المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل في الحضانة - حاشية البجيرمي على الخطيب = تحفة الحبيب على شرح الخطيب - جـ ٤

[البجيرمي]

فهرس الكتاب

- ‌ فَصْلٌ: فِي الْإِيلَاءِ

- ‌تَتِمَّةٌ: لَوْ اخْتَلَفَ الزَّوْجَانِ فِي الْإِيلَاءِ أَوْ فِي انْقِضَاءِ مُدَّتِهِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الظِّهَارِ

- ‌أَرْكَانُ الظِّهَارِ

- ‌فَصْلٌ: فِي اللِّعَانِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْعِدَدِ

- ‌فَصْلٌ: فِيمَا يَجِبُ لِلْمُعْتَدَّةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الِاسْتِبْرَاءِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الرَّضَاعِ

- ‌ فَصْلٌ: فِي نَفَقَةِ الْقَرِيبِ

- ‌فَصْلٌ: فِي النَّفَقَةِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْحَضَانَةِ

- ‌كِتَابُ الْجِنَايَاتِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الدِّيَةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْقَسَامَةِ

- ‌كِتَابُ الْحُدُودِ

- ‌فَصْلٌ: فِي حَدِّ الْقَذْفِ

- ‌فَصْلٌ فِي حَدِّ شَارِبِ الْمُسْكِرِ

- ‌فَصْلٌ فِي حَدِّ السَّرِقَةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي قَاطِعِ الطَّرِيقِ

- ‌فَصْلٌ: فِي حُكْمِ الصِّيَالِ وَمَا تُتْلِفُهُ الْبَهَائِمُ

- ‌فَصْلٌ: فِي قِتَالِ الْبُغَاةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الرِّدَّةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي تَارِكِ الصَّلَاةِ

- ‌كِتَابُ أَحْكَامِ الْجِهَادِ

- ‌فَصْلٌ: فِي قَسْمِ الْغَنِيمَةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي قَسْمِ الْفَيْءِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْجِزْيَةِ

- ‌[كِتَابُ الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ]

- ‌فَصْلٌ: فِي الْأَطْعِمَةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْأُضْحِيَّةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْعَقِيقَةِ

- ‌كِتَابُ السَّبْقِ وَالرَّمْيِ

- ‌كِتَابُ الْأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ

- ‌فَصْلٌ: فِي النُّذُورِ

- ‌خَاتِمَةٌ فِيهَا مَسَائِلُ مُهِمَّةٌ تَتَعَلَّقُ بِالنَّذْرِ:

- ‌[فَرْعٌ النَّذْرُ لِلْكَعْبَةِ]

- ‌كِتَابُ الْأَقْضِيَةِ وَالشَّهَادَاتِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْقِسْمَةِ

- ‌فَصْلٌ فِي الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَاتِ

- ‌فَصْلٌ فِي الشَّهَادَاتِ

- ‌[فَصْلٌ مَا يُعْتَبَرُ فِيهِ تَعَدُّدُ الشُّهُودِ وَمَا لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ التَّعَدُّدُ]

- ‌كِتَابُ الْعِتْقِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْوَلَاءِ

- ‌فَصْلٌ فِي التَّدْبِيرِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْكِتَابَةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ

- ‌[خَاتِمَة الْكتاب]

الفصل: ‌فصل في الحضانة

‌فَصْلٌ فِي الْحَضَانَةِ

وَهِيَ بِفَتْحِ الْحَاءِ لُغَةً الضَّمُّ مَأْخُوذَةٌ مِنْ أَحْضَنَ بِكَسْرِهَا

وَهُوَ الْجَنْبُ لِضَمِّ الْحَاضِنَةِ الطِّفْلَ إلَيْهَا وَشَرْعًا تَرْبِيَةُ مَنْ لَا يَسْتَقِلُّ بِأُمُورِهِ بِمَا يُصْلِحُهُ وَيَقِيهِ عَمَّا يَضُرُّهُ وَلَوْ كَبِيرًا مَجْنُونًا كَأَنْ يَتَعَهَّدَهُ بِغَسْلِ جَسَدِهِ وَثِيَابِهِ وَدَهْنِهِ وَكَحْلِهِ وَرَبْطِ الصَّغِيرِ فِي الْمَهْدِ وَتَحْرِيكِهِ لِيَنَامَ

وَهِيَ نَوْعُ وِلَايَةٍ وَسَلْطَنَةٍ

لَكِنَّ الْإِنَاثَ أَلْيَقُ بِهَا لِأَنَّهُنَّ أَشْفَقُ وَأَهْدَى إلَى التَّرْبِيَةِ وَأَصْبَرُ عَلَى الْقِيَامِ بِهَا وَأَوْلَاهُنَّ أُمٌّ كَمَا قَالَ وَإِذَا فَارَقَ الرَّجُلُ زَوْجَتَهُ بِطَلَاقٍ أَوْ فَسْخٍ أَوْ لِعَانٍ وَلَهُ مِنْهَا وَلَدٌ لَا يُمَيِّزُ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى أَوْ خُنْثَى فَهِيَ أَحَقُّ بِحَضَانَتِهِ لِوُفُورِ شَفَقَتِهَا ثُمَّ بَعْدَ الْأُمِّ أُمَّهَاتٌ لَهَا وَارِثَاتٌ وَإِنْ عَلَتْ الْأُمُّ تُقَدَّمُ الْقُرْبَى

ــ

[حاشية البجيرمي]

يَتَأَتَّى فِي الصَّبَاحِيَّةِ لِمَا قَرَّرْته فِيهَا كَالصُّلْحَةِ لِأَنَّهُ إنْ تَلَفَّظَ بِالْإِهْدَاءِ أَوْ قَصَدَ مَلَكَتْهُ مِنْ غَيْرِ جِهَةِ الزَّوْجِيَّةِ وَإِلَّا فَهُوَ مِلْكُهُ.

وَأَمَّا مَصْرُوفُ الْعُرْسِ فَلَيْسَ بِوَاجِبٍ فَإِذَا صَرَفَتْهُ بِإِذْنِهِ ضَاعَ عَلَيْهِ، وَأَمَّا الدَّفْعُ أَيْ الْمَهْرُ فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ لَمْ يُسْتَرَدَّ وَإِلَّا فَلَا لِتَقَرُّرِهِ بِهِ فَلَا يُسْتَرَدُّ بِالنُّشُوزِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ مَعَ زِيَادَةٍ مِنْ ع ش عَلَى م ر.

[فَصْلٌ فِي الْحَضَانَةِ]

ِ وَتُسَمَّى كَفَالَةً وَتَنْتَهِي بِالْبُلُوغِ، أَوْ الْإِفَاقَةِ ق ل.

وَقَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَتَنْتَهِي فِي الصَّغِيرِ بِالتَّمْيِيزِ، وَأَمَّا بَعْدَهُ إلَى الْبُلُوغِ فَتُسَمَّى كَفَالَةً قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ.

وَمُؤْنَتُهَا عَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ النَّفَقَةُ، وَمِنْ ثَمَّ ذُكِرَتْ هُنَا، لِأَنَّ الْحَضَانَة قَدْ تُوجَدُ مَعَ الْإِرْضَاعِ وَالنَّفَقَةِ وَبِدُونِهِمَا وَبِدُونِ أَحَدِهِمَا فَلِذَلِكَ أُخِّرَتْ عَنْهُمَا وَيَأْتِي هُنَا فِي إنْفَاقِ الْحَاضِنَةِ مَعَ الْإِشْهَادِ وَقَصْدِ الرُّجُوعِ مَا مَرَّ آنِفًا، وَيَكْفِي قَوْلُ الْحَاكِمِ لَهَا: أَرْضِعِيهِ وَاحْضُنِيهِ وَلَكِ عَلَى الْأَبِ الرُّجُوعُ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَأْجِرْهَا، فَإِنْ احْتَاجَ الْمَحْضُونُ خِدْمَةً فَعَلَى وَالِدِهِ إخْدَامُهُ بِلَائِقٍ بِهِ عُرْفًا وَلَا يَلْزَمُهُ خِدْمَتُهُ اهـ.

قَوْلُهُ: (وَهُوَ الْجَنْبُ) وَهُوَ مِنْ الْإِبِطِ إلَى الْكَشْحِ، وَالْكَشْحُ مِنْ آخِرِ الضِّلْعِ إلَى الْخَاصِرَةِ.

قَوْلُهُ: (تَرْبِيَةُ) عَبَّرَ بِالْمَصَادِرِ، لِأَنَّ الْأَعْيَانَ اللَّازِمَةَ خَارِجَةٌ عَنْهَا وَحُكْمُهَا مَا تَقَدَّمَ قَرِيبًا.

قَوْلُهُ: (بِمَا يُصْلِحُهُ) فَالْمُرَادُ بِالتَّرْبِيَةِ الْإِصْلَاحُ لَا مَعْنَاهَا الْمُتَعَارَفُ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الشَّارِحُ: وَلَوْ كَبِيرًا مَجْنُونًا، لِأَنَّ التَّرْبِيَةَ لَهُ بِمَعْنَى الْإِصْلَاحِ لَا بُلُوغِهِ سِنَّ الْكَمَالِ. اهـ. ح ل.

قَوْلُهُ: (بِغَسْلِ) أَشَارَ بِذِكْرِ الْمَصْدَرِ إلَى أَنَّ الْوَاجِبَ عَلَى الْحَاضِنَةِ الْأَفْعَالُ، وَأَمَّا الْأَعْيَانُ فَعَلَى مَنْ عَلَيْهِ مُؤْنَتُهُ ق ل.

قَوْلُهُ: (وَكَحْلِهِ) بِفَتْحِ الْكَافِ.

قَوْلُهُ: (فِي الْمَهْدِ) : كَالْمُرْجِيحَةِ، وَجَمْعُهُ مِهَادٌ كَسَهْمٍ وَسِهَامٍ قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ وَالْمَهْدُ وَالْمِهَادُ الْفِرَاشُ وَجَمْعُ الْأَوَّلِ مُهُودٌ كَفَلْسٍ وَفُلُوسٍ وَجَمْعُ الثَّانِي مُهُدٌ كَكِتَابٍ وَكُتُبٍ.

قَوْلُهُ: (لَكِنَّ الْإِنَاثَ أَلْيَقُ بِهَا) أَيْ فِي الْجُمْلَةِ فَلَا يُنَافِي مَا يَأْتِي مِنْ تَقْدِيمِ الْأَبِ عَلَى غَيْرِ الْأُمِّ وَأُمَّهَاتِهَا ع ش.

وَقَالَ م د: هَذَا تَوْطِئَةٌ لِمَا بَعْدَهُ وَإِلَّا فَهَذَا لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا تَجِبُ لَهُنَّ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: تَثْبُتُ الْحَضَانَةُ لِلنِّسَاءِ وَالرِّجَالِ وَيُقَدَّمُ النِّسَاءُ عَلَى الرِّجَالِ وَيُقَدَّمُ مِنْ النِّسَاءِ أُمٌّ إلَخْ وَالْمُرَادُ الْإِنَاثُ وَالذُّكُورُ مِنْ النَّسَبِ، إذْ لَا حَقَّ فِيهَا لِمَحْرَمِ رَضَاعٍ وَلَا مُصَاهَرَةٍ كَمَا فِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ.

قَوْلُهُ: (وَأَوْلَاهُنَّ) : أَيْ أَحَقُّهُنَّ بِمَعْنَى الْمُسْتَحِقِّ مِنْهُنَّ أُمٌّ فَلَا يُقَدَّمُ غَيْرُهَا عَلَيْهَا إلَّا بِإِعْرَاضِهَا وَتَرْكِهَا لِلْحَضَانَةِ فَيُسَلَّمُ لِغَيْرِهَا مَا دَامَتْ مُمْتَنِعَةً. اهـ. ع ش عَلَى م ر.

قَوْلُهُ: (وَإِذَا فَارَقَ) وَمِثْلُ الْفِرَاقِ الْمَوْتُ وَاحْتَرَزَ بِقَيْدِ الْمُفَارَقَةِ عَمَّا إذَا كَانَ الْأَبَوَانِ عَلَى النِّكَاحِ فَإِنَّ الْوَلَدَ يَكُونُ مَعَهُمَا يَقُومَانِ بِكِفَايَتِهِ؛ الْأَبُ بِالْإِنْفَاقِ وَالْأُمُّ بِالْحَضَانَةِ وَالتَّرْبِيَةِ إنْ كَانَ عَلَى دِينِهَا.

قَوْلُهُ: (فَهِيَ أَحَقُّ) أَيْ مُسْتَحِقَّةٌ بِحَضَانَتِهِ أَيْ إلَى سَبْعِ سِنِينَ وَلِذَا قَالَ الشَّارِحُ: ثُمَّ الْمُمَيِّزُ يُخَيَّرُ إلَخْ، وَمَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمَحْضُونِ زَوْجٌ، أَوْ زَوْجَةٌ يُمْكِنُ تَمَتُّعُ كُلٍّ بِالْآخَرِ، وَإِلَّا فَهُوَ أَوْلَى مِنْ كُلِّ الْأَقَارِبِ، وَمُؤْنَةُ الْحَضَانَةِ فِي مَالِهِ، ثُمَّ عَلَى الْأَبِ، لِأَنَّهَا مِنْ أَسْبَابِ الْكِفَايَةِ كَالنَّفَقَةِ وَلَهَا أَنْ تَطْلُبَ عَلَيْهَا أُجْرَةً كَمَا لَهَا أَنْ تَطْلُبَهَا لِلْإِرْضَاعِ، فَإِذَا حَضَنَتْ مُدَّةً أَوْ أَرْضَعَتْ مُدَّةً مِنْ غَيْرِ طَلَبِ أُجْرَةٍ لَمْ تَسْتَحِقَّ لِعَدَمِ الْتِزَامِهَا.

قَوْلُهُ: (لِوُفُورِ شَفَقَتِهَا) أَيْ تَمَامِهَا قَالَ الْقَاضِي: وَلِأَنَّ جِهَاتِ التَّقْدِيمِ ثَلَاثَةٌ:

الْوِلَادَةُ، وَالْوِرَاثَةُ، وَالْقَرَابَةُ، وَالْجَمِيعُ مَوْجُودَةٌ فِيهَا فَإِنْ امْتَنَعَتْ الْأُمُّ مِنْهَا لَمْ تُجْبَرْ عَلَيْهَا، وَانْتَقَلَتْ لِأُمَّهَاتِهَا، وَإِذَا تَوَزَّعَتْ فِي أَهْلِيَّتِهَا فَلَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِهَا عِنْدَ حَاكِمٍ قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي فَتَاوِيهِ.

وَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ فِي بَابِ الْحَجْرِ: إذَا كَانَ النِّزَاعُ فِي الْأَهْلِيَّةِ بَعْدَ تَسْلِيمِهَا الْوَلَدَ لَمْ يُنْزَعْ مِنْ

ص: 104

فَالْقُرْبَى فَأُمَّهَاتُ أَبٍ كَذَلِكَ وَخَرَجَ بِالْوَارِثَاتِ غَيْرُهُنَّ وَهِيَ مَنْ أَدْلَتْ بِذَكَرٍ بَيْنَ أُنْثَيَيْنِ كَأُمِّ أَبِي أُمٍّ فَأُخْتٌ لِأَنَّهَا أَقْرَبُ مِنْ الْخَالَةِ فَخَالَةٌ لِأَنَّهَا تُدْلِي بِالْأُمِّ فَبِنْتُ أُخْتٍ فَبِنْتُ أَخٍ كَالْأُخْتِ مَعَ الْأَخِ فَعَمَّةٌ وَتُقَدَّمُ أُخْتٌ وَخَالَةٌ وَعَمَّةٌ لِأَبَوَيْنِ عَلَيْهِنَّ لِأَبٍ لِزِيَادَةِ قَرَابَتِهِنَّ وَتُقَدَّمُ أُخْتٌ وَخَالَةٌ وَعَمَّةٌ لِأَبٍ عَلَيْهِنَّ لِأُمٍّ لِقُوَّةِ الْجِهَةِ

فَرْعٌ: لَوْ كَانَ لِلْمَحْضُونِ بِنْتٌ قُدِّمَتْ فِي الْحَضَانَةِ عِنْدَ عَدَمِ الْأَبَوَيْنِ عَلَى الْجَدَّاتِ، أَوْ زَوْجٌ يُمْكِنُ تَمَتُّعُهُ بِهَا قُدِّمَ

ــ

[حاشية البجيرمي]

يَدِهَا، وَيُقْبَلُ قَوْلُهَا فِي الْأَهْلِيَّةِ أَوْ قَبْلَهُ لَمْ يُسَلَّمْ إلَيْهَا إلَّا بَعْدَ ثُبُوتِهَا وَإِذَا طَلَبَتْ أُجْرَةً عَلَيْهَا، وَهُنَاكَ مُتَبَرِّعَةٌ قُدِّمَتْ عَلَيْهَا بِرْمَاوِيٌّ.

قَوْلُهُ: (ثُمَّ بَعْدَ الْأُمِّ أُمَّهَاتٌ لَهَا) مَحَلُّ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمَحْضُونِ بِنْتٌ، وَإِلَّا فَهِيَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى أُمَّهَاتِ الْأُمِّ كَمَا يَأْتِي فِي الْفَرْعِ بَعْدَهُ.

وَحَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ مَرَاتِبِ النِّسَاءِ الْخُلَّصِ سَبْعٌ وَقَدْ نَظَمَهَا بَعْضُهُمْ فَقَالَ:

أُمٌّ فَأُمُّهَا بِشَرْطِ أَنْ تَرِثْ

فَأُمَّهَاتُ وَالِدٍ لَقَدْ وَرِثْ

أُخْتٌ فَخَالَةٌ فَبِنْتُ أُخْتِهِ

فَبِنْتُ أَخٍ يَا صَاحِ مَعَ عَمَّتِهْ

، ثُمَّ اعْلَمْ: أَنَّ الْمُسْتَحِقَّ لِلْحَضَانَةِ إنْ تَمَحَّضَ إنَاثًا قُدِّمَتْ الْأُمُّ فَأُمَّهَاتُهَا إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ، وَإِنْ تَمَحَّضَ ذُكُورًا ثَبَتَتْ الْحَضَانَةُ لِكُلِّ قَرِيبٍ وَارِثٍ وَلَوْ غَيْرَ مَحْرَمٍ كَابْنِ الْعَمِّ، وَلَا تَثْبُتُ لِمَحْرَمٍ غَيْرِ وَارِثٍ كَأَبِي الْأُمِّ وَالْخَالِ، وَإِنْ اجْتَمَعَ الذُّكُورُ، وَالْإِنَاثُ قُدِّمَتْ الْأُمُّ، ثُمَّ أُمَّهَاتُهَا، ثُمَّ الْأَبُ ثُمَّ أُمَّهَاتُهُ، ثُمَّ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ وَهَذَا حَاصِلُ مَا فِي الرَّوْضَةِ وَهُوَ تَوْضِيحٌ لِمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ.

قَوْلُهُ: (وَإِنْ عَلَتْ الْأُمُّ) لَا حَاجَةَ لِهَذِهِ الْغَايَةِ مَعَ قَوْلِهِ: ثُمَّ أُمَّهَاتٌ لَهَا وَيُمْكِنُ عَلَى بُعْدٍ أَنَّهُ أَتَى بِهِ لِمُشَاكَلَةِ مَا بَعْدَهُ، وَلَوْ قَالَ: وَإِنْ عَلَوْنَ أَيْ الْأُمَّهَاتُ لَكَانَ أَوْلَى قَوْلُهُ: (فَأُمَّهَاتُ أَبٍ) أَيْ بَعْدَ الْأَبِ.

قَوْلُهُ: (وَهِيَ) الضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى الْغَيْرِ وَهُوَ مُذَكَّرٌ فَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يَقُولَ: وَهُوَ إلَخْ.

وَيُجَابُ بِأَنَّ الْغَيْرَ هُنَا مُؤَنَّثٌ فِي الْمَعْنَى فَلِذَلِكَ صَحَّتْ إعَادَةُ الضَّمِيرِ الْمُؤَنَّثِ عَلَيْهِ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ ق ل: قَوْلُهُ: " وَهِيَ " أَيْ الْوَاحِدُ مِنْهُنَّ، وَأُجِيبَ أَيْضًا بِأَنَّهُ اكْتَسَبَ التَّأْنِيثَ مِنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ.

قَوْلُهُ: (كَأُمِّ أَبِي أُمٍّ) لِإِدْلَائِهَا بِمَنْ لَا حَقَّ لَهُ فِي الْحَضَانَةِ وَقُدِّمَتْ أُمَّهَاتُ الْأُمِّ عَلَى أُمَّهَاتِ الْأَبِ لِقُوَّتِهِنَّ فِي الْإِرْثِ فَإِنَّهُنَّ لَمْ يَسْقُطْنَ بِالْأَبِ بِخِلَافِ أُمَّهَاتِهِ، وَلِأَنَّ الْوِلَادَةَ فِيهِنَّ مُحَقَّقَةٌ وَفِي أُمَّهَاتِ الْأَبِ مَظْنُونَةٌ وَقَوْلُهُ: لِإِدْلَائِهَا بِمَنْ لَا حَقَّ لَهُ أَيْ بِحَالٍ وَهُوَ أَبُو الْأُمِّ فَكَانَتْ كَالْأَجْنَبِيَّةِ، بِخِلَافِ أُمِّ الْأُمِّ إذَا كَانَتْ الْأُمُّ فَاسِقَةً أَوْ مُتَزَوِّجَةً، لِاسْتِحْقَاقِهَا الْحَضَانَةَ فِي الْجُمْلَةِ، وَقَوْلُهُ: وَفِي أُمَّهَاتِ الْأَبِ مَظْنُونَةٌ وَذَلِكَ، لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْوَلَدُ مِنْ غَيْرِ وَطْءِ الْأَبِ كَأَنْ يَكُونَ مِنْ زِنًا اهـ.

قَوْلُهُ: (فَأُخْتٌ) أَيْ لِلْمَحْضُونَةِ وَلَوْ لِأُمٍّ وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى فَأُمَّهَاتُ أَبٍ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّهَا أَقْرَبُ) أَيْ وَتَرِثُ أَيْضًا بِرْمَاوِيٌّ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّهَا تُدْلِي بِالْأُمِّ) الظَّاهِرُ أَنَّهَا تُدْلِي بِالْجَدَّةِ شَيْخُنَا: قَوْلُهُ: (فَبِنْتُ أُخْتٍ) وَلَوْ لِأُمٍّ.

قَوْلُهُ: (كَالْأُخْتِ مَعَ الْأَخِ) أَيْ كَمَا أَنَّ الْأُخْتَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْأَخِ أَيْ إذَا اجْتَمَعَتْ الْأُخْتُ مَعَ الْأَخِ قُدِّمَتْ فَكَذَا بِنْتُ الْأُخْتِ تُقَدَّمُ عَلَى بِنْتِ الْأَخِ، لِأَنَّ ابْنَ الْمُقَدَّمِ مُقَدَّمٌ.

قَوْلُهُ: (لِزِيَادَةِ قَرَابَتِهِنَّ) الْأَوْلَى لِقُوَّةِ قَرَابَتِهِنَّ قَوْلُهُ

: (فَرْعٌ) غَرَضُهُ تَقْيِيدُ مَا تَقَدَّمَ وَاشْتَمَلَ هَذَا الْفَرْعُ عَلَى حُكْمَيْنِ تَقْدِيمِ الْبِنْتِ عَلَى الْجَدَّاتِ وَتَقْدِيمِ الزَّوْجِ ذَكَرًا كَانَ، أَوْ أُنْثَى عَلَى سَائِرِ الْأَقَارِبِ فَالْحُكْمُ الْأَوَّلُ يَتَقَيَّدُ بِهِ قَوْلُهُ سَابِقًا: فَأُمَّهَاتٌ لَهَا وَارِثَاتٌ إلَخْ.

أَيْ مَحَلُّ تَقْدِيمِ الْجَدَّاتِ بَعْدَ الْأُمِّ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمَحْضُونِ بِنْتٌ، وَإِلَّا فَتُقَدَّمُ عَلَيْهِنَّ.

وَالْحُكْمُ الثَّانِي يَتَقَيَّدُ بِهِ قَوْلُهُ سَابِقًا: وَأَوْلَاهُنَّ أُمٌّ إلَخْ؛ أَيْ مَحَلُّ تَقْدِيمِ الْأُمِّ فِي الْحَضَانَةِ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمَحْضُونِ زَوْجٌ ذَكَرًا كَانَ، أَوْ أُنْثَى، فَإِنْ كَانَ قُدِّمَ عَلَيْهَا وَعَلَى سَائِرِ الْأَقَارِبِ.

قَوْلُهُ: (عِنْدَ عَدَمِ الْأَبَوَيْنِ) أَمَّا الْأَبَوَانِ فَيُقَدَّمَانِ عَلَيْهَا وَعَلَيْهِ فَلَوْ اجْتَمَعَتْ جَدَّةٌ لِأُمٍّ، وَأَبٌ، وَبِنْتٌ قُدِّمَ الْأَبُ، وَإِنْ كَانَ مَحْجُوبًا بِأُمِّ

ص: 105

ذَكَرًا كَانَ، أَوْ أُنْثَى عَلَى كُلِّ الْأَقَارِبِ، وَالْمُرَادُ بِتَمَتُّعِهِ بِهَا وَطْؤُهُ لَهَا، فَلَا بُدَّ أَنْ تُطِيقَهُ، وَإِلَّا فَلَا تُسَلَّمُ إلَيْهِ.

كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي فَتَاوِيهِ.

وَتَثْبُتُ الْحَضَانَةُ لِأُنْثَى قَرِيبَةٍ غَيْرِ مَحْرَمٍ لَمْ تُدْلِ بِذَكَرٍ غَيْرِ وَارِثٍ كَبِنْتِ خَالَةٍ وَبِنْتِ عَمَّةٍ وَلِذَكَرٍ قَرِيبٍ

ــ

[حاشية البجيرمي]

الْأُمِّ، ثُمَّ الْبِنْتُ وَلَا حَقَّ لِأُمِّ الْأُمِّ لِحَجْبِهَا بِالْبِنْتِ، فَلَمَّا كَانَتْ مَحْجُوبَةً بِالْبِنْتِ قُدِّمَ الْأَبُ عَلَيْهَا وَأَطَالَ ابْنُ حَجَرٍ فِي التَّرَدُّدِ فِيهِ، فَلْيُرَاجَعْ. اهـ. ع ش.

قَوْلُهُ: (أَوْ زَوْجٌ) شَمِلَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى بِدَلِيلِ تَعْمِيمِ الشَّارِحِ وَلَكِنَّ قَوْلَهُ: " تَمَتُّعُهُ بِهَا " قَاصِرٌ فَيُزَادُ: أَوْ تَمَتُّعُهَا بِهِ إذَا كَانَ مَحْضُونًا، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ تَمَتُّعُهُ بِهِ أَيْ بِالْمَحْضُونِ الشَّامِلِ لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى.

قَوْلُهُ: (يُمْكِنُ تَمَتُّعُهُ) أَيْ الزَّوْجِ بِهِ أَيْ بِالْمَحْضُونِ.

قَوْلُهُ: (وَالْمُرَادُ بِتَمَتُّعِهِ بِهَا) أَيْ إذَا كَانَ الْمَحْضُونُ أُنْثَى، وَمِثْلُ الزَّوْجَةِ الزَّوْجُ فَلَا بُدَّ أَنْ يَتَأَتَّى مِنْهُ الْوَطْءُ لَهَا.

وَعِبَارَةُ ع ش وَالْمُرَادُ بِتَمَتُّعِهِ بِهَا وَطْؤُهُ أَيْ حَاضِنًا كَانَ أَوْ مَحْضُونًا.

فَائِدَةٌ: لَوْ كَانَ كُلٌّ مِنْ الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ مَحْضُونًا فَالْحَضَانَةُ لِحَاضِنِ الزَّوْجِ، لِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ الْقِيَامُ بِحُقُوقِ الزَّوْجَةِ فَيَلِي أَمْرَهَا مَنْ يَتَصَرَّفُ عَنْهُ تَوْفِيَةً لِحَقِّهَا مِنْ قِبَلِ الزَّوْجِ.

قَوْلُهُ: (فَلَا بُدَّ أَنْ تُطِيقَهُ) أَيْ فَلَا بُدَّ أَنْ يَتَأَتَّى وَطْؤُهُ لَهَا وَأَنْ تُطِيقَهُ، وَإِلَّا فَلَا تُسَلَّمُ إلَيْهِ.

وَلَا تُقَدَّمُ الزَّوْجَةُ عَلَى غَيْرِهَا إلَّا إذَا كَانَ الزَّوْجُ يُمْكِنُهُ الْوَطْءُ، وَالزَّوْجَةُ مُطِيقَةً، وَإِلَّا بِأَنْ كَانَتْ مُطِيقَةً الْوَطْءَ وَهُوَ لَا يَتَأَتَّى مِنْهُ فَلَا تُقَدَّمُ عَلَى غَيْرِهَا ح ل وَع ش.

قَوْلُهُ: (فَلَا تُسَلَّمُ إلَيْهِ) وَلَوْ قَالَ: لَا أَطَؤُهَا وَإِنْ كَانَ ثِقَةً ع ش.

قَوْلُهُ: (وَتَثْبُتُ الْحَضَانَةُ لِأُنْثَى) أَيْ زِيَادَةً عَلَى مَا مَرَّ وَهَذَا شُرُوعٌ فِي الْكَلَامِ عَلَى اجْتِمَاعِ مَحْضِ الْإِنَاثِ وَغَرَضُهُ زِيَادَةُ خَمْسَةٍ لَهُنَّ الْحَضَانَةُ، زِيَادَةً عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَهُنَّ بِنْتُ الْخَالَةِ، وَبِنْتُ الْعَمَّةِ، وَبِنْتُ الْعَمِّ لِأَبَوَيْنِ، أَوْ لِأَبٍ وَبِنْتُ الْخَالِ، عَلَى الْمُعْتَمَدِ.

قَوْلُهُ: (لَمْ تُدْلِ بِذَكَرٍ غَيْرِ وَارِثٍ) صَادِقٌ بِصُورَتَيْنِ بِأَنْ لَمْ تُدْلِ بِذَكَرٍ أَصْلًا كَأَنْ تُدْلِيَ بِإِنَاثٍ كَبِنْتِ الْخَالَةِ، وَبِنْتِ الْعَمَّةِ، أَوْ أَدْلَتْ بِذَكَرٍ وَارِثٍ كَبِنْتِ عَمٍّ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهَا إذَا أَدْلَتْ بِذَكَرٍ غَيْرِ وَارِثٍ لَا حَضَانَةَ لَهَا كَبِنْتِ الْخَالِ وَبِنْتِ الْعَمِّ لِلْأُمِّ وَأَمِّ أَبِي الْأُمِّ وَهُوَ مُسَلَّمٌ فِي الْأَخِيرَيْنِ، وَالْمُعْتَمَدُ فِي بِنْتِ الْخَالِ ثُبُوتُ الْحَضَانَةِ لَهَا.

وَاعْلَمْ: أَنَّ الْأَقْسَامَ ثَلَاثَةٌ: اجْتِمَاعُ إنَاثٍ فَقَطْ ذُكُورٍ فَقَطْ اجْتِمَاعُ الصِّنْفَيْنِ.

وَحَاصِلُ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ، أَنَّهُ يُقَدَّمُ الْأُمُّ ثُمَّ أُمَّهَاتُهَا، ثُمَّ أُمَّهَاتُ الْأَبِ، ثُمَّ الْأُخْتُ مُطْلَقًا، ثُمَّ الْخَالَةُ مُطْلَقًا، ثُمَّ بِنْتُ الْأُخْتِ مُطْلَقًا، ثُمَّ بِنْتُ الْأَخِ مُطْلَقًا، ثُمَّ الْعَمَّةُ مُطْلَقًا، ثُمَّ بِنْتُ الْخَالَةِ، ثُمَّ بِنْتُ الْعَمَّةِ ثُمَّ بِنْتُ الْعَمِّ لِأَبَوَيْنِ، أَوْ لِأَبٍ، ثُمَّ بِنْتُ الْخَالِ.

، وَأَمَّا اجْتِمَاعُ الذُّكُورِ فَيُقَدَّمُ الْأَبُ، ثُمَّ الْجَدُّ، ثُمَّ الْأَخُ بِأَقْسَامِهِ الثَّلَاثَةِ، ثُمَّ ابْنُ الْأَخِ لِأَبَوَيْنِ، أَوْ لِأَبٍ ثُمَّ الْعَمُّ لِأَبَوَيْنِ، أَوْ لِأَبٍ، وَأَمَّا اجْتِمَاعُ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ، فَتُقَدَّمُ الْأُمُّ عَلَى كُلِّ الذُّكُورِ، ثُمَّ أُمَّهَاتُهَا كَذَلِكَ ثُمَّ الْأَبُ يُقَدَّمُ عَلَى كُلِّ الْإِنَاثِ غَيْرِ الْأُمِّ وَأُمَّهَاتِهَا، ثُمَّ أُمَّهَاتُ الْأَبِ تُقَدَّمُ عَلَى كُلِّ الذُّكُورِ، ثُمَّ إذَا عُدِمَتْ الْأَصْنَافُ الْأَرْبَعَةُ؛ الْأُمُّ، وَأُمَّهَاتُهَا، وَالْأَبُ وَأُمَّهَاتُهُ يُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ مِنْ الْحَوَاشِي ذَكَرًا كَانَ كَأَخٍ وَابْنِ أَخٍ يُقَدَّمُ عَلَى خَالَةٍ وَعَمَّةٍ، أَوْ أُنْثَى كَأُخْتٍ وَبِنْتِ أَخٍ تُقَدَّمُ عَلَى عَمٍّ لِأَبَوَيْنِ، أَوْ لِأَبٍ، وَابْنُ عَمٍّ كَذَلِكَ فَإِنْ اسْتَوَيَا ذُكُورَةً وَأُنُوثَةً أُقْرِعَ وَقَوْلُهُ: لَمْ تُدْلِ بِذَكَرٍ غَيْرِ وَارِثٍ كَمَا عُلِمَ مِنْ التَّقْيِيدِ بِالْوَارِثَاتِ فِيمَا مَرَّ بِخِلَافِ غَيْرِ الْقَرِيبَةِ كَالْمُعْتِقَةِ وَبِخِلَافِ مَنْ أَدْلَتْ بِذَكَرٍ غَيْرِ وَارِثٍ كَبِنْتِ خَالٍ وَبِنْتِ عَمٍّ لِأُمٍّ وَكَذَا مَنْ أَدْلَتْ بِوَارِثٍ أَوْ بِأُنْثَى وَكَانَ الْمَحْضُونُ ذَكَرًا يُشْتَهَى، شَرْحَ الْمَنْهَجِ: وَقَوْلُهُ: كَبِنْتِ خَالٍ، لِأَنَّهَا تُدْلِي بِمَنْ لَا حَقَّ لَهُ فِي الْحَضَانَةِ أَصْلًا وَهُوَ ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ اسْتِحْقَاقُهَا وَعَلَى عَدَمِ ثُبُوتِهِ لِبِنْتِ الْعَمِّ لِلْأُمِّ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْخَالَ أَقْرَبُ لِلْأُمِّ مِنْ بِنْتِ الْعَمِّ لِلْأُمِّ، لِأَنَّ أَبَاهَا الَّذِي هُوَ الْخَالُ أَقْرَبُ لِلْأُمِّ كَذَا قِيلَ ح ل، وَرَاجِعْ مَا فِي حَاشِيَةِ س ل.

