الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَوُجِدَتْ الصِّفَةُ وَحُكِمَ بِعِتْقِهِ ثُمَّ رَجَعَا غَرِمَا وَحَكَى الرَّافِعِيُّ قُبَيْلَ الصَّدَاقِ عَنْ فَتَاوَى الْبَغَوِيِّ وَأَقَرَّهُ أَنَّ الزَّوْجَ إذَا كَانَ يَظُنُّ أَنَّ أُمَّ الْوَلَدِ حُرَّةٌ فَالْوَلَدُ حُرٌّ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ لِلسَّيِّدِ وَلَوْ عَجَزَ السَّيِّدُ عَنْ نَفَقَةِ أُمِّ الْوَلَدِ أُجْبِرَ عَلَى تَخْلِيَتِهَا لِتَكْتَسِبَ وَتُنْفِقَ عَلَى نَفْسِهَا أَوْ عَلَى إيجَارِهَا وَلَا يُجْبَرُ عَلَى عِتْقِهَا وَتَزْوِيجِهَا. كَمَا لَا يُرْفَعُ مِلْكُ الْيَمِينِ بِالْعَجْزِ عَنْ الِاسْتِمْتَاعِ، فَإِنْ عَجَزَتْ عَنْ الْكَسْبِ فَنَفَقَتُهَا فِي بَيْتِ الْمَالِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
قَالَ الْمُؤَلِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: هَذَا آخِرُ مَا يَسَّرَهُ اللَّهُ سبحانه وتعالى، مِنْ الْإِقْنَاعِ فِي حَلِّ أَلْفَاظِ أَبِي شُجَاعٍ، فَدُونَك مُؤَلَّفًا مُوَضَّحَ الْمَسَائِلِ، مُحَرَّرَ الدَّلَائِلِ، فَلَوْ كَانَ لَهُ نَفْسٌ نَاطِقَةٌ، وَلِسَانٌ مُنْطَلِقَةٌ، لَقَالَ بِمَقَالٍ صَرِيحٍ وَكَلَامٍ
ــ
[حاشية البجيرمي]
يَغْرَمَانِ لِوَارِثِهِ كَمَا يَأْتِي.
قَوْلُهُ: (وَلَيْسَ) أَيْ الرُّجُوعُ عَنْ الشَّهَادَةِ كَإِبَاقٍ إلَخْ.
قَوْلُهُ: (حَتَّى يَعُودَ إلَى مُسْتَحِقِّهِ) بِخِلَافِ الشَّاهِدِ فَإِنَّهُ لَمْ يَضَعْ يَدَهُ عَلَى أُمِّ الْوَلَدِ.
قَوْلُهُ: (غَرِمَا) أَيْ الشَّاهِدَانِ اللَّذَانِ شَهِدَا عَلَى إقْرَارِ السَّيِّدِ بِإِيلَادِ أَمَتِهِ أَيْ غَرِمَا قِيمَةَ الْأَمَةِ الْمَذْكُورَةِ وَقْتَ مَوْتِ سَيِّدِهَا كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ؛ لِأَنَّهُمَا فَوَّتَا عَلَى الْوَارِثِ رِقَّهَا بِشَهَادَتِهِمَا.
قَوْلُهُ: (أَنَّ أُمَّ الْوَلَدِ) أَيْ لِسَيِّدِهَا وَإِنَّمَا لَزِمَهُ قِيمَتُهُ لِأَنَّهُ فَوَّتَ رِقَّهُ عَلَى السَّيِّدِ بِظَنِّهِ وَالْمُرَادُ قِيمَتُهُ وَقْتَ وِلَادَتِهِ قَوْلُهُ: (فَالْوَلَدُ) أَيْ وَلَدُهُ مِنْهَا.
قَوْلُهُ: (وَتُنْفِقُ عَلَى نَفْسِهَا) أَيْ مِنْهُ ثُمَّ إنْ فَضَلَ مِنْهُ شَيْءٌ عَنْ مُؤْنَةِ نَفْسِهَا يَنْبَغِي أَنْ يَمْتَنِعَ عَلَيْهَا التَّصَرُّفُ فِيهِ لِأَنَّهُ مَمْلُوكٌ لِلسَّيِّدِ. اهـ. سم.
قَوْلُهُ: (أَوْ عَلَى إيجَارِهَا) لِتُنْفِقَ عَلَى نَفْسِهَا مِنْ أُجْرَتِهَا.
