المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل: في الردة - حاشية البجيرمي على الخطيب = تحفة الحبيب على شرح الخطيب - جـ ٤

[البجيرمي]

فهرس الكتاب

- ‌ فَصْلٌ: فِي الْإِيلَاءِ

- ‌تَتِمَّةٌ: لَوْ اخْتَلَفَ الزَّوْجَانِ فِي الْإِيلَاءِ أَوْ فِي انْقِضَاءِ مُدَّتِهِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الظِّهَارِ

- ‌أَرْكَانُ الظِّهَارِ

- ‌فَصْلٌ: فِي اللِّعَانِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْعِدَدِ

- ‌فَصْلٌ: فِيمَا يَجِبُ لِلْمُعْتَدَّةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الِاسْتِبْرَاءِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الرَّضَاعِ

- ‌ فَصْلٌ: فِي نَفَقَةِ الْقَرِيبِ

- ‌فَصْلٌ: فِي النَّفَقَةِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْحَضَانَةِ

- ‌كِتَابُ الْجِنَايَاتِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الدِّيَةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْقَسَامَةِ

- ‌كِتَابُ الْحُدُودِ

- ‌فَصْلٌ: فِي حَدِّ الْقَذْفِ

- ‌فَصْلٌ فِي حَدِّ شَارِبِ الْمُسْكِرِ

- ‌فَصْلٌ فِي حَدِّ السَّرِقَةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي قَاطِعِ الطَّرِيقِ

- ‌فَصْلٌ: فِي حُكْمِ الصِّيَالِ وَمَا تُتْلِفُهُ الْبَهَائِمُ

- ‌فَصْلٌ: فِي قِتَالِ الْبُغَاةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الرِّدَّةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي تَارِكِ الصَّلَاةِ

- ‌كِتَابُ أَحْكَامِ الْجِهَادِ

- ‌فَصْلٌ: فِي قَسْمِ الْغَنِيمَةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي قَسْمِ الْفَيْءِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْجِزْيَةِ

- ‌[كِتَابُ الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ]

- ‌فَصْلٌ: فِي الْأَطْعِمَةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْأُضْحِيَّةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْعَقِيقَةِ

- ‌كِتَابُ السَّبْقِ وَالرَّمْيِ

- ‌كِتَابُ الْأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ

- ‌فَصْلٌ: فِي النُّذُورِ

- ‌خَاتِمَةٌ فِيهَا مَسَائِلُ مُهِمَّةٌ تَتَعَلَّقُ بِالنَّذْرِ:

- ‌[فَرْعٌ النَّذْرُ لِلْكَعْبَةِ]

- ‌كِتَابُ الْأَقْضِيَةِ وَالشَّهَادَاتِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْقِسْمَةِ

- ‌فَصْلٌ فِي الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَاتِ

- ‌فَصْلٌ فِي الشَّهَادَاتِ

- ‌[فَصْلٌ مَا يُعْتَبَرُ فِيهِ تَعَدُّدُ الشُّهُودِ وَمَا لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ التَّعَدُّدُ]

- ‌كِتَابُ الْعِتْقِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْوَلَاءِ

- ‌فَصْلٌ فِي التَّدْبِيرِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْكِتَابَةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ

- ‌[خَاتِمَة الْكتاب]

الفصل: ‌فصل: في الردة

لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلا} [النساء: 141]

وَتَجِبُ طَاعَةُ الْإِمَامِ وَإِنْ كَانَ جَائِرًا فِيمَا يَجُوزُ مِنْ أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ لِخَبَرِ: «اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَإِنْ أُمِّرَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ مُجَدَّعُ الْأَطْرَافِ» وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ نَصْبِهِ اتِّحَادُ الْكَلِمَةِ وَلَا يَحْصُلُ ذَلِكَ إلَّا بِوُجُوبِ الطَّاعَةِ.

‌فَصْلٌ: فِي الرِّدَّةِ

أَعَاذَنَا اللَّهُ تَعَالَى مِنْهَا هِيَ لُغَةً الرُّجُوعُ عَنْ الشَّيْءِ إلَى غَيْرِهِ وَهِيَ مِنْ أَفْحَشِ الْكُفْرِ وَأَغْلَظِهِ حُكْمًا مُحْبِطَةٌ لِلْعَمَلِ إنْ اتَّصَلَتْ بِالْمَوْتِ وَإِلَّا حَبِطَ ثَوَابُهُ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ.

وَشَرْعًا قَطْعُ مَنْ يَصِحُّ طَلَاقُهُ اسْتِمْرَارَ الْإِسْلَامِ وَيَحْصُلُ قَطْعُهُ بِأُمُورٍ بِنِيَّةِ كُفْرٍ أَوْ فِعْلٍ مُكَفِّرٍ أَوْ قَوْلٍ مُكَفِّرٍ سَوَاءٌ أَقَالَهُ اسْتِهْزَاءً أَمْ اعْتِقَادًا أَمْ عِنَادًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ} [التوبة: 65]{لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} [التوبة: 66]

ــ

[حاشية البجيرمي]

حَيَاتِهِ عَلَى وَاحِدٍ لَكِنْ بِإِذْنِ الْإِمَامِ الْأَوَّلِ.

قَوْلُهُ: (وَإِنْ أُمِّرَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ مُجَدَّعُ الْأَطْرَفِ) الْمُرَادُ الْحَثُّ عَلَى الطَّاعَةِ وَعَدَمِ الْمُخَالَفَةِ أَوْ تَقُولُ هِيَ قَضِيَّةٌ شَرْطِيَّةٌ لَا تَسْتَلْزِمُ الْوُقُوعَ وَالْمُرَادُ بِالْعَبْدِ الشَّخْصُ فَهُوَ الْحُرُّ ق ل الْأَوْلَى إبْقَاءُ الْعَبْدِ عَلَى حَقِيقَتِهِ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الْجَدْعُ قَطْعُ الْأَنْفِ وَقَطْعُ الْأُذُنِ أَيْضًا وَقَطْعُ الْيَدِ وَالشَّفَةِ وَهُوَ بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ مَرْحُومِيٌّ

[فَصْلٌ فِي الرِّدَّةِ]

ِ هَذَا شُرُوعٌ فِي الطَّائِفَةِ الثَّانِيَةِ وَهِيَ أَهْلُ الرِّدَّةِ، وَوُجُوبُ قِتَالِهِمْ مَأْخُوذٌ مِنْ فِعْلِ أَبِي بَكْرٍ؛ لِأَنَّهُ قَاتَلَ أَهْلَ الْيَمَامَةِ لَمَّا ارْتَدُّوا بَعْدَ مَوْتِهِ صلى الله عليه وسلم وَإِنَّمَا ذُكِرَتْ هَهُنَا؛ لِأَنَّهَا جِنَايَةٌ عَلَى الدِّينِ. وَمَا تَقَدَّمَ جِنَايَةٌ عَلَى النَّفْسِ وَأَخَّرَهَا لِكَثْرَةِ وُقُوعِ مَا قَبْلَهَا. وَكَانَ حَدُّهَا الْقَتْلَ؛ لِأَنَّهُ الْمُمْكِنُ فِي قَطْعِ آلَتِهَا؛ لِأَنَّهَا اعْتِقَادٌ يُخْشَى دَوَامُهُ وَهِيَ أَفْحَشُ أَنْوَاعِ الْكَبَائِرِ بَعْدَ الشِّرْكِ بِاَللَّهِ تَعَالَى مِنْهُ، أَوْ هِيَ مِنْهُ وَهِيَ أَفْحَشُ مِنْهُ. وَيَلِيهَا الْقَتْلُ ظُلْمًا ثُمَّ الزِّنَا ثُمَّ الْقَذْفُ ثُمَّ السَّرِقَةُ وَهَذِهِ الْكُلِّيَّاتُ الْخَمْسُ الْمَشْرُوعَةُ حُدُودُهَا لِحِفْظِ الدِّينِ وَالنَّفْسِ وَالنَّسَبِ وَالْعِرْضِ وَالْمَالِ وَأَخَّرَ الرِّدَّةَ عَنْ الْقَتْلِ مَعَ أَنَّهَا أَفْحَشُ مِنْهُ، كَمَا مَرَّ لِعُمُومِهِ وَكَثْرَتِهِ وَحُصُولِهِ مِمَّنْ لَا تُوجَدُ الرِّدَّةُ مِنْهُ.

قَوْلُهُ: (وَهِيَ لُغَةً الرُّجُوعُ) وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنْ أَدَاءِ الْحَقِّ كَمَانِعِي الزَّكَاةِ فِي زَمَنِ الصِّدِّيقِ شَرْحُ م ر.

قَوْلُهُ: (مِنْ أَفْحَشِ الْكُفْرِ) الْأَوْلَى حَذْفُ مِنْ؛ لِأَنَّهُ لَا أَغْلَظَ إلَّا هِيَ وَوَجْهُ غِلَظِهَا مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْمُرْتَدَّ لَا يُقِرُّ بِالْجِزْيَةِ وَلَا يُؤْمِنُ وَلَا تَحِلُّ ذَبِيحَتُهُ، وَلَا مُنَاكَحَتُهُ، بِخِلَافِ الْكَافِرِ الْأَصْلِيِّ فِي ذَلِكَ وَعِبَارَةُ م ر. وَهِيَ أَفْحَشُ الْكُفْرِ وَهِيَ أَوْلَى.

قَوْلُهُ: (مُحْبِطَةٌ لِلْعَمَلِ) فَكَأَنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ شَيْئًا وَعِبَارَةُ ق ل. وَاعْلَمْ أَنَّهَا تُحْبِطُ ثَوَابَ الْأَعْمَالِ. وَكَذَا الْعَمَلُ إنْ اتَّصَلَتْ بِالْمَوْتِ إجْمَاعًا فِيهِمَا وَإِلَّا فَلَا تُحْبِطُهُ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا تَلْزَمُهُ إعَادَةُ نَحْوِ صَلَاةٍ أَوْ صَوْمٍ كَانَ فَعَلَهُ قَبْلَهَا وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رضي الله عنه: بِوُجُوبِ الْإِعَادَةِ؛ لِأَنَّهَا عِنْدَهُ تُحْبِطُ الْعَمَلَ أَيْضًا وَيَدُلُّ لَهُ قَوْله تَعَالَى: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} [الزمر: 65] . وَقَيَّدَ بَعْضُهُمْ الْعَمَلَ الَّذِي تُحْبِطُهُ الرِّدَّةُ بِمَا وَقَعَ حَالَ التَّكْلِيفِ لَا مَا قَبْلَهُ فَرَاجِعْهُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ.

قَوْلُهُ: (مَنْ يَصِحُّ طَلَاقُهُ) بِأَنْ يَكُونَ مُكَلَّفًا مُخْتَارًا لَا صَبِيًّا وَمَجْنُونًا وَمُكْرَهًا. وَدَخَلَ فِيهِ الْمَرْأَةُ فَإِنَّهَا تُطَلِّقُ نَفْسَهَا بِتَفْوِيضِ الطَّلَاقِ إلَيْهَا وَتُطَلِّقُ غَيْرَهَا بِالْوَكَالَةِ كَمَا تَقَدَّمَ. وَهَذَا تَعْرِيفٌ لِلرِّدَّةِ الْحَقِيقِيَّةِ أَمَّا وَلَدُ الْمُرْتَدِّ الَّذِي انْعَقَدَ فِي الرِّدَّةِ فَهُوَ مُرْتَدٌّ حُكْمًا لِعَدَمِ قَطْعِ الْإِسْلَامِ مِنْهُ. وَكَذَا الْمُنْتَقِلُ مِنْ دِينٍ إلَى دِينٍ فَحُكْمُهُ كَالْمُرْتَدِّ وَلَمْ يَقْطَعْ إسْلَامًا وَكَذَا الزِّنْدِيقُ فَإِنَّهُ وَإِنْ قَطَعَ الْإِسْلَامَ ظَاهِرًا لَا يُسَمَّى مُرْتَدًّا حَقِيقَةً لِعَدَمِ إسْلَامٍ عِنْدَهُ حَتَّى يَقْطَعَهُ فَرِدَّتُهُ حُكْمِيَّةٌ.

