَى حَذْفُ قَوْلِهِ: بِالظَّفَرِ؛ لِأَنَّهُ يُوهِمُ أَنَّهُ مَقْدُورٌ عَلَيْهِ وَبَعْدَ هَذَا كُلِّهِ فَقَوْلُهُ: فِي أَيِّ مَوْضِعٍ كَانَ أَيْ مِمَّا يُنْسَبُ إلَيْهِ الزُّهُوقُ أَوْ لَا نَحْوِ حَافِرٍ وَخُفٍّ كَذَا صَرَّحَ بِهِ الْبِرْمَاوِيُّ.
قَوْلُهُ: (كَبَعِيرٍ نَدَّ) أَيْ شَرَدَ قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: نَدَّ الْبَعِيرُ نَدًّا مِنْ بَابِ ضَرَبَ وَنِدَادًا بِالْكَسْرِ وَنَدِيدًا نَفَرَ وَذَهَبَ إلَى وَجْهِهِ شَارِدًا فَهُوَ نَادٌّ وَالْجَمْعُ نَوَادُّ.
قَوْلُهُ: (حَيْثُ قُدِرَ عَلَيْهِ) أَيْ إنْ قُدِرَ عَلَى الْعَقْرِ بِسَبَبِ الظَّفَرِ بِهِ وَحِينَئِذٍ لَا يَتَكَرَّرُ هَذَا مَعَ قَوْلِ الشَّارِحِ:
تَنْبِيهٌ: تَنَاوَلَ إطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ مَا لَوْ تَرَدَّى بَعِيرٌ فِي بِئْرٍ، وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى ذَكَاتِهِ فَيَحِلُّ بِجَرْحِهِ فِي غَيْرِ الْمَذْبَحِ. وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الزَّوَائِدِ وَلَا يَحِلُّ بِإِرْسَالِ الْكَلْبِ عَلَيْهِ كَمَا صَحَّحَهُ فِي الْمِنْهَاجِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْحَدِيدَ يُسْتَبَاحُ بِهِ الذَّبْحُ مَعَ الْقُدْرَةِ بِخِلَافِ فِعْلِ الْجَارِحَةِ، وَلَوْ تَرَدَّى بَعِيرٌ فَوْقَ بَعِيرٍ فَغَرَزَ رُمْحًا فِي الْأَوَّلِ حَتَّى نَفَذَ مِنْهُ إلَى الثَّانِي حَلَّا وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِالثَّانِي قَالَهُ الْقَاضِي فَإِنْ مَاتَ الْأَسْفَلُ بِثِقَلِ الْأَعْلَى لَمْ يَحِلَّ وَلَوْ دَخَلَتْ الطَّعْنَةُ إلَيْهِ وَشَكَّ هَلْ مَاتَ بِهَا أَوْ بِالثِّقَلِ لَمْ يَحِلَّ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ مَا فِي فَتَاوَى الْبَغَوِيِّ.
(وَيُسْتَحَبُّ فِي الذَّكَاةِ) أَيْ ذَكَاةِ الْحَيَوَانِ الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ (أَرْبَعَةُ أَشْيَاءَ) الْأَوَّلُ (قَطْعُ) كُلِّ (الْحُلْقُومِ) وَهُوَ مَجْرَى النَّفَسِ (وَ) الثَّانِي قَطْعُ كُلِّ (الْمَرِيءِ) وَهُوَ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالْمَدِّ وَالْهَمْزَةِ فِي آخِرِهِ مَجْرَى الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ. (وَ) الثَّالِثُ وَالرَّابِعُ قَطْعُ كُلِّ (الْوَدَجَيْنِ) بِفَتْحِ الْوَاوِ وَالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَالْجِيمِ وَهُمَا عِرْقَانِ فِي صَفْحَتَيْ الْعُنُقِ مُحِيطَانِ بِالْحُلْقُومِ وَقِيلَ بِالْمَرِيءِ وَهُمَا الْوَرِيدَانِ مِنْ الْآدَمِيِّ، لِأَنَّهُ أَوْحَى وَأَسْهَلَ لِخُرُوجِ الرُّوحِ فَهُوَ مِنْ الْإِحْسَانِ فِي الذَّبْحِ وَلَا يُسْتَحَبُّ قَطْعُ مَا وَرَاءَ ذَلِكَ.
تَنْبِيهٌ: مُرَادُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ قَطْعَ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ مُسْتَحَبٌّ. لَا أَنَّ قَطْعَ كُلِّ وَاحِدٍ مُسْتَحَبٌّ عَلَى انْفِرَادِهِ مِنْ غَيْرِ قَطْعِ الْبَاقِي إذْ قَطْعُ الْحُلْقُومِ وَالْمَرِيءِ وَاجِبٌ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: (وَالْمُجْزِئُ مِنْهَا) أَيْ الْأَرْبَعَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْحِلِّ (شَيْئَانِ) وَهُمَا (قَطْعُ) كُلِّ الْحُلْقُومِ وَ (كُلُّ الْمَرِيءِ) مَعَ وُجُودِ الْحَيَاةِ الْمُسْتَقِرَّةِ أَوَّلَ قَطْعِهِمَا لِأَنَّ الذَّكَاةَ صَادَفَتْهُ وَهُوَ حَيٌّ كَمَا لَوْ قَطَعَ يَدَ حَيَوَانٍ ثُمَّ ذَكَّاهُ فَإِنْ لَمْ يُسْرِعْ قَطَعَهُمَا وَلَمْ تَكُنْ فِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ بَلْ انْتَهَى لِحَرَكَةِ مَذْبُوحٍ لَمْ يَحِلَّ لِأَنَّهُ صَارَ مَيْتَةً
ــ
[حاشية البجيرمي]
فِي أَيِّ مَوْضِعٍ كَانَ.
قَوْلُهُ: (مَا لَوْ تَرَدَّى) أَيْ سَقَطَ وَإِنَّمَا أَفْرَدَهُ لِكَوْنِهِ فِيهِ خِلَافٌ وَمَا قَبْلَهُ بِاتِّفَاقٍ. قَوْلُهُ: (وَالْفَرْقُ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ الْحَدِيدَ يُسْتَبَاحُ بِهِ الذَّبْحُ مَعَ الْقُدْرَةِ لَكِنْ بِكَيْفِيَّةٍ مَخْصُوصَةٍ، وَهِيَ قَطْعُ الْحُلْقُومِ، وَالْمَرِيءِ وَالْمُدَّعَى هُنَا الْإِبَاحَةُ مُطْلَقًا.
قَوْلُهُ: (مَعَ الْقُدْرَةِ) أَيْ فَيُسْتَبَاحُ بِهِ مَعَ الْعَجْزِ. اهـ. ز ي.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ دَخَلَتْ إلَخْ) مَحَلَّهُ إذَا شَكَكْنَا هَلْ صَادَفَتْهُ حَيًّا أَوْ لَا أَمَّا إذَا عَلِمْنَا أَنَّهَا صَادَفَتْهُ حَيًّا وَشَكَكْنَا هَلْ مَاتَ بِهَا أَوْ بِثِقَلِ الْأَعْلَى حَلَّ شَرْحُ الرَّوْضِ.
قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ أَوْحَى) أَيْ أَسْرَعُ وَأَسْهَلُ وَالْمَرِيءُ تَحْتَ الْحُلْقُومِ.
قَوْلُهُ: (مَعَ وُجُودِ الْحَيَاةِ الْمُسْتَقِرَّةِ) وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْقَطْعِ فِي دَفْعَةٍ وَاحِدَةٍ بَلْ يَجُوزُ التَّعَدُّدُ بِشَرْطِ أَنْ يَبْقَى فِي الْمَذْبُوحِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ وَلَوْ عِنْدَ ابْتِدَاءِ الْوَضْعِ فِي آخِرِ مَرَّةٍ ق ل قَوْلُهُ: (أَوَّلَ قَطْعِهِمَا) أَيْ إنْ أَسْرَعَ فِي الذَّبْحِ فَقَطَعَ الْحُلْقُومَ وَالْمَرِيءَ دَفْعَةً وَإِلَّا اُشْتُرِطَتْ عِنْدَ آخِرِ قَطْعٍ.
قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الذَّكَاةَ صَادَفَتْهُ وَهُوَ حَيٌّ كَمَا لَوْ قَطَعَ يَدَ حَيَوَانٍ إلَخْ) هَذَا التَّعْلِيلُ وَالتَّنْظِيرُ ذَكَرَهُمَا م ر فِي غَيْرِ هَذِهِ الصُّورَةِ الَّتِي قَبْلَهُمَا وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَلَوْ ذَبَحَهُ مِنْ قَفَاهُ أَوْ مِنْ صَفْحَةِ عُنُقِهِ، عَصَى لِلْعُدُولِ عَنْ مَحَلِّ الذَّبْحِ وَلِمَا فِيهِ مِنْ التَّعْذِيبِ. فَإِنْ أَسْرَعَ فِي ذَلِكَ فَقَطَعَ الْحُلْقُومَ وَالْمَرِيءَ وَبِهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ وَلَوْ ظَنًّا بِقَرِينَةٍ حَلَّ لِمُصَادَفَةِ الذَّكَاةِ لَهُ وَهُوَ حَيٌّ كَمَا لَوْ قَطَعَ يَدَهُ ثُمَّ ذَكَّاهُ. وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ يَبْقَ فِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ بَلْ وَصَلَ إلَى حَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ لَمَّا انْتَهَى إلَى قَطْعِ الْمَرِيءِ فَلَا يَحِلُّ لِصَيْرُورَتِهِ مَيْتَةً. وَكَذَا إدْخَالُ السِّكِّينِ بِأُذُنِ ثَعْلَبٍ مَثَلًا لِيَقْطَعَ حُلْقُومَهُ وَمَرِيئَهُ دَاخِلَ الْجِلْدِ لِأَجْلِ جِلْدِهِ فَفِيهِ التَّفْصِيلُ الْمَارُّ. وَهُوَ أَنْسَبُ مِنْ صَنِيعِ الشَّارِحِ. قَوْلُهُ:(ثُمَّ ذَكَّاهُ) أَيْ فَإِنَّهُ يَحِلُّ دُونَ الْيَدِ.
قَوْلُهُ: (فَإِنْ لَمْ يُسْرِعْ قَطَعَهُمَا إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يُسْرِعَ الذَّابِحُ فِي الذَّبْحِ فَلَوْ تَأَتَّى بِحَيْثُ ظَهَرَ انْتِهَاءُ الشَّاةِ قَبْلَ قَطْعِ الْمَذْبَحِ إلَى حَرَكَةِ مَذْبُوحٍ لَمْ تَحِلَّ لِتَقْصِيرِهِ. اهـ. ز ي وَالْوَاوُ فِي قَوْلِهِ: وَلَمْ تَكُنْ بِمَعْنَى أَوْ فِي نُسْخَةٍ فَإِنْ شَرَعَ فِي قَطْعِهِمَا وَعَلَيْهَا فَالْوَاوُ ظَاهِرَةٌ وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر وَلَا يَضُرُّ رَفْعُ السِّكِّينِ وَإِعَادَتُهَا فَوْرًا وَلَا قَلْبُهَا لِيَأْخُذَ عَلَيْهَا مَا بَقِيَ مِنْ الْحُلْقُومِ وَالْمَرِيءِ وَلَا إلْقَاؤُهَا لِيَأْخُذَ غَيْرَهَا وَلَا يُشْتَرَطُ فِيمَا ذُكِرَ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ قِصَرُ الْفَصْلِ عُرْفًا اهـ بِحُرُوفِهِ اهـ. م د وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ الشَّارِحِ لِوُجُودِ الْحَيَاةِ الْمُسْتَقِرَّةِ أَوَّلَ قَطْعِهِمَا وَلَوْ شَكَّ بَعْدَ وُقُوعِ الْفِعْلِ مِنْهُ هَلْ هُوَ مُحَلَّلٌ أَوْ مُحَرَّمٌ فَهَلْ يَحِلُّ ذَلِكَ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ. وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ الْأَصْلَ وُقُوعُهُ عَلَى الصِّفَةِ الْمُجْزِئَةِ. فَرْعٌ: يَحْرُمُ ذَبْحُ الْحَيَوَانِ غَيْرِ الْمَأْكُولِ وَلَوْ لِإِرَاحَتِهِ كَالْحِمَارِ الزَّمِنِ مَثَلًا لِأَنَّهُ تَعْذِيبٌ لَهُ.
فَلَا يُفِيدُهُ الذَّبْحُ بَعْدَ ذَلِكَ.
تَنْبِيهٌ: لَوْ ذَبَحَ شَخْصٌ حَيَوَانًا وَأَخْرَجَ آخَرُ أَمْعَاءَهُ أَوْ نَخَسَ خَاصِرَتَهُ مَعًا، لَمْ يَحِلَّ لِأَنَّ التَّذْفِيفَ لَمْ يَتَمَحَّضْ بِقَطْعِ الْحُلْقُومِ وَالْمَرِيءِ قَالَ أَصْلُ الرَّوْضَةِ: سَوَاءٌ أَكَانَ مَا قَطَعَ بِهِ الْحُلْقُومَ مَا يُذَفَّفُ لَوْ انْفَرَدَ أَوْ كَانَ يُعِينُ عَلَى التَّذْفِيفِ وَلَوْ اقْتَرَنَ قَطْعُ الْحُلْقُومِ بِقَطْعِ رَقَبَةِ الشَّاةِ مِنْ قَفَاهَا بِأَنْ أَجْرَى سِكِّينًا مِنْ الْقَفَا وَسِكِّينًا مِنْ الْحُلْقُومِ حَتَّى الْتَقَيَا فَهِيَ مَيْتَةٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ لِأَنَّ التَّذْفِيفَ إنَّمَا حَصَلَ بِذِبْحَيْنِ وَلَا يُشْتَرَطُ الْعِلْمُ بِوُجُودِ الْحَيَاةِ الْمُسْتَقِرَّةِ عِنْدَ الذَّبْحِ.
