الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَعْضُهُ شَائِعًا بَطَلَتْ فِيهِ لَا فِي الْبَاقِي.
تَتِمَّةٌ: لَوْ تَرَافَعَ الشُّرَكَاءُ إلَى قَاضٍ فِي قِسْمَةِ مِلْكٍ بِلَا بَيِّنَةٍ لَمْ يُجِبْهُمْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ مُنَازِعٌ وَقِيلَ: يُجِيبُهُمْ وَعَلَيْهِ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ.
فَصْلٌ فِي الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَاتِ
وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ أَنَّ هَذَا الْفَصْلَ مُقَدَّمٌ عَلَى الَّذِي قَبْلَهُ، وَالدَّعْوَى فِي اللُّغَةِ الطَّلَبُ وَالتَّمَنِّي وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ} [يس: 57]
ــ
[حاشية البجيرمي]
سَوَاءً) أَيْ وَلَيْسَ الْبَعْضُ الْمُسْتَحَقُّ مَقْسُومًا بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ بِأَنْ اُخْتُصَّ بِهِ أَحَدُهُمَا أَوْ أَصَابَهُ مِنْهُ أَكْثَرُ. قَوْلُهُ: (شَائِعًا) بِأَنْ ادَّعَى عَلَى الْوَرَثَةِ بِأَنَّ أَبَاهُمْ أَوْصَى لَهُ بِثُلُثِ غَنَمِهِ وَكَانُوا قَسَمُوهَا.
قَوْلُهُ: (بِلَا بَيِّنَةٍ) فَإِنْ كَانَ هُنَاكَ بَيِّنَةٌ أَجَابَهُمْ وَهِيَ رَجُلَانِ أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ لَا شَاهِدٌ وَيَمِينٌ وَقِيلَ يَكْفِي وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. لِأَنَّ الْقِسْمَةَ تَتَضَمَّنُ الْحُكْمَ لَهُمْ بِالْمِلْكِ، وَهُوَ عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ لَمْ يُجِبْهُمْ. وَعِبَارَةُ ز ي: أَمَّا إذَا أَقَامُوا بَيِّنَةً وَلَوْ رَجُلًا وَامْرَأَتَيْنِ فَيُجِيبُهُمْ. وَاعْتَرَضَ ابْنُ سُرَيْجٍ بِأَنَّ الْبَيِّنَةَ إنَّمَا تُقَامُ وَتُسْمَعُ عَلَى خَصْمٍ وَلَا خَصْمَ هُنَا. وَأَجَابَ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ: بِأَنَّ الْقِسْمَةَ تَتَضَمَّنُ الْحُكْمَ لَهُمْ بِالْمِلْكِ. وَقَدْ يَكُونُ لَهُمْ خَصْمٌ غَائِبٌ فَتُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ، لِتَحْكُمَ لَهُمْ عَلَيْهِ. قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَفِي الْجَوَابِ نَظَرٌ. قَالَا فِي الرَّوْضَةِ: كَأَصْلِهَا. قَالَ ابْنُ كَجٍّ: وَلَا يَكْفِي شَاهِدٌ وَيَمِينٌ لِأَنَّ الْيَمِينَ إنَّمَا تُشْرَعُ حَيْثُ يَكُونُ خَصْمٌ يَرُدُّ عَلَيْهِ، لَوْ حَصَلَ نُكُولٌ وَقَالَ ابْنُ هُرَيْرَةَ: يَكْفِي. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَبِهِ جَزَمَ الدَّارِمِيُّ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ غَيْرِهِ وَهُوَ الْأَشْبَهُ. اهـ. شَرْحُ الْبَهْجَةِ. قَوْلُهُ: (لَمْ يُجِبْهُمْ) أَيْ لَمْ تَجِبْ إجَابَتُهُمْ شَوْبَرِيٌّ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ فِي أَيْدِيهِمْ بِإِجَارَةٍ أَوْ إعَارَةٍ. فَإِذَا قَسَمَهُ بَيْنَهُمْ فَقَدْ يَدَّعُونَ الْمِلْكَ مُحْتَجِّينَ بِقِسْمَةِ الْقَاضِي وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: لِأَنَّ قِسْمَةَ الْقَاضِي إثْبَاتٌ لِمِلْكِهِمَا، وَالْيَدُ تُوجِبُ إثْبَاتَ التَّصَرُّفِ لَا إثْبَاتَ الْمِلْكِ ع ن وَسُمِعَتْ الْبَيِّنَةُ هُنَا مَعَ عَدَمِ سَبْقِ دَعْوَى لِلْحَاجَةِ شَرْحُ م ر. فُرُوعٌ: يَصِحُّ قِسْمَةُ الْمَنَافِعِ الْمَمْلُوكَةِ وَلَوْ بِوَصِيَّةٍ مُهَايَأَةً وَلَا إجْبَارَ فِيهَا وَلَا تَصِحُّ بِغَيْرِ الْمُهَايَأَةِ فَإِنْ اتَّفَقُوا عَلَيْهَا وَتَنَازَعُوا فِي الْبُدَاءَةِ أُقْرِعَ بَيْنَهُمْ، وَلِكُلٍّ مِنْهُمْ الرُّجُوعُ مَتَى شَاءَ، وَمَنْ اسْتَوْفَى زَائِدًا عَلَى حَقِّهِ لَزِمَهُ أُجْرَةُ مَا زَادَ عَلَى قَدْرِ حِصَّتِهِ مِنْ الزَّائِدِ، وَإِنْ امْتَنَعُوا مِنْ الْمُهَايَأَةِ أَجَّرَ الْحَاكِمُ الْعَيْنَ وَقَسَمَ الْأُجْرَةَ بَيْنَهُمْ، وَلَا تَصِحُّ قِسْمَةُ الدُّيُونِ فِي الذِّمَمِ وَلَوْ بِالتَّرَاضِي. وَكُلُّ مَنْ أَخَذَ مِنْهَا شَيْئًا لَا يَخْتَصُّ بِهِ، كَذَا قَالُوا هُنَا: فَانْظُرْهُ، مَعَ قَوْلِهِمْ إنَّ مَحَلَّ عَدَمِ الِاخْتِصَاصِ فِي ثَلَاثِ مَسَائِلَ فِيمَا يَأْخُذُهُ أَحَدُ الْوَرَثَةِ مِنْ الدَّيْنِ الْمَوْرُوثِ، وَفِيمَا يَأْخُذُهُ أَحَدُ سَيِّدِي الْمُكَاتَبِ مِنْ نُجُومِ الْكِتَابَةِ، وَفِيمَا يَأْخُذُهُ أَحَدُ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ عَلَيْهِمْ فَرَاجِعْ وَحَرِّرْ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ.
[فَصْلٌ فِي الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَاتِ]
ِ ذَكَرَهَا فِي بَابِ الْقَضَاءِ لِأَنَّهَا لَا تَكُونُ إلَّا عِنْدَ قَاضٍ أَوْ مُحَكَّمٍ، وَالدَّعْوَى تُجْمَعُ عَلَى دَعَاوَى بِكَسْرِ الْوَاوِ وَفَتْحِهَا كَفَتَاوَى وَفَتَاوِي قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ
وَبِالْفَعَالَى وَالْفَعَالِي جُمِعَا
…
صَحْرَاءُ وَالْعَذْرَاءُ وَالْقَيْسُ اتَّبَعَا
وَأَلِفُهَا لِلتَّأْنِيثِ كَأَلِفِ حُبْلَى وَقَدْ تُؤَنَّثُ بِالتَّاءِ فَيُقَالُ دَعْوَةٌ وَتُجْمَعُ عَلَى دَعَوَاتٍ كَسَجْدَةٍ وَسَجَدَاتٍ لَكِنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّ الدَّعْوَةَ بِالتَّاءِ تَكُونُ لِلدَّعْوَةِ إلَى الطَّعَامِ وَأُفْرِدَتْ الدَّعْوَى لِأَنَّ حَقِيقَتَهَا وَاحِدَةٌ وَلِأَنَّهَا الْإِخْبَارُ بِحَقٍّ لَهُ عَلَى غَيْرِهِ وَلِأَنَّهَا مَصْدَرٌ وَالْمَصْدَرُ لَا يُثَنَّى وَلَا يُجْمَعُ أَصَالَةً فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ قَدْ يُجْمَعُ إذَا اخْتَلَفَتْ أَنْوَاعُهُ، كَمَا فِي قَوْلِهِ: كِتَابُ الْبُيُوعِ. وَجُمِعَتْ الْبَيِّنَاتُ لِاخْتِلَافِ أَنْوَاعِهَا، وَذِكْرُ الْبَيِّنَاتِ غَيْرُ مُنَاسِبٍ لِأَنَّهُ سَيَذْكُرُ لِلشُّهُودِ فَصْلًا بَعْدَ ذَلِكَ فَكَانَ الْأَوْلَى حَذْفُ قَوْلِهِ: وَالْبَيِّنَاتِ أَوْ كَانَ يُعَبِّرُ هُنَا بِكِتَابٍ أَوْ بَابٍ وَيَنْدَرِجُ فِيهِ الْفَصْلُ الْآتِي بَعْدَهُ. قَالَ الرَّحْمَانِيُّ: وَأَوَّلُ دَعْوَى وَقَعَتْ فِي الْأَرْضِ
وَشَرْعًا إخْبَارٌ عَنْ وُجُوبِ حَقٍّ عَلَى غَيْرِهِ عِنْدَ حَاكِمٍ، وَالْبَيِّنَاتُ جَمْعُ بَيِّنَةٍ وَهُمْ الشُّهُودُ سُمُّوا بِذَلِكَ لِأَنَّ بِهِمْ يَتَبَيَّنُ الْحَقُّ. وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى:{وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ} [النور: 48] وَأَخْبَارٌ كَخَبَرِ مُسْلِمٍ: " لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ لَادَّعَى رِجَالٌ، دِمَاءَ رِجَالٍ وَأَمْوَالَهُمْ " وَلَكِنَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ: " وَلَكِنَّ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينَ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ "، وَاَلَّذِي يَتَعَلَّقُ بِهَذَا
ــ
[حاشية البجيرمي]
دَعْوَى قَابِيلَ عَلَى هَابِيلَ، أَنَّهُ أَحَقُّ بِنِكَاحِ تَوْأَمَتِهِ. فَتَرَافَعَا لِأَبِيهِمَا آدَمَ عليه السلام. فَقَالَ لَهُ: لَا تَحِلُّ لَك فَقَالَ لَهُ: هَذَا بِاجْتِهَادِك لَا مِنْ رَبِّي فَأَمَرَهُمَا أَنْ يُقَرِّبَا قُرْبَانًا كَمَا قَصَّ فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ. وَتَوْأَمَةُ هَابِيلَ اسْمُهَا لبودا تَزَوَّجَهَا شِيثٌ عليه السلام وَتَوْأَمَةُ قَابِيلَ اسْمُهَا إقْلِيمَا وَقِيلَ قُلَيْمَا، بِالتَّصْغِيرِ اهـ بِحُرُوفِهِ.
قَوْلُهُ: (مَا يَدَّعُونَ) أَيْ يَتَمَنَّوْنَ.
قَوْلُهُ: (عَنْ وُجُوبِ) أَيْ ثُبُوتِ.
قَوْلُهُ: (عَلَى غَيْرِهِ) هَذَا يَشْمَلُ الشَّهَادَةَ فَالْأَوْلَى أَنْ يَزِيدَ لَهُ قَبْلَ عَلَى غَيْرِهِ.
قَوْلُهُ: (عِنْدَ حَاكِمٍ) أَوْ مُحَكَّمٍ أَوْ سَيِّدٍ أَوْ ذِي شَوْكَةٍ إذَا تَصَدَّى لِفَصْلِ الْأُمُورِ بَيْنَ أَهْلِ مَحَلَّتِهِ فَضَابِطُهُ: مَنْ يُرْجَى الْخَلَاصُ عَلَى يَدِهِ كَمَا فِي ق ل. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ بِهِمْ يَتَبَيَّنُ الْحَقُّ) أَيْ يَظْهَرُ وَاسْمُ أَنَّ ضَمِيرُ الشَّأْنِ.
قَوْلُهُ: (وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ) أَيْ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَاتِ أَيْ عَلَى اللَّفِّ وَالنَّشْرِ الْمُرَتَّبِ فَقَوْلُهُ: وَإِذَا دُعُوا إلَخْ دَلِيلٌ لِلدَّعْوَى وَمَا بَعْدَهُ دَلِيلٌ لِلْبَيِّنَاتِ قَوْلُهُ: «لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ» لَوْ حَرْفُ امْتِنَاعٍ لِامْتِنَاعٍ أَيْ امْتِنَاعُ الشَّيْءِ لِامْتِنَاعِ غَيْرِهِ، أَيْ تَقْتَضِي امْتِنَاعَ الْجَوَابِ لِامْتِنَاعِ الشَّرْطِ، كَمَا عَلَيْهِ جُمْهُورُ النُّحَاةِ. أَوْ لِمَا كَانَ سَيَقَعُ لِوُقُوعِ غَيْرِهِ، كَمَا عَلَيْهِ إمَامُهُمْ سِيبَوَيْهِ وَعَلَيْهِ فَلَا إشْكَالَ لِأَنَّ دَعْوَى رِجَالٍ أَمْوَالَ قَوْمٍ كَانَ سَيَقَعُ لِوُقُوعِ إعْطَاءِ النَّاسِ بِدَعَاوِيهِمْ. وَكَذَا لَا إشْكَالَ عَلَى الْأَوَّلِ أَيْضًا لِأَنَّ الْمُرَادَ بِدَعْوَى الرِّجَالِ أَمْوَالَ قَوْمٍ: إعْطَاؤُهُمْ إيَّاهَا وَدَفْعُهُمْ إلَيْهِمْ أَيْ لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ لَأَخَذَ رِجَالٌ أَمْوَالَ قَوْمٍ وَسَفَكُوا دِمَاءَهُمْ، فَوَضَعَ الدَّعْوَى مَوْضِعَ الْأَخْذِ لِأَنَّهَا سَبَبُهُ. وَلَا شَكَّ أَنَّ أَخْذَ مَالِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُمْتَنِعٌ، لِامْتِنَاعِ إعْطَاءِ الْمُدَّعِي بِمُجَرَّدِ دَعْوَاهُ، وَكَذَلِكَ أَخْذُهُ لِمَا سَيَقَعُ لَوْ وَقَعَ لَوَقَعَ إعْطَاءُ النَّاسِ بِدَعْوَاهُمْ فَصَحَّ مَعْنًى لَوْ هُنَا عَلَى الْقَوْلَيْنِ وَالْمَفْعُولُ الثَّانِي مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ مُدَّعَاهُمْ أَيْ لَوْ كَانَ كُلُّ مَنْ ادَّعَى شَيْئًا عِنْدَ الْحَاكِمِ يُعْطَاهُ بِمُجَرَّدِ دَعْوَاهُ بِلَا بَيِّنَةٍ، لَادَّعَى إلَخْ، رِوَايَةُ ابْنِ مَاجَهْ ادَّعَى بِحَذْفِ اللَّامِ وَقَوْلُهُ: رِجَالٌ ذَكَرَهُمْ لَا لِإِخْرَاجِ النِّسَاءِ بَلْ لِأَنَّ الدَّعْوَى غَالِبًا إنَّمَا تَصْدُرُ مِنْهُمْ أَوْ مِنْ بَابِ الِاكْتِفَاءِ بِأَحَدِ الْقَبِيلَيْنِ، كَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ الْحَرَّ أَيْ وَالْبَرْدَ وَيُؤَيِّدُهُ رِوَايَةُ لَادَّعَى نَاسٌ وَأَتَى بِصِيغَةِ الْجَمْعِ لِلْإِشَارَةِ إلَى إقْدَامِ غَيْرِ وَاحِدٍ عَلَى ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: «دِمَاءَ رِجَالٍ وَأَمْوَالَهُمْ» قَدَّمَ الدِّمَاءَ عَلَى الْأَمْوَالِ لِشَرَفِهَا وَعِظَمِ خَطَرِهَا لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهَا النَّاسُ فَأَطْلَقَ الْجُزْءَ عَلَى الْكُلِّ، وَفِي رِوَايَةٍ تَقْدِيمُ الْأَمْوَالِ عَلَى الدِّمَاءِ، لِأَنَّ الْخُصُومَاتِ فِي الْأَمْوَالِ أَكْثَرُ وَأَغْلَبُ إذْ أَخْذُهَا أَيْسَرُ. وَامْتِدَادُ الْأَيْدِي إلَيْهَا أَسْهَلُ وَمِنْ ثَمَّ تَرَى الْقُضَاةَ بِالتَّعَدِّي عَلَيْهَا أَضْعَافَ الْقُضَاةِ بِالْقَتْلِ. اهـ. شَبْرَخِيتِيٌّ.
قَوْلُهُ: (وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ) ذَكَرَهُ بَعْدَ مَا تَقَدَّمَ لِأَنَّ فِيهِ زِيَادَةَ فَائِدَةٍ وَهِيَ أَنَّ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمُدَّعِي.
قَوْلُهُ: (وَلَكِنْ إلَخْ) هِيَ هُنَا وَإِنْ لَمْ تَأْتِ لَفْظًا عَلَى قَانُونِهَا مِنْ وُقُوعِهَا بَيْنَ نَفْيٍ وَإِثْبَاتٍ، نَحْوُ مَا قَامَ زَيْدٌ لَكِنْ عَمْرٌو وَهِيَ هُنَا بَعْدَ إثْبَاتٍ وَلَا نَفْيَ قَبْلَهَا حَتَّى يَصِحَّ مَعْنَى الِاسْتِدْرَاكِ الَّذِي هُوَ مُؤَدَّاهَا لَكِنَّهَا جَارِيَةٌ عَلَيْهِ تَقْدِيرًا لِأَنَّ لَوْ تُفِيدُ النَّفْيَ إذْ الْمَعْنَى لَا يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ الْمُجَرَّدَةِ لَكِنْ بِالْبَيِّنَةِ وَهِيَ عَلَى الْمُدَّعِي لِأَنَّ جَانِبَ الْمُدَّعِي ضَعِيفٌ لِدَعْوَاهُ خِلَافَ الْأَصْلِ. وَلَوْ كَانَ فَاضِلًا شَرِيفًا وَالْمُدَّعِي كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: مَنْ عَرِيَتْ دَعْوَاهُ عَنْ مُرَجِّحٍ غَيْرِ شَهَادَةٍ، وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَنْ اقْتَرَنَتْ دَعْوَاهُ بِهِ. وَالْمُرَجِّحُ إمَّا مَعْهُودٌ كَدَعْوَى شَخْصٍ عَلَى آخَرَ وَدِيعَةً، فَيَدَّعِي رَدَّهَا فَمُدَّعِي الرَّدِّ هُوَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِمَا عُهِدَ فِي الشَّرْعِ أَنَّ الرَّادَّ لَا يَحْتَاجُ لِإِقَامَةِ بَيِّنَةٍ، وَإِمَّا أَصْلٌ كَمُدَّعِي رِقِّ شَخْصٍ فَيُجِيبُ الْآخَرُ بِالْحُرِّيَّةِ فَمُدَّعِي الْحُرِّيَّةِ هُوَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِأَنَّهَا الْأَصْلُ فِي النَّاسِ وَإِنَّمَا عَرَضَ لَهُمْ الرِّقُّ بِسَبَبِ السَّبْيِ بِشَرْطِ
الْفَصْلِ خَمْسَةُ أُمُورٍ: الدَّعْوَى وَجَوَابُهَا وَالْيَمِينُ وَالْبَيِّنَةُ وَالنُّكُولُ وَتَقَدَّمَ شَرْطُ صِحَّةِ الدَّعْوَى فِيمَا قَبْلَ ذَلِكَ وَأَنَّ لَهَا سِتَّةَ شُرُوطٍ وَأَمَّا الْأَرْبَعَةُ فَمُدْمَجَةٌ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَمَا سَتَرَاهُ وَالْمُدَّعِي مَنْ خَالَفَ قَوْلُهُ الظَّاهِرَ، وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَنْ وَافَقَهُ. فَلَوْ قَالَ الزَّوْجُ وَقَدْ أَسْلَمَ هُوَ وَزَوْجَتُهُ قَبْلَ وَطْءٍ: أَسْلَمْنَا مَعًا فَالنِّكَاحُ بَاقٍ وَقَالَتْ: بَلْ مُرَتَّبًا فَلَا نِكَاحَ فَهُوَ مُدَّعٍ وَهِيَ مُدَّعًى عَلَيْهَا.