قَوْلُهُ: (كَمَا لَا يُرْفَعُ إلَخْ) هَذَا قِيَاسٌ مَعَ الْفَارِقِ لِأَنَّ الْإِنْفَاقَ يَجِبُ بِالْمِلْكِ دُونَ الِاسْتِمْتَاعِ وَأَيْضًا الْإِنْفَاقُ لَا بُدَّ مِنْهُ بِخِلَافِ الِاسْتِمْتَاعِ مِنْ ثَمَّ قَالَ الْمَرْحُومِيُّ اُنْظُرْ مَا الْجَامِعُ أَيْ مَا الْجَامِعُ بَيْنَ الْإِنْفَاقِ وَالِاسْتِمْتَاعِ فَإِنَّ الْإِنْفَاقَ يَجِبُ بِالْمِلْكِ دُونَ الِاسْتِمْتَاعِ فَيَنْبَغِي التَّعْلِيلُ بِأَنَّ طَرِيقَ تَحْصِيلِ النَّفَقَةِ لَمْ يَنْحَصِرْ فِي الْعِتْقِ وَالتَّزْوِيجِ حَتَّى يُجْبَرَ عَلَى أَحَدِهِمَا بَلْ يَكْفِي تَخْلِيَتُهَا لِلْكَسْبِ أَوْ إيجَارُهَا لِأَجْلِهِ أَيْ لِأَجْلِ الْإِنْفَاقِ قَالَ بَعْضُهُمْ: وَلَوْ أَسْقَطَ قَوْلَهُ كَمَا لَا يَرْفَعُ مِلْكُ الْيَمِينِ إلَخْ. كَمَا أَسْقَطَهُ م ر لَكَانَ أَوْلَى لِمَا لَا يَخْفَى وَلَا يُجْبَرُ عَلَى بَيْعِهَا مِنْ نَفْسِهَا.
قَوْلُهُ: (فَإِنْ عَجَزَتْ عَنْ الْكَسْبِ) أَيْ الْجَائِزِ اللَّائِقِ بِهَا.
قَوْلُهُ: (فِي بَيْتِ الْمَالِ) أَيْ فَرْضًا بِالْفَاءِ لَا قَرْضًا بِالْقَافِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ فَعَلَى مَيَاسِيرِ الْمُسْلِمِينَ ق ل.
قَوْلُهُ: (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ) اُنْظُرْ هَلْ أَفْعَلُ التَّفْضِيلِ عَلَى بَابِهِ أَوْ لَا وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: إنْ نُظِرَ لِعِلْمِ الْأَئِمَّةِ وَغَيْرِهِمْ بِالْأَحْكَامِ بِالنِّسْبَةِ لِمَا فِي الظَّاهِرِ فَأَفْعَلُ التَّفْضِيلِ هُنَا عَلَى بَابِهِ. وَإِنْ نُظِرَ لِمَا ذُكِرَ بِالنِّسْبَةِ لِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فَأَفْعَلُ التَّفْضِيلِ لَيْسَ عَلَى بَابِهِ إذْ لَا يَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ إلَّا اللَّهُ عز وجل. وَقَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ: كَأَنَّ الْمُصَنِّفَ قَصَدَ بِذَلِكَ التَّبَرِّي مِنْ دَعْوَى الْأَعْلَمِيَّةِ اهـ. قَالَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ حَجَرٍ بَعْدَ قَوْلِ الْمِنْهَاجِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ: أَيْ مِنْ كُلِّ عَالِمٍ.
وَزَعَمَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ ذَلِكَ. قِيلَ مُطْلَقًا وَقِيلَ لِلْإِعْلَامِ بِخَتْمِ الدَّرْسِ. وَيُرَدُّ بِأَنَّهُ لَا إيهَامَ فِيهِ بَلْ فِيهِ غَايَةُ التَّفْوِيضِ الْمَطْلُوبِ بَلْ فِي حَدِيثِ الْبُخَارِيِّ فِي بَابِ الْعِلْمِ فِي قِصَّةِ مُوسَى مَعَ الْخَضِرِ صلى الله عليه وسلم عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِمَا مَا يَدُلُّ لَهُ. اهـ. .