قَوْلُهُ: (اسْتِمْرَارِ) مَعْمُولٌ لِقَطْعِ وَبِتَقْدِيرِ اسْتِمْرَارٍ انْدَفَعَ الِاعْتِرَاضُ بِأَنَّ الْإِسْلَامَ مَعْنًى مِنْ الْمَعَانِي فَكَيْفَ يُتَصَوَّرُ قَطْعُهُ. اهـ. م د. قَوْلُهُ: (بِنِيَّةِ) هِيَ الْعَزْمُ عَلَى الْكُفْرِ الْآتِي فِي كَلَامِهِ. بِأَنْ نَوَى أَنْ يَكْفُرَ فِي الْحَالِ أَوْ أَنْ يَكْفُرَ فِي غَدٍ فَيَكْفُرُ حَالًا؛ لِأَنَّ اسْتِدَامَةَ إسْلَامٍ شَرْطٌ فَإِذَا عَزَمَ عَلَى الْكُفْرِ كَفَرَ حَالًّا وَلَوْ عَزَمَ الشَّخْصُ

ص: 237

فَمَنْ نَفَى الصَّانِعَ وَهُوَ اللَّهُ سبحانه وتعالى وَهُمْ الدَّهْرِيُّونَ الزَّاعِمُونَ أَنَّ الْعَالَمَ لَمْ يَزَلْ مَوْجُودًا كَذَلِكَ بِلَا صَانِعٍ أَوْ نَفَى الرُّسُلَ بِأَنْ قَالَ: لَمْ يُرْسِلْهُمْ اللَّهُ تَعَالَى، أَوْ نَفَى نُبُوَّةَ نَبِيٍّ أَوْ كَذَّبَ رَسُولًا أَوْ نَبِيًّا أَوْ سَبَّهُ أَوْ اسْتَخَفَّ بِهِ أَوْ بِاسْمِهِ أَوْ بِاسْمِ اللَّهِ أَوْ بِأَمْرِهِ أَوْ وَعْدِهِ أَوْ جَحَدَ آيَةً

ــ

[حاشية البجيرمي]

عَلَى فِعْلِ كَبِيرَةٍ فِي غَدٍ لَا يَفْسُقُ. قَوْلُهُ: (أَوْ قَوْلٍ مُكَفِّرٍ) لَوْ قَدَّمَهُ عَلَى مَا قَبْلَهُ لَكَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ أَغْلَبُ مِنْ الْفِعْلِ وَقَوْلُهُ أَوْ قَوْلٍ: مُكَفِّرٍ أَيْ عَمْدًا فَيَخْرُجُ مَنْ سَبَقَ لِسَانُهُ إلَيْهِ وَلِغَيْرِ نَحْوِ تَعْلِيمٍ اهـ قَالَهُ ق ل. قَوْلُهُ: (سَوَاءٌ أَقَالَهُ) أَيْ الْمَذْكُورُ مِنْ النِّيَّةِ وَالْفِعْلِ وَالْقَوْلِ فَهُوَ رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْ الثَّلَاثَةِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر وَلَوْ قَالَ: كَمَا فِي الْمَنْهَجِ اسْتِهْزَاءً كَانَ ذَلِكَ لَكَانَ أَوْلَى اهـ. لِأَنَّ النِّيَّةَ وَالْفِعْلَ لَيْسَا قَوْلًا.

قَوْلُهُ: (اسْتِهْزَاءً) أَيْ تَحْقِيرًا وَاسْتِخْفَافًا فَخَرَجَ مَنْ يُرِيدُ تَبْعِيدَ نَفْسِهِ أَوْ أَطْلَقَ كَقَوْلِ مَنْ سُئِلَ عَنْ شَيْءٍ لَمْ يُرِدْهُ لَوْ جَاءَنِي جِبْرِيلُ أَوْ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَا فَعَلْته.

وَاعْلَمْ أَنَّ التَّوْرِيَةَ هُنَا فِيمَا لَا يَحْتَمِلُهُ اللَّفْظُ لَا تُفِيدُ فَيَكْفُرُ بَاطِنًا وَفَارَقَ الطَّلَاقَ بِوُجُودِ التَّهَاوُنِ هُنَا. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ. قَالَ الْحِصْنِيُّ: وَمِنْ صُوَرِ الِاسْتِهْزَاءِ مَا يَصْدُرُ: مِنْ الظَّلَمَةِ عِنْدَ ضَرْبِهِمْ فَيَسْتَغِيثُ الْمَضْرُوبُ بِسَيِّدِ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَيَقُولُ خَلِّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُخَلِّصْك وَنَحْوَ ذَلِكَ. اهـ. م د.

قَوْلُهُ: (أَمْ عِنَادًا) أَيْ مُعَانَدَةَ شَخْصٍ وَمُرَاغَمَةً لَهُ وَمُخَاصَمَةً لَهُ كَأَنْ أَنْكَرَ وُجُوبَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ عِنَادًا وَقَوْلُهُ: أَوْ اعْتِقَادًا بِأَنْ قَالَ لِشَخْصٍ: يَا كَافِرُ مُعْتَقِدًا أَنَّ الْمُخَاطَبَ مُتَّصِفٌ بِذَلِكَ حَقِيقَةً وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّ هَذَا التَّعْمِيمَ رَاجِعٌ لِلْقَوْلِ فَقَطْ وَلَكِنَّ بَعْضَهُ رَجَعَهُ لِمَا قَبْلَهُ وَهُوَ مُمْكِنٌ فِي الْفِعْلِ بَعِيدٌ فِي النِّيَّةِ فَافْهَمْ.

وَقَدْ يُجَابُ بِحَمْلِ الْفِعْلِ عَلَى مَا يَشْمَلُ فِعْلَ الْقَلْبِ وَالِاعْتِقَادِ وَيُعَدُّ فِعْلًا وَإِنْ كَانَ فِي التَّحْقِيقِ كَيْفِيَّةً قَالَهُ سم.

قَوْلُهُ: (فَمَنْ نَفَى الصَّانِعَ) مَنْ مَوْصُولَةٌ مُبْتَدَأٌ وَجُمْلَةُ كَفَرَ فِيمَا يَأْتِي خَبَرٌ أَوْ إنَّ مَنْ شَرْطِيَّةٌ وَالْجُمْلَةُ جَوَابُ الشَّرْطِ. وَفِيهِ إطْلَاقُ الصَّانِعِ عَلَى الْمَوْلَى وَهُوَ غَيْرُ وَارِدٍ. وَيُجَابُ بِأَنَّهُ جَارٍ عَلَى مَذْهَبِ الْغَزَالِيِّ مِنْ جَوَازِ إطْلَاقِ مَا وَرَدَتْ بِهِ الْمَادَّةُ وَقَدْ وَرَدَ فِي قَوْلِهِ: {صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ} [النمل: 88] .

قَوْلُهُ: (الدَّهْرِيُّونَ) وَهُمْ الَّذِينَ يَنْسُبُونَ الْفِعْلَ لِلدَّهْرِ.

قَوْلُهُ: (أَوْ نَفَى الرُّسُلَ) أَلْ لِلْجِنْسِ فَيَصْدُقُ بِالْوَاحِدِ وَنُقِلَ عَنْ الشَّافِعِيِّ تَكْفِيرُ الْقَائِلِ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ وَنَافِي الرُّؤْيَةِ وَصَوَّبَ النَّوَوِيُّ خِلَافَهُ وَأَوَّلَ النَّصَّ. وَقَدْ اسْتَشْكَلَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ: عَدَمَ تَكْفِيرِ الْمُعْتَزِلَةِ فِي قَوْلِهِمْ بِخَلْقِ الْأَفْعَالِ مَعَ تَكْفِيرِ مَنْ أَسْنَدَ لِلْكَوَاكِبِ فِعْلًا. وَأَجَابَ الزَّرْكَشِيّ بِأَنَّ الْفَرْقَ كَوْنُ الْكَوَاكِبِ مُؤَثِّرَةً فِي جَمْعِ الْكَائِنَاتِ بِخِلَافِ هَذَا. أَقُولُ: وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ قَضِيَّتَهُ لَوْ أَسْنَدَ لِلْكَوَاكِبِ بَعْضَ الْأَفْعَالِ لَا يَكُونُ كَافِرًا وَهُوَ بَاطِلٌ فَالْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ: بِأَنَّهُمْ أَعْنِي الْمُعْتَزِلَةَ يَعْتَرِفُونَ بِأَنَّ اللَّهَ سبحانه وتعالى أَوْجَدَ فِي الْعَبْدِ قُدْرَةً وَلَكِنْ يَزْعُمُونَ أَنَّ الْعَبْدَ بِتِلْكَ الْقُدْرَةِ يَخْلُقُ أَفْعَالَ نَفْسِهِ اهـ سم.

قَوْلُهُ: (أَوْ كَذَّبَ رَسُولًا) بِخِلَافِ مَنْ كَذَبَ عَلَيْهِ فَلَا يَكُونُ كُفْرًا بَلْ كَبِيرَةً فَقَطْ اهـ ع ش. فَرْعٌ: لَوْ ادَّعَى أَنَّ النَّبِيَّ يُسَلِّمُ عَلَيْهِ لَمْ يَكْفُرْ؛ لِأَنَّ غَايَتَهُ أَنَّهُ يَدَّعِي أَنَّ النَّبِيَّ رَاضٍ عَلَيْهِ وَهَذَا لَا يَقْتَضِي الْكُفْرَ فَإِنْ كَانَ صَادِقًا فَذَاكَ ظَاهِرٌ، وَإِلَّا فَهُوَ مُجَرَّدُ كَذِبٍ وَلَوْ ادَّعَى أَنَّهُ يُوحَى إلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَدَّعِ النُّبُوَّةَ أَوْ ادَّعَى أَنَّهُ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ وَيَأْكُلُ مِنْ ثِمَارِهَا وَأَنَّهُ يُعَانِقُ الْحُورَ الْعِينَ فَهَذَا كُفْرٌ بِالْإِجْمَاعِ كَمَا فِي شَرْحِ الْحِصْنِيِّ. وَالْأَنْبِيَاءُ الَّذِينَ يَجِبُ الْإِيمَانُ بِهِمْ تَفْصِيلًا خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ نَظَمَهَا بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ:

حَتْمٌ عَلَى كُلِّ ذِي التَّكْلِيفِ مَعْرِفَةٌ

؛ لِأَنْبِيَاءٍ عَلَى التَّفْضِيلِ قَدْ عُلِمُوا

فِي تِلْكَ حُجَّتُنَا مِنْهُمْ ثَمَانِيَةٌ

مِنْ بَعْدِ عَشْرٍ وَيَبْقَى سَبْعَةٌ وَهُمُو

إدْرِيسُ هُودٌ شُعَيْبٌ صَالِحٌ وَكَذَا

ذُو الْكِفْلِ آدَم بِالْمُخْتَارِ قَدْ خُتِمُوا

ص: 238

مِنْ الْقُرْآنِ مُجْمَعًا عَلَى ثُبُوتِهَا أَوْ زَادَ فِيهِ آيَةً مُعْتَقِدًا أَنَّهَا مِنْهُ أَوْ اسْتَخَفَّ بِسُنَّةٍ كَمَا لَوْ قِيلَ لَهُ: قَلِّمْ أَظْفَارَك فَإِنَّهُ سُنَّةٌ فَقَالَ: لَا أَفْعَلُ وَإِنْ كَانَ سُنَّةً وَقَصَدَ الِاسْتِهْزَاءَ بِذَلِكَ. أَوْ قَالَ: لَوْ أَمَرَنِي اللَّهُ وَرَسُولُهُ بِكَذَا مَا فَعَلْته. أَوْ قَالَ: إنْ كَانَ مَا قَالَهُ الْأَنْبِيَاءُ صِدْقًا نَجَوْنَا أَوْ قَالَ: لَا أَدْرِي النَّبِيُّ إنْسِيٌّ أَوْ جِنِّيٌّ. أَوْ قَالَ: لَا أَدْرِي مَا الْإِيمَانُ احْتِقَارًا أَوْ قَالَ لِمَنْ حَوَّلَ: لَا حَوْلَ لَا تُغْنِي مِنْ جُوعٍ.