(فَإِذَا كَانَ مَعَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ) بِمَا ادَّعَاهُ (سَمِعَهَا الْحَاكِمُ وَحَكَمَ لَهُ بِهَا) إنْ كَانَتْ مُعَدَّلَةً فَيُشْتَرَطُ فِي غَيْرِ عَيْنٍ
ــ
[حاشية البجيرمي]
الْكُفْرِ. وَمَعْنَى كَوْنِ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْمُدَّعِي أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ بِهَا لَا أَنَّهَا وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: «وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ» لِأَنَّ جَانِبَ الْمُنْكِرِ قَوِيٌّ لِمُوَافَقَتِهِ لِلْأَصْلِ فِي الْبَرَاءَةِ وَالْبَيِّنَةُ حُجَّةٌ قَوِيَّةٌ لِبُعْدِهَا عَنْ التُّهْمَةِ، وَالْيَمِينُ حُجَّةٌ ضَعِيفَةٌ لِقُرْبِهَا مِنْهَا أَيْ مِنْ التُّهْمَةِ فَجُعِلَ الْقَوِيُّ فِي جَانِبِ الضَّعِيفِ، وَالضَّعِيفُ فِي جَانِبِ الْقَوِيِّ، وَهُوَ تَوْجِيهٌ حَسَنٌ، زَادَ الدَّارَقُطْنِيُّ «إلَّا فِي الْقَسَامَةِ» ، أَيْ لِأَنَّ الْيَمِينَ فِيهَا عَلَى الْمُدَّعِي وَكَذَا الْيَمِينُ مَعَ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ فِي جَانِبِ الْمُدَّعِي، وَكَذَا يَمِينُ الْمُدَّعِي إذَا رَدَّهَا عَلَيْهِ الْمُنْكِرُ وَعَبَّرَ بِقَوْلِهِ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ هُنَا دُونَ الْأَوَّلِ وَهُوَ قَوْلُهُ عَلَى الْمُدَّعِي. وَلَمْ يَقُلْ مَنْ ادَّعَى مَعَ أَنَّهُ كَانَ يُمْكِنُ أَنْ يُؤْتَى بِاسْمِ الْفَاعِلِ فِيهِمَا أَوْ بِمَنْ فِيهِمَا لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ يَذْكُرُ أَمْرًا خَفِيًّا لِعُرُوِّ دَعْوَاهُ عَنْ الْمُرَجِّحِ، وَلِكَوْنِ دَعْوَاهُ تُخَالِفُ الظَّاهِرَ فَكَانَتْ خَفِيَّةً وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَذْكُرُ أَمْرًا ظَاهِرًا وَهُوَ بَرَاءَتُهُ مِنْ الْمُدَّعَى بِهِ بِمَعْنَى عَدَمِ ثُبُوتِهِ عَلَيْهِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الْمَوْصُولَ لِاشْتِرَاطِ كَوْنِ صِلَتِهِ مَعْهُودَةً أَظْهَرُ مِنْ الْمُعَرِّفِ وَهُوَ الْمُدَّعِي فَأَعْطَى الْخَفِيَّ لِلْخَفِيِّ وَالظَّاهِرَ لِلظَّاهِرِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ: إنَّ فِي الْمُدَّعِي ضَرْبًا مِنْ التَّعْرِيفِ الْمَعْنَوِيِّ لِظُهُورِهِ وَإِقْدَامِهِ عَلَى الدَّعْوَى فَأَتَى فِيهِ فَاللَّامُ التَّعْرِيفِ وَالْمُنَكَّرُ فِيهِ ضَرْبٌ مِنْ الْإِبْهَامِ، وَالتَّنْكِيرُ لِاسْتِخْفَائِهِ وَتَأْخِيرِهِ وَكَوْنَهُ إذَا سَكَتَ لَا يُتْرَكُ، فَأَتَى فِيهِ بِمَنْ إذْ فِيهَا إبْهَامُ شَبِيهٍ بِحَالِهِ، تَأَمَّلْ. وَقَوْلُهُ: أَظْهَرُ مِنْ الْمُعَرِّفِ وَهُوَ الْمُدَّعِي وَفِيهِ أَنَّ أَلْ الدَّاخِلَةَ عَلَى اسْمِ الْفَاعِلِ مَوْصُولَةٌ فَيَكُونُ كَمَنْ الْمَوْصُولَةِ لَا أَنَّهُ أَخْفَى مِنْهَا. وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّنَا قَصَدْنَا: بِاسْمِ الْفَاعِلِ الدَّوَامَ وَالثَّبَاتَ فَيَكُونُ صِفَةً مُشَبَّهَةً وَأَلْ الدَّاخِلَةُ عَلَيْهَا مَعْرِفَةٌ وَلَا شَكَّ أَنَّ الْمُعَرَّفَ بِأَلْ رُتْبَتُهُ بَعْدَ الْمَوْصُولِ فِي التَّعْرِيفِ. وَقَدْ يُقَالُ كَيْفَ يُقْصَدُ بِالْمُدَّعِي الدَّوَامُ وَالثَّبَاتُ مَعَ أَنَّ دَعْوَاهُ لَا تَدُومُ، وَيُجَابُ بِأَنَّهُ لَمَّا صَمَّمَ عَلَى الدَّعْوَى كَانَ ذَلِكَ دَوَامًا لَهُ. قَوْلُهُ:(وَاَلَّذِي يَتَعَلَّقُ بِهَذَا الْفَصْلِ) أَيْ يَذْكُرُ فِيهِ وَلَوْ قَالَ: وَاَلَّذِي يَتَعَلَّقُ بِالْخُصُومَةِ خَمْسَةُ أَشْيَاءَ لَكَانَ أَوْلَى، وَهَذِهِ الْخَمْسَةُ: اثْنَانِ مِنْهَا فِي جَانِبِ الْمُدَّعِي، وَهُمَا الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَةُ. وَالثَّلَاثَةُ الْبَاقِيَةُ: فِي جَانِبِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَهِيَ الْيَمِينُ وَالنُّكُولُ وَجَوَابُ الدَّعْوَى أَيْ وَهُوَ الْإِقْرَارُ أَوْ الْإِنْكَارُ. قَوْلُهُ: (وَأَنَّ لَهَا) أَيْ لِصِحَّةِ الدَّعْوَى. قَوْلُهُ: (وَأَمَّا الْأَرْبَعَةُ) أَيْ الَّتِي بَعْدَ الدَّعْوَى. قَوْلُهُ: (فَمُدْمَجَةٌ) أَيْ دَاخِلَةٌ ضِمْنًا وَقَالَ فِي الْمِصْبَاحِ انْدَمَجَ فِيهِ دَخَلَ فِيهِ وَتَسَتَّرَ بِهِ وَدَمَجَ الرَّجُلُ كَلَامَهُ أَبْهَمَهُ اهـ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ مُنْدَمِجَةٌ أَيْ دَاخِلَةٌ لَا مُدْمَجَةٌ لِأَنَّهَا بِمَعْنَى مُبْهَمَةٌ وَلَيْسَ مُرَادًا تَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: (وَالْمُدَّعِي) هَذِهِ الْوَاوُ بِقَلَمِ الْحُمْرَةِ أَصْلُهَا دَاخِلَةٌ عَلَى كَلَامِ الْمَتْنِ، فَأَدْخَلَهَا الشَّارِحُ عَلَى الْمُدَّعِي وَأَدْخَلَ عَلَى الْمَتْنِ الْفَاءَ وَجَعَلَهُ تَفْرِيعًا عَلَى تَعْرِيفِ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ. لِأَنَّ مَعْرِفَتَهُمَا مُهِمَّةٌ نَافِعَةٌ أج.
قَوْلُهُ: (مَنْ خَالَفَ قَوْلُهُ الظَّاهِرَ) : وَقِيلَ: هُوَ مَنْ لَوْ تُرِكَ تَرَكَ، وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ لَوْ تُرِكَ لَمْ يَتْرُكْ. اهـ. م د. وَاسْتُشْكِلَ تَعْرِيفُ الْمُدَّعِي الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْوَدِيعَ إذَا ادَّعَى الرَّدَّ أَوْ التَّلَفَ يُخَالِفُ قَوْلُهُ الظَّاهِرَ مَعَ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ. وَرُدَّ بِأَنَّهُ يَدَّعِي أَمْرًا ظَاهِرًا وَهُوَ بَقَاؤُهُ عَلَى الْأَمَانَةِ وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا، أَنَّ الْأُمَنَاءَ الَّذِينَ يُصَدَّقُونَ فِي الرَّدِّ بِيَمِينِهِمْ مُدَّعُونَ، لِأَنَّهُمْ يَدَّعُونَ الرَّدَّ مَثَلًا وَهُوَ خِلَافُ الظَّاهِرِ لَكِنْ اُكْتُفِيَ بِالْيَمِينِ لِأَنَّهُمْ أَثْبَتُوا أَيْدِيهِمْ لِغَرَضِ الْمَالِكِ اهـ، حَجّ. اهـ. س ل.
قَوْلُهُ: (مَنْ وَافَقَهُ) لِكَوْنِ الْأَصْلِ عَدَمَ مَا يَدَّعِيهِ الْمُدَّعِي وَمِنْ ثَمَّ اُكْتُفِيَ مِنْهُ بِالْيَمِينِ لِقُوَّتِهِ وَكُلِّفَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً لِضَعْفِ جَانِبِهِ.
قَوْلُهُ: (فَلَا نِكَاحَ) ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ النِّكَاحَ بَاقٍ وَالْمُصَدَّقَ الزَّوْجُ فَيَدُومُ النِّكَاحُ اهـ م د.
قَوْلُهُ: (فَهُوَ مُدَّعٍ) لِأَنَّ وُقُوعَ الْإِسْلَامِيِّينَ مَعًا خِلَافُ الظَّاهِرِ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ حَيْثُ لَا بَيِّنَةَ مَعَهُ تُصَدَّقُ هِيَ بِيَمِينِهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ النِّكَاحِ قَالَ ق ل: وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَيَكُونُ مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِمْ: الْمُدَّعِي فِي جَانِبِهِ الْبَيِّنَةُ أَيْ إلَّا هَذِهِ وَمَسْأَلَةُ الْقَسَامَةِ وَاللِّعَانِ. وَزَادَ بَعْضُهُمْ عَلَى ذَلِكَ الْوَدِيعَ إذَا ادَّعَى الرَّدَّ أَوْ التَّلَفَ فَإِنَّ الْيَمِينَ فِي جَانِبِهِ فَيَكُونُ أَيْضًا مُسْتَثْنًى وَإِنَّمَا اُسْتُثْنِيَتْ تِلْكَ الصُّورَةُ أَيْ الَّتِي فِي الشَّرْحِ لِاعْتِضَادِهَا بِالْأَصْلِ وَهُوَ أَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ النِّكَاحِ.
قَوْلُهُ: (سَمِعَهَا الْحَاكِمُ) أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّهُ إذَا لَمْ يَسْمَعْهَا لَمْ تُفِدْهُ شَيْئًا.
قَوْلُهُ:
وَدَيْنٍ كَقَوَدٍ وَحَدِّ قَذْفٍ وَنِكَاحٍ وَرَجْعَةٍ وَلِعَانٍ دَعْوَى عِنْدَ حَاكِمٍ وَلَوْ مُحَكَّمًا فَلَا يَسْتَقِلُّ صَاحِبُهُ بِاسْتِيفَائِهِ، نَعَمْ لَوْ اسْتَقَلَّ الْمُسْتَحِقُّ لِقَوَدٍ بِاسْتِيفَائِهِ وَقَعَ الْمَوْقِعَ وَإِنْ حَرُمَ وَخَرَجَ بِذَلِكَ الْعَيْنُ وَالدَّيْنُ فَفِيهِمَا تَفْصِيلٌ: وَهُوَ إنْ اسْتَحَقَّ شَخْصٌ عَيْنًا عِنْدَ آخَرَ اُشْتُرِطَ الدَّعْوَى بِهَا عِنْدَ حَاكِمٍ إنْ خَشِيَ بِأَخْذِهَا ضَرَرًا تَحَرُّزًا عَنْهُ، وَإِلَّا فَلَهُ أَخْذُهَا اسْتِقْلَالًا لِلضَّرُورَةِ وَإِنْ اسْتَحَقَّ دَيْنًا عَلَى مُمْتَنِعٍ مِنْ أَدَائِهِ طَالَبَهُ بِهِ.
(فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ بَيِّنَةٌ) مُعَدَّلَةٌ (فَالْقَوْلُ) حِينَئِذٍ (قَوْلُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) لِمُوَافَقَتِهِ الظَّاهِرَ وَلَكِنْ (بِيَمِينِهِ) فِي غَيْرِ الْقَسَامَةِ فِي دَعْوَى الدَّمِ إذْ الْيَمِينُ هُنَاكَ فِي جَانِبِ الْمُدَّعِي لِوُجُودِ اللَّوْثِ، كَمَا تَقَدَّمَ هُنَاكَ
ــ
[حاشية البجيرمي]
فَيُشْتَرَطُ) الْمُنَاسِبُ وَيُشْتَرَطُ لِأَنَّهُ لَا يَظْهَرُ تَفْرِيعُهُ عَلَى مَا قَبْلَهُ وَقَدْ يُقَالُ: هُوَ مُفَرَّعٌ عَلَى سَمِعَهَا الْحَاكِمُ إلَخْ. وَحَاصِلُ مَا فَرَّعَهُ ثَلَاثَةٌ: الْعَيْنُ وَالدَّيْنُ وَغَيْرُهُمَا. وَبَيَّنَ أَنَّ الْعَيْنَ وَالدَّيْنَ فِيهِمَا تَفْصِيلٌ، تَارَةً يَحْتَاجَانِ إلَى الرَّفْعِ، وَتَارَةً لَا. وَأَنَّ غَيْرَهُمَا لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الرَّفْعِ.
قَوْلُهُ: (فِي غَيْرِ عَيْنٍ وَدَيْنٍ) أَيْ فِي جَوَازِ اسْتِيفَائِهِ يَدُلُّ لِذَلِكَ قَوْلُهُ: فَلَا يَسْتَقِلُّ وَالْمُرَادُ بِهِ مَا لَيْسَ عُقُوبَةً لِلَّهِ تَعَالَى أَمَّا مَا هُوَ عُقُوبَةٌ لَهُ تَعَالَى، فَهُوَ وَإِنْ تَوَقَّفَ عَلَى الْقَاضِي أَيْضًا لَكِنْ لَا تُسْمَعُ فِيهِ الدَّعْوَى لِاسْتِيفَاءِ حَقِّ الْمُدَّعِي فِيهِ فَالطَّرِيقُ فِي إثْبَاتِهِ شَهَادَةُ الْحِسْبَةِ اهـ.
قَوْلُهُ: (وَنِكَاحٍ) أَيْ فِيمَا إذَا ادَّعَى زَوْجِيَّةَ امْرَأَةٍ أَوْ رَجْعَتَهَا فَأَنْكَرَتْ فَلَا بُدَّ فِي ثُبُوتِ ذَلِكَ مِنْ الرَّفْعِ إلَى الْحَاكِمِ ز ي. قَوْلُهُ: (وَرَجْعَةٍ) أَيْ ادَّعَى بِهَا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ أَيْ ادَّعَى بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، أَنَّهُ كَانَ رَاجَعَهَا قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَإِلَّا بِأَنْ ادَّعَى بِهَا قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَلَا حَاجَةَ لِلدَّعْوَى وَالرَّفْعِ لِلْحَاكِمِ لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى إنْشَائِهَا.
قَوْلُهُ: (عِنْدَ حَاكِمٍ) مِثْلُهُ أَمِيرٌ أَوْ نَحْوُهُ مِمَّنْ يُرْجَى الْخَلَاصُ عَلَى يَدِهِ وَالْمَقْصُودُ عَدَمُ الِاسْتِقْلَالِ عَمِيرَةٌ سم. قَوْلُهُ: (وَلَوْ مُحَكَّمًا) مِثْلُهُ السَّيِّدُ شَوْبَرِيُّ.
قَوْلُهُ: (فَلَا يَسْتَقِلُّ صَاحِبُهُ بِاسْتِيفَائِهِ) أَيْ فَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَضْرِبَ مُدَّةَ الْإِيلَاءِ لِتُفْسَخَ بِهِ وَلَيْسَ لَهُ بَعْدَ قَذْفِهَا أَنْ يَسْتَقِلَّ بِمُلَاعَنَتِهَا. كَمَا قَالَهُ ح ل قَالَ م ر: فَإِنْ اسْتَقَلَّ كُلٌّ مِنْهُمَا بِاسْتِيفَائِهِ لَمْ يَقَعْ الْمَوْقِعَ وَيُشِيرُ لَهُ قَوْلُ الشَّارِحِ: نَعَمْ إلَخْ وَلَعَلَّهُ فِي غَيْرِ الْعُقُوبَةِ كَالنِّكَاحِ، وَالرَّجْعَةِ، بِاعْتِبَارِ الظَّاهِرِ، فَقَطْ حَتَّى لَوْ عَامَلَ مَنْ ادَّعَى زَوْجِيَّتَهَا أَوْ رَجْعَتَهَا مُعَامَلَةَ الزَّوْجَةِ، جَازَ لَهُ ذَلِكَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ إذَا كَانَ صَادِقًا فَلْيُرَاجَعْ سم عَلَى حَجّ ع ش عَلَى م ر.
قَوْلُهُ: (وَإِنْ حَرُمَ) أَيْ لِلِافْتِيَاتِ عَلَى الْإِمَامِ.
قَوْلُهُ: (إنْ اسْتَحَقَّ شَخْصٌ عَيْنًا) وَمِثْلُهَا الْمَنْفَعَةُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْعَيْنِ بِأَنْ كَانَتْ إجَارَةً وَارِدَةً عَلَى عَيْنٍ مِنْ مَالِهِ وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر، وَإِنْ اسْتَحَقَّ عَيْنًا عِنْدَ آخَرَ أَيْ بِمِلْكٍ أَوْ إجَارَةٍ أَوْ وَقْفٍ أَوْ وَصِيَّةٍ بِمَنْفَعَةٍ، كَمَا بَحَثَهُ جَمْعٌ أَوْ وِصَايَةٍ كَأَنْ غُصِبَتْ عَيْنٌ لِمُوَلِّيهِ وَقَدَرَ عَلَى أَخْذِهَا.
قَوْلُهُ: (إنْ خَشِيَ بِأَخْذِهَا ضَرَرًا) أَيْ مَفْسَدَةً تُفْضِي إلَى مُحَرَّمٍ كَأَخْذِ مَالِهِ لَوْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ شَرْحُ م ر. وَالْمُرَادُ بِأَنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ ذَلِكَ أَوْ اسْتَوَى الْأَمْرَانِ. كَمَا قَالَهُ ع ش: وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ، الِاكْتِفَاءَ بِالْخَشْيَةِ فَتَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَخْشَ ضَرَرًا فَلَهُ أَخْذُهَا اسْتِقْلَالًا سَوَاءٌ كَانَتْ يَدُهُ عَادِيَةً أَمْ لَا، كَأَنْ اشْتَرَى مَغْصُوبًا جَاهِلًا بِحَالِهِ نَعَمْ مَنْ ائْتَمَنَهُ الْمَالِكُ كَمُودَعٍ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ أَيْ الْمُسْتَحِقِّ أَخْذُ مَا تَحْتَ يَدِهِ مِنْ غَيْرِ عِلْمِهِ أَيْ الْوَدِيعِ لِأَنَّ فِيهِ إرْعَابًا بِظَنِّ ضَيَاعِهَا، شَرْحُ م ر وَفِيهِ أَنَّ هَذَا مَوْجُودٌ فِي غَيْرِ مَنْ ائْتَمَنَهُ، كَالْمُسْتَعِيرِ بَلْ أَوْلَى لِأَنَّهُ ضَامِن فَالْوَجْهُ أَنَّهُ كَالْوَدِيعِ سم.
قَوْلُهُ: (لِلضَّرُورَةِ) اُنْظُرْ وَجْهَ الضَّرُورَةِ وَالْأَوْلَى: حَذْفُهُ لِأَنَّهُ يَصْلُحُ تَعْلِيلًا لِلْأَوَّلِ لَا لِهَذَا. نَعَمْ إنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ بَيِّنَةٌ اتَّجَهَتْ الضَّرُورَةُ حِينَئِذٍ. وَعِبَارَةُ ح ل قَوْلُهُ: لِلضَّرُورَةِ أَيْ الْمُؤْنَةَ وَمَشَقَّةَ الرَّفْعِ لِلْقَاضِي. قَوْلُهُ: (عَلَى مُمْتَنِعٍ مِنْ أَدَائِهِ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ امْتِنَاعُهُ عِنْدَ الْحَاكِمِ. وَمِثْلُهُ الصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ ح ل. فَإِذَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِمَا مَالٌ وَلَا يَسْهُلُ أَخْذُهُ أَخَذَهُ مِنْ مَالِهِمَا كَمَا فِي شَرْحِ م ر.
قَوْلُهُ: (طَالَبَهُ بِهِ) أَيْ اسْتَمَرَّ عَلَى مُطَالَبَتِهِ لِأَنَّ الِامْتِنَاعَ يَدُلُّ عَلَى تَقَدُّمِ الْمُطَالَبَةِ، وَالْمُرَادُ طَالَبَهُ جَوَازًا وَإِلَّا فَلَهُ الْأَخْذُ مِنْ مَالِهِ مِنْ غَيْرِ طَلَبٍ بَعْدَ الطَّلَبِ الْمُتَقَدِّمِ.
