المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل: في أمهات الأولاد - حاشية البجيرمي على الخطيب = تحفة الحبيب على شرح الخطيب - جـ ٤

[البجيرمي]

فهرس الكتاب

- ‌ فَصْلٌ: فِي الْإِيلَاءِ

- ‌تَتِمَّةٌ: لَوْ اخْتَلَفَ الزَّوْجَانِ فِي الْإِيلَاءِ أَوْ فِي انْقِضَاءِ مُدَّتِهِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الظِّهَارِ

- ‌أَرْكَانُ الظِّهَارِ

- ‌فَصْلٌ: فِي اللِّعَانِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْعِدَدِ

- ‌فَصْلٌ: فِيمَا يَجِبُ لِلْمُعْتَدَّةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الِاسْتِبْرَاءِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الرَّضَاعِ

- ‌ فَصْلٌ: فِي نَفَقَةِ الْقَرِيبِ

- ‌فَصْلٌ: فِي النَّفَقَةِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْحَضَانَةِ

- ‌كِتَابُ الْجِنَايَاتِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الدِّيَةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْقَسَامَةِ

- ‌كِتَابُ الْحُدُودِ

- ‌فَصْلٌ: فِي حَدِّ الْقَذْفِ

- ‌فَصْلٌ فِي حَدِّ شَارِبِ الْمُسْكِرِ

- ‌فَصْلٌ فِي حَدِّ السَّرِقَةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي قَاطِعِ الطَّرِيقِ

- ‌فَصْلٌ: فِي حُكْمِ الصِّيَالِ وَمَا تُتْلِفُهُ الْبَهَائِمُ

- ‌فَصْلٌ: فِي قِتَالِ الْبُغَاةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الرِّدَّةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي تَارِكِ الصَّلَاةِ

- ‌كِتَابُ أَحْكَامِ الْجِهَادِ

- ‌فَصْلٌ: فِي قَسْمِ الْغَنِيمَةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي قَسْمِ الْفَيْءِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْجِزْيَةِ

- ‌[كِتَابُ الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ]

- ‌فَصْلٌ: فِي الْأَطْعِمَةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْأُضْحِيَّةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْعَقِيقَةِ

- ‌كِتَابُ السَّبْقِ وَالرَّمْيِ

- ‌كِتَابُ الْأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ

- ‌فَصْلٌ: فِي النُّذُورِ

- ‌خَاتِمَةٌ فِيهَا مَسَائِلُ مُهِمَّةٌ تَتَعَلَّقُ بِالنَّذْرِ:

- ‌[فَرْعٌ النَّذْرُ لِلْكَعْبَةِ]

- ‌كِتَابُ الْأَقْضِيَةِ وَالشَّهَادَاتِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْقِسْمَةِ

- ‌فَصْلٌ فِي الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَاتِ

- ‌فَصْلٌ فِي الشَّهَادَاتِ

- ‌[فَصْلٌ مَا يُعْتَبَرُ فِيهِ تَعَدُّدُ الشُّهُودِ وَمَا لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ التَّعَدُّدُ]

- ‌كِتَابُ الْعِتْقِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْوَلَاءِ

- ‌فَصْلٌ فِي التَّدْبِيرِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْكِتَابَةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ

- ‌[خَاتِمَة الْكتاب]

الفصل: ‌فصل: في أمهات الأولاد

‌فَصْلٌ: فِي أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ

خَتَمَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كِتَابَهُ بِالْعِتْقِ رَجَاءَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُعْتِقُهُ وَقَارِئَهُ وَشَارِحَهُ مِنْ النَّارِ. فَنَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى مِنْ فَضْلِهِ وَكَرَمِهِ، أَنْ يُجِيرَنَا وَوَالِدِينَا وَمَشَايِخَنَا وَجَمِيعَ أَهْلِنَا وَمُحِبِّينَا مِنْهَا، وَأَخَّرَ هَذَا الْفَصْلَ لِأَنَّهُ عِتْقٌ قَهْرِيٌّ مَشُوبٌ بِقَضَاءٍ أَوْ طَارٍ؛ وَأُمَّهَاتُ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِهَا مَعَ فَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِهَا وَأَصْلُهَا أُمَّهَةٌ بِدَلِيلِ جَمْعِهَا عَلَى ذَلِكَ قَالَهُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

[فَصْلٌ فِي أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ]

ِ أَيْ أَحْكَامِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ كَحُرْمَةِ بَيْعِهَا وَهِبَتِهَا وَجَوَازِ وَطْئِهَا وَاسْتِخْدَامِهَا وَلَمْ يَقُلْ الْمُسْتَوْلَدَاتِ تَبَرُّكًا بِلَفْظِ الْحَدِيثِ الْآتِي وَالْأُمَّهَاتُ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَضَمِّهَا كَمَا قُرِئَ بِهِمَا فِي السَّبْعِ وَعَبَّرَ فِي الْمَنْهَجِ بِكِتَابِ لِأَنَّهُ عِتْقٌ بِالْفِعْلِ وَمَا قَبْلَهُ بِالْقَبُولِ وَأَيْضًا الْعِتْقُ فِيهِ قَهْرِيٌّ فَلَمْ يَنْدَرِجْ فِي كِتَابِ الْعِتْقِ وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْعِتْقَ بِاللَّفْظِ أَقْوَى مِنْ الِاسْتِيلَادِ لِتَرَتُّبِ مُسَبَّبِهِ عَلَيْهِ فِي الْحَالِ وَتَأَخُّرِهِ فِي الِاسْتِيلَادِ وَلِحُصُولِ الْمُسَبَّبِ بِالْقَوْلِ قَطْعًا بِخِلَافِ الِاسْتِيلَادِ لِجَوَازِ مَوْتِهَا قَبْلَ مَوْتِ السَّيِّدِ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ شَرْحِ م ر وَقَالَ حَجّ الِاسْتِيلَادُ أَقْوَى لِنُفُوذِهِ مِنْ الْمَجْنُونِ وَالْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ وَالْعِتْقُ اللَّفْظُ لَا يَنْفُذُ مِنْهُمَا فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى اهْتِمَامِ الشَّرْعِ بِالِاسْتِيلَادِ فَيَكُونُ أَقْوَى وَيُؤْخَذُ مِنْ كَوْنِ اللَّفْظِ أَقْوَى أَنَّهُ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَى عِتْقِ الْمُسْتَوْلَدَةِ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الْإِعْتَاقِ الْمُنَجَّزِ بِاللَّفْظِ وَمِنْهُ «إنَّ اللَّهَ يَعْتِقُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْ الْعَتِيقِ عُضْوًا مِنْ الْمُعْتِقِ» اهـ. وَالْحُكْمُ الْمُرَتَّبُ عَلَى الِاسْتِيلَادِ خَاصٌّ بِهَذِهِ الْأُمَّةِ اهـ ع ش عَلَى م ر بِزِيَادَةٍ. وَقِيلَ: هُمَا سَوَاءٌ وَهَذَا الْقِيلُ حَكَاهُ سم عَلَى الْمَنْهَجِ وَلَمْ يُعَلِّلْهُ بِشَيْءٍ. اهـ.

قَوْلُهُ: (خَتَمَ الْمُصَنِّفُ إلَخْ) كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يُقَدِّمَ هَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ: كِتَابُ الْعِتْقِ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ أَتَى بِهِ هَهُنَا لِأَجْلِ قَوْلِهِ: وَأَخَّرَ إلَخْ.

قَوْلُهُ: (بِالْعِتْقِ) أَيْ بِكِتَابِ الْعِتْقِ.

قَوْلُهُ: (وَشَارِحَهُ) مُفْرَدٌ مُضَافٌ، فَيَعُمُّ.

قَوْلُهُ: (وَمَشَايِخَنَا) بِالْيَاءِ لَا بِالْهَمْزِ كَمَعَايِشَ لِأَنَّ الْيَاءَ لَا تُقْلَبُ هَمْزَةً إلَّا إذَا كَانَتْ زَائِدَةً وَهِيَ هُنَا أَصْلِيَّةٌ. قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ:

وَالْمَدُّ زِيدَ ثَالِثًا فِي الْوَاحِدِ

هَمْزًا يُرَى فِي مِثْلِ كَالْقَلَائِدِ

قَوْلُهُ: (مِنْهَا) أَيْ مِنْ النَّارِ وَخَتَمَهُ أَيْضًا بِمَا ذُكِرَ لِيُنَاسَبَ الْخِتَامُ الِافْتِتَاحَ فَالِافْتِتَاحُ بِالْعِبَادَاتِ وَالْخِتَامُ بِالْعِتْقِ الَّذِي هُوَ أَفْضَلُ الْقُرُبَاتِ وَبَيْنَ الْعِبَادَةِ وَالْقُرْبَةِ تَنَاسُبٌ وَاضِحٌ اهـ. شَيْخُنَا. قَوْلُهُ: (مَشُوبٌ بِقَضَاءِ أَوْطَارٍ) أَيْ مَخْلُوطٌ يُقَالُ: شَابَهُ يَشُوبُهُ خَلَطَهُ يَخْلِطُهُ وَقَوْلُهُ: أَوْطَارٍ أَيْ أَغْرَاضٍ ع ش وَقَالَ الشَّوْبَرِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى التَّحْرِيرِ فِي بَابِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ أَوْطَارٌ جَمْعُ وَطَرٍ وَهُوَ الْحَاجَةُ وَالشَّهْوَةُ وَمِنْهُ {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا} [الأحزاب: 37] الْآيَةَ. أَيْ فَيَكُونُ أَدْوَنَ رُتْبَةً مِنْ الْعِتْقِ الِاخْتِيَارِيِّ وَالْحُكْمُ الْمُتَرَتِّبُ عَلَى الِاسْتِيلَادِ خَاصٌّ بِهَذِهِ الْأُمَّةِ.

قَوْلُهُ: (وَأَصْلُهَا إلَخْ) هُنَا سَقْطٌ وَالْأَصْلُ جَمْعُ أُمٍّ وَأَصْلُهَا إلَخْ فَدَخَلَهَا الْحَذْفُ لَا لِعِلَّةٍ كَيَدٍ بَلْ لِلْخِفَّةِ وَاخْتُلِفَ فِي هَائِهَا فَقِيلَ زَائِدَةٌ وَهُوَ مَا رَجَّحَهُ الْأُشْمُونِيُّ عِنْدَ قَوْلِ الْأَلْفِيَّةِ: وَالْهَاءُ وَقْفًا كَلِمَهْ. فَوَزْنُهَا فَعْلَهَةٌ وَقِيلَ أَصْلِيَّةٌ وَيَدُلُّ لَهُ جَمْعُهَا عَلَى أُمَّهَاتٍ وَيَدُلُّ لِلْأَوَّلِ جَمْعُهَا عَلَى أُمَّاتٍ. وَيُجِيبُ عَنْ أُمَّهَاتٍ بِأَنَّهُ جَمْعُ أُمَّهَةٍ وَالْهَاءُ زَائِدَةٌ فِيهِمَا وَوَزْنُ أُمَّهَةٍ عَلَى كَوْنِ الْهَاءِ أَصْلِيَّةً، فُعَّلَةٌ بِتَشْدِيدِ الْعَيْنِ فَالْهَاءُ لَامُ الْكَلِمَةِ وَالْعَيْنُ وَهِيَ الْمِيمُ مُضَعَّفَةٌ قَالَ ابْنُ مَالِكٍ:

وَإِنْ يَكُ الزَّائِدُ ضِعْفَ أَصْلٍ

فَاجْعَلْ لَهُ فِي الْوَزْنِ مَا لِلْأَصْلِ

وَوَزْنُ أُمٍّ عَلَى هَذَا فُعٌّ وَعَلَى زِيَادَةِ الْهَاءِ فُعْلٌ اهـ وَهَذَا أَعْنِي قَوْلَهُ: وَأَصْلُهَا أُمَّهَةٌ جَوَابٌ عَمَّا يَقُولُ مِنْ شَرْطِ الْجَمْعِ أَنْ يُنَاسِبَ مُفْرَدَهُ وَالْمُفْرَدُ لَا هَاءَ فِيهِ وَالْجَوَابُ ظَاهِرٌ لِأَنَّ أَصْلَ أُمٍّ أُمَّهَةٌ فَفِي الْمُفْرَدِ بِحَسَبِ الْأَصْلِ مَا فِي الْجَمْعِ مِنْ الْحُرُوفِ

ص: 487

الْجَوْهَرِيُّ وَيُقَالُ فِي جَمْعِهَا أَيْضًا أُمَّاتٌ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الْأُمَّهَاتُ لِلنَّاسِ وَالْأُمَّاتُ لِلْبَهَائِمِ، وَقَالَ آخَرُونَ: يُقَالُ فِيهِمَا أُمَّهَاتٌ وَأُمَّاتٌ لَكِنَّ الْأَوَّلَ أَكْثَرُ فِي النَّاسِ وَالثَّانِيَ أَكْثَرُ فِي غَيْرِهِمْ وَيُمْكِنُ رَدُّ الْأَوَّلِ إلَى هَذَا. وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ خَبَرُ: «أَيُّمَا أَمَةٍ وَلَدَتْ مِنْ سَيِّدِهَا فَهِيَ حُرَّةٌ عَنْ دُبُرٍ مِنْهُ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالْحَاكِمُ. وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ وَخَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي مُوسَى

ــ

[حاشية البجيرمي]

الْأَصْلِيَّةِ قَالَهُ الشَّوْبَرِيُّ. وَقَوْلُهُ: بِدَلِيلِ جَمْعِهَا لِأَنَّ الْجَمْعَ يَرُدُّ الْأَشْيَاءَ إلَى أُصُولِهَا. قَوْلُهُ: (قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ) أَيْ فِي صِحَاحِهِ وَحِينَئِذٍ فَأُمَّهَاتٌ جَمْعٌ لِلْفَرْعِ دُونَ الْأَصْلِ وَمَنْ نَقَلَ عَنْهُ أَيْ عَنْ الْجَوْهَرِيِّ وَهُوَ الْمَحَلِّيُّ أَنَّهُ قَالَ: أُمَّهَاتٌ جَمْعُ أُمَّهَةٍ أَصْلِ أُمٍّ فَهُوَ أَيْ الْجَمْعُ لِلْأَصْلِ دُونَ الْفَرْعِ خِلَافُ مَا قَرَّرْته فَقَدْ تَسَمَّحَ فِي هَذَا التَّعْبِيرِ عَنْهُ حَيْثُ نَسَبَ لِلصِّحَاحِ غَيْرَ لَفْظِهِ لَكِنْ لَمَّا كَانَ مَا يَثْبُتُ لِلْفَرْعِ يَثْبُتُ لِأَصْلِهِ غَالِبًا سَاغَ لَهُ أَنْ يَنْقُلَ عَنْ الْجَوْهَرِيِّ أَنَّ أُمَّهَاتٍ جَمْعُ أُمَّهَةٍ وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: الْمَحَلِّيُّ لَمْ يَنْقُلْ مَا ذَكَرَهُ عَنْ صِحَاحِ الْجَوْهَرِيِّ بَلْ عَنْ الْجَوْهَرِيِّ وَالْجَوْهَرِيُّ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ كَلَامُهُ لَمْ يَنْحَصِرْ فِي الصِّحَاحِ. اهـ. طَبَلَاوِيٌّ.

قَوْلُهُ: (وَيُقَالُ فِي جَمْعِهَا أُمَّاتٌ) يَحْتَمِلُ أَنَّ مُفْرَدَهُ عَلَى هَذَا أُمٌّ الَّتِي لَيْسَ أَصْلُهَا أُمَّهَةً بَلْ هِيَ أَصْلٌ بِرَأْسِهَا وَيَحْتَمِلُ أَنَّ مُفْرَدَهُ أُمٌّ الَّتِي أَصْلُهَا أُمَّهَةٌ إلَّا أَنَّ الْهَاءَ زَائِدَةٌ بِدَلِيلِ عَدَمِ رَدِّهَا فِي الْجَمْعِ حَرِّرْ. قَوْلُهُ: (وَقَالَ بَعْضُهُمْ) هُوَ الَّذِي عَبَّرَ عَنْهُ فِيمَا يَأْتِي بِالْأَوَّلِ.

قَوْلُهُ: (وَيُمْكِنُ رَدُّ الْأَوَّلِ إلَى هَذَا) كَأَنْ يُقَالَ: قَوْلُهُ الْأُمَّهَاتُ لِلنَّاسِ أَيْ أَكْثَرُ اسْتِعْمَالِهِ فِيهِمَا وَالْأُمَّاتُ لِلْبَهَائِمِ أَيْ الْأَكْثَرُ اسْتِعْمَالُهُ فِيهَا. اهـ. شَيْخُنَا. وَيُقَالُ يَا أُمَّاهْ بِهَاءِ السَّكْتِ بَعْدَ الْأَلْفِ وَيَا أُمَّهْ بِإِسْقَاطِ الْأَلْفِ وَتُشَبَّهُ بِهَاءِ السَّكْتِ تَاءُ التَّأْنِيثِ كَمَا لَوْ قَالُوا: يَا أَبَتْ وَجَعَلَهَا الْجَوْهَرِيُّ عَلَامَةَ تَأْنِيثٍ عِوَضًا عَنْ يَاءِ الْإِضَافَةِ.

فَائِدَةٌ ذَكَرَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ أَنَّ الْأُمَّ تُطْلَقُ فِي الْقُرْآنِ عَلَى خَمْسَةِ مَعَانٍ الْأَصْلِ وَمِنْهُ: {وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ} [الزخرف: 4] وَالْوَالِدَةِ وَمِنْهُ {فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ} [النساء: 11] وَالْمُرْضِعَةِ وَمِنْهُ {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاتِي أَرْضَعْنَكُمْ} [النساء: 23] وَالْمُضَاهِيَةِ لِلْأُمِّ فِي الْحُرْمَةِ وَمِنْهُ {وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} [الأحزاب: 6] وَالْمَرْجِعِ وَالْمَصِيرِ {فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ} [القارعة: 9] . وَقِيلَ الْمُرَادُ أُمُّ رَأْسِهِ وَقِيلَ النَّارُ لِأَنَّهُ يَأْوِي إلَيْهَا اهـ.