بَلْ يَكْفِي الظَّنُّ بِوُجُودِهَا بِقَرِينَةٍ وَلَوْ عُرِفَتْ بِشِدَّةِ الْحَرَكَةِ أَوْ انْفِجَارِ الدَّمِ وَمَحِلِّ ذَلِكَ مَا لَمْ يَتَقَدَّمْهُ مَا يُحَالُ عَلَيْهِ الْهَلَاكُ.
فَلَوْ وَصَلَ بِجُرْحٍ إلَى حَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ وَفِيهِ شِدَّةُ الْحَرَكَةِ ثُمَّ ذُبِحَ لَمْ يَحِلَّ. وَحَاصِلُهُ: أَنَّ الْحَيَاةَ الْمُسْتَقِرَّةَ عِنْدَ الذَّبْحِ تَارَةً تُتَيَقَّنُ وَتَارَةً تُظَنُّ بِعَلَامَاتٍ وَقَرَائِنَ فَإِنْ شَكَكْنَا فِي اسْتِقْرَارِهَا، حُرُمَ لِلشَّكِّ فِي الْمُبِيحِ وَتَغْلِيبًا لِلتَّحْرِيمِ. فَإِنْ مَرِضَ أَوْ جَاعَ. فَذَبَحَهُ وَقَدْ صَارَ آخَرُ رَمَقٍ حَلَّ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ سَبَبٌ بِحَالِ الْهَلَاكِ عَلَيْهِ. وَلَوْ مَرِضَ بِأَكْلِ نَبَاتٍ مُضِرٍّ حَتَّى صَارَ آخَرُ
ــ
[حاشية البجيرمي]
فَرْعٌ: لَوْ اضْطُّرَّ شَخْصٌ لِأَكْلِ مَا لَا يَحِلُّ أَكْلُهُ فَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ ذَبْحُهُ لِأَنَّ الذَّبْحَ يُزِيلُ الْعُفُونَةَ أَوْ لَا لِأَنَّ ذَبْحَهُ لَا يُفِيدُ؟ وَقَعَ فِي ذَلِكَ تَرَدُّدٌ وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ الْوُجُوبِ لِأَنَّ ذَبْحَهُ لَا يَزِيدُ عَلَى قَتْلِهِ بِأَيِّ طَرِيقٍ اتَّفَقَ لَكِنْ يَنْبَغِي أَنَّهُ أَوْلَى لِأَنَّهُ الْأَسْهَلُ لِخُرُوجِ الرُّوحِ اهـ. ع ش عَلَى م ر.
قَوْلُهُ: (لَمْ يَحِلَّ) أَيْ لِأَنَّهُ مِنْ اجْتِمَاعِ مُقْتَضٍ وَمَانِعٍ فَيَغْلِبُ الْمَانِعُ اهـ.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ عُرِفَتْ إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: كَشِدَّةِ الْحَرَكَةِ إلَخْ وَيَكُونُ مِثَالًا لِلْقَرِينَةِ.
قَوْلُهُ: (وَمَحَلُّ ذَلِكَ) أَيْ اشْتِرَاطُ كَوْنِ الْحَيَاةِ مُسْتَقِرَّةً قَطْعًا أَوْ ظَنًّا الْمَذْكُورُ فِي كَلَامِ غَيْرِهِ كَشَيْخِ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ. ثُمَّ قَالَ: وَاعْتُبِرَتْ الْحَيَاةُ الْمُسْتَقِرَّةُ لِيَخْرُجَ مَا إذَا فُقِدَتْ، وَكَانَ فَقْدُهَا لِسَبَبٍ مِنْ جَرْحٍ أَوْ انْهِدَامِ سَقْفٍ أَوْ أَكْلِ نَبَاتٍ ضَارٍّ لِوُجُودِ مَا يَحِلُّ عَلَيْهِ الْهَلَاكُ. أَمَّا إذَا كَانَ لِمَرَضٍ فَيَحِلُّ مَعَ فَقْدِهَا اهـ. فَالْحَاصِلُ: أَنَّهَا لَا تُشْتَرَطُ إلَّا عِنْدَ تَقَدُّمِ مَا يُحَالُ عَلَيْهِ الْهَلَاكُ وَالْمُرَادُ بِالْحَيَاةِ الْمُسْتَقِرَّةِ مَا يُوجَدُ مَعَهَا الْحَرَكَةُ الِاخْتِيَارِيَّةُ بِقَرَائِنَ وَأَمَارَاتٍ فَغَلَبَ عَلَى الظَّنِّ بَقَاءُ الْحَيَاةِ، وَمِنْ أَمَارَتِهَا انْفِجَارُ الدَّمِ بَعْدَ قَطْعِ الْحُلْقُومِ وَالْمَرِيءِ وَالْأَصَحُّ الِاكْتِفَاءُ بِالْحَرَكَةِ الشَّدِيدَةِ وَأَمَّا الْحَيَاةُ الْمُسْتَمِرَّةُ فَهِيَ الْبَاقِيَةُ إلَى خُرُوجِهَا بِذَبْحٍ أَوْ نَحْوِهِ. وَأَمَّا حَرَكَةُ عَيْشِ الْمَذْبُوحِ فَهِيَ الَّتِي لَا يَبْقَى مَعَهَا سَمْعٌ وَلَا إبْصَارٌ وَلَا حَرَكَةُ اخْتِيَارٍ. اهـ. شَرْحُ م ر وَقَدْ نَظَمَ ذَلِكَ بَعْضُهُمْ فَقَالَ:
حَيَاةٌ لَهَا اسْتِمْرَارُ إنْ بَقِيَتْ إلَى
…
فَرَاغٍ لِآجَالٍ تَمُوتُ لَقَدْ ظَهَرْ
وَصِفْهَا بِالِاسْتِقْرَارِ إنْ وُجِدَتْ بِهَا
…
صِفَاتُ اخْتِيَارٍ مَعَ قَرَائِنَ تُعْتَبَرْ
وَعِيشَةُ مَذْبُوحٍ فَسَمِّ إذَا خَلَتْ
…
عَنْ السَّمْعِ أَوْ نَحْوِ اخْتِيَارٍ كَذَا الْبَصَرْ
وَكَانَ الصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ: وَمَحَلُّ ذَلِكَ عِنْدَ تَقَدُّمٍ إلَخْ كَمَا عَبَّرَ بِهِ غَيْرُهُ. وَالْحَاصِلُ: أَنَّ الْحَيَوَانَ سَوَاءٌ الْمَأْكُولُ وَالْآدَمِيُّ إذَا صَارَ آخِرُ رَمَقٍ إنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ سَبَبٍ يُحَالُ عَلَيْهِ الْهَلَاكُ، كَانَ كَالْمَيِّتِ وَمَعْنَاهُ فِي الْمَأْكُولِ أَنَّهُ إذَا ذُبِحَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَا يَحِلُّ وَفِي الْآدَمِيِّ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ تُقْسَمَ التَّرِكَةُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ وَإِذَا وَضَعَتْ الْمَرْأَةُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ فَتَنْقَضِي عِدَّتُهَا أَوْ كَانَ ذَلِكَ بِلَا سَبَبٍ يُحَالُ عَلَيْهِ الْهَلَاكُ كَانَ كَالْحَيِّ، وَمَعْنَاهُ فِي الْمَأْكُولِ أَنَّهُ إذَا ذُبِحَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ حَلَّ وَفِي الْآدَمِيِّ أَنَّهُ لَا تَنْقَضِي عِدَّةُ امْرَأَتِهِ إذَا وَضَعَتْ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ وَكَذَا جَمِيعُ أَحْكَامِ الْمَيِّتِ.
قَوْلُهُ: (مَا لَمْ يَتَقَدَّمْهُ) : عِبَارَةُ غَيْرِهِ وَمَحَلُّ ذَلِكَ عِنْدَ تَقَدُّمِ مَا يَحِلُّ إلَخْ. س ل وَأَقَرَّهُ ع ش وَهَذَا هُوَ الْمُنَاسِبُ لِقَوْلِ الشَّارِحِ فَإِنْ مَرِضَ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَحِلَّ) أَيْ مَا لَمْ تُوجَدْ بَعْدَ ذَبْحِهِ حَرَكَةٌ شَدِيدَةٌ أَوْ انْفِجَارُ دَمٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا قَالَهُ ع ش عَلَى م ر: قَوْلُهُ: (فَإِنْ مَرِضَ) اسْتَدْرَكَ بِهَذَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ عَلَى اشْتِرَاطِ الْحَيَاةِ الْمُسْتَقِرَّةِ وَقَوْلُهُ: سَبَبٌ أَيْ فِعْلٌ كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ. وَإِلَّا فَالسَّبَبُ مَوْجُودٌ هُنَا وَهُوَ الْمَرَضُ.
قَوْلُهُ: (حَلَّ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَسِلْ دَمٌ وَلَمْ يَتَحَرَّكْ ز ي.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ مَرِضَ بِأَكْلِ نَبَاتٍ مُضِرٍّ إلَخْ) وَمِنْ ذَلِكَ النُّفَّاخُ الْحَاصِلُ مِنْ
رَمَقٍ كَانَ سَبَبًا يُحَالُ عَلَيْهِ الْهَلَاكُ. فَلَمْ يَحِلَّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الذَّكَاةِ قَطْعُ الْجِلْدَةِ الَّتِي فَوْقَ الْحُلْقُومِ وَالْمَرِيءِ فَلَوْ أَدْخَلَ سِكِّينًا بِأُذُنِ ثَعْلَبٍ مَثَلًا وَقَطَعَ الْحُلْقُومَ وَالْمَرِيءِ دَاخِلَ الْجِلْدِ لِأَجْلِ جِلْدِهِ وَبِهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ حَلَّ وَإِنْ حَرُمَ عَلَيْهِ لِلتَّعْذِيبِ
وَيُسَنُّ نَحْرُ إبِلٍ فِي اللَّبَّةِ وَهِيَ أَسْفَلُ الْعُنُقِ كَمَا مَرَّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر: 2] لِلْأَمْرِ بِهِ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّهُ أَسْهَلُ لِخُرُوجِ الرُّوحِ لِطُولِ عُنُقِهَا. وَقِيَاسُ هَذَا كَمَا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: أَنْ يَأْتِيَ فِي كُلِّ مَا طَالَ عُنُقُهُ كَالنَّعَامِ وَالْإِوَزِّ وَالْبَطِّ.
وَيُسَنُّ ذَبْحُ بَقَرٍ وَغَنَمٍ وَنَحْوِهِمَا. كَخَيْلٍ بِقَطْعِ الْحُلْقُومِ وَالْمَرِيءِ لِلِاتِّبَاعِ وَيَجُوزُ بِلَا كَرَاهَةٍ عَكْسُهُ، وَيُسَنُّ: أَنْ يَكُونَ نَحْرُ الْبَعِيرِ قَائِمًا مَعْقُولَةً رُكْبَتُهُ وَهِيَ الْيُسْرَى كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ} [الحج: 36]
ــ
[حاشية البجيرمي]
أَكْلِ الرِّبَّةِ وَعِبَارَةُ حَجّ وَلَوْ كَانَ مَرَضُهُ بِسَبَبِ أَكْلِ نَبَاتٍ مُضِرٍّ كَفَى ذَبْحُهُ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مَا يُحَالُ عَلَيْهِ الْهَلَاكُ فَعُلِمَ أَنَّ النَّبَاتَ الْمُؤَدِّي أَكْلُهُ لِمُجَرَّدِ الْمَرَضِ لَا يُؤَثِّرُ بِخِلَافِ الْمُؤَدِّي لِلْهَلَاكِ أَيْ غَالِبًا فِيمَا يَظْهَرُ إذْ لَا يُحَالُ عَلَيْهِ الْهَلَاكُ إلَّا حِينَئِذٍ اهـ وَفِي شَرْحِ سم أَوْ انْتَهَى الْحَيَوَانُ عِنْدَ ابْتِدَاءِ الْقَطْعِ إلَى حَرَكَةِ مَذْبُوحٍ بِنَحْوِ جَرْحٍ أَوْ انْهِدَامِ سَقْفٍ أَوْ أَكْلِ نَبَاتٍ مُضِرٍّ. أَوْ نَحْوِهَا حَرُمَ، بِخِلَافِ مَا لَوْ انْتَهَى إلَى ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ سَبَبُهُ أَكْلُ نَبَاتٍ مُضِرٍّ وَهَذِهِ مُخَالَفَةٌ لِكَلَامِ الشَّارِحِ وَالْمُعْتَمَدُ مَا فِي الشَّارِحِ كَمَا فِي حَاشِيَةِ ق ل م د وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر وَقَدْ صَرَّحَ بِأَنَّهَا لَوْ وَصَلَتْ إلَى حَرَكَةِ مَذْبُوحٍ بِسَبَبٍ يُحَالُ عَلَيْهِ الْهَلَاكُ فَحَصَلَ مِنْهَا حَرَكَةٌ شَدِيدَةٌ فِي الْحَالِ ثُمَّ ذُبِحَتْ لَمْ تَحِلَّ بِخِلَافِ مَا إذَا وَصَلَتْ إلَى حَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ وَلَيْسَ فِيهَا تِلْكَ الْحَرَكَةُ ثُمَّ ذُبِحَتْ فَاشْتَدَّتْ حَرَكَتُهَا أَوْ انْفَجَرَ دَمُهَا فَتَحِلُّ اهـ.
