الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تَتِمَّةٌ يَجُوزُ لِلْإِمَامِ أَنْ يَجْمَعَ لِلْمَسَاكِينِ بَيْنَ سَهْمِهِمْ مِنْ الزَّكَاةِ وَسَهْمِهِمْ مِنْ الْخُمُسِ وَحَقِّهِمْ مِنْ الْكَفَّارَاتِ فَيَصِيرُ لَهُمْ ثَلَاثَةُ أَمْوَالٍ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَإِذَا وُجِدَ فِي وَاحِدٍ مِنْهُمْ يُتْمٌ وَمَسْكَنَةٌ أُعْطِيَ بِالْيُتْمِ دُونَ الْمَسْكَنَةِ لِأَنَّ الْيُتْمَ وَصْفٌ لَازِمٌ وَالْمَسْكَنَةَ زَائِلَةٌ وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ الْيُتْمَ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ فَقْرٍ أَوْ مَسْكَنَةٍ. وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمَاوَرْدِيُّ: أَنَّهُ إذَا كَانَ الْغَازِي مِنْ ذَوِي الْقُرْبَى لَا يَأْخُذُ بِالْغَزْوِ بَلْ بِالْقَرَابَةِ فَقَطْ. لَكِنْ ذَكَرَ الرَّافِعِيُّ فِي قَسْمِ الصَّدَقَاتِ: أَنَّهُ يَأْخُذُ بِهِمَا. وَاقْتَضَى كَلَامُهُ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْغَزْوِ وَالْمَسْكَنَةِ أَنَّ الْأَخْذَ بِالْغَزْوِ لِحَاجَتِنَا وَبِالْمَسْكَنَةِ لِحَاجَةِ صَاحِبِهَا. وَمَنْ فُقِدَ مِنْ الْأَصْنَافِ أُعْطِيَ الْبَاقُونَ نَصِيبَهُ كَمَا فِي الزَّكَاةِ إلَّا سَهْمَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَإِنَّهُ لِلْمَصَالِحِ كَمَا مَرَّ وَيُصَدَّقُ مُدَّعِي الْمَسْكَنَةِ وَالْفَقْرِ بِلَا بَيِّنَةٍ وَإِنْ اُتُّهِمَ. وَلَا يُصَدَّقُ مُدَّعِي الْيُتْمِ وَلَا مُدَّعِي الْقَرَابَةِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ.
فَصْلٌ: فِي قَسْمِ الْفَيْءِ
وَهُوَ مَالٌ أَوْ نَحْوُهُ كَكَلْبٍ يُنْتَفَعُ بِهِ حَصَلَ لَنَا مِنْ كُفَّارٍ مِمَّا هُوَ لَهُمْ بِلَا قِتَالٍ وَبِلَا إيجَافٍ أَيْ إسْرَاعِ خَيْلٍ وَلَا سَيْرِ رِكَابٍ أَيْ إبِلٍ وَنَحْوِهَا كَبِغَالٍ وَحَمِيرٍ وَسُفُنٍ وَرَجَّالَةٍ فَخَرَجَ بِ لَنَا مَا خَصَلَهُ أَهْلُ الذِّمَّةِ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ فَإِنَّهُ لَا يُنْزَعُ
ــ
[حاشية البجيرمي]
لِسَفَرٍ.
قَوْلُهُ: (غَيْرَ الصَّدَقَةِ) الْأَوْلَى غَيْرَ الْغَنِيمَةِ.
قَوْلُهُ: (وَإِذَا وُجِدَ فِي وَاحِدٍ مِنْهُمْ) أَيْ مِنْ الْأَصْنَافِ.
قَوْلُهُ: (وَصْفٌ لَازِمٌ) أَيْ لَيْسَ قَرِيبَ الزَّوَالِ وَإِلَّا فَهُوَ يَزُولُ بِالْبُلُوغِ اهـ شَيْخُنَا. قَوْلُهُ: (زَائِلَةٌ) أَيْ قَرِيبَةُ الزَّوَالِ.