قَوْلُهُ: (كَبِنْتِ خَالَةٍ) وَتُقَدَّمُ بِنْتُ الْخَالَةِ قِيَاسًا عَلَى أُمِّهَا.

قَوْلُهُ: (وَلِذَكَرٍ قَرِيبٍ) أَيْ بَعْدَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْإِنَاثِ لِمَا يَأْتِي أَنَّهُ لَوْ اجْتَمَعَ ذُكُورٌ، وَإِنَاثٌ إلَخْ ع ش وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: لِذَكَرٍ أَيْ عِنْدَ فَقْدِ الْإِنَاثِ وَهَذَا شُرُوعٌ فِي الْكَلَامِ عَلَى اجْتِمَاعِ مَحْضِ

ص: 106

وَارِثٍ مَحْرَمًا كَانَ كَالْأَخِ أَوْ غَيْرَ مَحْرَمٍ كَابْنِ عَمٍّ لِوُفُورِ شَفَقَتِهِ وَقُوَّةِ قَرَابَتِهِ بِالْإِرْثِ وَالْوِلَايَةِ وَيَزِيدُ الْمَحْرَمُ بِالْمَحْرَمِيَّةِ، بِتَرْتِيبِ وِلَايَةِ النِّكَاحِ وَلَا تُسَلَّمُ مُشْتَهَاةٌ لِغَيْرِ مَحْرَمٍ، حَذَرًا مِنْ الْخَلْوَةِ الْمُحَرَّمَةِ بَلْ تُسَلَّمُ لِثِقَةٍ يُعَيِّنُهَا هُوَ، كَبِنْتِهِ.

وَإِنْ اجْتَمَعَ ذُكُورٌ، وَإِنَاثٌ، قُدِّمَتْ الْأُمُّ، فَأُمَّهَاتُهَا.

وَإِنْ عَلَتْ فَأَبٌ فَأُمَّهَاتُهُ.

وَإِنْ عَلَا لِمَا مَرَّ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ مِنْ الْحَوَاشِي ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى، فَإِنْ اسْتَوَيَا قُرْبًا قُدِّمَتْ الْأُنْثَى، لِأَنَّ الْإِنَاثَ أَصْبَرُ وَأَبْصَرُ فَإِنْ اسْتَوَيَا ذُكُورَةً وَأُنُوثَةً قُدِّمَ بِقُرْعَةٍ مَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ عَلَى غَيْرِهِ، وَالْخُنْثَى هُنَا كَالذَّكَرِ فَلَا يُقَدَّمُ عَلَى الذَّكَرِ فَلَوْ ادَّعَى الْأُنُوثَةَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ.

(ثُمَّ) الْمُمَيِّزُ (يُخَيَّرُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

الذُّكُورِ وَلَهُ أَرْبَعَةُ أَحْوَالٍ: اجْتِمَاعُ الْإِرْثِ وَالْمَحْرَمِيَّةِ كَالْأَبِ، اجْتِمَاعُ الْإِرْثِ دُونَ الْمَحْرَمِيَّةِ كَابْنِ الْعَمِّ، فَقْدُهُمَا كَابْنِ الْخَالِ، فَقْدُ الْإِرْثِ فَقَطْ كَالْخَالِ.

قَوْلُهُ: (أَوْ غَيْرَ مَحْرَمٍ كَابْنِ عَمٍّ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْكَافَ اسْتِقْصَائِيَّةٌ؛ إذْ لَيْسَ لَنَا ذَكَرٌ وَارِثٌ قَرِيبٌ غَيْرُ مَحْرَمٍ إلَّا ابْنُ الْعَمِّ قَوْلُهُ: (وَالْوِلَايَةِ) وَبِهَذَا فَارَقَ بِنْتُ الْعَمِّ لِلْأُمِّ كَمَا مَرَّ أَيْضًا بِرْمَاوِيٌّ.

قَوْلُهُ: (بِتَرْتِيبِ وِلَايَةِ النِّكَاحِ) مُتَعَلِّقٌ بِتَثَبُّتِ الْمُقَدَّرِ أَيْ تَثَبُّتِ الْحَضَانَةِ لِذَكَرٍ قَرِيبٍ عَلَى تَرْتِيبِ وِلَايَةِ النِّكَاحِ وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: بِتَرْتِيبِ وِلَايَةِ النِّكَاحِ أَيْ فِي الْجُمْلَةِ، لِأَنَّ الْأَخَ لِلْأُمِّ لَهُ حَقٌّ هُنَا دُونَ وِلَايَةِ النِّكَاحِ وَلَمْ يَقُلْ عَلَى تَرْتِيبِ الْإِرْثِ، لِأَنَّ الْجَدَّ مُقَدَّمٌ عَلَى الْأَخِ هُنَا كَمَا فِي النِّكَاحِ بِخِلَافِهِ فِي الْإِرْثِ قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ، وَقَوْلُهُ: لِأَنَّ الْجَدَّ أَيْ: لِأَنَّهَا تَثْبُتُ لِلْأُصُولِ قَبْلَ الْحَوَاشِي، وَقَوْلُهُ: كَمَا فِي النِّكَاحِ يَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّ الْأَخَ لِلْأُمِّ هُنَا مُقَدَّمٌ عَلَى الْعَمِّ وَلَا وِلَايَةَ لَهُ فِي النِّكَاحِ. اهـ. ح ل مَعَ زِيَادَةٍ.

قَوْلُهُ: (وَلَا تُسَلَّمُ مُشْتَهَاةٌ لِغَيْرِ مَحْرَمٍ) ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْمَحْضُونَ الذَّكَرَ يُسَلَّمُ لِغَيْرِ الْمَحْرَمِ أَيْ لِلذَّكَرِ غَيْرِ الْمَحْرَمِ وَلَوْ كَانَ مُشْتَهًى، وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ لَا يُسَلَّمُ لَهُ أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ فَكَانَ مِنْ حَقِّهِ أَنْ يَقُولَ: وَلَا يُسَلَّمُ مُشْتَهًى وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ إذَا وُجِدَتْ رِيبَةٌ وَإِلَّا بِأَنْ انْتَفَتْ فَتُسَلَّمُ لَهُ ح ل.

وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ وَقَوْلُهُ: لِغَيْرِ مَحْرَمٍ ظَاهِرُ كَلَامِهِ تَسْلِيمُ الذَّكَرِ وَلَوْ كَانَ مُشْتَهًى وَهُوَ كَذَلِكَ حَيْثُ لَا رِيبَةَ وَبِهَذَا يُجْمَعُ التَّنَاقُضُ اهـ.

وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا أَعْنِي قَوْلَهُ " وَلَا تُسَلَّمُ إلَخْ " رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ: وَلِذَكَرٍ قَرِيبٍ إلَخْ، وَلَوْ قَالَ: وَلَا يُسَلَّمُ مُشْتَهًى ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى لِغَيْرِ مَحْرَمٍ كَذَلِكَ لِيَرْجِعَ أَيْضًا لِقَوْلِهِ " وَتَثْبُتُ لِأُنْثَى قَرِيبَةٍ لَكَانَ أَوْلَى كَذَا قِيلَ وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّ الْأُنْثَى غَيْرَ الْمَحْرَمِ لَهَا حَقٌّ فِي حَضَانَةِ الذَّكَرِ الْمُشْتَهَى، وَفِي س ل خِلَافُهُ وَيُؤَيِّدُهُ مَا تَقَدَّمَ عَنْ شَرْحِ الْمَنْهَجِ مِنْ قَوْلِهِ: أَوْ بِأُنْثَى وَكَانَ الْمَحْضُونُ ذَكَرًا.

قَوْلُهُ: (لِثِقَةٍ) أَيْ لِامْرَأَةٍ ثِقَةٍ.

قَوْلُهُ: (يُعَيِّنُهَا) أَيْ يُعَيِّنُهَا غَيْرُ الْمَحْرَمِ وَكَانَ عَلَيْهِ إبْرَازُ الضَّمِيرِ، لِأَنَّ الصِّفَةَ جَرَتْ عَلَى غَيْرِ مَنْ هِيَ لَهُ.

قَوْلُهُ: (كَبِنْتِهِ) أَيْ: أَوْ غَيْرِهَا وَلَوْ بِأُجْرَةٍ مِنْ مَالِهِ، لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ فِي ذَلِكَ بِرْمَاوِيٌّ.

وَالْمُرَادُ بِنْتُهُ الَّتِي يَسْتَحْيِ مِنْهَا فَتُسَلَّمُ إلَيْهِ أَيْ تُجْعَلُ عِنْدَهُ مَعَ بِنْتِهِ نَعَمْ إنْ كَانَ مُسَافِرًا وَبِنْتُهُ مَعَهُ فِي رَحْلِهِ سُلِّمَتْ إلَيْهِ لَا لَهُ كَمَا لَوْ كَانَ فِي الْحَضَرِ وَلَمْ تَكُنْ بِنْتُهُ فِي بَيْتِهِ وَبِهَذَا يُجْمَعُ بَيْنَ قَوْلِهِمْ فِي مَوْضِعٍ تُسَلَّمُ إلَيْهِ وَفِي آخَرَ تُسَلَّمُ إلَيْهَا شَرْحَ الرَّوْضِ.

قَوْلُهُ: (وَإِنْ عَلَتْ) أَيْ الْأُمَّهَاتُ، وَإِلَّا فَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ بَعْدَ قَوْلِهِ: فَأُمَّهَاتُهَا أَيْ لَوْ قُلْنَا: ضَمِيرُ عَلَتْ رَاجِعٌ لِلْأُمِّ وَإِذَا رَجَعَ الضَّمِيرُ لِلْأُمَّهَاتِ فَكَانَ يَقُولُ وَإِنْ عَلَوْهُ.

قَوْلُهُ: (فَأَبٌ فَأُمَّهَاتُهُ) الْمُرَادُ كَمَا قَالَهُ سم أَنَّهُ يُقَدَّمُ بَعْدَ الْأَبِ أُمَّهَاتُهُ، ثُمَّ الْجَدُّ، ثُمَّ أُمَّهَاتُهُ وَهَكَذَا ع ش.

قَوْلُهُ: (لِمَا مَرَّ) إنْ كَانَ تَعْلِيلًا لِتَقْدِيمِ الْأُمِّ فَاَلَّذِي مَرَّ وَهُوَ قَوْلُهُ: لِوُفُورِ شَفَقَتِهَا، وَإِنْ كَانَ تَعْلِيلًا لِتَقْدِيمِ الْأَبِ فَاَلَّذِي مَرَّ هُوَ قَوْلُهُ: لِوُفُورِ شَفَقَتِهِ وَقَرَابَتِهِ، بِالْإِرْثِ وَالْوِلَايَةِ وَالْمَحْرَمِيَّةِ، فِي الْمَحْرَمِ وَلِهَذَا قَالَ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ: لَمْ يَمُرَّ هُنَا شَيْءٌ، وَإِنَّمَا مَرَّ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ فَرَاجِعْهُ، وَعِبَارَتُهُ: وَأَوْلَاهُنَّ أُمٌّ لِوُفُورِ شَفَقَتِهَا إلَخْ.

، وَإِنْ اجْتَمَعَ ذُكُورٌ، وَإِنَاثٌ فَأُمٌّ فَأُمَّهَاتُهَا فَأَبٌ فَأُمَّهَاتُهُ، وَإِنْ عَلَا لِمَا مَرَّ اهـ قَالَ ح ل.

قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ أَيْ مِنْ تَقْدِيمِ الْأُمِّ عَلَى أُمَّهَاتِهَا لِوُفُورِ شَفَقَتِهَا وَقُدِّمَتْ أُمَّهَاتُ الْأُمِّ عَلَى الْأَبِ، لِأَنَّهَا بِالنِّسَاءِ أَلْيَقُ وَقُدِّمَ الْأَبُ عَلَى أُمَّهَاتِهِ، لِأَنَّهُ أَقْوَى وَقُدِّمَتْ أُمَّهَاتُ الْأُمِّ عَلَى أُمَّهَاتِ الْأَبِ لِقُوَّتِهِنَّ اهـ.

قَوْلُهُ: (الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ مِنْ الْحَوَاشِي) يَرُدُّ عَلَيْهِ تَقْدِيمُ الْخَالَةِ عَلَى بِنْتِ الْأَخِ وَالْأُخْتِ؛ إذْ قَدْ وُجِدَ التَّقْدِيمُ وَلَا أَقْرَبِيَّةَ، تَأَمَّلْ شَوْبَرِيٌّ.

قَوْلُهُ: (قُدِّمَتْ الْأُنْثَى) فَتُقَدَّمُ أُخْتٌ عَلَى أَخٍ وَبِنْتُ أَخٍ عَلَى ابْنِ أَخٍ شَرْحَ الْمَنْهَجِ: وَقَوْلُهُ: عَلَى أَخٍ وَلَوْ شَقِيقًا وَقَوْلُهُ: وَبِنْتُ أَخٍ أَيْ وَلَوْ مِنْ الْأُمِّ، وَقَوْلُهُ عَلَى ابْنِ أَخٍ أَيْ وَلَوْ لِأَبَوَيْنِ.

قَوْلُهُ: (أَصْبَرُ) أَيْ أَشَدُّ صَبْرًا وَتَجَلُّدًا عَلَى تَحَمُّلِ الْمَشَاقِّ، وَقَوْلُهُ: أَبْصَرُ أَيْ أَشَدُّ بَصِيرَةً أَيْ عِلْمًا بِأَمْرِ الْحَضَانَةِ فَهُوَ عَطْفٌ مُغَايِرٌ.

قَوْلُهُ: (ذُكُورَةً) كَعَمَّيْنِ أَوْ أُنُوثَةً كَخَالَتَيْنِ.

قَوْلُهُ: (فَلَا يُقَدَّمُ عَلَى الذَّكَرِ) أَيْ

ص: 107

نَدْبًا) بَيْنَ أَبَوَيْهِ إنْ صَلَحَا لِلْحَضَانَةِ بِالشُّرُوطِ الْآتِيَةِ، وَلَوْ فَضَلَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ دِينًا، أَوْ مَالًا أَوْ مَحَبَّةً.

(فَأَيُّهُمَا اخْتَارَهُ سُلِّمَ إلَيْهِ) " لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «خَيَّرَ غُلَامًا بَيْنَ أَبِيهِ وَأُمِّهِ» .

رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ. وَالْغُلَامَةُ كَالْغُلَامِ فِي الِانْتِسَابِ؛ وَلِأَنَّ الْمَقْصِدَ بِالْكَفَالَةِ الْحِفْظُ لِلْوَلَدِ، وَالْمُمَيِّزُ أَعْرَفُ بِحِفْظِهِ فَيُرْجَعُ إلَيْهِ.

وَسِنُّ التَّمْيِيزِ غَالِبًا سَبْعُ سِنِينَ، أَوْ ثَمَانٍ تَقْرِيبًا وَقَدْ يَتَقَدَّمُ عَلَى السَّبْعِ وَقَدْ يَتَأَخَّرُ عَنْ الثَّمَانِ.

فَمَدَارُهُ عَلَيْهِ لَا عَلَى السِّنِّ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَيُعْتَبَرُ فِي تَمْيِيزِهِ أَنْ يَكُونَ عَارِفًا بِأَسْبَابِ الِاخْتِيَارِ.

وَإِلَّا أُخِّرَ إلَى حُصُولِ ذَلِكَ وَهُوَ مَوْكُولٌ إلَى اجْتِهَادِ الْقَاضِي وَيُخَيَّرُ أَيْضًا بَيْنَ أُمٍّ وَإِنْ عَلَتْ وَجَدٍّ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الْحَوَاشِي كَأَخٍ، أَوْ عَمٍّ، أَوْ ابْنِهِ كَالْأَبِ بِجَامِعِ الْعُصُوبَةِ كَمَا يُخَيَّرُ بَيْنَ أَبٍ وَأُخْتٍ لِغَيْرِ أَبٍ، أَوْ خَالَةٍ كَالْأُمِّ وَلَهُ بَعْدَ اخْتِيَارِ أَحَدِهِمَا تَحَوُّلٌ

ــ

[حاشية البجيرمي]

فِي مَحَلٍّ لَوْ كَانَ أُنْثَى تَقَدَّمَ عَلَيْهِ شَرْحُ الرَّوْضِ. فَلَوْ كَانَ لِلْمَحْضُونِ أَخَوَانِ ذَكَرٌ وَخُنْثَى جُعِلَ الْخُنْثَى كَالذَّكَرِ فَيُقْرَعُ بَيْنَهُمَا، وَلَا يُجْعَلُ كَالْأُنْثَى حَتَّى يُقَدَّمَ عَلَى الذَّكَرِ بِدُونِ قُرْعَةٍ، وَقَوْلُهُ:" صُدِّقَ بِيَمِينِهِ " أَيْ فَيُقَدَّمُ عَلَى الذَّكَرِ عَلَى غَيْرِ قُرْعَةٍ لِثُبُوتِ أُنُوثَتِهِ بِيَمِينِهِ وَانْظُرْ هَلَّا قَالَ الشَّارِحُ: فَلَا يُقَدَّمُ عَلَيْهِ وَمَا نُكْتَةُ الْإِظْهَارِ فِي مَحَلِّ الْإِضْمَارِ.؟

قَوْلُهُ: (ثُمَّ الْمُمَيِّزُ) وَهُوَ مَنْ وَصَلَ إلَى حَالَةٍ بِحَيْثُ يَأْكُلُ وَحْدَهُ، وَيَشْرَبُ وَحْدَهُ، وَيَسْتَنْجِي وَحْدَهُ، وَلَا يَتَقَيَّدُ بِسَبْعِ سِنِينَ، ق ل.