قَوْلُهُ: (فَلَمْ يَحِلَّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ) : أَيْ مَا لَمْ تُوجَدْ الْحَرَكَةُ الشَّدِيدَةُ أَوْ انْفِجَارُ الدَّمِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا فِي ع ش.
قَوْلُهُ: (وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الذَّكَاةِ قَطْعُ الْجِلْدَةِ إلَخْ) : لَوْ خُلِقَ وَلَهُ رَأْسَانِ وَعُنُقَانِ فِي كُلِّ عُنُقٍ حُلْقُومٌ وَمَرِيءٌ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: إنْ كَانَا أَصْلِيَّيْنِ فَلَا بُدَّ مِنْ قَطْعِ كُلِّ حُلْقُومٍ وَمَرِيءٍ مِنْ كُلِّ عُنُقٍ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا زَائِدًا فَإِنْ عُلِمَ فَالْعِبْرَةُ بِالْأَصْلِيِّ وَإِنْ اشْتَبَهَ بِالْأَصْلِيِّ لَمْ يَحِلَّ بِقَطْعِ أَحَدِهِمَا لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ الزَّائِدُ وَلَا بِقَطْعِهِمَا إذْ لَمْ يَحْصُلْ الزُّهُوقُ بِمَحْضِ الذَّبْحِ الشَّرْعِيِّ بَلْ بِهِ وَبِغَيْرِهِ وَهُوَ قَطْعُ الزَّائِدِ وَذَلِكَ يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ كَمَا لَوْ قَالَ الذَّابِحْ جَرَحَهُ أَوْ نَخَسَهُ فِي مَحَلٍّ آخَرَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَحِلَّ بِقَطْعِهِمَا، لِأَنَّ الزَّائِدَ مِنْ جِنْسِ الْأَصْلِيِّ، لَوْ خُلِقَ لَهُ مَرِيئَانِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: إنْ كَانَا أَصْلِيَّيْنِ وَجَبَ قَطْعُهُمَا وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا زَائِدًا فَالْعِبْرَةُ بِالْأَصْلِيِّ فَإِنْ اشْتَبَهَ بِالزَّائِدِ لَمْ يَحِلَّ بِقَطْعِهِمَا وَلَا بِقَطْعِ أَحَدِهِمَا عَلَى قِيَاسِ مَا تَقَدَّمَ، وَلَوْ خُلِقَ حَيَوَانَانِ مُلْتَصِقَانِ، وَمَلَكَ كُلَّ وَاحِدٍ وَاحِدٌ فَهَلْ لِكُلِّ مَالِكٍ ذَبْحُ مِلْكِهِ، أَوْ فَصْلِهِ مِنْ الْآخَرِ وَإِنْ أَدَّى إلَى مَوْتِ الْآخَرِ أَوْ تَلَفِ عُضْوٍ مِنْهُ أَوْ مَنْفَعَتِهِ. كَمَا أَنَّ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي مِلْكِهِ عَلَى الْعَادَةِ وَإِنْ أَدَّى إلَى تَلَفِ مِلْكِ جَارِهِ وَأَخْذًا مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَطَّانِ: إنَّ لِلْبَدَنَيْنِ الْمُلْتَصِقَيْنِ حُكْمَ الشَّخْصَيْنِ فِي سَائِرِ الْأَحْكَامِ أَوْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَوَّلُ غَيْرُ بَعِيدٍ. اهـ. حَجّ.
قَوْلُهُ: (وَيُسَنُّ نَحْرُ إبِلٍ) : وَهُوَ الطَّعْنُ بِمَا لَهُ حَدِيدٌ فِي الْمَنْحَرِ وَهُوَ وَهْدَةٌ فِي أَعْلَى الصَّدْرِ وَأَصْلِ الْعُنُقِ وَلَا بُدَّ فِي النَّحْرِ مِنْ قَطْعِ كُلِّ الْحُلْقُومِ وَالْمَرِيءِ. اهـ. ز ي مَعَ زِيَادَةٍ مِنْ شَرْحِ م ر.
قَوْلُهُ: (فِي اللَّبَّةِ) أَيْ مَعَ الْحُلْقُومِ وَالْمَرِيءِ كَمَا تَقَدَّمَ وَاللَّبَّةُ بِفَتْحِ اللَّامِ.
قَوْلُهُ: (أَسْهَلُ لِخُرُوجِ الرُّوحِ) وَوَجْهُهُ أَنَّ الرُّوحَ تَخْرُجُ مِمَّا نَفَذَ بِسَبَبِ النَّحْرِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ أَقْرَبُ مِنْ الْحُلْقُومِ وَالْمَرِيءِ وَهَذَا خَاصٌّ بِغَيْرِ الْآدَمِيِّ أَمَّا هُوَ فَإِنَّ رُوحَهُ تَخْرُجُ مِنْ يَافُوخِهِ كَمَا أَنَّهُ أَوَّلُ مَا تَحِلُّ فِيهِ.
قَوْلُهُ: (لِطُولِ عُنُقِهَا) وَهَلْ الْمُرَادُ بِالنَّحْرِ غَرْزُهُ الْآلَةَ فِي اللَّبَّةِ أَوْ وَلَوْ بِالْقَطْعِ عَرْضًا ح ل.
قَوْلُهُ: (وَيُسَنُّ ذَبْحُ بَقَرٍ) أَيْ لَا نَحْرُهَا فِي اللَّبَّةِ فَالسُّنَّةُ هِيَ الْعُدُولُ عَنْ اللَّبَّةِ إلَى أَعْلَى الْعُنُقِ.
قَوْلُهُ: (وَيَجُوزُ بِلَا كَرَاهَةٍ) لَكِنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى شَرْحُ م ر.
قَوْلُهُ: (عَكْسُهُ) وَهُوَ الذَّبْحُ فِي الْإِبِلِ وَالنَّحْرُ فِي الْبَقَرِ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهَا خِلَافًا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ. حَيْثُ قَالَ: لَا يَجُوزُ ذَبْحُ الْإِبِلِ وَلَا نَحْرُ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ. لَكِنْ قَالَ ابْنُ الْمُنِيرِ: لَا أَعْلَمُ أَحَدًا حَرَّمَ ذَلِكَ وَإِنَّمَا كَرِهَهُ مَالِكٌ فَقَطْ. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
قَوْلُهُ: (مَعْقُولَةً) بِالنَّصْبِ. عَلَى أَنَّهُ خَبَرٌ ثَانٍ لَا عَلَى
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَيْ قِيَامٌ عَلَى ثَلَاثٍ رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ.
وَأَنْ يَكُونَ نَحْرُ الْبَقَرَةِ أَوْ الشَّاةِ مُضْجَعَةً لِجَنْبِهَا الْأَيْسَرِ وَتَتْرُكُ رِجْلَهَا الْيُمْنَى بِلَا شَدٍّ وَتُشَدُّ بَاقِي الْقَوَائِمِ وَيُسَنُّ لِلذَّابِحِ أَنْ يَحِدَّ سِكِّينَهُ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ: «إنَّ اللَّهَ كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذِّبْحَةَ وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ وَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ» وَأَنْ يُوَجِّهَ لِلْقِبْلَةِ ذَبِيحَتَهُ وَأَنْ يَقُولَ عِنْدَ ذَبْحِهَا: بِسْمِ اللَّهِ. وَأَنْ يُصَلِّيَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ ذَلِكَ وَلَا يَقُلْ بِسْمِ اللَّهِ وَاسْمِ مُحَمَّدٍ لِإِيهَامِهِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
الْحَالِ لِإِضَافَتِهِ إلَى مَعْرِفَةٍ بِرْمَاوِيٌّ. قَوْلُهُ: (أَيْ قِيَامٌ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: أَيْ قِيَامًا لِأَنَّهُ تَفْسِيرٌ لِصَوَافَّ فَإِنْ خِيفَ نِفَارُهَا فَبَارِكَةً غَيْرَ مُضْجَعَةٍ بِرْمَاوِيٌّ وَسَمِّ.
قَوْلُهُ: (لِجَنْبِهَا الْأَيْسَرِ) لِأَنَّهُ أَسْهَلُ عَلَى الذَّابِحِ فِي أَخْذِ الْآلَةِ بِالْيَمِينِ وَإِمْسَاكِ رَأْسِهَا بِالْيَسَارِ فَلَوْ كَانَ أَعْسَرَ اُسْتُحِبَّ لَهُ اسْتِنَابَةُ غَيْرِهِ وَلَا يُضْجِعُهَا عَلَى يَمِينِهَا كَمَا أَنَّ مَقْطُوعَ الْيَمِينِ لَا يُشِيرُ فِي الصَّلَاةِ بِسَبَّابَةِ الْيُسْرَى شَوْبَرِيٌّ وَرَمْلِيٌّ.
قَوْلُهُ: (أَنْ يُحِدَّ إلَخْ) وَلَوْ ذَبَحَ بِسِكِّينٍ كَالَّةٍ حَلَّ بِشَرْطَيْنِ أَنْ لَا يَحْتَاجَ الْقَطْعُ إلَى قُوَّةِ الذَّابِحِ وَأَنْ يَقْطَعَ الْحُلْقُومَ وَالْمَرِيءَ. قَبْلَ انْتِهَائِهِ إلَى حَرَكَةِ مَذْبُوحٍ. اهـ. س ل وَيُنْدَبُ إمْرَارُهَا بِرِفْقٍ وَتَحَامُلٍ يَسِيرٍ ذَهَابًا وَإِيَابًا وَيُكْرَهُ أَنْ يُحِدَّهَا قُبَالَتَهَا وَأَنْ يَذْبَحَ وَاحِدَةً وَالْأُخْرَى تَنْظُرُ إلَيْهَا وَيُكْرَهُ لَهُ إبَانَةُ رَأْسِهَا حَالًا وَزِيَادَةُ الْقَطْعِ وَكَسْرُ الْعُنُقِ وَقَطْعُ عُضْوٍ مِنْهَا وَتَحْرِيكُهَا وَنَقْلُهَا حَتَّى تَخْرُجَ رُوحُهَا. وَالْأَوْلَى سَوْقُهَا إلَى الْمَذْبَحِ بِرِفْقٍ وَعَرْضُ الْمَاءِ عَلَيْهَا قَبْلَ ذَبْحِهَا شَرْحُ م ر. قَالَ: ع ش عَلَيْهِ وَالْمُخَاطَبُ بِالْأَوْلَوِيَّةِ مَالِكُهَا إنْ بَاشَرَ الذَّبْحَ وَمُقَدِّمَاتِهِ، فَإِنْ فَوَّضَ أَمْرَ الذَّبْحِ إلَى غَيْرِهِ وَسَلَّمَهَا لَهُ طُلِبَ مِنْهُ فِعْلُ ذَلِكَ كُلِّهِ اهـ.
قَوْلُهُ: (سِكِّينَةٌ) سُمِّيَتْ سِكِّينًا لِأَنَّهَا تُسَكِّنُ الْحَرَارَةَ الْغَرِيزِيَّةَ وَمُدْيَةً لِأَنَّهَا تَقْطَعُ مُدَّةَ الْحَيَاةِ وَشَفْرَةً لِإِذْهَابِهَا الْحَيَاةَ، مِنْ شَفَرَ الْمَالُ ذَهَبَ لِأَنَّهَا تُذْهِبُ حَيَاةَ صَاحِبِهَا اهـ: قَوْلُهُ: (فَإِذَا قَتَلْتُمْ) أَيْ قِصَاصًا أَوْ حَدًّا إذْ لَا قَتْلَ فِي الشَّرْعِ غَيْرُ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ: فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ يُسْتَثْنَى مِنْهُ قَتْلُ قَاطِعِ الطَّرِيقِ بِالصَّلْبِ وَالزَّانِي الْمُحْصَنِ بِالرَّجْمِ لِوُرُودِ النَّصِّ بِذَلِكَ قِيلَ: وَنَحْوُ حَشَرَاتٍ وَسِبَاعٍ وَالْفَوَاسِقِ الْخَمْسِ لِأَنَّهَا مُؤْذِيَةٌ. وَقِيلَ خَرَجَتْ بِالنَّصِّ فَلَا حَظَّ لَهَا فِي الْإِحْسَانِ وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ جَوَازُ قَتْلِهَا أَوْ وُجُوبُهُ لَا يُنَافِي إحْسَانَ كَيْفِيَّتِهِ. وَإِحْسَانُ الْقِتْلَةِ اخْتِيَارُ أَسْهَلِ الطُّرُقِ وَأَخَفِّهَا إيلَامًا وَأَسْرَعِهَا إزْهَاقًا وَأَسْهَلِ وُجُوهِ قَتْلِ الْآدَمِيِّ ضَرْبُهُ بِالسَّيْفِ فِي الْعُنُقِ، وَلِذَا يُكْرَهُ قَتْلُ الْقَمْلِ وَالْبَقِّ، وَالْبَرَاغِيثِ وَسَائِرِ الْحَشَرَاتِ بِالنَّارِ لِأَنَّهُ مِنْ التَّعْذِيبِ وَفِي الْحَدِيثِ «لَا يُعَذِّبُ بِالنَّارِ إلَّا رَبُّ النَّارِ» قَالَ الْجُزُولِيُّ وَابْنُ نَاجِيٍّ: وَهَذَا مَا لَمْ يُضْطَرَّ لِكَثْرَتِهِمْ فَيَجُوزُ حَرْقُ ذَلِكَ بِالنَّارِ لِأَنَّ فِي تَنْقِيَتِهَا بِغَيْرِ النَّارِ حَرَجًا وَمَشَقَّةً وَيَجُوزُ نَشْرُهَا فِي الشَّمْسِ قَالَ الْأَقْفَهْسِيُّ: وَقَتْلُهَا بِغَيْرِ النَّارِ بِالْقَعْصِ أَيْ الْقَصْعِ وَالْفَرْكِ جَائِزٌ لِقَوْلِهِ: وَقَدْ مَثَّلَ عَنْ حَشَرَاتِ الْأَرْضِ تُؤْذِي أَحَدًا فَقَالَ: «مَا يُؤْذِيك فَلَكَ أَذِيَّتُهُ قَبْلَ أَنْ يُؤْذِيَك» وَمَا خُلِقَ لِلْأَذِيَّةِ فَابْتِدَاؤُهُ بِالْأَذِيَّةِ جَائِزٌ هـ شَبْرَخِيتِيٌّ.