أَوْ قَالَ الْمَظْلُومُ: هَذَا بِتَقْدِيرِ اللَّهِ تَعَالَى. فَقَالَ الظَّالِمُ: أَنَا أَفْعَلُ بِغَيْرِ تَقْدِيرِهِ أَوْ أَشَارَ بِالْكُفْرِ عَلَى مُسْلِمٍ أَوْ عَلَى كَافِرٍ أَرَادَ الْإِسْلَامَ أَوْ لَمْ يُلَقِّنْ الْإِسْلَامَ طَالِبَهُ مِنْهُ أَوْ كَفَّرَ مُسْلِمًا بِلَا تَأْوِيلٍ لِلْمُكَفِّرِ بِكُفْرِ النِّعْمَةِ كَمَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَأَقَرَّهُ أَوْ حَلَّلَ مُحَرَّمًا بِالْإِجْمَاعِ كَالزِّنَا وَاللِّوَاطِ، وَالظُّلْمِ وَشُرْبِ الْخَمْرِ أَوْ حَرَّمَ حَلَالًا بِالْإِجْمَاعِ كَالنِّكَاحِ وَالْبَيْعِ أَوْ نَفَى وُجُوبَ مُجْمَعٍ عَلَيْهِ كَأَنْ نَفَى رَكْعَةً مِنْ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ أَوْ اعْتَقَدَ وُجُوبَ مَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلُهُ: (أَوْ سَبَّهُ) أَوْ قَصَدَ تَحْقِيرَهُ وَلَوْ بِتَصْغِيرِ اسْمِهِ أَوْ سَبَّ الْمَلَائِكَةَ أَوْ ضَلَّلَ الْأُمَّةَ.

قَوْلُهُ: (أَوْ اسْتَخَفَّ) أَيْ تَهَاوَنَ بِهِ أَوْ بِاسْمِهِ كَأَنْ أَلْقَاهُ فِي قَاذُورَةٍ أَوْ صَغَّرَهُ. بِأَنْ قَالَ مُحَيْمَدٌ قَالَ الزِّيَادِيُّ: وَكَذَلِكَ قَذْفُ عَائِشَةَ وَإِنْكَارُ صُحْبَةِ أَبِيهَا بِخِلَافِ بَقِيَّةِ الصَّحَابَةِ وَالرِّضَا بِالْكُفْرِ كَأَنْ قَالَ لِمَنْ طَلَبَ مِنْهُ تَلْقِينَ الْإِسْلَامِ: اصْبِرْ سَاعَةً. اهـ قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ قَذْفُ عَائِشَةَ ظَاهِرُهُ الْإِطْلَاقُ لَكِنْ قَيَّدَهُ م ر فِي شَرْحِهِ بِمَا بَرَّأَهَا اللَّهُ مِنْهُ، وَلَا يَكْفُرُ بِسَبِّ الشَّيْخَيْنِ أَوْ الْحَسَنِ أَوْ الْحُسَيْنِ.

فَرْعٌ: وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا لَوْ جَاءَهُ يَهُودِيٌّ أَوْ نَصْرَانِيٌّ وَهُوَ يُصَلِّي وَطَلَبَ مِنْهُ تَلْقِينَ الشَّهَادَتَيْنِ هَلْ يُجِيبُهُ أَوْ لَا؟ قُلْت: الظَّاهِرُ أَنْ يُقَالَ: إنْ خَشِيَ فَوَاتَ إسْلَامِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ التَّلْقِينُ. وَتَبْطُلُ بِهِ صَلَاتُهُ وَإِنْ لَمْ يَخْشَ فَوَاتَ ذَلِكَ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ لِلْعُذْرِ بِتَلَبُّسِهِ بِالْفَرْضِ فَلَا يُقَالُ فِيهِ: إنَّهُ رَضِيَ بِالْكُفْرِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ أَوْ لَمْ يُلَقِّنْ الْإِسْلَامَ أَيْ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ عُذْرٌ فِي طَلَبِ التَّأْخِيرِ كَمَا هُنَا ع ش عَلَى م ر. قَوْلُهُ: (مُجْمَعًا عَلَى ثُبُوتِهَا) كَبَسْمَلَةِ النَّمْلِ الَّتِي فِي وَسَطِهَا أَمَّا بَسْمَلَةُ الْفَاتِحَةِ فَلَا يَكْفُرُ مَنْ نَفَاهَا مِنْ الْفَاتِحَةِ لِعَدَمِ الْإِجْمَاعِ عَلَيْهَا قَالَ الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ: فِيمَا عَلَّقَهُ عَلَى الْأَلْفَاظِ الْأَعْجَمِيَّةِ الْوَاقِعَةِ فِي مَتْنِ الْأَنْوَارِ مَا نَصُّهُ لَوْ قَالَ أَبُو بَكْرٍ لَمْ يَكُنْ مِنْ الصَّحَابَةِ كَفَرَ.

وَلَوْ قَالَ ذَلِكَ لِغَيْرِ أَبِي بَكْرٍ لَمْ يَكْفُرْ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْإِجْمَاعَ مُنْعَقِدٌ عَلَى صَحَابَةٍ غَيْرِهِ وَالنَّصُّ وَارِدٌ شَائِعٌ. قُلْت: وَأَقَلُّ الدَّرَجَاتِ أَنْ يَتَعَدَّى ذَلِكَ إلَى عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ رضي الله عنهم؛ لِأَنَّ صَحَابَتَهُمْ يَعْرِفُهَا الْخَاصُّ وَالْعَامُّ مِنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَنَافِي صَحَابَةِ أَحَدِهِمْ مُكَذِّبٌ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم اهـ بِحُرُوفِهِ. وَأَقُولُ: إنَّمَا نَصَّ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ لِثُبُوتِ صُحْبَتِهِ بِالْقُرْآنِ وَسُكُوتِهِمْ عَنْ غَيْرِهِ لَا يَمْنَعُ اللُّحُوقَ لِمَا تَقَرَّرَ مِنْ كُفْرِ مَنْ أَنْكَرَ مُجْمَعًا عَلَيْهِ مَعْلُومًا مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ، وَصُحْبَةُ عُمَرَ كَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ اهـ أج. قَوْلُهُ:(قَلِّمْ أَظْفَارَك) أَوْ قُصَّ شَارِبَك.

قَوْلُهُ: (أَوْ قَالَ: لَوْ أَمَرَنِي اللَّهُ وَرَسُولُهُ بِكَذَا مَا فَعَلْته) أَيْ لَوْ جَاءَنِي النَّبِيُّ مَا قَبِلْته مَا لَمْ يُرِدْ الْمُبَالَغَةَ فِي تَبْعِيدِ نَفْسِهِ أَوْ يُطْلِقْ فَإِنَّ الْمُتَبَادِرَ مِنْهُ التَّبْعِيدُ كَمَا أَفْتَى بِذَلِكَ الْوَالِدُ رحمه الله تَبَعًا لِلسُّبْكِيِّ.

قَوْلُهُ: (إنْ كَانَ مَا قَالَهُ الْأَنْبِيَاءُ) . أَيْ لِمَا فِيهِ مِنْ الشَّكِّ. قَوْلُهُ: (صِدْقًا) بِالنَّصْبِ خَبَرُ كَانَ وَفِي نُسْخَةٍ بِالرَّفْعِ اسْمُهَا مُؤَخَّرًا لَكِنْ فِيهِ أَنَّهُ نَكِرَةٌ وَالْخَبَرُ مَعْرِفَةٌ. اهـ. م د.

قَوْلُهُ: (إنْسِيٌّ) أَيْ أَهُوَ إنْسِيٌّ. . . إلَخْ وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ مَفْعُولٌ ثَانٍ لِأَدْرِيَ.

قَوْلُهُ: (لِمَنْ حَوَّلَ) . صَوَابُهُ حَوْقَلَ. اهـ. م د.

قَوْلُهُ: (أَوْ لَمْ يُلَقِّنْ الْإِسْلَامَ) أَيْ الشَّهَادَتَيْنِ طَالِبَهُ مِنْهُ حَيْثُ لَا عُذْرَ فِي التَّأْخِيرِ إلَّا بِأَنْ كَانَ لَهُ عُذْرٌ كَأَنْ كَانَ يُصَلِّي الْفَرْضَ أَوْ النَّفَلَ وَلَمْ يَخْشَ فَوَاتَ إسْلَامِهِ فَإِنْ خَشِيَ فَوَاتَ إسْلَامِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ التَّلْقِينُ وَتَبْطُلُ بِهِ صَلَاتُهُ إنْ احْتَاجَ إلَى خِطَابِهِ بِنَحْوِ قُلْ وَإِلَّا بِأَنْ اقْتَصَرَ عَلَى الشَّهَادَتَيْنِ وَقَصَدَ الذِّكْرَ فَلَا بُطْلَانَ فَتَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ: (بِلَا تَأْوِيلٍ لِلْمُكَفِّرِ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ لِلْكُفْرِ.

قَوْلُهُ: (أَوْ حَلَّلَ مُحَرَّمًا بِالْإِجْمَاعِ) أَيْ إجْمَاعِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا بِالضَّرُورَةِ فَخَرَجَ إنْكَارُ أَنَّ لِبِنْتِ الِابْنِ السُّدُسَ مَعَ بِنْتِ الصُّلْبِ، تَكْمِلَةَ الثُّلُثَيْنِ فَلَا يَكْفُرُ بِهِ وَلَوْ مِنْ عَالِمٍ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ ق ل وَلَوْ تَمَنَّى شَخْصٌ أَنْ لَا يُحَرِّمَ اللَّهُ الْخَمْرَ أَوْ لَا يُحَرِّمَ الْمُنَاكَحَةَ بَيْنَ الْأَخِ وَالْأُخْتِ لَا يَكْفُرُ بِخِلَافِ مَا لَوْ تَمَنَّى أَنْ لَا يُحَرِّمَ اللَّهُ الظُّلْمَ وَالزِّنَا وَقَتْلَ النَّفْسِ بِغَيْرِ حَقٍّ فَإِنَّهُ يَكْفُرُ.

وَالضَّابِطُ أَنَّ مَا كَانَ حَلَالًا فِي زَمَانٍ فَتَمَنَّى حِلَّهُ لَا يَكْفُرُ؛ لِأَنَّ نِكَاحَ الْأَخِ لِأُخْتِهِ كَانَ حَلَالًا فِي زَمَنِ آدَمَ. اهـ. حِصْنِيٌّ.

قَوْلُهُ: (وُجُوبَ مُجْمَعٍ عَلَيْهِ) لَوْ أَسْقَطَ وُجُوبَ كَانَ أَعَمَّ لِيَشْمَلَ الرَّاتِبَةَ وَنَحْوَهَا طَبَلَاوِيٌّ. اهـ. م د. قَوْلُهُ: (أَوْ اعْتَقَدَ. . . إلَخْ) . كَانَ الْمُنَاسِبُ تَأْخِيرَهُ عَنْ

ص: 239

بِالْإِجْمَاعِ كَزِيَادَةِ رَكْعَةٍ فِي الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ أَوْ عَزَمَ عَلَى الْكُفْرِ غَدًا أَوْ تَرَدَّدَ فِيهِ حَالًا كَفَرَ فِي جَمِيعِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ الْمَذْكُورَةِ، وَهَذَا بَابٌ لَا سَاحِلَ لَهُ، وَالْفِعْلُ الْمُكَفِّرُ مَا تَعَمَّدَهُ صَاحِبُهُ اسْتِهْزَاءً صَرِيحًا بِالدِّينِ أَوْ جُحُودًا لَهُ: كَإِلْقَاءِ مُصْحَفٍ وَهُوَ اسْمٌ لِلْمَكْتُوبِ بَيْنَ الدَّفَّتَيْنِ بِقَاذُورَةٍ، وَسُجُودٍ لِمَخْلُوقٍ كَصَنَمٍ وَشَمْسٍ.

وَخَرَجَ بِقَوْلِنَا: قَطْعُ مَنْ يَصِحُّ طَلَاقُهُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

الْفِعْلِ الْآتِي إذْ هُوَ مِنْ الْفِعْلِ الْقَلْبِيِّ وَلَيْسَ بِنِيَّةٍ إذْ النِّيَّةُ الْقَصْدُ وَهُوَ غَيْرُ الْفِعْلِ.

قَوْلُهُ: (كَزِيَادَةِ رَكْعَةٍ) أَيْ أَوْ سَجْدَةٍ.