وَقَبْلَ التَّمْيِيزِ يَبْقَى عِنْدَ مَنْ هُوَ عِنْدَهُ. اهـ. شَيْخُنَا.

زَادَ فِي الْمَنْهَجِ إنْ افْتَرَقَ أَبَوَاهُ مِنْ النِّكَاحِ وَهُوَ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ كَمَا قَالَهُ سم عَلَى حَجّ: حَتَّى لَوْ كَانَتْ الْأُمُّ فِي نِكَاحِ الْأَبِ وَلَا يَأْتِيهَا إلَّا أَحْيَانًا كَانَ كَمَا لَوْ افْتَرَقَا فِي التَّخْيِيرِ كَمَا ذَكَرَهُ ع ش.

وَلِهَذَا أَسْقَطَهُ الشَّارِحُ هُنَا فَتَأَمَّلْهُ.

قَوْلُهُ: (إنْ صَلَحَا) فَإِنْ لَمْ يَصْلُحْ إلَّا أَحَدُهُمَا تَعَيَّنَ فَلَا يُخَيَّرُ.

قَوْلُهُ: (فَلَوْ فَضَلَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ دِينًا) أَيْ بِأَنْ كَانَا عَدْلَيْنِ لَكِنَّ أَحَدَهُمَا أَرْجَحُ عَدَالَةً لِمَا سَيَأْتِي أَنَّ الْفَاسِقَ لَا حَضَانَةَ لَهُ وَمُقْتَضَى الْقِيَاسِ أَنْ يَجْرِيَ مِثْلُ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْمُسْلِمِينَ بِأَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا أَعْدَلَ فِي دِينِهِ، وَيُقَدَّمُ الْيَهُودِيُّ أَوْ النَّصْرَانِيُّ عَلَى الْآخَرِ، إنْ كَانَ حَرْبِيًّا أَوْ مَجُوسِيًّا، أَوْ مُرْتَدًّا كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ.

قَوْلُهُ: (فَأَيُّهُمَا) مَوْصُولَةٌ مُبْتَدَأٌ وَجُمْلَةُ " اخْتَارَ " صِلَةٌ، وَالْعَائِدُ مَحْذُوفٌ أَيْ " اخْتَارَهُ " وَجُمْلَةُ " سُلِّمَ " خَبَرٌ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ تَخْيِيرُ الْوَلَدِ، وَإِنْ أَسْقَطَ أَحَدُهُمَا حَقَّهُ قَبْلَ التَّخْيِيرِ وَهُوَ كَذَلِكَ، خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ وَالرُّويَانِيِّ فَلَوْ امْتَنَعَ الْمُخْتَارُ كَذَلِكَ كَفَلَهُ الْآخَرُ، فَإِنْ رَجَعَ الْمُمْتَنِعُ مِنْهُمَا أُعِيدَ التَّخْيِيرُ، وَإِنْ امْتَنَعَ وَبَعْدَهُمَا مُسْتَحِقَّانِ لَهَا كَجَدٍّ وَجَدَّةٍ خُيِّرَ بَيْنَهُمَا، وَإِلَّا أُجْبِرَ عَلَيْهَا مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ، لِأَنَّهَا مِنْ جُمْلَةِ الْكَفَالَةِ، شَرْحَ م ر.

قَوْلُهُ: (خَيَّرَ غُلَامًا)، وَإِنَّمَا يُدْعَى عُرْفًا بِالْغُلَامِ الْمُمَيِّزِ فَصَحَّ الِاسْتِدْلَال بِهِ وَمِثْلُهُ الْغُلَامَةُ قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: الْغُلَامُ الِابْنُ الصَّغِيرُ ثُمَّ قَالَ قَالَ الْأَزْهَرِيُّ وَسَمِعْت الْعَرَبَ تَقُولُ لِلْمَوْلُودِ حِينَ يُولَدُ ذَكَرًا غُلَامٌ فَلَمْ يُخَصِّصُوا الْغُلَامَ بِالْمُمَيِّزِ. اهـ. ع ش عَلَى م ر.

قَوْلُهُ: (فِي الِانْتِسَابِ) صَوَابُهُ فِي التَّخْيِيرِ وَكَتَبَ بَعْضُهُمْ قَوْلَهُ: فِي الِانْتِسَابِ أَيْ عِنْدَ الِاشْتِبَاهِ فِيمَا إذَا وَطِئَ رَجُلَانِ امْرَأَةً بِشُبْهَةٍ. وَأَتَتْ بِوَلَدٍ يُمْكِنُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا فَإِنَّهُ يُعْرَضُ عَلَى الْقَائِفِ فَإِنْ أَلْحَقَهُ بِأَحَدِهِمَا فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ.

فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ قَائِفٌ، أَوْ تَحَيَّرَ، أَوْ نَفَاهُ عَنْهُمَا، أَوْ أَلْحَقَهُ بِهِمَا انْتَسَبَ بَعْدَ كَمَالِهِ لِمَنْ يَمِيلُ طَبْعُهُ إلَيْهِ، سَوَاءٌ كَانَ الْوَلَدُ ذَكَرًا، أَوْ أُنْثَى.

قَوْلُهُ: (وَقَدْ يَتَقَدَّمُ) أَيْ التَّمْيِيزُ عَلَى السَّبْعِ إلَخْ، وَظَاهِرُ إنَاطَةِ الْحُكْمِ بِالتَّمْيِيزِ، أَنَّهُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى بُلُوغِهِ سَبْعَ سِنِينَ وَأَنَّهُ إذَا جَاوَزَهَا بِلَا تَمْيِيزٍ بَقِيَ عِنْدَ أُمِّهِ وَالثَّانِي ظَاهِرٌ.

، وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي كَوْنِهِ لَا يُؤْمَرُ بِالصَّلَاةِ قَبْلَ السَّبْعِ، وَإِنْ مَيَّزَ أَنَّهُ لَا يُخَيَّرُ حَيْثُ لَمْ يَبْلُغْهَا وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ عَدَمَ الْأَمْرِ بِالصَّلَاةِ لِمَا فِيهَا مِنْ الْمَشَقَّةِ فَخُفِّفَ عَنْهُ حَيْثُ لَمْ يَبْلُغْ السَّبْعَ بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّ الْمَدَارَ فِيهِ عَلَى مَعْرِفَةِ مَا فِيهِ صَلَاحُ نَفْسِهِ وَعَدَمُهُ فَيُقَيَّدُ بِالتَّمْيِيزِ، وَإِنْ لَمْ يُجَاوِزْ السَّبْعَ. اهـ. ع ش عَلَى م ر.

قَوْلُهُ: (فَمَدَارُهُ) أَيْ التَّخْيِيرِ، وَقَوْلُهُ: عَلَيْهِ أَيْ التَّمْيِيزِ قَوْلُهُ: (وَيُعْتَبَرُ فِي تَمْيِيزِهِ) ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ ذَلِكَ دَاخِلٌ فِي حَدِّ التَّمْيِيزِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: فِي تَخْيِيرِهِ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ " فِي " بِمَعْنَى " مَعَ " قَوْلُهُ: (بِأَسْبَابِ الِاخْتِيَارِ) وَهِيَ الدِّينُ وَالْمَحَبَّةُ وَكَثْرَةُ الْمَالِ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا يَقْتَضِي الْمَيْلَ. اهـ. شَيْخُنَا.

قَوْلُهُ: (إلَى حُصُولِ ذَلِكَ) أَيْ مَا ذَكَرَ مِنْ الْمَعْرِفَةِ وَقَوْلُهُ: وَهُوَ أَيْ حُصُولُ ذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (وَيُخَيَّرُ) أَيْ الْمُمَيِّزُ الَّذِي لَا أَبَ لَهُ أَيْضًا بَيْنَ أُمٍّ، وَإِنْ عَلَتْ وَجَدٍّ، وَإِنْ عَلَا م د وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمَتْنِ: يُخَيَّرُ بَيْنَ أَبَوَيْهِ لَيْسَ قَيْدًا.

قَوْلُهُ: (أَوْ غَيْرِهِ) أَيْ بَعْدَ فَقْدِ الْجَدِّ.

قَوْلُهُ: (مِنْ الْحَوَاشِي) أَيْ الذُّكُورِ مِنْ الْعَصَبَاتِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ: بِجَامِعِ الْعُصُوبَةِ ع ش.

قَوْلُهُ: (كَمَا يُخَيَّرُ) حَيْثُ لَا أُمَّ بَيْنَ أَبٍ وَأُخْتٍ لِغَيْرِ أَبٍ وَلَوْ لِأُمٍّ

ص: 108

لِلْآخَرِ، وَإِنْ تَكَرَّرَ مِنْهُ ذَلِكَ، لِأَنَّهُ قَدْ يَظْهَرُ لَهُ الْأَمْرُ عَلَى خِلَافِ مَا ظَنَّهُ أَوْ يَتَغَيَّرُ حَالُ مَنْ اخْتَارَهُ.

قِيلَ: نَعَمْ إنْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ أَنَّ سَبَبَ تَكَرُّرِهِ قِلَّةُ تَمْيِيزِهِ تُرِكَ عِنْدَ مَنْ يَكُونُ عِنْدَهُ قَبْلَ التَّمْيِيزِ، فَإِنْ اخْتَارَ الْأَبَ ذَكَرٌ لَمْ يَمْنَعْهُ زِيَارَةَ أُمِّهِ، وَلَا يُكَلِّفُهَا الْخُرُوجَ لِزِيَارَتِهِ لِئَلَّا يَكُونَ سَاعِيًا فِي الْعُقُوقِ وَقَطْعِ الرَّحِمِ.

وَهُوَ أَوْلَى مِنْهَا بِالْخُرُوجِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِعَوْرَةٍ، وَهَلْ هَذَا عَلَى سَبِيلِ الْوُجُوبِ، أَوْ الِاسْتِحْبَابِ؟ قَالَ فِي الْكِفَايَةِ الَّذِي صَرَّحَ بِهِ الْبَنْدَنِيجِيُّ، وَدَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْمَاوَرْدِيُّ الْأَوَّلُ.

وَيَمْنَعُ الْأَبُ أُنْثَى إذَا اخْتَارَتْهُ مِنْ زِيَارَةِ أُمِّهَا لِتَأْلَفَ الصِّيَانَةَ وَعَدَمَ الْبُرُوزِ.

وَالْأُمُّ أَوْلَى مِنْهَا بِالْخُرُوجِ لِزِيَارَتِهَا وَلَا تُمْنَعُ الْأُمُّ زِيَارَةَ وَلَدَيْهَا عَلَى الْعَادَةِ كَيَوْمٍ فِي أَيَّامٍ لَا فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَا يَمْنَعُهَا مِنْ دُخُولِهَا بَيْتَهُ، وَإِذَا زَارَتْ لَا تُطِيلُ الْمُكْثَ وَهِيَ أَوْلَى

ــ

[حاشية البجيرمي]

مَعَ أَنَّ الْأُخْتَ لِلْأَبِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْأُخْتِ لِلْأُمِّ. اهـ. ح ل.

وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ عِنْدَ اجْتِمَاعِ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ يُقَدَّمُ الْأَبُ عَلَى سَائِرِ الْحَوَاشِي وَمِنْ جُمْلَتِهِمْ الْأُخْتُ وَالْخَالَةُ فَالْأَبُ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِمَا.

وَمُقْتَضَى مَا هُنَا أَنَّ الْمَحْضُونَ كَانَ قَبْلَ التَّمْيِيزِ عِنْدَ الْأُخْتِ، أَوْ الْخَالَةِ وَتَخَيَّرَهُ بَعْدَهُ بَيْنَ مَنْ كَانَ عِنْدَهَا وَبَيْنَ الْأَبِ وَهَذَا لَا يَأْتِي إلَّا عَلَى الْقَوْلِ الضَّعِيفِ الْقَائِلِ بِتَقْدِيمِهِمَا عَلَى الْأَبِ، فَلْيُتَأَمَّلْ وَلْيُحَرَّرْ.

وَيُجَابُ بِأَنَّهُ كَانَ قَبْلَ التَّمْيِيزِ عِنْدَ الْأَبِ فَيُخَيَّرُ بَعْدَ التَّمْيِيزِ بَيْنَ الْأَبِ وَالْأُخْتِ، أَوْ الْخَالَةِ عِنْدَ عَدَمِ أُمَّهَاتِهِ وَمَا الْمَانِعُ مِنْ ذَلِكَ.

ثُمَّ رَأَيْت فِي سم مَا نَصُّهُ: قَالَ فِي الْإِرْشَادِ: وَخُيِّرَ مُمَيِّزٌ بَيْنَ مُسْتَحِقِّهِ وَأُخْتٍ قَالَ شَارِحُهُ: وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يُخَيَّرُ بَيْنَ الْأَبِ وَالْأُخْتِ وَلَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْخَالَةِ قَالَ: وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ الْمُوَافِقُ لِمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا، وَمَا فِي الْمِنْهَاجِ مِنْ تَرْجِيحِ التَّخْيِيرِ بَيْنَ الْأَبِ وَالْأُخْتِ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الْخَالَةِ تَفْرِيعٌ عَلَى الْمَرْجُوحِ وَهُوَ تَقْدِيمُهُمَا عَلَى الْأَبِ قَبْلَ التَّمْيِيزِ.

قَوْلُهُ: (وَأُخْتٍ لِغَيْرِ أَبٍ) أَيْ شَقِيقَةٍ أَوْ لِأُمٍّ بِخِلَافِ الَّتِي لِلْأَبِ فَلَا يُخَيَّرُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْأَبِ، لِأَنَّهَا لَمْ تُدْلِ بِالْأُمِّ، سم مَعَ أَنَّ الْأُخْتَ لِلْأَبِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْأُخْتِ لِلْأُمِّ، ح ل أَيْ فَلَا يَصِحُّ إخْرَاجُهَا فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ كَأَبٍ وَأُخْتٍ وَيَحْذِفَ قَوْلَهُ: لِغَيْرِ أَبٍ وَمَا عَلَّلَ بِهِ سم لَا يَمْنَعُ حَقَّهَا، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْأُخْتَ لِلْأَبِ مُدْلِيَةٌ بِهِ وَهُوَ مَوْجُودٌ فَكَانَ مَانِعًا لَهَا، وَالْأُخْتُ الشَّقِيقَةُ تُدْلِي بِجِهَتَيْ الْأَبِ وَالْأُمِّ فَاعْتُبِرَتْ جِهَةُ الْأُمِّ وَكَذَا الْأُخْتُ لِلْأُمِّ، وَمَحَلُّ تَقْدِيمِ الْأُخْتِ لِلْأَبِ عَلَى الْأُخْتِ لِلْأُمِّ قَبْلَ التَّمْيِيزِ قَوْلُهُ:(وَلَهُ بَعْدَ اخْتِيَارِ أَحَدِهِمَا إلَخْ) أَيْ فَيُعْمَلُ بِاخْتِيَارِهِ الثَّانِي بَعْدَ اخْتِيَارِهِ الْأَوَّلِ فَيُحَوَّلُ إلَيْهِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِذَلِكَ الْإِبَاحَةَ الْمُقَابِلَةَ لِلتَّحْرِيمِ، لِأَنَّهُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ ع ش.

قَوْلُهُ: (لَيْسَ بِعَوْرَةٍ) مُقْتَضَاهُ وَلَوْ أَمْرَدَ جَمِيلًا. اهـ. ح ل.

قَوْلُهُ: (وَهَلْ هَذَا) أَيْ عَدَمُ مَنْعِهِ زِيَارَةَ أُمِّهِ.

قَوْلُهُ: (الْأَوَّلُ) مُعْتَمَدٌ.

قَوْلُهُ: (وَيَمْنَعُ الْأَبُ أُنْثَى) مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَمْنَعْهَا زَوْجُهَا، أَوْ كَانَتْ مُخَدَّرَةً فَيَجِبُ عَلَى الْأَبِ تَمْكِينُهَا مِنْ زِيَارَتِهَا سم لَكِنَّ فِي شَرْحِ م ر خِلَافَهُ فِي الْمُخَدَّرَةِ. اهـ. ع ش.

وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: وَيَمْنَعُ الْأَبُ أُنْثَى أَيْ نَدْبًا فَلَوْ أَطْلَقَهَا لِأُمِّهَا لَمْ يَحْرُمْ ع ش عَلَى م ر مَعَ زِيَادَةٍ.

قَوْلُهُ: (وَعَدَمُ الْبُرُوزِ) عَطْفُ سَبَبٍ عَلَى مُسَبَّبٍ.