قَوْلُهُ: (وَإِذَا ذَبَحْتُمْ) مَا يَحِلُّ ذَبْحُهُ مِنْ الْبَهَائِمِ فَأَحْسِنُوا الذِّبْحَةَ بِالْكَسْرِ هَيْئَةُ الذَّبْحِ وَجَاءَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ «فَأَحْسِنُوا الذَّبْحَ» بِفَتْحِ الذَّالِ وَكَسْرِهَا وَهُوَ الْمَصْدَرُ وَهِيَ الَّتِي فِي أَكْثَرِ نُسَخِ صَحِيحِ مُسْلِمٍ، وَإِحْسَانُ الذَّبْحِ فِي الْبَهَائِمِ الرِّفْقُ فَلَا يَصْرَعُهَا بِعُنْفٍ. وَإِيضَاحُ الْمَحَلِّ بِأَنْ يَأْخُذَ بِيَدِهِ الْيُسْرَى جِلْدَ حَلْقِهَا مِنْ لَحْيِهَا الْأَسْفَلِ بِالصُّوفِ أَوْ غَيْرِهِ حَتَّى يَظْهَرَ مِنْ الْبَشَرَةِ مَوْضِعُ الشَّفْرَةِ وَيُضْجِعُ مَا يُرَادُ ذَبْحُهُ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْسَرِ لِأَنَّهُ أَمْكَنُ لِلذَّابِحِ حَيْثُ كَانَ يَفْعَلُ بِالْيَمِينِ أَكْثَرَ أَوْ كَانَ أَضْبَطَ وَهُوَ الَّذِي يَفْعَلُ بِيَدَيْهِ جَمِيعًا وَأَمَّا الْأَعْسَرُ فَيُضْجِعُهَا عَلَى الْأَيْمَنِ وَالنِّيَّةُ وَالتَّسْمِيَةُ مَعَ الذِّكْرِ وَقَطْعِ الْحُلْقُومِ وَالْوَدَجَيْنِ وَيَكُونُ ذَلِكَ مِنْ الْمُقَدَّمِ لَا مِنْ الْقَفَا. اهـ. شَبْرَخِيتِيٌّ وَقَوْلُهُ: وَأَمَّا الْأَعْسَرُ فَيُضْجِعُهَا عَلَى الْأَيْمَنِ لَعَلَّهُ جَرَى فِي ذَلِكَ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ. وَإِلَّا فَقَدْ تَقَدَّمَ عَنْ شَرْحِ م ر أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ اسْتِنَابَةُ غَيْرِهِ وَلَا يُضْجِعُهَا عَلَى يَمِينِهَا وَقَوْلُهُ: وَقَطْعُ الْحُلْقُومِ وَالْوَدَجَيْنِ وَلَا يَحْرُمُ قَطْعُ مَا زَادَ وَلَوْ بِانْفِصَالِ رَأْسِهِ وَقَالَ مَالِكٌ بِوُجُوبِ قَطْعِ الْوَدَجَيْنِ دُونَ الْحُلْقُومِ وَالْمَرِيءِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ بِوُجُوبِ قَطْعِ الْوَدَجَيْنِ أَيْضًا وَلَوْ ذَبَحَهُ بِآلَتَيْنِ مِنْ خَلْفٍ وَأَمَامٍ فَالْتَقَيَا لَمْ يَحِلَّ كَمَا لَوْ أَخْرَجَ شَخْصٌ حَشْوَتَهُ أَيْ مَصَارِينَهُ أَوْ نَخَسَهُ فِي خَاصِرَتِهِ حَالَ ذَبْحِهِ كَمَا قَالَهُ الْبِرْمَاوِيُّ: وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر وَالزِّيَادَةُ عَلَى الْحُلْقُومِ وَالْمَرِيءِ وَالْوَدَجَيْنِ قِيلَ: بِحُرْمَتِهَا لِأَنَّهُ زِيَادَةٌ فِي التَّعْذِيبِ وَالرَّاجِحُ: الْجَوَازُ مَعَ الْكَرَاهَةِ.
قَوْلُهُ: (وَلْيُحِدَّ) بِسُكُونِ اللَّامِ وَضَمِّ الْيَاءِ مِنْ أَحَدَّ وَبِفَتْحِهَا مِنْ حَدَّ وَالشَّفْرَةُ بِفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَقَدْ تُضَمُّ وَهِيَ
التَّشْرِيكَ.
(وَيَجُوزُ) لِمَنْ تَحِلُّ ذَكَاتُهُ لَا لِغَيْرِهِ (الِاصْطِيَادُ) أَيْ أَكْلُ الْمُصَادِ بِالشَّرْطِ الْآتِي فِي غَيْرِ الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ. (بِكُلِّ
ــ
[حاشية البجيرمي]
السِّكِّينُ الْعَرِيضَةُ وَأَصْلُ الشَّفْرَةِ حَدُّ السِّكِّينِ وَشَفْرَةُ السَّيْفِ حَدُّهُ وَشَفِيرُ جَهَنَّمَ حَرْفُهَا وَشَفِيرُ الْوَادِي طَرَفُهُ وَشَفِيرُ الْعَيْنِ مَنْبَتُ شَعْرِ الْجَفْنِ وَالْإِحْدَادُ وَاجِبٌ فِي الْكَالَّةِ وَمَنْدُوبٌ فِي غَيْرِهَا وَيُنْدَبُ مُوَارَاتُهَا عَنْهَا فِي حَالِ إحْدَادِهَا، فَيُكْرَهُ أَنْ يَحُدَّهَا قُبَالَتَهَا فَقَدْ رُوِيَ:«أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم مَرَّ بِرَجُلٍ وَاضِعٍ رِجْلَهُ عَلَى صَفْحَةِ شَاةٍ وَهُوَ يَحُدُّ شَفْرَتَهُ وَهِيَ تَلْحَظُ إلَيْهَا بِبَصَرِهَا فَقَالَ لَهُ: أَتُرِيدُ أَنْ تُمِيتَهَا مَوْتَتَيْنِ هَلَّا أَحْدَدْت شَفْرَتَك قَبْلَ أَنْ تُضْجِعَهَا؟» اهـ. شَبْرَخِيتِيٌّ مَعَ زِيَادَةٍ.
قَوْلُهُ: (ذَبِيحَتَهُ) أَيْ مَذْبَحَهَا فَقَطْ. لَا يُقَالُ: يَنْبَغِي أَنْ يُكْرَهَ لِأَنَّهُ حَالَةُ إخْرَاجِ نَجَاسَةٍ كَالْبَوْلِ لِوُضُوحِ الْفَرْقِ بِأَنَّ هَذَا حَالَةٌ يُتَقَرَّبُ إلَى اللَّهِ بِهَا. وَمِنْ ثَمَّ سُنَّ فِيهَا ذِكْرُ اللَّهِ بِخِلَافِ تِلْكَ شَوْبَرِيٌّ. وَهَذَا ظَاهِرٌ إنْ كَانَتْ الذَّبِيحَةُ لِلتَّقَرُّبِ كَالْأُضْحِيَّةِ.
قَوْلُهُ: (لِلْقِبْلَةِ) وَهُوَ فِي الْهَدْيِ وَالْأُضْحِيَّةِ آكَدُ بِرْمَاوِيٌّ.
قَوْلُهُ: (وَأَنْ يَقُولَ عِنْدَ ذَبْحِهَا) أَيْ وَإِرْسَالِ الْجَارِحَةِ.
قَوْلُهُ: (بِسْمِ اللَّهِ) وَالْأَكْمَلُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَقِيلَ لَا يَقُولُ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ لِأَنَّ الذَّبْحَ فِيهِ تَعْذِيبٌ وَالرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ لَا يُنَاسِبَانِهِ. وَقِيلَ: يَأْتِي بِهِمَا لِأَنَّ فِي الذَّبْحِ رَحْمَةً لِلْآكِلِينَ فَعَنْ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الْقَصَّابَ إذَا سَمَّى عِنْدَ الذَّبْحِ قَالَتْ: الذَّبِيحَةُ أَخِ أَخِ وَذَلِكَ أَنَّهَا اسْتَطَابَتْ الذَّبْحَ مَعَ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى، وَتَلَذَّذَتْ. وَقَالَ الْمَالِكِيَّةُ: لَا يَزِيدُ الذَّابِحُ الرَّحْمَنَ الرَّحِيمَ لِأَنَّ فِي الذَّبْحِ تَعْذِيبًا وَقَطْعًا وَالرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ اسْمَانِ رَقِيقَانِ وَلَا قَطْعَ مَعَ الرِّقَّةِ، وَلَا عَذَابَ مَعَ الرَّحْمَةِ. وَلِذَلِكَ قَالَ نُوحٌ لِأَصْحَابِهِ:{ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا} [هود: 41] . وَلَمْ يَقُلْ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ؛ لِأَنَّ الرَّحْمَنَ الرَّحِيمَ مِنْ الرَّحْمَةِ. وَكَانَ فِي قِصَّةِ نُوحٍ هَلَاكُ قَوْمِهِ أَيْ هَلَاكُ مَنْ لَمْ يَرْكَبْ فِيهَا وَالرَّحْمَةُ لَا تَقْتَضِي الْهَلَاكَ وَيُكْرَهُ تَعَمُّدُ تَرْكِهَا أَيْ الْبَسْمَلَةِ. فَلَوْ تَرَكَهَا وَلَوْ عَمْدًا حَلَّتْ خِلَافًا لِلْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَبَاحَ لَنَا ذَبَائِحَ أَهْلِ الْكِتَابِ بِقَوْلِهِ:{وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} [المائدة: 5]، وَهُمْ لَا يَذْكُرُونَهَا وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى:{وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} [الأنعام: 121] . فَالْمُرَادُ مَا ذُكِرَ عَلَيْهِ اسْمُ غَيْرِ اللَّهِ يَعْنِي مَا ذُبِحَ لِلْأَصْنَامِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: {وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ} [المائدة: 3] وَسِيَاقُ الْآيَةِ دَالٌّ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ قَالَ: وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَالْحَالَةُ الَّتِي يَكُونُ فِيهَا فِسْقًا هِيَ الْإِهْلَالُ لِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى: {أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ} [الأنعام: 145] . وَالْإِجْمَاعُ قَامَ عَلَى أَنَّ مَنْ أَكَلَ ذَبِيحَةَ مُسْلِمٍ لَمْ يُسَمِّ اللَّهَ عَلَيْهَا لَيْسَ بِفِسْقٍ وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: الْمُرَادُ بِهِ الْمَيْتَةُ بِدَلِيلِ قَوْله تَعَالَى {وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ} [الأنعام: 121] وَذَلِكَ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ: كُلُوا مَا قَتَلْتُمْ أَيْ ذَكَّيْتُمْ وَلَا تَأْكُلُوا مَا قَتَلَ اللَّهُ يَعْنِي الْمَيْتَةَ. وَيُسَنُّ فِي الْأُضْحِيَّةِ أَنْ يُكَبِّرَ اللَّهَ تَعَالَى ثَلَاثًا قَبْلَ التَّسْمِيَةِ وَبَعْدَهَا.
كَذَلِكَ وَأَنْ يَقُولَ: اللَّهُمَّ هَذَا مِنْك وَإِلَيْك فَتَقَبَّلْهُ مِنِّي وَيَأْتِي ذَلِكَ فِي كُلِّ ذَبْحٍ هُوَ عِبَادَةٌ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
قَوْلُهُ: (وَلَا يَقُلْ بِسْمِ اللَّهِ وَاسْمِ مُحَمَّدٍ) أَيْ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ وَلَا تَحْرُمُ الذَّبِيحَةُ حِينَئِذٍ، فَإِنْ قَصَدَ التَّشْرِيكَ حَرُمَتْ الذَّبِيحَةُ. فَإِنْ أَرَادَ أَذْبَحُ بِاسْمِ اللَّهِ وَأَتَبَرَّكُ بِاسْمِ مُحَمَّدٍ. فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَحْرُمَ وَإِنْ كَانَ مَكْرُوهًا. شَرْحُ الْمَنْهَجِ مَعَ ز ي مُلَخَّصًا وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ: وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَقُولَ الذَّابِحُ، أَيْ وَالصَّائِدُ كَمَا فِي أَصْلِهِ بِاسْمِ مُحَمَّدٍ وَلَا بِاسْمِ اللَّهِ وَاسْمِ مُحَمَّدٍ أَيْ وَلَا بِاسْمِ اللَّهِ وَرَسُولِ اللَّهِ بِالْجَرِّ كَمَا فِي أَصْلِهِ لِلتَّشْرِيكِ. فَإِنَّ قَصَدَ التَّبَرُّكَ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَحْرُمَ كَقَوْلِهِ: بِسْمِ اللَّهِ وَمُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ بِرَفْعِ مُحَمَّدٍ اهـ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصُّوَرَ ثَلَاثَةٌ: فَفِي صُورَةِ الْإِطْلَاقِ يَحْرُمُ مَعَ حِلِّ الذَّبِيحَةِ وَإِذَا أَرَادَ التَّشْرِيكَ يَكْفُرُ. وَتَحْرُمُ الذَّبِيحَةُ وَإِنْ أَرَادَ وَأَتَبَرَّكُ بِاسْمِ مُحَمَّدٍ كُرِهَ مَعَ حِلِّ الذَّبِيحَةِ. وَبِخَطِّ الزِّيَادِيِّ خَارِجَ الْحَاشِيَةِ مَا نَصُّهُ، قَالَ شَيْخُنَا: أَفْتَى أَهْلُ بُخَارَى بِتَحْرِيمِ مَا يُذْبَحُ عِنْدَ لِقَاءِ السُّلْطَانِ تَقَرُّبًا إلَيْهِ.