قَوْلُهُ: (أَوْ تَرَدَّدَ فِيهِ) أَيْ الْكُفْرِ أَيْ هَلْ يَكْفُرُ أَوْ لَا وَإِنَّمَا كَانَ مُكَفِّرًا؛ لِأَنَّ اسْتِدَامَةَ الْإِيمَانِ وَاجِبَةٌ وَالتَّرَدُّدَ يُنَافِيهَا شَرْحُ الرَّوْضِ. فَإِنْ قُلْت التَّرَدُّدُ مِنْ أَيِّ قِسْمٍ مِنْ الْأَقْسَامِ. قُلْت: مِنْ قِسْمِ الْفِعْلِ؛ لِأَنَّهُمْ أَرَادُوا بِالْفِعْلِ مَا يَشْمَلُ الْقَلْبِيَّ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ قَالَ م د: وَبَعْضُهُمْ جَعَلَهُ شَامِلًا لِلتَّرَدُّدِ فِي إيجَادِ فِعْلٍ مُكَفِّرٍ أَيْضًا كَمَا لَوْ تَرَدَّدَ فِي إلْقَاءِ مُصْحَفٍ بِقَاذُورَةٍ وَهُوَ ظَاهِرُ مَا فِي الْمَنْهَجِ وَفِيهِ نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ وَعِبَارَتُهُ كَنَفْيِ الصَّانِعِ أَوْ نَفْيِ نَبِيٍّ أَوْ تَكْذِيبِهِ أَوْ جَحْدِ مُجْمَعٍ عَلَيْهِ مَعْلُومٍ مِنْ الدِّينِ ضَرُورَةً بِلَا عُذْرٍ أَوْ تَرَدَّدَ فِي كُفْرٍ أَوْ إلْقَاءِ مُصْحَفٍ بِقَاذُورَةٍ. اهـ فَقَوْلُهُ: أَوْ إلْقَاءِ مُصْحَفٍ مَعْطُوفٌ عَلَى نَفْيِ الصَّانِعِ لَا عَلَى كُفْرٍ إذْ لَوْ عَطَفَ عَلَيْهِ لَاقْتَضَى أَنَّ التَّرَدُّدَ فِي الْإِلْقَاءِ كُفْرٌ. فِيهِ نَظَرٌ صَرَّحَ بِهِ الرَّمْلِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الرَّوْضِ. أَقُولُ: وَيَنْبَغِي عَدَمُ الْكُفْرِ بِهِ لَكِنَّ قَضِيَّةَ قَوْلِهِ: أَوْ تَرَدَّدَ فِي كُفْرٍ أَنَّهُ يَكْفُرُ؛ لِأَنَّ إلْقَاءَ الْمُصْحَفِ كُفْرٌ فَالتَّرَدُّدُ فِيهِ تَرَدُّدٌ فِي الْكُفْرِ. اهـ. ع ش عَلَى م ر.

قَوْلُهُ: (حَالًّا) مُقَدَّمٌ مِنْ تَأْخِيرٍ وَالْأَصْلُ فَيَكْفُرُ حَالًا كَمَا عَبَّرَ بِهِ م ر وَيَصِحُّ تَعَلُّقُهُ بِتَرَدَّدَ أَيْ تَرَدَّدَ فِي الْكُفْرِ حَالًا أَوْ غَدًا فَيَكْفُرُ حَالًا وَعِبَارَةُ س ل. أَوْ تَرَدَّدَ فِي كُفْرٍ أَيْ حَالًا بِطَرَيَانِ شَكٍّ يُنَاقِضُ جَزْمَ النِّيَّةِ بِالْإِسْلَامِ فَإِنْ لَمْ يُنَاقِضْ الْجَزْمَ كَاَلَّذِي يَجْرِي فِي الْفِكْرِ فَهُوَ مِمَّا يُبْتَلَى بِهِ الْمُوَسْوَسُ. اهـ وَقَوْلُهُ: أَوْ تَرَدَّدَ فِيهِ حَالًا أَوْ قَالَ: تَوَفَّنِي إنْ شِئْت مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا أَوْ قَالَ: أَخَذْت مَالِي وَوَلَدِي فَمَاذَا بَقِيَ لَمْ تَفْعَلْهُ أَوْ ضَلَّلَ الْأُمَّةَ أَوْ كَفَّرَ الصَّحَابَةَ أَوْ أَنْكَرَ الْبَعْثَ أَوْ أَنْكَرَ مَكَّةَ أَوْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ أَوْ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ وَالْحِسَابَ أَوْ الثَّوَابَ أَوْ الْعِقَابَ. نَعَمْ لَا كُفْرَ بِشَيْءٍ مِنْ الْمَذْكُورَاتِ مِنْ جَاهِلٍ قَرُبَ إسْلَامُهُ أَوْ بَعُدَ عَنْ الْمُسْلِمِينَ. اهـ. سم وَقَوْلُهُ: أَوْ الْجَنَّةَ أَوْ النَّارَ أَيْ فِي الْآخِرَةِ بِخِلَافِهِ فِي الدُّنْيَا اهـ لَا إنْ أَنْكَرَ الصِّرَاطَ أَوْ الْمِيزَانَ مِمَّا تَقُولُ بِهِ الْمُعْتَزِلَةُ رَشِيدِيٌّ.

قَوْلُهُ: (وَهَذَا بَابٌ لَا سَاحِلَ لَهُ) أَيْ لِكَثْرَةِ مَسَائِلِهِ وَفِيهِ اسْتِعَارَةٌ بِالْكِنَايَةِ حَيْثُ شَبَّهَ الْبَابَ بِالْبَحْرِ تَشْبِيهًا مُضْمَرًا فِي النَّفْسِ وَقَوْلُهُ: لَا سَاحِلَ لَهُ اسْتِعَارَةٌ تَخَيُّلِيَّةٌ وَلَوْ قَالَ: بَحْرٌ لَا سَاحِلَ لَهُ لَكَانَ أَنْسَبَ.

قَوْلُهُ: (صَرِيحًا) صِفَةٌ لِلِاسْتِهْزَاءِ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهَا وَقَوْلُهُ: بِالدِّينِ مُتَعَلِّقٌ بِاسْتِهْزَاءٍ وَقَوْلُهُ: أَوْ جُحُودًا عَطْفٌ عَلَى اسْتِهْزَاءٍ وَالضَّمِيرُ فِي لَهُ إنْ كَانَ رَاجِعًا لِلْفِعْلِ فَلَا مَعْنَى لَهُ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ الْمَعْنَى أَنَّهُ فَعَلَ الْفِعْلَ الْمُكَفِّرَ حَالَةَ كَوْنِهِ جَاحِدًا لِلْفِعْلِ وَلَا مَعْنَى لَهُ وَلِذَلِكَ قَالَ بَعْضُهُمْ: يُتَأَمَّلُ مَعْنَى ذَلِكَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الضَّمِيرُ رَاجِعًا لِلدِّينِ، وَالْمَعْنَى فَعَلَ الْفِعْلَ الْمُكَفِّرَ حَالَةَ كَوْنِهِ جَاحِدًا لِلدِّينِ الْحَقِّ الَّذِي يَقْتَضِي عَدَمَ هَذَا الْفِعْلِ الْمُكَفِّرِ.

قَوْلُهُ: (كَإِلْقَاءِ مُصْحَفٍ) أَوْ نَحْوِهِ مِمَّا فِيهِ شَيْءٌ مِنْ الْقُرْآنِ بَلْ اسْمٌ مُعَظَّمٌ مِنْ الْحَدِيثِ قَالَ الرُّويَانِيُّ: أَوْ مِنْ عِلْمٍ شَرْعِيٍّ وَالْإِلْقَاءُ لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ الْمَدَارُ عَلَى مُمَاسَّتِهِ بِقَذِرٍ وَلَوْ طَاهِرًا وَالْحَدِيثُ فِي كَلَامِهِ شَامِلٌ لِلضَّعِيفِ وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ فِي إلْقَائِهِ اسْتِخْفَافًا بِمَنْ نُسِبَ إلَيْهِ وَخَرَجَ بِالضَّعِيفِ الْمَوْضُوعُ اهـ. ع ش وَعِبَارَةُ ق ل كَإِلْقَاءِ مُصْحَفٍ بِالْفِعْلِ أَوْ بِالْعَزْمِ بِهِ وَأَلْحَقَ بِهِ بَعْضُهُمْ وَضْعَ رِجْلِهِ عَلَيْهِ وَنُوزِعَ فِيهِ.

قَوْلُهُ: (بِقَاذُورَةٍ) أَيْ قَذَرٍ وَلَوْ طَاهِرًا كَبُصَاقٍ وَمُخَاطٍ وَمَنِيٍّ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِخْفَافِ لَا لِخَوْفِ أَخْذِ نَحْوِ كَافِرٍ لَهُ وَإِنْ حَرُمَ وَكَإِلْقَاءِ ذَلِكَ عَلَى الْقَذَرِ إلْقَاءُ الْقَذَرِ عَلَيْهِ قَالَ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ: وَلَا بُدَّ فِي غَيْرِ الْقُرْآنِ مِنْ قَرِينَةٍ تَدُلُّ عَلَى الْإِهَانَةِ وَإِلَّا فَلَا.

وَاخْتَلَفَ مَشَايِخُنَا فِي مَسْحِ الْقُرْآنِ مِنْ لَوْحِ الْمُتَعَلِّمِ بِالْبُصَاقِ فَأَفْتَى بَعْضُهُمْ بِحُرْمَتِهِ مُطْلَقًا وَبَعْضُهُمْ بِحِلِّهِ مُطْلَقًا وَبَعْضُهُمْ بِحُرْمَتِهِ إنْ بَصَقَ عَلَى الْقُرْآنِ ثُمَّ مَسَحَهُ وَبِحِلِّهِ إنْ بَصَقَ عَلَى نَحْوِ خِرْقَةٍ ثُمَّ مَسَحَ بِهَا قَالَهُ سم قَالَ: ع ش عَلَى م ر وَمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ الْبُصَاقِ عَلَى اللَّوْحِ لِإِزَالَةِ مَا فِيهِ لَيْسَ بِكُفْرٍ. إذْ لَيْسَ فِيهِ قَرِينَةٌ دَالَّةٌ عَلَى الِاسْتِهْزَاءِ وَمِثْلُهُ مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ أَيْضًا مِنْ مَضْغِ مَا عَلَيْهِ قُرْآنٌ أَوْ نَحْوِهِ لِلتَّبَرُّكِ بِهِ أَوْ لِصِيَانَتِهِ عَنْ النَّجَاسَةِ وَهَلْ ضَرْبُ الْفَقِيهِ الْأَوْلَادَ الَّذِينَ يَتَعَلَّمُونَ مِنْهُ بِأَلْوَاحِهِمْ كُفْرٌ أَوْ لَا، وَإِنْ رَمَاهُمْ بِالْأَلْوَاحِ مِنْ بُعْدٍ الظَّاهِرُ الثَّانِي؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ حَالِهِ أَنَّهُ لَا يُرِيدُ الِاسْتِخْفَافَ بِالْقُرْآنِ نَعَمْ يَنْبَغِي حُرْمَتُهُ لِإِشْعَارِهِ بِعَدَمِ التَّعْظِيمِ اهـ. وَوَقَعَ السُّؤَالُ عَنْ شَخْصٍ يَكْتُبُ الْقُرْآنَ بِرِجْلِهِ لِكَوْنِهِ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَكْتُبَ بِيَدَيْهِ لِمَانِعٍ بِهِمَا. وَالْجَوَابُ عَنْهُ كَمَا أَجَابَ عَنْهُ شَيْخُنَا الشَّوْبَرِيُّ

ص: 240

الصَّبِيُّ وَلَوْ مُمَيِّزًا وَالْمَجْنُونُ فَلَا تَصِحُّ رِدَّتُهُمَا لِعَدَمِ تَكْلِيفِهِمَا وَالْمُكْرَهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِلا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ} [النحل: 106] وَدَخَلَ فِيهِ السَّكْرَانُ الْمُتَعَدِّي بِسُكْرِهِ فَتَصِحُّ رِدَّتُهُ كَطَلَاقِهِ وَسَائِرِ تَصَرُّفَاتِهِ وَإِسْلَامِهِ عَنْ رِدَّتِهِ. (وَمَنْ ارْتَدَّ) مِنْ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ عَنْ دِينِ (الْإِسْلَامِ) بِشَيْءٍ مِمَّا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ أَوْ بِغَيْرِهِ مِمَّا قُرِّرَ فِي الْمَبْسُوطَاتِ وَغَيْرِهَا (اُسْتُتِيبَ) وُجُوبًا قَبْلَ قَتْلِهِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مُحْتَرَمًا بِالْإِسْلَامِ فَرُبَّمَا عَرَضَتْ لَهُ شُبْهَةٌ. فَيَسْعَى فِي إزَالَتِهَا لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الرِّدَّةَ تَكُونُ عَنْ شُبْهَةٍ عَرَضَتْ وَثَبَتَ وُجُوبُ الِاسْتِتَابَةِ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -. وَرَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ جَابِرٍ: «أَنَّ امْرَأَةً يُقَالُ لَهَا

ــ

[حاشية البجيرمي]

بِأَنَّهُ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَالْحَالَةُ مَا ذَكَرَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ إزْرَاءً؛ لِأَنَّ الْإِزْرَاءَ أَنْ يَقْدِرَ عَلَى الْحَالَةِ الْكَامِلَةِ وَيَنْتَقِلَ عَنْهَا إلَى غَيْرِهَا، وَهَذَا لَيْسَ كَذَلِكَ وَمَا اسْتَنَدَ إلَيْهِ بَعْضُهُمْ فِي الْحُرْمَةِ مِنْ حُرْمَةِ مَدِّ الرِّجْلِ إلَى الْمُصْحَفِ مَرْدُودٌ بِمَا تَقَرَّرَ وَيَلْزَمُ الْقَائِلَ بِالْحُرْمَةِ هُنَا أَنْ يَقُولَ بِالْحُرْمَةِ فِيمَا لَوْ كَتَبَ الْقُرْآنَ بِيَسَارِهِ مَعَ تَعَطُّلِ الْيَمِينِ وَلَا قَائِلَ بِهِ اهـ قَدْ يُقَالُ: فَرْقٌ بَيْنَ الْيَدِ وَالرِّجْلِ.