قَوْلُهُ: (وَالْأُمُّ أَوْلَى مِنْهَا) ظَاهِرُهُ عَدَمُ الْفَرْقِ فِي الْأُمِّ بَيْنَ الْمُخَدَّرَةِ وَغَيْرِهَا وَهُوَ كَذَلِكَ. اهـ. م ر ع ش.

وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ فَإِنْ كَانَ لَهَا عُذْرٌ وَلَوْ بِتَخَدُّرِهَا، أَوْ مَنْعِ زَوْجِهَا أَرْسَلَتْ الْبِنْتُ إلَيْهَا اهـ.

قَوْلُهُ: (لَا فِي كُلِّ يَوْمٍ) هَذَا فِيمَنْ مَنْزِلُهَا بَعِيدٌ أَمَّا مَنْ مَنْزِلُهَا قَرِيبٌ فَلَا بَأْسَ بِدُخُولِهَا كُلَّ يَوْمٍ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ شَرْحَ م ر أج.

وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ قَرِيبَةِ الْمَنْزِلِ، وَبَعِيدَتِهِ، فَإِنَّ الْمَشَقَّةَ فِي حَقِّ الْبَعِيدَةِ إنَّمَا هِيَ عَلَى الْأُمِّ فَإِذَا تَحَمَّلَتْهَا وَأَتَتْ فِي كُلِّ يَوْمٍ لَمْ يَحْصُلْ لِلْبِنْتِ بِذَلِكَ مَشَقَّةٌ، فَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ الْبَعِيدَةِ وَالْقَرِيبَةِ قَالَهُ ع ش: قَالَ الرَّشِيدِيُّ: ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ وُجْهَةَ النَّظَرِ لِلْعُرْفِ فَإِنَّ الْعُرْفَ أَنَّ قَرِيبَ الْمَنْزِلِ كَالْجَارِ، يَتَرَدَّدُ كَثِيرًا بِخِلَافِ بَعِيدِهِ اهـ.

قَوْلُهُ: (وَلَا يَمْنَعُهَا مِنْ دُخُولِهَا بَيْتَهُ) أَيْ لَا يَجُوزُ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَتَدْخُلُهُ قَهْرًا عَلَيْهِ وَلَهَا أَنْ لَا تَكْتَفِيَ بِإِخْرَاجِ الْوَلَدِ إلَيْهَا عَلَى الْبَابِ ح ل.

قَالَ ق ل عَلَى الْجَلَالِ قِيلَ: يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَنْعُ الزَّوْجِ أُمَّ زَوْجَتِهِ مِنْ دُخُولِ بَيْتِهِ.

وَأُجِيبَ بِأَنَّ فِي هَذَا مَظِنَّةَ الْإِفْسَادِ عَلَيْهِ اهـ.

، وَفِي ع ش عَلَى م ر وَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا تَمْكِينُهُ مِنْ دُخُولِ الْمَنْزِلِ إذَا كَانَتْ مُسْتَحِقَّةً لِمَنْفَعَتِهِ، وَلَا زَوْجَ لَهَا بَلْ إنْ شَاءَتْ أَذِنَتْ لَهُ فِي الدُّخُولِ، حَيْثُ لَا رِيبَةَ وَلَا خَلْوَةَ، وَإِنْ شَاءَتْ أَخْرَجَتْهَا لَهُ وَعَلَيْهِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَ وُجُوبِ التَّمْكِينِ عَلَى الْأَبِ مِنْ الدُّخُولِ إلَى مَنْزِلِهِ حَيْثُ اخْتَارَتْهُ الْأُنْثَى وَبَيْنَ هَذَا بِتَيَسُّرِ مُفَارَقَةِ الْأَبِ لِلْمَنْزِلِ عِنْدَ دُخُولِ الْأُمِّ بِلَا مَشَقَّةٍ بِخِلَافِ الْأُمِّ، فَإِنَّهُ قَدْ يَشُقُّ عَلَيْهَا مُفَارَقَةُ الْمَنْزِلِ عِنْدَ دُخُولِهِ فَرُبَّمَا جَرَّ ذَلِكَ إلَى نَحْوِ الْخَلْوَةِ اهـ فَافْهَمْهُ فَإِنَّهُ نَفِيسٌ.

قَوْلُهُ: (وَهِيَ) أَيْ الْأُمُّ أَوْلَى بِتَمْرِيضِهِمَا

ص: 109

بِتَمْرِيضِهَا عِنْدَهُ، لِأَنَّهَا أَشْفَقُ وَأَهْدَى إلَيْهِ هَذَا إنْ رَضِيَ بِهِ، وَإِلَّا فَعِنْدَهَا.

وَيَعُودُهُمَا وَيَحْتَرِزُ فِي الْحَالَيْنِ عَنْ الْخَلْوَةِ بِهَا، وَإِذَا اخْتَارَهَا ذَكَرٌ فَعِنْدَهَا لَيْلًا وَعِنْدَهُ نَهَارًا لِيُعَلِّمَهُ الْأُمُورَ الدِّينِيَّةَ وَالدُّنْيَوِيَّةَ عَلَى مَا يَلِيقُ بِهِ، لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ مَصَالِحِهِ.

فَمَنْ أَدَّبَ وَلَدَهُ صَغِيرًا سُرَّ بِهِ كَبِيرًا، يُقَالُ: الْأَدَبُ عَلَى الْآبَاءِ وَالصَّلَاحُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى، أَوْ اخْتَارَتْهَا أُنْثَى وَخُنْثَى كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ فَعِنْدَهَا لَيْلًا وَنَهَارًا لِاسْتِوَاءِ الزَّمَنَيْنِ فِي حَقِّهَا، وَيَزُورُهَا الْأَبُ عَلَى الْعَادَةِ وَلَا يَطْلُبُ إحْضَارَهَا عِنْدَهُ، وَإِنْ اخْتَارَهُمَا مُمَيِّزٌ أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا وَيَكُونُ عِنْدَ مَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ مِنْهُمَا، أَوْ لَمْ يَخْتَرْ وَاحِدًا مِنْهُمَا، فَالْأُمُّ أَوْلَى، لِأَنَّ الْحَضَانَةَ لَهَا وَلَمْ يَخْتَرْ غَيْرَهَا.

(وَشَرَائِطُ) اسْتِحْقَاقِ (الْحَضَانَةِ سَبْعَةٌ) وَتَرَكَ سِتَّةً كَمَا سَتَعْرِفُهُ: أَحَدُهُمَا (الْعَقْلُ) فَلَا حَضَانَةَ لِمَجْنُونٍ، وَإِنْ كَانَ جُنُونُهُ مُتَقَطِّعًا، لِأَنَّهَا وِلَايَةٌ وَلَيْسَ هُوَ مِنْ أَهْلِهَا.

لِأَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى مِنْهُ الْحِفْظُ وَالتَّعَهُّدُ بَلْ هُوَ فِي نَفْسِهِ يَحْتَاجُ إلَى مَنْ يَحْضُنُهُ.

نَعَمْ إنْ كَانَ يَسِيرًا كَيَوْمٍ فِي سَنَةٍ كَمَا فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ لَمْ تَسْقُطْ الْحَضَانَةُ كَمَرَضٍ يَطْرَأُ وَيَزُولُ.

(وَ) ثَانِيهَا الْحُرِّيَّةُ فَلَا حَضَانَةَ لِرَقِيقٍ وَلَوْ مُبَعَّضًا، وَإِنْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ، لِأَنَّهَا وِلَايَةٌ وَلَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا، وَلِأَنَّهُ مَشْغُولٌ بِخِدْمَةِ سَيِّدِهِ، وَإِنَّمَا لَمْ يُؤَثِّرْ إذْنُهُ، لِأَنَّهُ قَدْ يَرْجِعُ فَيُشَوِّشُ أَمْرَ الْوَلَدِ.

وَيُسْتَثْنَى مَا لَوْ أَسْلَمَتْ أُمُّ وَلَدِ الْكَافِرِ، فَإِنَّ وَلَدَهَا يَتْبَعُهَا وَحَضَانَتَهُ لَهَا، مَا لَمْ تُنْكَحْ

ــ

[حاشية البجيرمي]

فَلَوْ مَاتَا أَوْ أَحَدُهُمَا فَلَيْسَ لِلْأَبِ مَنْعُ الْأُمِّ مِنْ حُضُورِ التَّجْهِيزِ فِي بَيْتِهِ وَلَهُ مَنْعُهَا زِيَارَةَ قَبْرٍ فِي مِلْكِهِ وَلَوْ تَنَازَعَا فِي مَحَلِّ دَفْنِهِ أُجِيبَ الْأَبُ، لِأَنَّ الْمُؤْنَةَ عَلَيْهِ وَهَذَا مِنْ تَتِمَّتِهَا وَتَوَابِعِهَا.

بِرْمَاوِيٌّ وَق ل عَلَى الْجَلَالِ وَعِبَارَةُ ع ش عَلَى م ر وَلَوْ مَاتَ فَقَالَتْ أُمُّهُ: ادْفِنْهُ فِي تُرْبَتِي وَقَالَ الْأَبُ: بَلْ فِي تُرْبَتِي كَانَ الْمُجَابُ الْأُمَّ عَلَى مَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيّ وَبَحَثَ ابْنُ حَجَرٍ أَنَّ الْمُجَابَ الْأَبُ وَمِثْلُهُ م ر وَمَحَلُّهُ حَيْثُ لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهِ نَقْلٌ مُحَرَّمٌ كَأَنْ مَاتَ عِنْدَ أُمِّهِ وَالْأَبُ فِي غَيْرِ بَلَدِهَا اهـ.

وَالْمُرَادُ بِتُرْبَةِ أَحَدِهِمَا التُّرْبَةُ الَّتِي اعْتَادَ أَحَدُهُمَا الدَّفْنَ فِيهَا وَلَوْ مُسَبَّلَةً كَمَا فِي ع ش اهـ.

قَوْلُهُ: (فِي الْحَالَيْنِ) وَهُمَا كَوْنُهُ عِنْدَهُ وَكَوْنُهُ عِنْدَهَا.

قَوْلُهُ: (وَإِذَا اخْتَارَهَا) أَيْ الْأُمَّ ذَكَرٌ إلَخْ.

قَوْلُهُ: (فَعِنْدَهَا لَيْلًا إلَخْ) هَذَا جَرَى عَلَى الْغَالِبِ فَلَوْ كَانَتْ حِرْفَةُ الْأَبِ لَيْلًا فَالْأَقْرَبُ أَنَّ اللَّيْلَ فِي حَقِّهِ كَالنَّهَارِ فِي حَقِّ غَيْرِهِ حَتَّى يَكُونَ عِنْدَ الْأَبِ لَيْلًا، لِأَنَّهُ وَقْتُ التَّعَلُّمِ وَالتَّعْلِيمِ وَعِنْدَ الْأُمِّ نَهَارًا كَمَا قَالُوهُ فِي الْقَسْمِ بَيْنَ الزَّوْجَاتِ شَرْحَ الرَّوْضِ فَالْمُرَادُ بِاللَّيْلِ عَدَمُ وَقْتِ الْحِرْفَةِ وَلَوْ نَهَارًا، وَعَكْسُهُ كَمَا فِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ.

قَوْلُهُ: (وَعِنْدَهُ) أَيْ الْأَبِ وَإِنْ عَلَا وَمِثْلُهُ الْوَصِيُّ وَالْقَيِّمُ بِرْمَاوِيٌّ.

قَوْلُهُ: (عَلَى مَا يَلِيقُ بِهِ) أَيْ الْوَلَدِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ صَنْعَةُ أَبِيهِ بَلْ الْوَاجِبُ اللَّائِقِ بِهِ هُوَ كَابْنِ حِمَارٍ لَكِنَّهُ عَاقِلٌ حَاذِقٌ جِدًّا فَلَا يَلِيقُ بِهِ أَنْ يَكُونَ حِمَارًا وَكَابْنِ عَالِمٍ فِي غَايَةٍ مِنْ الْبَلَادَةِ وَعَدَمِ الْمَعْرِفَةِ، فَلَا يَلِيقُ بِهِ أَنْ يَكُونَ عَالِمًا، وَهَكَذَا فَلِذَلِكَ اعْتَبَرَ الْمُصَنِّفُ اللَّائِقَ بِهِ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ مَصَالِحِهِ) وَأُجْرَةُ ذَلِكَ فِي مَالِ الْوَلَدِ إنْ وُجِدَ، وَإِلَّا فَعَلَى مَنْ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ م ر وَلَوْ كَانَ أَبُوهُ فِي غَيْرِ بَلَدِ أُمِّهِ وَلَزِمَ عَلَى إقَامَتِهِ مَعَهَا ضَيَاعُهُ فَالْحَضَانَةُ لِأَبِيهِ.

قَوْلُهُ: (يُقَالُ الْأَدَبُ عَلَى الْآبَاءِ وَالصَّلَاحُ عَلَى اللَّهِ) وَ " عَلَى " فِي الْأَوَّلِ لِلْوُجُوبِ وَالتَّأْكِيدِ، وَفِي الثَّانِي لِلْفَضْلِ وَالْكَرَمِ ق ل.

قَوْلُهُ: (عَلَى الْعَادَةِ) وَيُعْتَبَرُ فِي دُخُولِهِ عَلَى الْأُمِّ وُجُودُ مَحْرَمٍ، أَوْ نِسْوَةٍ ثِقَاتٍ وَيُحْتَرَزُ فِي زِيَارَتِهِ عَنْ الْخَلْوَةِ، نَعَمْ لَوْ كَانَتْ مُزَوَّجَةً وَمَنَعَهُ الزَّوْجُ مِنْ دُخُولِهِ بَيْتَهُ خَرَجَتْ إلَيْهِ إلَى الْبَابِ لِيَرَاهَا وَيَتَفَقَّدَهَا بِرْمَاوِيٌّ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْحَضَانَةَ لَهَا) أَيْ أَصَالَةً

قَوْلُهُ: (فَلَا حَضَانَةَ لِمَجْنُونٍ) وَكَذَا أَبْرَصُ وَأَجْذَمُ وَذُو مَرَضٍ دَائِمٍ يَشْغَلُهُ عَنْ أَحْوَالِ الْمَحْضُونِ وَلَا يَضُرُّ الْعَمَى لَكِنْ يُنِيبُ الْقَاضِي عَنْهُ كَالْمُغْمَى عَلَيْهِ زَمَنَ إغْمَائِهِ.

بِرْمَاوِيٌّ فَإِنْ زَادَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ انْتَقَلَتْ لِلْأَبْعَدِ.

قَوْلُهُ: (كَيَوْمٍ فِي سَنَةٍ) وَيُتَّجَهُ ثُبُوتُ الْحَضَانَةِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ لِوَلِيِّهِ. اهـ. م د.

قَوْلُهُ: (فَلَا حَضَانَةَ لِرَقِيقٍ) أَيْ عَلَى حُرٍّ، أَوْ رَقِيقٍ ابْتِدَاءً، أَوْ دَوَامًا. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.

قَوْلُهُ: (وَيُسْتَثْنَى إلَخْ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ فَلَا حَضَانَةَ لِرَقِيقٍ.

قَوْلُهُ: (وَحَضَانَتُهُ لَهَا) ظَاهِرُهُ، وَإِنْ وُجِدَ غَيْرُهَا كَأَنْ كَانَتْ أُمُّهَا مُسْلِمَةً حُرَّةً خَالِيَةً مِنْ الْمَوَانِعِ. اهـ. ع ش.

قَوْلُهُ: (مَا لَمْ تَنْكِحْ) فَلَوْ نَكَحَتْ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: صَارَ الْأَبُ أَحَقَّ بِالْوَلَدِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَلَدُ مُمَيِّزًا فَيُخَافَ أَنْ يَفْتِنَهُ عَنْ دِينِهِ فَلَا يُتْرَكَ عِنْدَهُ قَالَ النَّوَوِيُّ: الصَّحِيحُ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ أَنَّهُ لَا حَضَانَةَ لِكَافِرٍ عَلَى مُسْلِمٍ فَلَا حَضَانَةَ هُنَا لِلْأَبِ ز ي فَيَجْرِي فِي الْوَلَدِ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِي الشَّرْطِ الثَّالِثِ مِنْ قَوْلِهِ: فَيَحْضُنُهُ أَقَارِبُهُ الْمُسْلِمُونَ.

كَيْفَ هَذَا مَعَ أَنَّ أَبَاهُ كَافِرٌ فَلَيْسَ لَهُ أَقَارِبُ مُسْلِمُونَ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ لَهُ أُخْتٌ وَخَالَةٌ وَأَخٌ وَعَمٌّ أَسْلَمُوا وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ.

قَوْلُهُ: مَا لَمْ تَنْكِحْ

ص: 110

كَمَا حَكَاهُ فِي الرَّوْضَةِ فِي أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ، وَالْمَعْنَى فِيهِ كَمَا فِي الْمُهِمَّاتِ فَرَاغُهَا لِمَنْعِ السَّيِّدِ مِنْ قُرْبَانِهَا وَوُفُورِ شَفَقَتِهَا.

(وَ) ثَالِثُهَا (الدِّينُ) أَيْ الْإِسْلَامُ.

فَلَا حَضَانَةَ لِكَافِرٍ عَلَى مُسْلِمٍ؛ إذْ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَيْهِ وَلِأَنَّهُ رُبَّمَا فَتَنَهُ فِي دِينِهِ فَيَحْضُنَهُ أَقَارِبُهُ الْمُسْلِمُونَ عَلَى التَّرْتِيبِ الْمَارِّ.

فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ أَحَدٌ مِنْهُمْ حَضَنَهُ الْمُسْلِمُونَ، وَمُؤْنَتُهُ فِي مَالِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَعَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ.

فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَهُوَ مِنْ مَحَاوِيجِ الْمُسْلِمِينَ، وَيُنْزَعُ نَدْبًا مِنْ الْأَقَارِبِ الذِّمِّيِّينَ وَلَدٌ ذِمِّيٌّ وَصَفَ الْإِسْلَامَ وَتَثْبُتُ الْحَضَانَةُ لِلْكَافِرِ عَلَى الْكَافِرِ وَلِلْمُسْلِمِ عَلَى الْكَافِرِ بِالْأَوْلَى لِأَنَّ فِيهِ مَصْلَحَةً لَهُ.

(وَ) رَابِعُهَا وَخَامِسُهَا (الْعِفَّةُ وَالْأَمَانَةُ) جَمَعَ الْمُصَنِّفُ بَيْنَهُمَا لِتَلَازُمِهِمَا؛ إذْ الْعِفَّةُ بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ الْكَفُّ عَمَّا لَا يَحِلُّ وَلَا يُحْمَدُ قَالَهُ فِي الْمُحْكَمِ: وَالْأَمَانَةُ ضِدُّ الْخِيَانَةِ فَكُلُّ عَفِيفٍ أَمِينٌ وَعَكْسُهُ.

فَلَوْ عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ عَنْ الثَّالِثِ إلَى هُنَا بِالْعَدَالَةِ لَكَانَ أَخْصَرَ فَلَا حَضَانَةَ لِفَاسِقٍ، لِأَنَّ الْفَاسِقَ لَا يَلِي وَلَا يُؤْتَمَنُ.

وَلِأَنَّ الْمَحْضُونَ لَا حَظَّ لَهُ فِي حَضَانَتِهِ، لِأَنَّهُ يَنْشَأُ عَلَى طَرِيقَتِهِ، وَتَكْفِي الْعَدَالَةُ الظَّاهِرَةُ كَشُهُودِ النِّكَاحِ نَعَمْ إنْ وَقَعَ نِزَاعٌ فِي الْأَهْلِيَّةِ فَلَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِهَا عِنْدَ الْقَاضِي.

(وَ) سَادِسُهَا: (الْإِقَامَةُ) فِي بَلَدِ الطِّفْلِ بِأَنْ يَكُونَ أَبَوَاهُ مُقِيمَيْنِ فِي بَلَدٍ وَاحِدٍ، فَلَوْ أَرَادَ أَحَدُهُمَا سَفَرًا لَا لِنُقْلَةٍ كَحَجٍّ وَتِجَارَةٍ، فَالْمُقِيمُ أَوْلَى بِالْوَلَدِ مُمَيِّزًا

ــ

[حاشية البجيرمي]

فَإِنْ نَكَحَتْ انْتَقَلَتْ الْحَضَانَةُ لِأَهْلِهَا الْمُسْتَحِقِّينَ لَهَا لَا لِلْأَبِ لِكُفْرِهِ اهـ.

وَقَالَ ع ش: فَإِنْ نَكَحَتْ فَوَلِيُّهُ الْحَاكِمُ.

قَوْلُهُ: (وَالدِّينُ) أَيْ التَّوَافُقُ فِي الدِّينِ.

قَوْلُهُ: (فَلَا حَضَانَةَ لِكَافِرٍ عَلَى مُسْلِمٍ) أَيْ وَلَوْ بِاللَّفْظِ فَمَنْ وَصَفَ الْإِسْلَامَ مِنْ أَوْلَادِ الْكُفَّارِ نُزِعَ مِنْهُمْ وُجُوبًا احْتِرَامًا لِلْكَلِمَةِ وَيَحْضُنُهُ الْمُسْلِمُونَ، وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا مِنْ أَقَارِبِهِ، وَمُؤْنَتُهُ فِي مَالِهِ، ثُمَّ عَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُ، ثُمَّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَأَفْهَمَ كَلَامُهُمْ ثُبُوتَهَا لِلْكَافِرِ عَلَى الْكَافِرِ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَسَوَاءٌ فِيمَا ذُكِرَ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.

وَحَاصِلُهُ أَنَّ الصُّوَرَ أَرْبَعٌ: مُسْلِمٌ عَلَى مُسْلِمٍ، كَافِرٌ عَلَى كَافِرٍ، مُسْلِمٌ عَلَى كَافِرٍ فَفِي هَذِهِ الصُّوَرِ تَثْبُتُ الْحَضَانَةُ، وَالرَّابِعَةُ حَضَانَةُ الْكَافِرِ عَلَى الْمُسْلِمِ فَغَيْرُ صَحِيحَةٍ.

قَوْلُهُ: (فَهُوَ مِنْ مَحَاوِيجِ الْمُسْلِمِينَ) أَيْ مِنْ مُحْتَاجِي الْمُسْلِمِينَ فَتَكُونُ مُؤْنَتُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَعَلَى مَيَاسِيرِ الْمُسْلِمِينَ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا.

قَوْلُهُ (لِأَنَّ فِيهِ) أَيْ فِي الْمُسْلِمِ أَيْ فِي حَضَانَتِهِ مَصْلَحَةً لَهُ أَيْ الْوَلَدِ.

قَوْلُهُ: (وَالْأَمَانَةُ) ذَكَرَ ع ش فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى ابْنِ قَاسِمٍ الْغَزِّيِّ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَمَانَةِ أَمْنُهَا عَلَى حِفْظِ الطِّفْلِ بِأَنْ لَا يُخْشَى عَلَيْهِ مَعَهَا مَحْظُورٌ، وَعَلَيْهِ فَهِيَ مُغَايِرَةٌ لِلْعِفَّةِ،. اهـ. شَيْخُنَا.

قَوْلُهُ: (جَمَعَ الْمُصَنِّفُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْمَعْطُوفَاتِ فِيهَا جَمْعٌ بَيْنَ كُلِّ مَعْطُوفَيْنِ لَكِنْ إذَا ظَهَرَتْ حِكْمَةٌ بَيْنَ مَعْطُوفَيْنِ مُتَلَاصِقَيْنِ مِنْهَا يَنْبَغِي التَّنْبِيهُ عَلَيْهَا كَمَا هُنَا ق ل.

قَوْلُهُ: (لِتَلَازُمِهِمَا) فِيهِ نَظَرٌ مَعَ مَا ذَكَرَهُ فِيهِمَا فَلَوْ قَالَ: لِمَا بَيْنَهُمَا مِنْ الْعُمُومِ الْمُطْلَقِ لَكَانَ مُسْتَقِيمًا ق ل.

وَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا عُمُومٌ وَخُصُوصٌ وَجْهِيٌّ.

قَوْلُهُ: (عَمَّا لَا يَحِلُّ) أَيْ عَمَّا يَحْرُمُ فَيَخْرُجُ الْمَكْرُوهُ أَوْ عَمَّا لَا يَحِلُّ حِلًّا مُسْتَوِيَ الطَّرَفَيْنِ بِأَنْ لَمْ يَحِلَّ أَصْلًا وَهُوَ الْحَرَامُ، أَوْ يَحِلَّ حِلًّا غَيْرَ مُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ فَيَدْخُلُ الْمَكْرُوهُ وَهَذَا أَنْسَبُ بِقَوْلِهِ: وَلَا يُحْمَدُ أَيْ فَاعِلُهُ عَلَى فِعْلِهِ؛ إذْ الْمَكْرُوهُ لَا يُحْمَدُ فَاعِلُهُ عَلَى فِعْلِهِ، عَلَى أَنَّ الْعِفَّةَ تَكُونُ عَلَى تَرْكِ الْحَلَالِ فَضْلًا عَمَّا فِيهِ شُبْهَةٌ، وَلَا يُقَالُ لِهَذَا: خَائِنٌ، وَبِهَذَا عُلِمَ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ:" فَكُلُّ عَفِيفٍ أَمِينٌ وَعَكْسُهُ " غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ عَلَى أَنَّ هَذَا التَّعْبِيرَ غَيْرُ صَحِيحٍ هُنَا؛ إذْ الْكَلَامُ فِيمَا يُبْطِلُ الْحَضَانَةَ وَهُوَ مَا فِيهِ فِسْقٌ، كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ ق ل.

قَوْلُهُ: (فَلَوْ عَبَّرَ بِالْعَدَالَةِ) إنْ أَرَادَ بِالْعَدَالَةِ عَدَالَةَ الشَّهَادَةِ، شَمِلَ الشُّرُوطَ الْخَمْسَةَ السَّابِقَةَ، وَإِنْ أَرَادَ بِهَا عَدَالَةَ الرِّوَايَةِ، خَرَجَتْ الْحُرِّيَّةُ وَدَخَلَ غَيْرُهَا مِمَّا شَمِلَتْهُ عَدَالَةُ الشَّهَادَةِ، وَكُلٌّ غَيْرُ صَحِيحٍ ق ل نَعَمْ لَوْ عَبَّرَ الْمَتْنُ، بِعَدَمِ الْفِسْقِ لَكَانَ أَوْلَى، كَمَا إذَا أَسْلَمَ الْكَافِرُ، فَإِنَّهُ يُقَالُ لَهُ غَيْرُ فَاسِقٍ، لَا عَدْلٌ لِعَدَمِ حُصُولِ الْمَلَكَةِ الَّتِي تَحْصُلُ بِهَا الْعَدَالَةُ عِنْدَهُ وَتَكْفِي الْعَدَالَةُ الظَّاهِرَةُ، وَلَوْ قَبْلَ التَّسْلِيمِ وَيُصَدَّقُ فِي بَقَائِهَا بَعْدَهُ فَإِنْ نُوزِعَ فِيهَا قَبْلَهُ فَلَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِهَا عِنْدَ الْحَاكِمِ وَلَا بُدَّ فِي الشَّهَادَةِ مِنْ بَيَانِ السَّبَبِ كَالشَّهَادَةِ بِالْجُرْحِ،. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.

قَوْلُهُ: (إنْ وَقَعَ نِزَاعٌ) أَيْ قَبْلَ أَنْ يَتَسَلَّمَ الْحَاضِنُ الْمَحْضُونَ، وَإِلَّا قُبِلَ قَوْلُ الْحَاضِنِ فِي الْأَهْلِيَّةِ ق ل.

قَوْلُهُ: (بِأَنْ يَكُونَ أَبَوَاهُ مُقِيمَيْنِ إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: بِأَنْ يَكُونَ الْحَاضِرُ مُقِيمًا، لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي شَرَائِطِ اسْتِحْقَاقِ الْحَضَانَةِ، وَصَنِيعُ الشَّارِحِ بِقَوْلِهِ: بِأَنْ يَكُونَ إلَخْ لَا يُنَاسِبُ إلَّا كَوْنَ الْإِقَامَةِ شَرْطًا لِتَخْيِيرِ الْوَلَدِ بَيْنَ أَبَوَيْهِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَنْ لَهُ الْحَضَانَةُ إنْ أَرَادَ سَفَرَ غَيْرِ نُقْلَةٍ، كَانَ الْوَلَدُ مَعَ الْمُقِيمِ حَتَّى يَرْجِعَ الْمُسَافِرُ، وَإِنْ

ص: 111

كَانَ، أَوْ لَا حَتَّى يَعُودَ الْمُسَافِرُ لِخَطَرِ السَّفَرِ، أَوْ لِنُقْلَةٍ فَالْعَصَبَةُ مِنْ أَبٍ، أَوْ غَيْرِهِ وَلَوْ غَيْرَ مَحْرَمٍ أَوْلَى بِهِ مِنْ الْأُمِّ حِفْظًا لِلنَّسَبِ إنْ أَمِنَ خَوْفًا فِي طَرِيقِهِ وَمَقْصِدِهِ، وَإِلَّا فَالْأُمُّ أَوْلَى.

وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَنَّهُ لَا تُسَلَّمُ مُشْتَهَاةٌ لِغَيْرِ مَحْرَمٍ كَابْنِ عَمٍّ حَذَرًا مِنْ الْخَلْوَةِ الْمُحَرَّمَةِ، بَلْ لِثِقَةٍ تُرَافِقُهُ كَبِنْتِهِ.

(وَ) سَابِعُهَا (الْخُلُوُّ) أَيْ خُلُوُّ الْحَاضِنَةِ (مِنْ زَوْجٍ) لَا حَقَّ لَهُ فِي الْحَضَانَةِ فَلَا حَضَانَةَ لِمَنْ تَزَوَّجَتْ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا.

وَإِنْ رَضِيَ أَنْ يَدْخُلَ الْوَلَدُ دَارِهِ لِخَبَرِ: «أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ ابْنِي هَذَا كَانَ بَطْنِي لَهُ وِعَاءً وَحِجْرِي لَهُ حِوَاءً وَثَدْيِي لَهُ سِقَاءً، وَإِنَّ أَبَاهُ طَلَّقَنِي وَزَعَمَ أَنْ يَنْزِعَهُ مِنِّي فَقَالَ صلى الله عليه وسلم أَنْتِ أَحَقُّ بِهِ مَا لَمْ تَنْكِحِي» وَلِأَنَّهَا مَشْغُولَةٌ عَنْهُ بِحَقِّ الزَّوْجِ فَإِنْ كَانَ لَهُ فِيهَا حَقٌّ كَعَمِّ الطِّفْلِ وَابْنِ عَمِّهِ فَلَا يَبْطُلُ حَقُّهَا بِنِكَاحِهِ، لِأَنَّ مَنْ

ــ

[حاشية البجيرمي]

أَرَادَ سَفَرَ نُقْلَةٍ، كَانَ الْوَلَدُ مَعَ الْعَصَبَةِ سَوَاءٌ كَانَ الْمُقِيمُ، أَوْ الْمُسَافِرُ إذَا أَمِنَ الطَّرِيقَ وَالْمَقْصِدَ، وَإِلَّا فَالْمُقِيمُ أَوْلَى.

قَوْلُهُ: (فَلَوْ أَرَادَ أَحَدُهُمَا) أَيْ الْأَبَوَيْنِ كَمَا هُوَ صَرِيحُ كَلَامِهِ، وَهُوَ لَا يُنَاسِبُ التَّعْمِيمَ بَعْدَهُ بِقَوْلِهِ: فَالْعَصَبَةُ مِنْ أَبٍ، أَوْ غَيْرِهِ فَتَأَمَّلْ ق ل.

وَقَالَ بَعْضُهُمْ: فَلَوْ أَرَادَ أَحَدُهُمَا أَيْ أَحَدُ مَنْ لَهُ حَقٌّ فِي الْحَضَانَةِ.

قَوْلُهُ: (فَالْمُقِيمُ أَوْلَى) مَا لَمْ يَكُنْ الْمُقِيمُ الْأُمَّ وَكَانَ فِي بَقَائِهِ مَعَهَا ضَيَاعُ مَصْلَحَةٍ، كَمَا لَوْ كَانَ يُعَلِّمُهُ الْقُرْآنَ، أَوْ الْحِرْفَةَ وَهُمَا بِبَلَدٍ لَا يَقُومُ غَيْرُهُ مَقَامَهُ فَالْأَبُ أَحَقُّ بِذَلِكَ.

كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْبِرْمَاوِيِّ وَمِثْلُهُ فِي الْعَنَانِيِّ.

قَوْلُهُ: (لِخَطَرِ السَّفَرِ) طَالَتْ مُدَّتُهُ، أَوْ لَا، وَلَوْ أَرَادَ كُلٌّ مِنْهُمَا سَفَرَ حَاجَةٍ فَالْأُمُّ أَوْلَى عَلَى الْمُخْتَارِ فِي الرَّوْضَةِ شَرْحِ الْمَنْهَجِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْحَاجَةَ لَيْسَتْ بِقَيْدٍ بَلْ مِثْلُهَا النُّزْهَةُ، وَعِبَارَةُ م ر فَإِنْ أَرَادَهُ كُلٌّ مِنْهُمَا وَاخْتَلَفَا مَقْصِدًا وَطَرِيقًا كَانَ عِنْدَ الْأُمِّ، وَإِنْ كَانَ سَفَرُهَا أَطْوَلَ وَمَقْصِدُهَا أَبْعَدَ، اهـ.

أَيْ: لِأَنَّ السَّفَرَ فِيهِ مَشَاقُّ، وَالْأُمُّ أَشْفَقُ عَلَيْهِ مِنْ الْأَبِ وَالْمُرَادُ بِخَطَرِ السَّفَرِ مَشَقَّتُهُ.

قَوْلُهُ: (أَوْ لِنُقْلَةٍ) وَيُصَدَّقُ فِي قَصْدِهَا فَإِنْ رَدَّ عَلَيْهَا الْيَمِينَ حُلِّفَتْ وَأَمْسَكَتْهُ، أَيْ الْمَحْضُونَ بِرْمَاوِيٌّ.

قَوْلُهُ: (مِنْ أَبٍ) أَيْ وَلَوْ كَانَ سَفَرُهُ فِي بَادِيَةٍ وَالْأُمُّ فِي مَدِينَةٍ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْأَبُ أَوَّلًا فِي الْبَلَدِ الَّتِي فِيهَا الْأُمُّ أَمْ لَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَبٌ وَلَا جَدٌّ وَأَرَادَ الْأَخُ الِانْتِقَالَ وَهُنَاكَ عَمٌّ، أَوْ ابْنُ عَمٍّ مُقِيمَانِ فَلَيْسَ لِلْأَخِ أَخْذُهُ بِخِلَافِ الْأَبِ وَالْجَدِّ. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.