قَوْلُهُ: (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ إلَخْ) جَعَلَ الشَّارِحُ هَذَا مُتَعَلِّقًا بِالدَّيْنِ، فَقَطْ. مَعَ أَنَّهُ عَامٌّ فِي الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ وَالتَّفْصِيلُ إنَّمَا هُوَ فِي الِاسْتِقْلَالِ وَعَدَمِهِ، فَلَيْسَ هَذَا أَعْنِي قَوْلَهُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ بَيِّنَةٌ مُرْتَبِطًا بِقَوْلِ الشَّارِحِ: وَإِنْ اسْتَحَقَّ دَيْنًا إلَخْ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ مُرْتَبِطٌ بِهِ بَلْ هُوَ مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ: وَإِذَا كَانَ مَعَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ، وَكَانَ الْأَوْلَى ذِكْرُهُ عَقِبَهُ وَتَأْخِيرُ الْكَلَامِ عَلَى الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ، أَوْ كَانَ يُتَمِّمُ الْكَلَامَ عَلَى مَسْأَلَةِ الدَّيْنِ، ثُمَّ يَذْكُرُ ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: (بِيَمِينِهِ) أَيْ. بَعْدَ طَلَبِ خَصْمِهِ وَتَحْلِيفِ الْقَاضِي فَيَلْغُو، أَيْ الْيَمِينُ قَبْلَ طَلَبِ الْخَصْمِ أَوْ تَحْلِيفِ الْقَاضِي وَيَكُونُ
وَلَهُ حِينَئِذٍ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مَالِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِغَيْرِ مُطَالَبَةٍ جِنْسَ حَقِّهِ وَإِذَا أَخَذَهُ مَلَكَهُ إنْ كَانَ بِصِفَتِهِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ جِنْسُ حَقِّهِ أَوْ جِنْسُ حَقِّهِ بِصِفَتِهِ أَخَذَ غَيْرَهُ مُقَدِّمًا النَّقْدَ عَلَى غَيْرِهِ فَيَبِيعُهُ مُسْتَقِلًّا كَمَا يَسْتَقِلُّ بِالْأَخْذِ وَلِمَا فِي الرَّفْعِ إلَى الْحَاكِمِ مِنْ الْمُؤْنَةِ هَذَا حَيْثُ لَا حُجَّةَ لَهُ، وَإِلَّا فَلَا يَبِيعُ إلَّا بِإِذْنِ الْحَاكِمِ وَلِمَنْ جَازَ لَهُ الْأَخْذُ فِعْلُ مَا لَا يَصِلُ لِلْمَالِ إلَّا بِهِ كَكَسْرِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
الْيَمِينُ عَلَى حَسَبِ جَوَابِهِ حَتَّى لَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ مَالَ مُضَافٍ إلَى سَبَبٍ: كَأَقْرَضْتُكَ كَذَا فَإِنْ أَجَابَ بِنَفْيِ السَّبَبِ حَلَفَ كَذَلِكَ. أَوْ بِلَا تَسْتَحِقُّ عَلَيَّ شَيْئًا أَوْ لَا يَلْزَمُنِي تَسْلِيمُ شَيْءٍ حَلَفَ كَذَلِكَ. وَلَا يَلْزَمُهُ التَّعَرُّضُ لِنَفْيِ السَّبَبِ. فَإِنْ تَعَرَّضَ لَهُ، جَازَ وَمَحَلُّ تَحْلِيفِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَا لَمْ يُبْرِئْهُ الْمُدَّعِي مِنْ الْيَمِينِ، وَإِلَّا لَمْ يُحَلِّفْهُ إلَّا بِتَجْدِيدِ دَعْوَى لِسُقُوطِ حَقِّهِ مِنْهَا فِي الدَّعْوَى الْأُولَى سم.
قَوْلُهُ: (وَلَهُ حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ إذْ كَانَ مُمْتَنِعًا مِنْ أَدَائِهِ الْمُتَقَدِّمِ فِي أَوَّلِ مَسْأَلَةٍ سَوَاءٌ كَانَ مُقِرًّا بِالْحَقِّ أَمْ لَا لِلْمُدَّعِي حُجَّةٌ أَمْ لَا. اهـ. م د. فَهُوَ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ: وَإِنْ اسْتَحَقَّ دَيْنًا عَلَى مُمْتَنِعٍ مِنْ أَدَائِهِ طَالَبَهُ بِهِ وَلَيْسَ رَاجِعًا لِلْمَتْنِ.
قَوْلُهُ: (بِغَيْرِ مُطَالَبَةٍ) أَيْ بِغَيْرِ إدَامَةِ مُطَالَبَةٍ.
قَوْلُهُ: (وَإِذَا أَخَذَهُ مَلَكَهُ) أَيْ إنْ قَصَدَ بِأَخْذِهِ اسْتِيفَاءَ حَقِّهِ بِهِ فَإِنْ أَخَذَهُ لِيَكُونَ رَهْنًا بِحَقِّهِ لَمْ يَجُزْ الْأَخْذُ كَمَا فِي شَرْحِ م ر. وَوَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا يَقَعُ كَثِيرًا فِي قُرَى مِصْرَ مِنْ إكْرَاهِ الشَّادِّ مَثَلًا أَهْلَ قَرْيَةِ عَلَى عَمَلٍ لِلْمُلْتَزِمِ الْمُسْتَوْلِي عَلَى الْقَرْيَةِ هَلْ الضَّمَانُ عَلَى الشَّادِّ أَوْ عَلَى الْمُلْتَزِمِ أَوْ عَلَيْهِمَا؟ وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ عَلَى الشَّادِّ لِأَنَّ الْمُلْتَزِمَ لَمْ يُكْرِهْهُ عَلَى إكْرَاهِهِمْ فَإِنْ فُرِضَ مِنْ الْمُلْتَزِمِ إكْرَاهٌ لِلشَّادِّ فَكُلٌّ مِنْ الشَّادِّ، وَالْمُلْتَزِمِ طَرِيقٌ فِي الضَّمَانِ وَقَرَارُهُ عَلَى الْمُلْتَزِمِ ع ش عَلَى م ر. قَوْلُهُ:(إنْ كَانَ بِصِفَتِهِ) وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ أَجْوَدَ فِي الصِّفَةِ فَكَغَيْرِ الْجِنْسِ فَيَبِيعُهُ أَيْ بِنَقْدِ الْبَلَدِ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ جِنْسِ حَقِّهِ ثُمَّ يَشْتَرِي بِهِ الْجِنْسَ إنْ خَالَفَهُ ثُمَّ يَتَمَلَّكُ الْجِنْسَ، وَمَا ذُكِرَ مَحَلُّهُ فِي دَيْنِ آدَمِيٍّ أَمَّا دَيْنُ اللَّهِ تَعَالَى، كَزَكَاةٍ امْتَنَعَ الْمَالِكُ مِنْ أَدَائِهَا وَظَفِرَ الْمُسْتَحِقُّ بِجِنْسِهَا مِنْ مَالِهِ فَلَيْسَ لَهُ الْأَخْذُ لِتَوَقُّفِهَا عَلَى النِّيَّةِ بِخِلَافِ دَيْنِ الْآدَمِيِّ. وَأَمَّا الْمَنْفَعَةُ فَالظَّاهِرُ كَمَا قِيلَ: إنَّهَا كَالْعَيْنِ إنْ وَرَدَتْ عَلَى عَيْنٍ فَلَهُ اسْتِيفَاؤُهَا مِنْهَا بِنَفْسِهِ إنْ لَمْ يَخْشَ ضَرَرًا، وَكَالدَّيْنِ إنْ وَرَدَتْ عَلَى ذِمَّةٍ فَإِنْ قَدَرَ عَلَى تَحْصِيلِهَا بِأَخْذِ شَيْءٍ مِنْ مَالِهِ فَلَهُ ذَلِكَ. بِشَرْطِهِ شَرْحُ الْمَنْهَجِ وَقَوْلُهُ فَيَبِيعُهُ مُسْتَقِلًّا كَأَنْ وَجَّهَ صِحَّةَ الْبَيْعِ هُنَا بِغَيْرِ حُضُورِ الْمَالِكِ ظُلْمُهُ بِامْتِنَاعِهِ وَلِلضَّرُورَةِ: بِخِلَافِ نَظِيرِهِ مِنْ الرَّهْنِ بِرْمَاوِيٌّ وَقَوْلُهُ: بِنَقْدِ الْبَلَدِ اُنْظُرْ هَلْ الْمُرَادُ بَلَدُ الْبَيْعِ أَوْ بَلَدُ صَاحِبِ الْمَبِيعِ. وَقَوْلُهُ: ثُمَّ يَشْتَرِي بِهِ الْجِنْسَ هَلْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِصِفَةِ حَقِّهِ شَوْبَرِيٌّ. وَقَوْلُهُ: ثُمَّ بِتَمَلُّكِ الْجِنْسِ فَيَنْبَغِي عَلَى قِيَاسِ مَا سَبَقَ: أَنْ يَمْلِكَ بِمُجَرَّدِ الْأَخْذِ كَمَا فِي أَخْذِ الْجِنْسِ ابْتِدَاءً شَوْبَرِيٌّ وَعِبَارَةُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ: ثُمَّ يَشْتَرِي بِهِ صِفَةَ حَقِّهِ وَيَتَمَلَّكُهُ بِلَفْظٍ وَإِنْ كَانَ بِصِفَةِ حَقِّهِ وَعَنْ شَيْخِنَا م ر. أَنَّ الَّذِي بِصِفَةِ حَقِّهِ يَمْلِكُهُ بِلَا لَفْظٍ بَلْ بِمُجَرَّدِ أَخْذِهِ كَمَا تَقَدَّمَ وَفِيهِ نَظَرٌ وَلَا يَصِحُّ قِيَاسُهُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَلَوْ كَانَ مَدِينُهُ مَحْجُورًا عَلَيْهِ بِفَلَسٍ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ إلَّا قَدْرَ مَا يَخُصُّهُ بِالْمُضَارَبَةِ. وَقَوْلُهُ: وَمَا ذُكِرَ أَيْ قَوْلُهُ: أَخَذَ جِنْسَ حَقِّهِ وَقَوْلُهُ: لِتَوَقُّفِهِ عَلَى النِّيَّةِ. قَضِيَّتُهُ أَنَّهُمْ لَوْ عَلِمُوا أَنَّهُ عَزْلُ قَدْرِهَا وَنَوَى جَازَ لَهُمْ أَخْذُهَا وَالْوَجْهُ خِلَافُهُ: إذْ لَا يَتَعَيَّنُ مَا عَزَلَهُ لِلْإِخْرَاجِ س ل وَشَرْحُ م ر. وَقَالَ ع ش قَوْلُهُ: لِتَوَقُّفِهِ عَلَى النِّيَّةِ، أَيْ فَلَا يَجُوزُ لِلْمُسْتَحِقِّ الْأَخْذُ وَإِنْ عَزَلَ الْمَالِكُ مِقْدَارَ الزَّكَاةِ وَنَوَى بِهِ الزَّكَاةَ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يُخْرِجَ غَيْرَ هَذَا لَكِنْ إنْ أَخَذَهُ الْمُسْتَحِقُّ وَقَعَ الْمَوْقِعَ، وَإِنْ حَرُمَ عَلَيْهِ وَلَا يُطَالَبُ الْمَالِكُ بِبَدَلِهِ إنْ عَلِمَ بِذَلِكَ، وَإِلَّا أَخَذَ مِنْهُ بَدَلَهُ. وَلَوْ مَاتَ مَنْ لَزِمَتْهُ الزَّكَاةُ لَمْ يَجُزْ الْأَخْذُ مِنْ تَرِكَتِهِ لِقِيَامِ وَارِثِهِ مَقَامَهُ خَاصًّا كَانَ أَوْ عَامًّا اهـ. وَقَوْلُهُ: بِخِلَافِ دَيْنِ الْآدَمِيِّ حَتَّى لَوْ امْتَنَعَ الزَّوْجُ مِنْ نَفَقَةِ زَوْجَتِهِ، فَلَهَا الِاسْتِقْلَالُ بِأَخْذِهَا مِنْ غَيْرِ قَاضٍ عَلَى الْأَصَحِّ ز ي. وَقَوْلُهُ: إنْ وَرَدَتْ عَلَى ذِمَّةِ عِبَارَةِ شَرْحِ م ر. وَفِي الذِّمَّةِ يَأْخُذُ قِيمَةَ الْمَنْفَعَةِ الَّتِي اسْتَحَقَّهَا مِنْ مَالِهِ وَالْأَوْجَهُ أَخْذًا مِنْ شِرَاءِ غَيْرِ الْجِنْسِ بِالنَّقْدِ، أَنَّهُ يَسْتَأْجِرُ بِهَا وَيُتَّجَهُ لُزُومُ اقْتِصَارِهِ عَلَى مَا يَتَيَقَّنُ أَنَّهُ قِيمَةٌ لِتِلْكَ الْمَنْفَعَةِ وَسُؤَالُ عَدْلَيْنِ يَعْرِفَانِهَا وَالْعَمَلُ بِقَوْلِهِمَا.
فَرْعٌ: لَوْ كَانَ لِكُلٍّ مِنْ اثْنَيْنِ عَلَى الْآخَرِ دَيْنٌ وَجَحَدَ أَحَدَهُمَا. فَلِلْآخَرِ أَنْ يَجْحَدَ قَدْرَ دَيْنِهِ، لِيَقَعَ التَّقَاصُّ وَإِنْ لَمْ يَكُونَا مِنْ النُّقُودِ وَاخْتَلَفَ الْجِنْسُ ق ل. قَوْلُهُ (هَذَا) أَيْ مَحَلُّ الِاسْتِقْلَالِ بِبَيْعِهِ. قَوْلُهُ:(وَلِمَنْ جَازَ لَهُ الْأَخْذُ) لَا لِوَكِيلِهِ فِي ذَلِكَ
بَابٍ وَنَقْبِ جِدَارٍ، وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إذَا كَانَ مِلْكًا لِلْمَدِينِ وَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقٌّ لَازِمٌ كَرَهْنٍ وَإِجَارَةٍ، وَالْمَأْخُوذُ مَضْمُونٌ عَلَى الْآخِذِ إنْ تَلِفَ قَبْلَ تَمَلُّكِهِ وَلَوْ بَعْدَ الْبَيْعِ لِأَنَّهُ أَخَذَهُ لِغَرَضِ نَفْسِهِ كَالْمُسْتَامِ وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ عَلَى غَيْرِ مُمْتَنِعٍ مِنْ أَدَائِهِ طَالَبَهُ بِهِ فَلَا يَأْخُذُ شَيْئًا لَهُ بِغَيْرِ مُطَالَبَةٍ وَلَوْ أَخَذَهُ لَمْ يَمْلِكْهُ وَلَزِمَهُ رَدُّهُ وَيَضْمَنُهُ إنْ تَلِفَ عِنْدَهُ.
(فَإِنْ نَكَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) أَيْ امْتَنَعَ (عَنْ الْيَمِينِ) بَعْدَ عَرْضِهَا عَلَيْهِ. كَأَنْ قَالَ: أَنَا نَاكِلٌ أَوْ يَقُولُ لَهُ الْقَاضِي: احْلِفْ. فَيَقُولُ: لَا أَحْلِفُ أَوْ يَسْكُتُ لَا لِدَهْشَةٍ وَغَبَاوَةٍ. (رُدَّتْ) أَيْ الْيَمِينُ حِينَئِذٍ (عَلَى الْمُدَّعِي) لِأَنَّهُ «صلى الله عليه وسلم رَدَّهَا عَلَى صَاحِبِ الْحَقِّ» كَمَا رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ.
ــ
[حاشية البجيرمي]
أَخْذًا مِنْ الْحَصْرِ الْمُسْتَفَادِ مِنْ تَقْدِيمِ الْخَبَرِ فَإِنْ فَعَلَ ضَمِنَ أَيْ الْوَكِيلُ لِأَنَّ الْمُبَاشِرَ مُقَدَّمٌ عَلَى السَّبَبِ. فَلَوْ وَكَّلَهُ فِي مُنَاوَلَتِهِ لَهُ مِنْ غَيْرِ كَسْرٍ وَلَا نَقْبٍ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ. اهـ. ع ش عَلَى م ر.
قَوْلُهُ: (كَكَسْرِ بَابٍ وَنَقْبِ جِدَارٍ) : أَيْ فِي غَيْرِ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَغَائِبٍ، فَلَا يَأْخُذُ مِنْ مَالِهِمْ إنْ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ كَسْرٌ أَوْ نَقْبٌ لِعُذْرِهِمْ خُصُوصًا الْغَائِبُ وَإِنْ لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَى الْأَخْذِ كَسْرٌ وَلَا نَقْبٌ أُخِذَ مِنْ مَالِهِمْ كَغَيْرِهِمْ، عَلَى الْمُعْتَمَدِ. وَبَعْضُهُمْ مَنَعَ الْأَخْذَ مِنْ مَالِهِمْ مُطْلَقًا وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر. وَإِذَا جَازَ الْأَخْذُ ظُفَرًا فَلَهُ كَسْرُ بَابٍ وَنَقْبُ جِدَارٍ لِغَرِيمِهِ لَا يَصِلُ لِلْمَالِ إلَّا بِهِ لِأَنَّ مَنْ اسْتَحَقَّ شَيْئًا اسْتَحَقَّ الْوُصُولَ إلَيْهِ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ كَدَفْعِ الصَّائِلِ وَلَوْ وَكَّلَ بِذَلِكَ أَجْنَبِيًّا لَمْ يَجُزْ فَإِنْ فَعَلَ ضَمِنَ وَيَمْتَنِعُ النَّقْبُ وَنَحْوُهُ فِي غَيْرِ مُتَعَدٍّ لِنَحْوِ صِغَرٍ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَفِي غَائِبٍ مَعْذُورٍ وَإِنْ جَازَ الْأَخْذُ وَشَمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مَا لَوْ كَانَ الَّذِي لَهُ تَافِهَ الْقِيمَةِ وَلَوْ أَقَلَّ مُتَمَوَّلٍ أَوْ اخْتِصَاصًا كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَقَوْلُهُ: اسْتَحَقَّ الْوُصُولَ وَمِنْ لَازِمِهِ جَوَازُ السَّبَبِ فِيمَا يُوصِلُ إلَيْهِ وَهَذَا ظَاهِرٌ، حَيْثُ وَجَدَ مَا يَأْخُذُهُ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ شَيْئًا فَهَلْ " يَضْمَنُ مَا أَتْلَفَهُ لِبِنَائِهِ لَهُ عَلَى ظَنٍّ تَبَيَّنَ خَطَؤُهُ أَوْ لَا لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ لَهُ فِي أَصْلِ الْفِعْلِ فِيهِ نَظَرٌ
وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ إنَّمَا جَوَّزَ لَهُ ذَلِكَ لِلتَّوَصُّلِ بِهِ إلَى اسْتِيفَاءِ حَقِّهِ وَحَيْثُ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ ذَلِكَ تَبَيَّنَ خَطَؤُهُ فِي فِعْلِهِ وَعَدَمُ الْعِلْمِ بِحَقِيقَةِ الْحَالِ لَا يُنَافِي الضَّمَانَ.
قَوْلُهُ: (إذَا كَانَ مِلْكًا لِلْمَدِينِ) أَيْ كُلٌّ مِنْ الْبَابِ وَالْجِدَارِ فَخَرَجَ مَا إذَا كَانَ مَوْقُوفًا أَوْ مُؤَجَّرًا وَقَوْلُهُ: وَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ أَيْ الْجِدَارِ وَنَحْوِهِ.
قَوْلُهُ: (إنْ تَلِفَ قَبْلَ تَمَلُّكِهِ) أَيْ تَمَلُّكِ بَدَلِهِ فَالْمُرَادُ غَيْرُ الْجِنْسِ، أَوْ الْجِنْسُ بِغَيْرِ الصِّفَةِ وَعِبَارَةُ سم. يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ مُقَيَّدٌ بِغَيْرِ الْجِنْسِ إذْ لَوْ كَانَ مِنْ جِنْسِ حَقِّهِ مَلَكَهُ، بِمُجَرَّدِ أَخْذِهِ اهـ.
قَوْلُهُ: (كَالْمُسْتَامِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ أَصْلُ الضَّمَانِ فَلَا يُنَافِي، أَنَّ هَذَا يَضْمَنُ بِأَقْصَى قِيمَةٍ وَالْمُسْتَامُ قِيمَتُهُ وَقْتَ التَّلَفِ اهـ م د. وَإِنَّمَا ضَمِنَ مَعَ جَوَازِ الْأَخْذِ، لِأَنَّهُ لَمَّا وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ تَمَلُّكٍ، صَارَ غَاصِبًا لَهُ لِأَنَّهُ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَتَمَلَّكَهُ عَقِبَ بَيْعِهِ وَمِثْلُ م د. ز ي نَقْلًا عَنْ الْعُبَابِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ لَهُ فِي أَخْذِهِ فَكَلَامُ الشَّارِحِ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ يَضْمَنُ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ التَّلَفِ كَالْمُسْتَامِ.
قَوْلُهُ: (وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ) هَذَا قَسِيمُ قَوْلِهِ السَّابِقِ: وَإِنْ اسْتَحَقَّ دَيْنًا عَلَى مُمْتَنِعٍ مِنْ أَدَائِهِ.
قَوْلُهُ: (لَمْ يَمْلِكْهُ) أَيْ مَا لَمْ يُوجَدْ شَرْطُ التَّقَاصِّ حَجّ.
قَوْلُهُ: (وَيَضْمَنُهُ) أَيْ ضَمَانَ الْغُصُوبِ.