فَائِدَةٌ: ذَكَرَ الشَّيْخُ إبْرَاهِيمُ اللَّقَانِيِّ فِي شَرْحِهِ الْكَبِيرِ عَلَى عَقِيدَتِهِ الْمُسَمَّاةِ بِالْجَوْهَرَةِ عِنْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ وَقُلْ يُعَادُ الْجِسْمُ بِالتَّحْقِيقِ نَقَلَ الزَّرْكَشِيّ عَنْ الْحَلِيمِيِّ أَنَّ مَنْ قُطِعَتْ يَدُهُ ثُمَّ ارْتَدَّ وَمَاتَ عَلَى رِدَّتِهِ أَيُبْعَثُ بِتِلْكَ الْيَدِ أَمْ لَا فَإِنْ قُلْتُمْ يُبْعَثُ بِهَا لَزِمَ أَنْ يَلِجَ النَّارَ عُضْوٌ لَمْ يُذْنِبْ بِهِ صَاحِبُهُ، وَإِنْ قُلْتُمْ لَا يُبْعَثُ بِهَا لَزِمَ أَنْ لَا يُعَادَ جَمِيعُ الْأَجْزَاءِ الْأَصْلِيَّةِ. وَالْجَوَابُ أَنَّهُ يُبْعَثُ تَامَّ الْخِلْقَةِ كَامِلَ الْبَدَنِ؛ لِأَنَّ الْيَدَ تَابِعَةٌ لِلْبَدَنِ لَا حُكْمَ لَهَا عَلَى الِانْفِرَادِ فِي طَاعَةٍ وَلَا مَعْصِيَةٍ. وَمُلَخَّصُهُ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي السَّعَادَةِ وَالشَّقَاوَةِ إنَّمَا هُوَ بِحَالِ الْمَوْتِ لِخَبَرِ «إنَّ أَحَدَكُمْ يَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ» الْحَدِيثَ، وَأَمَّا الْأَجْزَاءُ بِانْفِرَادِهَا قَبْلَ ذَلِكَ فَغَيْرُ مَنْظُورٍ إلَيْهَا. اهـ. خَضِرٌ.

قَوْلُهُ: (وَسُجُودٌ لِمَخْلُوقٍ كَصَنَمٍ) إلَّا لِضَرُورَةٍ بِأَنْ كَانَ فِي بِلَادِهِمْ مَثَلًا وَأَمَرُوهُ بِذَلِكَ وَخَافَ عَلَى نَفْسِهِ وَخَرَجَ بِالسُّجُودِ الرُّكُوعُ فَلَا يَكْفُرُ بِهِ مَا لَمْ يَعْتَقِدْ التَّشْرِيكَ أَوْ قَصَدَ بِالرُّكُوعِ لِغَيْرِ اللَّهِ تَعْظِيمَهُ كَتَعْظِيمِ اللَّهِ فَإِنَّهُ يَكْفُرُ وَعِبَارَةُ سم. وَسُجُودُ غَيْرِ أَسِيرٍ فِي دَارِ الْحَرْبِ بِحَضْرَتِهِمْ لِصَنَمٍ وَخَرَجَ بِالسُّجُودِ الرُّكُوعُ لِوُقُوعِ صُورَتِهِ لِلْمَخْلُوقِ عَادَةً وَلَا كَذَلِكَ السُّجُودُ نَعَمْ يَتَّجِهُ أَنَّ كُلَّ ذَلِكَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فَإِنْ قَصَدَ تَعْظِيمَ مَخْلُوقٍ بِالرُّكُوعِ كَمَا يُعَظِّمُ اللَّهَ بِهِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا فِي الْكُفْرِ حِينَئِذٍ اهـ حَجّ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الِانْحِنَاءَ لِمَخْلُوقٍ كَمَا يُفْعَلُ عِنْدَ مُلَاقَاةِ الْعُظَمَاءِ حَرَامٌ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ أَوْ قَصْدِ تَعْظِيمِهِمْ لَا كَتَعْظِيمِ اللَّهِ وَكُفْرٌ إنْ قَصَدَ تَعْظِيمَهُمْ كَتَعْظِيمِ اللَّهِ تَعَالَى.

قَوْلُهُ: (اُسْتُتِيبَ وُجُوبًا) بِأَنْ يُؤْمَرَ بِالشَّهَادَتَيْنِ فَيَأْتِي بِهِمَا مَعَ تَرْتِيبِهِمَا وَمُوَالَاتِهِمَا وَإِنْ كَانَ مُقِرًّا بِأَحَدِهِمَا وَإِنْ كَانَ كُفْرُهُ بِإِنْكَارِ مَا لَا يُنَافِي الْإِقْرَارَ بِهِمَا أَوْ بِأَحَدِهِمَا كَأَنْ خَصَّصَ رِسَالَتَهُ صلى الله عليه وسلم بِالْعَرَبِ أَوْ جَحَدَ فَرْضًا أَوْ تَحْرِيمًا وَجَبَ مَعَ الشَّهَادَتَيْنِ الِاعْتِرَافُ بِمَا أَنْكَرَهُ بِأَنْ يَعْتَرِفَ فِي الْأُولَى بِأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ إلَى جَمِيعِ الْخَلْقِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَكْفِي الِاعْتِرَافُ بِرِسَالَتِهِ إلَى الْإِنْسِ وَالْجِنِّ؛ لِأَنَّ رِسَالَتَهُ إلَى الْمَلَكِ مُخْتَلَفٌ فِيهَا أَوْ يَبْرَأُ مِنْ كُلِّ دِينٍ يُخَالِفُ دِينَ الْإِسْلَامِ وَيَرْجِعُ فِي الثَّانِي عَنْ جَحْدِهِ. وَاخْتُلِفَ فِي اشْتِرَاطِ لَفْظِ أَشْهَدُ وَالْوَجْهُ عَلَى اشْتِرَاطِهِ تَكْرِيرُهُ عِنْدَ الْعَطْفِ اهـ. سم وَعِبَارَةُ م ر فِي شَرْحِهِ وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَكَرُّرِ لَفْظِ أَشْهَدُ فِي صِحَّةِ الْإِسْلَامِ وَهُوَ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُهُمَا فِي الْكَفَّارَةِ أَوْ غَيْرِهَا وَخَالَفَ فِيهِ جَمْعٌ اهـ وَقَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَكَرُّرِ لَفْظِ أَشْهَدُ أَيْ وَعَلَيْهِ فَلَا يَصِحُّ إسْلَامُهُ بِدُونِهَا وَإِنْ أَتَى بِالْوَاوِ وَقَوْلُهُ: وَهُوَ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامِهِمَا مُعْتَمَدٌ وَلِبَعْضِهِمْ:

شُرُوطُ الْإِسْلَامِ بِلَا اشْتِبَاهِ

عَقْلٌ بُلُوغٌ عَدَمُ الْإِكْرَاهِ

وَالنُّطْقُ بِالشَّهَادَتَيْنِ وَالَوْلَا

كَذَلِكَ التَّرْتِيبُ فَاعْلَمْ وَاعْمَلَا

وَقَوْلُهُ: كَذَلِكَ التَّرْتِيبُ وَفِي لَفْظِ السَّادِسِ التَّرْتِيبُ.

قَوْلُهُ: (وُجُوبًا) وَقِيلَ نَدْبًا؛ وَعَلَى كُلٍّ قِيلَ حَالًا وَقِيلَ يُمْهَلُ ثَلَاثَةَ

ص: 241

أُمُّ رُومَانَ ارْتَدَّتْ فَأَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُعْرَضَ عَلَيْهَا الْإِسْلَامُ، فَإِنْ تَابَتْ وَإِلَّا قُتِلَتْ» وَلَا يُعَارِضُ هَذَا النَّهْيُ عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ الَّذِي اسْتَدَلَّ بِهِ أَبُو حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مَحْمُولٌ عَلَى الْحَرْبِيَّاتِ وَهَذَا عَلَى الْمُرْتَدَّاتِ، وَالِاسْتِتَابَةُ تَكُونُ حَالًّا لِأَنَّ قَتْلَهُ الْمُرَتَّبَ عَلَيْهَا حَدٌّ فَلَا يُؤَخَّرُ كَسَائِرِ الْحُدُودِ.

نَعَمْ إنْ كَانَ سَكْرَانَ سُنَّ التَّأْخِيرُ إلَى الصَّحْوِ، وَفِي قَوْلٍ: يُمْهَلُ فِيهَا (ثَلَاثًا) أَيْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لِأَثَرٍ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي ذَلِكَ، وَأَخَذَ بِهِ الْإِمَامُ مَالِكٌ. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ يُدْعَى إلَى الْإِسْلَامِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَإِنْ أَبَى قُتِلَ وَحَمَلَ بَعْضُهُمْ كَلَامَ الْمَتْنِ عَلَى هَذَا. وَعَلَى كُلِّ حَالٍ هُوَ ضَعِيفٌ وَعَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -: أَنَّهُ يُسْتَتَابُ شَهْرَيْنِ (فَإِنْ تَابَ) بِالْعَوْدِ إلَى الْإِسْلَامِ. (صَحَّ) إسْلَامُهُ (وَتُرِكَ) وَلَوْ كَانَ زِنْدِيقًا أَوْ تَكَرَّرَ مِنْهُ ذَلِكَ لِآيَةِ: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} [الأنفال: 38] وَخَبَرِ: «فَإِذَا قَالُوهَا عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إلَّا بِحَقِّ الْإِسْلَامِ» وَالزِّنْدِيقُ مَنْ يُخْفِي الْكُفْرَ وَيُظْهِرُ الْإِسْلَامَ كَمَا قَالَهُ: الشَّيْخَانِ فِي هَذَا الْبَابِ، وَبَابَيْ صِفَةِ الْأَئِمَّةِ وَالْفَرَائِضِ أَوْ مَنْ لَا يَنْتَحِلُ دِينًا كَمَا قَالَاهُ فِي اللِّعَانِ وَصَوَابُهُ فِي الْمُهِمَّاتِ ثُمَّ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتُبْ فِي الْحَالِ (قُتِلَ) وُجُوبًا لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ:«مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ» أَيْ بِضَرْبِ عُنُقِهِ دُونَ الْإِحْرَاقِ وَغَيْرِهِ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ لِلْأَمْرِ بِإِحْسَانِ الْقِتْلَةِ.

(وَلَمْ يُغَسَّلْ) أَيْ لَا يَجِبُ غُسْلُهُ لِخُرُوجِهِ عَنْ أَهْلِيَّةِ الْوُجُوبِ بِالرِّدَّةِ. لَكِنْ يَجُوزُ لَهُ كَمَا قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ فِي الْجَنَائِزِ. (وَلَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ) لِتَحْرِيمِهَا عَلَى الْكَافِرِ قَالَ تَعَالَى: {وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا} [التوبة: 84] . تَنْبِيهٌ: سَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَنْ تَكْفِينِهِ، وَحُكْمُهُ الْجَوَازُ كَغُسْلِهِ. (وَلَمْ يُدْفَنْ) أَيْ لَا يَجُوزُ دَفْنُهُ (فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ) لِخُرُوجِهِ مِنْهُمْ بِالرِّدَّةِ وَيَجُوزُ دَفْنُهُ فِي مَقَابِرِ الْكُفَّارِ. وَلَا يَجِبُ كَالْحَرْبِيِّ كَمَا قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ. وَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الدَّمِيرِيِّ مِنْ دَفْنِهِ بَيْنَ مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ وَالْكُفَّارِ لِمَا تَقَدَّمَ لَهُ مِنْ حُرْمَةِ الْإِسْلَامِ لَا أَصْلَ لَهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ} [البقرة: 217]

ــ

[حاشية البجيرمي]

أَيَّامٍ وَقِيلَ تُكَرَّرُ التَّوْبَةُ لَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ.