قَوْلُهُ: (وَيَجُوزُ الِاصْطِيَادُ إلَخْ) . وَالْإِوَزُّ الْعِرَاقِيُّ الْمَعْرُوفُ يَحِلُّ اصْطِيَادُهُ وَأَكْلُهُ وَلَا عِبْرَةَ بِمَا اُشْتُهِرَ عَلَى الْأَلْسِنَةِ مِنْ أَنَّ لَهُ مُلَّاكًا مَعْرُوفِينَ؛ لِأَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِذَلِكَ. وَبِتَقْدِيرِ صِحَّتِهِ فَيَجُوزُ أَنَّ
جَارِحَةٍ مِنْ سِبَاعِ الْبَهَائِمِ) كَالْكَلْبِ وَالْفَهْدِ فِي أَيِّ مَوْضِعٍ كَانَ جُرْحُهَا حَيْثُ لَمْ يَكُنْ فِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ. بِأَنْ أَدْرَكَهُ مَيْتًا أَوْ فِي حَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ. أَمَّا الِاصْطِيَادُ بِمَعْنَى إثْبَاتِ الْمِلْكِ فَلَا يَخْتَصُّ بِالْجَوَارِحِ بَلْ يَحْصُلُ بِكُلِّ طَرِيقٍ تَيَسَّرَ. وَالْجَارِحَةُ كُلُّ مَا يُجْرَحُ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِجُرْحِهِ الطَّيْرَ بِظُفْرِهِ أَوْ نَابِهِ. وَقَوْلُهُ: (مُعَلَّمَةٍ) بِالْجَرِّ صِفَةٌ لِجَارِحَةٍ (وَ) مِنْ (جَوَارِحِ الطَّيْرِ) كَالْبَازِ وَالصَّقْرِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ} [المائدة: 4] أَيْ صَيْدُ مَا عَلَّمْتُمْ.
(وَشَرَائِطُ تَعْلِيمِهَا) أَيْ جَارِحَةُ السِّبَاعِ وَالطَّيْرِ (أَرْبَعَةٌ) الْأَوَّلُ (أَنْ تَكُونَ) الْجَارِحَةُ مُعَلَّمَةً بِحَيْثُ (إذَا أُرْسِلَتْ) أَيْ أَرْسَلَهَا صَاحِبُهَا (اسْتَرْسَلَتْ) أَيْ هَاجَتْ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَالْمَجْمُوعِ. لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {مُكَلِّبِينَ} [المائدة: 4] قَالَ الشَّافِعِيُّ: إذَا أَمَرْت الْكَلْبَ فَائْتَمَرَ وَإِذَا نَهَيْته فَانْتَهَى فَهُوَ مُكَلَّبٌ. (وَ) الثَّانِي (إذَا زُجِرَتْ) أَيْ زَجَرَهَا صَاحِبُهَا فِي ابْتِدَاءِ الْأَمْرِ وَبَعْدَهُ. (انْزَجَرَتْ) أَيْ وَقَفَتْ (وَ) الثَّالِثُ (إذَا قَتَلْت) صَيْدًا (لَمْ تَأْكُلْ مِنْ الصَّيْدِ) أَيْ مِنْ لَحْمِهِ أَوْ نَحْوِهِ كَجِلْدِهِ وَحِشْوَتِهِ شَيْئًا قَبْلَ قَتْلِهِ أَوْ عَقِبِهِ وَمَا قَرَّرْتُ بِهِ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ مِنْ اشْتِرَاطِ جَمِيعِ هَذِهِ الْأُمُورِ فِي جَارِحَةِ السِّبَاعِ وَالطَّيْرِ. هُوَ مَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ كَمَا نَقَلَهُ الْبُلْقِينِيُّ كَغَيْرِهِ. ثُمَّ قَالَ: وَلَمْ يُخَالِفْهُ أَحَدٌ مِنْ الْأَصْحَابِ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ. وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمِنْهَاجِ كَالرَّوْضَةِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
ذَلِكَ الْإِوَزَّ مِنْ الْمُبَاحِ، الَّذِي لَا مَالِكَ لَهُ. فَإِنْ وُجِدَ بِهِ عَلَامَةٌ تَدُلُّ عَلَى الْمِلْكِ كَخَضْبٍ وَقَصِّ جَنَاحٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لُقَطَةً كَغَيْرِهِ مِمَّا وُجِدَ فِيهِ ذَلِكَ اهـ. ع ش عَلَى م ر. وَقَوْلُهُ: لُقَطَةً كَيْفَ هَذَا مَعَ أَنَّ الْعِرَاقَ بَعِيدٌ، وَأَصْحَابَهُ غَيْرُ مَوْجُودِينَ عِنْدَنَا.
وَأَيْضًا الْعَادَةُ جَارِيَةٌ بِرُجُوعِهِ لِبِلَادِهِ تَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (أَيْ أَكْلُ الْمُصَادِ) هَذَا لَا يُنَاسِبُ قَوْلَهُ: لِمَنْ تَحِلُّ ذَكَاتُهُ لَا لِغَيْرِهِ لِأَنَّ أَكْلَ الْمُصَادِ يَجُوزُ مُطْلَقًا حَتَّى لِمَنْ لَا تَحِلُّ ذَكَاتُهُ إذَا كَانَ الصَّائِدُ غَيْرَهُ فَلَعَلَّ اللَّامَ فِي قَوْلِهِ: لِمَنْ تَحِلُّ بِمَعْنَى مَنْ تَأَمَّلْ وَعِبَارَةُ ق ل قَوْلُهُ: أَيْ أَكْلُ الْمُصَادِ لَوْ أَسْقَطَ لَفْظَ أَكْلُ لَكَانَ أَوْلَى، لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي تَفْسِيرِ الِاصْطِيَادِ، الَّذِي فَسَّرَهُ بِالْمُصَادِ وَلَوْ أَبْقَى كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَجَعَلَ الْمَصِيدَ مَعْلُومًا مِنْ حِلِّ الِاصْطِيَادِ لَكَانَ أَوْلَى وَأَنْسَبَ بَلْ صَوَابًا. وَمَا ذَكَرَهُ بَعْدَهُ مَبْنِيٌّ عَلَى تَفْسِيرِهِ الْمَذْكُورِ اهـ.
قَوْلُهُ: (بِالشَّرْطِ الْآتِي) أَيْ جِنْسِ الشَّرْطِ فَيَشْمَلُ الشُّرُوطَ الْأَرْبَعَةَ الْآتِيَةَ فِي قَوْلِهِ: وَشَرَائِطُ تَعْلِيمِهَا قَوْلُهُ فِي غَيْرِ الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ مُتَعَلِّقٌ بِيَجُوزُ. وَقَوْلُهُ: أَيْ جِنْسِ الشَّرْطِ إلَخْ. وَيُمْكِنُ أَنْ يُرَادَ بِالشَّرْطِ الْآتِي أَنْ لَا يُدْرِكَ فِيهِ حَيَاةً مُسْتَقِرَّةً الْمَفْهُومَ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ إلَّا أَنْ يُدْرَكَ حَيًّا إلَخْ. لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يَحِلُّ إلَّا بِذَبْحِهِ تَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: (سُمِّيَ بِذَلِكَ لِجَرْحِهِ إلَخْ) فِيهِ قُصُورٌ لِأَنَّهُ سَيَأْتِي أَنَّ الْمَيِّتَ بِقَتْلِ الْجَارِحَةِ حَلَالٌ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ جَرْحٍ وَفِي الْمِصْبَاحِ الْجَارِحَةُ تُطْلَقُ عَلَى الذَّكَرِ وَغَيْرِهِ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْجَرْحِ وَهُوَ الْكَسْبُ لِأَنَّهَا تَكْسِبُ الصَّيْدَ عَلَى صَاحِبِهَا وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ} [الأنعام: 60] أَيْ مَا كَسَبْتُمْ قَوْلُهُ: (مُعَلَّمَةً) كَانَ الْأَوْلَى تَأْخِيرَهَا عَنْ جَوَارِحِ الطَّيْرِ لِأَنَّهُ شَرْطٌ فِيهَا أَيْضًا إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ الصِّفَةَ الْمُتَوَسِّطَةَ تَعُودُ لِمَا بَعْدَهَا أَيْضًا عِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ.
قَوْلُهُ: (وَالطَّيْرِ) الْأَوْلَى إسْقَاطُهُ لِأَنَّ هَذِهِ الشُّرُوطَ بِتَمَامِهَا لَا تُشْتَرَطُ فِي الطَّيْرِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ.
قَوْلُهُ: (مُعَلَّمَةً) فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ فِيهِ أَخْذَ مُعَلَّمَةٍ فِي شَرَائِطِ التَّعْلِيمِ. فَكَانَ الْأَوْلَى حَذْفَ قَوْلِهِ مُعَلَّمَةً لِأَنَّ التَّعْلِيمَ مَحَلُّ الشُّرُوطِ لِأَنَّهُ وَاحِدٌ مِنْهَا وَلَا يَضُرُّ كَوْنُ مُعَلِّمِهَا مَجُوسِيًّا. قَوْلُهُ: (أَيْ أَرْسَلَهَا صَاحِبُهَا) الْمُرَادُ مَنْ هِيَ مَعَهُ وَلَوْ غَاصِبَهَا فَالْإِضَافَةُ لِأَدْنَى مُلَابَسَةٍ. قَوْلُهُ: (مُكَلِّبِينَ) أَيْ مُعَلِّمِينَ وَهُوَ بِكَسْرِ اللَّامِ اسْمُ فَاعِلٍ حَالٌ مِنْ تَاءِ عَلَّمْتُمْ أَيْ حَالَ كَوْنِكُمْ مُرْسِلِينَ لَهَا. وَقَالَ الْبِرْمَاوِيُّ: إنَّهُ بِفَتْحِ اللَّامِ مِنْ التَّكْلِيبِ وَهُوَ الْإِغْرَاءُ وَفِي شَرْحِ ابْنِ حَجَرٍ مُكَلِّبِينَ أَيْ مُؤْتَمِرِينَ بِالْأَمْرِ، مَنْهِيِّينَ بِالنَّهْيِ وَمِنْ لَازِمِ هَذَا أَنْ يَنْطَلِقَ بِانْطِلَاقِهِ. اهـ. قَوْلُهُ: فَهُوَ مُكَلَّبٌ أَيْ مُعَلَّمٌ.
قَوْلُهُ: (لَمْ تَأْكُلْ) أَيْ وَلَمْ تُقَاتِلْ صَاحِبَهَا حِينَ أَخَذِهِ مِنْهَا.
قَوْلُهُ: (وَحِشْوَتِهِ) حِشْوَةِ الْبَطْنِ بِكَسْرِ الْحَاءِ وَضَمِّهَا أَمْعَاؤُهُ اهـ. مُخْتَارٌ.
قَوْلُهُ: (أَوْ عَقِبَهُ) أَمَّا إذَا أَكَلْت مِنْهُ بَعْدَ مَا سَكَنَ غَضَبُهَا فَلَا يَضُرُّ وَعِبَارَةُ سم أَيْ لَا بَعْدَ انْصِرَافِهَا وَطُولِ الزَّمَنِ عُرْفًا اهـ.
قَوْلُهُ: (وَمَا قَرَّرْت بِهِ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ) حَيْثُ قَالَ: أَيْ جَارِحَةِ السِّبَاعِ وَالطَّيْرِ وَالْأَوْلَى أَنْ يَذْكُرَ هَذَا بَعْدَ الشَّرْطِ الرَّابِعِ لِأَنَّ الْخِلَافَ جَارٍ فِيهِ أَيْضًا.