قَوْلُهُ: (وَاعْتَرَضَ) أَيْ كَلَامُ الْمَاوَرْدِيُّ بِأَنَّ الْيَتِيمَ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ فَقْرٍ أَوْ مَسْكَنَةٍ أَيْ فَلَا يُقَالُ: اجْتَمَعَ فِي وَاحِدٍ يُتْمٌ وَمَسْكَنَةٌ لِأَنَّ الْمَسْكَنَةَ شَرْطٌ فِي الْيَتِيمِ أَيْ فَهُمَا مُجْتَمِعَانِ دَائِمًا وَيُجَابُ بِأَنَّ مُرَادَهُ أَنَّهُ لَا يَنْظُرُ إلَى الْمَسْكَنَةِ إلَّا إذَا كَانَتْ مُنْفَرِدَةً عَنْ الْيُتْمِ فَإِذَا اجْتَمَعَا لَمْ يَنْظُرْ فِي أَصْلِ الْإِعْطَاءِ إلَّا إلَى الْيُتْمِ. وَهَذَا كَافٍ فِي الْجَوَابِ وَالْمُعْتَرِضُ هُوَ الْأَذْرَعِيُّ وَعِبَارَةُ م ر قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ سَاقِطٌ لِأَنَّ الْيُتْمَ إلَخْ.
وَيُجَابُ عَنْ الِاعْتِرَاضِ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ يُعْطَى مِنْ سَهْمِ الْيَتَامَى لَا مِنْ سَهْمِ الْمَسَاكِينِ.
قَوْلُهُ: (لَكِنْ ذَكَرَ الرَّافِعِيُّ) مُعْتَمَدٌ. قَوْلُهُ: (أَنَّهُ يَأْخُذُ بِهِمَا) فَيُعْطَى بِالْغَزْوِ مِنْ الْأَخْمَاسِ الْأَرْبَعَةِ وَبِالْقَرَابَةِ مِنْ خُمُسِ الْخُمُسِ.
قَوْلُهُ: (وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْغَزْوِ وَالْمَسْكَنَةِ) حَيْثُ لَا يَأْخُذُ بِهَا وَإِذَا اجْتَمَعَ الْغَزْوُ مَعَ الْقَرَابَةِ أُخِذَ بِهِمَا وَإِنْ اجْتَمَعَ الْمَسْكَنَةُ مَعَ الْقَرَابَةِ يَأْخُذُ بِذِي الْقُرْبَى فَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا الشَّارِحُ لَكِنْ كَانَ أَوْلَى أَنْ يُقَدِّمَ عَدَمَ الْأَخْذِ بِالْمَسْكَنَةِ إذَا اجْتَمَعَتْ مَعَ ذَوِي الْقُرْبَى ثُمَّ يُفَرِّقُ إلَخْ إلَّا أَنَّهُ يُعْلَمُ ذَلِكَ مِنْ الْفَرْقِ. فَالْحَاصِلُ: أَنَّهُ إذَا اجْتَمَعَ صِفَتَانِ فَإِنْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا الْغَزْوَ وَالْأُخْرَى ذَوِي الْقُرْبَى أَخَذَ بِهِمَا وَأَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ إحْدَى الصِّفَتَيْنِ هِيَ الْغَزْوَ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ بِاللَّازِمِ وَمَعْنَى كَوْنِ الْيُتْمِ لَازِمًا مَعَ أَنَّهُ يَزُولُ بِالْبُلُوغِ أَنَّ زَوَالَهُ غَيْرُ مُمْكِنٍ قَبْلَ الْبُلُوغِ بِخِلَافِ الْمَسْكَنَةِ فَإِنَّهَا كُلُّ لَحْظَةٍ مُتَعَرِّضَةٌ لِلزَّوَالِ بِأَنْ يَسْتَغْنِيَ.
قَوْلُهُ: (مُدَّعِي الْمَسْكَنَةِ وَالْفَقْرِ) : صَوَابُهُ كَمَا فِي الرَّوْضِ وَالسَّفَرِ لِيَدْخُلَ ابْنُ السَّبِيلِ كَذَا قِيلَ.
وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ عَدَمَ شُمُولِهِ لِمَا ذَكَرَ لَا يَقْتَضِي أَنَّ مَا عَبَّرَ بِهِ خَطَأٌ فَكَانَ الْمُنَاسِبُ فِي التَّعْبِيرِ أَنْ يُقَالَ: لَوْ عَبَّرَ بِالسَّفَرِ لَكَانَ أَوْلَى لِيَشْمَلَ إلَخْ تَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: (بِلَا بَيِّنَةٍ) عِبَارَةُ سم بِلَا يَمِينٍ وَإِنْ اُتُّهِمَ نَعَمْ إنْ ادَّعَى تَلَفَ مَالٍ أَوْ عِيَالًا فَالْقِيَاسُ تَكْلِيفُ الْبَيِّنَةِ.
[فَصْلٌ فِي قَسْمِ الْفَيْءِ]
ِ ذَكَرَهُ بَعْدَ الْغَنِيمَةِ لِمُنَاسَبَتِهِ لَهَا لِأَنَّ كُلًّا يَتَعَلَّقُ بِالْإِمَامِ وَلَاشْتَرَاكَهُمَا فِي مَصْرِفِ خُمُسِ الْخُمُسِ، وَالْفَيْءُ مَصْدَرُ فَاءَ إذْ رَجَعَ فَالْمُرَادُ الْمَالُ الرَّاجِعُ أَوْ الْمَالُ الْمَرْدُودُ مِنْ إطْلَاقِ الْمَصْدَرِ عَلَى اسْمِ الْفَاعِلِ أَوْ الْمَفْعُولِ. وَالْمَشْهُورُ تَغَايُرُ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ تَعْرِيفِهِمَا وَقِيلَ: الْفَيْءُ يَشْمَلُ الْغَنِيمَةَ دُونَ الْعَكْسِ. فَتَكُونُ أَخَصَّ فَكُلُّ فَيْءٍ غَنِيمَةٌ وَلَا عَكْسَ.
قَوْلُهُ: (مِنْ كُفَّارٍ) أَطْلَقَ هُنَا فَشَمِلَ الْحَرْبِيِّينَ وَالْمُرْتَدِّينَ وَأَهْلَ الذِّمَّةِ.
قَوْلُهُ: (بِلَا قِتَالٍ) أَيْ لَا حَقِيقَةً وَلَا حُكْمًا فَلَا يَرُدُّ مَا أَخَذَهُ سَرِقَةً أَوْ اخْتِلَاسًا أَوْ لُقَطَةً مِنْ دَارِ الْحَرْبِيِّينَ وَيُزَادُ قَيْدٌ آخَرُ أَيْ بِغَيْرِ صُورَةِ عَقْدٍ لِيُخْرِجَ الْهَدِيَّةَ فِي غَيْرِ حَالَةِ الْقِتَالِ فَإِنَّهَا مِلْكٌ
مِنْهُمْ وَبِمَا هُوَ لَهُمْ مَا أَخَذُوهُ مِنْ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ أَوْ نَحْوِهِ بِغَيْرِ حَقٍّ فَإِنَّنَا لَمْ نَمْلِكْهُ بَلْ نَرُدُّهُ عَلَى مَالِكِهِ إنْ عُرِفَ وَإِلَّا فَيُحْفَظُ وَمِنْ الْفَيْءِ الْجِزْيَةُ وَعُشْرُ تِجَارَةٍ مِنْ كُفَّارٍ شُرِطَتْ عَلَيْهِمْ إذَا دَخَلُوا دَارَنَا وَخَرَاجٍ ضُرِبَ عَلَيْهِمْ عَلَى اسْمِ الْجِزْيَةِ وَمَا جُلُوا أَيْ تَفَرَّقُوا عَنْهُ وَلَوْ لِغَيْرِ خَوْفٍ كَضُرٍّ أَصَابَهُمْ وَمَنْ قُتِلَ أَوْ مَاتَ عَلَى الرِّدَّةِ أَوْ ذِمِّيٍّ أَوْ نَحْوِهِ مَاتَ بِلَا وَارِثٍ أَوْ تَرَكَ وَارِثًا غَيْرَ جَائِزٍ. ثُمَّ شَرَعَ فِي قِسْمَتِهِ بِقَوْلِهِ: (وَيُقْسَمُ مَالُ الْفَيْءِ) وَمَا أُلْحِقَ بِهِ مِنْ الِاخْتِصَاصَاتِ (عَلَى خَمْسٍ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى} [الحشر: 7] الْآيَةَ (يُصْرَفُ خُمُسُهُ) وُجُوبًا (عَلَى مَنْ يُصْرَفُ عَلَيْهِمْ خُمُسُ الْغَنِيمَةِ) فَيُخَمَّسُ جَمِيعُهُ خَمْسَةَ أَخْمَاسٍ مُتَسَاوِيَةٍ كَالْغَنِيمَةِ خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ. حَيْثُ قَالُوا لَا يُخَمَّسُ بَلْ جَمِيعُهُ لِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ وَدَلِيلُنَا قَوْله تَعَالَى: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ} [الحشر: 7] الْآيَةَ فَأَطْلَقَ هَاهُنَا وَقَيَّدَ فِي الْغَنِيمَةِ فَحَمَلَ
ــ
[حاشية البجيرمي]
لِلْمُهْدَى إلَيْهِ لَا غَنِيمَةٌ وَلَا فَيْءٌ.