قَوْلُهُ: (فَيُسْعَى) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ.

قَوْلُهُ: (فَإِنْ تَابَتْ) أَيْ فَذَاكَ ظَاهِرٌ.

قَوْلُهُ: (وَلَا يُعَارِضُ هَذَا) أَيْ وُجُوبَ الِاسْتِتَابَةِ فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ وَقَتْلَهَا إذَا لَمْ تُسْلِمْ وَلَا تُقْتَلُ الْمُرْتَدَّةُ الْحَامِلَةُ حَتَّى تَضَعَ حَمْلَهَا لِمَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ مِنْ إتْلَافِ حَمْلِهَا فَإِنَّ الْمُسْلِمَ الْمَعْصُومَ يَتْبَعُ أَصْلَهُ الْمُسْلِمَ وَلَوْ مَيِّتًا ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ ذَلِكَ) أَيْ النَّهْيَ وَقَوْلُهُ: وَالِاسْتِتَابَةُ تَكُونُ حَالًا لَا خِلَافَ أَنَّهُ لَوْ قُتِلَ قَبْلَ الِاسْتِتَابَةِ لَمْ يَجِبْ بِقَتْلِهِ شَيْءٌ غَيْرُ التَّعْزِيرِ وَإِنْ كَانَ الْقَاتِلُ مُسِيئًا بِفِعْلِهِ،. اهـ. سم وَقَوْلُهُ: تَكُونُ حَالًا مُعْتَمَدٌ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّ قَتْلَهُ) أَيْ الْمُرْتَدِّ الْمُرَتَّبَ عَلَيْهَا أَيْ الرِّدَّةِ حَدٌّ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي كَلَامِهِ فِي فَصْلِ قَاطِعِ الطَّرِيقِ أَنَّهُ يُقْتَلُ كُفْرًا لَا حَدًّا وَهُوَ الصَّوَابُ وَحِينَئِذٍ فَفِي هَذَا التَّعْلِيلِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ فَالصَّوَابُ إسْقَاطُهُ.

قَوْلُهُ: (وَفِي قَوْلٍ: يُمْهَلُ) هَذَا مُقَابِلُ قَوْلِهِ: يُسْتَتَابُ حَالًا وَلَيْسَ رَاجِعًا لِلسَّكْرَانِ فَقَطْ. قَوْلُهُ: (يُمْهَلُ فِيهَا ثَلَاثًا) بِمَعْنَى أَنَّ كُلَّ يَوْمٍ تُعْرَضُ عَلَيْهِ كَمَا فِي م ر وَلَيْسَ هَذَا إفْصَاحًا بِدُخُولِ جَمِيعِ لَيَالِي الثَّلَاثَةِ أَوْ عَدَمِهِ سم وَأَوَّلَ يَوْمٍ مِنْ الثَّلَاثِ يُهَدَّدُ وَيُخَوَّفُ بِالضَّرْبِ الْخَفِيفِ وَثَانِي يَوْمٍ بِالثَّقِيلِ وَالثَّالِثَ بِالْقَتْلِ.

قَوْلُهُ: (فِيهَا) أَيْ الِاسْتِتَابَةِ أَيْ بِسَبَبِهَا.

قَوْلُهُ: (يُدْعَى إلَى الْإِسْلَامِ) . أَيْ يُطْلَبُ مِنْهُ.

قَوْلُهُ: (بِالْعَوْدَةِ إلَى الْإِسْلَامِ) . وَلَا بُدَّ مِنْ رُجُوعِهِ عَنْ اعْتِقَادٍ ارْتَدَّ بِسَبَبِهِ م ر.

قَوْلُهُ: (أَوْ تُكَرَّرُ) لَكِنْ يُعَزَّرُ إنْ تَكَرَّرَتْ وَتَوْبَةُ الْكَافِرِ مِنْ كُفْرِهِ قَطْعِيَّةُ الْقَبُولِ بِخِلَافِ غَيْرِهَا لِوُرُودِ التَّصْرِيحِ بِذَلِكَ فِي الْقُرْآنِ قَالَ تَعَالَى: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} [الأنفال: 38] . قَوْلُهُ: (وَإِنْ لَمْ يَتُبْ) بِأَنْ امْتَنَعَ مِنْ النُّطْقِ بِالشَّهَادَتَيْنِ بِشُرُوطِهِ.

قَوْلُهُ: (وَلَا يَجِبُ) أَيْ دَفْنُهُ كَالْحَرْبِيِّ.

قَوْلُهُ: (لَا أَصْلَ لَهُ) عِبَارَةُ الْعَبَّادِيِّ صَرِيحَةٌ فِي أَنَّ هَذِهِ الْعِبَارَةَ لَهَا أَصْلٌ وَنَصُّهُ وَلَمْ يُدْفَنْ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ أَيْ يَحْرُمُ ذَلِكَ كَعَكْسِهِ بَلْ وَلَا فِي مَقَابِرِ الْكَافِرِينَ بَلْ بَيْنَ الْمَقْبَرَتَيْنِ اهـ أج وَقَوْلُهُ: لَمْ يُدْفَنْ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ أَيْ لِقَطْعِهِ الْوَصْلَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ بِمُفَارَقَتِهِ جَمَاعَتَهُمْ وَقَوْلُهُ: وَلَا فِي مَقَابِرِ الْكَافِرِينَ أَيْ لِبَقَاءِ عَلَقَةِ الْإِسْلَامِ بِهِ فَكَأَنَّهُ أُمَّةٌ وَاحِدَةٌ

ص: 242

الْآيَةَ

وَيَجِبُ تَفْصِيلُ الشَّهَادَةِ بِالرِّدَّةِ لِاخْتِلَافِ النَّاسِ فِيمَا يُوجِبُهَا وَلَوْ ادَّعَى مُدَّعٍ عَلَيْهِ بِرِدَّةٍ إكْرَاهًا وَقَدْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِلَفْظِ كُفْرٍ أَوْ فِعْلِهِ حَلَفَ فَيُصَدَّقُ وَلَوْ بِلَا قَرِينَةٍ لِأَنَّهُ لَمْ يُكَذِّبْ الشُّهُودَ أَوْ شَهِدَتْ بِرِدَّتِهِ وَأَطْلَقَتْ لَمْ تُقْبَلْ لِمَا مَرَّ، وَلَوْ قَالَ: أَحَدُ ابْنَيْنِ مُسْلِمَيْنِ: مَاتَ أَبِي مُرْتَدًّا فَإِنْ بَيَّنَ سَبَبَ رِدَّتِهِ كَسُجُودٍ لِصَنَمٍ فَنَصِيبُهُ فَيْءٌ لِبَيْتِ الْمَالِ. وَإِنْ أَطْلَقَ اسْتُفْصِلَ فَإِنْ ذَكَرَ مَا هُوَ رِدَّةٌ كَانَ فَيْئًا أَوْ غَيْرَهَا كَقَوْلِهِ كَانَ يَشْرَبُ الْخَمْرَ. صُرِفَ إلَيْهِ وَهَذَا هُوَ الْأَظْهَرُ فِي أَصْلَيْ الرَّوْضَةِ، وَمَا فِي الْمِنْهَاجِ مِنْ أَنَّ الْأَظْهَرَ أَنَّهُ فَيْءٌ أَيْضًا ضَعِيفٌ.

تَتِمَّةٌ: فَرْعٌ الْمُرْتَدُّ إنْ انْعَقَدَ قَبْلَ الرِّدَّةِ أَوْ فِيهَا وَأَحَدُ أُصُولِهِ مُسْلِمٌ فَمُسْلِمٌ تَبَعًا لَهُ، وَالْإِسْلَامُ يَعْلُو، أَوْ أُصُولُهُ مُرْتَدُّونَ فَمُرْتَدٌّ تَبَعًا لَا مُسْلِمٌ وَلَا كَافِرٌ أَصْلِيٌّ فَلَا يُسْتَرَقُّ وَلَا يُقْتَلُ حَتَّى يَبْلُغَ وَيُسْتَتَابَ فَإِنْ لَمْ يَتُبْ قُتِلَ.

وَاخْتُلِفَ فِي الْمَيِّتِ مِنْ

ــ

[حاشية البجيرمي]

فَعُومِلَ بِعَمَلِهِ. اهـ. .

قَوْلُهُ: (وَيَجِبُ تَفْصِيلُ الشَّهَادَةِ) أَيْ بِأَنْ يَذْكُرَ مُوجِبَهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَالِمًا مُخْتَارًا وَهَذَا ضَعِيفٌ وَاَلَّذِي فِي مَتْنِ الْمِنْهَاجِ وَاعْتَمَدَهُ م ر أَنَّهُ تَكْفِي الشَّهَادَةُ الْمُطْلَقَةُ بِهَا؛ لِأَنَّهَا لِخَطَرِهَا لَا يُقْدِمُ الْعَدْلُ عَلَى الشَّهَادَةِ بِهَا إلَّا بَعْدَ تَحَقُّقِهَا اهـ وَقَوْلُهُ: لَا يُقْدِمُ، فِي الْمُخْتَارِ وَقَدِمَ مِنْ سَفَرِهِ بِالْكَسْرِ قُدُومًا وَمَقْدَمًا أَيْضًا بِفَتْحِ الدَّالِ وَقَدِمَ يَقْدُمُ كَنَصَرَ يَنْصُرُ قُدْمًا بِوَزْنِ قُفْلٍ أَيْ تَقَدَّمَ وَقَدُمَ الشَّيْءُ بِالضَّمِّ قِدَمًا بِوَزْنِ عِنَبٍ فَهُوَ قَدِيمٌ وَأَقْدَمَ عَلَى الْأَمْرِ اهـ قَالَ: ع ش عَلَى م ر وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَيْ مِنْ قَوْلِهِ: لِأَنَّهَا لِخَطَرِهَا. . . إلَخْ أَنَّ الْكَلَامَ فِي عَدْلٍ يَعْرِفُ الْمُكَفِّرَ مِنْ غَيْرِهِ اهـ.

قَوْلُهُ: (إكْرَاهًا) مَفْعُولٌ لِادَّعَى وَقَوْلُهُ: وَقَدْ شَهِدَتْ حَالٌ وَقَوْلُهُ حَلَفَ جَوَابُ لَوْ. قَوْلُهُ: (حَلَفَ) فَإِنْ قُتِلَ قَبْلَ الْيَمِينِ فَهَلْ يُضْمَنُ؛ لِأَنَّ الرِّدَّةَ لَمْ تَثْبُتْ أَوَّلًا؛ لِأَنَّ لَفْظَ الرِّدَّةِ وُجِدَ وَالْأَصْلُ الِاخْتِيَارُ وَجْهَانِ أَوْجَهُهُمَا الثَّانِي اهـ خ ط. اهـ. س ل. قَوْلُهُ: (وَلَوْ بِلَا قَرِينَةٍ) وَفَارَقَ الطَّلَاقَ فِي عَدَمِ الْقَرِينَةِ بِأَنَّهُ حَقُّ آدَمِيٍّ وَبِحَقْنِ الدِّمَاءِ هُنَا ق ل عَلَى الْجَلَالِ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ لَمْ يُكَذِّبْ الشُّهُودَ) وَاسْتَشْكَلَ الرَّافِعِيُّ تَصْوِيرَ ذَلِكَ بِأَنَّهُ إذَا اُعْتُبِرَ تَفْصِيلُ الشَّهَادَةِ فَمِنْ الشَّرَائِطِ الِاخْتِيَارُ فَدَعْوَى الْإِكْرَاهِ تَكْذِيبٌ لِلشَّاهِدِ وَإِلَّا فَالِاكْتِفَاءُ بِالْإِطْلَاقِ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا شَهِدَ بِالرِّدَّةِ لِتَضَمُّنِهِ حُصُولَ الشَّرَائِطِ أَمَّا إذَا قَالَ: إنَّهُ تَكَلَّمَ بِكَذَا فَيَبْعُدُ أَنْ يُحْكَمَ بِهِ، وَيُمْنَعُ بِأَنَّ الْأَصْلَ الِاخْتِيَارُ وَيُجَابُ بِاخْتِيَارِ الْأَوَّلِ وَيُمْنَعَ قَوْلُهُ: فَمِنْ الشَّرَائِطِ الِاخْتِيَارُ أَوْ بِاخْتِيَارِ الثَّانِي وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُمْنَعَ بِالْأَصْلِ الْمَذْكُورِ لِاعْتِضَادِهِ بِسُكُوتِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الدَّفْعِ اهـ شَرْحُ الْبَهْجَةِ.