كَلَامُهُ وَقَوْلُهُ بِالصَّوَابِ أَيْ إصَابَةِ الْحَقِّ لِمَا يُوَافِقُ الْوَاقِعَ مِنْ الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ وَهُوَ ضِدُّ الْخَطَأِ. اهـ. دَيْرَبِيٌّ فِي خَتْمِ سم.
[خَاتِمَة الْكتاب]
قَوْلُهُ: (مِنْ الْإِقْنَاعِ) أَيْ الرِّضَا مِنْ قَنَعَ كَرِضَى وَزْنًا وَمَعْنَى وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ أَيْ الْإِرْضَاءُ لِأَنَّ الْإِقْنَاعَ مَصْدَرُ أَقْنَعَ أَيْ جَعَلَ غَيْرَهُ قَانِعًا لِأَنَّ الْهَمْزَةَ صَيَّرَتْهُ مُتَعَدِّيًا بَعْدَ أَنْ كَانَ لَازِمًا. قَوْلُهُ: (فِي حَلِّ أَلْفَاظِ) أَيْ وَمَعْنَاهُ وَإِنَّمَا آثَرَ التَّعْبِيرَ بِالْأَلْفَاظِ تَوَاضُعًا مِنْهُ وَفِي تَسْمِيَتِهِ بِذَلِكَ الْإِشَارَةُ إلَى أَنَّ مَنْ قَنَعَ بِهِ كَفَاهُ عَنْ غَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (فَدُونَك) اسْمُ فِعْلٍ بِمَعْنَى خُذْ وَقَوْلُهُ: مُؤَلَّفًا هُوَ أَخَصُّ مِنْ الْمُصَنَّفِ لِأَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِيهِ حُصُولُ الْأُلْفَةِ بَيْنَ الْأَجْزَاءِ دُونَ الْمُصَنَّفِ وَظَاهِرُ مَا يَأْتِي فِي كَلَامِهِ أَنَّ التَّعْبِيرَ بِهِ هُنَا مِنْ التَّفَنُّنِ فِي الْعِبَارَةِ.
قَوْلُهُ: (مُوَضَّحُ الْمَسَائِلِ) يَجُوزُ فِيهِ بِنَاؤُهُ لِلْفَاعِلِ وَبِنَاؤُهُ لِلْمَفْعُولِ أَيْ وَقَعَ عَلَيْهِ التَّوْضِيحُ وَالْمَسَائِلُ جَمْعُ مَسْأَلَةٍ وَهِيَ إثْبَاتُ الْمَحْمُولِ لِلْمَوْضِعِ وَلَهُ اعْتِبَارَاتٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا إنَّهُ يُسْأَلُ عَنْهُ. وَبِهَذَا الِاعْتِبَارِ يُقَالُ لَهُ مَسْأَلَةٌ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ يَطْلُبُ لِدَلِيلٍ يُقَالُ لَهُ: مَطْلُوبٌ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ اهـ. وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِهِ لِرِسَالَةِ آدَابِ الْبَحْثِ وَيُسَمَّى مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يُسْأَلُ عَنْهُ مُسْئَلٌ وَمِنْ حَيْثُ إنَّهُ يَقَعُ فِيهِ الْبَحْثُ مَبْحَثًا وَمِنْ حَيْثُ إنَّهُ يُسْتَخْرَجُ بِالْحُجَّةِ نَتِيجَةً، وَمِنْ حَيْثُ إنَّهُ يَطْلُبُ بِالدَّلِيلِ مَطْلُوبًا وَمِنْ حَيْثُ إنَّهُ يَدَّعِي مُدَّعًى اهـ.
قَوْلُهُ: (مُحَرَّرٌ) أَيْ مُهَذَّبُ الدَّلَائِلِ جَمْعِ دَلِيلٍ وَجَمْعُهُ عَلَى دَلَائِلِ غَيْرُ مَقِيسٍ كَمَا قَالَهُ
فَصِيحٍ لِلَّهِ دَرُّ مُؤَلِّفِ هَذَا التَّأْلِيفِ الرَّائِقِ الرَّئِيسِ وَلَا شُلَّتْ يَدَا مُصَنِّفِ هَذَا التَّصْنِيفِ الْفَائِقِ النَّفِيسِ وَهَذَا الْمُؤَلَّفُ لَا بُدَّ أَنْ يَقَعَ لِأَحَدِ رَجُلَيْنِ إمَّا عَالِمٌ مُحِبٌّ مُنْصِفٌ، فَيَشْهَدُ لِي بِالْخَيْرِ وَيَعْذُرُنِي فِيمَا عَسَى يَجِدُهُ مِنْ الْعِثَارِ الَّذِي هُوَ لَازِمُ الْإِكْثَارِ.