قَوْلُهُ: (فِي ذَلِكَ) أَيْ فِي أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ أَيْ فِي أَحْكَامِهَا وَقَدَّمَ الدَّلِيلَ عَلَى الْمَدْلُولِ لِأَنَّهُ رُتْبَةُ الدَّلِيلِ الْعَامِّ التَّقْدِيمُ لِيُفَرِّعُوا عَلَيْهِ الْمَسَائِلَ كَمَا قَالَهُ م ر. قَوْلُهُ: (أَيُّمَا أَمَةٍ) إمَّا بِالْجَرِّ عَلَى زِيَادَةِ مَا، أَوْ عَلَى أَنَّهَا نَكِرَةٌ مَوْصُوفَةٌ بِتَأْوِيلِ أَمَةٍ بِرَقِيقَةٍ لِيَكُونَ الْوَصْفُ فِي مَعْنَى الْمُشْتَقِّ عَمَلًا بِقَوْلِ الْخُلَاصَةِ:

وَانْعَتْ بِمُشْتَقٍّ كَصَعْبٍ وَذَرَبٍ

إلَخْ أَوْ نَكِرَةٍ تَامَّةٍ وَأَمَةٌ بَدَلٌ أَوْ بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّ مَا اسْمُ مَوْصُولٍ وَأَمَةٌ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ وَالْمَعْنَى أَيْ الَّذِي هُوَ أَمَةٌ لَكِنْ فِيهِ حَذْفُ صَدْرِ الصِّلَةِ فِي غَيْرِ أَيٍّ وَهُوَ قَلِيلٌ فَالْأَوْلَى تَخْرِيجُ الرَّفْعِ عَلَى أَنَّ مَا نَكِرَةٌ مَوْصُوفَةٌ بِجُمْلَةٍ مَحْذُوفٌ صَدْرُهَا وَالتَّقْدِيرُ: أَيُّ شَيْءٍ هُوَ أَمَةٌ يَصِحُّ أَنْ تَكُونَ مَا زَائِدَةٌ لِتَوْكِيدِ مَعْنَى الشَّرْطِ فَيَكُونُ أَمَةٌ مَرْفُوعًا عَلَى الْبَدَلِيَّةِ مِنْ أَيِّ فَكَأَنَّهُ قَالَ أَيُّ أَمَةٌ أَوْ بِالنَّصْبِ تَمْيِيزٌ لِلنَّكِرَةِ التَّامَّةِ أَوْ حَالٌ مِنْ أَيٍّ الْمُخَصَّصَةِ بِالْإِضَافَةِ وَأَيُّ شَرْطِيَّةٌ وَوَلَدَتْ فِعْلُ الشَّرْطِ وَهُوَ خَبَرٌ وَلَا يَرِدُ أَنَّهُ لَمْ تَحْصُلْ الْفَائِدَةُ بِهِ بَلْ بِقَوْلِهِ: فَهِيَ حُرَّةٌ لِأَنَّ الْخَبَرَ قِسْمَانِ مُفِيدٌ بِنَفْسِهِ وَمُفِيدٌ بِانْضِمَامِ غَيْرِهِ إلَيْهِ وَمَا هُنَا مِنْ الثَّانِي. فَتَحَصَّلَ أَنَّ فِي إعْرَابِ أَمَةٍ ثَمَانِيَةَ أَوْجُهٍ ثَلَاثَةٌ فِي الْجَرِّ وَثَلَاثَةٌ فِي الرَّفْعِ وَاثْنَانِ فِي النَّصْبِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ إنَّ وَلَدَتْ صِفَةٌ لِأَمَةٍ أَغْنَى عَنْ فِعْلِ الشَّرْطِ اهـ وَقَوْلُهُ: عَلَى الْبَدَلِيَّةِ مِنْ أَيٍّ لَكِنَّهُ قَدْ يُسْتَشْكَلُ بِأَنَّهُ إذَا أُبْدِلَ اسْمٌ مِنْ اسْمٍ مُضَمَّنٍ مَعْنَى شَرْطٍ إبْدَالًا تَفْصِيلًا أُعِيدَ الشَّرْطُ نَحْوُ: مَنْ يَقُمْ إنْ زَيْدٌ وَإِنْ عَمْرٌو أَقُمْ مَعَهُ. وَيُجَابُ بِأَنَّ ذَلِكَ أَغْلَبِيٌّ فَقَدْ قَالَ فِي التَّصْرِيحِ: وَقَدْ يَتَخَلَّفُ كُلٌّ مِنْ التَّفْصِيلِيِّ وَإِعَادَةِ الشَّرْطِ، فَفِي الْكَشَّافِ أَنَّ يَوْمَئِذٍ بَدَلٌ مِنْ إذَا فِي قَوْله تَعَالَى {إِذَا زُلْزِلَتِ الأَرْضُ زِلْزَالَهَا} [الزلزلة: 1] وَكَذَا قَالَ أَبُو الْبَقَاءِ: وَلِهَذَا اقْتَصَرَ ابْنُ مَالِكٍ فِي الْخُلَاصَةِ عَلَى الِاسْتِفْهَامِ. فَقَالَ:

وَبَدَلُ الْمُضَمَّنِ الْهَمْزُ يَلِي

ص: 488

«قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّا نَأْتِي السَّبَايَا وَنُحِبُّ أَثْمَانَهُنَّ فَمَا تَرَى فِي الْعَزْلِ؟ فَقَالَ مَا عَلَيْكُمْ أَنْ لَا تَفْعَلُوا مَا مِنْ نَسَمَةٍ كَائِنَةٍ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إلَّا وَهِيَ كَائِنَةٌ» فَفِي قَوْلِهِمْ: وَنُحِبُّ أَثْمَانَهُنَّ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ بَيْعَهُنَّ بِالِاسْتِيلَادِ مُمْتَنِعٌ لِذَلِكَ وَاسْتَشْهَدَ

ــ

[حاشية البجيرمي]

هَمْزًا، وَكَذَا فَعَلَ فِي التَّسْهِيلِ مَعَ كَثْرَةِ جَمْعِهِ فِيهِ.

قَوْلُهُ: (فَهِيَ حُرَّةٌ) أَيْ آيِلَةٌ إلَى الْحُرِّيَّةِ. فَإِنْ قِيلَ: إنْ كَانَتْ الْوِلَادَةُ مُوجِبَةً لِلْحُرِّيَّةِ فَلِمَ تَوَقَّفَتْ عَلَى مَوْتِ السَّيِّدِ. قِيلَ لِأَنَّ لَهَا حَقًّا بِالْوِلَادَةِ وَلِلسَّيِّدِ حَقًّا بِالْمِلْكِ وَفِي تَعْجِيلِ عِتْقِهَا بِالْوِلَادَةِ إبْطَالٌ لِحَقِّهِ مِنْ الْكَسْبِ وَالِاسْتِمْتَاعِ فَفِي تَعْلِيقُهُ بِمَوْتِ السَّيِّدِ حِفْظٌ لِلْحَقَّيْنِ فَكَانَ أَوْلَى اهـ شَوْبَرِيُّ.

قَوْلُهُ: (عَنْ دُبُرٍ مِنْهُ) بِضَمِّ الدَّالِ وَالْبَاءِ أَيْ بَعْدَ آخِرِ جُزْءٍ مِنْ حَيَاتِهِ فَعَنْ بِمَعْنَى بَعْدَ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ} [الانشقاق: 19] قَالَ فِي الْمِصْبَاح: الدُّبُرُ بِضَمَّتَيْنِ وَسُكُونِ الْبَاءِ خِلَافُ الْقُبُلِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَأَصْلُهُ لِمَا أَدْبَرَ عَنْهُ الْإِنْسَانُ اهـ ع ش. فَقَوْلُهُ: عَنْ دُبُرٍ مِنْهُ أَيْ بَعْدَ مَوْتِهِ فَلَوْ مَاتَتْ قَبْلَهُ فَلَا حُرِّيَّةَ وَأَنَّهُ لَوْ قَتَلَهَا إنْسَانٌ كَانَ لِسَيِّدِهَا قِيمَتُهَا فَلَوْ مَاتَا مَعًا أَوْ شَكَّ فِي السَّبْقِ وَالْمَعِيَّةِ مَا الْحُكْمُ. اهـ. عَمِيرَةُ. قَالَ سم: يَنْبَغِي أَنْ يُحْكَمَ بِالْعِتْقِ فِي الْأُولَى نَظَرًا إلَى أَنَّ الْعِلَّةَ تُقَارِنُ الْمَعْلُولَ دُونَ الثَّانِيَةِ لِأَنَّ بَقَاءَ الرِّقِّ مُحَقَّقٌ فَلَا يَزُولُ إلَّا بِثُبُوتِ خِلَافِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ أج. قَوْلُهُ: (ابْنُ مَاجَهْ) اسْمُ أُمِّهِ بِسُكُونِ الْهَاءِ وَصْلًا وَوَقْفًا مَجْرُورٌ بِفَتْحَةٍ مَقْدِرَةٍ نِيَابَةً عَنْ الْكَسْرَةِ لِأَنَّهُ اسْمٌ لَا يَنْصَرِفُ وَالْمَانِعُ لَهُ مِنْ الصَّرْفِ الْعِلْمِيَّةُ وَالْعُجْمَةُ وَمَنَعَ مِنْ ظُهُورِ الْحَرَكَةِ سُكُونُ الْحِكَايَةِ بِلَفْظِهِ وَمِثْلُهُ سِيدَهْ وَبَرْدِزْبَهْ وَمَنْدَهْ. قَوْلُهُ: (عَنْ أَبِي مُوسَى) الَّذِي فِي شَرْحِ م ر عَنْ أَبِي سَعِيدٍ.

قَوْلُهُ: (إنَّا نَأْتِي السَّبَايَا) جَمْعُ سَبِيَّةٍ كَهَدَايَا جَمْعُ هَدِيَّةٍ وَالْمُرَادُ مَسْبِيَّةٌ وَالْيَاءُ الْأُولَى زَائِدَةٌ فَتُقْلَبُ هَمْزَةً فِي الْجَمْعِ فَيُقَالُ سَبَائِي بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ كَصَحَائِفَ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الْأَلْفِيَّةِ

وَالْمَدُّ زِيدَ ثَالِثًا فِي الْوَاحِدِ

هَمْزًا يُرَى فِي مِثْلِ كَالْقَلَائِدِ

ثُمَّ تُفْتَحُ الْهَمْزَةُ فَيُقَالُ سَبَاءَى أَخْذًا مِنْ قَوْلِهَا بَعْدُ وَافْتَحْ وَرُدَّ الْهَمْزَ يَا وَبَعْدَ الْفَتْحِ يُقَالُ تَحَرَّكَتْ الْيَاءُ وَانْفَتَحَ مَا قَبْلَهَا قُلِبَتْ أَلْفًا أَخْذًا مِنْ قَوْلِهَا

مِنْ يَاءٍ وَوَاوٍ بِتَحْرِيكِ أَصْلِ

أَلِفًا ابْدَلْ بَعْدَ فَتْحٍ مُتَّصِلِ

ثُمَّ قُلِبَتْ الْهَمْزَةُ يَاءً وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهَا الْمَارِّ وَرُدَّ الْهَمْزُ يَا فَصَارَ سَبَايَا بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَعْمَالٍ سَبَائِي وَسَبَاءَى وَسَبَبَا أَوْ سَبَايَا وَإِذَا كَانَ الْمُفْرَدُ مَهْمُوزًا زِيدَ فِيهِ عَمَلٌ خَامِسٌ بَعْدَ الْعَمَلِ الْأَوَّلِ وَهُوَ قَلْبُ الْهَمْزَةِ الثَّانِيَةِ يَاءً كَخَطِيئَةٍ جَمْعُهَا خَطَائِي بِهَمْزَتَيْنِ أُولَاهُمَا مَكْسُورَةٌ ثُمَّ قُلِبَتْ الثَّانِيَةُ يَاءً فَيُقَالُ خَطَائِي ثُمَّ تَأْتِي بِالْأَعْمَالِ الثَّلَاثَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأُشْمُونِيُّ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْأَلْفِيَّةِ

وَافْتَحْ وَرُدَّ الْهَمْزَ يَا فِيمَا أُعِلَّ

لَامًا وَفِي الْمُخْتَارِ السَّبِيَّةُ الْمَرْأَةُ الْمَسْبِيَّةُ، قَوْلُهُ:(أَنْ لَا تَفْعَلُوا) قِيلَ إنَّ لَا زَائِدَةٌ لِيُطَابِقَ السُّؤَالَ لِأَنَّ السُّؤَالَ عَنْ الْعَزْلِ فَيَكُونُ الْمَعْنَى عَلَى زِيَادَتِهَا مَا عَلَيْكُمْ ضَرَرٌ فِي الْفِعْلِ وَهُوَ الْعَزْلُ لَكِنْ قَوْلُهُ: مَا نَسَمَةٌ إلَخْ يَقْتَضِي أَنْ لَا أَصْلِيَّةٌ وَيَكُونُ الْمَعْنَى مَا عَلَيْكُمْ ضَرَرٌ فِي عَدَمِ الْفِعْلِ أَيْ الْعَزْلِ لِأَنَّ مَا مِنْ نَسَمَةٍ كَائِنَةٍ إلَخْ. فَالسُّؤَالُ يَدُلُّ عَلَى زِيَادَتِهَا وَقَوْلُهُ: مَا مِنْ نَسَمَةٍ إلَخْ يَدُلُّ عَلَى أَصَالَتِهَا وَاخْتَارَ إمَامُنَا الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه جَوَازَهُ وَعَنْ الْأَمَةِ مُطْلَقًا وَعَنْ الْحُرَّةِ بِإِذْنِهَا نَعَمْ هُوَ مَكْرُوهٌ لِأَنَّهُ طَرِيقٌ إلَى قَطْعِ النَّسْلِ وَعِبَارَةُ م ر. وَالْعَزْلُ حَذَرًا مِنْ الْوَلَدِ مَكْرُوهٌ وَإِنْ أَذِنَتْ فِيهِ الْمَعْزُولُ عَنْهَا حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً لِأَنَّهُ طَرِيقٌ إلَى قَطْعِ النَّسْلِ. اهـ أَيْ بِحَسَبِ الظَّاهِرِ وَقَوْلُهُ: فِي الْحَدِيثِ مَا مِنْ نَسَمَةٍ إلَخْ أَيْ مُقَدَّرَةٍ عِنْدَ اللَّهِ اهـ. وَنَقَلَ قَبْلَ ذَلِكَ عَنْ الْغَزَالِيِّ فِي الْإِحْيَاءِ أَنَّهُ قَرَّرَ أَنَّ الْعَزْلَ خِلَافُ الْأَوْلَى اهـ وَفِي شَرْحِ السَّيِّدِ النَّسَّابَةِ لِمَنْظُومَةِ ابْنِ الْعِمَادِ فِي الْأَنْكِحَةِ مَا نَصُّهُ: فَرْعٌ: الْعَزْلُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ، وَهُوَ أَنْ يُجَامِعَ فَإِذَا قَارَبَ الْإِنْزَالَ نَزَعَ فَأَنْزَلَ خَارِجَ الْفَرْجِ وَالْأُولَى تُكْرَهُ عَلَى الْإِطْلَاقِ. وَأَطْلَقَ صَاحِبُ الْمُهَذَّبِ كَرَاهِيَتَهُ وَلَا خِلَافَ فِي جَوَازِهِ فِي السُّرِّيَّةِ صِيَانَةً لِلْمِلْكِ وَلَا يَحْرُمُ فِي الزَّوْجَةِ عَلَى الْمَذْهَبِ سَوَاءٌ الْحُرَّةُ وَالْأَمَةُ بِالْإِذْنِ وَغَيْرِهِ وَقِيلَ: يَحْرُمُ بِغَيْرِ إذْنٍ، وَقِيلَ يَحْرُمُ فِي الْحُرَّةِ وَأَمَّا الْمُسْتَوْلَدَةُ فَأَوْلَى بِالْجَوَازِ لِأَنَّهَا غَيْرُ رَاسِخَةٍ فِي الْفِرَاشِ وَلِهَذَا لَا يُقْسَمُ لَهَا. قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَحَيْثُ حَرَّمْنَا الْعَزْلَ فَذَلِكَ إذَا نَزَعَ بِقَصْدِ أَنْ يَقَعَ الْإِنْزَالُ

ص: 489

الْبَيْهَقِيُّ بِقَوْلِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا -: «لَمْ يَتْرُكْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا وَلَا عَبْدًا وَلَا أَمَةً» . قَالَ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَتْرُكْ أُمَّ إبْرَاهِيمَ رَقِيقَةً، وَأَنَّهَا عَتَقَتْ بِمَوْتِهِ. (وَإِذَا أَصَابَ) أَيْ وَطِئَ (السَّيِّدُ) الرَّجُلُ الْحُرُّ كُلًّا أَوْ بَعْضًا مُسْلِمًا كَانَ أَوْ كَافِرًا أَصْلِيًّا (أَمَتَهُ) أَيْ بِأَنْ عَلِقَتْ مِنْهُ وَلَوْ سَفِيهًا أَوْ مَجْنُونًا أَوْ مُكْرَهًا أَوْ أَحْبَلَهَا الْكَافِرُ حَالَ إسْلَامِهَا،

ــ

[حاشية البجيرمي]

خَارِجًا تَحَرُّزًا عَنْ الْوَلَدِ. فَأَمَّا إذَا عَزَمَ أَنْ يَنْزِعَ لَا عَلَى هَذَا الْقَصْدِ فَيَجِبُ الْقَطْعُ بِأَنْ لَا يَحْرُمَ فَصَارَ الصَّحِيحُ عَدَمَ التَّحْرِيمِ لِمَا تَقَدَّمَ اهـ. قَوْلُهُ: (كَائِنَةٌ) أَيْ مُقَدَّرَةٌ.

قَوْلُهُ: (إلَّا وَهِيَ كَائِنَةٌ) أَيْ مَوْجُودَةٌ أَيْ فِي الْخَارِجِ سَوَاءٌ عَزَلَ أَوْ لَمْ يَعْزِلْ فَهُوَ كَوْنٌ خَاصٌّ فَلِذَا ذُكِرَ. لِأَنَّ وَاجِبَ الْحَذْفِ هُوَ الْكَوْنُ الْعَامُّ.

قَوْلُهُ: (لِذَلِكَ) أَيْ لِامْتِنَاعِ بَيْعِهَا. قَوْلُهُ: (قَالَ) أَيْ الْبَيْهَقِيُّ وَقَوْلُهُ: فِيهِ أَيْ قَوْلُ عَائِشَةَ. قَوْلُهُ: (وَإِذَا) هِيَ لِلْمُتَيَقَّنِ وَالْمَظْنُونِ الْغَالِبِ وُجُودُهُ كَالْوَطْءِ هُنَا فَلِذَلِكَ آثَرَهَا عَلَى إنْ لِأَنَّهَا لِلْمُتَوَهَّمِ وُجُودُهُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ. قَوْلُهُ: (أَيْ وَطِئَ) مِنْ تَفْسِيرِ الْعَامِّ بِالْخَاصِّ لِأَنَّ الْإِصَابَةَ تَكُونُ بِجَمِيعِ الْحَشَفَةِ أَوْ بَعْضِهَا بِخِلَافِ الْوَطْءِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ شَبَّهَ الْوَطْءَ بِإِصَابَةِ السَّهْمِ لِلْغَرَضِ وَاسْتَعَارَ الْإِصَابَةَ لِلْوَطْءِ وَاشْتَقَّ مِنْ الْإِصَابَةِ أَصَابَ بِمَعْنَى وَطِئَ وَالْجَامِعُ حُصُولُ الْمَقْصُودِ فِي كُلٍّ. قَوْلُهُ: (الرَّجُلُ) قَيَّدَ بِالرَّجُلِ لِأَنَّ الصَّبِيَّ فِيهِ خِلَافٌ يَأْتِي وَخَرَجَ الْخُنْثَى فَقَوْلُهُ: الرَّجُلُ أَيْ الْمُحَقَّقُ الذُّكُورَةُ لِيَخْرُجَ مَا لَوْ اشْتَرَى الْخُنْثَى أَمَةً خُنْثَى فَحَبِلَتْ مِنْ الْمَالِكِ الْخُنْثَى ثُمَّ إنَّ الْمَالِكَ حَبِلَ أَيْضًا فَلَا يَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ لِأَنَّهُ بِحَبَلِ السَّيِّدِ اتَّضَحَ بِالْأُنُوثَةِ وَهِيَ لَا يُحْكَمُ لَهَا بِاسْتِيلَادِ مَنْ ذُكِرَ وَحَبَلُهَا يُحْتَمَلُ أَنَّهُ مِنْ شُبْهَةٍ أَوْ زِنًا وَلَا تُحَدُّ لِعَدَمِ تَحَقُّقِهِ وَهُوَ يُدْرَأُ بِالشُّبَهِ وَبِهَذَا انْدَفَعَ مَا اسْتَشْكَلَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ تَوَهُّمِهِ فِي ذَلِكَ وَبَقِيَ مَا لَوْ وَطِئَ السَّيِّدُ أَمَةً فَأَلْقَتْ عَلَقَةً فَأَخَذَتْهَا أَمَتُهُ الْأُخْرَى فَتَحَمَّلَتْ بِهَا فَحَلَّتْهَا الْحَيَاةُ. ثُمَّ وَلَدَتْ فَهَلْ يُحْكَمُ لِلثَّانِيَةِ بِالِاسْتِيلَادِ قَالَ الشَّيْخُ حَمْدَانُ فِيهِ نَظَرٌ وَاسْتَقْرَبَ ع ش أَنَّهَا لَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْعَقِدْ مِنْ مَنِيِّهَا وَمَنِيِّهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ اهـ.