قَوْلُهُ: (أَوْ شَهِدَتْ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ: وَقَدْ شَهِدَتْ. . . إلَخْ أَيْ وَلَمْ تُفْصَلْ، فَإِنْ فُصِلَتْ فَلَا خِلَافَ فِي الْقَبُولِ كَمَا فِي س ل. قَوْلُهُ:(لَمْ تُقْبَلْ) أَيْ بَلْ هُوَ الَّذِي يُصَدَّقُ سَوَاءٌ أَكَانَ مَعَهُ قَرِينَةٌ عَلَى الْإِكْرَاهِ أَوْ لَا وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يُصَدَّقُ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ حَيْثُ قَالَ: فِيمَا قَبْلَهُ حَلَفَ وَقَالَ: فِي هَذَا لَمْ تُقْبَلْ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ الشَّهَادَةَ بَاطِلَةٌ عَلَى طَرِيقَتِهِ لِعَدَمِ التَّفْصِيلِ فَجَانِبُ مُدَّعِي الْإِكْرَاهِ أَوْلَى فَكَأَنَّهُ لَمْ يَشْهَدْ عَلَيْهِ أَحَدٌ أَصْلًا. اهـ وَمَا ذَكَرَهُ مَبْنِيٌّ عَلَى وُجُوبِ التَّفْضِيلِ وَهُوَ خِلَافُ الْمُعْتَمَدِ وَكَذَا قَوْلُهُ: فَإِنْ بَيَّنَ سَبَبَ رِدَّتِهِ. . . إلَخْ اهـ.

قَوْلُهُ: (لِمَا مَرَّ) أَيْ لِاخْتِلَافِ النَّاسِ فِيمَا يُوجِبُهَا أَوْ مِنْ وُجُوبِ تَفْصِيلِ الشَّهَادَةِ اهـ.

قَوْلُهُ: (وَهَذَا هُوَ الْأَظْهَرُ) فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ فَإِنْ أَصَرَّ عَلَى عَدَمِ التَّفْصِيلِ وَلَمْ يُبَيِّنْ شَيْئًا فَالْأَوْجَهُ عَدَمُ حِرْمَانِهِ مِنْ إرْثِهِ وَإِنْ اعْتَبَرْنَا التَّفْصِيلَ فِي الشَّهَادَةِ بِالرِّدَّةِ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ لِظُهُورِ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا.

قَوْلُهُ: (إنْ انْعَقَدَ) يُتَأَمَّلُ مَا الْمُرَادُ بِالِانْعِقَادِ وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُرَادَ بِهِ حُصُولُ الْمَاءِ فِي الرَّحِمِ فَالْمُرَادُ بِانْعِقَادِهِ انْعِقَادُ أَصْلِهِ وَيُعْرَفُ ذَلِكَ بِالْقَرَائِنِ كَمَا لَوْ وَطِئَهَا مَرَّةً وَأَتَتْ بِوَلَدٍ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الْوَطْءِ أَوْ بَعْدَهُ فَقَدْ انْعَقَدَ قَبْلَهَا وَيَبْقَى الْكَلَامُ فِيمَا إذَا حَصَلَ وَطْءٌ قَبْلَ الرِّدَّةِ وَوَطْءٌ بَعْدَهَا وَاحْتُمِلَ الِانْعِقَادُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا وَلَمْ يَكُنْ فِي أُصُولِهِ مُسْلِمٌ فَيُنْظَرُ هَلْ الرِّدَّةُ قَبْلَ الْوَطْءِ فَقَدْ انْعَقَدَ بَعْدَهَا أَوْ بَعْدَهَا فَقَدْ انْعَقَدَ قَبْلَهَا. اهـ. سم.

قَوْلُهُ: (وَأَحَدُ أُصُولِهِ) وَإِنْ بَعْدَ م ر أي حَيْثُ يُعَدُّ مَنْسُوبًا إلَيْهِ ع ش وَهَذَا رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ: أَوْ فِيهِمَا فَقَطْ. قَوْلُهُ: (وَلَا كَافِرٌ أَصْلِيٌّ) أَيْ لِبَقَاءِ عَلَقَةِ الْإِسْلَامِ فِي أَبَوَيْهِ.

قَوْلُهُ: (وَاخْتُلِفَ فِي الْمَيِّتِ) هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى مَحْذُوفٍ صَرَّحَ بِهِ م ر فَقَالَ:

ص: 243

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[حاشية البجيرمي]

هَذَا كُلُّهُ فِي أَحْكَامِ الدُّنْيَا أَمَّا فِي الْآخِرَةِ فَكُلُّ مَنْ مَاتَ قَبْلَ الْبُلُوغِ مِنْ أَوْلَادِ الْكُفَّارِ الْأَصْلِيِّينَ وَالْمُرْتَدِّينَ فَهُوَ فِي الْجَنَّةِ عَلَى الْأَصَحِّ وَمَحِلُّ الْخِلَافِ إذَا لَمْ يَأْتِ بِالشَّهَادَتَيْنِ فِي حَالِ صِغَرِهِ ثُمَّ يَمُوتُ فِي صِغَرِهِ أَمَّا إذَا كَانَ كَذَلِكَ فَإِنَّ ذَلِكَ يَنْفَعُهُ وَيَكُونُ فِي الْجَنَّةِ قَطْعًا، وَقَوْلُهُمْ: إنَّ إسْلَامَ الصَّغِيرِ غَيْرُ نَافِعٍ أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِأَمْرِ الدُّنْيَا أَمَّا فِي الْآخِرَةِ فَإِنَّهُ نَافِعٌ قَطْعًا كَمَا أَشَارَ إلَى ذَلِكَ ابْنُ حَجَرٍ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ وَشَرْحِ الْإِرْشَادِ وَهَذَا الْخِلَافُ فِي أَوْلَادِ كُفَّارِ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَمَّا أَوْلَادُ كُفَّارِ غَيْرِهَا فَفِي النَّارِ قَوْلًا وَاحِدًا لَكِنْ مِنْ غَيْرِ تَعْذِيبٍ وَقِيلَ الْخِلَافُ فِي أَوْلَادِ الْكُفَّارِ غَيْرِ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَمَّا أَوْلَادُ كُفَّارِ هَذِهِ الْأُمَّةِ فَفِي الْجَنَّةِ قَوْلًا وَاحِدًا.

وَعِبَارَةُ ابْنِ حَجَرٍ فِي الْفَتَاوَى سُئِلَ نَفَعَ اللَّهُ بِهِ بِمَا لَفَظَ مَا مُحَصَّلُ اخْتِلَافِ النَّاسِ فِي الْأَطْفَالِ هَلْ هُمْ فِي الْجَنَّةِ خُدَّامٌ لِأَهْلِهَا ذُكُورًا وَإِنَاثًا وَهَلْ تَتَفَاضَلُ دَرَجَاتُهُمْ فِي الْجَنَّةِ؟ . فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ: أَمَّا أَطْفَالُ الْمُسْلِمِينَ فَفِي الْجَنَّةِ قَطْعًا بَلْ إجْمَاعًا وَالْخِلَافُ فِيهِ شَاذٌّ بَلْ غَلَطٌ، وَأَمَّا أَطْفَالُ الْكُفَّارِ فَفِيهِمْ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا أَنَّهُمْ فِي الْجَنَّةِ وَعَلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولا} [الإسراء: 15] وقَوْله تَعَالَى: {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الإسراء: 15] . الثَّانِي أَنَّهُمْ فِي النَّارِ تَبَعًا لِآبَائِهِمْ، وَنَسَبَهُ النَّوَوِيُّ لِلْأَكْثَرِينَ لَكِنَّهُ نُوزِعَ فِيهِ. الثَّالِثُ الْوَقْفُ وَيُعَبَّرُ عَنْهُ بِأَنَّهُمْ تَحْتَ الْمَشِيئَةِ. الرَّابِعُ أَنَّهُمْ يُجْمَعُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَتُؤَجَّجُ لَهُمْ نَارٌ وَيُقَالُ: اُدْخُلُوهَا فَيَدْخُلُهَا مَنْ كَانَ فِي عِلْمِ اللَّهِ شَقِيًّا، وَيُمْسِكُ عَنْهَا مَنْ كَانَ فِي عِلْمِ اللَّهِ سَعِيدًا لَوْ أَدْرَكَ الْعَمَلَ اهـ مُلَخَّصًا. وَسُئِلَ الْعَلَّامَةُ الشَّوْبَرِيُّ عَنْ أَطْفَالِ الْمُسْلِمِينَ هَلْ يُعَذَّبُونَ بِشَيْءٍ مِنْ أَنْوَاعِ الْعَذَابِ وَهَلْ وَرَدَ أَنَّهُمْ يُسْأَلُونَ فِي قُبُورِهِمْ وَأَنَّ الْقَبْرَ يَضُمُّهُمْ وَإِذَا قُلْتُمْ بِذَلِكَ فَهَلْ يَتَأَلَّمُونَ بِهِ أَمْ لَا وَهَلْ قَوْلُ الْقَائِلِ: إنَّ أَطْفَالَ الْمُسْلِمِينَ مُعَذَّبُونَ هُوَ مُصِيبٌ فِيهِ أَمْ مُخْطِئٌ وَمَا الْحُكْمُ فِي أَطْفَالِ الْمُشْرِكِينَ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ هَلْ هُمْ خَدَمٌ لِأَهْلِ الْجَنَّةِ أَمْ هُمْ فِي النَّارِ تَبَعًا لِآبَائِهِمْ أَمْ غَيْرُ هَذَا. فَأَجَابَ لَا يُعَذَّبُونَ بِشَيْءٍ مِنْ أَنْوَاعِ الْعَذَابِ عَلَى شَيْءٍ مِنْ الْمَعَاصِي إذْ لَا تَكْلِيفَ عَلَيْهِمْ، وَالْعَذَابُ عَلَى ذَلِكَ خَاصٌّ بِالْمُكَلَّفِينَ، وَلَا يُسْأَلُونَ فِي قُبُورِهِمْ كَمَا عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ وَأَفْتَى بِهِ شَيْخُ الْإِسْلَامِ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ؛ وَلِلْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَالْمَالِكِيَّةِ قَوْلٌ: إنَّ الطِّفْلَ يُسْأَلُ وَرَجَّحَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ هَؤُلَاءِ وَاسْتَدَلَّ لَهُ بِمَا لَا يَصِحُّ وَهُوَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «لَقَّنَ ابْنَهُ إبْرَاهِيمَ» لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ خُصُوصِيَّةٌ وَلَا يُؤَدِّ ذَلِكَ مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي صَلَاتِهِ عَلَى الطِّفْلِ " اللَّهُمَّ أَجِرْهُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ "؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِعَذَابِ الْقَبْرِ مَا فِيهِ عُقُوبَةٌ وَلَا السُّؤَالُ بَلْ مُجَرَّدُ أَلَمِ الْهَمِّ وَالْغَمِّ وَالْوَحْشَةِ وَالضَّغْطَةِ الَّتِي تَعُمُّ الْأَطْفَالَ وَغَيْرَهُمْ، وَأُخْرِجَ عَنْ ابْنِ مَعِينٍ عَنْ رَجُلٍ قَالَ:" كُنْت عِنْدَ عَائِشَةَ فَمَرَّتْ جِنَازَةُ صَبِيٍّ صَغِيرٍ فَقُلْت: مَا يُبْكِيك؟ قَالَتْ هَذَا الصَّبِيُّ بَكَيْت شَفَقَةً عَلَيْهِ مِنْ ضَمَّةِ الْقَبْرِ " وَالْقَائِلُ الْمَذْكُورُ إنْ أَرَادَ بِيُعَذَّبُونَ بِالنَّارِ أَوْ عَلَى الْمَعَاصِي فَغَيْرُ مُصِيبٍ بَلْ هُوَ مُخْطِئٌ أَشَدَّ الْخَطَأِ لِمَا تَقَرَّرَ.