قَوْلُهُ: (فَإِنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ رُدَّتْ عَلَى الْمُدَّعِي) : أَيْ رَدَّهَا الْقَاضِي فَلَوْ حَلَفَ قَبْلَ رَدِّهَا، مِنْ الْقَاضِي لَغَتْ. وَمَحَلُّ ذَلِكَ مَا لَمْ يَحْكُمْ الْقَاضِي بِنُكُولِ الْخَصْمِ فَإِنْ حَكَمَ بِأَنْ قَالَ: حَكَمْت بِنُكُولِك أَوْ جَعَلْتُك نَاكِلًا فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى رَدِّ الْقَاضِي فَإِذَا حَلَفَ بَعْدَ ذَلِكَ اُعْتُدَّ بِهَا وَيَكُونُ كَرَدِّ الْقَاضِي الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعِي وَقَوْلُهُ لَهُ احْلِفْ بِمَنْزِلَةِ الْحُكْمِ بِنُكُولِهِ. وَكَذَا إقْبَالُ الْقَاضِي عَلَى الْمُدَّعِي لِيُحَلِّفَهُ. وَإِنْ لَمْ يَقُلْ لَهُ احْلِفْ نَازِلٌ مَنْزِلَةَ الْحُكْمِ بِنُكُولِهِ أَيْضًا وَلِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يَعُودَ إلَى الْيَمِينِ قَبْلَ نُكُولِهِ حَقِيقَةً أَوْ تَنْزِيلًا وَلِلْمُدَّعِي أَنْ يَعُودَ إلَى طَلَبِ الْيَمِينِ مِنْهُ مُطْلَقًا، وَإِذَا طَلَبَهَا مِنْهُ وَامْتَنَعَ لَمْ يَكُنْ لَهُ الْعَوْدُ إلَى يَمِينِ الرَّدِّ لِأَنَّهُ أَبْطَلَ حَقَّهُ مِنْ يَمِينِ الرَّدِّ الَّذِي رَدَّهَا عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ بِرِضَاهُ لِخَصْمِهِ، وَلَوْ هَرَبَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَبْلَ الْحُكْمِ بِنُكُولِهِ. امْتَنَعَ الْحَلِفُ عَلَى الْمُدَّعِي. اهـ. ق ل.
قَوْلُهُ: (لَا لِدَهْشَةٍ) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ دَهِشَ دَهَشًا فَهُوَ دَهِشٌ مِنْ بَابِ تَعِبَ ذَهَبَ عَقْلُهُ حَيَاءً أَوْ خَوْفًا وَقَوْلُهُ: وَغَبَاوَةً فَإِنْ كَانَ سُكُوتُهُ لِنَحْوِ دَهَشٍ أَوْ غَبَاوَةٍ، شَرَحَ لَهُ الْقَاضِي الْحَالَ ثُمَّ حَكَمَ عَلَيْهِ. أَوْ قَالَ لِلْمُدَّعِي: احْلِفْ شَرْحُ الْمَنْهَجِ الْغَبَاوَةُ أَنْ لَا يَفْهَمَ مَا يُقَالُ لَهُ وَقَالَ فِي الْمُخْتَارِ الْغَبَاوَةُ عَدَمُ الْمَعْرِفَةِ وَفِي الْمِصْبَاحِ الْغَبِيُّ عَلَى وَزْنِ فَعِيلٍ الْقَلِيلُ الْفِطْنَةِ يُقَالُ غَبِيَ غَبِيًّ مِنْ بَابِ تَعِبَ وَغَبَاوَةً. وَقَوْلُهُ: شَرَحَ لَهُ الْقَاضِي أَيْ وُجُوبًا بِأَنْ يَقُولَ لَهُ: إذَا أَطَلْت السُّكُوتَ، حَكَمْت بِنُكُولِك وَقَضَيْت عَلَيْك، وَسُكُوتُ الْأَصَمِّ قَبْلَ عِلْمِهِ بِالْحَلِّ لَيْسَ نُكُولًا بِخِلَافِ عَدَمِ
وَكَذَا فَعَلَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - بِمَحْضَرٍ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - مِنْ غَيْرِ مُخَالَفَةٍ كَمَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -. (فَيَحْلِفُ) الْمُدَّعِي إنْ اخْتَارَ ذَلِكَ. (وَيَسْتَحِقُّ) الْمُدَّعَى بِهِ بِيَمِينِهِ لَا بِنُكُولِ خَصْمِهِ. وَقَوْلُ الْقَاضِي لِلْمُدَّعِي: احْلِفْ نَازِلٌ مَنْزِلَةَ الْحُكْمِ بِنُكُولِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَكَمَ بِنُكُولِهِ حَقِيقَةً، وَبِالْجُمْلَةِ فَلِلْخَصْمِ بَعْدَ نُكُولِهِ الْعَوْدُ إلَى الْحَلِفِ مَا لَمْ يَحْكُمْ بِنُكُولِهِ حَقِيقَةً أَوْ تَنْزِيلًا وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُ الْعَوْدُ إلَيْهِ، إلَّا بِرِضَا الْمُدَّعِي وَيُبَيِّنُ الْقَاضِي حُكْمَ النُّكُولِ لِلْجَاهِلِ بِهِ. بِأَنْ يَقُولَ لَهُ: إنْ نَكَلْت عَنْ الْيَمِينِ حَلَفَ الْمُدَّعِي وَأَخَذَ مِنْك الْحَقَّ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ وَحَكَمَ بِنُكُولِهِ نَفَذَ حُكْمُهُ لِتَقْصِيرِهِ بِتَرْكِ الْبَحْثِ عَنْ حُكْمِ النُّكُولِ. وَيَمِينُ الرَّدِّ وَهِيَ يَمِينُ الْمُدَّعِي بَعْدَ نُكُولِ خَصْمِهِ، كَإِقْرَارِ الْخَصْمِ لَا كَالْبَيِّنَةِ، لِأَنَّهُ يُتَوَصَّلُ بِالْيَمِينِ بَعْدَ نُكُولِهِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
الْإِشَارَةِ مِنْ الْأَخْرَسِ بَعْدَ سَمَاعِهِ ق ل. وَقَوْلُهُ: ثُمَّ حَكَمَ عَلَيْهِ أَيْ بِالنُّكُولِ وَقَوْلُهُ أَوْ قَالَ لِلْمُدَّعِي: احْلِفْ أَيْ بَعْدَ عَرْضِ الْيَمِينِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (رُدَّتْ أَيْ الْيَمِينُ) أَيْ رَدَّهَا الْقَاضِي.
قَوْلُهُ: (وَكَذَا فِعْلُ عُمَرَ إلَخْ) ذَكَرَ فِعْلَ عُمَرَ عَقِبَ فِعْلِهِ صلى الله عليه وسلم إشَارَةً إلَى أَنَّ رَدَّهَا عَلَى الْمُدَّعِي ثَبَتَ بِالنَّصِّ وَبِالْإِجْمَاعِ السُّكُوتِيِّ. اهـ. م د.
قَوْلُهُ: (فَيَحْلِفُ الْمُدَّعِي وَيَسْتَحِقُّ) أَيْ بِفَرَاغِ الْيَمِينِ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى حُكْمٍ لِأَنَّهَا كَالْإِقْرَارِ وَهُوَ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى حُكْمٍ وَقَوْلُهُ: فَيَحْلِفُ وَيَسْتَحِقُّ أَيْ غَالِبًا وَقَدْ لَا يَحْلِفُ كَمَا إذَا ادَّعَى الْوَلِيُّ لِمُوَلِّيهِ حَقًّا فَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَنَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ فَلَا يَحْلِفُ الْمُدَّعِي بَلْ يُمْهَلُ حَتَّى يَبْلُغَ الصَّبِيُّ ثُمَّ يَحْلِفُ وَكَذَا لَوْ ادَّعَى عَلَى شَخْصٍ بِمَالٍ لِمَيِّتٍ لَا وَارِثَ لَهُ وَأَنَابَ الْإِمَامُ شَخْصًا وَادَّعَى وَنَكَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَلَا يَحْلِفُ الْمُدَّعِي بَلْ يُحْبَسُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إلَى أَنْ يَحْلِفَ الْمُدَّعِي أَوْ يُقِرَّ. وَكَذَا نَاظِرُ الْوَقْفِ وَالْمَسْجِدِ إذَا ادَّعَيَا شَيْئًا لَا يَحْلِفَانِ بَلْ يَحْبِسُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إلَى أَنْ يَحْلِفَ أَوْ يُقِرَّ وَكَذَا الْوَصِيُّ إذَا ادَّعَى عَلَى الْوَرَثَةِ أَنَّ مُوَرِّثَهُمْ أَوْصَى لِلْفُقَرَاءِ مَثَلًا بِكَذَا فَأَنْكَرُوا أَوْ نَكَلُوا فَلَا يَحْلِفُ الْوَصِيُّ بَلْ تُحْبَسُ الْوَرَثَةُ إلَى أَنْ يَحْلِفُوا أَوْ يُقِرُّوا.
قَوْلُهُ: (وَقَوْلُ الْقَاضِي لِلْمُدَّعِي احْلِفْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ نَكَلَ أَيْ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا وَقَوْلُهُ: وَقَوْلُ الْقَاضِي أَيْ فِي الصُّورَةِ الْأَخِيرَةِ. وَهِيَ قَوْلُهُ: أَوْ يَسْكُتُ إلَخْ.
قَوْلُهُ: (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حُكْمٌ) كَذَا فِي خَطِّ الشَّارِحِ بِالرَّفْعِ، فَاعِلُ يَكُنْ عَلَى أَنَّهَا تَامَّةٌ أَيْ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ حُكْمٌ بِنُكُولِهِ، حَقِيقَةً بَلْ ضِمْنًا وَفِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ، حُكْمًا بِالنَّصْبِ عَلَى أَنَّهَا نَاقِصَةٌ وَتَخْطِئَةُ الْمَرْحُومِيِّ لِلشَّارِحِ لَيْسَتْ فِي مَحَلِّهَا. اهـ. م د وَالنَّصْبُ هُوَ الظَّاهِرُ لِأَنَّ اسْمَ كَانَ ضَمِيرٌ يَعُودُ عَلَى قَوْلِ الْقَاضِي: فَيَكُونُ الرَّفْعُ مِنْ تَحْرِيفِ النَّاسِخِ. قَوْلُهُ: (وَبِالْجُمْلَةِ) أَيْ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ أَيْ سَوَاءٌ قُلْنَا حَقِيقَةً أَوْ نَازِلٌ مَنْزِلَتَهُ ز ي. قَوْلُهُ: (حَقِيقَةً) بِأَنْ حَكَمَ بِنُكُولِهِ أَوْ تَنْزِيلًا كَقَوْلِ الْقَاضِي الْمُتَقَدِّمِ.
قَوْلُهُ: (إلَّا بِرِضَا الْمُدَّعِي) وَإِذَا نَكَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَلَا تُرَدُّ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعِي لِأَنَّ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ لَا تُرَدُّ إلَّا فِي الْقَسَامَةِ وَلِأَنَّهُ سَقَطَ حَقُّهُ بِرِضَاهُ بِحَلِفِ خَصْمِهِ.
تَنْبِيهٌ: يَقَعُ كَثِيرًا أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يُجِيبُ بِقَوْلِهِ: يَثْبُتُ مَا يَدَّعِيهِ فَيُطَالِبُ الْقَاضِي الْمُدَّعِيَ بِالْإِثْبَاتِ لِفَهْمِهِمْ أَنَّ ذَلِكَ جَوَابٌ صَحِيحٌ وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ طَلَبُ الْإِثْبَاتِ لَا يَسْتَلْزِمُ اعْتِرَافًا وَلَا إنْكَارًا فَتَعَيَّنَ أَنْ لَا يُكْتَفَى مِنْهُ بِذَلِكَ بَلْ يُلْزَمُ بِالتَّصْرِيحِ بِالْإِقْرَارِ أَوْ الْإِنْكَارِ، حَجّ ز ي وَيَقَعُ أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ الدَّعْوَى عَلَيْهِ يَقُولُ مَا بَقِيت أَتَحَاكَمُ أَوْ مَا بَقِيَتْ أَدَّعِي عِنْدَك وَالْوَجْهُ أَنْ يُجْعَلَ بِذَلِكَ مُنْكِرًا نَاكِلًا فَيَحْلِفُ الْمُدَّعِي وَيَسْتَحِقُّ. اهـ. طَبَلَاوِيٌّ.
قَوْلُهُ: (وَيُبَيِّنُ الْقَاضِي) أَيْ وُجُوبًا ع ش وَشَوْبَرِيٌّ وَقَالَ ح ل: نَدْبًا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ.
لَطِيفَةٌ: مِنْ الْمَسَائِلِ الدَّقِيقَةِ الَّتِي رُبَّمَا أَفْتَى الْمُفْتِي بِخِلَافِهَا، وَيَقْضِي بِخِلَافِهَا أَيْضًا مَا لَوْ ادَّعَى عَلَى شَخْصٍ مَالًا فَأَنْكَرَ وَطُلِبَ مِنْهُ الْيَمِينُ فَقَالَ: لَا أَحْلِفُ وَأُعْطِيَ الْمَالَ لَمْ يَلْزَمْهُ قَبُولُهُ مِنْ غَيْرِ إقْرَارٍ وَلَهُ تَحْلِيفُهُ أَيْ لِلْمُدَّعِي تَحْلِيفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ لَا يَأْمَنُ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ بِمَا دَفَعَهُ بَعْدُ وَكَذَا لَوْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ وَأَرَادَ الْمُدَّعِي أَنْ يَحْلِفَ يَمِينَ الرَّدِّ فَقَالَ الْخَصْمُ: أَنَا أَبْذُلُ لَك الْمَالَ بِلَا يَمِينٍ، فَيُلْزِمُهُ الْحَاكِمُ بِأَنْ يُقِرَّ وَإِلَّا حَلَفَ الْمُدَّعِي شَرْحُ م ر أج.
قَوْلُهُ: (نَفَذَ) أَيْ وَإِنْ أَثِمَ
إلَى الْحَقِّ. فَأَشْبَهَ إقْرَارَهُ بِهِ فَيَجِبُ الْحَقُّ بَعْدَ فَرَاغِ الْمُدَّعِي مِنْ يَمِينِ الرَّدِّ مِنْ غَيْرِ افْتِقَارٍ إلَى حُكْمٍ كَالْإِقْرَارِ وَلَا تُسْمَعُ بَعْدَهَا حُجَّةٌ بِمُسْقِطٍ كَأَدَاءٍ أَوْ إبْرَاءٍ. فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ الْمُدَّعِي يَمِينَ الرَّدِّ، وَلَا عُذْرَ لَهُ سَقَطَ حَقُّهُ مِنْ الْيَمِينِ وَالْمُطَالَبَةِ لِإِعْرَاضِهِ عَنْ الْيَمِينِ وَلَكِنْ تُسْمَعُ حُجَّتُهُ. فَإِنْ أَبْدَى عُذْرًا كَإِقَامَةِ حُجَّةٍ وَسُؤَالِ فَقِيهٍ وَمُرَاجَعَةِ حِسَابٍ أُمْهِلَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَقَطْ لِئَلَّا تَطُولَ مُدَافَعَتُهُ وَالثَّلَاثَةُ مُدَّةٌ مُغْتَفَرَةٌ شَرْعًا وَيُفَارِقُ جَوَازَ تَأْخِيرِ الْحُجَّةِ أَبَدًا بِأَنَّهَا قَدْ لَا تُسَاعِدُهُ وَلَا تَحْضُرُ وَالْيَمِينُ
ــ
[حاشية البجيرمي]
بِعَدَمِ تَعْلِيمِهِ، كَمَا فِي ع ش عَلَى م ر.
قَوْلُهُ: (لِتَقْصِيرِهِ) أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ.
قَوْلُهُ: (لَا كَالْبَيِّنَةِ) أَيْ مِنْ الْمُدَّعِي.
قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ يُتَوَصَّلُ بِالْيَمِينِ إلَخْ) فِيهِ أَنَّهُ لَا يُنْتِجُ الْمُدَّعَى إذْ مِثْلُهُ فِيمَا ذُكِرَ الْبَيِّنَةُ. وَيُجَابُ: بِأَنَّ فِي الْكَلَامِ حَذْفًا أَيْ لِأَنَّهُ يُتَوَصَّلُ إلَخْ أَيْ مِنْ غَيْرِ افْتِقَارٍ إلَى حُكْمٍ اهـ.
قَوْلُهُ: (فَيَجِبُ الْحَقُّ إلَخْ) هَذَا هُوَ الْفَارِقُ بَيْنَ كَوْنِ الْيَمِينِ كَإِقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ كَالْبَيِّنَةِ وَعِبَارَةُ م د. وَيَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ الْحَقَّ يَثْبُتُ بِمُجَرَّدِهَا إنْ جُعِلَتْ كَالْإِقْرَارِ وَلَا يَفْتَقِرُ إلَى حُكْمٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ جُعِلَتْ كَالْبَيِّنَةِ فَتَحْتَاجُ إلَى الْحُكْمِ وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ أَيْضًا عَدَمُ سَمَاعِ حُجَّةٍ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِمُسْقِطٍ كَالْأَدَاءِ وَالْإِبْرَاءِ بِخِلَافِ مَا لَوْ جُعِلَتْ كَالْبَيِّنَةِ فَإِنَّهَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ بِالْمُسْقِطِ. قَوْلُهُ: (مِنْ غَيْرِ افْتِقَارٍ إلَى حُكْمٍ) : اقْتَضَى هَذَا أَنَّ الْبَيِّنَةَ إذَا عَدَلَتْ لَا يَثْبُتُ الْحَقُّ بِهَا حَتَّى يَحْكُمَ الْقَاضِي وَقَدْ سَلَفَ تَصْرِيحُ الزَّرْكَشِيّ، بِذَلِكَ فِي الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ سم.
قَوْلُهُ: (كَأَدَاءٍ أَوْ إبْرَاءٍ) قَالَ الدَّمِيرِيُّ: وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ: بِأَدَاءٍ أَوْ إبْرَاءٍ إلَى أَنَّ التَّصْوِيرَ فِي الدَّيْنِ فَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ عَيْنًا فَرَدَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعِي فَحَلَفَ ثُمَّ أَقَامَ بَيِّنَةً بِالْمِلْكِ سُمِعَتْ أَفْتَى بِهِ عُلَمَاءُ عَصْرِهِ. اهـ. وَالرَّاجِحُ: خِلَافُهُ م ر وَالشَّوْبَرِيُّ.
قَوْلُهُ: (مِنْ الْيَمِينِ) فَلَيْسَ لَهُ الْعَوْدُ إلَيْهَا فِي هَذَا الْمَجْلِسِ وَلَا غَيْرِهِ وَإِنْ لَمْ يَحْكُمْ الْقَاضِي بِنُكُولِ خَصْمِهِ كَمَا فِي س ل وق ل عَلَى الْجَلَالِ.
قَوْلُهُ: (وَالْمُطَالَبَةُ) أَيْ فَلَيْسَ لَهُ مُطَالَبَةُ الْخَصْمِ، إلَّا أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً س ل. وَعِبَارَةُ ق ل وَلَيْسَ لَهُ مُطَالَبَةُ الْخَصْمِ وَلَوْ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ أَيْضًا، وَلَا يَنْفَعُهُ إلَّا إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ وَلَوْ شَاهِدًا وَيَمِينًا قَوْلُهُ:(وَلَكِنْ تُسْمَعُ حُجَّتُهُ) وَلَيْسَ لَهُ رَدُّ الْيَمِينِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِأَنَّ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ لَا تُرَدُّ سم، وَلَوْ ادَّعَى دَيْنًا عَلَى مُعْسِرٍ وَقَصَدَ إثْبَاتَهُ لِيُطَالِبَهُ بِهِ إذَا أَيْسَرَ فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ: أَنَّهَا لَا تُسْمَعُ مُطْلَقًا وَاعْتَمَدَهُ الْغَزِّيُّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ رحمه الله وَإِنْ اقْتَضَى مَا قَرَّرْنَاهُ عَنْ الْمَاوَرْدِيُّ سَمَاعَهَا، لِأَنَّ الْقَصْدَ إثْبَاتُهُ مَعَ كَوْنِهِ مُسْتَحَقًّا قَبْضُهُ حَالًا بِتَقْدِيرِ يَسَارِهِ الْقَرِيبِ عَادَةُ الشَّرْحِ م ر. وَقَوْلُهُ: فَظَاهِرُ كَلَامِهِمَا أَنَّهَا لَا تُسْمَعُ مُطْلَقًا مِنْ هَذَا يُؤْخَذُ جَوَابُ حَادِثَةٍ وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهَا وَهِيَ أَنَّ شَخْصًا تَقَرَّرَ فِي نِظَارَةٍ عَلَى وَقْفٍ مِنْ أَوْقَافِ الْمُسْلِمِينَ، فَوَجَدَهُ خَرِبًا ثُمَّ إنَّهُ عَمَّرَهُ عَلَى الْوَجْهِ اللَّائِقِ بِهِ ثُمَّ سَأَلَ الْقَاضِيَ بَعْدَ الْعِمَارَةِ فِي نُزُولِ كَشْفٍ عَلَى الْمَحَلِّ وَتَحْدِيدِ الْعِمَارَةِ وَكِتَابَةِ حُجَّةٍ بِذَلِكَ فَأَجَابَهُ لِذَلِكَ وَعَيَّنَ لَهُ كَشَّافًا وَشُهُودًا وَمُهَنْدِسِينَ فَقَطَعُوا قِيمَةَ الْعِمَارَةِ الْمَذْكُورَةِ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ نِصْفٍ وَأُخْبِرَ الْقَاضِي بِذَلِكَ فَكَتَبَ لَهُ بِذَلِكَ حُجَّةً لِيَقْطَعَ عَلَى الْمُسْتَحِقِّينَ مَعَالِيمَهُمْ وَيَمْنَعَ مَنْ يُرِيدُ أَخْذَ الْوَقْفِ إلَى الْمِقْدَارِ الْمَذْكُورِ مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ وَهُوَ أَنَّهُ لَا يَعْمَلُ بِالْحُجَّةِ وَلَا يُجِيبُهُ لِذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمْ يُطَالِبْ بِشَيْءٍ إذْ ذَاكَ وَلَا وَقَعَتْ عَلَيْهِ دَعْوَى وَالْكِتَابَةُ إنَّمَا تَكُونُ لِدَفْعِ مَا طُلِبَ مِنْهُ وَادُّعِيَ بِهِ عَلَيْهِ وَلَيْسَ ذَلِكَ مَوْجُودًا هُنَا.