قَوْلُهُ: (الْحُرُّ) أَيْ الَّذِي يُمْكِنُ إحْبَالُهُ بِأَنْ اسْتَكْمَلَ تِسْعَ سِنِينَ. قَالَ شَيْخُنَا الدَّيْرَبِيُّ: وَشُرِطَ فِي السَّيِّدِ كَوْنُهُ مِمَّنْ يُمْكِنُ لُحُوقُ الْوَلَدِ بِهِ فَخَرَجَ الصَّبِيُّ فَلَوْ وَطِئَ الصَّبِيُّ الَّذِي لَمْ يَبْلُغْ تِسْعَ سِنِينَ أَمَتَهُ وَأَتَتْ بِوَلَدٍ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ مِنْ وَطْئِهِ لَمْ يَثْبُتْ إيلَادُهُ. وَلَمْ يَلْحَقْهُ الْوَلَدُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَلَوْ بَلَغَهَا وَوَطِئَهَا وَأَتَتْ بِوَلَدٍ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ مِنْ وَطْئِهِ لَحِقَهُ وَمَعَ ذَلِكَ لَا يُحْكَمُ بِبُلُوغِهِ: وَلَا يَثْبُتُ إيلَادُهُ عَلَى الرَّاجِحِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَ النَّسَبِ وَغَيْرِهِ بِأَنَّ النَّسَبَ يُحْتَاطُ لَهُ مَا لَا يُحْتَاطُ لِغَيْرِهِ قَالَهُ حَجّ. قَالَ الشَّمْسُ م ر. لِأَنَّ النَّسَبَ يَكْفِي فِيهِ الْإِمْكَانُ وَالْأَصْلُ بَقَاءُ صِغَرِهِ وَعَدَمُ صِحَّةِ تَصَرُّفِهِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْمَانِعِ مِنْ إزَالَةِ مِلْكِهِ عَنْ الْأَمَةِ. اهـ كَلَامُهُ فَتَأَمَّلْ. وَقَوْلُهُ: فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَوْ وَطِئَ صَبِيٌّ يَسْتَكْمِلُ تِسْعَ سِنِينَ غَيْرُ ظَاهِرٍ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ ع ش: عَلَيْهِ صَوَابُهُ اُسْتُشْكِلَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ؛ لِأَنَّ النَّسَبَ يَكْفِي فِيهِ الْإِمْكَانُ وَدُونَ التِّسْعِ لَا يَكْفِي وَيُؤْخَذُ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّهُ يُلْغِزُ بِالصَّبِيِّ الْمَذْكُورِ. وَيُقَالُ فِيهِ لَنَا أَبٌ غَيْرُ بَالِغٍ. اهـ. دَيْرَبِيٌّ فِي خَتْمِهِ عَلَى سم.

قَوْلُهُ: (أَوْ كَافِرًا أَصْلِيًّا) وَأَمَّا إيلَادُ الْمُرْتَدِّ فَمَوْقُوفٌ م ر.

قَوْلُهُ: (أَمَتُهُ) أَيْ مَنْ لَهُ فِيهَا مِلْكٌ وَإِنْ قَلَّ س ل. بِخِلَافِ مَنْ وَطِئَهَا بِشُبْهَةٍ ثُمَّ مَلَكَهَا فَلَا تَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: أَمَتُهُ وَلَوْ تَقْدِيرًا كَأَنْ وَطِئَ الْأَصْلُ أَمَةَ فَرْعِهِ أَيْ الَّتِي لَمْ يَسْتَوْلِدْهَا الْفَرْعُ وَلَوْ مُزَوَّجَةً فَإِنَّهُ يُقَدَّرُ دُخُولُهَا فِي مِلْكِ الْأَصْلِ قُبَيْلَ الْعُلُوقِ. وَمِثْلُهَا أَمَةُ مُكَاتَبِهِ كَمَا يَأْتِي فِي الْخَاتِمَةِ أَوْ مُكَاتَبَةُ وَلَدِهِ وَلِلْأَمَةِ شَرْطَانِ الْأَوَّلُ أَنْ تَكُونَ مَمْلُوكَةً لِلسَّيِّدِ حَالَ عُلُوقِهَا مِنْهُ. الثَّانِي أَنْ لَا يَتَعَلَّقَ بِهَا حَقٌّ لَازِمٌ غَيْرُ الْكِتَابَةِ حَالَ الْعُلُوقِ وَالسَّيِّدُ مُعْسِرٌ وَلَمْ يَزُلْ عَنْهَا بَلْ بِيعَتْ فِيهِ وَلَمْ يَمْلِكْهَا السَّيِّدُ بَعْدُ وَذَلِكَ بِأَنْ لَا يَتَعَلَّقُ بِهَا حَقٌّ أَصْلًا أَوْ تَعَلَّقَ بِهَا وَهُوَ غَيْرُ لَازِمٍ أَوْ لَازِمٌ وَهُوَ كِتَابَةٌ أَوْ غَيْرُ كِتَابَةٍ لَكِنَّهُ زَائِلٌ عِنْدَ الْعُلُوقِ أَوْ مُسْتَمِرٌّ وَالسَّيِّدُ مُوسِرٌ أَوْ مُعْسِرٌ وَقَدْ زَالَ بَعْدَ ذَلِكَ عَنْهَا بِنَحْوِ أَدَاءً أَوْ إبْرَاءٍ أَوْ لَمْ يَزُلْ وَبِيعَتْ فِيهِ لَكِنَّهُ مَلَكَهَا السَّيِّدُ بَعْدَ ذَلِكَ فَفِي هَذِهِ الصُّوَرِ كُلِّهَا يَثْبُتُ الِاسْتِيلَادُ. أَمَّا إذَا تَعَلَّقَ بِهَا ذَلِكَ فَلَا يَثْبُتُ الِاسْتِيلَادُ وَالْحَقُّ اللَّازِمُ مِثْلُ الرَّهْنِ بَعْدَ الْقَبْضِ وَمِثْلُ أَرْشِ الْجِنَايَةِ اهـ. اسْتَثْنَى بَعْضُهُمْ مِنْ مَفْهُومِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مَسْأَلَةً يَثْبُتُ فِيهَا الْإِيلَادُ وَهِيَ مَا لَوْ اشْتَرَى أَمَةً بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ وَوَطِئَهَا الْمُشْتَرِي بِإِذْنِ الْبَائِعِ لِحُصُولِ الْإِجَازَةِ قَالَ ع ش قَدْ يُمْنَعُ اسْتِثْنَاءُ هَذِهِ لِأَنَّهُ بِالْوَطْءِ مَعَ الْإِجَازَةِ دَخَلَتْ فِي مِلْكِهِ فَلَمْ يُحْبِلْ إلَّا أَمَتَهُ وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر أَمَتُهُ أَيْ الَّتِي لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهَا حَقٌّ لِلْغَيْرِ فَخَرَجَتْ الْمَرْهُونَةُ إذَا أَوْلَدَهَا الرَّاهِنُ الْمُعْسِرُ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُرْتَهِنِ إلَّا إنْ كَانَ الْمُرْتَهِنُ فَرْعَهُ كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ. فَإِنْ انْفَكَّ الرَّاهِنُ نَفَذَ فِي الْأَصَحِّ وَخَرَجَتْ الْجَانِيَةُ الْمُتَعَلِّقُ بِرَقَبَتِهَا مَالٌ إذَا أَوْلَدَهَا مَالِكُهَا

ص: 490

قَبْلَ بَيْعِهَا عَلَيْهِ بِوَطْءٍ مُبَاحٍ أَوْ مُحَرَّمٍ كَأَنْ تَكُونَ حَائِضًا أَوْ مَحْرَمًا لَهُ كَأُخْتِهِ، أَوْ مُزَوَّجَةٍ، أَوْ بِاسْتِدْخَالِ مَائِهِ الْمُحْتَرَمِ فِي حَالِ حَيَاتِهِ (فَوَضَعَتْ) حَيًّا أَوْ مَيِّتًا أَوْ مَا يَجِبُ فِيهِ غُرَّةٌ.

ــ

[حاشية البجيرمي]

الْمُعْسِرُ فَلَا يَنْفُذُ إيلَادُهُ إلَّا إنْ كَانَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ فَرْعَ مَالِكِهَا وَخَرَجَتْ أَمَةُ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِفَلَسٍ فَلَا يَنْفُذُ إيلَادُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ اهـ.

قَوْلُهُ: (أَيْ بِأَنْ عَلِقَتْ مِنْهُ) تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ وَطْءٌ فَيَكُونُ أَطْلَقَ السَّبَبَ وَهُوَ الْوَطْءُ وَأَرَادَ الْمُسَبَّبَ وَهُوَ الْعُلُوقُ بِوَطْءٍ أَوْ بِغَيْرِهِ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ سَفِيهًا) لَيْسَ السَّفِيهُ مَحَلَّ الْخِلَافِ بَلْ مَحَلُّ الْخِلَافِ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ بِفَلَسٍ.

قَوْلُهُ: (حَالَ إسْلَامِهَا) لَيْسَ قَيْدًا م د.

قَوْلُهُ: (بِوَطْءٍ مُبَاحٍ) أَيْ فِي قُبُلٍ وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ ب عَلِقَتْ.

قَوْلُهُ: (أَوْ مُحَرَّمٌ) أَيْ لِذَاتِهِ أَوْ لِعَارِضٍ.

قَوْلُهُ: (أَوْ بِاسْتِدْخَالِ مَائِهِ) وَلَوْ فِي الدُّبُرِ وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِوَطْءٍ. قَوْلُهُ: (فِي حَالِ حَيَاتِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِاسْتِدْخَالِ وَقَدْ يُفْهَمُ أَنَّ الْمُنْفَصِلَ بَعْدَ الْمَوْتِ أَيْ إذَا انْفَصَلَ مَنِيُّ السَّيِّدِ مِنْهُ بَعْدَ مَوْتِهِ بِأَنْ عُصِرَ مِنْ ذَكَرِهِ وَاسْتَدْخَلَتْهُ امْرَأَةٌ هَلْ يُقَالُ هُوَ مُحْتَرَمٌ وَلَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ بِذَلِكَ أَوْ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَصْدُقَ عَلَيْهِ حَدُّ الْمُحْتَرَمِ وَلَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَهُ. وَعَلَيْهِ فَلَا يَرِثُ لِانْتِقَالِ التَّرِكَةِ لِغَيْرِهِ قَبْلَ خُرُوجِ النُّطْفَةِ الَّتِي خُلِقَ مِنْهَا بِخِلَافِ مَا خَرَجَ فِي حَيَاتِهِ لَكِنْ جَزَمَ ق ل. بِاشْتِرَاطِ خُرُوجِ الْمَنِيِّ فِي الْحَيَاةِ لِلُّحُوقِ بِخِلَافِهِ بَعْدَ الْمَوْتِ فَلَا يُنْسَبُ لِخُرُوجِهِ مِنْ جُثَّةٍ مُنْفَكَّةٍ عَنْ الْحِلِّ وَالْحُرْمَةِ. فَالْحَاصِلُ أَنَّ الصُّوَرَ ثَلَاثَةٌ أَنْ يَنْفَصِلَ فِي حَيَاتِهِ وَتَسْتَدْخِلَهُ فِي حَيَاتِهِ فَيَثْبُتُ النَّسَبُ وَالِاسْتِيلَادُ. الثَّانِيَةُ أَنْ يَنْفَصِلَ فِي حَيَاتِهِ وَتَسْتَدْخِلَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ فَيَثْبُتَ النَّسَبُ دُونَ الِاسْتِيلَادِ. الثَّالِثَةُ أَنْ يَنْفَصِلَ بَعْدَ مَوْتِهِ. وَتَسْتَدْخِلَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ فَفِيهِ تَرَدُّدٌ وَاسْتَظْهَرَ الْخَطِيبُ ثُبُوتَ النَّسَبِ. وق ل. عَدَمُهُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَانْظُرْ لَوْ قَارَنَ خُرُوجَ الْمَنِيُّ الْمَوْتَ هَلْ يَثْبُتُ الْعِتْقُ وَالْإِرْثُ أَوْ لَا الظَّاهِرُ لَا لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ تَحَقُّقُ وُجُودِ الْوَارِثِ فِي حَيَاةِ الْمُورِثِ.

قَوْلُهُ:

(فَوَضَعَتْ) أَنَّثَ قَوْلَهُ: وَضَعَتْ لِأَنَّهُ يَجِبُ تَأْنِيثُ الْفِعْلِ بِتَاءٍ سَاكِنَةٍ فِي آخِرِ الْمَاضِي وَبِتَاءِ الْمُضَارَعَةِ فِي أَوَّلِ الْمُضَارِعِ إذَا كَانَ فَاعِلُهُ مُؤَنَّثًا فِي مَسْأَلَتَيْنِ: إحْدَاهُمَا أَنْ يَكُونَ ضَمِيرًا مُتَّصِلًا وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْمُؤَنَّثِ الْحَقِيقِيِّ وَالْمَجَازِيِّ فَتَقُولُ هِنْدُ قَامَتْ وَالشَّمْسُ طَلَعَتْ وَلَا تَقُولُ قَامَ وَطَلَعَ، فَإِنْ كَانَ الضَّمِيرُ مُنْفَصِلًا لَمْ يُؤْتَ بِالتَّاءِ نَحْوُ هِنْدُ مَا قَامَ إلَّا هِيَ. ثَانِيهِمَا أَنْ يَكُونَ ظَاهِرًا مُتَّصِلًا حَقِيقِيَّ التَّأْنِيثِ وَالْمُرَادُ وَضَعَتْ كُلَّ الْوَلَدِ وَلَوْ تَوْأَمَيْنِ فَلَا تَعْتِقُ بِخُرُوجِ بَعْضِهِ حَتَّى يَتِمَّ خُرُوجُهُ كَمَا قَالَهُ م ر. وَالْوَضْعُ لَيْسَ بِقَيْدٍ بِالنَّظَرِ لِحُرْمَةِ الْبَيْعِ وَمَا بَعْدَهُ بَلْ الْمَدَارُ عَلَى الْحَمْلِ وَعِبَارَةُ غَيْرِهِ فَوَلَدَتْ بِتَمَامِ انْفِصَالِهِ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ مَحَلِّهِ الْمُعْتَادِ لَا بِخُرُوجِ بَعْضِهِ وَيَثْبُتُ بِإِلْقَاءِ بَعْضِهِ الِاسْتِيلَادُ لَا الْعِتْقُ فَإِنْ أَلْقَتْ بَعْضَهُ بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ تَبَيَّنَ عِتْقُهَا وَلَهَا كَسْبُهَا وَتَرْتِيبُ الْحُرْمَةِ أَيْ حُرْمَةُ بَيْعِهَا عَلَى الْوَضْعِ لَا يُنَافِي الْحُرْمَةَ قَبْلَ الْوَضْعِ أَيْضًا فَالْمَدَارُ عَلَى الْعُلُوقِ وَقَوْلُهُ: فَوَضَعَتْ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ مَحَلِّهِ الْمُعْتَادِ كَمَا قَالَهُ: ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَمِثْلُهُ الشَّوْبَرِيُّ فِي مُوجِبَاتِ الْغُسْلِ وَقَدْ يُوَجَّهُ بِأَنَّ أُمِّيَّةَ الْوَلَدِ مَنُوطَةٌ بِالْوِلَادَةِ وَقَدْ حَصَلَتْ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِهَا الْمُعْتَادِ وَالْمُرَادُ وَضَعَتْ فِي حَيَاةِ السَّيِّدِ أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ لِمُدَّةٍ يُحْكَمُ بِثُبُوتِ نَسَبِهِ مِنْهُ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ الْأَوْجَهُ أَنَّهَا تَعْتِقُ مِنْ حِينِ الْمَوْتِ فَتَمْلِكُ كَسْبَهَا بَعْدَهُ حَجّ زي وس ل.

قَوْلُهُ: (أَوْ مَا) أَيْ حَمْلٌ تَجِبُ فِيهِ غُرَّةٌ فَمَا نَكِرَةٌ مَوْصُوفَةٌ وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ اسْمًا مَوْصُولًا بِمَعْنَى الَّذِي أَيْ الْحَمْلُ الَّذِي تَجِبُ فِيهِ غُرَّةٌ وَكَانَ الْقِيَاسُ أَنْ يُعَبِّرَ بِمَنْ لِأَنَّهَا الْأَصْلُ فِيمَنْ يَعْقِلُ وَيُجَابُ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ الْجَنِينَ لَمَّا كَانَ أَمْرُهُ مُبْهَمًا عَبَّرَ عَنْهُ بِمَا كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا} [آل عمران: 35] قَالَهُ ابْنُ هِشَامٍ وَالْمُرَادُ بِذَلِكَ أَلْقَتْ جَمِيعَ مَا تَجِبُ فِيهِ الْغُرَّةُ لَا بَعْضُهُ لِأَنَّهَا إذَا أَلْقَتْ بَعْضَهُ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ فَإِنْ مَاتَتْ حَالًا وَجَبَتْ الْغُرَّةُ إلَّا وَجَبَ نِصْفُهَا كَمَا قَالَهُ زي. وَمِنْ الْبَيِّنِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ حَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى حَالَةِ الْمَوْتِ لِأَنَّهُ ذَكَرَ بَعْدَ ذَلِكَ حُرْمَةَ الْبَيْعِ وَالرَّهْنِ وَالْهِبَةِ وَهِيَ لَا تَكُونُ إلَّا فِي حَالَةِ الْمَوْتِ. فَمَا قِيلَ: إنَّهُ ضَعِيفٌ لَا وَجْهَ لَهُ ثُمَّ رَأَيْت عِبَارَةَ الْمِنْهَاجِ كَالشَّارِحِ سَوَاءً بِسَوَاءٍ وَلَمْ يُضَعِّفْهَا م ر. وَلَا غَيْرُهُ فَمَا ذَكَرَهُ الْحَوَاشِي هُنَا لَيْسَ عَلَى مَا يَنْبَغِي تَأَمَّلْ.

1 -

ص: 491

وَهُوَ (مَا) أَيْ لَحْمٌ (يَتَبَيَّنُ) لِكُلِّ أَحَدٍ أَوْ لِأَهْلِ الْخِبْرَةِ مِنْ الْقَوَابِلِ (فِيهِ شَيْءٌ مِنْ خَلْقِ آدَمِيٍّ) كَمُضْغَةٍ فِيهَا صُورَةُ آدَمِيٍّ، وَإِنْ لَمْ تَظْهَرْ إلَّا لِأَهْلِ الْخِبْرَةِ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ النِّسَاءِ وَجَوَابُ إذَا (حَرُمَ عَلَيْهِ بَيْعُهَا) وَلَوْ مِمَّنْ تَعْتِقُ عَلَيْهِ أَوْ بِشَرْطِ الْعِتْقِ أَوْ مِمَّنْ أَقَرَّ بِحُرِّيَّتِهَا. (وَرَهْنُهَا وَهِبَتُهَا) مَعَ بُطْلَانِ ذَلِكَ أَيْضًا لِخَبَرِ: «أُمَّهَاتُ الْأَوْلَادِ لَا يُبَعْنَ وَلَا يُوهَبْنَ وَلَا يُورَثْنَ

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلُهُ: (أَيْ لَحْمٌ) فِيهِ تَغْيِيرُ إعْرَابِ الْمَتْنِ الْمَحَلِّيِّ وَأَجَازَهُ بَعْضُهُمْ.