وَأَطْفَالُ الْمُشْرِكِينَ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيهِمْ عَلَى نَحْوِ عَشَرَةِ أَقْوَالٍ، الرَّاجِحُ أَنَّهُمْ فِي الْجَنَّةِ خَدَمٌ لِأَهْلِ الْجَنَّةِ. اهـ. ع ش عَلَى م ر وَعِبَارَةُ ابْنِ حَجَرٍ فِي فَتَاوِيه الصُّغْرَى وَفِي حَدِيثٍ أَنَّهُمْ خَدَمُ الْجَنَّةِ فَإِنْ صَحَّ احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ كِنَايَةً عَنْ نُزُولِ مَرَاتِبِهِمْ عَنْ مَرَاتِبِ أَطْفَالِ الْمُسْلِمِينَ؛ لِأَنَّهُمْ مَعَ آبَائِهِمْ كَمَا نَصَّتْ عَلَيْهِ آيَةُ الطُّورِ وَأُولَئِكَ لَا آبَاءَ لَهُمْ يَكُونُونَ فِي مَنْزِلَتِهِمْ، وَكَوْنُ الدَّرَجَاتِ فِي الْجَنَّةِ بِحَسَبِ الْأَعْمَالِ كَمَا وَرَدَ فِي حَدِيثٍ الظَّاهِرُ أَنَّهُ فِي الْمُكَلَّفِينَ عَلَى أَنَّ تِلْكَ الْآيَةَ تَقْتَضِي إلْحَاقَ الْآبَاءِ بِالْأَبْنَاءِ وَعَكْسَهُ وَلَوْ فِي دَرَجَاتِ الْعَلِيَّةِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمُوا مَا يُوصِلُهُمْ إلَيْهَا وَفَضْلُ اللَّهِ وَاسِعٌ فَيُحْمَلُ ذَلِكَ الْحَدِيثُ إنْ صَحَّ عَلَى أَنَّهُمْ فِيمَنْ يَلْحَقُ بِغَيْرِهِ فِي مَرْتَبَتِهِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ ذَكَرِهِمْ فِي ذَلِكَ وَأُنْثَاهُمْ، قَالَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ وَالْقَوْلُ: بِأَنَّهُمْ فِي الْأَعْرَافِ لَا أَعْرِفُهُ عَنْ خَبَرٍ وَلَا أَثَرٍ وَلَا يُعَارِضُهُ مَا

ص: 244

أَوْلَادِ الْكُفَّارِ قَبْلَ بُلُوغِهِ. وَالصَّحِيحُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ فِي بَابِ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ تَبَعًا لِلْمُحَقِّقِينَ أَنَّهُمْ فِي الْجَنَّةِ وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى أَنَّهُمْ فِي النَّارِ وَقِيلَ عَلَى الْأَعْرَافِ، وَلَوْ كَانَ أَحَدُ أَبَوَيْهِ مُرْتَدًّا وَالْآخَرُ كَافِرًا أَصْلِيًّا فَكَافِرٌ أَصْلِيٌّ قَالَهُ الْبَغَوِيّ.

وَمِلْكُ الْمُرْتَدِّ مَوْقُوفٌ إنْ مَاتَ مُرْتَدًّا بِأَنَّ زَوَالَهُ بِالرِّدَّةِ وَيُقْضَى مِنْهُ دَيْنٌ لَزِمَهُ قَبْلَهَا وَبَدَلُ مَا أَتْلَفَهُ فِيهَا وَيَنَالُ مِنْهُ مُمَوَّنَهُ مِنْ نَفْسِهِ وَبَعْضِهِ وَمَالِهِ وَزَوْجَاتِهِ لِأَنَّهَا حُقُوقٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِهِ، وَتَصَرُّفُهُ إنْ لَمْ يَحْتَمِلْ الْوَقْفَ بِأَنْ لَمْ يَقْبَلْ التَّعْلِيقَ كَبَيْعٍ وَكِتَابَةِ بَاطِلٌ لِعَدَمِ احْتِمَالِ الْوَقْفِ، وَإِنْ احْتَمَلَهُ بِأَنْ قَبِلَ التَّعْلِيقَ كَعِتْقٍ وَوَصِيَّةٍ. فَمَوْقُوفٌ إنْ أَسْلَمَ نَفَذَ. وَإِلَّا فَلَا، وَيُجْعَلُ مَالُهُ عِنْدَ عَدْلٍ وَأَمَتُهُ عِنْدَ نَحْوِ مَحْرَمٍ كَامْرَأَةٍ ثِقَةٍ وَيُؤَدِّي مُكَاتَبُهُ النُّجُومَ لِلْقَاضِي حِفْظًا لَهَا. وَيَعْتِقُ بِذَلِكَ أَيْضًا وَإِنَّمَا لَمْ يَقْبِضْهَا الْمُرْتَدُّ لِأَنَّ قَبْضَهُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ.

ــ

[حاشية البجيرمي]

مَرَّ مِنْ قَوْله تَعَالَى: {وَلا يَلِدُوا إِلا فَاجِرًا كَفَّارًا} [نوح: 27] ؛ لِأَنَّهُ مُخْتَصٌّ بِحَيٍّ عَاشَ مِنْهُمْ إلَى أَنْ بَلَغَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ وَإِنَّمَا أَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ» اهـ مَعَ اخْتِصَارٍ.

قَوْلُهُ: (مِنْ أَوْلَادِ الْكُفَّارِ) أَيْ الْأَصْلِيِّينَ أَوْ الْمُرْتَدِّينَ. اهـ. ق ل وح ل وَالْمُرَادُ كُفَّارُ هَذِهِ الْأُمَّةِ كَمَا نَقَلَهُ الشَّوْبَرِيُّ عَنْ بَعْضِهِمْ: قَوْلُهُ: (أَنَّهُمْ فِي الْجَنَّةِ) أَيْ مُسْتَقِلُّونَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ.

قَوْلُهُ: (وَقِيلَ عَلَى الْأَعْرَافِ) أَيْ أَعَالِي السُّورِ وَيُقَالُ: لِكُلِّ عَالٍ عُرْفٌ وَهَذَا أَحَدُ أَقْوَالٍ أَحَدَ عَشَرَ وَالْأَعْرَافُ مَكَانٌ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ. كَمَا قَالَهُ ع ش وَاَلَّذِي ارْتَضَاهُ الْجَلَالُ أَنَّ الْأَعْرَافَ سُورُ الْجَنَّةِ أَيْ حَائِطُهَا الْمُحِيطُ بِهَا وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِكَلَامِ الشَّارِحِ حَيْثُ قَالَ عَلَى الْأَعْرَافِ وَلَمْ يَقُلْ فِي الْأَعْرَافِ وَقَالَ تَعَالَى {وَعَلَى الأَعْرَافِ رِجَالٌ} [الأعراف: 46] . قَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي تَعْيِينِ أَهْلِ الْأَعْرَافِ عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ قَوْلًا: الْأَوَّلُ: أَنَّهُ مَنْ تَسَاوَتْ حَسَنَاتُهُمْ وَسَيِّئَاتُهُمْ. كَمَا قَالَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ: وَكَعْبُ الْأَحْبَارِ وَابْنُ عَبَّاسٍ، الثَّانِي: قَوْمٌ صَالِحُونَ فُقَهَاءُ عُلَمَاءُ قَالَهُ مُجَاهِدٌ الثَّالِثُ: هُمْ الشُّهَدَاءُ. الرَّابِعُ: هُمْ فُضَلَاءُ الْمُؤْمِنِينَ وَالشُّهَدَاءُ. الْخَامِسُ: الْمُسْتَشْهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ خَرَجُوا عُصَاةً لِوَالِدَيْهِمْ وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: «تَعَادَلَ عُقُوقُهُمْ وَاسْتِشْهَادُهُمْ» . السَّادِسُ: هُمْ الْعَبَّاسُ وَحَمْزَةُ وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَجَعْفَرٌ ذُو الْجَنَاحَيْنِ يُعْرَفُ مَحْبُوبُهُمْ بِبَيَاضِ الْوُجُوهِ وَمَبْغُوضُهُمْ بِسَوَادِهَا.

السَّابِعُ: هُمْ عُدُولُ الْقِيَامَةِ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ عَلَى النَّاسِ. الثَّامِنُ: هُمْ قَوْمٌ أَحِبَّاءُ. التَّاسِعُ: هُمْ قَوْمٌ كَانَتْ لَهُمْ صَغَائِرُ. الْعَاشِرُ: هُمْ أَصْحَابُ الذُّنُوبِ الْعِظَامِ مِنْ أَهْلِ الْقِيَامَةِ. الْحَادِيَ عَشَرَ: أَنَّهُمْ أَوْلَادُ الزِّنَا وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ. الثَّانِي عَشَرَ: أَنَّهُمْ الْمَلَائِكَةُ الْمُوَكَّلُونَ بِهَذَا السُّورِ الَّذِينَ يُمَيِّزُونَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ الْكَافِرِينَ قَبْلَ: إدْخَالِهِمْ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ اهـ. ذَكَرَهُ الشَّعْرَانِيُّ فِي مُخْتَصَرِ تَذْكِرَةِ الْقُرْطُبِيِّ.

قَوْلُهُ: (وَمِلْكُ الْمُرْتَدِّ مَوْقُوفٌ) هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ أَقْوَالٍ ثَلَاثَةٍ: زَوَالُهُ قَطْعًا إنْ كَانَ يَعُودُ لَهُ بِالْإِسْلَامِ وَبَقَاؤُهُ قَطْعًا وَالثَّالِثُ مَوْقُوفٌ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي غَيْرِ الْمُكَاتَبِ وَأَمِّ الْوَلَدِ أَمَّا هُمَا فَمَوْقُوفَانِ قَوْلًا وَاحِدًا حَتَّى يُعْتَقَانِ بِالْمَوْتِ أَوْ أَدَاءِ النُّجُومِ وَمَحَلُّهُ أَيْضًا فِي غَيْرِ حَطَبٍ وَصَيْدٍ مَلَكَهُمَا قَبْلَ الرِّدَّةِ ثُمَّ ارْتَدَّ فَفِيهِمَا قَوْلَانِ قِيلَ فَيْءٌ لِبَيْتِ الْمَالِ وَقِيلَ بَاقِيَانِ عَلَى الْإِبَاحَةِ وَلَا وَقْفَ.

قَوْلُهُ: (وَيُقْضَى مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمَمْلُوكِ الْمَعْلُومِ مِنْ قَوْلِهِ مِلْكُ.

قَوْلُهُ: (وَيُمَانُ مِنْهُ) أَيْ مُدَّةَ الِاسْتِتَابَةِ شَرْحُ م ر. قَالَ ع ش وَهَذَا ظَاهِرٌ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي: وَهُوَ أَنَّهُ يُمْهَلُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَمَّا فِي الرَّاجِحِ مِنْ وُجُوبِ الِاسْتِتَابَةِ حَالًا فَلَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْهَلُ حَتَّى يُمَانَ مُمَوَّنُهُ.

وَيُجَابُ بِمَا إذَا أُخِّرَ لِعُذْرٍ قَامَ بِالْقَاضِي أَوْ بِالْمُرْتَدِّ كَجُنُونٍ عَرَضَ قَبْلَ الرِّدَّةِ اهـ بِزِيَادَةٍ وَقَوْلُهُ قَبْلَ الرِّدَّةِ لَعَلَّهُ بَعْدَ الرِّدَّةِ.

قَوْلُهُ: (وَمَالِهِ) كَالرَّقِيقِ وَالْبَهِيمَةِ.

قَوْلُهُ: (وَتَصَرُّفُهُ) مُبْتَدَأٌ وَقَوْلُهُ: بَاطِلٌ خَبَرٌ.

قَوْلُهُ: (إنْ أَسْلَمَ نَفَذَ. . . إلَخْ) نَعَمْ إنْ كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ لَمْ يَنْفُذْ مُطْلَقًا كَذَا فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ بِالْمَعْنَى وَعِبَارَتُهُ وَمَحَلُّهُ قَبْلَ حَجْرِ الْحَاكِمِ عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ لَمْ يَنْفُذْ مُطْلَقًا اهـ وَقَدْ تَوَهَّمَ الشَّارِحُ أَنَّهُ قَيْدٌ لِلْحُكْمِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ قَيْدٌ لِلْخِلَافِ فَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ حَجْرِ الْحَاكِمِ أَوْ عَدَمِهِ اهـ م ر ز ي.

قَوْلُهُ: (وَيُؤَدِّي مُكَاتَبُهُ) بِأَنْ كَاتَبَهُ قَبْلَ الرِّدَّةِ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ لَا تَصِحُّ حَالَ الرِّدَّةِ كَمَا تَقَدَّمَ.

قَوْلُهُ: (حِفْظًا لَهَا) أَيْ النُّجُومِ. اهـ. .

ص: 245