وَإِمَّا جَاهِلٌ مُبْغِضٌ مُتَعَسِّفٌ فَلَا اعْتِبَارَ بِوَعْوَعَتِهِ وَلَا اعْتِدَادَ بِوَسْوَسَتِهِ. وَمِثْلُهُ لَا يُعْبَأُ بِمُوَافَقَتِهِ وَلَا مُخَالَفَتِهِ. وَإِنَّمَا الِاعْتِبَارُ بِذِي النَّظَرِ الَّذِي يُعْطِي كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ:
إذَا رَضِيَتْ عَنِّي كِرَامُ عَشِيرَتِي
…
فَلَا زَالَ غَضْبَانًا عَلَيَّ لِئَامُهَا
فَإِنْ ظَفِرْتَ بِفَائِدَةٍ شَارِدَةٍ
…
فَادْعُ لِي بِحُسْنِ الْخَاتِمَةِ
وَإِنْ ظَفِرْتَ بِعَثْرَةِ قَلَمٍ
…
فَادْعُ لِي بِالتَّجَاوُزِ وَالْمَغْفِرَةِ
وَالْعُذْرُ عِنْدَ خِيَارِ النَّاسِ مَقْبُولٌ
…
وَاللُّطْفُ مِنْ شِيَمِ السَّادَاتِ مَأْمُولُ
وَأَنَا أَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَجْعَلَهُ لِوَجْهِهِ خَالِصًا وَأَنْ يَنْفَعَنِي بِهِ حِينَ يَكُونُ الظِّلُّ فِي الْآخِرَةِ قَالِصًا وَأَنْ يَصُبَّ عَلَيْهِ قَبُولَ الْقَبُولِ فَإِنَّهُ أَكْرَمُ مَسْئُولٍ وَأَعَزُّ مَأْمُولٍ، وَنَخْتِمُ هَذَا الشَّرْحَ بِمَا خَتَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ كِتَابَهُ الْمُحَرَّرَ بِقَوْلِهِ: اللَّهُمَّ كَمَا
ــ
[حاشية البجيرمي]
الشَّوْبَرِيُّ.
قَوْلُهُ: (فَلَوْ كَانَ لَهُ) أَيْ لِلْمُؤَلَّفِ الْمَذْكُورِ وَقَوْلُهُ: نَفْسٌ أَيْ ذَاتٌ.
قَوْلُهُ: (مُنْطَلِقَةٌ) أَنَّثَهُ بِتَأْوِيلِ الْجَارِحَةِ وَلِمُرَاعَاةِ السَّجْعِ قَالَ ابْنُ مَالِكٍ اللِّسَانُ يَذَّكَّرُ وَيُؤَنَّثُ فَلَا حَاجَةَ لِتَأْوِيلِهِ بِالْجَارِحَةِ.
قَوْلُهُ: (الرَّائِقُ) أَيْ الصَّافِي مِنْ الْكَدَرَاتِ.
قَوْلُهُ: (لِلَّهِ دَرُّ إلَخْ) تَعَجُّبٌ مِنْ الدَّرِّ أَيْ اللَّبَنِ الَّذِي شَرِبَهُ مُؤَلِّفُ هَذَا التَّأْلِيفِ مِنْ ثَدْيِ أُمِّهِ حَيْثُ نَشَأْ عَنْهُ هَذَا الْعَالِمُ الْكَامِلُ. وَإِنَّمَا نَسَبَهُ لِلَّهِ سبحانه وتعالى لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّ هَذَا اللَّبَنَ الَّذِي شَرِبَهُ خَالِصٌ لِلَّهِ لَا يَشُوبُهُ رِيَاءٌ وَلَا غَيْرُهُ.
قَوْلُهُ: (الرَّئِيسُ) أَيْ الْكَامِلُ الْخِصَالِ الْحَمِيدَةِ وَقَالَ فِي الْمُخْتَارِ الرَّئِيسُ بِالْهَمْزِ بِوَزْنِ فَعِيلٍ مِنْ الرِّيَاسَةِ وَيُقَالُ فِيهِ رَيِّسٌ بِيَاءٍ مُشَدَّدَةٍ بِوَزْنِ قَيِّمٍ. قَوْلُهُ:
(وَلَا شَلَّتْ) الشَّلَلُ بُطْلَانُ الْعَمَلِ وَهِيَ جُمْلَةٌ دِعَائِيَّةٌ أَيْ لَا بَطَلَ عَمَلُهُمَا.