قَوْلُهُ:
يُخَالِفُ ذَلِكَ حَيْثُ خَصَّهَا بِجَارِحَةِ السِّبَاعِ وَشَرَطَ فِي جَارِحَةِ الطَّيْرِ تَرْكَ الْأَكْلِ فَقَطْ. (وَ) الرَّابِعُ (أَنْ يَتَكَرَّرَ ذَلِكَ) أَيْ هَذِهِ الْأُمُورُ الْمُعْتَبَرَةُ فِي التَّعْلِيمِ (مِنْهَا) بِحَيْثُ يُظَنُّ تَأَدُّبُ الْجَارِحَةِ وَلَا يَنْضَبِطُ ذَلِكَ بِعَدَدٍ بَلْ الرُّجُوعُ فِي ذَلِكَ إلَى أَهْلِ الْخِبْرَةِ بِالْجَوَارِحِ. (فَإِنْ عُدِمَ أَحَدُ هَذِهِ الشُّرُوطِ) الْمُعْتَبَرَةُ فِي التَّعْلِيمِ (لَمْ يَحِلَّ) أَكْلُ (مَا أَخَذَتْهُ) أَيْ جَرَحَتْهُ مِنْ الصَّيْدِ بِحَيْثُ لَمْ يَبْقَ فِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ بِالْإِجْمَاعِ كَمَا قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ (إلَّا أَنْ يُدْرَكَ حَيًّا) أَيْ يَجِدُ فِيهِ حَيَاةً مُسْتَقِرَّةً. (فَيُذَكَّى) حِينَئِذٍ فَيَحِلُّ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم لِأَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ فِي حَدِيثِهِ: «وَمَا صِدْت بِكَلْبِك غَيْرِ الْمُعَلَّمِ فَأَدْرَكْت ذَكَاتَهُ فَكُلْ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
تَنْبِيهٌ: عَلَامَةُ الْحَيَاةِ الْمُسْتَقِرَّةِ شِدَّةُ الْحَرَكَةِ بَعْدَ قَطْعِ الْحُلْقُومِ الْمَرِيءِ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الزَّوَائِدِ. ' وَالْمَجْمُوعِ وَقَالَ فِيهِ يَكْتَفِي بِهَا وَحْدَهَا وَلَوْ لَمْ يَجْرِ الدَّمُ عَلَى الصَّحِيحِ الْمُعْتَمَدِ وَقَدْ مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَى ذَلِكَ مَعَ تَفْصِيلِ تَقَدُّمٍ وَلَوْ ظَهَرَ بِمَا ذُكِرَ مِنْ الشُّرُوطِ كَوْنُهَا مُعَلَّمَةً ثُمَّ أَكَلَتْ مِنْ لَحْمِ صَيْدٍ أَوْ نَحْوِهِ مِمَّا مَرَّ لَمْ يَحِلَّ ذَلِكَ الصَّيْدُ فِي الْأَظْهَرِ. هَذَا إذَا أَرْسَلَهَا صَاحِبُهَا فَإِنْ اسْتَرْسَلَتْ بِنَفْسِهَا فَقَتَلَتْ وَأَكَلَتْ لَمْ يَقْدَحْ ذَلِكَ فِي تَعْلِيمِهَا وَلَا أَثَرَ لِلَعْقِ الدَّمِ. لِأَنَّهُ لَا يُقْصَدُ لِلصَّائِدِ فَصَارَ كَتَنَاوُلِهِ الْفَرْثَ، وَمَعَضُّ الْكَلْبِ مِنْ الصَّيْدِ نَجَسٌ كَغَيْرِهِ مِمَّا يُنَجِّسُهُ الْكَلْبُ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يُعْفَى عَنْهُ وَأَنَّهُ يَكْفِي غَسْلُهُ سَبْعًا بِمَاءٍ وَتُرَابٍ فِي إحْدَاهَا كَغَيْرِهِ. وَأَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يُقَوَّرَ الْمُعَضَّ وَيُطْرَحَ لِأَنَّهُ لَمْ يُرَدْ وَلَوْ تَحَامَلَتْ الْجَارِحَةُ عَلَى صَيْدٍ فَقَتَلَتْهُ بِثِقَلِهَا أَوْ نَحْوِهِ كَعَضِّهَا وَصَدْمَتِهَا وَلَمْ تَجْرَحْهُ حَلَّ فِي الْأَظْهَرِ لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى:{فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ} [المائدة: 4]
ثُمَّ شَرَعَ فِي الرُّكْنِ الثَّالِثِ وَهُوَ الْآلَةُ فَقَالَ: (وَتَجُوزُ الذَّكَاةُ بِكُلِّ مَا يَجْرَحُ) كَمُحَدِّدِ حَدِيدٍ وَقَصَبٍ وَحَجَرٍ وَرَصَاصٍ
ــ
[حاشية البجيرمي]
وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ) ضَعِيفٌ.
قَوْلُهُ: (تَرْكُ الْأَكْلِ) وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا أَنْ تَهِيجَ عِنْدَ الْإِغْرَاءِ. وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ فَفِيهَا أَمْرَانِ تَرْكُ الْأَكْلِ وَأَنْ تَهِيجَ عِنْدَ الْإِغْرَاءِ. فَإِنْ لَمْ تَهِجْ عِنْدَهُ لَمْ يَحِلَّ الْمُصَادُ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
قَوْلُهُ: (الْخُشَنِيِّ) بِضَمِّ الْخَاءِ وَفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَتَيْنِ نِسْبَةً إلَى خُشَيْنَةَ كَجُهَيْنَةَ حَيٌّ مِنْ الْعَرَبِ.
قَوْلُهُ: (فَأَدْرَكْت ذَكَاتَهُ) أَيْ فَذَكَّيْته إلَخْ.
قَوْلُهُ: (مَعَ تَفْصِيلٍ) وَهُوَ قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ ذَلِكَ إلَخْ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ ظَهَرَ بِمَا ذُكِرَ مِنْ الشُّرُوطِ) وَمِثْلُ الْأَكْلِ مَا إذَا اخْتَلَّ شَرْطٌ آخَرُ، فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ.
قَوْلُهُ: (لَمْ يَحِلَّ ذَلِكَ الصَّيْدُ فِي الْأَظْهَرِ) أَيْ وَضَرَّ ذَلِكَ فِي تَعْلِيمِهَا فَيُسْتَأْنَفُ، كَمَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ: فَإِنْ اسْتَرْسَلَتْ إلَخْ. وَلَا بُدَّ مِنْ هَذِهِ الزِّيَادَةِ لِصِحَّةِ الْمُقَابَلَةِ فِي كَلَامِهِ فَيَكُونُ اسْمُ الْإِشَارَةِ، أَيْ قَوْلُهُ هَذَا إذَا أَرْسَلَهَا إلَخْ، رَاجِعًا لِلضَّرَرِ فِي تَعْلِيمِهَا الْمُلَاحَظِ فِي كَلَامِهِ وَعِبَارَةُ الْمَنْهَجِ وَلَوْ تَعَلَّمَتْ ثُمَّ أَكَلَتْ مِنْ صَيْدٍ حَرُمَ، وَاسْتُؤْنِفَ تَعْلِيمُهَا اهـ. وَنَبَّهَ بِقَوْلِهِ: ذَلِكَ الصَّيْدُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَنْعَطِفُ التَّحْرِيمُ عَلَى مَا قَبْلَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ اهـ. م ر.
قَوْلُهُ: (الْفَرْثُ) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَبِالْمُثَلَّثَةِ أَيْ الْكَرِشَةُ.
قَوْلُهُ: (وَمَعَضُّ الْكَلْبِ) أَيْ مَحَلُّ عَضِّهِ. قَوْلُهُ: (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يُعْفَى عَنْهُ) وَقِيلَ: يُعْفَى عَنْهُ مَعَ الْحُكْمِ بِنَجَاسَتِهِ. وَقَوْلُهُ: وَأَنَّهُ يَكْفِي أَيْ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَكْفِي إلَخْ وَقِيلَ: يُكْتَفَى بِغَسْلِهِ وَقَوْلُهُ: وَأَنَّهُ لَا يَجِبُ أَنْ يُقَوَّرَ أَيْ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَجِبُ أَنْ يُقَوَّرَ، وَقِيلَ: يَجِبُ التَّقْوِيرُ وَالطَّرْحُ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ فِي الْمَعَضِّ خَمْسَةُ أَوْجُهٍ: أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ غَيْرُهُ ثَانِيًا يُغْسَلُ مَرَّةً. ثَالِثُهَا أَنَّهُ طَاهِرٌ. رَابِعُهَا مَعْفُوٌّ عَنْهُ مَعَ نَجَاسَتِهِ، خَامِسُهَا وُجُوبُ تَقْوِيرِهِ.
قَوْلُهُ: (فِي الرُّكْنِ الثَّالِثِ) أَيْ بَعْضِهِ، وَبَعْضُهُ الْآخَرُ تَقَدَّمَ، وَهُوَ الْجَارِحَةُ وَتَسْمِيَتُهُ ثَالِثًا بِاعْتِبَارِ تَفْصِيلِ الْأَرْكَانِ وَإِنْ كَانَتْ عِنْدَ الْآيَةِ ثَانِيًا عِنْدَ إجْمَالِ الْأَرْكَانِ.
قَوْلُهُ: (كَمُحَدَّدِ حَدِيدٍ) بِالْإِضَافَةِ. وَهِيَ عَلَى مَعْنَى مَنْ
وَذَهَبٍ وَفِضَّةٍ لِأَنَّهُ أَسْرَعُ فِي إزْهَاقِ الرُّوحِ. (إلَّا بِالسِّنِّ وَالظُّفْرِ) وَبَاقِي الْعِظَامِ مُتَّصِلًا كَانَ أَوْ مُنْفَصِلًا مِنْ آدَمِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ: «مَا أَنْهَرَ الدَّمَ وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ فَكُلُوا لَيْسَ السِّنَّ وَالظُّفْرَ وَسَأُحَدِّثُكُمْ عَنْ ذَلِكَ. أَمَّا السِّنُّ فَعَظْمٌ. وَأَمَّا الظُّفْرُ فَمُدَى الْحَبَشَةِ» وَأُلْحِقَ بِذَلِكَ بَاقِي الْعِظَامِ. وَالنَّهْيُ عَنْ الذَّبْحِ بِالْعِظَامِ قِيلَ تَعَبُّدِيٌّ وَبِهِ قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ وَمَالَ إلَيْهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ مَعْنَاهُ لَا تَذْبَحُوا بِهَا فَإِنَّهَا تُنَجَّسُ بِالدَّمِ. وَقَدْ نُهِيتُمْ عَنْ تَنَجُّسِهَا فِي الِاسْتِنْجَاءِ لِكَوْنِهَا طَعَامَ إخْوَانِكُمْ مِنْ الْجِنِّ وَمَعْنَى قَوْلِهِ: (وَأَمَّا الظُّفْرُ فَمُدَى الْحَبَشَةِ) أَنَّهُمْ كُفَّارٌ وَقَدْ نُهِيتُمْ عَنْ التَّشَبُّهِ بِهِمْ نَعَمْ مَا قَتَلَتْهُ الْجَارِحَةُ بِظُفْرِهَا أَوْ نَابِهَا حَلَالٌ. كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ وَخَرَجَ بِمُحَدِّدٍ مَا لَوْ قُتِلَ بِمُثْقَلٍ كَبُنْدُقَةٍ، وَسَوْطٍ وَسَهْمٍ بِلَا
ــ
[حاشية البجيرمي]
سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّ الْحَدَّ لُغَةً الْمَنْعُ وَهُوَ يَمْنَعُ مِنْ وُصُولِ السِّلَاحِ إلَى الْبَدَنِ. وَمِثْلُهُ نُحَاسٌ وَإِنَّمَا قَالَ كَمُحَدَّدِ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ وَإِلَّا لَفُهِمَ إجْزَاءُ الْحَدِيدِ، بِلَا تَحْدِيدٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. وَمِمَّا لَهُ حَدٌّ الْمَحَارُ فَيَحِلُّ الذَّبْحُ بِهِ، لِأَنَّهُ لَيْسَ بِسِنٍّ وَلَا عَظْمٍ وَكَذَلِكَ الشَّعَرُ إذَا كَانَ لَهُ حَدٌّ وَذُبِحَ بِهِ، لَا عَلَى وَجْهِ الْخَنْقِ كَمَا فِي ع ش عَلَى م ر وَنَصُّهُ. وَيَنْبَغِي أَنَّ مِنْ الْمُحَدَّدِ مَا لَوْ ذَبَحَ بِخَيْطٍ يُؤَثِّرُ مُرُورُهُ عَلَى حَلْقِ نَحْوِ الْعُصْفُورِ كَتَأْثِيرِ السِّكِّينِ فِيهِ فَيَحِلُّ الْمَذْبُوحُ بِهِ.
قَوْلُهُ: (إلَّا بِالسِّنِّ) دَخَلَ فِي الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ الْخُبْزُ إذَا كَانَ مُحَدَّدًا فَيَحِلُّ الذَّبْحُ بِهِ وَإِنْ حَرُمَ مِنْ جِهَةِ تَنْجِيسِهِ سم ز ي. قَوْلُهُ: (مَا أَنْهَرَ الدَّمَ) أَيْ مَا أَسَالَ أَيْ مَذْبُوحُ مَا أَنْهَرَ إلَخْ. لِأَنَّهُ الَّذِي يُؤْكَلُ شَبَّهَ الْإِسَالَةَ بِالْإِنْهَارِ وَاسْتَعَارَ الْإِنْهَارَ لِلْإِسَالَةِ. وَاشْتَقَّ مِنْ الْإِنْهَارِ أَنْهَرَ بِمَعْنَى أَسَالَ فَيَكُونُ اسْتِعَارَةً تَصْرِيحِيَّةً تَبَعِيَّةً وَكَلِمَةُ مَا مَوْصُولَةٌ مُبْتَدَأٌ وَالْخَبَرُ فَكُلُوهُ أَوْ شَرْطِيَّةٌ وَالْفَاءُ الْمَفْهُومُ مِنْ أَنْهَرَ وَتَمَسَّكَ بِهِ مَنْ اشْتَرَطَ التَّسْمِيَةَ كَمَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ أَنَّ التَّسْمِيَةَ سُنَّةٌ وَعِبَارَةٌ شَرْحُ م ر. وَأَنْ يَقُولَ: بِسْمِ اللَّهِ وَحْدَهُ عِنْدَ الْفِعْلِ. مِنْ ذَبْحٍ أَوْ إرْسَالِ سَهْمٍ أَوْ جَارِحَةٍ لِلِاتِّبَاعِ وَيُكْرَهُ تَعَمُّدُ تَرْكِهَا، فَلَوْ تَرَكَهَا وَلَوْ عَمْدًا حَلَّ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَبَاحَ ذَبَائِحَ أَهْلِ الْكِتَابِ بِقَوْلِهِ:{وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} [المائدة: 5] وَهُمْ لَا يَذْكُرُونَهَا. وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى: {وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} [الأنعام: 121] . فَالْمُرَادُ مَا ذُكِرَ عَلَيْهِ غَيْرُ اسْمِ اللَّهِ يَعْنِي مَا ذُبِحَ لِلْأَصْنَامِ بِدَلِيلِ قَوْله تَعَالَى: {وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ} [المائدة: 3] . وَسِيَاقُ الْآيَةِ دَالٌّ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ قَالَ: {وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ} [الأنعام: 121] وَالْحَالَةُ الَّتِي يَكُونُ فِيهَا فِسْقًا هِيَ الْإِهْلَالُ لِغَيْرِ اللَّهِ وَقَالَ تَعَالَى: {أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ} [الأنعام: 145] وَالْإِجْمَاعُ عَامٌّ عَلَى أَنَّ كُلَّ مَنْ أَكَلَ ذَبِيحَةَ مُسْلِمٍ لَمْ يُسَمِّ عَلَيْهَا لَيْسَ بِفِسْقٍ اهـ. بِحُرُوفِهَا.