قَوْلُهُ: (مِنْ الْقَوَابِلِ) أَيْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ وَالْقَوَابِلُ لَيْسَ بِقَيْدٍ وَهِيَ جَمْعُ قَابِلَةٍ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِمُقَابَلَتِهَا الْمَوْلُودَ عِنْدَ خُرُوجِهِ.

قَوْلُهُ: (كَمُضْغَةٍ فِيهَا صُورَةُ آدَمِيٍّ) ظَاهِرَةٌ أَوْ خَفِيَّةٌ أَخْبَرَ بِهَا الْقَوَابِلُ وَيُعْتَبَرُ أَرْبَعٌ مِنْهُنَّ أَوْ رَجُلَانِ أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ بِخِلَافِ مَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا صُورَةُ آدَمِيٍّ وَإِنْ قُلْنَ لَوْ بَقِيَتْ لَتَخَطَّطَتْ وَإِنَّمَا انْقَضَتْ بِهَا الْعِدَّةُ لِأَنَّ الْغَرَضَ ثَمَّ بَرَاءَةُ الرَّحِمِ وَهُنَا مَا يُسَمَّى وَلَدًا وَمَعْلُومٌ أَنَّ قَوْلَهُ: أَوْ مَا فِيهِ غُرَّةٌ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ: حَيًّا وَحِينَئِذٍ فَهَذَا الْعَطْفُ يَقْتَضِي أَنَّهُ قَسِيمٌ لِمَا قَبْلَهُ فَيُفِيدُ كَمَا قَالَهُ النَّجْمُ الْغَيْطِيُّ أَنَّ الْمُضْغَةَ لَا تُوصَفُ بِحَيَاةٍ وَلَا مَوْتٍ بَلْ وَاسِطَةٌ بَيْنَهُمَا وَالْكَافُ اسْتِقْصَائِيَّةٌ كَمَا قَالَهُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ.

قَوْلُهُ: (صُورَةُ آدَمِيٍّ) وَيَكْفِي بَعْضُ الْمُتَصَوَّرِ وَلَوْ لَأُصْبُعٍ كَمَا يُفْهِمُهُ الْمَتْنُ.

قَوْلُهُ: (حَرُمَ عَلَيْهِ بَيْعُهَا وَرَهْنُهَا) وَفَرْضُ الْمُصَنِّفِ هَذِهِ فِيمَا بَعْدَ الْوَضْعِ لَا يُنَافِي فِي جَرَيَانِهَا حَالَ الْحَمْلِ أَيْضًا سم وَقَوْلُهُ: بَيْعُهَا أَيْ إلَّا لِنَفْسِهَا.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ مِمَّنْ) أَيْ لِمَنْ وَكَذَا قَوْلُهُ أَوْ مِمَّنْ أَقَرَّ أَيْ لِمَنْ أَقَرَّ. قَوْلُهُ: (وَرَهْنُهَا) لَمْ يُسْتَفَدْ هَذَا مِنْ الْحَدِيثِ أَعْنِي أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ فَلَعَلَّهُ مِنْ حَدِيثٍ آخَرَ. أَوْ بِالْقِيَاسِ عَلَى الْبَيْعِ.

قَوْلُهُ: (وَهِبَتُهَا) أَيْ لِغَيْرِهَا أَمَّا هِبَتُهَا لِنَفْسِهَا فَصَحِيحَةٌ قَالَ الْبِرْمَاوِيُّ: وَمِثْلُ ذَلِكَ قَرْضُهَا لِنَفْسِهَا فَإِنَّهُ صَحِيحٌ عَلَى الرَّاجِحِ وَيَلْزَمُهَا أَنْ تَرُدَّ لِلْمُقْرِضِ أَمَةً مِثْلَهَا لِتَعَذُّرِ رَدِّ الْمُقْتَرَضِ وَهُوَ نَفْسُهَا لِعِتْقِهَا بِذَلِكَ. وَعِبَارَتُهُ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى سم الْغَزِّيِّ وَمِثْلُ بَيْعِهَا قَرْضُهَا لِنَفْسِهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَيَجِبُ عَلَيْهَا رَدُّ مِثْلِهَا لِأَنَّ مَحِلَّ رُجُوعِهِ فِي عَيْنِ الْمُقْرَضِ أَنْ لَا يَتَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ لَازِمٌ وَقَدْ صَارَتْ عَتِيقَةً لِأَنَّ بِقَرْضِهَا نَفْسَهَا مَلَكَتْهَا. فَعَتَقَتْ وَلَا يَصِحُّ وَقْفُهَا أَيْ وَلَا تَدْبِيرُهَا، وَهِبَةُ الْبَعْضِ كَهِبَةِ الْكُلِّ فِي حُكْمِهِ وَعِبَارَةُ السَّمْهُودِيِّ قَوْلُهُ وَهِبَتُهَا وَرَهْنُهَا أَمَّا الْهِبَةُ فَلِأَنَّهَا نَقْلُ مِلْكِ الْغَيْرِ وَأَمَّا الرَّهْنُ فَتَسْلِيطٌ عَلَى ذَلِكَ فَأَشْبَهَ الْبَيْعَ. وَإِنَّمَا صَرَّحَ الْمُصَنِّفُ بِذَلِكَ مَعَ فَهْمِهِ مِنْ تَحْرِيمِ بَيْعِهَا لِلتَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّ تَعَاطِيَ الْعُقُودِ الْفَاسِدَةِ حَرَامٌ وَإِنْ لَمْ يَتَّصِلْ بِهَا الْمَقْصُودُ وَكَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ كَذَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيّ وَالدَّمِيرِيُّ. وَكَذَا تَحْرُمُ الْوَصِيَّةُ بِهَا وَفِي صِحَّةِ وَقْفِهَا خِلَافٌ وَالْأَصَحُّ الْمَنْعُ وَلَا يَصِحُّ تَدْبِيرُهَا لِأَنَّهَا مُسْتَحِقَّةٌ لِلْعِتْقِ بِالْمَوْتِ بِالْجِهَةِ الْقَوِيَّةِ فَعِتْقُهَا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ بِخِلَافِ الْمُدَبَّرَةِ عَلَى أَنَّهُ قَدْ يُتَصَوَّرُ تَدْبِيرُهَا إذَا قَالَ لَهَا السَّيِّدُ إذَا مِتُّ فَأَنْتِ حُرَّةٌ قَبْلَ مَوْتِي بِشَهْرٍ وَقُلْنَا: إنَّ هَذَا تَدْبِيرٌ كَمَا فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ فَتَصِيرُ مُدَبَّرَةً وَفَائِدَتُهُ: أَنَّ كَسْبَهَا يَكُونُ لَهَا مِنْ الْوَقْتِ الَّذِي أَثْبَتَ ابْتِدَاءَ الْحُرِّيَّةِ مِنْهُ قَبْلَ مَوْتِهِ لَكِنْ الْمُعْتَمَدُ أَنَّ هَذَا تَعْلِيقُ عِتْقٍ بِصِفَةٍ وَلَيْسَ تَدْبِيرًا فَلَا يَرِدُ ذَلِكَ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي التَّدْبِيرِ وَلَا يَصِحُّ تَدْبِيرُ أُمِّ الْوَلَدِ وَظَاهِرُ قَرْنِ الْمُصَنِّفِ الْبَيْعَ بِالْهِبَةِ فِي الْمَنْعِ تَلَازُمُهُمَا فِيهِ قَالَهُ الْوَلِيُّ أَبُو زُرْعَةَ الْعِرَاقِيُّ.

قَوْلُهُ: (مَعَ بُطْلَانِ ذَلِكَ أَيْضًا) أَيْ لِأَنَّ الْحُرْمَةَ قَدْ تُجَامِعُ الصِّحَّةَ كَالْبَيْعِ بَعْدَ أَذَانِ الْجُمُعَةِ. قَوْلُهُ: (لِخَبَرِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ) اُنْظُرْ هَلْ عُلِمَتْ هَذِهِ الرِّوَايَةِ بِلُغَةٍ مِنْ اللُّغَاتِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي كَلَامِهِ أَمْ لَا وَإِذَا لَمْ تُعْلَمْ الرِّوَايَةُ هَلْ يَجُوزُ قِرَاءَتُهَا بِلُغَةٍ مِنْ اللُّغَاتِ الْمَذْكُورَةِ أَمْ يَتَعَيَّنُ الْأَفْصَحُ وَالْأَوْلَادُ جَمْعُ وَلَدٍ بِفَتْحَتَيْنِ وَهُوَ كُلُّ مَا وَلَدَهُ شَيْءٌ وَيُطْلَقُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَالْمُثَنَّى وَالْمَجْمُوعِ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ وَالْوُلْدُ بِوَزْنِ الْقُفْلِ لُغَةٌ فِيهِ. وَقَدْ يَكُونُ جَمْعًا لَهُ كَأُسْدٍ وَأَسَدٍ وَجَمْعُ وَلَدٍ عَلَى وُلْدٍ سَمَاعِيٌّ لَا قِيَاسِيٌّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأُشْمُونِيُّ وَغَيْرُهُ. فَإِنْ قُلْت: جَمَعَ صلى الله عليه وسلم تَارَةً وَأَفْرَدَ أُخْرَى فَهَلْ لِهَذَا مِنْ حِكْمَةٍ. قُلْت: نَعَمْ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ الْإِشَارَةَ إلَى جَوَازِ الْإِفْرَادِ وَالْمُطَابِقَةِ فِي ضَمِيرِ جَمْعِ الْمُؤَنَّثِ لَكِنَّهُ إنْ كَانَ الْمُرَادُ مِنْهُ الْكَثْرَةَ فَالْإِفْرَادُ أَوْلَى وَإِلَّا فَالْمُطَابَقَةُ وَقَدْ اشْتَمَلَ عَلَى الِاسْتِعْمَالَيْنِ قَوْله تَعَالَى {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ} [التوبة: 36] الْآيَةَ حَيْثُ أَفْرَدَ فِي قَوْله تَعَالَى مِنْهَا لِرُجُوعِهِ لِلِاثْنَيْ عَشَرَ وَطَابَقَ فِي قَوْله تَعَالَى {فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ} [التوبة: 36] لِرُجُوعِهِ لِلْأَرْبَعَةِ كَذَا قَالَهُ ع ش وَيَجُوزُ أَيْضًا أَنْ تَكُونَ الْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ كَمَا قَالَهُ سم الْإِشَارَةُ إلَى أَنَّ الْحُكْمَ ثَابِتٌ لِكُلِّ فَرْدٍ وَلَا لِلْمَجْمُوعِ. وَقَدْ اُسْتُفِيدَ

ص: 492

يَسْتَمْتِعُ بِهَا سَيِّدُهَا، مَا دَامَ حَيًّا فَإِذَا مَاتَ فَهِيَ حُرَّةٌ» . رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَقَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ رُوَاتُهُ كُلُّهُمْ ثِقَاتٌ وَقَدْ قَامَ الْإِجْمَاعُ عَلَى عَدَمِ صِحَّةِ بَيْعِهَا وَاشْتُهِرَ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه أَنَّهُ خَطَبَ يَوْمًا عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ فِي أَثْنَاءِ خُطْبَتِهِ:" اجْتَمَعَ رَأْيِي وَرَأْيُ عُمَرَ عَلَى أَنَّ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ لَا يُبَعْنَ، وَأَنَا الْآنَ أَرَى بَيْعَهُنَّ. فَقَالَ عَبِيدَةُ السَّلْمَانِيُّ: رَأْيُك مَعَ رَأْيِ عُمَرَ ". وَفِي

ــ

[حاشية البجيرمي]

مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ امْتِنَاعُ التَّمْلِيكِ بِسَائِرِ أَنْوَاعِهِ. فَإِنَّهُ إمَّا اخْتِيَارِيٌّ أَوْ قَهْرِيٌّ وَالِاخْتِيَارِيُّ إمَّا بِمُعَاوَضَةٍ أَوْ بِغَيْرِهَا فَأَشَارَ صلى الله عليه وسلم إلَى التَّمْلِيكِ الِاخْتِيَارِيِّ بِمُعَاوَضَةٍ بِقَوْلِهِ: لَا يُبَعْنَ وَبَدَأَ بِالْبَيْعِ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ الْغَالِبُ فِي إزَالَةِ الْمِلْكِ وَإِلَى التَّمْلِيكِ الِاخْتِيَارِيِّ بِغَيْرِ مُعَاوَضَةٍ بِقَوْلِهِ: وَلَا يُوهَبْنَ وَذَكَرَهَا عَقِبَ الْبَيْعِ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي التَّمْلِيكِ الْمُطْلَقِ وَأَشَارَ إلَى الْقَهْرِيِّ بِقَوْلِهِ: وَلَا يُورَثْنَ وَأَخَّرَهُ عَنْ الْبَيْعِ وَالْهِبَةِ لِتَعَلُّقِهِ بِالْمَوْتِ وَهُمَا بِالْحَيَاةِ السَّابِقَةِ عَلَيْهِ وَقَدْ اشْتَمَلَ صَدْرُ الْحَدِيثِ عَلَى مَا أَشَرْنَا إلَيْهِ مِنْ الْإِشَارَةِ إلَى مَنْعِ كُلِّ مَا يُزِيلُ الْمِلْكَ وَاشْتَمَلَ عَجْزُهُ عَلَى مَا لِلسَّيِّدِ مِنْ الْوَطْءِ وَمُقَدِّمَاتِهِ وَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ: يَسْتَمْتِعُ بِهَا سَيِّدُهَا مَادَامَ حَيًّا وَبِالْجُمْلَةِ فَاشْتَمَلَ هَذَا الْحَدِيثُ عَلَى مَا يَمْتَنِعُ عَلَى السَّيِّدِ وَمَا يَجُوزُ لَهُ وَاشْتَمَلَ أَيْضًا عَلَى بَيَانِ مَا حَصَلَ لِأُمِّ الْوَلَدِ بِسَبَبِ الْوِلَادَةِ مِنْ فَكِّ قَيْدِ الرِّقِّ عَنْهَا بِمَوْتِ سَيِّدِهَا وَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ: فَإِذَا مَاتَ فَهِيَ حُرَّةٌ اهـ. وَإِعْرَابُ الْحَدِيثِ أُمَّهَاتُ الْأَوْلَادِ مُبْتَدَأٌ وَمُضَافُ إلَيْهِ لَا يُبَعْنَ لَا نَافِيَةٌ كَذَا قَالَ بَعْضُهُمْ وَصَوَابُهُ نَاهِيَةٌ وَيُبَعْنَ فِعْلٌ مَبْنِيٌّ عَلَى السُّكُونِ لِاتِّصَالِهِ بَنُونَ النِّسْوَةِ وَهِيَ نَائِبُ فَاعِلٍ فِي مَحَلِّ رَفْعٍ وَهُوَ خَبَرٌ عَنْ أُمَّهَاتُ وَقَوْلُهُ: وَلَا يُوهَبْنَ وَلَا يُورَثْنَ مَعْطُوفٌ عَلَيْهِ وَإِعْرَابُهُ كَإِعْرَابِهِ وَقَوْلُهُ: يَسْتَمْتِعُ بِهَا سَيِّدُهَا جُمْلَةٌ فِعْلِيَّةٌ لَا مَحَلَّ لَهَا مِنْ الْإِعْرَابِ. قَوْلُهُ: (لَا يُبَعْنَ) أَيْ لِغَيْرِ أَنْفُسِهِنَّ وَكَذَا الْهِبَةُ.

قَوْلُهُ: (يَسْتَمْتِعُ بِهَا سَيِّدُهَا) جُمْلَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ اسْتِئْنَافًا بَيَانِيًّا وَاقِعَةٌ فِي جَوَابِ شَرْطٍ مُقَدَّرٍ تَقْدِيرُهُ مَاذَا تَصْنَعُ بِهَا. فَإِنْ قُلْت هَلْ يَصِحُّ جَعْلُهُ خَبَرًا عَنْ قَوْلِهِ: أُمَّهَاتُ الْأَوْلَادِ إلَخْ. قُلْت: نَعَمْ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُطَابَقَةَ مَوْجُودَةٌ لِأَنَّ أُمَّهَاتُ وَإِنْ كَانَ جَمْعًا لَكِنْ إضَافَتُهُ إلَى مَا فِيهِ أَلْ الْجِنْسِيَّةُ أَبْطَلَتْ مِنْهُ مَعْنَى الْجَمْعِيَّةِ. وَيَقْرُبُ مِنْهُ قَوْلُهُمْ: الْخَبَرُ قِسْمَانِ وَنَحْوُهُ. وَاعْلَمْ أَنَّ عَدَّهُمْ جَمْعَ الْمُؤَنَّثِ السَّالِمِ مِنْ جُمُوعِ الْقِلَّةِ مَحَلُّهُ مَا لَمْ يَقْتَرِنْ بِأَلْ أَوْ يُضَفْ وَإِلَّا كَانَ مِنْ جُمُوعِ الْكَثْرَةِ وَلَعَلَّ النُّكْتَةَ فِي إفْرَادِ قَوْلِهِ: يَسْتَمْتِعُ وَالْجَمْعِ فِيمَا قَبْلَهُ الْإِشَارَةُ إلَى أَنَّ حُكْمَ مَنْعِ الْبَيْعِ وَالْإِرْثِ وَالْهِبَةِ عَامٌّ لِكُلِّ أَحَدٍ وَأَنَّ الِاسْتِمْتَاعَ مُفَوَّضٌ لِأَمْرِ السَّيِّدِ أَيْ لِلسَّيِّدِ الِاسْتِمْتَاعُ إنْ أَرَادَ لَا أَنَّ ذَلِكَ مُتَعَيِّنٌ عَلَى كُلِّ سَيِّدٍ إذْ قَدْ يَبِيعُهَا لِلْخِدْمَةِ وَنَحْوِهَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ. وَقَالَ ح ل: إنَّمَا أَفْرَدَ فِيهِ وَجَمَعَ فِيمَا قَبْلَهُ.

لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الِاسْتِمْتَاعُ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ بِأَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ اهـ كَلَامُهُ. وَلَعَلَّ مُرَادَهُ الِاسْتِمْتَاعُ الْمَقْصُودُ وَهُوَ الْوَطْءُ. وَإِلَّا فَيُمْكِنُ التَّمَتُّعُ بِغَيْرِهِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ بِأَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ وَقِيلَ: إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ يَجُوزُ إفْرَادُ ضَمِيرِ الْجَمْعِ الْمُؤَنَّثِ وَجَمْعُهُ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ} [التوبة: 36] الْآيَةَ لَكِنَّ الْأَفْصَحَ فِي جَمْعِ الْكَثْرَةِ الْإِفْرَادُ وَفِي جَمْعِ الْقِلَّةِ الْجَمْعُ وَشَاهِدُهُ قَوْله تَعَالَى {مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ} [التوبة: 36] فَمِنْهَا رَاجِعٌ لِلِاثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا وَهُوَ جَمْعُ كَثْرَةٍ فِي الْمَعْنَى وَفِيهِنَّ رَاجِعٌ لِلْأَرْبَعَةِ وَهُوَ جَمْعُ قِلَّةٍ فِي الْمَعْنَى وَأُمَّهَاتُ هُنَا جَمْعُ قِلَّةٍ لِأَنَّ جَمْعَ الْمُؤَنَّثِ السَّالِمِ مِنْ جُمُوعِ الْقِلَّةِ.

قَوْلُهُ: (مَا دَامَ حَيًّا) فَإِنْ قُلْت: مَا فَائِدَةُ هَذَا مَعَ أَنَّ الِاسْتِمْتَاعَ خَاصٌّ بِالْحَيَاةِ. قُلْت: أُجِيبَ بِأَنَّهُ تَوْطِئَةٌ لِقَوْلِهِ: فَإِذَا مَاتَ وَبِأَنَّ الْفِعْلَ لَمَّا كَانَ نَكِرَةً مَعْنًى لَا عُمُومَ لَهُ قَيَّدَهُ بِمَا ذَكَرَهُ لِإِفَادَةِ التَّعْمِيمِ.