قَوْلُهُ: (وَرَجَّالَةٍ) جَمْعُ رَاجِلٍ أَيْ مَاشٍ وَيُجْمَعُ أَيْضًا عَلَى رَجُلٍ كَصَحْبٍ وَصَاحِبٍ وَيُجْمَعُ عَلَى رِجَالٍ وَأَمَّا رَجُلٌ مُقَابِلُ امْرَأَةٍ فَيُجْمَعُ عَلَى رِجَالٍ. فَرِجَالٌ جَمْعٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ رَاجِلٍ بِمَعْنَى مَاشٍ وَرَجُلٍ مُقَابِلِ امْرَأَةٍ.
قَوْلُهُ: (وَعُشْرُ تِجَارَةٍ) الْمُرَادُ بِهِ مَا شُرِطَ عَلَيْهِمْ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ الْعُشْرِ.
قَوْلُهُ: (شُرِطَتْ عَلَيْهِمْ) الضَّمِيرُ فِي شُرِطَتْ رَاجِعٌ لِلْعُشْرِ لِأَنَّهُ اكْتَسَبَ التَّأْنِيثَ مِنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ وَفِي نُسْخَةٍ شُرِطَ وَهِيَ ظَاهِرَةٌ. قَوْلُهُ: (عَلَى اسْمِ الْجِزْيَةِ) أَيْ بِأَنْ صُولِحُوا عَلَى أَنَّ الْأَرْضَ لَهُمْ حَتَّى يَكُونَ الْخَرَاجُ عَلَى اسْمِ الْجِزْيَةِ وَأَمَّا إنْ صُولِحُوا عَلَى أَنَّ الْأَرْضَ لَنَا فَيَكُونُ الْخَرَاجُ لَا يَكْفِي عَنْ الْجِزْيَةِ لِأَنَّنَا نَسْتَحِقُّهُ بِدُونِ عَقْدِ الْجِزْيَةِ وَعِبَارَةُ م ر فِي شَرْحِهِ وَخَرَاجٌ ضُرِبَ عَلَى حُكْمِهَا أَيْ الْجِزْيَةِ كَذَا قَيَّدَهُ بَعْضُ الشَّارِحِينَ وَالْوَجْهُ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ مِمَّا هُوَ فِي حُكْمِ الْأُجْرَةِ حَتَّى لَا يَسْقُطَ بِإِسْلَامِهِمْ وَيُؤْخَذُ مِنْ مَالِ مَنْ لَا جِزْيَةَ عَلَيْهِ. لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ أُجْرَةً فَحَدُّ الْفَيْءِ صَادِقٌ عَلَيْهِ أَيْ قَبْلَ إسْلَامِهِمْ كَمَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ مِنْ كُفَّارٍ أَمَّا مَا يُؤْخَذُ مِنْهُمْ بَعْدَ الْإِسْلَامِ فَلَيْسَ فَيْئًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ اهـ. مَعَ زِيَادَةٍ فَكَانَ الْأَوْلَى حَذْفَ قَوْلِهِ: عَلَى اسْمِ الْجِزْيَةِ.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ لِغَيْرِ خَوْفٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ لِخَوْفٍ أَوْ لَا أَمَّا عَدَمُ الْخَوْفِ فَظَاهِرٌ وَكَذَا الْخَوْفُ إنْ كَانَ مِنْ غَيْرِنَا أَوْ مِنَّا فِي غَيْرِ حَالَةِ الْقِتَالِ وَإِلَّا كَانَ غَنِيمَةً.