وَقَوْلُهُ: (أَوْلَى بِهِ مِنْ الْأُمِّ) أَوْ غَيْرِهَا وَقَالَ ق ل: قَوْلُهُ: أَوْلَى مِنْ الْأُمِّ كَانَ الْأَنْسَبُ بِمَا قَبْلَهُ أَنْ يَقُولَ: أَوْلَى مِنْ غَيْرِ الْعَصَبَةِ، وَقَوْلُهُ: مِنْ الْأُمِّ نَعَمْ إنْ سَافَرَتْ مَعَهُ اسْتَمَرَّ حَقُّهَا، كَمَا يَعُودُ لَهَا إذَا عَادَ مِنْ سَفَرِهِ بِرْمَاوِيٌّ قَوْلُهُ:(إنْ أَمِنَ خَوْفًا فِي طَرِيقِهِ إلَخْ) أَيْ وَلَوْ كَانَ وَقْتُ شِدَّةِ حَرٍّ، أَوْ بَرْدٍ وَتَضَرَّرَ بِذَلِكَ، وَيَجُوزُ لَهُ سُلُوكُ الْبَحْرِ بِهِ وَلَيْسَ خَوْفُ الطَّاعُونِ مَانِعًا، وَإِنْ وُجِدَ فِي أَمْثَالِهِ وَيَحْرُمُ دُخُولُ بَلَدِ الطَّاعُونِ وَالْخُرُوجُ مِنْهَا لِغَيْرِ حَاجَةٍ بِرْمَاوِيٌّ.

قَوْلُهُ: (وَإِلَّا) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَأْمَنْ الْخَوْفَ قَوْلُهُ: (وَقَدْ عَلِمَ. . . إلَخْ) هَذَا تَقْيِيدٌ لِقَوْلِهِ: فَالْعَصَبَةُ مِنْ أَبٍ وَغَيْرِهِ وَلَوْ غَيْرَ مَحْرَمٍ أَوْلَى فَإِنَّهُ شَامِلٌ لِابْنِ الْعَمِّ وَالْمَحْضُونُ أُنْثَى مُشْتَهَاةٌ.

قَوْلُهُ: (وَالْخُلُوُّ مِنْ زَوْجٍ) قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي حُصُولِ الْخُلُوِّ مِنْ الزَّوْجِ بَيْنَ الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ وَغَيْرِهِ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ الْمَنْصُوصُ، لِأَنَّهُ إنَّمَا يَسْقُطُ حَقُّهَا بِالنِّكَاحِ لِاشْتِغَالِهَا بِالِاسْتِمْتَاعِ، وَبِالطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ يَحْرُمُ الِاسْتِمْتَاعُ كَمَا يَحْرُمُ بِالطَّلَاقِ الْبَائِنِ، شَرْحُ الْمَنُوفِيِّ مَعَ تَصَرُّفٍ.

قَوْلُهُ: (فَلَا حَضَانَةَ لِمَنْ تَزَوَّجَتْ) أَيْ لِامْرَأَةٍ تَزَوَّجَتْ بِمَنْ لَا حَقَّ لَهُ فِي الْحَضَانَةِ فَإِنْ طَلُقَتْ عَادَ اسْتِحْقَاقُهَا، وَعِبَارَةُ م ر: أَوْ طَلُقَتْ مَنْكُوحَةٌ، وَلَوْ رَجْعِيًّا لَحَضَنَتْ حَالًا، وَإِنْ لَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا إنْ رَضِيَ الْمُطَلِّقُ ذُو الْمَنْزِلِ بِدُخُولِ الْوَلَدِ وَذَلِكَ لِزَوَالِ الْمَانِعِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ أَسْقَطَتْ الْحَاضِنَةُ حَقَّهَا انْتَقَلَتْ لِمَنْ يَلِيهَا فَإِذَا رَجَعَتْ عَادَ حَقُّهَا اهـ بِحُرُوفِهِ.

قَوْلُهُ: (وَإِنْ لَمْ يُدْخَلْ بِهَا) أَيْ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ، وَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ غَائِبًا، وَعِبَارَةُ مَتْنِ الْمَنْهَجِ وَلَا نَاكِحَةُ غَيْرِ أَبِيهِ اهـ.

وَالْمُرَادُ غَيْرُ أَبِيهِ وَإِنْ عَلَا كَمَا فِي زَوْجَةِ الْجَدِّ أَبِي الْأَبِ وَذَلِكَ بِأَنْ يُزَوِّجَ ابْنَهُ بِنْتَ زَوْجَتِهِ مِنْ غَيْرِهِ فَتَلِدَ مِنْهُ وَيَمُوتَ أَبُوهُ وَأُمُّهُ فَتَحْضُنَهُ زَوْجَةُ جَدِّهِ، نَعَمْ لَوْ خَالَعَتْهُ عَلَى حَضَانَتِهِ وَلَوْ مَعَ مَالٍ آخَرَ، لَمْ تَسْقُطْ حَضَانَتُهَا بِالنِّكَاحِ، لِأَنَّهُ عَقْدُ إجَارَةٍ وَهُوَ لَازِمٌ، كَمَا قَالَهُ الْبِرْمَاوِيُّ

قَوْلُهُ: (وَإِنْ رَضِيَ) أَيْ الْغَيْرُ أَيْ وَلَمْ يَرْضَ الْأَبُ الْمَذْكُورُ، وَإِلَّا اسْتَمَرَّتْ لَهَا وَلَا حَقَّ لِنَاكِحَةِ أَبِي الْأُمِّ. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.

قَوْلُهُ: (وِعَاءً) بِالنَّصْبِ خَبَرٌ لِ كَانَ، وَقَوْلُهُ حِوَاءً أَيْ حَاوِيًا لَهُ.

قَوْلُهُ: (وَزَعَمَ) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: زَعَمَ مِنْ بَابِ قَتَلَ وَفِي الزَّعْمِ ثَلَاثُ لُغَاتٍ فَتْحُ الزَّايِ بِالْحِجَازِ وَضَمُّهَا لِأَسَدٍ وَكَسْرُهَا لِبَعْضِ قَيْسٍ وَيُطْلَقُ بِمَعْنَى الْقَوْلِ وَمِنْهُ زَعَمَتْ الْحَنَفِيَّةُ وَزَعَمَ سِيبَوَيْهِ أَيْ قَالَ

ص: 112

نَكَحَتْهُ لَهُ حَقٌّ فِي الْحَضَانَةِ وَشَفَقَتُهُ تَحْمِلُهُ عَلَى رِعَايَتِهِ فَيَتَعَاوَنَانِ عَلَى كَفَالَتِهِ.

وَثَامِنُهَا: أَنْ تَكُونَ الْحَاضِنَةُ مُرْضِعَةً لِلطِّفْلِ، إنْ كَانَ الْمَحْضُونُ رَضِيعًا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا لَبَنٌ، أَوْ امْتَنَعَتْ مِنْ الْإِرْضَاعِ فَلَا حَضَانَةَ لَهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ عِبَارَةِ الْمِنْهَاجِ.

وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ: حَاصِلُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا لَبَنٌ فَلَا خِلَافَ فِي اسْتِحْقَاقِهَا، وَإِنْ كَانَ لَهَا لَبَنٌ وَامْتَنَعَتْ فَالْأَصَحُّ لَا حَضَانَةَ لَهَا انْتَهَى.

وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ.

وَتَاسِعُهَا أَنْ لَا يَكُونَ بِهِ مَرَضٌ دَائِمٌ كَالسِّلِّ وَالْفَالِجِ إنْ عَاقَ تَأَلُّمُهُ عَنْ نَظَرِ الْمَحْضُونِ بِأَنْ كَانَ بِحَيْثُ يَشْغَلُهُ تَأَلُّمُهُ عَنْ كَفَالَتِهِ وَتَدَبُّرِ أَمْرِهِ، أَوْ عَنْ حَرَكَةِ مَنْ يُبَاشِرُ الْحَضَانَةَ فَتَسْقُطَ فِي حَقِّهِ دُونَ مَنْ يُدَبِّرُ الْأُمُورَ بِنَظَرِهِ وَيُبَاشِرُهَا غَيْرُهُ.

وَعَاشِرُهَا: أَنْ لَا يَكُونَ أَبْرَصَ وَلَا أَجْذَمَ كَمَا فِي قَوَاعِدِ الْعَلَائِيِّ.

وَحَادِيَ عَشَرَهَا: أَنْ لَا يَكُونَ أَعْمَى كَمَا أَفْتَى بِهِ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ إبْرَاهِيمَ الْمَقْدِسِيُّ مِنْ أَئِمَّتِنَا وَمِنْ أَقْرَانِ ابْنِ الصَّبَّاغِ وَأَقَرَّهُ عَلَيْهِ جَمْعٌ مِنْ مُحَقِّقِي الْمُتَأَخِّرِينَ.

وَثَانِيَ عَشَرَهَا: أَنْ لَا يَكُونَ مُغَفَّلًا كَمَا قَالَهُ الْجُرْجَانِيِّ فِي الشَّافِي.

وَثَالِثَ عَشَرَهَا أَنْ لَا يَكُونَ صَغِيرًا، لِأَنَّهَا وِلَايَةٌ وَلَيْسَ هُوَ مِنْ أَهْلِهَا.

(فَإِنْ اخْتَلَّ مِنْهَا) أَيْ الشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ (شَرْطٌ) فَقَطْ (سَقَطَتْ) حَضَانَتُهَا أَيْ لَمْ تَسْتَحِقَّ حَضَانَةً كَمَا تَقَرَّرَ، نَعَمْ لَوْ خَالَعَهَا الْأَبُ عَلَى أَلْفٍ مَثَلًا وَحَضَانَةِ وَلَدِهِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَعَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى {أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ} [الإسراء: 92] أَيْ كَمَا أَخْبَرْتَ.

قَوْلُهُ: (كَعَمِّ الطِّفْلِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ أَبُوهُ مَوْجُودًا، لِأَنَّ الْأُمَّ حِينَئِذٍ مُقَدَّمَةٌ عَلَيْهِ وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ إلَّا مَنْ لَهُ حَقٌّ فِي الْحَضَانَةِ بِقَيْدٍ زِدْتُهُ بِقَوْلِي " وَرَضِيَ "، فَلَهَا الْحَضَانَةُ وَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ: إلَّا عَمَّهُ وَابْنَ عَمِّهِ وَابْنَ أَخِيهِ اهـ.

وَقَوْلُهُ: وَابْنَ أَخِيهِ وَهُوَ مُشْكِلٌ وَيُصَوَّرُ بِأَنْ كَانَ لِلطِّفْلِ أُخْتٌ لِأُمٍّ ثُمَّ نَكَحَتْ ابْنَ أَخِيهِ لِأَبِيهِ وَكَانَتْ الْحَضَانَةُ لِتِلْكَ الْأُخْتِ، كَذَا قَالَهُ ح ل: وَالْإِشْكَالُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْحَاضِنَةَ كَانَتْ هِيَ الْأُمَّ.

وَوَجْهُ الْإِشْكَالِ: أَنَّ أَخَا الطِّفْلِ إنْ كَانَ شَقِيقَهُ، فَابْنُهُ ابْنُ ابْنِهَا، أَوْ لِأُمِّهِ فَكَذَلِكَ، أَوْ لِأَبِيهِ فَهِيَ مَنْكُوحَةُ الْأَبِ.

وَمُحَصَّلُ الْجَوَابِ تَصْوِيرُ الْمَسْأَلَةِ بِمَا إذَا كَانَتْ الْحَاضِنَةُ غَيْرَ الْأُمِّ، وَهِيَ أُخْتُهُ لِأُمِّهِ فَيَجُوزُ أَنْ تَتَزَوَّجَ بِابْنِ أَخِيهِ لِأَبِيهِ.

قَوْلُهُ: (أَنْ تَكُونَ الْحَاضِنَةُ مُرْضِعَةً) .

هَذَا رَأْيٌ ضَعِيفٌ وَقَوْلُهُ: وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ: مُعْتَمَدٌ وَهُوَ مُقَابِلٌ لِمَا قَبْلَهُ، وَعِبَارَةُ الْمَنْهَجِ وَلَا لِذَاتِ لَبَنٍ لَمْ تُرْضِعْ الْوَلَدَ إذْ فِي تَكْلِيفِ الْأَبِ مَثَلًا اسْتِئْجَارَ مَنْ تُرْضِعُهُ عِنْدَهَا، مَعَ الِاغْتِنَاءِ عَنْهُ عُسْرٌ عَلَيْهِ اهـ.

وَمَفْهُومُهُ اسْتِحْقَاقُ غَيْرِ ذَاتِ اللَّبَنِ وَفِيهِ نِزَاعٌ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ قَالَ م ر: الْمُعْتَمَدُ الِاسْتِحْقَاقُ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْمُحَرَّرِ فَإِنَّهَا لَا تَنْقُصُ عَنْ الذَّكَرِ. اهـ. ع ش.

وَقَوْلُهُ: عُسْرٌ عَلَيْهِ أَيْ مَعَ تَقْصِيرِهَا فَلَوْ كَانَتْ غَيْرَ لَبُونٍ لَزِمَ الْأَبَ ذَلِكَ، وَإِنْ عَسُرَ. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.

قَوْلُهُ: (حَاصِلُهُ) لَيْسَ هَذَا حَاصِلَ مَا سَبَقَ إذْ هَذَا غَيْرُهُ بَلْ هُوَ حَاصِلُ كَلَامٍ ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ.

قَوْلُهُ: (فَالْأَصَحُّ لَا حَضَانَةَ لَهَا) .

، وَإِنْ رَضِيَتْ بِأُجْرَةٍ وَوَجَدَ الْأَبُ مُتَبَرِّعَةً فَالْحُكْمُ عَلَى جَوَابِ الْأَكْثَرِينَ أَنَّهُ لَا حَضَانَةَ لِلْأُمِّ حِينَئِذٍ كَذَا أَفَادَهُ الْإِمَامُ الْبُلْقِينِيُّ دِمْيَاطِيٌّ.

قَوْلُهُ: (وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ) مُعْتَمَدٌ.

قَوْلُهُ: (كَالسِّلِّ) أَيْ الْقَصَبَةِ وَهُوَ بِالْكَسْرِ مَرَضٌ مَعْرُوفٌ وَلَا يَكَادُ صَاحِبُهُ يَبْرَأُ مِنْهُ وَفِي كُتُبِ الطِّبِّ أَنَّهُ مِنْ أَمْرَاضِ الشَّبَابِ الْمَخُوفَةِ لِكَثْرَةِ الدَّمِ فِيهِمْ وَهِيَ قُرُوحٌ تَحْدُثُ فِي الرِّئَةِ. اهـ. مِصْبَاحٌ

قَوْلُهُ وَالْفَالِجِ هُوَ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ مَرَضٌ يَحْدُثُ فِي أَحَدِ شِقَّيْ الْبَدَنِ طُولًا فَيُبْطِلُ إحْسَاسَهُ وَحَرَكَتَهُ وَرُبَّمَا كَانَ فِي الشِّقَّيْنِ وَيَحْدُثُ بَغْتَةً

قَوْلُهُ إنْ عَاقَ إلَخْ عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ فَإِنْ كَانَ فِي أَحَدِهِمَا مَرَضٌ لَا يُرْجَى زَوَالُهُ كَالسِّلِّ وَالْفَالِجِ إنْ كَانَ بِحَيْثُ يُؤْلِمُ وَيَشْغَلُ الْأَلَمُ عَنْ كَفَالَتِهِ وَتَدْبِيرِ أَمْرِهِ سَقَطَ حَقُّ الْحَضَانَةِ وَإِنْ كَانَ تَأْثِيرُهُ تَعَسُّرَ الْحَرَكَةِ وَالتَّصَرُّفِ سَقَطَتْ الْحَضَانَةُ فِي حَقِّ مَنْ يُبَاشِرُهَا بِنَفْسِهِ دُونَ مَنْ يُشِيرُ بِالْأُمُورِ وَيُبَاشِرُهَا غَيْرُهُ. اهـ.