قَوْلُهُ: (رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ) نِسْبَةٌ إلَى دَارَ قُطْنَ اسْمُ مَحَلَّةٍ بِبَغْدَادَ وَالنِّسْبَةُ إلَيْهَا عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ إذْ الْقِيَاسُ الدَّارِيُّ أَوْ الْقُطْنِيُّ. وَأَمَّا النِّسْبَةُ إلَى الْكَلِمَتَيْنِ مَعًا فَهِيَ شَاذَّةٌ كَمَا بَيَّنَهُ النُّحَاةُ قَالَ الشِّهَابُ الْخَفَاجِيُّ وَرَاؤُهُ مَفْتُوحَةٌ وَبَعْضُهُمْ يُسَكِّنُهَا وَالْأُولَى أَوْلَى.

قَوْلُهُ: (ابْنُ الْقَطَّانِ) نِسْبَةٌ لِدَارِ الْقُطْنِ بِبَغْدَادَ. قَوْلُهُ: (عَلَى الْمِنْبَرِ) أَيْ مِنْبَرِ الْكُوفَةِ. قَوْلُهُ: (عَبِيدَةُ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَقَوْلُهُ: السَّلْمَانِيُّ بِسُكُونِ اللَّامِ أَفْصَحُ مِنْ فَتْحِهَا نِسْبَةٌ إلَى سَلْمَانَ حَيٌّ مِنْ الْعَرَبِ

ص: 493

رِوَايَةٍ: مَعَ الْجَمَاعَةِ أَحَبُّ إلَيْنَا مِنْ رَأْيِك وَحْدَك. فَقَالَ: اقْضُوا فِيهِ مَا أَنْتُمْ قَاضُونَ فَإِنِّي أَكْرَهُ أَنْ أُخَالِفَ الْجَمَاعَةَ فَلَوْ حَكَمَ حَاكِمٌ بِصِحَّةِ بَيْعِهَا نُقِضَ حُكْمُهُ لِمُخَالَفَتِهِ الْإِجْمَاعَ، وَمَا كَانَ فِي بَيْعِهَا مِنْ خِلَافٍ بَيْنَ الْقَرْنِ الْأَوَّلِ فَقَدْ انْقَطَعَ وَصَارَ مُجْمَعًا عَلَى مَنْعِهِ وَمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد عَنْ جَابِرٍ:«كُنَّا نَبِيعُ سَرَارِينَا أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حَيٌّ لَا يَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا» أُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّهُ مَنْسُوخٌ وَبِأَنَّهُ مَنْسُوبٌ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم اسْتِدْلَالًا وَاجْتِهَادًا فَيُقَدَّمُ عَلَيْهِ مَا نُسِبَ إلَيْهِ قَوْلًا وَنَصًّا وَهُوَ نَهْيُهُ صلى الله عليه وسلم عَنْ بَيْعِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ كَمَا مَرَّ وَيُسْتَثْنَى مِنْ مَنْعِ بَيْعِهَا بَيْعُهَا مِنْ نَفْسِهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ عَقْدُ عَتَاقَةٍ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَيَنْبَنِي عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ بَاعَهَا بَعْضَهَا أَنَّهُ يَصِحُّ وَيَسْرِي إلَى بَاقِيهَا، كَمَا لَوْ أَعْتَقَ بَعْضَ رَقِيقِهِ وَأَنَّهُ إذَا كَانَ السَّيِّدُ مُبَعَّضًا أَنَّهُ لَا يَصِحُّ مِنْهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْوَلَاءِ وَهَذَا ظَاهِرٌ، وَإِنْ لَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَهُ وَمَحَلُّ الْمَنْعِ إذَا لَمْ يَرْتَفِعْ الْإِيلَادُ، فَإِنْ ارْتَفَعَ بِأَنْ

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَالْمُحَدِّثُونَ عَلَى التَّحْرِيكِ اهـ. مُغْرِبٌ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مِنْ التَّابِعِينَ.

قَوْلُهُ: (اقْضُوا) بِكَسْرِ هَمْزَةِ الْوَصْلِ عِنْدَ الِابْتِدَاءِ مِثْلُ امْشُوا لِأَنَّ عَيْنَهُمَا فِي الْأَصْلِ مَكْسُورَةٌ. وَإِنَّمَا ضُمَّتْ لِمُنَاسِبَةِ الْوَاوِ وَالْأَصْلُ اقْضِيُوا وَامْشِيُوا سُكِّنَتْ الْيَاءُ لِلِاسْتِثْقَالِ.

ثُمَّ حُذِفَتْ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ وَضُمَّتْ الْعَيْنُ لِمُجَانَسَةِ الْوَاوِ، وَلِتَسْلَمَ مِنْ الْقَلْبِ يَاءً وَإِنْ شِئْت قُلْت اُسْتُثْقِلَتْ الضَّمَّةُ عَلَى الْيَاءِ فَنُقِلَتْ مِنْهَا إلَى مَا قَبْلَهَا بَعْدَ سَلْبِ حَرَكَةِ مَا قَبْلَهَا وَحُذِفَتْ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ فَالضَّمَّةُ عَلَى الْإِعْلَالِ الْأَوَّلِ مُجْتَلَبَةٌ لِلْمُنَاسَبَةِ، وَعَلَى الثَّانِي مَنْقُولَةٌ شَرْحُ التَّوْضِيحِ. فَأَنْتَ قُلْت: كَيْفَ سَاغَ لِعَلِيٍّ أَنْ يُخَالِفَ الْإِجْمَاعَ الْمُنْعَقِدَ فِي زَمَنِ عُمَرَ بَعْدَ مُوَافَقَتِهِ عَلَيْهِ وَاتِّفَاقُهُمْ مَعْصُومٌ مِنْ الْخَطَأِ لِأَنَّ الْأُمَّةَ الَّذِينَ مِنْهُمْ الْمُجْتَهِدُونَ لَا تَجْتَمِعُ عَلَى ضَلَالَةٍ مِمَّا صَرَّحَ بِهِ الْحَدِيثُ. وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ عَلِيٌّ يَرَى اشْتِرَاطَ انْقِرَاضِ الْعَصْرِ فِي عَدَمِ جَوَازِ مُخَالَفَةِ الْإِجْمَاعِ أَيْ وَقَدْ خَالَفَهُ قَبْلَهُ. وَإِنْ كَانَ الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الِانْقِرَاضُ. وَأَجَابَ عَمِيرَةُ: بِأَنَّ هَذَا إجْمَاعٌ سُكُوتِيٌّ وَهُوَ ظَنِّيٌّ يَجُوزُ مُخَالَفَتُهُ.

قَوْلُهُ: (فَإِنِّي أَكْرَهُ أَنْ أُخَالِفَ الْجَمَاعَةَ) لَعَلَّ لَهُ مُسْتَنَدًا آخَرَ غَيْرَ هَذَا. فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ مُجْتَهِدٌ. قَوْلُهُ: (سَرَارِينَا) التَّسَرِّي لُغَةً وَشَرْعًا أَنْ يَطَأَهَا وَيُنْزِلَ فِيهَا وَيَمْنَعَهَا الْخُرُوجَ وَهُوَ جَمْعُ سُرِّيَّةٍ نِسْبَةٌ إلَى السِّرِّ وَهُوَ الْجِمَاعُ وَالْإِخْفَاءُ لِأَنَّ الْمَرْءَ كَثِيرًا مَا يَسْتُرُهَا عَنْ زَوْجَاتِهِ وَضُمَّتْ السِّينُ لِأَنَّ الْأَبْنِيَةَ قَدْ تُغَيَّرُ فِي النِّسْبَةِ كَمَا قَالُوا فِي النِّسْبَةِ إلَى الدَّهْرِ دُهْرِيٌّ وَجَعَلَهَا الْأَخْفَشُ مِنْ السُّرُورِ لِأَنَّهُ يُسَرُّ بِهَا اهـ. مِنْ الْمُنَاوِيِّ الْكَبِيرِ عَلَى الْجَامِعِ الصَّغِيرِ. فَإِنْ قُلْت: لِمَ لَمْ يَقْتَصِرْ عَلَى أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ بَلْ ذَكَرَ مَعَهُ سَرَارِيُّنَا. قُلْت لِأَنَّ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ قَدْ يُطْلَقْنَ عَلَى غَيْرِ الْعَاقِلِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ. قَوْلُهُ: (وَالنَّبِيُّ) حَالٌ.

قَوْلُهُ: (وَبِأَنَّهُ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ قَوْلُهُ: (اسْتِدْلَالًا) أَيْ اسْتِدْلَالًا مِنْ جَابِرٍ لِنِسْبَتِهِ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. وَقَوْلُهُ وَاجْتِهَادًا أَيْ اجْتِهَادًا مِنْهُ فِي نِسْبَتِهِ لَهُ.

قَوْلُهُ: (وَاجْتِهَادًا) أَيْ أَنَّهُمْ اجْتَهَدُوا فِي أَنَّهُ أَقَرَّهُمْ لِكَوْنِهِ فِي زَمَنِهِ أَيْ ظَنُّوا ذَلِكَ بِالِاجْتِهَادِ. قَوْلُهُ: (وَنَصًّا) عَطْفُ خَاصٍّ عَلَى عَامٍّ لِأَنَّ الْقَوْلَ يَكُونُ نَصًّا وَظَاهِرًا أَيْ الْقَوْلُ الْمَذْكُورُ مَنْسُوبٌ لِلنَّبِيِّ يَقِينًا فَيُقَدَّمُ عَلَى مَا يُنْسَبُ إلَيْهِ اجْتِهَادًا وَمَحَلُّ الِاحْتِيَاجِ إلَى ذَلِكَ الْجَوَابُ إنْ قُرِئَ يَرَى بِالْيَاءِ وَضَمِيرُهُ لِلنَّبِيِّ أَمَّا إذَا قُرِئَ بِالنُّونِ رَاجِعٌ لِلْأَحَدِ الْمَفْهُومِ مِنْ السِّيَاقِ.

قَوْلُهُ: (وَيُسْتَثْنَى مِنْ مَنْعِ بَيْعِهَا إلَخْ) عِبَارَةُ غَيْرِهِ وَيَحْرُمُ بَيْعُهَا أَيْ وَلَا يَصِحُّ وَلَوْ لِمَنْ تَعْتِقُ عَلَيْهِ وَتَقَدَّمَ صِحَّةُ كِتَابَتِهَا نَعَمْ يَصِحُّ بَيْعُهَا مِنْ نَفْسِهَا. كَمَا مَرَّ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ عَقْدُ عَتَاقَةٍ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَيَنْبَنِي عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ بَاعَهَا بَعْضَهَا صَحَّ وَسَرَى إلَى بَاقِيهَا وَأَنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُهَا مِنْ سَيِّدِهَا الْمُبَعَّضِ اهـ ق ل. عَلَى الْجَلَالِ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَهْلًا لِلْوَلَاءِ وَجُمْلَةُ مَا اسْتَثْنَاهُ عَشْرُ مَسَائِلَ لَكِنْ عَبَّرَ فِي بَعْضِهَا بِالِاسْتِثْنَاءِ وَبَعْضِهَا بِصُورَةِ الِاسْتِئْنَافِ تَسَمُّحًا وَآخِرُ الْعَشَرَةِ مَسْأَلَةُ الْمُفْلِسِ وَمِنْ جُمْلَةِ الْمَمْنُوعِ الْوَصِيَّةُ بِهَا سَوَاءٌ أَوْصَى بِهَا لِنَفْسِهَا وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ لَا تُمْلَكُ إلَّا بِالْمَوْتِ وَهِيَ تَعْتِقُ بِالْمَوْتِ فَلَا يَتَأَتَّى تَمَلُّكُهَا الْوَصِيَّةَ وَكَذَا لِغَيْرِهَا أَيْضًا وَمِنْ الْمَمْنُوعِ وَقْفُهَا أَيْضًا.

قَوْلُهُ: (بَيْعُهَا مِنْ نَفْسِهَا) أَيْ لِنَفْسِهَا وَلَا بُدَّ مِنْ الْقَبُولِ وَمِثْلُ الْبَيْعِ الْهِبَةُ ثُمَّ إنْ أَرَادَ: الْعِتْقَ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى الْقَبُولِ وَإِنْ نَوَى التَّمْلِيكَ احْتَاجَ إلَى الْقَبُولِ فَوْرًا.

قَوْلُهُ: (عَقْدُ عَتَاقَةٍ) أَيْ عَقْدٌ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْعِتْقُ فِي الْحَالِ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَلِذَلِكَ لَمْ يَثْبُتْ فِيهِ خِيَارُ الْمَجْلِسِ الْوَاحِدِ وَكَذَا لَا يَثْبُتُ فِيهِ خِيَارُ الشَّرْطِ لِلْمُشْتَرِي وَلَا لِلْبَائِعِ أَيْضًا كَمَا هُوَ مُقَرَّرٌ فِي مَحَلِّهِ فَرَاجِعْهُ وَكَذَلِكَ لَا رُجُوعَ لَهَا عَلَى سَيِّدِهَا أَيْضًا فِيهِ بِالْأَرْشِ إذَا اطَّلَعَتْ عَلَى عَيْبٍ فِيهَا اهـ شَيْخُنَا. قَوْلُهُ: (وَيَسْرِي إلَى

ص: 494

كَانَتْ كَافِرَةً وَلَيْسَتْ لِمُسْلِمٍ وَسُبِيَتْ وَصَارَتْ قِنَّةً. فَإِنَّهُ يَصِحُّ جَمِيعُ التَّصَرُّفَاتِ فِيهَا. وَكَذَا يَصِحُّ بَيْعُهَا فِي صُوَرٍ مِنْهَا مُسْتَوْلَدَةُ الرَّاهِنِ الْمُقْبَضِ الْمُعْسِرِ تُبَاعُ فِي الدَّيْنِ، وَمِنْهَا جَارِيَةُ التَّرِكَةِ الَّتِي تَعَلَّقَ بِهَا دَيْنٌ إذَا اسْتَوْلَدَهَا الْوَارِثُ وَهُوَ مُعْسِرٌ تُبَاعُ فِي دَيْنِ الْمَيِّتِ، وَمِنْهَا مَا إذَا اسْتَوْلَدَ الْجَانِيَةَ جِنَايَةً تُوجِبُ مَالًا مُتَعَلِّقًا بِرَقَبَتِهَا وَهُوَ مُعْسِرٌ تُبَاعُ فِي دَيْنِ الْجِنَايَةِ. وَمِنْهَا مَا إذَا اسْتَوْلَدَ أَمَةَ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ لَهُ فِي التِّجَارَةِ وَهُوَ مُعْسِرٌ تُبَاعُ فِي دَيْنِهِ. وَقَدْ ذَكَرَ فِي الرَّوْضَةِ هَذِهِ الصُّوَرَ الْأَرْبَعَ أَوَاخِرَ الْبَابِ الْخَامِسِ مِنْ النِّكَاحِ، وَقَالَ: إنَّ الْمِلْكَ إذَا عَادَ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ إلَى الْمَالِكِ بَعْدَ الْبَيْعِ عَادَ الِاسْتِيلَادُ اهـ. أَمَّا الصُّورَةُ الْأُولَى وَهِيَ مَسْأَلَةُ السَّبْيِ فَاَلَّذِي يَظْهَرُ فِيهَا أَنَّهُ لَا يَعُودُ الِاسْتِيلَادُ إذَا عَادَتْ لِمَالِكِهَا بَعْدَ ذَلِكَ لِأَنَّا أَبْطَلْنَاهُ بِالْكُلِّيَّةِ بِخِلَافِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ نُفُوذِ الِاسْتِيلَادِ مَا لَوْ نَذَرَ التَّصَدُّقَ بِثَمَنِهَا ثُمَّ اسْتَوْلَدَهَا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ بَيْعُهَا وَالتَّصَدُّقُ بِثَمَنِهَا وَلَا يَنْفُذُ اسْتِيلَادُهُ فِيهَا. وَمَا إذَا أَوْصَى بِعِتْقِ جَارِيَةٍ تَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ فَالْمِلْكُ فِيهَا لِلْوَارِثِ. وَمَعَ ذَلِكَ لَوْ اسْتَوْلَدَهَا قَبْلَ إعْتَاقِهَا لَمْ يَنْفُذْ لِإِفْضَائِهِ إلَى إبْطَالِ الْوَصِيَّةِ، وَمَا إذَا اسْتَكْمَلَ الصَّبِيُّ تِسْعَ سِنِينَ فَوَطِىءَ أَمَتَهُ فَوَلَدَتْ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، فَإِنَّ الْوَلَدَ يَلْحَقُهُ قَالُوا: وَلَكِنْ لَا يُحْكَمُ بِبُلُوغِهِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ اسْتِيلَادُ وَاَلَّذِي صَوَّبْنَاهُ الْحُكْمُ بِبُلُوغِهِ وَثُبُوتِ اسْتِيلَادِ أَمَتِهِ فَعَلَى كَلَامِهِمْ تُسْتَثْنَى هَذِهِ الصُّورَةُ وَعَلَى مَا قُلْنَاهُ لَا اسْتِثْنَاءَ اهـ. وَالْمُعْتَمَدُ الِاسْتِثْنَاءُ وَاخْتُلِفَ فِي نُفُوذِ اسْتِيلَادِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِالْفَلَسِ فَرَجَّحَ نُفُوذَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَتَبِعَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَرَجَّحَ السُّبْكِيُّ خِلَافَهُ وَتَبِعَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ ثُمَّ قَالَ: لَكِنْ سَبَقَ عَنْ الْحَاوِي وَالْغَزَالِيِّ النُّفُوذُ اهـ. وَكَوْنُهُ كَاسْتِيلَادِ الرَّاهِنِ الْمُعْسِرِ أَشْبَهَ مِنْ كَوْنِهِ كَالْمَرِيضِ فَإِنَّ مَنْ يَقُولُ بِالنُّفُوذِ يُشَبِّهُهُ بِالْمَرِيضِ وَمَنْ يَقُولُ بِعَدَمِهِ يُشَبِّهُهُ بِالرَّاهِنِ الْمُعْسِرِ وَخَرَجَ بِقَيْدِ الْحُرِّ كُلًّا أَوْ بَعْضًا الْمُكَاتَبُ إذَا أَحْبَلَ أَمَتَهُ ثُمَّ مَاتَ رَقِيقًا قَبْلَ الْعَجْزِ أَوْ بَعْدَهُ فَلَا تَعْتِقُ بِمَوْتِهِ وَبِالْمَاءِ الْمُحْتَرَمِ مَا إذَا كَانَ

ــ

[حاشية البجيرمي]

بَاقِيهَا) أَيْ عَلَى السَّيِّدِ وَلَا يَلْزَمُهَا قِيمَةُ مَا سَرَى بَلْ لَا يَلْزَمُهَا إلَّا مَا أَلْزَمَتْهُ. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.

قَوْلُهُ: (وَمَحَلُّ الْمَنْعِ) أَيْ مَنْعُ بَيْعِهَا وَرَهْنِهَا وَهِبَتِهَا. قَوْلُهُ: (إذَا لَمْ يَرْتَفِعْ) أَيْ يَزُلْ.