قَوْلُهُ: (وَمَنْ قُتِلَ إلَخْ) عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ وَتَرِكَةِ مَنْ قُتِلَ إلَخْ وَكَذَا فِيمَا بَعْدَهُ وَعِبَارَةُ الْمَنْهَجِ وَشَرْحُهُ الْفَيْءُ مَالٌ حَصَلَ لَنَا مِنْ كُفَّارٍ كَجِزْيَةٍ وَعُشْرِ تِجَارَةٍ وَمَا جُلُوا عَنْهُ وَتَرِكَةِ مُرْتَدٍّ وَكَافِرٍ مَعْصُومٍ لَا وَارِثَ لَهُ وَكَذَا الْفَاضِلُ عَنْ وَارِثٍ لَهُ غَيْرُ حَائِزٍ اهـ. وَلَعَلَّ عِبَارَةَ الْمُؤَلِّفِ فِيهَا سَقْطٌ وَأَصْلُهَا وَتَرِكَةُ مَنْ قُتِلَ إلَخْ كَمَا عَلِمْت.
قَوْلُهُ: (لِقَوْلِهِ تَعَالَى: إلَخْ) فِيهِ أَنَّ الْآيَةَ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْفَيْءَ يُخَمَّسُ وَيُصْرَفُ بِتَمَامِهِ لِمَنْ يُصْرَفُ إلَيْهِ خُمُسُ الْغَنِيمَةِ. وَهُوَ غَيْرُ مُرَادِ الْمَتْنِ بِقَوْلِهِ: وَيُقْسَمُ مَالُ الْفَيْءِ عَلَى خَمْسٍ إلَخْ.
فَإِنَّ الْمُرَادَ هُنَا مَا مَرَّ فِي الْغَنِيمَةِ. وَيُجَابُ بِأَنَّ الِاسْتِدْلَالَ بِالْآيَةِ بَعْدَ حَمْلِ الْمُطْلَقِ وَهُوَ آيَةُ الْفَيْءِ عَلَى الْمُقَيَّدِ، وَهُوَ آيَةُ الْغَنِيمَةِ فَيَكُونُ الْمَعْنَى فَخُمُسُهُ لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ. فَصَحَّ الِاسْتِدْلَال كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا.
قَوْلُهُ: (خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ) حَاصِلُ مَذْهَبِهِمْ أَنَّهُ يُوضَعُ جَمِيعُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَيُفَرَّقُ عَلَى الْخَمْسَةِ الْمَذْكُورِينَ وَعَلَى غَيْرِهِمْ مِنْ الْمَصَالِحِ وَلَا يُعْطِي لِلْمُرْتَزِقَةِ مِنْهُ شَيْئًا وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: بَلْ يُوضَعُ جَمِيعُهُ لِمَصَالِح الْمُسْلِمِينَ بِخِلَافِ الْغَنِيمَةِ فَإِنَّ أَرْبَعَةَ أَخْمَاسِهَا لِلْغَانِمِينَ وَخُمُسَهَا لِلْخَمْسَةِ الْمَذْكُورِينَ كَمَذْهَبِنَا.
قَوْلُهُ: (بَلْ جَمِيعُهُ لِمَصَالِح الْمُسْلِمِينَ) أَيْ وَلِآلِهِ صلى الله عليه وسلم وَيَبْدَأُ بِهِمْ نَدْبًا عِنْدَهُمْ لِأَنَّ خُمُسَ الْغَنِيمَةِ وَجَمِيعَ الْفَيْءِ عِنْدَهُمْ يُوضَعَانِ فِي بَيْتِ الْمَالِ. وَيُصْرَفُ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ مِمَّنْ ذُكِرَ فِي الْآيَةِ وَمَا لَمْ يُذْكَرْ: مِنْ تَزْوِيجِ الْأَعْزَبِ وَرِزْقِ الْعُلَمَاءِ وَالْمُحْتَاجِينَ وَمُقْتَضَى كَلَامِ الشَّيْخِ عَبْدِ الْبَاقِي عَلَى مَتْنِ الشَّيْخِ خَلِيلٍ أَنَّهُ لَا يُعْطَى مِنْ آلِهِ صلى الله عليه وسلم إلَّا الْمُحْتَاجُ فَإِنَّهُ سَوَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ فِي الِاحْتِيَاجِ وَأَنَّ الْمُحْتَاجَ يُعْطَى كِفَايَةَ سَنَةٍ اهـ.