قَوْلُهُ عَنْ نَظَرِ الْمَحْضُونِ أَيْ إذَا كَانَ لَا يُبَاشِرُهُ بِنَفْسِهِ بِأَنْ كَانَ عِنْدَهُ شَخْصٌ يُبَاشِرُهُ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ

قَوْلُهُ أَوْ عَنْ حَرَكَةٍ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ كَفَالَتِهِ

قَوْلُهُ أَنْ لَا يَكُونَ أَعْمَى أَيْ إنْ كَانَ يَحْتَاجُ لِمُبَاشَرَةٍ وَلَمْ يَجِدْ مَنْ يَتَوَلَّى ذَلِكَ عَنْهُ كَمَا فِي م ر وَهَذَا وَمَا بَعْدَهُ مِنْ الشَّرْطَيْنِ خَارِجَانِ بِشَرْطِ الْعَدَالَةِ هَذَا غَيْرُ ظَاهِرٍ فِي الْأَعْمَى لِأَنَّهُ يُوصَفُ بِالْعَدَالَةِ

قَوْلُهُ وَثَالِثَ عَشَرَهَا أَنْ لَا يَكُونَ صَغِيرًا هَذَا الشَّرْطُ يُغْنِي عَنْهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ اشْتِرَاطِ الْعَدَالَةِ إذْ الْعَدْلُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْبُلُوغِ

قَوْلُهُ سَقَطَتْ حَضَانَتُهَا الْأَوْلَى سَقَطَتْ الْحَضَانَةُ لِأَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ شَامِلٌ لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى

ص: 113

الصَّغِيرِ سَنَةً فَلَا يَسْقُطُ حَقُّهَا فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ، كَمَا هُوَ فِي الرَّوْضَةِ أَوَاخِرَ الْخُلْعِ حِكَايَةً عَنْ الْقَاضِي حُسَيْنٍ مُعَلِّلًا لَهُ بِأَنَّ الْإِجَارَةَ عَقْدٌ لَازِمٌ، وَلَوْ فُقِدَ مُقْتَضَى الْحَضَانَةِ، ثُمَّ وُجِدَ كَأَنْ كَمَلَتْ نَاقِصَةٌ بِأَنْ أَسْلَمَتْ كَافِرَةٌ، أَوْ تَابَتْ فَاسِقَةٌ، أَوْ أَفَاقَتْ مَجْنُونَةٌ، أَوْ عَتَقَتْ رَقِيقَةٌ، أَوْ طَلُقَتْ مَنْكُوحَةٌ بَائِنًا أَوْ رَجْعِيَّةً عَلَى الْمَذْهَبِ حَضَنَتْ لِزَوَالِ الْمَانِعِ، وَتَسْتَحِقُّ الْمُطَلَّقَةُ الْحَضَانَةَ فِي الْحَالِ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَلَوْ غَابَتْ الْأُمُّ، أَوْ امْتَنَعَتْ مِنْ الْحَضَانَةِ فَلِلْجَدَّةِ مَثَلًا أُمِّ الْأُمِّ كَمَا لَوْ مَاتَتْ، أَوْ جُنَّتْ.

وَضَابِطُ ذَلِكَ: أَنَّ الْقَرِيبَ إذَا امْتَنَعَ كَانَتْ الْحَضَانَةُ لِمَنْ يَلِيهِ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ عَدَمُ إجْبَارِ الْأُمِّ عِنْدَ

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَقَوْلُهُ أَيْ لَمْ تَسْتَحِقَّ حَضَانَةً أَرَادَ بِهَذَا التَّأْوِيلِ دَفْعَ مَا قَدْ يُقَالُ إنَّ السُّقُوطَ فَرْعٌ مِنْ الْوُجُودِ مَعَ أَنَّ الْكَلَامَ فِي نَفْيِ الِاسْتِحْقَاقِ وَلَوْ أَبْقَى كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى أَصْلِهِ وَجَعَلَهُ شَامِلًا لِمَا لَوْ طَرَأَ فَقْدُ شَرْطٍ عَلَى الْحَاضِنِ لَكَانَ أَعَمَّ وَأَوْلَى فَتَأَمَّلْ ق ل

قَوْلُهُ عَلَى أَلْفٍ مَثَلًا أَوْ عَلَى حَضَانَةِ الْوَلَدِ فَقَطْ مَرْحُومِي

قَوْلُهُ وَحَضَانَةِ وَلَدِهِ أَيْ وَتَزَوَّجَتْ فِي أَثْنَاءِ السَّنَةِ فَلَيْسَ لَهُ انْتِزَاعُهُ مِنْهَا وَلَيْسَ الِاسْتِحْقَاقُ هُنَا بِالْقَرَابَةِ بَلْ بِالْإِجَارَةِ. اهـ. دَمْيَاطِيٌّ

وَبِهَذَا يُعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الشَّارِحِ مِنْ السَّقْطِ وَالسَّاقِطُ قَوْلُهُ وَتَزَوَّجَتْ

وَقَدْ نَظَمْتُ شُرُوطَ الْحَضَانَةِ بِقَوْلِي

الْحَقُّ فِي حَضَانَةٍ لِلْجَامِعِ

تِسْعُ شَرَائِطَ بِلَا مُنَازِعِ

بُلُوغُهُ وَعَقْلُهُ حُرِّيَّتُهْ

إسْلَامُهُ لِمُسْلِمٍ عَدَالَتُهْ

إقَامَةٌ سَلَامَةٌ مِنْ ضَرَرٍ

كَبَرَصٍ وَفَقْدِهِ لِلْبَصَرِ

وَمَرَضٌ يَدُومُ مِثْلُ الْفَالِجِ

كَذَا خُلُوُّهَا مِنْ التَّزَوُّجِ

إلَّا إذَا تَزَوَّجَتْ بِأَهْلِ

حَضَانَةٍ وَقَدْ رَضِيَ بِالطِّفْلِ

وَعَدَمُ امْتِنَاعِ ذَاتِ الدَّرِّ

مِنْ الرَّضَاعِ لَوْ بِأَخْذِ أَجْرِ

اهـ. م د

قَوْلُهُ كَأَنْ كَمُلَتْ أَنَّثَ هُنَا نَظَرًا إلَى أَنَّ أَصْلَ الْحَضَانَةِ لِلْإِنَاثِ وَإِلَّا فَلَا يَتَقَيَّدُ ق ل

قَوْلُهُ عَلَى الْمَذْهَبِ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ أَوْ رَجْعِيَّةً

قَوْلُهُ حَضَنَتْ أَيْ حَالًا بِغَيْرِ تَوْلِيَةٍ جَدِيدَةٍ مِنْ حَاكِمٍ كَمَا فِي الْأَبِ وَالْجَدِّ وَالنَّاظِرِ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ وَلَا خَامِسَ لَهُمْ. اهـ. م د

وَمِثْلُهُ لَوْ امْتَنَعَتْ مِنْ الْحَضَانَةِ ثُمَّ رَضِيَتْ فَإِنَّهُ يَعُودُ أَخْذًا مِمَّا هُنَا وَلَا تُجْبَرُ إلَّا إذَا لَزِمَهَا نَفَقَةُ الْمَحْضُونِ وَمِثْلُ الْأُمِّ فِي ذَلِكَ كُلُّ مَنْ لَهُ حَقُّ الْحَضَانَةِ وَلَوْ قَامَ بِكُلِّ الْأَقَارِبِ مَانِعٌ مِنْ الْحَضَانَةِ رَجَعَ فِي أَمْرِهَا لِلْقَاضِي الْأَمِينِ فَيَضَعُهُ عِنْدَ الْأَصْلَحِ مِنْهُنَّ أَوْ مِنْ غَيْرِهِنَّ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ فِي قَوْلِهِ لَا يَخْتَلِفُ الْمَذْهَبُ فِي أَنَّ أَزْوَاجَهُنَّ إذَا لَمْ يَمْنَعُوهُنَّ كُنَّ بَاقِيَاتٍ عَلَى حَقِّهِنَّ. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ مَعَ زِيَادَةٍ مِنْ شَرْحِ م ر وَعِبَارَةُ سم فَإِنْ زَالَ الْمَانِعُ ثَبَتَ الْحَقُّ وَاسْتَشْكَلَهُ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ بِمَا لَوْ شَرَطَ النَّظَرَ لِلْأَرْشَدِ مِنْ أَوْلَادِهِ فَاسْتَحَقَّهُ أَحَدُهُمْ لِكَوْنِهِ الْأَرْشَدَ ثُمَّ صَارَ غَيْرَ أَرْشَدَ وَوُجِدَ وَاحِدٌ أَرْشَدُ مِنْهُ اسْتَحَقَّ وَلَوْ عَادَ الْأَوَّلُ أَرْشَدَ لَمْ يَسْتَحِقَّ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْحَقَّ هُنَا لِمُعَيَّنٍ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ مَشْرُوطٌ بِشَرْطٍ فَإِذَا زَالَ ثُمَّ عَادَ اسْتَحَقَّ وَهُنَاكَ الْحَقُّ لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ بَلْ لِلْمَوْصُوفِينَ فَإِذَا انْتَفَى وَانْتَقَلَ الْحَقُّ لِغَيْرِهِ لَمْ يَعُدْ بِعَوْدِهِ. اهـ.

قَوْلُهُ قَبْلَ انْقِضَاءَ الْعِدَّةِ قَالَ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ وَلِصَاحِبِ الْعِدَّةِ الْمَنْعُ مِنْ إدْخَالِهِ أَيْ الْوَلَدِ بَيْتَهُ الَّذِي تَعْتَدُّ فِيهِ لَكِنْ إذَا رَضِيَ بِهِ اسْتَحَقَّتْ بِخِلَافِ رِضَا الزَّوْجِ الْأَجْنَبِيِّ بِذَلِكَ فِي أَصْلِ النِّكَاحِ لِأَنَّ الْمَنْعَ تَمَّ لِاسْتِحْقَاقِهِ التَّمَتُّعَ وَاسْتِهْلَاكِ مَنَافِعِهَا فِيهِ وَهُنَا لِلْمَسْكَنِ فَإِذَا أَذِنَ صَارَ مُعِيرًا. اهـ. م د

قَوْلُهُ وَلَوْ غَابَتْ الْأُمُّ أَيْ وَلَوْ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ وَأَشَارَ بِهِ إلَى شَرْطَيْنِ آخَرَيْنِ لِلْحَضَانَةِ وَلَيْسَ الثَّانِي مُكَرَّرًا مَعَ الثَّامِنِ السَّابِقِ لِأَنَّ مَا مَرَّ فِي الِامْتِنَاعِ مِنْ الْإِرْضَاعِ وَهَذَا فِي الِامْتِنَاعِ مِنْ الْحَضَانَةِ

قَوْلُهُ وَضَابِطُ

ص: 114

الِامْتِنَاعِ وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ تَجِبْ النَّفَقَةُ عَلَيْهَا لِلْوَلَدِ الْمَحْضُونِ، فَإِنْ وَجَبَتْ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَبٌ وَلَا مَالٌ أُجْبِرَتْ.

كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ، لِأَنَّهَا مِنْ جُمْلَةِ النَّفَقَةِ فَهِيَ حِينَئِذٍ كَالْأَبِ.

خَاتِمَةٌ: مَا مَرَّ إذَا لَمْ يَبْلُغْ الْمَحْضُونُ، فَإِنْ بَلَغَ بِأَنْ كَانَ غُلَامًا وَبَلَغَ رَشِيدًا وَلِي أَمْرَ نَفْسِهِ لِاسْتِغْنَائِهِ عَمَّنْ يَكْفُلُهُ فَلَا يُجْبَرُ عَلَى الْإِقَامَةِ عِنْدَ أَحَدِ أَبَوَيْهِ، وَالْأَوْلَى أَنَّهُ لَا يُفَارِقُهُمَا لِيَبَرَّهُمَا.

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَعِنْدَ الْأَبِ أَوْلَى لِلْمُجَانَسَةِ.

نَعَمْ إنْ كَانَ أَمْرَدَ وَخِيفَ مِنْ انْفِرَادِهِ فَفِي الْعِدَّةِ عَنْ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ مُفَارَقَةِ الْأَبَوَيْنِ وَلَوْ بَلَغَ عَاقِلًا غَيْرَ رَشِيدٍ فَأَطْلَقَ مُطْلِقُونَ أَنَّهُ كَالصَّبِيِّ وَقَالَ ابْنُ كَجٍّ إنْ كَانَ لِعَدَمِ إصْلَاحِ مَالِهِ، فَكَذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ لِدِينِهِ.

فَقِيلَ: تُدَامُ حَضَانَتُهُ إلَى ارْتِفَاعِ الْحَجْرِ وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ يَسْكُنُ حَيْثُ شَاءَ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَهَذَا التَّفْصِيلُ حَسَنٌ انْتَهَى، وَإِنْ كَانَ أُنْثَى فَإِنْ بَلَغَتْ رَشِيدَةً فَالْأَوْلَى أَنْ تَكُونَ عِنْدَ أَحَدِهِمَا، حَتَّى تَتَزَوَّجَ إنْ كَانَا مُتَفَرِّقَيْنِ، وَبَيْنَهُمَا إنْ كَانَا مُجْتَمِعَيْنِ لِأَنَّهُ أَبْعَدُ عَنْ التُّهْمَةِ وَلَهَا أَنْ تَسْكُنَ حَيْثُ شَاءَتْ وَلَوْ بِكْرًا هَذَا إذَا لَمْ تَكُنْ رِيبَةٌ فَإِنْ كَانَتْ فَلِلْأُمِّ إسْكَانُهَا مَعَهَا.

وَكَذَا لِلْوَلِيِّ مِنْ الْعَصَبَةِ إسْكَانُهَا مَعَهُ إذَا كَانَ مَحْرَمًا لَهَا.

وَإِلَّا فَفِي مَوْضِعٍ لَائِقٍ بِهَا يُسْكِنُهَا وَيُلَاحِظُهَا دَفْعًا لِعَارِ النَّسَبِ كَمَا يَمْنَعُهَا نِكَاحَ غَيْرِ الْكُفْءِ وَتُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ، وَالْأَمْرَدُ مِثْلُهَا فِيمَا ذُكِرَ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ وَيُصَدَّقُ الْوَلِيُّ بِيَمِينِهِ فِي دَعْوَى الرِّيبَةِ وَلَا يُكَلَّفُ بَيِّنَةً، لِأَنَّ إسْكَانَهَا فِي مَوْضِعِ الْبَرَاءَةِ أَهْوَنُ مِنْ الْفَضِيحَةِ لَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً، وَإِنْ بَلَغَتْ غَيْرَ رَشِيدَةٍ فَفِيهَا التَّفْصِيلُ الْمَارُّ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ حَضَانَةُ الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ وَكَفَالَتُهُ بَعْدَ الْبُلُوغِ، لَمْ أَرَ فِيهِ نَقْلًا.

وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَالْبِنْتِ الْبِكْرِ، حَتَّى يَجِيءَ فِي جَوَازِ اسْتِقْلَالِهِ، وَانْفِرَادِهِ عَنْ الْأَبَوَيْنِ إذَا شَاءَ وَجْهَانِ انْتَهَى.

وَيُعْلَمُ التَّفْصِيلُ فِيهِ مِمَّا مَرَّ.

ــ

[حاشية البجيرمي]

ذَلِكَ أَيْ الِانْتِقَالِ وَقَوْلُهُ أَنَّ الْقَرِيبَ إذَا امْتَنَعَ أَيْ أَوْ غَابَ

قَوْلُهُ وَهُوَ مُقَيَّدٌ هَذَا لَيْسَ خَاصًّا بِالْأُمِّ بَلْ كُلُّ مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ النَّفَقَةُ وَامْتَنَعَ مِنْ الْحَضَانَةِ أُجْبِرَ عَلَيْهَا كَذَا فِي م ر

قَوْلُهُ: (مَا مَرَّ) أَيْ مِنْ الْحَضَانَةِ أَوْ التَّخْيِيرِ.

قَوْلُهُ: (كَالصَّبِيِّ) مُعْتَمَدٌ أَيْ بِمَعْنَى دَوَامِ وِلَايَةِ الْأَبِ، وَإِنْ عَلَا عَلَيْهِ فَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ كَجٍّ وَالرَّافِعِيُّ لَا يُلَائِمُ ذَلِكَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ وَكَتَبَ بَعْضُهُمْ قَوْلَهُ: كَالصَّبِيِّ إنْ أَرَادَ أَنَّهُ كَالصَّبِيِّ أَيْ تَدُومُ حَضَانَتُهُ فَلَا يَصِحُّ لِأَنَّهَا تَنْتَهِي بِالْبُلُوغِ، وَإِنْ أَرَادَ كَالصَّبِيِّ مِنْ جِهَةِ ثُبُوتِ وِلَايَةِ مَالِهِ فَصَحِيحٌ لَكِنْ لَا يُلَائِمُهُ كَلَامُ ابْنِ كَجٍّ بَعْدَهُ، لِأَنَّهُ تَفْصِيلٌ فِي ثُبُوتِ الْحَضَانَةِ وَعَدَمِهِ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ يَسْكُنُ حَيْثُ شَاءَ حَيْثُ لَا رِيبَةَ وَوِلَايَةُ مَالِهِ لِلْأَبِ فَكَانَ الْأَوْلَى حَذْفَ الْعِبَارَةِ بِالْمَرَّةِ.

قَوْلُهُ: (فَلِلْأُمِّ) أَيْ يَجِبُ ذَلِكَ،. اهـ. شَيْخُنَا.

قَوْلُهُ: (فِي دَعْوَى الرِّيبَةِ) كَأَنْ يَقُولَ رَأَيْت فُلَانًا خَارِجًا مِنْ عِنْدِك فَتُنْكِرَ فَلَا يُكَلَّفَ بَيِّنَةً، لِأَنَّ فِيهِ فَضِيحَةً وَهَتِيكَةً.

قَوْلُهُ: (لَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً) أَيْ عَلَى الرِّيبَةِ.

قَوْلُهُ: (الْخُنْثَى) أَيْ كَوْنُهُ مَحْضُونًا، وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ يُحْتَاطُ فِيهِ حَاضِنًا وَمَحْضُونًا ق ل.

قَوْلُهُ: (لَمْ أَرَ فِيهِ) أَيْ فِيمَا ذَكَرَ مِنْ الْحَضَانَةِ وَالْكَفَالَةِ قَوْلُهُ: (وَجْهَانِ) وَهُمَا جَوَازُ الِانْفِرَادِ وَعَدَمُهُ.

قَوْلُهُ: (وَيُعْلَمُ التَّفْصِيلُ) وَهُوَ أَنَّ الْأَوْلَى أَنْ لَا يُفَارِقَ الْأَبَوَيْنِ أَوْ أَحَدَهُمَا إنْ لَمْ تَكُنْ رِيبَةٌ، وَإِلَّا وَجَبَ عَدَمُ الْمُفَارَقَةِ انْتَهَى، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص: 115