قَوْلُهُ: (وَكَذَا يَصِحُّ بَيْعُهَا فِي صُوَرٍ) هُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْمُسْتَثْنَيَاتِ فَلَوْ قَالَ: وَمِنْهَا مُسْتَوْلَدَةُ الرَّاهِنِ إلَخْ لَكَانَ أَوْلَى وَالْوَلَدُ الْحَاصِلُ مِنْ وَطْئِهِ حُرٌّ وَلَا يَغْرَمُ قِيمَتَهُ سَوَاءٌ كَانَ مُوسِرًا أَوْ مُعْسِرًا وَكَذَا يُقَالُ: فِيمَا بَعْدَهَا إلَى آخِرِ الْأَرْبَعِ الَّتِي ذَكَرَهَا وَمَحَلُّهُ فِي مَسْأَلَةِ الرَّهْنِ إذَا كَانَ الْمُرْتَهِنُ غَيْرَ فَرْعِهِ. أَمَّا فَرْعُهُ فَلَا يَمْنَعُ رَهْنَهَا عِنْدَهُ نُفُوذُ الِاسْتِيلَادِ وَلَا تُبَاعُ لِدَيْنِ الْوَلَدِ وَكَذَا يُقَالُ: فِي مَسْأَلَةِ الْجِنَايَةِ. قَوْلُهُ: (تُبَاعُ) مَا لَمْ يَكُنْ الْمُرْتَهِنُ فَرْعَهُ وَإِلَّا فَلَا تُبَاعُ.

قَوْلُهُ:

(وَهُوَ مُعْسِرٌ) أَيْ السَّيِّدُ وَمِنْ لَازِمِ إعْسَارِهِ أَنْ لَا يَكُونَ فِي يَدِ مَأْذُونِهِ وَفَاءٌ وَقَوْلُهُ: تُبَاعُ فِي دَيْنٍ مَا لَمْ يَكُنْ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ فَرْعَهُ.

قَوْلُهُ: (أَمَّا الصُّورَةُ الْأُولَى) اُنْظُرْ وَجْهَ تَسْمِيَتِهَا أُولَى مَعَ أَنَّهَا ثَانِيَةٌ وَلَعَلَّهَا أُولَى بِالنِّسْبَةِ إلَى الْأَرْبَعَةِ فَهِيَ أَوَّلِيَّةٌ نِسْبِيَّةٌ.

قَوْلُهُ: (مَا لَوْ نَذَرَ التَّصَدُّقَ بِثَمَنِهَا) وَمِثْلُهُ: مَا إذَا نَذَرَ التَّصَدُّقَ بِهَا قَالَ م ر: وَيُجَابُ بِمَنْعِ اسْتِثْنَائِهَا لِزَوَالِ مِلْكِهِ عَنْهَا بِمُجَرَّدِ نَذْرِهِ التَّصَدُّقَ بِهَا أَوْ بِثَمَنِهَا أَيْ وَشَرْطُ الْمُسْتَوْلَدَةِ أَنْ تَكُونَ مِلْكًا لِلْمُسْتَوْلَدِ وَقْتَ الِاسْتِيلَادِ أَيْ فَلَا يُقَالُ لَهَا: إنَّهَا أَمَتُهُ عِنْدَ الْوَطْءِ.

قَوْلُهُ: (فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ بَيْعُهَا) أَيْ بَعْدَ وَطْئِهَا لِأَنَّ الْحَامِلَ بِحُرٍّ لَا تُبَاعُ. قَوْلُهُ: (وَمَعَ ذَلِكَ لَوْ اسْتَوْلَدَهَا) أَيْ الْوَارِثُ. قَوْلُهُ: (وَلَكِنْ لَا يُحْكَمُ بِبُلُوغِهِ) مُعْتَمَدٌ.

قَوْلُهُ: (أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ اسْتِيلَادُهُ) مُعْتَمَدٌ. وَقَوْلُهُ: وَاَلَّذِي صَوَّبْنَاهُ ضَعِيفٌ وَهُوَ مِنْ كَلَامِ الْبُلْقِينِيُّ وَانْظُرْ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ وَالْمُعْتَمَدُ الِاسْتِثْنَاءُ، فَإِنَّ فِيهِ قَلَاقَةً م د. وَقَوْلُهُ: فَرَجَّحَ نُفُوذَهُ ضَعِيفٌ. قَوْلُهُ: (تُسْتَثْنَى هَذِهِ) أَيْ مِنْ نُفُوذِ الِاسْتِيلَادِ. قَوْلُهُ: (وَرَجَّحَ السُّبْكِيُّ) مُعْتَمَدٌ.

قَوْلُهُ: (أَشْبَهَ) يُسْتَفَادُ مِنْ هَذَا الشَّبَهِ أَنَّهَا إذَا لَمْ تُبَعْ فِي دَيْنِ الْمُفْلِسِ بِأَنْ اكْتَسَبَ مَالًا وَوَفَّى الدَّيْنَ مِنْ غَيْرِهَا. أَوْ بِيعَتْ وَمَلَكَهَا نَفَذَ الْإِيلَادُ وَهُوَ كَذَلِكَ اهـ م د. قَوْلُهُ: (يُشْبِهُهُ بِالرَّاهِنِ) أَيْ فِي أَنَّ جَمِيعَ مَالِهِ كَأَنَّهُ مَرْهُونٌ عَلَى الدُّيُونِ.

قَوْلُهُ: (ثُمَّ مَاتَ رَقِيقًا) لَيْسَ بِقَيْدٍ.

قَوْلُهُ: (الْمُحْتَرَمِ) أَيْ حَالَ خُرُوجِهِ بِأَنْ لَا يَخْرُجُ عَلَى وَجْهٍ مُحَرَّمٍ وَكَانَ ذَلِكَ فِي حَيَاةِ السَّيِّدِ فَإِنْ فَعَلَتْ ذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ ثَبَتَ النَّسَبُ وَلَا تَعْتِقُ بِهِ لِانْتِقَالِهَا إلَى مِلْكِ الْغَيْرِ وَهُوَ الْوُرَّاثُ حَالَ عُلُوقِهَا. ح ل. وَقَوْلُهُ: ثَبَتَ النَّسَبُ أَيْ وَالْإِرْثُ لِكَوْنِ مَنِيِّهِ مُحْتَرَمًا حَالَ خُرُوجِهِ. وَلَا يُقَالُ: يَلْزَمُ عَلَيْهِ إرْثُ مَنْ لَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا عِنْدَ الْمَوْتِ. لِأَنَّا نَقُولُ: وُجُودُ أَصْلِهِ كَوُجُودِهِ وَلَا يُعْتَبَرُ كَوْنُهُ

ص: 495

غَيْرَ مُحْتَرَمٍ وَهُوَ الْخَارِجُ عَلَى وَجْهٍ مُحَرَّمٍ لِعَيْنِهِ كَالزِّنَا فَلَا يَثْبُتُ بِهِ اسْتِيلَادٌ وَبِحَالِ الْحَيَاةِ مَا لَوْ اسْتَدْخَلَتْ مَنِيَّهُ الْمُنْفَصِلَ مِنْهُ فِي حَالِ حَيَاتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ، فَلَا يَثْبُتُ بِهِ أُمِّيَّةُ الْوَلَدِ لِأَنَّهَا بِالْمَوْتِ انْتَقَلَتْ إلَى مِلْكِ الْوَارِثِ، وَيَدْخُلُ فِي عِبَارَتِهِ أَمَتُهُ الَّتِي اشْتَرَاهَا بِشَرْطِ الْعِتْقِ فَإِنَّهُ إذَا اسْتَوْلَدَهَا وَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يُعْتِقَهَا فَإِنَّهَا تَعْتِقُ بِمَوْتِهِ، وَقَدْ تُوهِمُ عِبَارَتُهُ أَنَّهُ لَوْ أَحْبَلَ الْجَارِيَةَ الَّتِي يَمْلِكُ بَعْضَهَا، أَنَّهُ لَا يَنْفُذُ بِالِاسْتِيلَادِ فِيهَا وَلَيْسَ مُرَادًا بَلْ يَثْبُتُ الِاسْتِيلَادُ فِي نَصِيبِهِ وَفِي الْكُلِّ إنْ كَانَ مُوسِرًا كَمَا مَرَّ فِي الْعِتْقِ

(وَجَازَ لَهُ) أَيْ السَّيِّدِ (التَّصَرُّفُ فِيهَا بِالِاسْتِخْدَامِ) وَالْإِجَارَةِ وَالْإِعَارَةِ لِبَقَاءِ مِلْكِهِ عَلَيْهَا فَإِنْ قِيلَ: قَدْ صَرَّحَ الْأَصْحَابُ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ إجَارَةُ الْأُضْحِيَّةِ الْمُعَيَّنَةِ كَمَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا إلْحَاقًا لِلْمَنَافِعِ بِالْأَعْيَانِ فَهَلَّا كَانَ هُنَا كَذَلِكَ، كَمَا قَالَ بِهِ الْإِمَامُ مَالِكٌ. أُجِيبَ: بِأَنَّ الْأُضْحِيَّةَ خَرَجَ مِلْكُهُ عَنْهَا.

تَنْبِيهٌ مَحَلُّ صِحَّةِ إجَارَتِهَا إذَا كَانَ مِنْ غَيْرِهَا أَمَّا إذَا أَجَّرَهَا نَفْسَهَا فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ لِأَنَّ الشَّخْصَ لَا يَمْلِكُ مَنْفَعَةَ نَفْسِهِ وَهَلْ لَهَا أَنْ تَسْتَعِيرَ نَفْسَهَا مِنْ سَيِّدِهَا قِيَاسُ مَا قَالُوهُ فِي الْحُرِّ: إنَّهُ لَوْ أَجَّرَ نَفْسَهُ وَسَلَّمَهَا ثُمَّ اسْتَعَارَهَا، جَازَ أَنَّهُ هُنَا

ــ

[حاشية البجيرمي]

مُحْتَرَمًا أَيْضًا حَالَ دُخُولِهِ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ وَقَدْ صَرَّحَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ لَوْ أَنْزَلَ فِي زَوْجَتِهِ فَسَاحَقَتْ بِنْتَهُ فَحَبِلَتْ مِنْهُ لَحِقَ الْوَلَدُ بِهِ. وَكَذَا لَوْ مَسَحَ ذَكَرَهُ بِحَجَرٍ بَعْدَ إنْزَالِهِ فِيهَا فَاسْتَنْجَتْ بِهِ امْرَأَةٌ فَحَبِلَتْ مِنْهُ. اهـ. زي وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر لِانْتِفَاءِ مِلْكِهِ لَهَا حَالَ عُلُوقِهَا فَتَكُونُ هَذِهِ الصُّورَةُ خَارِجَةً بِقَوْلِ الْمَتْنِ أَمَتُهُ. وَذَلِكَ لِأَنَّهَا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَقْتَ عُلُوقِهَا لَيْسَتْ أَمَةً لِلسَّيِّدِ وَانْظُرْ لَوْ وَطِئَ زَوْجَتَهُ أَوْ أَمَتَهُ ظَانًّا أَنَّهَا أَجْنَبِيَّةً وَخَرَجَ مَنِيُّهُ هَلْ هُوَ مُحْتَرَمٌ اعْتِبَارًا بِالْوَاقِعِ أَوْ لَا نَظَرًا لِظَنِّهِ الْمَذْكُورِ؟ فِيهِ نَظَرٌ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ كَمَا قَالَهُ سم فِي شَرْحِ الْغَايَةِ حَيْثُ قَالَ وَالْعِبْرَةُ فِي الِاحْتِرَامِ بِحَالِ خُرُوجِهِ فَقَطْ وَلَوْ بِاعْتِبَارِ الْوَاقِعِ فِيمَا يَظْهَرُ كَمَا لَوْ خَرَجَ بِوَطْءِ زَوْجَتِهِ ظَانًّا أَنَّهَا أَجْنَبِيَّةٌ فَاسْتَدْخَلَتْهُ زَوْجَةٌ أُخْرَى أَوْ أَجْنَبِيَّةٌ اعْتِبَارًا بِالْوَاقِعِ دُونَ اعْتِقَادِهِ وَلَوْ اسْتَمْنَى بِيَدِهِ مَنْ يَرَى حُرْمَتَهُ فَالْأَقْرَبُ عَدَمُ احْتِرَامِهِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر. فَلَا عِدَّةَ بِهِ وَلَا نَسَبَ يَلْحَقُ بِهِ كَمَا قَالَهُ سم وَمِنْ الْمُحْتَرَمِ كَمَا شَمَلَهُ حَدُّهُ مَا خَرَجَ بِسَبَبِ تَرَدُّدِ الذَّكَرِ عَلَى حَلْقَةِ دُبُرِ زَوْجَتِهِ أَوْ أَمَتِهِ مِنْ غَيْرِ إيلَاجٍ فِيهِ لِجَوَازِهِ. أَمَّا الْخَارِجُ بِسَبَبِ إيلَاجٍ فِيهِ فَلَيْسَ مُحْتَرَمًا لِأَنَّهُ حَرَامٌ لِذَاتِهِ خِلَافًا لِمَا بَحَثَهُ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ مَعَ أَنَّهُ مُحْتَرَمٌ كَمَا لَوْ وَطِئَ أُخْتَهُ الرَّقِيقَةَ وَيُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ أَنَّ الْوَلَدَ لَا يَلْحَقُ بِالْوَطْءِ فِي الدُّبُرِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ م ر. فِي بَابِ الِاسْتِبْرَاءِ. وَلَوْ خَرَجَ مِنْ رَجُلٍ مَنِيٌّ مُحْتَرَمٌ مَرَّةً وَمَنِيٌّ غَيْرُ مُحْتَرَمٍ مَرَّةً أُخْرَى وَمَزَجَهُمَا حَتَّى صَارَا شَيْئًا وَاحِدًا وَاسْتَدْخَلَتْهُ أَمَتُهُ أَوْ زَوْجَتُهُ وَحَبِلَتْ وَأَتَتْ بِوَلَدٍ، فَإِنَّهُ يُنْسَبُ لَهُ تَغْلِيبًا لِلْمُحْتَرَمِ. كَمَا قَالَهُ الطَّبَلَاوِيُّ وسم. لَا يُقَالُ: اجْتَمَعَ مُقْتَضٍ وَمَانِعٌ فَيُغَلَّبُ الْمَانِعُ. لِأَنَّا نَقُولُ هُوَ غَيْرُ مُقْتَضٍ لَا مَانِعٍ وَانْظُرْ لَوْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ رَجُلَيْنِ وَاسْتَدْخَلَتْهُ أَمَةُ أَحَدِهِمَا، وَأَتَتْ بِوَلَدٍ هَلْ يُنْسَبُ لِصَاحِبِ الْمُحْتَرَمِ تَغْلِيبًا لَهُ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الطَّبَلَاوِيِّ وسم.

قَوْلُهُ: (فَلَا يَثْبُتُ بِهِ أُمِّيَّةُ الْوَلَدِ) وَيَثْبُتُ النَّسَبُ بِخِلَافِ مَا إذَا انْفَصَلَ بَعْدَ مَوْتِهِ وَاسْتَدْخَلَتْهُ فَاسْتَظْهَرَ ق ل. عَدَمَ ثُبُوتِ النَّسَبِ وَاسْتَظْهَرَ الشَّارِحُ ثُبُوتَهُ وَلَا يَثْبُتُ الِاسْتِيلَادُ.

قَوْلُهُ: (وَيَدْخُلُ فِي عِبَارَتِهِ) أَيْ قَوْلِهِ: أَمَتُهُ فِي قَوْلِهِ: وَإِذَا أَصَابَ السَّيِّدُ أَمَتَهُ.

قَوْلُهُ: (وَقَدْ تُوهِمُ عِبَارَتُهُ) أَيْ قَوْلُهُ: وَإِذَا أَصَابَ السَّيِّدُ أَمَتَهُ لِأَنَّ الْمُتَبَادِرَ أَنَّ الْمُرَادَ أَمَتُهُ الْمَمْلُوكَةُ كُلُّهَا لَهُ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ كُلًّا أَوْ بَعْضًا. فَيَشْمَلُ هَذِهِ الصُّورَةَ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا. قَوْلُهُ: (فِي نَصِيبِهِ فَقَطْ) إنْ كَانَ مُعْسِرًا بِحِصَّةِ شَرِيكِهِ وَالْوَلَدُ الْحَاصِلُ حِينَئِذٍ مُبَعَّضٌ عَلَى الرَّاجِحِ وَقِيلَ: حُرٌّ كُلُّهُ.

قَوْلُهُ: (وَلَهُ التَّصَرُّفُ فِيهَا بِالِاسْتِخْدَامِ) أَيْ إنْ لَمْ تَكُنْ مُكَاتَبَةً وَإِلَّا امْتَنَعَ الِاسْتِخْدَامُ وَغَيْرُهُ. مِمَّا ذُكِرَ مَعَهُ. قَوْلُهُ: (لِبَقَاءِ مِلْكِهِ) وَإِنَّمَا امْتَنَعَ بَيْعُهَا وَهِبَتُهَا لِاسْتِحْقَاقِهَا الْعِتْقَ.

قَوْلُهُ: (إلْحَاقًا لِلْمَنَافِعِ) أَيْ بَيْعِ الْمَنَافِعِ وَقَوْلُهُ بِالْأَعْيَانِ أَيْ بَيْعِهَا. قَوْلُهُ: (خَرَجَ مِلْكُهُ) أَيْ زَالَ مِلْكُهُ عَنْهَا وَالْمُنَاسِبُ خَرَجَتْ عَنْ مِلْكِهِ.

قَوْلُهُ: (أَمَّا إذَا أَجَّرَهَا نَفْسَهَا فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ) وَفَارَقَ الْبَيْعَ بِأَدَائِهِ الْعِتْقَ لِنَفْسِهَا. قَالَ شَيْخُنَا م ر: إعَارَتُهَا كَإِجَارَتِهَا وَقَالَ الْخَطِيبُ: يَجُوزُ إعَارَتُهَا وَهُوَ وَجِيهٌ جِدًّا لِأَنَّهُ كَاسْتِعَارَةِ الْحُرِّ نَفْسَهُ مِمَّنْ اسْتَأْجَرَهُ وَإِذَا مَاتَ السَّيِّدُ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ إنْ لَمْ تَكُنْ سَابِقَةً عَلَى الِاسْتِيلَادِ ق ل عَلَى الْجَلَالِ.

قَوْلُهُ: (لَا يَمْلِكُ) أَيْ بِعَقْدٍ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يَمْلِكُهَا بِغَيْرِ عَقْدٍ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يُؤَجِّرَ نَفْسَهُ.

قَوْلُهُ: (قِيَاسٌ) مُبْتَدَأُ خَبَرُهُ قَوْلُهُ: أَنَّ هُنَا كَذَلِكَ وَقَوْلُهُ: أَنَّهُ الْأَوْلَى بَدَلٌ مِنْ مَا وَقَوْلُهُ: كَذَلِكَ أَيْ تَصِحُّ

ص: 496

كَذَلِكَ، وَلَوْ مَاتَ السَّيِّدُ بَعْدَ أَنْ أَجَّرَهَا انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ. فَإِنْ قِيلَ: لَوْ أَعْتَقَ رَقِيقَهُ الْمُؤَجَّرَ لَمْ تَنْفَسِخْ فِيهِ الْإِجَارَةُ فَهَلَّا كَانَ هُنَا كَذَلِكَ. أُجِيبَ: بِأَنَّ السَّيِّدَ فِي الْعَبْدِ لَا يَمْلِكُ مَنْفَعَةَ الْإِجَارَةِ فَإِعْتَاقُهُ يَنْزِلُ عَلَى مَا يَمْلِكُهُ وَأَمُّ الْوَلَدِ مَلَكَتْ نَفْسَهَا بِمَوْتِ سَيِّدِهَا فَانْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ. وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ لَوْ أَجَّرَهَا ثُمَّ أَحْبَلَهَا ثُمَّ مَاتَ، لَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ. وَهُوَ كَذَلِكَ وَلَهُ تَزْوِيجُهَا بِغَيْرِ إذْنِهَا لِبَقَاءِ مِلْكِهِ عَلَيْهَا وَعَلَى مَنَافِعِهَا.