قَوْلُهُ: (فِيمَا عَسَى) عَسَى لِلِاسْتِبْعَادِ لَا لِلتَّرَجِّي، لِأَنَّهُ غَيْرُ مُنَاسِبٍ هُنَا وَعَسَى هُنَا مُسْتَعْمَلَةٌ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَيَكُونُ مَجَازًا عَنْ الْمَاضِي وَقَوْلُهُ: يَجِدُهُ الظَّاهِرُ أَنَّ أَنْ مُقَدَّرَةٌ وَأَنْ وَالْفِعْلَ أَغْنَى عَنْ خَبَرِ عَسَى كَمَا قَالَ ابْنُ مَالِكٍ:
بَعْدَ عَسَى اخْلَوْلَقَ أَوْشَكَ قَدْ يَرِدُ
…
غِنًى بِأَنْ يَفْعَلَ عَنْ ثَانٍ فُقِدَ
فَتَكُونُ عَسَى هُنَا تَامَّةً.
قَوْلُهُ: (مِنْ الْعِثَارِ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ جَمْعُ عَثْرَةٍ أَيْ زَلَّةٍ قَالَ ابْنُ مَالِكٍ: فَعْلٌ وَفَعْلَةٌ فِعَالٌ لَهُمَا قَوْلُهُ: (بِوَعْوَعَتِهِ) هِيَ صِيَاحٌ كَصِيَاحِ الْكِلَابِ.
قَوْلُهُ: (لَا يُعْبَأُ بِمُوَافَقَتِهِ) كَيْفَ هَذَا مَعَ قَوْلِهِمْ. .
وَالْفَضْلُ مَا شَهِدَتْ بِهِ الْأَعْدَاءُ
لَكِنْ لَمَّا كَانَ جَاهِلًا وَلَمْ تُعْتَبَرْ مُوَافَقَتُهُ وَشَهَادَتُهُ كَانَ كَالْمَعْدُومِ.
قَوْلُهُ: (إذَا رَضِيَتْ إلَخْ) وَلِبَعْضِهِمْ فِي الْمَعْنَى.
دَعْهُمْ يَقُولُونَ فِينَا مَا يَلِيق بِهِمْ
…
دَعْهُمْ بِيَاءٍ وَعَيْنٍ ثُمَّ وَاوَيْنِ
مَنْ قَالَ قَوْلًا فَذَاكَ الْقَوْلُ سِيمَتُهُ
…
وَصْفُ الْكَلَامِ لِقَائِلِهِ بِلَا مَيْنٍ
قَوْلُهُ: (غَضْبَانًا) أَفْرَدَهُ لِلْوَزْنِ وَإِلَّا فَالْمُنَاسِبُ غَضْبَانِينَ أَوْ يُؤَوَّلُ لِئَامُهَا بِكُلِّ لَئِيمٍ بِجَعْلِ الْإِضَافَةِ لِلِاسْتِغْرَاقِ، فَمَا زَالَ كُلُّ لَئِيمٍ غَضْبَانًا وَاللَّئِيمُ شَحِيحُ النَّفْسِ دَنِيءُ النَّسَبِ اهـ.
قَوْلُهُ: (بِعَثْرَةِ قَلَمٍ) أَضَافَ الْعَثْرَةَ لِلْقَلَمِ لِلْإِيمَاءِ إلَى أَنَّهَا إذَا وَقَعَتْ
خَتَمْنَا بِالْعِتْقِ كِتَابَنَا نَرْجُو أَنْ تَعْتِقَ مِنْ النَّارِ رِقَابَنَا وَأَنْ تَجْعَلَ الْجَنَّةَ مَآبَنَا وَأَنْ يَسْهُلَ عِنْدَ سُؤَالِ الْمَلَكَيْنِ جَوَابُنَا، وَإِلَى رِضْوَانِك إيَابُنَا، اللَّهُمَّ بِفَضْلِك حَقِّقْ رَجَاءَنَا وَلَا تُخَيِّبْ دُعَاءَنَا بِرَحْمَتِك يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَبِيرًا إلَى يَوْمِ الدِّينِ.