وَطَرِيقُهُ فِي إثْبَاتِ الْعِمَارَةِ الْمَذْكُورَةِ أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً تَشْهَدُ لَهُ بِمَا صَرَفَهُ يَوْمًا فَيَوْمًا مَثَلًا وَيَكُونُ ذَلِكَ جَوَابًا لِدَعْوَى مُلْزِمَةٍ ثُمَّ إنْ لَمْ يَكُنْ بَيِّنَةٌ يُصَدَّقُ فِيمَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْإِذْنِ كَالْقَرْضِ عَلَى الْوَقْفِ مِنْ مَالِ غَيْرِهِ أَوْ مِنْ مَالِهِ. أَوْ كَانَ فِي شَرْطِ الْوَاقِفِ أَنَّ لِلنَّاظِرِ اقْتِرَاضَ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْحَالُ فِي الْعِمَارَةِ مِنْ غَيْرِ اسْتِئْذَانٍ اهـ ع ش.
قَوْلُهُ: (فَإِنْ أَبْدَى) أَيْ الْمُدَّعِي عُذْرًا.
قَوْلُهُ: (وَسُؤَالِ فَقِيهٍ) أَيْ هَلْ يَلْزَمُهُ الْحَلِفُ أَوْ لَا؟ قَوْلُهُ: (وَمُرَاجَعَةِ حِسَابٍ) أَيْ دَفْتَرٍ.
قَوْلُهُ: (أُمْهِلَ) أَيْ وُجُوبًا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ قَالَ سم: وَهَذَا مَعَ قَوْلِهِ: وَيُفَارِقُ جَوَازَ تَأْخِيرِ الْحُجَّةِ أَبَدًا يُعَرِّفُك أَنَّهُ إذَا رُدَّتْ الْيَمِينُ عَلَيْهِ فَاسْتُمْهِلَ وَلَوْ لِإِقَامَةِ الْحُجَّةِ لَا يُزَادُ عَلَى الثَّلَاثَةِ أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلْيَمِينِ، حَتَّى يَسْقُطُ حَقُّهُ مِنْهَا بَعْدَ الثَّلَاثَةِ فَلَا تَنْفَعُهُ بَعْدَهَا إلَّا الْحُجَّةُ بِخِلَافِ مَا لَوْ اُسْتُمْهِلَ قَبْلَ رَدِّ الْيَمِينِ عَلَيْهِ لِإِقَامَةِ الْحُجَّةِ فَيُمْهَلُ أَبَدًا وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا أَنَّهُ إذَا أَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَإِنْ اُسْتُمْهِلَ الْمُدَّعِي أَبَدًا حِينَئِذٍ لِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ أُمْهِلَ أَبَدًا، وَإِنْ طَلَبَ يَمِينَ الْخَصْمِ
إلَيْهِ، وَهَلْ هَذَا الْإِمْهَالُ وَاجِبٌ أَوْ مُسْتَحَبٌّ؟ وَجْهَانِ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ، وَلَا يُمْهَلُ خَصْمُهُ لِعُذْرٍ حَتَّى يُسْتَحْلَفَ إلَّا بِرِضَا الْمُدَّعِي لِأَنَّهُ مَقْهُورٌ بِطَلَبِ الْإِقْرَارِ أَوْ الْيَمِينِ بِخِلَافِ الْمُدَّعِي وَإِنْ اُسْتُمْهِلَ الْخَصْمُ فِي ابْتِدَاءِ الْجَوَابِ لِعُذْرٍ أُمْهِلَ إلَى آخِرِ الْمَجْلِسِ إنْ شَاءَ الْقَاضِي وَقِيلَ: إنْ شَاءَ الْمُدَّعِي وَالْأَوَّلُ هُوَ مَا جَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي وَهُوَ الظَّاهِرُ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ لَا يَتَقَيَّدُ بِآخِرِ الْمَجْلِسِ.
وَمَنْ طُولِبَ بِجِزْيَةٍ فَادَّعَى مُسْقِطًا كَإِسْلَامِهِ قَبْلَ تَمَامِ الْحَوْلِ، فَإِنْ وَافَقَتْ دَعْوَاهُ الظَّاهِرَ كَأَنْ كَانَ غَائِبًا فَحَضَرَ وَادَّعَى ذَلِكَ وَحَلَفَ فَذَاكَ، وَإِنْ لَمْ يُوَافِقْ الظَّاهِرَ بِأَنْ كَانَ عِنْدَنَا ظَاهِرًا ثُمَّ ادَّعَى ذَلِكَ أَوْ وَافَقَهُ وَنَكَلَ طُولِبَ بِهَا وَلَيْسَ ذَلِكَ قَضَاءً بِالنُّكُولِ، بَلْ لِأَنَّهَا وَجَبَتْ وَلَمْ يَأْتِ بِدَافِعٍ أَوْ بِزَكَاةٍ فَادَّعَى الْمُسْقِطَ كَدَفْعِهَا لِسَاعٍ آخَرَ لَمْ يُطَالِبْ بِهَا وَإِنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ لِأَنَّهَا مُسْتَحَبَّةٌ.
وَلَوْ ادَّعَى وَلِيُّ صَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ حَقًّا لَهُ عَلَى شَخْصٍ فَأَنْكَرَ وَنَكَلَ، لَمْ يَحْلِفْ الْوَلِيُّ وَإِنْ ادَّعَى ثُبُوتَهُ بِسَبَبِ مُبَاشَرَتِهِ بَلْ يُنْتَظَرُ كَمَالُهُ، لِأَنَّ إثْبَاتَ الْحَقِّ لِغَيْرِ الْحَالِفِ بَعِيدٌ.
(وَإِذَا تَدَاعَيَا) أَيْ الْخَصْمَانِ أَيْ
ــ
[حاشية البجيرمي]
فَنَكَلَ وَرُدَّتْ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعِي فَطَلَبَ الْإِمْهَالَ وَلَوْ لِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ أُمْهِلَ ثَلَاثَةً فَقَطْ فَيَبْطُلُ حَقُّهُ بَعْدَهَا مِنْ الْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ دُونَ الْحُجَّةِ، فَمَتَى أَقَامَهَا سُمِعَتْ اهـ.
قَوْلُهُ: (ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) الْمُرَادُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ صِحَاحٍ غَيْرِ يَوْمَيْ الْإِمْهَالِ وَالْإِيتَاءِ وَبَعْدَ ذَلِكَ لَا يُمَكَّنُ مِنْ الْحَلِفِ، وَلَوْ أَقَامَ شَاهِدًا وَطَلَبَ الْإِمْهَالَ لِإِتْمَامِ الْبَيِّنَةِ أُمْهِلَ ثَلَاثَةً أَيْضًا ق ل عَلَى الْجَلَالِ.
قَوْلُهُ: (لِئَلَّا تَطُولَ مُدَافَعَتُهُ) أَيْ بِسَبَبِ طَلَبِ الْحَقِّ أَيْ لِئَلَّا تَطُولَ مُدَافَعَةُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِلْمُدَّعِي بِطَلَبِ الْحَقِّ مِنْهُ.
قَوْلُهُ: (وَالْيَمِينُ إلَيْهِ) أَيْ مَوْكُولَةٌ إلَيْهِ وَنَافِعَةٌ لَهُ وَلَا بُدَّ بِخِلَافِ الْبَيِّنَةِ. قَوْلُهُ: (وَهَلْ هَذَا الْإِمْهَالُ إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ الْوُجُوبُ كَمَا فِي م ر وح ل. وَقَالَ حَجّ: وَسَقَطَ حَقُّهُ مِنْ الْيَمِينِ بَعْدَ مُضِيِّ الثَّلَاثَةِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ.
قَوْلُهُ: (حِينَ يُسْتَحْلَفُ) أَيْ يُطْلَبُ مِنْهُ الْحَلِفُ ع ش. وَقَالَ ح ل: أَيْ يَلْزَمُ بِالْحَلِفِ وَهَذَا لَا يُسْتَحْلَفُ، إلَّا حَيْثُ لَا بَيِّنَةَ لَهُ بِالدَّفْعِ وَالْإِبْرَاءِ، وَإِلَّا أُمْهِلَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ. وَقَوْلُهُ: إلَّا بِرِضَا الْمُدَّعِي شَامِلٌ لِطَلَبِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ وَاَلَّذِي فِي الْمِنْهَاجِ الِاقْتِصَارُ عَلَى مُرَاجَعَةِ الْحِسَابِ. وَأَمَّا إذَا طَلَبَ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ فَإِنَّهُ يُمْهَلُ وَإِنْ لَمْ يَرْضَ الْخَصْمُ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ اسْتَمْهَلَ الْخَصْمُ) : السِّينُ وَالتَّاءُ لِلطَّلَبِ أَيْ طَلَبَ الْإِمْهَالَ.
قَوْلُهُ: (أُمْهِلَ) أَيْ إنْ لَمْ يَضُرَّ الْإِمْهَالُ بِالْمُدَّعِي كَأَنْ كَانَ يُرِيدُ سَفَرًا وإلَّا لَمْ يُمْهَلْ اهـ س ل.
قَوْلُهُ: (إلَى آخِرِ الْمَجْلِسِ) أَيْ مَجْلِسِ الْخُصُومَةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْخَصْمَيْنِ. بِأَنْ لَمْ يَشْرَعْ فِي غَيْرِهَا وَمَا ذَكَرَهُ م د. بِقَوْلِهِ: أَيْ آخِرَ النَّهَارِ لِأَنَّهُ جَمِيعُهُ مَجْلِسُ الْقَاضِي غَيْرُ ظَاهِرٍ وَقَالَ م ر: أَيْ مَجْلِسُ الْقَاضِي وَمَا زَادَ عَلَى الْمَجْلِسِ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ رِضَا الْمُدَّعِي كَمَا فِي ح ل.
قَوْلُهُ: (إنْ شَاءَ الْقَاضِي) مُعْتَمَدٌ وَعِبَارَةُ سم اعْتَمَدَهُ م ر فَقَالَ: الْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْمُرَادَ إنْ شَاءَ الْقَاضِي لِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ لِلْقَاضِي أَنْ يُمْهِلَ إلَى آخِرِ الْمَجْلِسِ قَهْرًا عَلَى الْمُدَّعِي وَإِلَّا فَالْمُدَّعِي إنْ شَاءَ أَمْهَلَهُ أَبَدًا لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ فَلَا وَجْهَ لِتَقْيِيدِهِ بِآخِرِ الْمَجْلِسِ.
قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ لَا يَتَقَيَّدُ) أَيْ لَا يَتَقَيَّدُ إمْهَالُهُ بِآخِرِ الْمَجْلِسِ بَلْ لَهُ أَنْ يُؤَخِّرَ الدَّعْوَى مَتَى شَاءَ.
قَوْلُهُ: (وَمَنْ طُولِبَ) وَلَوْ مَاتَ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ وَلَهُ دَيْنٌ عَلَى شَخْصٍ، فَطَالَبَهُ الْقَاضِي وَوَجَّهَ عَلَيْهِ الْيَمِينَ، فَنَكَلَ فَهَلْ يَقْضِي عَلَيْهِ بِالنُّكُولِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَوْ يُحْبَسُ أَوْ يَحْلِفُ أَوْ يُتْرَكُ أَوْجَهُ أَصَحّهَا الثَّانِي سم.
قَوْلُهُ: (كَإِسْلَامِهِ) جَعْلُ الْإِسْلَامِ مُسْقِطًا مَبْنِيٌّ عَلَى وُجُوبِ الْجِزْيَةِ بِانْقِضَاءِ الْحَوْلِ وَهُوَ طَرِيقَةٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهَا تَجِبُ بِالْعَقْدِ، وَعَلَيْهِ فَالْإِسْلَامُ فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ يُقَسِّطُهَا لَا يُسْقِطُهَا إلَّا أَنْ يُقَالَ ادِّعَاءُ الْمُسْقِطِ يَصْدُقُ بِدَعْوَى سُقُوطِ بَعْضِهَا.
قَوْلُهُ: (أَوْ وَافَقَهُ) عِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ أَوْ وَافَقَتْهُ أَيْ وَافَقَتْ دَعْوَاهُ الظَّاهِرَ. قَوْلُهُ: (طُولِبَ بِهَا) : أَيْ الْجِزْيَةِ وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ: لِأَنَّهَا وَجَبَتْ.
قَوْلُهُ: (لَيْسَ ذَلِكَ قَضَاءً بِالنُّكُولِ) الْمَعْنَى لَيْسَ الْمُطَالَبَةُ بِالْجِزْيَةِ وَلُزُومُهَا لَهُ بِسَبَبِ النُّكُولِ بَلْ لِأَنَّهَا وَجَبَتْ وَاشْتَغَلَتْ ذِمَّتُهُ بِهَا وَلَمْ يَأْتِ بِدَافِعٍ فَلَا يُنَافِي مَا قَدَّمَهُ فِي الدَّعْوَى الْخَاصَّةِ بِخَصْمٍ مُعَيَّنٍ لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ الْحَقُّ إلَّا بِيَمِينِ الرَّدِّ، فَلَا يَثْبُتُ بِالنُّكُولِ قَبْلَهَا. وَالْفَرْقُ أَنَّ الْحَقَّ هُنَا ثَابِتٌ وَهُوَ يَدَّعِي مُسْقِطًا، وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ فَلَيْسَ فِيهِ قَضَاءٌ بِمُجَرَّدِ النُّكُولِ.
قَوْلُهُ: (حَقًّا لَهُ) أَيْ لِلصَّبِيِّ أَوْ الْمَجْنُونِ.
قَوْلُهُ: (لَمْ يَحْلِفْ) أَيْ عَلَى اسْتِحْقَاقِ الْحَقِّ وَيَحْلِفُ عَلَى مُبَاشَرَةِ الْعَقْدِ وَيَثْبُتُ الْحَقُّ تَبَعًا ق ل وَعِبَارَةُ سم، لَمْ يَحْلِفْ الْوَلِيُّ مَا لَمْ يُرِدْ ثُبُوتَ الْعَقْدِ الَّذِي بَاشَرَهُ بِيَدِهِ فَيَحْلِفُ وَيَثْبُتُ الْحَقُّ ضِمْنًا وَمِثْلُهُ: يَجْرِي فِي الْوَصِيِّ وَالْوَكِيلِ اهـ.
قَوْلُهُ: (وَإِنْ ادَّعَى) غَايَةً فِي عَدَمِ حَلِفِ الْوَلِيِّ. قَوْلُهُ: (بِسَبَبِ
ادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا (شَيْئًا) أَيْ عَيْنًا وَهِيَ (فِي يَدِ أَحَدِهِمَا) وَلَا بَيِّنَةَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا. (فَالْقَوْلُ) حِينَئِذٍ (قَوْلُ صَاحِبِ الْيَدِ بِيَمِينِهِ) إنَّهَا مِلْكُهُ إذْ الْيَدُ مِنْ الْأَسْبَابِ الْمُرَجِّحَةِ. (وَإِنْ كَانَ) الْمُدَّعَى بِهِ وَهُوَ الْعَيْنُ. (فِي يَدِهِمَا) وَلَا بَيِّنَةَ لَهُمَا (تَحَالَفَا) عَلَى النَّفْيِ فَقَطْ عَلَى النَّصِّ (وَجُعِلَ) ذَلِكَ (بَيْنَهُمَا) نِصْفَانِ لِقَضَائِهِ صلى الله عليه وسلم بِذَلِكَ كَمَا صَحَّحَهُ الْحَاكِمُ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَلَوْ
ــ
[حاشية البجيرمي]
مُبَاشَرَتِهِ) : عِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ بِمُبَاشَرَةِ سَبَبِهِ اهـ. كَأَنْ قَالَ: أَنَا أَقْرَضْته لَك بِسَبَبِ النَّهْبِ الَّذِي كَانَ حَصَلَ فِي الْبَلَدِ مَثَلًا اهـ.
قَوْلُهُ: (وَإِذَا تَدَاعَيَا) التَّعْبِيرَ بِذَلِكَ إمَّا عَلَى سَبِيلِ التَّغْلِيبِ، أَوْ اعْتِبَارِ صُورَةِ الدَّعْوَةِ الظَّاهِرِيَّةِ، وَإِلَّا فَمَنْ بِيَدِهِ الْعَيْنُ يُقَالُ لَهُ مُدَّعًى عَلَيْهِ: لِأَنَّهُ مُوَافِقٌ لِلظَّاهِرِ فِي دَعْوَاهُ أَنَّهُ مِلْكُهُ وَالْآخَرُ يُقَالُ لَهُ: مُدَّعٍ لِأَنَّ دَعْوَاهُ مُخَالِفَةٌ لِلظَّاهِرِ. قَوْلُهُ: (فِي يَدِ أَحَدِهِمَا) الْمُرَادُ الْيَدُ الْمُتَأَصِّلَةُ لِيَخْرُجَ مَا لَوْ أَخَذَ شَخْصٌ شَيْئًا مِنْ إنْسَانٍ ثُمَّ ادَّعَاهُ لِنَفْسِهِ وَادَّعَى مَنْ كَانَتْ الْيَدُ لَهُ قَبْلَ ذَلِكَ أَنَّهُ لَهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ الْيَدُ الْآنَ، وَكَذَا لَوْ أَخَذَ مِنْ إنْسَانٍ أَلْفًا وَقَالَ: أَقَرَّ لِي بِهَا أَوْ كَانَتْ عِنْدَهُ أَمَانَةً وَأَنْكَرَ الْآخَرُ وَادَّعَى مِلْكَهُ لَهَا. فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ تَكُنِ الْعَيْنُ بِيَدِهِ. وَكَذَا: لَوْ كَانَ لَهُ دَارٌ فَأَكْرَاهَا فَادَّعَى الْمُكْتَرِي شَيْئًا ثَابِتًا فِيهَا أَنَّهُ لَهُ وَقَالَ الْمُكْرِي: هُوَ مِلْكِي فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُكْرِي: وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْعَيْنُ بِيَدِهِ لِأَنَّ الْيَدَ فِي الْأَصْلِ لَهُ بِخِلَافِ الْمَنْقُولِ إذَا تَدَاعَيَاهُ. فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُكْتَرِي وَفِي شَرْحِ م ر. وَلَوْ أَخَذَ ثَوْبًا مِنْ دَارٍ وَادَّعَى مِلْكَهُ فَقَالَ رَبُّهَا بَلْ هُوَ ثَوْبِي. أُمِرَ الْآخِذُ بِرَدِّ الثَّوْبِ، حَيْثُ لَا بَيِّنَةَ لِأَنَّ الْيَدَ لِصَاحِبِ الدَّارِ كَمَا لَوْ قَالَ: قَبَضْت مِنْهُ أَلْفًا لِي عَلَيْهِ أَوْ عِنْدَهُ فَأَنْكَرَ فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ بِرَدِّهِ لَهُ. وَلَوْ قَالَ: أَسْكَنْته دَارِي ثُمَّ أَخْرَجْته مِنْهَا فَالْيَدُ لِلسَّاكِنِ لِإِقْرَارِ الْأَوَّلِ لَهُ بِهَا فَيَحْلِفُ أَنَّهَا لَهُ وَلَيْسَ قَوْلُهُ: زَرَعَ لِي تَبَرُّعًا أَوْ بِإِجَارَةٍ إقْرَارًا لَهُ بِيَدٍ، وَلَوْ تَنَازَعَ مُكْتَرٍ وَمُكْرٍ فِي مُتَّصِلٍ بِالدَّارِ كَرَفٍّ أَوْ سُلَّمٍ مُسَمَّرٍ. حَلَفَ الثَّانِي أَوْ مُنْفَصِلٍ كَمَتَاعٍ فَالْأَوَّلُ لِلْعُرْفِ، وَمَا اضْطَرَبَ فِيهِ يَكُونُ بَيْنَهُمَا إنْ تَحَالَفَا لِانْتِفَاءِ الْمُرَجِّحِ شَرْحُ م ر.
قَوْلُهُ: (وَلَا بَيِّنَةَ لَهُمَا) : وَكَذَا إنْ كَانَ لَهُمَا بَيِّنَةٌ كَمَا يَأْتِي وَيُجَابُ بِأَنَّهُ قَيَّدَ بِذَلِكَ لِأَجَلٍ، قَوْلِهِ: تَحَالَفَا أَمَّا إذَا كَانَ لَهُمَا بَيِّنَةٌ فَهُوَ لَهُمَا أَيْ مِنْ غَيْرِ تَحَالُفٍ.
قَوْلُهُ: (تَحَالَفَا) أَيْ حَلَفَ كُلٌّ مِنْهُمَا يَمِينًا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: عَلَى النَّفْيِ فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالتَّحَالُفِ أَنْ يَحْلِفَ كُلٌّ يَمِينًا تَجْمَعُ نَفْيًا وَإِثْبَاتًا. اهـ. شَيْخُنَا وَعِبَارَةُ م د. قَوْلُهُ: عَلَى النَّفْيِ فَقَطْ، أَيْ يَكْفِيهِ ذَلِكَ وَهُوَ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى نَفْيِ اسْتِحْقَاقِ صَاحِبِهِ لِلنِّصْفِ وَلَا يُكَلَّفُ الْجَمْعَ بَيْنَ النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ بِأَنْ يَحْلِفَ أَنَّ الْجَمِيعَ لَهُ وَلَا حَقَّ لِلْآخَرِ فِيهِ أَوْ يَقُولَ: لَا حَقَّ لَهُ فِي النِّصْفِ الَّذِي يَدَّعِيهِ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ لِي قَالَ ق ل: فَالتَّحَالُفُ لَيْسَ عَلَى حَقِيقَتِهِ أَيْ لِأَنَّ حَقِيقَتَهُ أَنْ يَحْلِفَ كُلٌّ يَمِينًا تَجْمَعُ نَفْيًا وَإِثْبَاتًا.
فَرْعٌ: اخْتَلَفَ الزَّوْجَانِ فِي أَمْتِعَةِ الْبَيْتِ وَلَوْ بَعْدَ الْفُرْقَةِ وَلَا بَيِّنَةَ وَلَا اخْتِصَاصَ لِأَحَدِهِمَا بِيَدٍ فَلِكُلٍّ تَحْلِيفُ الْآخَرِ، فَإِذَا حَلَفَا جُعِلَ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ صَلُحَ لِأَحَدِهِمَا فَقَطْ أَوْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ قُضِيَ لَهُ بِهِ. كَمَا لَوْ اخْتَصَّ بِالْيَدِ وَحَلَفَ، وَكَذَا وَارِثُهُمَا وَوَارِثُ أَحَدِهِمَا وَالْآخَرِ. اهـ. س ل. وَنَقَلَهُ أج عَنْ شَرْحِ م ر ثُمَّ قَالَ: وَعِبَارَةُ الشَّيْخِ عَمِيرَةَ فِي حَوَاشِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ. قَالَ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه: إذَا اخْتَلَفَ الزَّوْجَانِ فِي مَتَاعِ الْبَيْتِ: فَمَنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ لَهُ، وَمَنْ لَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً فَالْقِيَاسُ الَّذِي لَا يُعْذَرُ أَحَدٌ عِنْدِي بِالْغَفْلَةِ عَنْهُ، أَنَّ هَذَا الْمَتَاعَ إنْ كَانَ فِي أَيْدِيهِمَا مَعًا فَيَحْلِفُ كُلٌّ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ عَلَى دَعْوَاهُ فَإِنْ حَلَفَا جَمِيعًا فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَإِنْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ قُضِيَ لَهُ بِهِ سَوَاءٌ اخْتَلَفَا فِي دَوَامِ النِّكَاحِ أَمْ بَعْدَهُ. وَاخْتِلَافُ وَارِثِهِمَا كَهُمَا وَسَوَاءٌ مَا يَصْلُحُ لِلزَّوْجِ، كَالسَّيْفِ وَالْمِنْطَقَةِ، وَلِلزَّوْجَةِ كَالْخَلْخَالِ وَالْغَزْلِ أَوْ وَغَيْرِهِمَا كَالدَّرَاهِمِ أَوْ لَا يَصْلُحُ لَهُمَا كَالْمُصْحَفِ، وَهُمَا أُمِّيَّانِ وَتَاجُ الْمُلُوكِ وَهُمَا عَامِّيَّانِ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إنْ كَانَ فِي يَدِهِمَا حِسًّا فَهُوَ لَهُمَا وَإِنْ كَانَ فِي يَدِهِمَا حُكْمًا فَمَا يَصْلُحُ لِلرَّجُلِ فَلِلزَّوْجِ، وَمَا يَصْلُحُ لِلْأُنْثَى فَلِلزَّوْجَةِ وَاَلَّذِي يَصْلُحُ لَهُمَا يَكُونُ لَهُمَا وَعِنْدَ أَحْمَدَ وَمَالِكٍ، قَرِيبٌ مِنْ ذَلِكَ وَاحْتَجَّ الشَّافِعِيّ رضي الله عنه. بِأَنَّا لَوْ اسْتَعْمَلْنَا الظُّنُونَ لَحُكِمَ فِي دَبَّاغٍ وَعَطَّارٍ تَدَاعَيَا عِطْرًا وَدِبَاغًا فِي أَيْدِيهِمَا. أَنْ يَكُونَ لِكُلِّ مَا يَصْلُحُ لَهُ وَفِيمَا لَوْ تَنَازَعَ مُوسِرٌ وَمُعْسِرٌ، فِي لُؤْلُؤٍ أَنْ نَجْعَلَهُ لِلْمُوسِرِ وَلَا يَجُوزُ الْحُكْمُ بِالظُّنُونِ اهـ بِحُرُوفِهِ. وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ الْإِفْتَاءُ بِالْأَقْوَالِ الضَّعِيفَةِ إلَّا فِي حَقِّ الشَّخْصِ الْمُسْتَفْتِي فَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يُقَلِّدَ الْأَقْوَالَ الضَّعِيفَةَ فِي مَذْهَبِهِ وَلَوْ أَفْتَى الْإِنْسَانُ بِالْأَقْوَالِ الضَّعِيفَةِ حَرُمَ عَلَيْهِ وَلَا يَسْتَحِقُّ أُجْرَةً، وَيَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّهَا لِمَالِكِهَا لَوْ أَخَذَ شَيْئًا اهـ
أَقَامَ كُلٌّ مِنْ الْمُدَّعِيَيْنِ بَيِّنَةً بِمَا ادَّعَاهُ وَهُوَ بِيَدِ ثَالِثٍ سَقَطَتَا لِتَنَاقُضِ مُوجَبِهِمَا فَيَحْلِفُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا يَمِينًا، وَإِنْ أَقَرَّ بِهِ لِأَحَدِهِمَا عَمِلَ بِمُقْتَضَى إقْرَارِهِ، أَوْ بِيَدِهِمَا أَوْ لَا بِيَدِ أَحَدٍ فَهُوَ لَهُمَا إذْ لَيْسَ أَحَدُهُمَا بِأَوْلَى بِهِ مِنْ الْآخَرِ، أَوْ بِيَدِ أَحَدِهِمَا وَيُسَمِّي الدَّاخِلَ رُجِّحَتْ بَيِّنَتُهُ وَإِنْ تَأَخَّرَ تَارِيخُهَا، أَوْ كَانَتْ شَاهِدًا وَيَمِينًا وَبَيِّنَةُ الْخَارِجِ شَاهِدَيْنِ أَوْ لَمْ تُبَيِّنْ سَبَبَ الْمِلْكِ مِنْ شِرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ تَرْجِيحًا لِبَيِّنَتِهِ بِيَدِهِ، هَذَا إنْ أَقَامَهَا بَعْدَ بَيِّنَةِ الْخَارِجِ وَلَوْ قَبْلَ تَعْدِيلِهَا لِأَنَّهَا إنَّمَا تُسْمَعُ بَعْدَهَا لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي جَانِبِهِ الْيَمِينُ فَلَا يَعْدِلُ عَنْهَا مَا دَامَتْ كَافِيَةً وَلَوْ أُزِيلَتْ يَدُهُ بِبَيِّنَةٍ وَأُسْنِدَتْ بَيِّنَةُ الْمِلْكِ إلَى مَا قَبْلَ إزَالَةِ يَدِهِ وَاعْتَذَرَ بِغَيْبَتِهَا مَثَلًا فَإِنَّهَا تُرَجَّحُ لِأَنَّ يَدَهُ إنَّمَا أُزِيلَتْ لِعَدَمِ الْحُجَّةِ وَقَدْ ظَهَرَتْ، لَكِنْ لَوْ قَالَ الْخَارِجُ هُوَ مِلْكِي اشْتَرَيْته مِنْك فَقَالَ الدَّاخِلُ: بَلْ هُوَ مِلْكِي وَأَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ بِمَا قَالَاهُ. رُجِّحَ الْخَارِجُ لِزِيَادَةِ عِلْمِ بَيِّنَتِهِ بِمَا ذُكِرَ، فَلَوْ أُزِيلَتْ يَدُهُ بِإِقْرَارٍ لَمْ تُسْمَعْ
ــ
[حاشية البجيرمي]
شَيْخُنَا.
قَوْلُهُ: (سَقَطَتَا) مَحَلُّ ذَلِكَ إذَا تَسَاوَتْ الْبَيِّنَتَانِ تَارِيخًا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فِيمَا يَأْتِي. وَيُرَجَّحُ بِتَارِيخٍ سَابِقٍ وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ سَقَطَتَا سَوَاءٌ كَانَتَا مُطْلَقَتَيْ التَّارِيخِ، أَوْ مُتَّفِقَتَيْهِ أَوْ إحْدَاهُمَا مُطْلَقَةٌ وَالْأُخْرَى مُؤَرَّخَةٌ. قَوْلُهُ:(لِتَنَاقُضِ مُوجَبِهِمَا) : بِفَتْحِ الْجِيمِ أَيْ مَا يُوجِبَانِهِ فَإِنَّ بَيِّنَةَ كُلٍّ تُوجِبُ تَسْلِيمَ الشَّيْءِ الْمُتَنَازَعِ فِيهِ لَهُ وَمِلْكَهُ لَهُ وَعِبَارَةُ م ر. لِتَعَارُضِهِمَا وَلَا مُرَجِّحَ فَأَشْبَهَا الدَّلِيلَيْنِ إذَا تَعَارَضَا بِلَا تَرْجِيحٍ.
قَوْلُهُ: (وَإِنْ أَقَرَّ بِهِ لِأَحَدِهِمَا) فَلَوْ أَقَرَّ بِأَنَّهَا لَهُمَا تُجْعَلُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ. اهـ. ابْنُ شَوْبَرِيٍّ. قَوْلُهُ: (أَوْ بِيَدِهِمَا أَوْ لَا بِيَدِ أَحَدٍ) : أَيْ وَثَمَّ بَيِّنَةٌ لِكُلٍّ مِنْهُمَا كَمَا هُوَ فَرْضُ الْمَسْأَلَةِ. وَقَوْلُهُ: أَوْ لَا بِيَدِ أَحَدٍ وَصَوَّرَهَا بَعْضُهُمْ بِعَقَارٍ أَوْ مَتَاعٍ مُلْقًى فِي طَرِيقٍ وَلَيْسَ الْمُدَّعِيَانِ عِنْدَهُ سم ز ي.
قَوْلُهُ: (فَهُوَ لَهُمَا) أَيْ بِالْبَيِّنَةِ الْقَائِمَةِ لَا بِالْيَدِ السَّابِقَةِ عَلَى قِيَامِ الْبَيِّنَتَيْنِ. قَوْلُهُ: (أَوْ بِيَدِ أَحَدِهِمَا وَيُسَمِّي الدَّاخِلَ رُجِّحَتْ بَيِّنَتُهُ) : مِنْهُ يُؤْخَذُ جَوَابُ حَادِثَةٍ وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهَا وَهِيَ أَنَّ جَمَاعَةً بِأَيْدِيهِمْ أَمَاكِنُ يَذْكُرُونَ أَنَّهَا مَوْقُوفَةٌ عَلَيْهِمْ وَبِأَيْدِيهِمْ تَمَسُّكَاتٌ تَشْهَدُ لَهُمْ بِذَلِكَ: فَنَازَعَهُمْ آخَرُونَ. وَادَّعَوْا أَنَّ هَذِهِ الْأَمَاكِنَ مَوْقُوفَةٌ عَلَى زَاوِيَةٍ وَأَظْهَرُوا لِذَلِكَ تَمَسُّكًا وَهُوَ أَنَّهُ يَقْدَمُ ذُو الْيَدِ حَيْثُ لَمْ يَثْبُتْ انْتِقَالٌ عَمَّنْ وَقَفَ عَلَى مَنْ بِيَدِهِ الْأَمَاكِنُ إلَى غَيْرِهِ وَإِنْ كَانَ تَارِيخُ غَيْرِ وَاضِعِ الْيَدِ مُتَقَدِّمًا ع ش عَلَى م ر.
قَوْلُهُ: (وَإِنْ تَأَخَّرَ تَارِيخُهَا) غَايَةً وَمَحَلُّهُ إذَا لَمْ يُسْنِدَا انْتِقَالَ الْمِلْكِ عَنْ شَخْصٍ وَاحِدٍ وَإِلَّا قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ إنْ كَانَتْ أَسْبَقَ تَارِيخًا كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْقُوتِ عَنْ فَتَاوَى الْبَغَوِيِّ وَغَيْرِهَا وَاعْتَمَدَهُ الشِّهَابُ م ر شَوْبَرِيٌّ.
قَوْلُهُ: (بِيَدِهِ) وَدَخَلَ فِي إطْلَاقِهِ الْيَدُ الْحُكْمِيَّةُ كَالتَّصَرُّفِ وَالْحِسِّيَّةُ كَالْإِمْسَاكِ شَرْحُ م ر شَوْبَرِيٌّ.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ قَبْلَ تَعْدِيلِهَا) بِخِلَافِ مَا لَوْ أَقَامَهَا قَبْلَهَا لِأَنَّهَا أَيْ بَيِّنَةُ الدَّاخِلِ إلَخْ فَهُوَ عِلَّةٌ لِمَحْذُوفٍ.
قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي جَانِبِهِ الْيَمِينُ) : أَيْ لِأَنَّهُ مُدَّعًى عَلَيْهِ.
قَوْلُهُ: (عَنْهَا) أَيْ الْيَمِينِ.
قَوْلُهُ: (مَا دَامَتْ كَافِيَةً) أَيْ وَهِيَ كَافِيَةٌ مَا دَامَ الْخَارِجُ لَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً عَبْدُ الْبَرِّ.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ أُزِيلَتْ يَدُهُ) غَايَةً لِقَوْلِهِ: رُجِّحَتْ بَيِّنَتُهُ. وَقَوْلُهُ: فَإِنَّهَا تُرَجَّحُ تَفْرِيعٌ عَلَيْهَا أَيْ أُزِيلَتْ لِلْخَارِجِ بِسَبَبِ الْبَيِّنَةِ الَّتِي أَقَامَهَا فَقَوْلُهُ: بِبَيِّنَةٍ أَيْ بِبَيِّنَةِ الْخَارِجِ أَيْ وَلَوْ كَانَ الْخَارِجُ أَخَذَهَا مِنْ الدَّاخِلِ بَيِّنَتَهُ الَّتِي أَقَامَهَا قَبْلَ بَيِّنَةِ الدَّاخِلِ. اهـ. شَيْخُنَا. وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَلَوْ أُزِيلَتْ يَدُهُ بِبَيِّنَةٍ حِسًّا بِأَنْ سَلَّمَ الْمَالَ لِخَصْمِهِ أَوْ حُكْمًا بِأَنْ حُكِمَ عَلَيْهِ بِهِ فَقَطْ فَلَا يَعْدِلُ عَنْهَا مَا دَامَتْ كَافِيَةً نَعَمْ يَتَّجِهُ كَمَا بَحَثَهُ الْبُلْقِينِيُّ سَمَاعُهَا لِدَفْعِ تُهْمَةِ سَرِقَةٍ، وَمَعَ ذَلِكَ لَا بُدَّ مِنْ إعَادَتِهَا بَعْدَ بَيِّنَةِ الْخَارِجِ اهـ شَوْبَرِيٌّ.
قَوْلُهُ: (وَأُسْنِدَتْ) : بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ تُسْنَدْ بَيِّنَتُهُ إلَى ذَلِكَ فَلَا تَرْجِيحَ لِأَنَّهُ الْآنَ مُدَّعٍ خَارِجٌ شَرْحُ الْمَنْهَجِ.
قَوْلُهُ: (وَاعْتَذَرَ بِغَيْبَتِهَا) : أَيْ الْبَيِّنَةِ أَيْ اعْتَذَرَ عَنْ إقَامَتِهَا حَالَ الدَّعْوَى بِغَيْبَتِهَا أَوْ حَبَسَهَا وَلِذَا قَالَ: مَثَلًا وَهَذَا أَعْنِي قَوْله وَاعْتَذَرَ بِغَيْبَتِهَا لَيْسَ قَيْدًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ.
قَوْلُهُ: (فَإِنَّهَا تُرَجَّحُ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ مِنْ أَوَّلِ الْكَلَامِ إلَّا أَنْ يُجْعَلَ قَوْلُهُ: وَلَوْ أُزِيلَتْ مُسْتَأْنَفًا وَقَوْلُهُ: فَإِنَّهَا تُرَجَّحُ جَوَابَهُ. قَوْلُهُ: (لَكِنْ لَوْ قَالَ الْخَارِجُ) : اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِهِ رُجِّحَتْ بَيِّنَتُهُ أَيْ الدَّاخِلُ فَكَأَنَّهُ قَالَ مَا لَمْ يَكُنْ مَعَ بَيِّنَةِ الْخَارِجِ زِيَادَةُ عِلْمٍ، وَلَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِالرِّقِّ وَبَيِّنَةٌ بِالْحُرِّيَّةِ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الرِّقِّ لِأَنَّ مَعَهَا زِيَادَةَ عِلْمٍ لِأَنَّهَا نَاقِلَةٌ وَبَيِّنَةُ الْحُرِّيَّةِ مُسْتَصْحَبَةٌ. اهـ. ز ي. قَوْلُهُ:(اشْتَرَيْته مِنْك) أَوْ غَصَبْته أَوْ اسْتَعَرْته أَوْ اكْتَرَيْته مِنِّي شَرْحُ الْمَنْهَجِ:
فَرْعٌ: لَوْ بَاعَ دَارًا ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهَا وَقْفٌ لَمْ تُسْمَعْ بَيِّنَتُهُ. كَذَا ذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ، آخِرُ الدَّعَاوَى وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ الْعِرَاقِيُّونَ
دَعْوَاهُ بِهِ بِغَيْرِ ذِكْرِ انْتِقَالٍ لِأَنَّهُ مُؤَاخَذٌ بِإِقْرَارِهِ، نَعَمْ لَوْ قَالَ: وَهَبْته لَهُ وَمَلَكَهُ لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا بِلُزُومِ الْهِبَةِ لِجَوَازِ اعْتِقَادِهِ لُزُومَ الْهِبَةِ بِالْعَقْدِ ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَيُرَجَّحُ بِشَاهِدَيْنِ أَوْ بِشَاهِدٍ وَامْرَأَتَيْنِ لِأَحَدِهِمَا عَلَى شَاهِدٍ مَعَ يَمِينٍ لِلْآخَرِ لِأَنَّ ذَلِكَ حُجَّةٌ بِالْإِجْمَاعِ وَأَبْعَدُ عَنْ تُهْمَةَ الْحَالِفِ بِالْكَذِبِ فِي يَمِينِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَ الشَّاهِدِ يَدٌ فَيَرْجِعُ بِهَا عَلَى مَنْ ذُكِرَ. وَلَا يُرَجَّحُ بِزِيَادَةِ شُهُودٍ لِأَحَدِهِمَا وَلَا بِرَجُلَيْنِ عَلَى رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَلَا عَلَى أَرْبَعِ نِسْوَةٍ لِكَمَالِ الْحُجَّةِ فِي الطَّرَفَيْنِ وَلَا بِبَيِّنَةٍ مُؤَرَّخَةٍ عَلَى بَيِّنَةٍ مُطْلَقَةٍ. وَيَرْجِعُ بِتَارِيخٍ سَابِقٍ وَالْعَيْنُ بِيَدِهِمَا أَوْ بِيَدِ غَيْرِهِمَا، أَوْ لَا بِيَدِ أَحَدٍ. وَرُجِّحَتْ بَيِّنَةُ ذِي الْأَكْثَرِ لِأَنَّ الْأُخْرَى لَا تُعَارِضُهَا فِيهِ. وَلِصَاحِبِ التَّارِيخِ السَّابِقِ أُجْرَةٌ وَزِيَادَةٌ حَادِثَةٌ مِنْ يَوْمِ مَلَكَهُ بِالشَّهَادَةِ لِأَنَّهُمَا نَمَاءُ مِلْكِهِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ الْأُجْرَةِ مَا لَوْ كَانَتْ الْعَيْنُ بِيَدِ الْبَائِعِ قَبْلَ الْقَبْضِ فَلَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ لِلْمُشْتَرِي عَلَى الْأَصَحِّ.
(وَمَنْ حَلَفَ عَلَى فِعْلِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
فَقَالُوا: تُسْمَعُ إذَا لَمْ يَكُنْ صَرَّحَ أَنَّهَا مِلْكُهُ بَلْ اقْتَصَرَ عَلَى الْبَيْعِ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ ز ي.