قَوْلُهُ: (وَدَلِيلُنَا) وَفِي نُسْخَةٍ لَنَا أَيْ يَدُلُّ لَنَا.
قَوْلُهُ: (فَأَطْلَقَ هَهُنَا) أَيْ فِي الْفَيْءِ أَيْ: لَمْ يُقَيِّدْ الْقِسْمَةَ عَلَى الْخَمْسَةِ أَصْنَافٍ بِالْخُمُسِ حَيْثُ قَالَ: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ} [الحشر: 7] فَاقْتَضَى أَنَّ جَمِيعَ الْفَيْءِ يُقْسَمُ عَلَى الْخَمْسَةِ أَصْنَافٍ وَقَيَّدَ فِي الْغَنِيمَةِ الْقِسْمَةَ عَلَى تِلْكَ الْأَصْنَافِ بِالْخُمُسِ حَيْثُ قَالَ: فَأَنَّ
الْمُطْلَقَ عَلَى الْمُقَيَّدِ جَمْعًا بَيْنَهُمَا لِاتِّحَادِ الْحُكْمِ فَإِنَّ الْحُكْمَ وَاحِدٌ وَهُوَ رُجُوعُ الْمَالِ مِنْ الْمُشْرِكِينَ لِلْمُسْلِمِينَ وَإِنْ اخْتَلَفَ السَّبَبُ بِالْقِتَالِ وَعَدَمِهِ. كَمَا حَمَلْنَا الرَّقَبَةَ فِي الظِّهَارِ عَلَى الْمُؤْمِنَةِ فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ وَكَانَ صلى الله عليه وسلم يَقْسِمُ لَهُ أَرْبَعَةَ أَخْمَاسِهِ، وَخُمُسَ خُمُسِهِ. وَلِكُلٍّ مِنْ الْأَرْبَعَةِ الْمَذْكُورِينَ مَعَهُ فِي الْآيَةِ خُمُسُ الْخُمُسِ كَمَا مَرَّ فِي الْفَصْلِ قَبْلَهُ. وَأَمَّا بَعْدَهُ صلى الله عليه وسلم فَيُصْرَفُ مَا كَانَ لَهُ مِنْ خُمُسِ الْخُمُسِ لِمَصَالِحِنَا كَمَا مَرَّ أَيْضًا فِي الْفَصْلِ قَبْلَهُ. (وَيُعْطَى أَرْبَعَةَ أَخْمَاسِهَا) الَّتِي كَانَتْ لَهُ صلى الله عليه وسلم فِي حَيَاتِهِ. (لِلْمُقَاتِلَةِ) أَيْ الْمُرْتَزِقَةِ لِعَمَلِ الْأَوَّلِينَ بِهِ؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِحُصُولِ النُّصْرَةِ بِهِ وَالْمُقَاتِلُونَ بَعْدَهُ هُمْ الْمُرْصَدُونَ لِلْقِتَالِ. (فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ) بِتَعْيِينِ الْإِمَامِ لَهُمْ سُمُّوا مُرْتَزِقَةً لِأَنَّهُمْ أَرَصَدُوا أَنْفُسَهُمْ لِلذَّبِّ عَنْ الدِّينِ وَطَلَبُوا الرِّزْقَ مِنْ مَالِ اللَّهِ. وَخَرَجَ بِهِمْ الْمُتَطَوِّعَةُ وَهُمْ الَّذِينَ يَغْزُونَ إذَا نَشِطُوا وَإِنَّمَا يُعْطَوْنَ مِنْ الزَّكَاةِ لَا مِنْ الْفَيْءِ عَكْسُ الْمُرْتَزِقَةِ. تَتِمَّةٌ يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يَبْحَثَ عَنْ حَالِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُرْتَزِقَةِ وَعَمَّنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُمْ مِنْ أَوْلَادٍ وَزَوْجَاتٍ وَرَقِيقٍ لِحَاجَةِ غَزْوٍ أَوْ لِخِدْمَةٍ إنْ اعْتَادَهَا لَا رَقِيقَ زِينَةٍ وَتِجَارَةٍ وَمَا يَكْفِيهِمْ فَيُعْطِيهِ كِفَايَتَهُ وَكِفَايَتَهُمْ مِنْ نَفَقَةٍ وَكِسْوَةٍ وَسَائِرِ الْمُؤَنِ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ لِيَتَفَرَّغَ لِلْجِهَادِ وَيُرَاعَى فِي الْحَاجَةِ حَالُهُ فِي مُرُوءَتِهِ وَضِدِّهَا وَالْمَكَانُ وَالزَّمَانُ وَالرُّخْصُ وَالْغَلَاءُ وَعَادَةُ الْبَلَدِ فِي الْمَطَاعِمِ وَالْمَلَابِسِ، وَيُزَادُ إنْ زَادَتْ حَاجَتُهُ بِزِيَادَةِ وَلَدٍ أَوْ حُدُوثِ زَوْجَةٍ وَمَنْ لَا رَقِيقَ لَهُ، يُعْطَى مِنْ الرَّقِيقِ مَا يَحْتَاجُهُ لِلْقِتَالِ مَعَهُ أَوْ لِخِدْمَتِهِ إذَا كَانَ مِمَّنْ يُخْدَمُ وَتُعْطَى زَوْجَتُهُ وَأَوْلَادُهُ الَّذِينَ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُمْ فِي حَيَاتِهِ إذَا مَاتَ بَعْدَ أَخْذِ نَصِيبِهِ لِئَلَّا يَشْتَغِلَ النَّاسُ بِالْكَسْبِ عَنْ الْجِهَادِ إذَا عَلِمُوا ضَيَاعَ عِيَالِهِمْ بَعْدَهُمْ فَتُعْطَى الزَّوْجَةُ حَتَّى تُنْكَحَ لِاسْتِغْنَائِهَا بِالزَّوْجِ وَلَوْ اسْتَغْنَتْ بِكَسْبٍ أَوْ إرْثٍ أَوْ نَحْوِهِ، كَوَصِيَّةٍ لَمْ تُعْطَ وَحُكْمُ أُمِّ الْوَلَدِ كَالزَّوْجَةِ، وَكَذَا الزَّوْجَاتُ وَتُعْطَى الْأَوْلَادُ حَتَّى يَسْتَقِلُّوا بِكَسْبٍ أَوْ نَحْوِهِ كَوَصِيَّةٍ.
وَاسْتَنْبَطَ السُّبْكِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْفَقِيهَ أَوْ الْمُعِيدَ أَوْ الْمُدَرِّسَ إذَا مَاتَ تُعْطَى زَوْجَتُهُ وَأَوْلَادُهُ مِمَّا كَانَ يَأْخُذُ مَا يَقُومُ بِهِمْ تَرْغِيبًا فِي الْعِلْمِ كَالتَّرْغِيبِ هُنَا فِي
ــ
[حاشية البجيرمي]
لِلَّهِ خُمُسَهُ إلَخْ. فَحَمَلْنَا الْمُطْلَقَ وَهُوَ آيَةُ الْفَيْءِ عَلَى الْمُقَيَّدِ وَهُوَ آيَةُ الْغَنِيمَةِ.