قَوْلُهُ: (لَيْسَ السِّنَّ وَالظُّفْرَ) بِنَصْبِهِمَا لِأَنَّهُمَا خَبَرَا لَيْسَ وَهُمَا مُسْتَثْنَيَانِ مِنْ فَاعِلِ أَنْهَرَ الْمُسْتَتِرِ فِيهِ أَيْ لَيْسَ الْمُنْهِرُ السِّنَّ، وَالْإِنْهَارُ الْإِسَالَةُ شَبَّهَ خُرُوجَ الدَّمِ بِجَرْيِ الْمَاءِ فِي النَّهْرِ. اهـ. شَرْحُ التَّوْضِيحِ بِحُرُوفِهِ.
قَوْلُهُ: (عَنْ ذَلِكَ) أَيْ عَنْ وَجْهِ اسْتِثْنَاءِ ذَلِكَ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: أَمَّا السِّنُّ إلَخْ أَيْ أُحَدِّثُكُمْ عَنْ ذَلِكَ فِي زَمَنٍ قَرِيبٍ مِنْ زَمَنِ التَّكَلُّمِ ثُمَّ أَخْبَرَهُمْ بِقَوْلِهِ: أَمَّا السِّنُّ إلَخْ.
قَوْلُهُ: (وَأَمَّا الظُّفْرُ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الظُّفْرَ لَيْسَ مِنْ الْعَظْمِ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِظَاهِرِ قَوْلِ الشَّارِحِ بَاقِي الْعِظَامِ ع ش عَلَى م ر. وَقَوْلُهُ: الْحَبَشَةِ أَيْ السُّودَانِ.
قَوْلُهُ: (تَعَبُّدِيٌّ) وَالتَّعَبُّدِيُّ أَكْثَرُ ثَوَابًا مِنْ مَعْقُولِ الْمَعْنَى لِمَا فِيهِ مِنْ امْتِثَالِ أَمْرِ اللَّهِ مَعَ عَدَمِ الْعِلْمِ بِعِلَّتِهِ. قَوْلُهُ: (لِكَوْنِهَا طَعَامَ إخْوَانِكُمْ) يَرِدُ عَلَيْهِ مَا قَالُوا مِنْ حِلِّ التَّذْكِيَةِ بِالْخُبْزِ إذَا كَانَ مُحَدَّدًا وَهُوَ طَعَامُ الْإِنْسِ، وَهُمْ أَفْضَلُ مِنْ الْجِنِّ وَإِنْ تَنَجَّسَ. فَلْيُطْلَبْ فَرْقٌ وَاضِحٌ عَلَى هَذَا التَّعْلِيلِ، أَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِالتَّعَبُّدِ الْقَائِلِ بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ وَمَالَ إلَيْهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فَلَا إيرَادَ اهـ لِكَاتِبِهِ أج وَيُفَرَّقُ بَيْنَ الْعَظْمِ وَالْخُبْزِ الْمُحَدَّدِ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ غَسْلُهُ بِخِلَافِ الْعَظْمِ فَإِنَّهُ يُرْمَى بِنَجَاسَتِهِ.
قَوْلُهُ: (كَبُنْدُقَةٍ) وَأَفْتَى ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِحُرْمَةِ الرَّمْيِ بِالْبُنْدُقِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الذَّخَائِرِ لَكِنْ أَفْتَى النَّوَوِيُّ بِجَوَازِهِ وَقَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ بِمَا إذَا كَانَ الصَّيْدُ لَا يَمُوتُ مِنْهُ غَالِبًا كَالْإِوَزِّ. فَإِنْ مَاتَ كَالْعَصَافِيرِ حَرُمَ وَلَوْ أَصَابَتْهُ الْبُنْدُقَةُ فَذَبَحَتْهُ بِقُوَّتِهَا، أَوْ قَطَعَتْ رَقَبَتَهُ حَرُمَ اهـ. وَهَذَا التَّفْصِيلُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ اهـ زي. وَهَذَا كُلُّهُ بِالنِّسْبَةِ لِحِلِّ الرَّمْيِ، وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِحِلِّ الْمَرْمِيِّ
نَصْلٍ وَلَا حَدٍّ أَوْ بِسَهْمٍ وَبُنْدُقَةٍ أَوْ انْخَنَقَ وَمَاتَ بِأُحْبُولَةِ مَنْصُوبَةٍ كَذَلِكَ، أَوْ أَصَابَهُ سَهْمٌ فَوَقَعَ عَلَى طَرَفِ جَبَلٍ ثُمَّ سَقَطَ مِنْهُ وَفِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ وَمَاتَ حَرُمَ الصَّيْدُ فِي جَمِيعِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ: أَمَّا فِي الْقَتْلِ بِالْمُثْقَلِ. فَلِأَنَّهَا مَوْقُوذَةٌ فَإِنَّهَا مَا قُتِلَ بِحَجَرٍ أَوْ نَحْوِهِ مِمَّا لَا حَدَّ لَهُ وَأَمَّا مَوْتُهُ بِالسَّهْمِ وَالْبُنْدُقَةِ وَمَا بَعْدَهُمَا بِشَيْئَيْنِ: مُبِيحٌ وَمُحَرَّمٌ. فَغَلَبَ الْمُحَرَّمُ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِي الْمَيْتَاتِ وَأَمَّا الْمُنْخَنِقَةُ بِالْأُحْبُولَةِ فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالْمُنْخَنِقَةُ} [المائدة: 3] .
ثُمَّ شَرَعَ فِي الرُّكْنِ الرَّابِعِ وَهُوَ الذَّابِحُ فَقَالَ: (وَتَحِلُّ ذَكَاةُ) وَصَيْدُ (كُلِّ مُسْلِمٍ) وَمُسْلِمَةٍ (وَكِتَابِيٍّ) وَكِتَابِيَّةٍ تَحِلُّ مُنَاكَحَتُنَا لِأَهْلِ مِلَّتِهِمَا قَالَ تَعَالَى: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ} [المائدة: 5] وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إنَّمَا أُحِلَّتْ ذَبَائِحُ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى مِنْ أَجْلِ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِالتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ وَلَا أَثَرَ لِلرِّقِّ فِي الذَّابِحِ فَتَحِلُّ ذَكَاةُ أَمَةٍ كِتَابِيَّةٍ وَإِنْ حَرُمَ مُنَاكَحَتُهَا لِعُمُومِ الْآيَةِ الْمَذْكُورَةِ.
(وَلَا تَحِلُّ ذَكَاةُ مَجُوسِيٍّ وَلَا وَثَنِيٍّ) وَلَا غَيْرِهِمَا مِمَّا لَا كِتَابَ لَهُ وَلَوْ شَارَكَ مَنْ لَا تَحِلُّ مُنَاكَحَتُهُ مُسْلِمًا فِي ذَبْحٍ أَوْ اصْطِيَادٍ حَرُمَ الْمَذْبُوحُ وَالْمُصَادُ تَغْلِيبًا لِلتَّحْرِيمِ وَلَوْ أَرْسَلَ الْمُسْلِمُ وَالْمَجُوسِيُّ كَلْبَيْنِ أَوْ سَهْمَيْنِ عَلَى صَيْدٍ فَإِنْ سَبَقَ آلَةُ الْمُسْلِمِ آلَةَ الْمَجُوسِيِّ فِي صُورَةِ السَّهْمَيْنِ أَوْ كَلْبُ الْمُسْلِمِ، كَلْبَ الْمَجُوسِيِّ فِي صُورَةِ الْكَلْبَيْنِ فَقَتَلَ الصَّيْدَ أَوْ لَمْ يَقْتُلْهُ. بَلْ أَنْهَاهُ إلَى حَرَكَةِ مَذْبُوحٍ حَلَّ وَلَوْ انْعَكَسَ مَا ذُكِرَ أَوْ جَرَحَاهُ مَعًا وَحَصَلَ الْهَلَاكُ بِهِمَا أَوْ جَهِلَ ذَلِكَ أَوْ جَرَحَاهُ مُرَتَّبًا وَلَكِنْ لَمْ يَذْفِفْهُ الْأَوَّلُ فَهَلَكَ بِهِمَا حَرُمَ الصَّيْدُ فِي مَسْأَلَةِ الْعَكْسِ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهَا تَغْلِيبًا لِلتَّحْرِيمِ. فَائِدَةٌ:
قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: وَالْحِكْمَةُ فِي اشْتِرَاطِ الذَّابِحِ وَإِنْهَارِ الدَّمِ تَمْيِيزُ حَلَالِ اللَّحْمِ وَالشَّحْمِ مِنْ حَرَامِهِمَا وَتَنْبِيهٌ عَلَى تَحْرِيمِ الْمَيْتَةِ لِبَقَاءِ دَمِهَا.
وَيَحِلُّ ذَبْحُ وَصَيْدُ صَغِيرٍ مُسْلِمٍ أَوْ كِتَابِيٍّ مُمَيِّزٍ لِأَنَّ قَصْدَهُ صَحِيحٌ بِدَلِيلِ صِحَّةِ الْعِبَادَةِ مِنْهُ إنْ كَانَ مُسْلِمًا فَانْدَرَجَ تَحْتَ الْأَدِلَّةِ كَالْبَالِغِ وَكَذَا صَغِيرٌ غَيْرُ مُمَيِّزٍ وَمَجْنُونٌ وَسَكْرَانُ تَحِلُّ ذَبِيحَتُهُمْ فِي الْأَظْهَرِ لِأَنَّ لَهُمْ قَصْدًا وَإِرَادَةً فِي الْجُمْلَةِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
الَّذِي هُوَ الصَّيْدُ فَإِنَّهُ حَرَامٌ مُطْلَقًا. وَالْكَلَامُ فِي بُنْدُقِ الطِّينِ أَمَّا الرَّصَاصُ فَيَحْرُمُ مُطْلَقًا لِمَا فِيهِ مِنْ التَّعْذِيبِ بِالنَّارِ، نَعَمْ إنْ عَلِمَ حَاذِقٌ أَنَّهُ إنَّمَا يُصِيبُ نَحْوَ جَنَاحٍ كَبِيرٍ فَيُثْبِتُهُ فَقَطْ، احْتَمَلَ الْحِلَّ، وَمِثْلُ الطِّينِ مَا لَوْ كَانَ رَصَاصًا مِنْ غَيْرِ نَارٍ،. اهـ. س ل.
بِحُرُوفِهِ.
قَوْلُهُ: (بِأُحْبُولَةٍ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَهُوَ الشَّرَكُ الْمَعْرُوفُ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ سَقَطَ مِنْهُ) اُحْتُرِزَ بِهِ عَمَّا إذَا لَمْ يَسْقُطْ مِنْهُ وَلَكِنْ تَدَحْرَجَ مِنْ جَنْبٍ إلَى جَنْبٍ فَإِنَّهُ يَحِلُّ بِلَا خِلَافٍ وَقَالَ سم: أَمَّا لَوْ لَمْ يَسْقُطْ فَإِنَّهُ يَحِلُّ.
قَوْلُهُ: (وَمَا بَعْدَهُمَا) وَهُوَ السَّاقِطُ مِنْ الْجَبَلِ بَعْدَ إصَابَةِ السَّهْمِ لَهُ.
قَوْلُهُ: (بِشَيْئَيْنِ) الْأَوْلَى فَبِشَيْئَيْنِ بِالْفَاءِ لِأَجْلِ أَمَّا.
قَوْلُهُ: (لِأَهْلِ مِلَّتِهِمَا) لَمْ يَقُلْ مُنَاكَحَتُنَا لَهُ إشَارَةً إلَى أَنَّ هَذَا الْبَابَ أَوْسَعُ مِنْ بَابِ النِّكَاحِ فَإِنَّ غَيْرَ الْإِسْرَائِيلِيِّ الَّذِي لَمْ يُعْلَمْ دُخُولُ أَوَّلِ آبَائِهِ فِي دِينِهِ قَبْلَ نَسْخِهِ لَا تَحِلُّ مُنَاكَحَتُهُ، وَلَكِنْ تَحِلُّ ذَبِيحَتُهُ لِأَنَّهُ تَحِلُّ مُنَاكَحَةُ أَهْلِ دِينِهِ فِي الْجُمْلَةِ أَيْ فِيمَا إذَا عُلِمَ دُخُولُ أَوَّلِ الْآبَاءِ فِي ذَلِكَ الدِّينِ قَبْلَ نَسْخِهِ.