قَوْلُهُ: (فَلَوْ أُزِيلَتْ يَدُهُ بِإِقْرَارٍ) أَيْ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا وَهُوَ الْيَمِينُ الْمَرْدُودَةُ مِنْ الدَّاخِلِ عَلَى الْخَارِجِ وَهَذَا مُقَابِلُ قَوْلِهِ: وَلَوْ أُزِيلَتْ يَدُهُ بِبَيِّنَةٍ.
قَوْلُهُ: (لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ بِهِ) أَيْ يَمْلِكُ مَا أَقَرَّ بِهِ قَوْلُهُ: (نَعَمْ لَوْ قَالَ) : أَيْ الدَّاخِلُ فِي إقْرَارِهِ وَهَذَا اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِهِ لَمْ تُسْمَعْ إلَخْ.
قَوْلُهُ: (وَهَبْته لَهُ) أَيْ لِلْخَارِجِ قَوْلُهُ: (لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا بِلُزُومِ الْهِبَةِ) وَحِينَئِذٍ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ بِالْمِلْكِ بَعْدَ هَذَا الْقَوْلِ: وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ انْتِقَالًا كَمَا فِي م ر. وَكَتَبَ بَعْضُهُمْ قَوْلَهُ: لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا بِلُزُومِ الْهِبَةِ إلَخْ. وَيَنْبَنِي عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ بِغَيْرِ ذِكْرِ انْتِقَالٍ لَكِنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إذَا كَانَ مِمَّنْ يَجْهَلُ لُزُومَ الْهِبَةِ وَعَدَمِهِ بِالْعَقْدِ أَمَّا إذَا كَانَ عَالِمًا وَأَقَرَّ بِمَا ذُكِرَ ثُمَّ عَادَ وَادَّعَى أَنَّهُ مِلْكُهُ لَمْ تُسْمَعْ بِغَيْرِ ذِكْرِ انْتِقَالٍ وَكَذَا يُقَيَّدُ بِمَا إذَا لَمْ تُنْقَلْ الْعَيْنُ مِنْ يَدِ الْمُقِرِّ بِالْهِبَةِ إلَى الْمُقَرِّ لَهُ وَإِلَّا فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى الْمُقِرِّ بَعْدَ ذَلِكَ إلَّا بِذِكْرِ الِانْتِقَالِ.
قَوْلُهُ: (لِجَوَازِ اعْتِقَادِهِ لُزُومَ الْهِبَةِ بِالْعَقْدِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ مُقَيَّدَةٌ بِالْقَيْدَيْنِ السَّابِقَيْنِ وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر لِجَوَازِ اعْتِقَادِهِ فَيُقْبَلُ دَعْوَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ. وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ انْتِقَالًا نَعَمْ يَظْهَرُ تَقْيِيدُهُ أَخْذًا مِنْ التَّعْلِيلِ بِمَا إذَا كَانَ مِمَّنْ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ الْحَالُ اهـ. وَفِي ح ل هَذَا لَا يَتَأَتَّى فِي فَقِيهٍ لَا يَجْهَلُ مِثْلُهُ ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: (وَيُرَجَّحُ بِشَاهِدَيْنِ) : كَلَامٌ مُسْتَأْنَفٌ لَيْسَ مُرْتَبِطًا بِمَا قَبْلَهُ بَلْ مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ فِيمَ سَبَقَ وَالْعَيْنُ بِيَدِهِمَا أَوْ لَا بِيَدِ أَحَدٍ أَوْ بِيَدِ ثَالِثٍ أَمَّا إذَا كَانَتْ الْعَيْنُ بِيَدِ أَحَدِهِمَا فَلَا يَتَأَتَّى هَذَا بَلْ تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الدَّاخِلِ مُطْلَقًا كَمَا تَقَدَّمَ. فَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَهُ: وَالْعَيْنُ بِيَدِهِمَا رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ: وَيُرَجَّحُ بِرَجُلَيْنِ إلَخْ. وَلِقَوْلِهِ: لَا بِزِيَادَةِ شُهُودٍ وَلِقَوْلِهِ: وَيُرَجَّحُ بِتَارِيخٍ سَابِقٍ.
قَوْلُهُ: (مَعَ يَمِينٍ لِلْآخَرِ) أَيْ فِي غَيْرِ بَيِّنَةِ الدَّاخِلِ. قَوْلُهُ: (وَلَا يُرَجَّحُ بِزِيَادَةِ شُهُودٍ) بَلْ يَتَعَارَضَانِ لِكَمَالِ الْحُجَّةِ مِنْ الطَّرَفَيْنِ وَلِأَنَّ مَا قَدَّرَهُ لِلشَّرْعِ لَا يَخْتَلِفُ بِالزِّيَادَةِ وَالنَّقْصِ كَدِيَةِ الْحُرِّ وَالْقَدِيمُ نَعَمْ كَالرِّوَايَةِ وَفَرَّقَ الْأَوَّلَ بِمَا مَرَّ وَبِأَنَّ مَدَارَ الشَّهَادَةِ عَلَى أَقْوَى الظَّنَّيْنِ. وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّهُ لَوْ بَلَغَتْ تِلْكَ الزِّيَادَةُ عَدَدَ التَّوَاتُرِ رُجِّحَتْ وَهُوَ وَاضِحٌ لِإِفَادَتِهَا حِينَئِذٍ الْعِلْمَ الضَّرُورِيَّ وَهُوَ لَا يُعَارَضُ شَرْحُ م ر شَوْبَرِيٌّ.
قَوْلُهُ: (لِكَمَالِ الْحُجَّةِ فِي الطَّرَفَيْنِ) : وَلَا تُرَجَّحُ بَيِّنَةُ وَقْفٍ عَلَى بَيِّنَةِ مِلْكٍ وَلَا بَيِّنَةٌ انْضَمَّ إلَيْهَا حُكْمٌ بِالْمِلْكِ عَلَى بَيِّنَةٍ بِلَا حُكْمٍ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْحُكْمِ بِالصِّحَّةِ وَالْحُكْمِ بِالْمُوجَبِ فَإِنْ تَعَارَضَ حُكْمَانِ: كَأَنْ أَثْبَتَ كُلٌّ أَنَّ مَعَهُ حُكْمًا لَكِنَّ أَحَدَهُمَا بِالصِّحَّةِ وَالْآخَرَ بِالْمُوجَبِ اتَّجَهَ تَقْدِيمُ الْأَوَّلِ لِاسْتِلْزَامِهِ ثُبُوتَ الْمِلْكِ بِخِلَافِ الثَّانِي شَرْحُ م ر بِاخْتِصَارٍ.
قَوْلُهُ: (وَيُرَجَّحُ بِتَارِيخٍ سَابِقٍ) كَأَنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ لِوَاحِدٍ بِمِلْكٍ مِنْ سَنَةٍ إلَى الْآنَ وَبَيِّنَةٌ أُخْرَى لِآخَرَ بِمِلْكٍ بِأَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ إلَى الْآنَ وَالْعَيْنُ بِيَدِهِمَا أَوْ بِيَدِ غَيْرِهِمَا أَوْ لَا بِيَدِ أَحَدٍ رُجِّحَتْ بَيِّنَةُ ذِي الْأَكْثَرِ كَسَنَتَيْنِ شَرْحُ الْمَنْهَجِ بِزِيَادَةٍ.
قَوْلُهُ: (وَالْعَيْنُ بِيَدِهِمَا) حَالٌ فَإِنْ كَانَتْ بِيَدِ أَحَدِهِمَا رُجِّحَتْ بَيِّنَتُهُ وَإِنْ تَأَخَّرَ تَارِيخُهَا بِرْمَاوِيٌّ.
قَوْلُهُ: (وَرُجِّحَتْ) أَيْ وَإِنَّمَا رُجِّحَتْ بَيِّنَةُ ذِي الْأَكْثَرِ أَيْ أَكْثَرِ الْمُدَّتَيْنِ وَهِيَ الْأَسْبَقُ تَارِيخًا قَالَ م د: كَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ بِالْوَاوِ وَفِي بَعْضِهَا بِحَذْفِهَا وَهُوَ الصَّوَابُ اهـ. وَقَوْلُهُ: وَهُوَ الصَّوَابُ مَحَلُّ تَأَمُّلٍ بَلْ ثُبُوتُهَا هُوَ الصَّوَابُ: لِأَنَّ الْجُمْلَةَ مُسْتَأْنَفَةٌ اسْتِئْنَافًا بَيَانِيًّا وَاقِعًا فِي جَوَابِ سُؤَالٍ اقْتَضَتْهُ الْجُمْلَةُ الْأُولَى تَقْدِيرُهُ: لِأَيِّ شَيْءٍ وَقَعَ التَّرْجِيحُ بِتَارِيخِ السَّابِقِ وَقَوْلُ الْمُحَشِّي الصَّوَابُ حَذْفُهَا إنَّمَا يُنَاسِبُ عِبَارَةُ الْمَنْهَجِ.
قَوْلُهُ: (ذِي الْأَكْثَرِ) : أَيْ أَكْثَرِ الْمُدَّتَيْنِ وَهِيَ الْأَسْبَقُ تَارِيخًا لِعَدَمِ الْمُعَارَضَةِ فِي الزَّائِدِ عَلَى الْأُخْرَى فَهُوَ تَوْجِيهٌ لِقَوْلِهِ: وَيُرَجَّحُ بِتَارِيخٍ سَابِقٍ.
نَفْسِهِ) إثْبَاتًا كَانَ أَوْ نَفْيًا وَلَوْ بِظَنٍّ مُؤَكَّدٍ كَأَنْ يَعْتَمِدَ عَلَى خَطِّهِ أَوْ خَطِّ مُوَرِّثِهِ. (حَلَفَ عَلَى الْبَتِّ) بِالْمُثَنَّاةِ وَهُوَ الْقَطْعُ
ــ
[حاشية البجيرمي]
قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْأُخْرَى لَا تُعَارِضُهَا فِيهِ) : أَيْ فِي الْأَكْثَرِ وَهُوَ السَّنَةُ السَّابِقَةُ بَلْ تُعَارِضُهَا فِي السَّنَةِ الْمُتَأَخِّرَةِ وَإِذَا تَعَارَضَا فِيهَا تَسَاقَطَا بِالنِّسْبَةِ لَهَا فَيُسْتَصْحَبُ الْمِلْكُ السَّابِقُ شَرْحُ م ر.
قَوْلُهُ: (مِنْ يَوْمِ مَلَكَهُ بِالشَّهَادَةِ) : أَيْ بِسَبَبِ الشَّهَادَةِ ح ل وَقَالَ ع ش: وَهُوَ الْوَقْتُ الَّذِي أُرِّخَتْ بِهِ الْبَيِّنَةُ، لَا مِنْ وَقْتِ الْحُكْمِ اهـ.
قَوْلُهُ: (بِيَدِ الْبَائِعِ) أَيْ أَوْ بِيَدِ الزَّوْجِ. اهـ. م ر. وَصُورَتُهَا فِي الْبَيْعِ أَنْ يَدَّعِيَ أَحَدُ شَخْصَيْنِ عَلَى رَجُلٍ بِأَنَّهُ بَاعَهُ الْعَيْنَ الْفُلَانِيَّةَ مِنْ مُدَّةِ سَنَتَيْنِ وَادَّعَى الْآخَرُ أَنَّهُ بَاعَهَا لَهُ مِنْ مُدَّةِ ثَلَاثِ سِنِينَ مَثَلًا وَلَمْ يُقْبِضْهُ الْبَائِعُ، لَا لِهَذَا وَلَا لِهَذَا وَأَقَامَ كُلٌّ بَيِّنَةً فَتَثْبُتُ لِذِي الْأَكْثَرِ تَارِيخًا وَلَا أُجْرَةَ لَهُ عَلَى الْبَائِعِ شَيْخُنَا. وَصُورَتُهَا فِي الصَّدَاقِ: أَنْ تَدَّعِيَ عَلَيْهِ إحْدَى زَوْجَتَيْهِ أَنَّهُ أَصْدَقَهَا هَذِهِ الْعَيْنَ الَّتِي عِنْدَهُ مِنْ سَنَةٍ وَتَدَّعِي الْأُخْرَى أَنَّهُ أَصْدَقَهَا إيَّاهَا مِنْ سَنَتَيْنِ وَتُقِيمُ كُلٌّ بَيِّنَةً بِدَعْوَاهَا فَيُحْكَمُ بِهَا لِلثَّانِيَةِ وَلَا أُجْرَةَ لَهَا عَلَى الزَّوْجِ شَيْخُنَا وَعِبَارَةُ م د.
قَوْلُهُ: بِيَدِ الْبَائِعِ أَيْ لِأَنَّهَا مَضْمُونَةٌ عَلَيْهِ ضَمَانَ عَقْدٍ فَهُوَ أَيْ الصَّدَاقُ مُعَرَّضٌ لِلْبُطْلَانِ بِالتَّلَفِ قَبْلَ الْقَبْضِ فَلَا تُضْمَنُ فِيهِ الْمَنْفَعَةُ.
قَوْلُهُ: (فَلَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ لِلْمُشْتَرِي) لِأَنَّهُ لَا أُجْرَةَ عَلَى الْبَائِعِ فِي اسْتِعْمَالِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ إتْلَافَهُ كَالْآفَةِ وَلِهَذَا لَوْ أَزَالَ الْبَكَارَةَ لَا يَلْزَمُهُ غُرْمٌ. اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ. وَلِأَنَّ مِلْكَ الْمُشْتَرِي لِلْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ ضَعِيفٌ، لِأَنَّهُ مُعَرَّضٌ لِلِانْفِسَاخِ بِتَلَفِهِ عِنْدَ الْبَائِعِ. وَلَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِمِلْكِهِ أَمْسِ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْحَالِ لَمْ تُسْمَعْ كَمَا لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ بِذَلِكَ وَلِأَنَّهَا شَهِدَتْ لَهُ بِمَا لَمْ يَدَّعِهِ. نَعَمْ لَوْ ادَّعَى رِقَّ شَخْصٍ فَادَّعَى آخَرُ أَنَّهُ كَانَ لَهُ أَمْسِ، وَأَنَّهُ أَعْتَقَهُ وَأَقَامَ بِذَلِكَ بَيِّنَةً قُبِلَتْ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا إثْبَاتُ الْعِتْقِ وَذِكْرُ الْمِلْكِ السَّابِقِ وَقَعَ تَبَعًا بِخِلَافِهِ فِيمَا ذُكِرَ لَا تُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ فِيهِ حَتَّى تَقُولَ وَلَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ أَوْ لَا نَعْلَمُ مُزِيلًا لَهُ أَوْ تُبَيَّنَ سَبَبَهُ كَأَنْ تَقُولَ اشْتَرَاهُ مِنْ خَصْمِهِ أَوْ أَقَرَّ لَهُ بِهِ أَمْسِ. وَمِثْلُ بَيَانِ السَّبَبِ مَا لَوْ شَهِدَتْ أَنَّهَا أَرْضُهُ زَرَعَهَا أَوْ دَابَّتُهُ نَتَجَتْ فِي مِلْكِهِ أَوْ أَثْمَرَتْ شَجَرَتُهُ فِي مِلْكِهِ أَوْ هَذَا الْغَزْلُ مِنْ قُطْنِهِ أَوْ الطَّيْرُ مِنْ بَيْضِهِ أَمْسِ، وَلَوْ أَقَامَ حُجَّةً مُطْلَقَةً بِمِلْكِ دَابَّةٍ أَوْ شَجَرَةٍ لَمْ يَسْتَحِقَّ وَلَدًا وَثَمَرَةً ظَاهِرَةً يَعْنِي مُؤَبَّرَةً عِنْدَ إقَامَتِهَا الْمَسْبُوقَةِ بِالْمِلْكِ، إذْ يَكْفِي لِصِدْقِ الْحُجَّةِ سَبْقُهُ بِلَحْظَةٍ لَطِيفَةٍ، وَخَرَجَ بِمُطْلَقَةِ الْمُؤَرَّخَةُ لِلْمِلْكِ بِمَا قَبْلَ حُدُوثِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّهُ، وَبِالْوَلَدِ الْحَمْلُ، وَبِالظَّاهِرَةِ غَيْرُهُمَا فَيَسْتَحِقُّهُمَا تَبَعًا لِأَصْلِهِمَا، كَمَا فِي الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ وَإِنْ احْتَمَلَ انْفِصَالَهُمَا عَنْهُ أَيْ الْأَصْلِ بِوَصِيَّةٍ، وَلَوْ اشْتَرَى شَخْصٌ شَيْئًا فَأُخِذَ مِنْهُ بِحُجَّةٍ غَيْرِ إقْرَارٍ وَلَوْ مُطْلَقَةٍ عَنْ تَقْيِيدِ الِاسْتِحْقَاقِ بِوَقْتِ الشِّرَاءِ أَوْ غَيْرِهِ رَجَعَ عَلَى بَائِعِهِ بِالثَّمَنِ وَإِنْ احْتَمَلَ انْتِقَالُهُ مِنْهُ إلَى الْمُدَّعِي أَوْ لَمْ يَدَّعِ مِلْكًا سَابِقًا عَلَى الشِّرَاءِ لِمَسِيسِ الْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ فِي عُهْدَةِ الْعُقُودِ، وَلِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ انْتِقَالِهِ مِنْهُ إلَيْهِ فَيَسْتَنِدُ الْمِلْكُ الْمَشْهُودُ بِهِ إلَى مَا قَبْلَ الشِّرَاءِ، وَخَرَجَ بِغَيْرِ إقْرَارٍ أَيْ مِنْ الْمُشْتَرِي الْإِقْرَارُ مِنْهُ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا فَلَا يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِشَيْءٍ قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَقَوْلُهُ: رَجَعَ عَلَى بَائِعِهِ بِالثَّمَنِ هَذَا كَالْمُسْتَثْنَى مِنْ مَسْأَلَةِ الشَّجَرَةِ حَيْثُ اكْتَفَى فِيهَا بِتَقْدِيرِ الْمِلْكِ قُبَيْلَ الْبَيِّنَةِ وَلَوْ رَاعَيْنَا ذَلِكَ هُنَا امْتَنَعَ الرُّجُوعُ. وَالْحِكْمَةُ فِي عَدَمِ اعْتِبَارِهِ مَسِيسُ الْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ فِي عُهْدَةِ الْعُقُودِ وَأَيْضًا فَالْأَصْلُ عَدَمُ الْمُعَامَلَةِ بَيْنَ الْمُشْتَرِي وَالْمُدَّعِي فَيَسْتَنِدُ الْمِلْكُ الْمَشْهُودُ بِهِ إلَى مَا قَبْلَ الشِّرَاءِ.
قَالَ الْغَزَالِيُّ: الْعَجَبُ كَيْفَ يُتْرَكُ فِي يَدِهِ نِتَاجٌ حَصَلَ قَبْلَ الْبَيِّنَةِ وَبَعْدَ الشِّرَاءِ ثُمَّ هُوَ يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ انْتِقَالُ النِّتَاجِ وَنَحْوِهِ إلَى الْمُشْتَرِي مَعَ كَوْنِهِ لَيْسَ جُزْءًا مِنْ الْأَصْلِ. وَقَوْلُهُ: رَجَعَ عَلَى بَائِعِهِ وَلَا يَرْجِعُ مَنْ أَخَذَهَا مِنْهُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ الزَّوَائِدِ الْحَاصِلَةِ فِي يَدِهِ لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّهَا بِالْمِلْكِ ظَاهِرًا وَأَخْذُهُ الثَّمَنَ مِنْ الْبَائِعِ مَعَ احْتِمَالِ أَنَّهَا انْتَقَلَتْ مِنْهُ لِلْمُدَّعِي بَعْدَ شِرَائِهِ مِنْ الْبَائِعِ إنَّمَا هُوَ لِمَسِيسِ إلَخْ وَمَحَلُّ الرُّجُوعِ مَا لَمْ يَكُنْ يَعْلَمُ عِنْدَ الْبَيْعِ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ، كَأَنْ تَحَقَّقَ أَنَّهُ سَارِقُهُ أَوْ غَاصِبُهُ وَإِلَّا لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ بِمَا دَفَعَهُ لَهُ لِأَنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ تَسْلِيمِهِ إيَّاهُ وَقَدْ حَصَلَ وَأَيْضًا فَلَمَّا عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ كَانَ كَأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ بِمَا أَعْطَاهُ لَهُ، وَمَحَلُّ الرُّجُوعِ أَيْضًا إذَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ مِلْكُ الْبَائِعِ قَطْعًا وَأَنَّ مُدَّعِيَهُ كَاذِبٌ فِي دَعْوَاهُ إيَّاهُ وَإِقَامَتِهِ تِلْكَ الشُّهُودَ وَإِلَّا لَمْ يَرْجِعْ بِهِ عَلَى الْبَائِعِ لِأَنَّهُ مَظْلُومٌ فَلَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى غَيْرِ ظَالِمِهِ وَمِنْ ذَلِكَ دَرَاهِمُ الشَّكِيَّةِ فَلَا يَرْجِعُ بِهَا عَلَى الشَّاكِي وَإِنَّمَا يَرْجِعُ بِهَا عَلَى مَنْ أَخَذَهَا مِنْهُ خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ، وَأَخْبَرَنِي بَعْضُ أَكَابِرِ عُلَمَاءِ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّ مَحَلَّ الرُّجُوعِ عَلَى الشَّاكِي إنْ تَعَذَّرَ أَخْذُ
وَالْجَزْمُ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِهِمْ بَتَّ الْحَبْلَ إذَا قَطَعَهُ فَقَوْلُهُ حِينَئِذٍ: (وَالْقَطْعُ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ لِأَنَّهُ يَعْلَمُ حَالَ نَفْسِهِ وَيَطَّلِعُ عَلَيْهَا فَيَقُولُ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ فِي الْإِثْبَاتِ: وَاَللَّهِ لَقَدْ بِعْت بِكَذَا، أَوْ اشْتَرَيْت بِكَذَا وَفِي النَّفْيِ وَاَللَّهِ مَا بِعْت بِكَذَا أَوْ مَا اشْتَرَيْت بِكَذَا. (وَمَنْ حَلَفَ عَلَى فِعْلِ غَيْرِهِ) فَفِيهِ تَفْصِيلٌ (فَإِنْ كَانَ) فِعْلُهُ (إثْبَاتًا حَلَفَ) حِينَئِذٍ (عَلَى الْبَتِّ وَالْقَطْعِ) لِسُهُولَةِ الِاطِّلَاعِ عَلَيْهِ (وَإِنْ كَانَ) فِعْلُهُ (نَفْيًا مُطْلَقًا حَلَفَ) حِينَئِذٍ (عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ) أَيْ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ فَيَقُولُ: وَاَللَّهِ مَا عَلِمْت أَنَّهُ فَعَلَ كَذَا لِأَنَّ النَّفْيَ الْمُطْلَقَ يَعْسُرُ الْوُقُوفُ عَلَيْهِ وَلَا يَتَعَيَّنُ فِيهِ ذَلِكَ فَلَوْ حَلَفَ عَلَى الْبَتِّ اُعْتُدَّ بِهِ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَغَيْرُهُ، لِأَنَّهُ قَدْ يَعْلَمُ ذَلِكَ أَمَّا النَّفْيُ الْمَحْصُورُ فَكَالْإِثْبَاتِ فِي إمْكَانِ الْإِحَاطَةِ بِهِ كَمَا فِي آخِرِ الدَّعَاوَى مِنْ الرَّوْضَةِ فَيَحْلِفُ فِيهِ عَلَى الْبَتِّ.
تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ حَصْرُ الْيَمِينِ فِي فِعْلِهِ وَفِعْلِ غَيْرِهِ، وَقَدْ يَكُونُ الْيَمِينُ عَلَى تَحْقِيقِ مَوْجُودٍ لَا إلَى فِعْلٍ يُنْسَبُ إلَيْهِ وَلَا إلَى غَيْرِهِ، مِثْلُ أَنْ يَقُولَ لِزَوْجَتِهِ: إنْ كَانَ هَذَا الطَّائِرُ غُرَابًا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَطَارَ، وَلَمْ يَعْرِفْ فَادَّعَتْ أَنَّهُ غُرَابٌ فَأَنْكَرَ. فَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ: إنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ قَالَهُ الشَّيْخَانِ تَبَعًا لِلْبَنْدَنِيجِيِّ وَغَيْرِهِ. وَالضَّابِطُ أَنْ يُقَالَ: كُلُّ يَمِينٍ فَهِيَ عَلَى الْبَتِّ إلَّا عَلَى نَفْيِ فِعْلِ الْغَيْرِ وَلَوْ ادَّعَى دَيْنًا لِمُوَرِّثِهِ فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَبْرَأَنِي مُوَرِّثُك مِنْهُ وَأَنْتَ تَعْلَمُ ذَلِكَ حَلَفَ الْمُدَّعِي عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِالْبَرَاءَةِ مِمَّا ادَّعَاهُ لِأَنَّهُ حَلَفَ عَلَى نَفْيِ فِعْلِ غَيْرِهِ. وَلَوْ قَالَ: جَنَى عَبْدُك عَلَيَّ بِمَا يُوجِبُ كَذَا وَأَنْكَرَ. فَالْأَصَحُّ حَلِفُ السَّيِّدِ عَلَى الْبَتِّ لِأَنَّ عَبْدَهُ مَالُهُ وَفِعْلُهُ كَفِعْلِهِ. وَلِذَلِكَ سُمِعَتْ الدَّعْوَى عَلَيْهِ. وَلَوْ قَالَ: جَنَتْ بَهِيمَتُك عَلَى زَرْعِي مَثَلًا فَعَلَيْك ضَمَانُهُ فَأَنْكَرَ مَالِكُهَا، حَلَفَ عَلَى الْبَتِّ
ــ
[حاشية البجيرمي]
الشَّكْوَى مِنْ آخِذِهَا.
قَوْلُهُ: (وَمَنْ حَلَفَ) أَيْ أَرَادَ الْحَلِفَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: حَلَفَ عَلَى الْبَتِّ وَهَذِهِ جُمْلَةٌ وَاقِعَةٌ فِي جَوَابِ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ نَشَأَ مِنْ الْكَلَامِ السَّابِقِ فِي قَوْلِهِ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ بَيِّنَةٌ إلَخْ. وَمِنْ قَوْلِهِ: فَإِنْ نَكَلَ رُدَّتْ إلَخْ فَكَأَنَّ سَائِلًا قَالَ: مَا كَيْفِيَّةُ الْحَلِفِ فَقَالَ: وَمَنْ حَلَفَ إلَخْ، وَلَا فَرْقَ فِي هَذَا التَّفْصِيلِ بَيْنَ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَتَقَدَّمَ أَنَّ مَحَلَّ وُجُوبِ الْيَمِينِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إذَا لَمْ يُبْرِئْهُ الْمُدَّعِي مِنْ الْيَمِينِ.
قَوْلُهُ: (كَأَنْ يَعْتَمِدَ عَلَى خَطِّهِ أَوْ خَطِّ مُوَرِّثِهِ) : هَذَا لَا يُنَاسِبُ قَوْلَهُ: وَمَنْ حَلَفَ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ لِأَنَّ خَطَّ الْمُوَرِّثِ لَيْسَ فِعْلَ نَفْسِهِ. وَيُجَابُ: بِأَنَّ صُورَتَهُ أَنَّ الْوَلَدَ رَأَى بِخَطِّ مُوَرِّثِهِ كَأَبِيهِ أَنَّ ابْنِي فَعَلَ كَذَا وَكَذَا كَأَدَاءِ دَيْنٍ أَوْ طَلَاقٍ وَكَانَ الْوَلَدُ نَاسِيًا لَهُ فَلَهُ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى الْبَتِّ عَلَى هَذَا الْفِعْلِ اعْتِمَادًا عَلَيْهِ أَوْ أَنَّهُ مِثَالٌ لِلظَّنِّ الْمُؤَكَّدِ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ كَوْنِهِ فِعْلَ نَفْسِهِ. وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَيَجُوزُ الْبَتُّ فِي الْحَلِفِ بِظَنٍّ مُؤَكَّدٍ كَأَنْ يَعْتَمِدَ إلَى آخِرِ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ: فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ: إنَّ هَذَا لَا يُنَاسِبُ مَا قَبْلَهُ. وَهُوَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ: وَمَنْ حَلَفَ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ.
قَوْلُهُ: (إثْبَاتًا) كَبَيْعٍ وَإِتْلَافٍ وَغَصْبٍ شَرْحُ م ر. قَوْلُهُ: (نَفْيًا) : أَيْ أُرِيدَ نَفْيُهُ وَإِلَّا فَالْفِعْلُ نَفْسُهُ لَيْسَ نَفْيًا.
قَوْلُهُ: (مُطْلَقًا) أَيْ غَيْرَ مُقَيَّدٍ بِزَمَانٍ وَلَا مَكَان وَعِبَارَةُ م د. أَيْ لَا مَحْصُورًا فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْإِطْلَاقِ التَّعْمِيمَ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ بِالْإِطْلَاقِ مُقَابِلُ الْحَصْرِ. فَالْمُطْلَقُ مِثْلُ مَا إذَا ادَّعَى دَيْنًا لِمُوَرِّثِهِ عَلَى آخَرَ فَقَالَ الْآخَرُ أَبْرَأَنِي مُوَرِّثُك فَإِذَا رَدَّ الْيَمِينَ عَلَيْهِ قَالَ: وَاَللَّهِ أَبْرَأَك مُوَرِّثِي أَوْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَا أَعْلَمُ أَنَّ مُوَرِّثِي أَبْرَأَنِي أَمَّا لَوْ قَالَ: أَبْرَأَنِي مُوَرِّثُك مِنْ كَذَا يَوْمَ كَذَا وَقْتَ الزَّوَالِ تَعَيَّنَ الْحَلِفُ عَلَى الْبَتِّ فَيَقُولُ وَاَللَّهِ لَمْ يُبْرِئْك مِنْ كَذَا إلَخْ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ نَفْيٌ مَحْصُورٌ تَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: (تَنْبِيهٌ إلَخْ) غَرَضُهُ اعْتِرَاضٌ عَلَى الْمَتْنِ.
قَوْلُهُ: (وَقَدْ يَكُونُ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ إلَخْ.
قَوْلُهُ: (لَا إلَى فِعْلٍ) أَيْ لَا مُسْتَنِدَةً إلَى فِعْلٍ يُنْسَبُ إلَخْ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ لَا عَلَى فِعْلٍ يُنْسَبُ إلَخْ.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ ادَّعَى دَيْنًا إلَخْ) : هَذِهِ مِنْ أَفْرَادِ قَوْلِهِ: وَإِنْ كَانَ نَفْيًا مُطْلَقًا حَلَفَ إلَخْ فَلَوْ ذَكَرَهُ بِجَنْبِهِ قَبْلَ التَّنْبِيهِ لَكَانَ أَوْلَى.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ قَالَ: جَنَى عَبْدُك) هَذَا مِنْ أَفْرَادِ قَوْلِهِ: وَمَنْ حَلَفَ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ إلَخْ. لِأَنَّ الْمُرَادَ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ وَلَوْ تَنْزِيلًا فَغَرَضُهُ بِهِ التَّعْمِيمُ فِي قَوْلِهِ: وَمَنْ حَلَفَ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ إلَخْ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ فِعْلُهُ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا كَفِعْلِ عَبْدِهِ وَدَابَّتِهِ قَوْلُهُ: (الدَّعْوَى عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى السَّيِّدِ أَنَّ عَبْدَك فَعَلَ كَذَا. وَعِبَارَةُ الْمَنْهَجِ: وَيَحْلِفُ الشَّخْصُ عَلَى الْبَتِّ لَا فِي نَفْيٍ
لِأَنَّهُ لَا ذِمَّةَ لَهَا وَضَمَانُ جِنَايَتِهَا بِتَقْصِيرِهِ فِي حِفْظِهَا لَا بِفِعْلِهَا.
وَتُعْتَبَرُ نِيَّةُ الْقَاضِي الْمُسْتَحْلِفِ لِلْخَصْمِ فَلَوْ وَرَّى الْحَالِفُ فِي يَمِينِهِ بِأَنْ نَوَى خِلَافَ ظَاهِرِ اللَّفْظِ أَوْ تَأَوَّلَ بِأَنْ اعْتَقَدَ الْحَالِفُ خِلَافَ نِيَّةِ الْقَاضِي لَمْ يَدْفَعْ إثْمَ الْيَمِينِ الْفَاجِرَةِ لِأَنَّ الْيَمِينَ شُرِعَتْ لِيَهَابَ الْخَصْمُ الْإِقْدَامَ عَلَيْهَا، خَوْفًا مِنْ اللَّهِ تَعَالَى فَلَوْ صَحَّ تَأْوِيلُهُ لَبَطَلَتْ هَذِهِ الْفَائِدَةُ.
تَتِمَّةٌ: يُسَنُّ تَغْلِيظُ يَمِينِ مُدَّعٍ إذَا حَلَفَ مَعَ شَاهِدٍ، أَوْ رُدَّتْ الْيَمِينُ عَلَيْهِ وَيَمِينِ مُدَّعًى عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْ الْخَصْمُ تَغْلِيظَهَا فِيمَا لَيْسَ بِمَالٍ وَلَا يُقْصَدُ بِهِ مَالٌ كَنِكَاحٍ وَطَلَاقٍ وَلِعَانٍ. وَفِي مَالٍ يَبْلُغُ نِصَابَ زَكَاةِ نَقْدٍ عِشْرِينَ مِثْقَالًا ذَهَبًا أَوْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فِضَّةٍ أَوْ مَا قِيمَتُهُ ذَلِكَ، وَالتَّغْلِيظُ يَكُونُ بِالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ كَمَا مَرَّ فِي اللِّعَانِ وَبِزِيَادَةِ أَسْمَاءٍ وَصِفَاتٍ كَأَنْ يَقُولَ: وَاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ وَالْعَلَانِيَةَ، وَإِنْ كَانَ الْحَالِفُ يَهُودِيًّا حَلَّفَهُ الْقَاضِي بِاَللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى وَنَجَّاهُ مِنْ الْغَرَقِ أَوْ نَصْرَانِيًّا حَلَفَ بِاَللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ الْإِنْجِيلَ عَلَى
ــ
[حاشية البجيرمي]
مُطْلَقٍ بِفِعْلٍ لَا يُنْسَبُ لَهُ فَيَحْلِفُ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ اهـ. وَحَاصِلُ الصُّوَرِ: اثْنَتَا عَشْرَةَ صُورَةً لِأَنَّ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ إمَّا فِعْلُهُ، أَوْ فِعْلُ مَمْلُوكِهِ، أَوْ فِعْلُ غَيْرِهِمَا، عَلَى كُلٍّ إمَّا إثْبَاتًا أَوْ نَفْيًا وَعَلَى كُلٍّ إمَّا مُطْلَقًا أَوْ مُقَيَّدًا فَيَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ فِي أَحَدَ عَشَرَ. أَشَارَ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ: فِي فِعْلِهِ أَوْ فِعْلِ مَمْلُوكِهِ، هَذِهِ ثَمَانِيَةٌ لِأَنَّهُ يَحْلِفُ إمَّا عَلَى الْإِثْبَاتِ أَوْ النَّفْيِ وَعَلَى كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَا مُطْلَقَيْنِ أَوْ مُقَيَّدَيْنِ. وَبِقَوْلِهِ: وَفِي فِعْلِ غَيْرِهِمَا إثْبَاتًا فِي هَذِهِ صُورَتَانِ: لِأَنَّهُ إمَّا مُطْلَقٌ أَوْ مُقَيَّدٌ. وَقَوْلُهُ: أَوْ نَفْيًا مَحْصُورًا هَذِهِ وَاحِدَةٌ، وَيَتَخَيَّرُ فِي وَاحِدَةٍ أَشَارَ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ: لَا فِي نَفْيٍ مُطْلَقٍ.
قَوْلُهُ: (وَتُعْتَبَرُ نِيَّةُ الْقَاضِي) : أَيْ فِي الْحَلِفِ بِاَللَّهِ وَلِأَنَّهُ الْمُرَادُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَعِبَارَةُ م ر. وَتُعْتَبَرُ فِي الْيَمِينِ مُوَالَاتُهَا وَطَلَبُ الْخَصْمِ لَهَا مِنْ الْحَاكِمِ وَطَلَبُ الْحَاكِمِ لَهَا مِمَّنْ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ وَنِيَّةُ الْقَاضِي أَوْ نَائِبِهِ أَوْ الْمُحَكَّمِ أَوْ الْمَنْصُوبِ لِلْمَظَالِمِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ كُلِّ مَنْ لَهُ وِلَايَةُ التَّحْلِيفِ اهـ. قَالَ ع ش: عَلَيْهِ وَيَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ عُرْفُهُمْ فِيمَا بَيْنَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ، كَمَا فِي الْبَيْعِ. اهـ. حَجّ. وَالْمُرَادُ بِالْمُوَالَاةِ أَنْ لَا يَفْصِلَ بَيْنَ قَوْلِهِ: وَاَللَّهِ وَقَوْلِهِ: مَا فَعَلْت كَذَا مَثَلًا اهـ. وَقَوْلُهُ: مِنْ كُلِّ " مَنْ لَهُ وِلَايَةٌ أَيْ أَمَّا مَنْ لَا وِلَايَةَ لَهُ كَبَعْضِ الْعُظَمَاءِ أَوْ الظَّلَمَةِ فَتَنْفَعُ التَّوْرِيَةُ عِنْدَهُ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ وَإِنْ أَثِمَ الْحَالِفُ إنْ لَزِمَ مِنْهَا تَفْوِيتُ حَقٍّ وَمِنْهُ الْمِشَدُّ وَشُيُوخُ الْبُلْدَانِ وَالْأَسْوَاقِ فَتَنْفَعُهُ التَّوْرِيَةُ عِنْدَهُمْ سَوَاءٌ كَانَ الْحَلِفُ بِالطَّلَاقِ أَوْ بِاَللَّهِ اهـ.
قَوْلُهُ: (بِأَنْ نَوَى خِلَافَ ظَاهِرِ اللَّفْظِ) بِأَنْ ادَّعَى عَلَيْهِ ثَوْبًا وَأَنْكَرَ فَحَلَّفَهُ الْقَاضِي فَقَالَ: وَاَللَّهِ لَا يَسْتَحِقُّ عَلَيَّ ثَوْبًا وَأَرَادَ بِالثَّوْبِ الرُّجُوعَ لِأَنَّهُ مِنْ ثَابَ إذَا رَجَعَ وَهَذَا مَجَازٌ مَهْجُورٌ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا.
قَوْلُهُ: (بِأَنْ اعْتَقَدَ إلَخْ) بِأَنْ ادَّعَى عَلَيْهِ دِينَارًا قِيمَةَ مُتْلَفٍ فَأَنْكَرَ فَقَالَ لَهُ الْقَاضِي قُلْ: وَاَللَّهِ لَا يَسْتَحِقُّ عَلَيَّ دِينَارًا فَقَالَهُ: وَنَوَى ثَمَنَ مَبِيعٍ وَنَوَى الْقَاضِي قِيمَةَ الْمُتْلَفِ أَوْ قَصَدَ بِالدِّينَارِ اسْمَ رَجُلٍ.
قَوْلُهُ: (فَلَوْ صَحَّ تَأْوِيلُهُ) أَيْ أَوْ تَوْرِيَتُهُ.
قَوْلُهُ: (يُسَنُّ تَغْلِيظُ يَمِينٍ إلَخْ) مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ الْحَالِفُ الَّذِي تُغَلَّظُ عَلَيْهِ الْيَمِينُ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ يَمِينًا مُغَلَّظَةً وَلَا تُغَلَّظُ أَيْضًا عَلَى مَرِيضٍ وَزَمِنٍ وَحَائِضٍ اهـ ز ي وَقَدْ يَقْتَضِي الْحَالُ التَّغْلِيظَ مِنْ أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ. وَذَكَرَ لَهُ أَمْثِلَةً: مِنْهَا دَعْوَى، الْعَبْدِ عَلَى سَيِّدِهِ عِتْقًا أَوْ كِتَابَةً فَأَنْكَرَهُ السَّيِّدُ، فَإِنْ بَلَغَتْ قِيمَتُهُ نِصَابًا غُلِّظَ عَلَيْهِ، فَإِنْ نَكَلَ غُلِّظَ عَلَى الْعَبْدِ مُطْلَقًا. اهـ. ز ي.
قَوْلُهُ: (وَطَلَاقٍ) : وَكَذَا فِي خُلْعٍ إنْ بَلَغَ عِوَضُهُ نِصَابًا مُطْلَقًا وَإِلَّا فَعَلَى الْحَالِفِ مِنْهُمَا إنْ كَانَ الْمُدَّعِي الزَّوْجَةَ فَإِنْ كَانَ الْمُدَّعِي الزَّوْجَ فَلَا تَغْلِيظَ عَلَيْهَا ق ل.
قَوْلُهُ: (عِشْرِينَ مِثْقَالًا) بَدَلٌ فَلَيْسَ الْمُرَادُ أَيَّ نِصَابٍ كَانَ حَتَّى مِنْ الْإِبِلِ مَثَلًا بِرْمَاوِيٌّ، وَيُفْهَمُ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ نِصَابَ غَيْرِ النَّقْدِ إنْ بَلَغَتْ قِيمَتُهُ نِصَابَ النَّقْدِ سُنَّ التَّغْلِيظُ وَإِلَّا فَلَا.
قَوْلُهُ: (وَبِزِيَادَةِ أَسْمَاءٍ) وَمِنْ ذَلِكَ أَنْ يُحَلِّفَهُ عَلَى الْمُصْحَفِ فَيَضَعَ الْمُصْحَفَ فِي حِجْرِهِ وَيَفْتَحَهُ وَيَقُولَ لَهُ: ضَعْ يَدَك عَلَى سُورَةِ بَرَاءَةٌ وَيَقْرَأُ عَلَيْهِ: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلا} [آل عمران: 77] الْآيَةَ فَإِنَّ هَذَا مُرْعِبٌ أَيْ مَخُوفٌ قَالَ بَعْضُهُمْ: وَيُنْدَبُ تَحْلِيفُهُ قَائِمًا ق ل.