ــ
[حاشية البجيرمي]
لَيْسَتْ عَنْ قَصْدٍ. قَوْلُهُ: (مِنْ شِيَمٍ) أَيْ طِبَاعٍ وَعَادَاتٍ.
قَوْلُهُ: (قَالِصًا) أَيْ زَائِلًا أَيْ لَا وُجُودَ لَهُ وَقَالَ م د: قَوْلُهُ قَالِصًا أَيْ
مَعْدُومًا وَالْمُرَادُ ظِلٌّ غَيْرُ الْعَرْشِ. فَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ السَّبْعَةِ الَّذِينَ يُظِلُّهُمْ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ أَيْ ظِلِّ عَرْشِهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إلَّا ظِلُّهُ وَيُجَابُ أَيْضًا بِأَنَّ الْمَنْفِيَّ هُوَ الظِّلُّ الْمُكْتَسَبُ لِلْمَخْلُوقَاتِ، وَأَمَّا الظِّلُّ الْمَوْجُودُ لِلسَّبْعَةِ وَغَيْرِهِمْ فَهُوَ بِمَحْضِ فَضْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى {وَظِلٍّ مَمْدُودٍ} [الواقعة: 30] فَهُوَ فِي الْجَنَّةِ وَكَلَامُنَا فِيمَا قَبْلَ دُخُولِهَا.
قَوْلُهُ: (قَبُولُ الْقَبُولِ) أَثْبَتَ لِلْقَبُولِ قَبُولًا مُبَالَغَةً لِإِرَادَةِ أَعْظَمِ أَنْوَاعِ الْقَبُولِ. اهـ م د.
قَوْلُهُ: (مَسْئُولٌ) أَيْ مَنْ يُسْأَلُ وَقَوْلُهُ: وَأَعَزُّ مَأْمُولٍ. أَيْ أَعْلَى مَنْ يُؤْمِنُ.
قَوْلُهُ: (أَنْ تُعْتِقَ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ. وَقَوْلُهُ رِقَابَنَا أَيْ أَبْدَانَنَا وَهُوَ مِنْ إطْلَاقِ الْجُزْءِ عَلَى الْكُلِّ فَالْإِضَافَةُ بَيَانِيَّةٌ وَقَوْلُهُ مَآبَنَا أَيْ مَثْوَانَا وَمَصِيرَنَا اهـ.
قَوْلُهُ: (إلَى رِضْوَانِك) أَيْ مَحَلِّ رِضْوَانِك. قَوْلُهُ: (وَلَا تُخَيِّبْ دُعَاءَنَا) أَيْ بِرَدِّهِ بَلْ تَقْبَلُهُ بِفَضْلِك قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ خَابَ يَخِيبُ خَيْبَةً لَمْ يَظْفَرْ بِمَا طَلَبَ وَفِي الْمَثَلِ الْهَيْبَةُ خَيْبَةٌ وَالْمُرَادُ بِالْهَيْبَةِ عَدَمُ الْإِقْدَامِ عَلَى الْأُمُورِ الْعِظَامِ بِأَنْ يَهَابَ الْإِقْدَامَ عَلَيْهَا وَخَيَّبَهُ اللَّهُ بِالتَّشْدِيدِ وَجَعَلَهُ خَائِبًا. وَالدُّعَاءُ بِضَمِّ الدَّالِ مَمْدُودٌ قَالَ فِي الْمُخْتَارِ دَعَوْت اللَّهَ لَهُ وَعَلَيْهِ أَدْعُوهُ دُعَاءً فَهُوَ بِالضَّمِّ سَوَاءٌ كَانَ فِي الْخَيْرِ أَوْ الشَّرِّ وَقَدْ سَمِعَ بَعْضُهُمْ فِي فُقَهَاءِ الْأَرْيَافِ يُفَرِّقُونَ بَيْنَ الدُّعَاءِ بِالضَّمِّ وَالدُّعَاءِ بِالْفَتْحِ فَيَجْعَلُونَ الْأَوَّلَ لِلْخَيْرِ وَالثَّانِيَ لِلشَّرِّ فَهُوَ فَرْقٌ بَاطِلٌ لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ وَإِنَّمَا فَتْحُ الدَّالِ فِي الدُّعَاءِ لَحْنٌ بِلَا خِلَافٍ اهـ. قَالَ الشَّارِحُ رحمه الله وَكَانَ الْفَرَاغُ مِنْ ذَلِكَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ الْمُبَارَكِ ثَانِي شَهْرِ شَعْبَانَ مِنْ شُهُورِ سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ وَتِسْعِمِائَةٍ مِنْ الْهِجْرَةِ النَّبَوِيَّةِ عَلَى صَاحِبِهَا أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَأَتَمُّ التَّسْلِيمِ اهـ.