قَوْلُهُ: (وَلَا وَثَنِيٍّ) وَلَا مُرْتَدٍّ لِعَدَمِ حِلِّ مُنَاكَحَتِهِ م ر. قَوْلُهُ: (فِي ذَبْحٍ) أَيْ بِآلَةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ جَارِحَةٍ وَاحِدَةٍ بِخِلَافِ مَا يَأْتِي فَإِنَّ كُلًّا لَهُ آلَةٌ.
قَوْلُهُ: (أَوْ جُهِلَ ذَلِكَ) أَيْ الْمَعِيَّةُ وَالتَّرْتِيبُ.
قَوْلُهُ: (فَهَلَكَ بِهِمَا) رَاجِعٌ لِجَمِيعِ مَا قَبْلَهُ فَقَوْلُهُ فِي مَسْأَلَةِ الْعَكْسِ هَذَا مَعْلُومٌ فَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ.
قَوْلُهُ: (وَيَحِلُّ ذَبْحُ وَصَيْدُ صَغِيرٍ) أَيْ مَذْبُوحُهُ وَإِلَّا فَهُوَ لَا يُخَاطَبُ بِحِلٍّ وَلَا حُرْمَةٍ وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ الْآتِي لَكِنْ مَعَ الْكَرَاهَةِ لَكِنَّ التَّعْلِيلَ قَدْ يَقْتَضِي أَنَّ الْمُرَادَ كَرَاهَةُ الْفِعْلِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ يُكْرَهُ مَذْبُوحُ الْمَذْكُورَيْنِ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ قَدْ أَخْطَأَ الْمَذْبَحَ فَتَأَمَّلْ رَشِيدِيٌّ.
قَوْلُهُ: (وَكَذَا صَغِيرٌ غَيْرُ مُمَيِّزٍ) أَيْ مُطِيقٌ لِلذَّبْحِ، بِأَنْ يَكُونَ لَهُ قُدْرَةٌ عَلَيْهِ كَمَا فِي م ر.
قَوْلُهُ: (لِأَنَّ لَهُمْ قَصْدًا إلَخْ) مِنْهُ يُؤْخَذُ عَدَمُ حِلِّ ذَبْحِ النَّائِمِ اهـ. شَرْحُ م ر. وَمِثْلُ
لَكِنْ مَعَ الْكَرَاهَةِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ خَوْفًا مِنْ عُدُولِهِمْ عَنْ مَحَلِّ الذَّبْحِ
وَتُكْرَهُ ذَكَاةُ الْأَعْمَى لِذَلِكَ وَيَحْرُمُ صَيْدُهُ بِرَمْيٍ وَكَلْبٍ وَغَيْرِهِ مِنْ جَوَارِحِ السِّبَاعِ لِعَدَمِ صِحَّةِ قَصْدِهِ لِأَنَّهُ لَا يَرَى الصَّيْدَ. وَأَمَّا صَيْدُ الصَّغِيرِ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ وَالْمَجْنُونِ وَالسَّكْرَانِ فَمُقْتَضَى عِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ أَنَّهُ حَلَالٌ. وَهُوَ مَا قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ وَقِيلَ: لَا يَصِحُّ لِعَدَمِ الْقَصْدِ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ انْتَهَى
(وَذَكَاةُ الْجَنِينِ) حَاصِلَةٌ (بِذَكَاةِ أُمِّهِ) فَلَوْ وُجِدَ جَنِينٌ مَيِّتًا أَوْ عَيْشُهُ عَيْشُ مَذْبُوحٍ سَوَاءٌ أَشْعَرَ أَمْ لَا فِي بَطْنِ مُذَكَّاةٍ سَوَاءٌ أَكَانَتْ ذَكَاتُهَا بِذَبْحِهَا أَوْ إرْسَالِ سَهْمٍ أَوْ نَحْوِ كَلْبٍ عَلَيْهَا لِحَدِيثِ: «ذَكَاةُ الْجَنِينِ ذَكَاةُ أُمِّهِ» أَيْ ذَكَاتُهَا الَّتِي أَحَلَّتْهَا أَحَلَّتْهُ تَبَعًا لَهَا وَلِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْ أَجْزَائِهَا وَذَكَاتُهَا ذَكَاةٌ لِجَمِيعِ أَجْزَائِهَا وَلِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَحِلَّ بِذَكَاةِ أُمِّهِ لَحَرُمَتْ ذَكَاتُهَا مَعَ ظُهُورِ الْحَمْلِ كَمَا لَا تُقْتَلُ الْحَامِلُ قَوَدًا، أَمَّا إذَا خَرَجَ وَبِهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ كَمَا قَالَ:(إلَّا أَنْ يُوجَدَ حَيًّا) حَيَاةً مُسْتَقِرَّةً وَأَمْكَنَهُ ذَكَاتُهُ. (فَيُذَكَّى) وُجُوبًا فَلَا يَحِلُّ بِذَكَاةِ أُمِّهِ وَلَا بُدَّ أَنْ يَسْكُنَ عَقِبَ ذَبْحِ أُمِّهِ فَلَوْ اضْطَرَبَ فِي الْبَطْنِ بَعْدَ ذَبْحِ أُمِّهِ، زَمَانًا طَوِيلًا ثُمَّ سَكَنَ لَمْ يَحِلَّ قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ فِي الْفُرُوقِ وَأَقَرَّهُ الشَّيْخَانِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَ الْأَصْحَابِ إذَا مَاتَ بِذَكَاةِ أُمِّهِ فَلَوْ مَاتَ قَبْلَ ذَكَاتِهَا كَانَ مَيْتَةً لَا مَحَالَةَ لِأَنَّ ذَكَاةَ الْأُمِّ لَمْ تُؤَثِّرْ فِيهِ وَالْحَدِيثُ يُشِيرُ إلَيْهِ انْتَهَى. وَعَلَى
ــ
[حاشية البجيرمي]
ذَبْحِهِمْ صَيْدُهُمْ بِسَهْمٍ، أَوْ كَلْبٍ فَيَحِلُّ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ.
قَوْلُهُ: (وَتُكْرَهُ ذَكَاةُ الْأَعْمَى) ظَاهِرُهُ وَلَوْ دَلَّهُ بَصِيرٌ عَلَى الْمَذْبَحِ لَكِنْ مُقْتَضَى التَّعْلِيلِ خِلَافُهُ وَلَعَلَّ وَجْهَ الْكَرَاهَةِ فِيهِ أَنَّهُ قَدْ يُخْطِئُ فِي الْجُمْلَةِ.
قَوْلُهُ: (لِذَلِكَ) أَيْ خَوْفًا عَنْ عُدُولِهِ مِنْ مَحَلِّ الذَّبْحِ.
قَوْلُهُ: (وَيَحْرُمُ صَيْدُهُ) أَمَّا صَيْدُهُ السَّمَكَ فَيَصِحُّ. إنْ قُلْت لَوْ أَحَسَّ الْبَصِيرُ بِصَيْدٍ فِي ظُلْمَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ شَجَرَةٍ أَوْ نَحْوِهِمَا فَرَمَاهُ حَلَّ بِالْإِجْمَاعِ مَا الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَعْمَى. قُلْت يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ هَذَا مُبْصِرٌ بِالْقُوَّةِ فَلَا يُعَدُّ عُرْفًا رَمْيُهُ عَبَثًا بِخِلَافِ الْأَعْمَى شَرْحِ م ر. فَرْعٌ: قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ أَصْحَابُنَا أَوْلَى النَّاسِ بِالذَّكَاةِ الرَّجُلُ الْعَاقِلُ الْمُسْلِمُ، ثُمَّ الْمَرْأَةُ الْمُسْلِمَةُ، ثُمَّ الصَّبِيُّ الْمُسْلِمُ، ثُمَّ الْكِتَابِيُّ، ثُمَّ الْمَجْنُونُ وَالسَّكْرَانُ اهـ. قَالَ شَيْخُنَا: وَالصَّبِيُّ غَيْرُ الْمُمَيِّزِ فِي مَعْنَى الْأَخِيرَيْنِ اهـ. س ل.
وَقَوْلُهُ: ثُمَّ الْمَجْنُونُ إلَخْ قَالَ الطَّبَلَاوِيُّ يَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّهُ مَا لَمْ يَصِرْ مُلْقًى كَالْخَشَبَةِ لَا يُحِسُّ وَلَا يُدْرِكُ، وَإِلَّا فَكَالنَّائِمِ وَلَا فَرْقَ فِي الْقِسْمَيْنِ بَيْنَ الْمُتَعَدِّي وَغَيْرِهِ. وَكَذَا يُقَالُ فِي الْمُغْمَى عَلَيْهِ. اهـ. .
قَوْلُهُ: (وَذَكَاةُ الْجَنِينِ) انْفَرَدَ أَوْ تَعَدَّدَ وَلَيْسَ عَلَقَةً وَلَا مُضْغَةً وَكَذَا جَنِينٌ فِي جَوْفِ هَذَا الْجَنِينِ ق ل أَيْ إنْ تَصَوَّرَ فَلَا بُدَّ أَنْ تَظْهَرَ فِيهِ صُورَةُ الْحَيَوَانِ، وَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِ نَفْخُ الرُّوحِ كَمَا قَالَهُ م ر. آخِرًا وَخَالَفَ الْبُلْقِينِيُّ وَقَالَ: يُعْتَبَرُ نَفْخُ الرُّوحِ فِيهِ وَإِلَّا لَمْ يَحِلَّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ.
قَوْلُهُ: (سَوَاءٌ أَشْعَرَ) أَيْ وُجِدَ لَهُ شَعْرٌ.
قَوْلُهُ: (لِحَدِيثِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: حَلَّ لِحَدِيثِ إلَخْ لِيَكُونَ جَوَابًا لِلَوْ. قَوْلُهُ: (ذَكَاةُ الْجَنِينِ) خَبَرٌ مُقَدَّمٌ كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ قَوْلُ الشَّارِحِ أَيْ ذَكَاتُهَا إلَخْ، وَقَالَ م د.
قَوْلُهُ: ذَكَاةُ الْجَنِينِ ذَكَاةُ أُمِّهِ الرِّوَايَةُ الْمَشْهُورَةُ بِرَفْعِ ذَكَاةُ أَيْ الثَّانِيَةُ وَبَعْضُ النَّاسِ يَنْصِبُهَا، وَيَجْعَلُهَا بِالنَّصْبِ دَلِيلًا لِإِيجَابِ أَبِي حَنِيفَةَ ذَبْحَهُ فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ عِنْدَهُ إلَّا بِذَبْحِهِ، وَيَقُولُ تَقْدِيرُهُ كَذَكَاةِ أُمِّهِ حُذِفَتْ الْكَافُ فَانْتَصَبَ وَهَذَا لَيْسَ بِظَاهِرٍ، لِأَنَّ الرِّوَايَةَ الْمَعْرُوفَةَ بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّ ذَكَاةَ الْجَنِينِ، خَبَرٌ مُقَدَّمٌ وَذَكَاةُ أُمِّهِ مُبْتَدَأٌ مُؤَخَّرٌ وَالتَّقْدِيرُ ذَكَاةُ أُمِّ الْجَنِينِ ذَكَاةٌ لَهُ لِأَنَّ الْخَبَرَ: مَا حَصَلَتْ بِهِ الْفَائِدَةُ، وَأَمَّا رِوَايَةُ النَّصْبِ عَلَى تَقْدِيرِ صِحَّتِهَا فَتَقْدِيرُهَا: ذَكَاةُ الْجَنِينِ حَاصِلَةٌ وَقْتَ ذَكَاةِ أُمِّهِ قَالَ ق ل: وَيَجُوزُ فِي ذَكَاةِ أُمِّهِ أَنْ يَكُونَ مَنْصُوبًا عَلَى نَزْعِ الْخَافِضِ وَهُوَ الْبَاءُ الْمُوَحَّدَةُ عِنْدَنَا، وَالْكَافُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَلَا يَحِلُّ عِنْدَهُ إلَّا بِذَبْحِهِ كَأُمِّهِ اهـ. قَالَ النَّوَوِيُّ: وَأَمَّا قَوْلُهُ: كَذَكَاةِ أُمِّهِ فَلَا يَصِحُّ عِنْدَ النَّحْوِيِّينَ بَلْ هُوَ لَحْنٌ لِأَنَّ النَّصْبَ بِإِسْقَاطِ الْخَافِضِ فِي مَوَاضِعَ مَعْرُوفَةٍ عِنْدَ الْكُوفِيِّينَ بِشَرْطٍ لَيْسَ مَوْجُودًا هُنَا اهـ. تَهْذِيبُ الْأَسْمَاءِ وَاللُّغَاتِ لِلنَّوَوِيِّ. وَاعْلَمْ أَنَّ الرَّاجِحَ أَنَّ الْحَيَوَانَ إذَا لَمْ تُنْفَخُ فِيهِ الرُّوحُ وَالْمُضْغَةُ وَالْعَلَقَةُ لَا يَحِلُّ أَكْلُهَا. وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ مِنْ خِلَافٍ طَوِيلٍ كَمَا قَالَهُ: الْبِشْبِيشِيُّ وَلَوْ حَمَلَتْ مَأْكُولَةٌ بِغَيْرِ مَأْكُولٍ امْتَنَعَ ذَبْحُهَا بَعْدَ ظُهُورِ الْحَمْلِ حَتَّى تَضَعَ زي.
قَوْلُهُ: (وَلَا بُدَّ أَنْ يَسْكُنَ) رَاجِعٌ لِأَصْلِ الْمَسْأَلَةِ.
قَوْلُهُ: (فَلَوْ اضْطَرَبَ) أَيْ تَحَرَّكَ.
قَوْلُهُ: (لَا مَحَالَةَ) أَيْ قَطْعًا.