قَوْلُهُ: «وَكَانَ صلى الله عليه وسلم يَقْسِمُ لَهُ أَرْبَعَةَ أَخْمَاسِهِ» أَيْ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ لَكِنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ لِنَفْسِهِ وَإِنَّمَا كَانَ يَصْرِفُ خُمُسَ الْخُمُسِ فَقَطْ فِي مَصَالِحِهِ أَيْ مَصَالِحِ نَفْسِهِ وَيَصْرِفُ الْأَرْبَعَةَ أَخْمَاسٍ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ قِيلَ: وُجُوبًا وَقِيلَ نَدْبًا وَقَالَ الْغَزَالِيُّ: بَلْ كَانَ الْفَيْءُ كُلُّهُ لَهُ فِي حَيَاتِهِ وَإِنَّمَا خُمِّسَ بَعْدَ مَوْتِهِ بَعْدَ نَسْخِ فِعْلِهِ بِآيَةِ الْفَيْءِ فِي آخِرِ حَيَاتِهِ وَالتَّخْمِيسُ إنَّمَا وَقَعَ بَعْدَ مَوْتِهِ. فَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ: كَانَ لَهُ فِي أَوَّلِ حَيَاتِهِ ثُمَّ نُسِخَ فِي آخِرِهَا.
قَوْلُهُ: (كَمَا مَرَّ) أَيْ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ فِي الْغَنِيمَةِ وَهُوَ رَاجِحٌ لِقَوْلِهِ: وَلَكِنْ مِنْ الْأَرْبَعَةِ اهـ شَيْخُنَا. قَوْلُهُ: (أَرْبَعَةَ أَخْمَاسِهَا) أَيْ الْخَمْسَةِ وَفِي نُسْخَةٍ أَخْمَاسِهِ أَيْ الْفَيْءِ.
قَوْلُهُ: (فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ) كَذَا فِي النُّسَخِ وَاَلَّتِي شَرَحَ عَلَيْهَا الْغَزِّيُّ وَفِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ بِالْوَاوِ وَقَالَ: وَأَشَارَ بِهِ الْمُصَنِّفُ إلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْإِمَامِ أَنْ يَصْرِفَ الْفَاضِلَ عَنْ حَاجَاتِ الْمُرْتَزِقَةِ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ، مِنْ إصْلَاحِ الْحُصُونِ وَالثُّغُورِ وَمِنْ شِرَاءِ سِلَاحٍ وَخَيْلٍ عَلَى الصَّحِيحِ. اهـ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَأْتِيَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ بَعْدَ التَّتِمَّةِ وَيَأْتِيَ مَعَهَا بِالْوَاوِ ثُمَّ رَأَيْت فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَفِي مَصَالِحِ بِالْوَاوِ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ لَمْ يُبَيِّنْ الشَّارِحُ الْمُرَادَ مِنْهَا تَأَمَّلْ. قَوْلُهُ:(وَتُعْطَى زَوْجَتُهُ وَأَوْلَادُهُ) أَيْ بِشَرْطِ إسْلَامِهِمْ فَلَا تُعْطَى الزَّوْجَةُ الْكَافِرَةُ وَمِثْلُهَا الْبَاقُونَ فَلَوْ أَسْلَمَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ فَالظَّاهِرُ إعْطَاؤُهَا لِانْتِفَاءِ عِلَّةِ مَنْعِهِ، وَهُوَ الْكُفْرُ. اهـ. م ر.
قَوْلُهُ: (فِي حَيَاتِهِ) : مُتَعَلِّقٌ بِ تَلْزَمُهُ. قَوْلُهُ: (حَتَّى تَنْكِحَ) فَإِنْ لَمْ تَنْكِحْ فَإِلَى الْمَوْتِ وَإِنْ رَغَّبَ بِهَا الشَّارِحُ م ر. قَوْلُهُ: (حَتَّى يَسْتَقِلُّوا) أَوْ يَسْتَغْنُوا قَبْلَ بُلُوغِهِمْ. قَوْلُهُ: (مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ) أَيْ مَسْأَلَةِ جَوَازِ أَخْذِ أَوْلَادِ الْمُرْتَزِقِ وَزَوْجَاتِهِ مِنْ مَالِ الْمَصَالِحِ.
قَوْلُهُ: (أَوْ الْمُعِيدَ) أَيْ مُعِيدَ الدَّرْسِ لِلطَّلَبَةِ بَعْدَ قِرَاءَةِ الشَّيْخِ.
قَوْلُهُ: (مِمَّا) أَيْ وَقَفَ كَانَ يَأْخُذُهُ أَيْ مِنْ