وَهَذَا آخِرُ مَا أَرَادَ اللَّهُ جَمْعَهُ مَعَ ضِيقِ الْوَقْتِ وَكَثْرَةِ الِاشْتِغَالِ وَتَوَالِي الْهُمُومِ عَلَى الِاتِّصَالِ وَتَرَادُفِ الْقَوَاطِعِ وَتَتَابُعِ الْمَوَانِعِ، وَعَدَمِ الْكُتُبِ الَّتِي يَنْبَغِي أَنْ تُرَاجَعَ فِي مِثْلِ هَذَا الشَّأْنِ، فَرَحِمَ اللَّهِ امْرَأً رَأَى عَيْبًا فَسَتَرَهُ وَزَلَلًا فَغَفَرَهُ، أَوْ وَهُمَا فَحَلَمَ عَنْ صَاحِبِهِ وَعَذَرَهُ، فَإِنَّهُ قَلَّ أَنْ يَخْلُصَ مُصَنَّفٌ مِنْ الْهَفَوَاتِ أَوْ يَنْجُوَ مُؤَلَّفٌ مِنْ الْعَثَرَاتِ مَعَ عَدَمِ تَأَهُّلِي لِذَلِكَ وَقُصُورِي عَنْ الْوُصُولِ إلَى مَا هُنَالِكَ وَإِنِّي أَبْرَأُ إلَى اللَّهِ مِمَّا زَلَّ بِهِ الْبَنَانُ أَوْ أَخَلَّ بِهِ الْبَيَانُ. اللَّهُمَّ إنَّا نَمُدُّ إلَيْك أَكُفَّ الْفَاقَةِ وَالِافْتِقَارِ، أَنْ تَمْحُوَ مِنْ صَحَائِفِنَا مَا سَطَّرَتْهُ يَد الْأَوْزَار، فَإِنَّا فِي كَثِيرٍ مِمَّا تَقَدَّمَ وَاقِعُونَ، وَلِنَوَاهِيك مُرْتَكِبُونَ، وَنَحْنُ إلَيْك تَائِبُونَ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. وَكَانَ الْفَرَاغُ مِنْ جَمْعِهِ لَيْلَةَ الْخَمِيسِ الْمُبَارَكِ لِتِسْعٍ وَعِشْرِينَ لَيْلَةً خَلَتْ مِنْ شَهْرِ شَوَّالٍ مِنْ شُهُورِ سَنَةِ ثَمَانِيَةٍ وَمِائَتَيْنِ وَأَلْفٍ عَلَى يَدِ جَامِعِهِ تُرَابِ الْأَقْدَامِ، كَثِيرِ الذُّنُوبِ وَالْآثَامِ، مُنْكَسِرِ الْخَاطِرِ، لِقِلَّةِ الْعَمَلِ وَالتَّقْوَى الرَّاجِي مِنْ اللَّهِ الْعَفْوَ عَنْ السَّيِّئَاتِ وَالرَّفْعَ فِي أَعْلَى الدَّرَجَاتِ عُثْمَانَ ابْنِ الْعَلَّامَةِ الشَّيْخِ سُلَيْمَانَ بْنِ حِجَازِيِّ بْنِ عُثْمَانَ السُّوَيْفِيِّ الشَّافِعِيِّ تِلْمِيذِ مَوْلَانَا وَأُسْتَاذِنَا شَيْخِنَا الْعَلَّامَةِ الشَّيْخِ سُلَيْمَانَ الْبُجَيْرِمِيِّ غَفَرَ اللَّهُ لَهُمْ. (ثُمَّ فَرَغْت) مِنْ تَبْيِيضِهِ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ سَادِسَ شَهْرِ شَوَّالٍ مِنْ شُهُورِ سَنَةِ إحْدَى عَشْرَةَ وَمِائَتَيْنِ وَأَلْفٍ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، اللَّهُمَّ اخْتِمْ لَنَا بِخَاتِمَةِ السَّعَادَةِ يَا كَرِيمُ.