(وَ) لَهُ (الْوَطْءُ) لِأُمِّ وَلَدِهِ بِالْإِجْمَاعِ وَلِحَدِيثِ الدَّارَقُطْنِيِّ الْمُتَقَدِّمِ هَذَا إذَا لَمْ يَحْصُلْ هُنَاكَ مَانِعٌ مِنْهُ وَالْمَوَانِعُ كَثِيرَةٌ؛ فَمِنْهَا مَا لَوْ أَحْبَلَ الْكَافِرُ أَمَتَهُ الْمُسْلِمَةَ أَوْ أَحْبَلَ الشَّخْصُ أَمَتَهُ الْمُحَرَّمَةَ عَلَيْهِ بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ مُصَاهَرَةٍ وَمَا لَوْ أَوْلَدَ مُكَاتَبَتَهُ وَمَا لَوْ أَوْلَدَ الْمُبَعَّضُ أَمَتَهُ. (وَإِذَا مَاتَ السَّيِّدُ) وَلَوْ بِقَتْلِهَا لَهُ بِقَصْدِ الِاسْتِعْجَالِ (عَتَقَتْ) بِلَا خِلَافٍ لِمَا مَرَّ مِنْ الْأَدِلَّةِ وَلِمَا رَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ

ــ

[حاشية البجيرمي]

إعَارَتُهَا لِنَفْسِهَا وَخَالَفَ شَيْخُنَا م ر.

قَوْلُهُ: (لَوْ مَاتَ إلَخْ) عِبَارَةُ م ر وَلَوْ أَجَّرَهَا ثُمَّ مَاتَ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ عَتَقَتْ وَانْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ وَمِثْلُهَا الْمُعَلَّقُ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ وَالْمُدَبَّرُ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَجَّرَ عَبْدَهُ ثُمَّ أُعْتِقَ فَإِنَّ الْأَصَحَّ عَدَمُ الِانْفِسَاخِ وَالْفَرْقُ تَقَدُّمُ سَبَبِ الْعِتْقِ عَلَى الْمَوْتِ أَوْ الصِّفَةِ عَلَى الْإِجَارَةِ فِيهِنَّ بِخِلَافِ الْإِعْتَاقِ. وَهَذَا أَوْلَى مِنْ فَرْقِ الشَّارِحِ. وَلِهَذَا لَوْ سَبَقَ الْإِيجَارُ الِاسْتِيلَادَ ثُمَّ مَاتَ السَّيِّدُ لَمْ تَنْفَسِخْ لِتَقَدُّمِ اسْتِحْقَاقِ الْمَنْفَعَةِ عَلَى سَبَبِ الْعِتْقِ اهـ. بِحُرُوفِهِ. قَوْلُهُ: (انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ) وَرَجَعَ الْمُسْتَأْجِرُ بِقِسْطِ الْمُسَمَّى عَلَى التَّرِكَةِ إنْ كَانَتْ وَإِلَّا فَلَا مُطَالَبَةَ لَهُ بِهِ ع ش.

قَوْلُهُ: (لَا يَمْلِكُ) أَيْ حِينَ الْإِعْتَاقِ بَلْ يَمْلِكُهَا الْمُسْتَأْجِرُ. قَوْلُهُ: (مَا يَمْلِكُهُ) : وَهُوَ الرَّقَبَةُ.

قَوْلُهُ: (نَفْسُهَا) أَيْ بِمَنَافِعِهَا.

قَوْلُهُ: (لَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ) لِتَقَدُّمِ اسْتِحْقَاقِ الْمَنْفَعَةِ عَلَى سَبَبِ الْعِتْقِ.

قَوْلُهُ: (وَلَهُ الْوَطْءُ) الظَّاهِرُ مِنْ عِبَارَةِ الْمَتْنِ الْوَطْءُ مَعْطُوفٌ عَلَى الِاسْتِخْدَامِ الْمَجْرُورِ فَغَيَّرَ الشَّارِحُ إعْرَابَهُ الظَّاهِرَ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ بِالرَّفْعِ مَعْطُوفًا عَلَى التَّصَرُّفِ أَيْ وَجَازَ لَهُ الْوَطْءُ. قَوْلُهُ: (لِأُمِّ وَلَدِهِ) خَرَجَ بِأُمِّ الْوَلَدِ أُمُّهَا وَبِنْتُهَا فَيَمْتَنِعُ وَطْؤُهُمَا لِقَوْلِهِمْ فِي النِّكَاحِ: وَمَنْ وَطِئَ امْرَأَةً حَرُمَ عَلَيْهِ بِنْتُهَا وَأُمُّهَا.

قَوْلُهُ: (أَوْ أَحْبَلَ الشَّخْصُ أَمَتَهُ الْمُحَرَّمَةَ عَلَيْهِ) فِيهِ أَنَّ الْوَطْءَ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ مُمْتَنِعٌ مُطْلَقًا قَبْلَ الْإِيلَادِ وَبَعْدَهُ.

قَوْلُهُ: (وَمَا لَوْ أَوْلَدَ الْمُبَعَّضُ أَمَتَهُ) فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ وَطْؤُهَا لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ التَّسَرِّي لِأَنَّهُ لَيْسَ أَهْلًا لِلْوَلَاءِ وَلِذَا صَرَّحُوا بِأَنَّهُ إذَا لَزِمَتْهُ كَفَّارَةٌ لَا يُكَفِّرُ بِالْإِعْتَاقِ لِلُزُومِ الْوَلَاءِ لَهُ وَهُوَ لَيْسَ لَهُ أَهْلًا. قَوْلُهُ: (وَإِذَا مَاتَ السَّيِّدُ) وَاسْتِرْقَاقُهُ كَمَوْتِهِ وَتَنْفَسِخُ إجَارَتُهُ لَوْ كَانَتْ مُؤَجَّرَةً لِاسْتِحْقَاقِهَا الْعِتْقَ قَبْلَ مَوْتِهِ. وَبِذَلِكَ فَارَقَ مَا لَوْ أَجَّرَ عَبْدَهُ مُدَّةً ثُمَّ مَاتَ السَّيِّدُ فِي أَثْنَائِهَا أَوْ أَعْتَقَهُ اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ بِقَتْلِهَا) قَدْ اُسْتُشْكِلَ الْعِتْقُ بِالْقَتْلِ وَالْقَاعِدَةُ الْمَشْهُورَةُ مَنْ اسْتَعْجَلَ شَيْئًا قَبْلَ أَوَانِهِ عُوقِبَ بِحِرْمَانِهِ. وَيُعَبَّرُ عَنْهَا بِعِبَارَةٍ أُخْرَى مَنْ اسْتَعْجَلَ الشَّيْءَ قَبْلَ أَوَانِهِ عُورِضَ بِنَقِيضِ الْمَقْصُودِ كَحِرْمَانِ قَاتِلِ الْمُورِثِ مِنْ الْإِرْثِ. فَكَانَ الْقِيَاسُ أَنْ لَا تَعْتِقَ بِقَتْلِهِ مُعَاقَبَةً لَهَا بِالْحِرْمَانِ وَمُعَامَلَةً لَهَا بِنَقِيضِ قَصْدِهَا كَمَا فُعِلَ ذَلِكَ بِقَاتِلِ مُورِثِهِ حَيْثُ مُنِعَ الْإِرْثَ لِذَلِكَ. وَأَشَارَ الرَّافِعِيُّ رحمه الله إلَى الْجَوَابِ عَنْ الِاسْتِشْكَالِ الْمَذْكُورِ بِقَوْلِهِ: إنَّ الْإِيلَادَ كَالْإِعْتَاقِ بِدَلِيلِ سَرَايَتِهِ إلَى نَصِيبِ الشَّرِيكِ فَكَمَا أَنَّ الْإِعْتَاقَ لَا يَضُرُّ فِيهِ قَتْلُ الْعَتِيقِ لِمُعْتَقِهِ. كَذَلِكَ الْإِيلَادُ لَا يَرْفَعُ أَثَرَهُ قَتْلُ الْمُسْتَوْلَدَةِ لِسَيِّدِهَا وَبَحَثَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ قَاسِمٍ فِي جَوَابِ الرَّافِعِيِّ الْمَذْكُورِ حَيْثُ قَالَ: قَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَ حُصُولِ نَفْسِ الْعِتْقِ وَحُصُولِ سَبَبِهِ فَقَطْ. وَفَرَّقَ الرَّافِعِيُّ أَيْضًا بِأَنَّ فِي الْعِتْقِ حَظًّا لِلْمَقْتُولِ أَيْ وَهُوَ حُصُولُ ثَوَابِ الْعِتْقِ بِسَبَبِ إحْبَالِهِ بِخِلَافِ الْإِرْثِ فَإِنَّهُ لَا حَظَّ فِيهِ لِلْمَقْتُولِ لِأَنَّهُ لَا يُثَابُ عَلَى مَا أَخَذَهُ وَرَثَتُهُ لِأَنَّهُمْ إنَّمَا أَخَذُوا ذَلِكَ قَهْرًا عَلَيْهِ وَإِنْ فُرِضَ أَنَّهُ جَمَعَهُ بِقَصْدِهِمْ لِأَنَّهُ لَمْ يُعْطِهِمْ كَذَا قَالَهُ ح ل فِي خَتْمِهِ عَلَى الْبَهْجَةِ وَخَرَجَ عَنْ الْقَاعِدَةِ الْمَذْكُورَةِ صُوَرٌ أُخَرُ قَدْ ذَكَرَهَا الدَّيْرَبِيُّ فِي خَتْمِهِ. قَالَ بَعْضُهُمْ وَالْقَاعِدَةُ الْمَذْكُورَةُ مُشْكِلَةٌ عَلَى مَذْهَبِ أَهْلِ السُّنَّةِ. وَذَلِكَ لِأَنَّ الْقَتِيلَ إنَّمَا مَاتَ بِانْقِضَاءِ أَجَلِهِ، لَا أَنَّ الْقَاتِلَ قَطَعَ أَجَلَهُ بِقَتْلِهِ الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْلِهِ: قَبْلَ أَوَانِهِ. وَإِنَّمَا شُرِعَ الْقِصَاصُ لِلزَّجْرِ وَلِئَلَّا يُقْدِمَ النَّاسُ عَلَى هَذَا الْفِعْلِ الْفَظِيعِ. وَقَدْ يُجَابُ: بِأَنَّ مَا ذُكِرَ اسْتِعْجَالٌ بِحَسَبِ الظَّاهِرِ. اهـ. دَيْرَبِيٌّ. فَإِنْ قُلْت: كَانَ الْأَنْسَبُ بِالتَّرْجَمَةِ أَنْ يَقُولَ فِي جَوَابِ الشَّرْطِ بَدَلَ قَوْلِهِ: عَتَقَتْ صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ. قُلْت: قَالَ

ص: 497

ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: " أُمُّ الْوَلَدِ أَعْتَقَهَا وَلَدُهَا " أَيْ أَثْبَتَ لَهَا حَقَّ الْحُرِّيَّةِ، وَلَوْ كَانَ سِقْطًا وَهَذَا أَحَدُ الصُّوَرِ الْمُسْتَثْنَاةِ مِنْ الْقَاعِدَةِ الْمَعْرُوفَةِ وَهِيَ: مَنْ اسْتَعْجَلَ بِشَيْءٍ قَبْلَ أَوَانِهِ عُوقِبَ بِحِرْمَانِهِ وَعِتْقِهَا. (مِنْ رَأْسِ مَالِهِ) لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «أَعْتَقَهَا وَلَدُهَا» وَسَوَاءٌ أَحْبَلَهَا أَمْ أَعْتَقَهَا فِي الْمَرَضِ أَمْ لَا أَوْ أَوْصَى بِهَا مِنْ الثُّلُثِ أَمْ لَا بِخِلَافِ مَا لَوْ أَوْصَى بِحَجَّةِ الْإِسْلَامِ، فَإِنَّ الْوَصِيَّةَ بِهَا تُحْسَبُ مِنْ الثُّلُثِ لِأَنَّ هَذَا إتْلَافٌ حَصَلَ بِالِاسْتِمْتَاعِ فَأَشْبَهَ إنْفَاقَ الْمَالِ فِي اللَّذَّاتِ وَالشَّهَوَاتِ وَيَبْدَأُ بِعِتْقِهَا (قَبْلَ) قَضَاءِ (الدُّيُونِ) وَلَوْ لِلَّهِ تَعَالَى كَالْكَفَّارَةِ (وَالْوَصَايَا) وَلَوْ لِجِهَةٍ عَامَّةٍ كَالْفُقَرَاءِ (وَوَلَدُهَا) الْحَاصِلُ قَبْلَ الِاسْتِيلَادِ مِنْ زِنًا أَوْ مِنْ زَوْجٍ لَا يُعْتَقُونَ بِمَوْتِ السَّيِّدِ وَلَهُ بَيْعُهُ وَالتَّصَرُّفُ فِيهِ بِسَائِرِ التَّصَرُّفَاتِ لِحُدُوثِهِ قَبْلَ ثُبُوتِ الْحُرِّيَّةِ لِلْأُمِّ بِخِلَافِ الْوَلَدِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

الطَّبَلَاوِيُّ مَا قَالَهُ هُوَ الْأَنْسَبُ لِأَنَّهُ أَصْرَحُ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى الْمَقْصُودِ لِأَنَّ الْوَصْفَ بِأُمِّيَّةِ الْوَلَدِ لَا يُفِيدُ ذَلِكَ مِنْ حَيْثُ مُطْلَقُ دَلَالَةِ ظَاهِرِ اللَّفْظِ إنْ كَانَ الْمُرَادُ ذَلِكَ عِنْدَ أَهْلِ الشَّرْعِ حَيْثُ أُطْلِقَ. وَلِأَنَّ الَّذِي عَقَدَ لَهُ الْفَصْلَ إنَّمَا هُوَ أَحْكَامُهَا لَا وَصْفُهَا بِأُمِّيَّةِ الْوَلَدِ. وَإِنَّمَا خُصَّ الْجَوَابُ بِهَذَا الْحُكْمِ لِأَنَّهُ أَصْلُ بَقِيَّةِ الْأَحْكَامِ وَأَيْضًا تُسَمَّى مُسْتَوْلَدَةً قَبْلَ مَوْتِهِ. قَوْلُهُ: (عَتَقَتْ) أَيْ مِنْ حِينِ الْمَوْتِ، وَإِنْ تَأَخَّرَ الْوَضْعُ كَمَا رَجَّحَهُ بَعْضُهُمْ وَهُوَ الظَّاهِرُ. أَيْ يَتَبَيَّنُ بِالْوَضْعِ عِتْقُهَا مِنْ حِينِ الْمَوْتِ فَيَكُونُ كَسْبُهَا مِنْ حِينِ الْمَوْتِ لَهَا وَمِثْلُ الْمَوْتِ مَسْخُهُ أَيْ السَّيِّدِ حَجَرًا أَوْ نِصْفَهُ الْأَعْلَى وَمِثْلُهُ أَيْضًا مَا إذَا صَارَ إلَى حَرَكَةِ مَذْبُوحٍ بِأَنْ لَمْ يَبْقَ مَعَهُ نُطْقٌ وَلَا إبْصَارٌ وَلَا حَرَكَةٌ اخْتِيَارِيَّةٌ.

قَوْلُهُ: (أُمُّ الْوَلَدِ أَعْتَقَهَا وَلَدُهَا) عِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَسَبَبُ عِتْقِهَا بِمَوْتِهِ انْعِقَادُ الْوَلَدِ حُرًّا. اهـ أَيْ وَالْوَلَدُ جُزْءٌ مِنْهَا فَسَرَى الْعِتْقُ مِنْهُ إلَيْهَا اهـ شَيْخُنَا. قَوْلُهُ: (وَلَوْ كَانَ سِقْطًا) مِنْ كَلَامِ ابْنِ عُمَرَ.

قَوْلُهُ: (وَهَذَا) أَيْ الْحُكْمُ بِعِتْقِهَا مَعَ قَتْلِهَا السَّيِّدَ.

قَوْلُهُ: (قَبْلَ أَوَانِهِ) أَيْ ظَاهِرًا فَلَا يُنَافِي قَوْلَ أَهْلِ السُّنَّةِ إنَّ الْقَتِيلَ مَاتَ عِنْدَ انْتِهَاءِ أَجَلِهِ قَالَ فِي الْجَوْهَرَةِ:

وَمَيِّتٌ بِعُمْرِهِ مَنْ يُقْتَلُ

وَغَيْرُ هَذَا بَاطِلٌ لَا يُقْبَلُ

وَقِيلَ: إنَّ الْعَجَلَةَ مِنْ الشَّيْطَانِ إلَّا فِي خَمْسَةِ مَوَاضِعَ فَإِنَّهَا سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ إطْعَامُ الضَّيْفِ، وَتَجْهِيزُ الْمَيِّتِ، وَتَزْوِيجُ الْبِكْرِ، وَقَضَاءُ الدُّيُونِ، وَالتَّوْبَةُ مِنْ الذَّنْبِ، وَقَدْ نَظَمَهَا بَعْضُهُمْ فَقَالَ.

لَقَدْ طُلِبَ التَّعَجُّلُ فِي أُمُورٍ

قَضَاءِ الدَّيْنِ مَعَ تَزْوِيجِ بِكْرٍ

وَتَجْهِيزٍ لِمَيْتٍ ثُمَّ طُعْمٍ

لِضَيْفٍ تَوْبَةٍ مِنْ فِعْلِ نُكْرٍ

وَالطُّعْمُ بِضَمِّ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ الطَّعَامُ وَالنُّكْرُ بِضَمِّ النُّونِ قَالَ تَعَالَى: {لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا} [الكهف: 74] . قَوْلُهُ (وَعِتْقُهَا مِنْ رَأْسِ مَالِهِ) الْمُرَادُ أَنَّ عِتْقَهَا مُقَدَّمٌ عَلَى الدَّيْنِ وَالْوَصَايَا لِظَاهِرِ الْأَدِلَّةِ السَّابِقَةِ سَوَاءٌ اسْتَوْلَدَهَا فِي الصِّحَّةِ أَوْ الْمَرَضِ أَوْ نَجَّزَ عِتْقَهَا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ وَلَا نَظَرَ إلَى مَا فَوَّتَهُ مِنْ مَنَافِعِهَا الَّتِي كَانَ يَسْتَحِقُّهَا إلَى مَوْتِهِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِيلَادَ كَالْإِتْلَافِ بِالْأَكْلِ وَاللُّبْسِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ اللَّذَّاتِ وَبِالْقِيَاسِ عَلَى مَنْ تَزَوَّجَ أَرْمَلَةً بِمَهْرِ مِثْلِهَا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ. قَوْلُهُ: (لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم) فِي نُسْخَةٍ لِظَاهِرِ قَوْلِهِ إلَخْ. وَهِيَ ظَاهِرَةٌ لِأَنَّهُ لَا يُنْتِجُ الْمُدَّعَى وَهُوَ عِتْقُهَا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ.

قَوْلُهُ: (فِي الْمَرَضِ) رَاجِعٌ لِلِاثْنَيْنِ أَيْ سَوَاءٌ أَحْبَلَهَا فِي الْمَرَضِ أَوْ أَعْتَقَهَا بَعْدَ إحْبَالِهَا فِي الْمَرَضِ أج.

قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ مَا لَوْ أَوْصَى بِحَجَّةِ الْإِسْلَامِ) أَيْ فَإِنَّهَا تَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ.

قَوْلُهُ: (تُحْسَبُ مِنْ الثُّلُثِ) فَإِنْ لَمْ يُوَفِّ بِهَا الثُّلُثُ كُمِّلَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَفَائِدَةُ الْوَصِيَّةِ أَنَّ أُجْرَةَ الْحَجَّةِ تُزَاحِمُ الْوَصَايَا إنْ كَانَ أَوْصَى فَيَكُونُ فِيهِ رِفْقٌ بِالْوَرَثَةِ.

قَوْلُهُ: (وَيُبْدَأُ بِعِتْقِهَا قَبْلَ إلَخْ) يُوهِمُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إعْتَاقِ الْوَارِثِ لَهَا وَلَيْسَ مُرَادًا وَيُوهِمُ أَيْضًا أَنَّهَا مِنْ التَّرِكَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ تَعْتِقُ إنْ لَمْ تَكُنْ تَرِكَةٌ أَصْلًا. وَلَا حَاجَةَ لِهَذَا كُلِّهِ لِأَنَّهُ يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ: مِنْ رَأْسِ الْمَالِ فَإِنَّ مَعْنَاهُ أَنْ لَا تُحْسَبَ قِيَمُهَا مِنْ التَّرِكَةِ.

قَوْلُهُ: (قَبْلَ الدُّيُونِ وَالْوَصَايَا) هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ قَوْلِهِ رَأْسِ الْمَالِ فَإِنَّ مَعْنَاهُ أَنْ لَا تُحْسَبُ قِيمَتُهَا مِنْ التَّرِكَةِ وَلِذَا قَالَ ق ل. إنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ فَتَأَمَّلْ. اهـ. م د.

قَوْلُهُ: (لَا يَعْتِقُونَ) صَوَابُهُ لَا يَعْتِقُ وَيُمْكِنُ أَنَّهُ

ص: 498

الْحَاصِلِ بَعْدَ الِاسْتِيلَادِ. (مِنْ غَيْرِهِ) بِنِكَاحٍ أَوْ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ (بِمَنْزِلَتِهَا) فِي مَنْعِ التَّصَرُّفِ فِيهِ بِمَا يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ التَّصَرُّفُ بِهِ فِيهَا وَيَجُوزُ لَهُ اسْتِخْدَامُهُ وَإِجَارَتُهُ وَإِجْبَارُهُ عَلَى النِّكَاحِ إنْ كَانَ أُنْثَى لَا إنْ كَانَ ذَكَرًا وَعِتْقُهُ بِمَوْتِ السَّيِّدِ. وَإِنْ كَانَتْ أُمُّهُ قَدْ مَاتَتْ فِي حَيَاةِ السَّيِّدِ كَمَا قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ لِأَنَّ الْوَلَدَ يَتْبَعُ أُمَّهُ رِقًّا وَحُرِّيَّةً فَكَذَا فِي سَبَبِهِ اللَّازِمِ وَلِأَنَّهُ حَقٌّ اسْتَقَرَّ لَهُ فِي حَيَاةِ أُمِّهِ فَلَمْ يَسْقُطْ بِمَوْتِهَا وَلَوْ أَعْتَقَ السَّيِّدُ مُسْتَوْلَدَتَهُ لَمْ يَعْتِقْ وَلَدُهَا. وَلَيْسَ لَهُ وَطْءُ بِنْتِ مُسْتَوْلَدَتِهِ. وَعُلِّلَ ذَلِكَ بِحُرْمَتِهَا بِوَطْءِ أُمِّهَا وَهُوَ جَرْيٌ عَلَى الْغَالِبِ، فَإِنَّ اسْتِدْخَالَ الْمَنِيِّ الَّذِي يَثْبُتُ بِهِ الِاسْتِيلَادُ كَذَلِكَ فَلَوْ وَطِئَهَا هَلْ تَصِيرُ مُسْتَوْلَدَةً كَمَا لَوْ كَاتَبَ وَلَدَ الْمُكَاتَبَةِ فَإِنَّهُ يَصِيرُ مُكَاتَبًا أَوْ لَا يَنْبَغِي أَنْ تَصِيرَ وَفَائِدَتُهُ الْحَلِفُ وَالتَّعَالِيقُ.

تَنْبِيهٌ سَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَنْ أَوْلَادِ أَوْلَادِ الْمُسْتَوْلَدَةِ. وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُمْ وَالظَّاهِرُ أَخْذًا مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّهُمْ إنْ كَانُوا مِنْ أَوْلَادِهَا الْإِنَاثِ فَحُكْمُهُمْ حُكْمُ أَوْلَادِهَا أَوْ مِنْ الذُّكُورَةِ فَلَا لِأَنَّ الْوَلَدَ يَتْبَعُ الْأُمَّ رِقًّا وَحُرِّيَّةً، وَلَوْ ادَّعَتْ الْمُسْتَوْلَدَةُ أَنَّ هَذَا الْوَلَدَ حَدَثَ بَعْدَ الِاسْتِيلَادِ أَوْ بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ فَهُوَ حُرٌّ، وَأَنْكَرَ الْوَارِثُ ذَلِكَ وَقَالَ: بَلْ حَدَثَ قَبْلَ الِاسْتِيلَادِ فَهُوَ قِنٌّ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ فِي يَدِهَا مَالٌ وَادَّعَتْ أَنَّهَا اكْتَسَبَتْهُ بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ وَأَنْكَرَ الْوَارِثُ فَإِنَّهَا الْمُصَدَّقَةُ لِأَنَّ الْيَدَ لَهَا فَتَرَجَّحَ بِخِلَافِهَا فِي الْأُولَى فَإِنَّهَا تَدَّعِي حُرِّيَّتَهُ وَالْحُرُّ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْيَدِ

(وَمَنْ أَصَابَ) أَيْ وَطِئَ

ــ

[حاشية البجيرمي]

جَمَعَ نَظَرًا لِلْمَعْنَى لِأَنَّ وَلَدُ مُفْرَدٌ مُضَافٌ فَيَعُمُّ ثُمَّ إدْخَالُ هَذَا الْقِسْمِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ يَلْزَمُهُ أَنَّ ضَمِيرَ وَلَدِهَا عَائِدٌ إلَى الْأَمَةِ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهَا مُسْتَوْلَدَةً وَضَمِيرُ بِمَنْزِلَتِهَا عَائِدٌ لِلْمُسْتَوْلَدَةِ خَاصَّةً وَلَا يَخْفَى أَنَّ لَفْظَ الْوَلَدِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مُبْتَدَأٌ وَبِمَنْزِلَتِهَا خَبَرٌ وَمِنْ غَيْرِهِ مُتَعَلِّقٌ بِوَلَدٍ عَلَى حَذْفِ اسْمِ الْفَاعِلِ مِنْهُ وَيَلْزَمُ عَلَى كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّ خَبَرَ الْوَلَدِ مَحْذُوفٌ، وَهُوَ قَوْلُهُ: لَا يَعْتِقُونَ وَأَنَّ بِمَنْزِلَتِهَا خَبَرٌ لِأَنَّ الْمَحْذُوفَةِ وَأَنَّ مِنْ غَيْرِهِ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ أَيْضًا فَتَأَمَّلْ ق ل.

قَوْلُهُ: (الْحَاصِلُ بَعْدَ الِاسْتِيلَادِ) أَيْ النَّافِذُ فَلَا تُرَدُّ أُمُّ الْوَلَدِ إذَا تَعَلَّقَ بِهَا حَقٌّ وَبِيعَتْ فِيهِ ثُمَّ مَلَكَهَا وَأَوْلَادَهَا فَلَا يَثْبُتُ لِلْوَلَدِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ، حُكْمُ الِاسْتِيلَادِ لِأَنَّهَا جَاءَتْ بِهِمْ فِي حَالٍ هِيَ فِيهِ غَيْرُ ثَابِتٍ لَهَا حُكْمُ الِاسْتِيلَادِ. اهـ خ ض عَلَى التَّحْرِيرِ. قَوْلُهُ:(بِمَا) أَيْ بِتَصَرُّفٍ وَقَوْلُهُ: يَمْتَنِعُ أَيْ ذَلِكَ التَّصَرُّفُ فَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ التَّصَرُّفُ بِهِ لِأَنَّهُ مِنْ مَعْلُومِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ وَضَعَ الظَّاهِرَ مَوْضِعَ الْمُضْمَرِ.

قَوْلُهُ: (وَعِتْقِهِ) بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى مَنْعِ لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ مَا دَخَلَ فِي مَنْزِلَتِهَا ق ل.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْوَلَدَ يَتْبَعُ أُمَّهُ رِقًّا وَحُرِّيَّةً) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ وَلَدَ الْمُبَعَّضَةِ مُبَعَّضٌ وَقِيلَ: حُرٌّ وَهُوَ الَّذِي اعْتَمَدَهُ خ ض وَغَيْرُهُ وَعِبَارَةُ أَصْلِ التَّحْرِيرِ وَوَلَدُ الْمُبَعَّضَةِ حُرٌّ عِنْدَ الْعِرَاقِيِّينَ.

وَاخْتَلَفَ فِيهِ رَأْيُ الرَّافِعِيِّ اهـ أج. عَلَى التَّحْرِيرِ.

قَوْلُهُ: (فِي سَبَبِهِ اللَّازِمِ) أَيْ فِي أَحْكَامِ سَبَبِهِ لِأَنَّ السَّبَبَ الِاسْتِيلَادُ وَلَيْسَ مَوْجُودًا فِي الْوَلَدِ. وَاعْتَرَضَ ق ل قَوْلَهُ: فِي سَبَبِهِ اللَّازِمِ فَقَالَ: لَا يَخْفَى أَنَّ السَّبَبَ مَلْزُومٌ لَا لَازِمٌ وَعِبَارَةُ م ر. فِي سَبَبِهَا أَيْ الْحُرِّيَّةِ وَهُوَ الِاسْتِيلَادُ فَلَعَلَّهُ ذَكَرَ ضَمِيرَ الْحُرِّيَّةِ عَلَى مَعْنَى الْعِتْقِ.

قَوْلُهُ: (وَلِأَنَّهُ حَقٌّ) أَيْ الْمَذْكُورُ مِنْ الْحُرِّيَّةِ فَالْأَوْلَى رُجُوعُ الضَّمِيرِ لِلِاسْتِيلَادِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ أَعْتَقَ السَّيِّدُ إلَخْ) هَذَا كَاَلَّذِي بَعْدَهُ مِنْ أَفْرَادِ قَوْلِهِ بِمَنْزِلَتِهَا فَلَوْ قَالَ لَكِنْ أَوْ نَعَمْ لَوْ أَعْتَقَ إلَخْ لَكَانَ أَظْهَرَ لِأَنَّهُ مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ بِمَنْزِلَتِهَا.

قَوْلُهُ: (لَمْ يَعْتِقْ وَلَدُهَا) أَيْ بِعِتْقِهَا الْمَذْكُورِ بَلْ بِمَوْتِ السَّيِّدِ وَهَذَا بِخِلَافِ وَلَدِ الْمُكَاتَبَةِ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ بِعِتْقِهَا الْمُنْجَزِ. وَالْفَرْقُ: أَنَّ إعْتَاقَ الْمُكَاتَبَةِ جَاءَ عَنْ جِهَةِ الِاسْتِحْقَاقِ فَإِنَّهَا تَعْتِقُ تَارَةً بِالْأَدَاءِ وَتَارَةً بِالْإِبْرَاءِ وَإِعْتَاقُهَا يَحْصُلُ بِهِ الْإِبْرَاءُ ضِمْنًا وَإِعْتَاقُ الْمُسْتَوْلَدَةِ إنَّمَا يُسْتَحَقُّ بِالْمَوْتِ أَمَّا وَلَدُهَا مِنْ سَيِّدِهَا فَهُوَ حُرٌّ وَإِنْ ظَنَّهَا زَوْجَتَهُ الْأَمَةَ سَوَاءٌ الَّذِي بِهِ الِاسْتِيلَادُ أَمْ لَا.

قَوْلُهُ: (وَهُوَ) أَيْ التَّعْلِيلُ بِالْوَطْءِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ. قَوْلُهُ: (وَفَائِدَتُهُ إلَخْ) أَيْ مَعَ أَنَّهَا تَابِعَةٌ لِأُمِّهَا. قَوْلُهُ: (سَكَتَ الْمُصَنِّفُ إلَخْ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ إعْمَالَ اللَّفْظِ فِي حَقِيقَتِهِ إمَّا عَلَى إعْمَالِهِ فِي حَقِيقَتِهِ وَمَجَازُهُ فَلَا سُكُوتَ لَكِنَّ الْأُولَى أَوْلَى لِمَا فِي أَوْلَادِ الْأَوْلَادِ مِنْ التَّفْصِيلِ الَّذِي ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: إنْ كَانُوا مِنْ الْإِنَاثِ تَبِعُوهَا وَإِلَّا فَلَا. قَوْلُهُ: (وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُمْ) أَيْ مِنْ الْأَصْحَابِ صَرِيحًا. قَوْلُهُ: (فَلَا) أَيْ فَلَا يَكُونُ حُكْمُهُمْ حُكْمَ أَوْلَادِهَا، بَلْ يَتْبَعُونَ أُمَّهُمْ فِي الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ: لِأَنَّ الْوَلَدَ إلَخْ.

قَوْلُهُ: (وَمَنْ أَصَابَ) عَبَّرَ بِمَنْ لِتَشْمَلَ الْحُرَّ

ص: 499

(أَمَةَ غَيْرِهِ بِنِكَاحٍ) لَا غُرُورَ فِيهِ بِحُرِّيَّةٍ أَوْ زِنًا (فَوَلَدُهُ مِنْهَا) حِينَئِذٍ (مَمْلُوكٌ لِسَيِّدِهَا) بِالْإِجْمَاعِ لِأَنَّهُ يَتْبَعُ الْأُمَّ فِي الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ أَمَّا إذَا غُرَّ بِحُرِّيَّةِ أُمِّهِ فَنَكَحَهَا وَأَوْلَدَهَا فَالْوَلَدُ حُرٌّ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ فِي بَابِ الْخِيَارِ وَالْإِعْفَافِ. وَكَذَا إذَا نَكَحَهَا بِشَرْطِ أَنَّ أَوْلَادَهَا الْحَادِثِينَ مِنْهُ أَحْرَارٌ فَإِنَّهُ يَصِحُّ الشَّرْطُ وَمَا حَدَثَ لَهُ مِنْهَا مِنْ وَلَدٍ فَهُوَ حُرٌّ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْقُوتِ فِي بَابِ الصَّدَاقِ.

تَنْبِيهٌ لَوْ نَكَحَ حُرٌّ جَارِيَةَ أَجْنَبِيٍّ ثُمَّ مَلَكَهَا ابْنُهُ أَوْ تَزَوَّجَ رَقِيقٌ جَارِيَةَ ابْنِهِ. ثُمَّ عَتَقَ لَمْ يَنْفَسِخْ النِّكَاحُ، لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي النِّكَاحِ الثَّبَاتُ وَالدَّوَامُ فَلَوْ اسْتَوْلَدَهَا الْأَبُ بَعْدَ عِتْقِهِ فِي الثَّانِيَةِ وَمِلْكِ ابْنِهِ لَهَا فِي الْأُولَى لَمْ يَنْفُذْ اسْتِيلَادُهَا لِأَنَّهُ رَضِيَ بِرِقِّ وَلَدِهِ حِينَ نَكَحَهَا. وَلِأَنَّ النِّكَاحَ حَاصِلٌ مُحَقَّقٌ فَيَكُونُ وَاطِئًا بِالنِّكَاحِ لَا بِشُبْهَةِ الْمِلْكِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ نِكَاحٌ كَمَا جَرَى عَلَى ذَلِكَ الشَّيْخَانِ فِي بَابِ النِّكَاحِ وَلَوْ مَلَكَ الْمُكَاتَبُ زَوْجَةَ سَيِّدِهِ الْأَمَةَ انْفَسَخَ نِكَاحُهُ. (فَإِنْ أَصَابَهَا) أَيْ وَطِئَهَا لَا بِنِكَاحٍ بَلْ (بِشُبْهَةٍ) مِنْهُ كَأَنْ ظَنَّهَا أَمَتَهُ أَوْ زَوْجَتَهُ الْحُرَّةَ (فَوَلَدُهُ مِنْهَا) حِينَئِذٍ (حُرٌّ نَسِيبٌ) بِلَا خِلَافٍ اعْتِبَارًا بِظَنِّهِ.

(وَ) لَكِنْ (عَلَيْهِ) فِي هَذِهِ الْحَالَةِ (قِيمَتُهُ) وَقْتَ وِلَادَتِهِ بِأَنْ يُقَدَّرُ رَقِيقًا فَمَا بَلَغَتْ قِيمَتُهُ دَفَعَهُ (لِلسَّيِّدِ) لِتَفْوِيتِهِ الرِّقَّ عَلَيْهِ بِظَنِّهِ أَمَّا إذَا ظَنَّهَا زَوْجَتَهُ الْأَمَةَ فَالْوَلَدُ رَقِيقٌ لِلسَّيِّدِ اعْتِبَارًا بِظَنِّهِ وَإِطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ يَنْزِلُ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ كَمَا نَزَّلْنَا عَلَيْهِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَالرَّقِيقَ.

قَوْلُهُ: (فَوَلَدُهُ) هَذَا لَا يَظْهَرُ فِي الْحَاصِلِ بِزِنًا لِأَنَّ لَا أَبَ لَهُ إلَّا أَنْ تَجْعَلَ الْإِضَافَةَ لِأَدْنَى مُلَابَسَةٍ بِالنِّسْبَةِ لَهُ لِكَوْنِهِ نَاشِئًا مِنْهُ.

قَوْلُهُ: (لِسَيِّدِهَا) هُوَ جَرْيٌ عَلَى الْغَالِبِ مِنْ اتِّحَادِ مَالِكِ الْأُمِّ وَالْوَلَدِ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ: الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: مَمْلُوكٌ لِسَيِّدِهِ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ مِلْكًا لِغَيْرِ سَيِّدِهَا بِوَصِيَّةٍ.

قَوْلُهُ: (فَالْوَلَدُ حُرٌّ) وَهُوَ حُرٌّ بَيْنَ رَقِيقِينَ إنْ كَانَ الزَّوْجُ رَقِيقًا وَصُورَةُ عَكْسِهِ وَهُوَ رَقِيقٌ بَيْنَ حُرَّيْنِ مَا لَوْ أَوْصَى بِأَوْلَادِ أَمَتِهِ لِشَخْصٍ ثُمَّ مَاتَ الْمُوصِي وَقَبِلَ الْمُوصَى لَهُ الْوَصِيَّةَ وَأَعْتَقَ الْوَارِثُ الْأَمَةَ، وَتَزَوَّجَ بِهَا حُرٌّ بِالشُّرُوطِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي نِكَاحِ الْأَمَةِ فَأَوْلَدَهَا وَلَدًا فَهُوَ رَقِيقٌ لِلْمُوصَى لَهُ.

قَوْلُهُ: (وَكَذَا إذَا نَكَحَهَا بِشَرْطِ أَنَّ أَوْلَادَهَا إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ عَدَمُ صِحَّةِ الشَّرْطِ م ر. وَتَنْعَقِدُ الْأَوْلَادُ أَرِقَّاءَ وَعِبَارَةُ م د فَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ صِحَّةِ الشَّرْطِ لِأَنَّهُ يُخَالِفُ مُقْتَضَى الْعَقْدِ نَعَمْ إنْ اعْتَقَدَ تَأْثِيرَ الشَّرْطِ انْعَقَدُوا أَحْرَارًا نَظَرًا لِظَنِّهِ اهـ.

قَوْلُهُ: (ابْنُهُ) لَوْ قَالَ: فِيهِ وَفِيمَا بَعْدَهُ فَرْعُهُ لَكَانَ أَعَمَّ.

قَوْلُهُ: (فَلَوْ اسْتَوْلَدَهَا الْأَبُ) وَهُوَ الْحُرُّ فِي الْأُولَى وَالْعَبْدُ فِي الثَّانِيَةِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا أَبٌ. وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: وَلَوْ أَحْبَلَ الْأَبُ. . . إلَخْ لِأَنَّ تَعْبِيرَهُ يُوهِمُ أَنَّهَا يُقَالُ لَهَا مُسْتَوْلَدَةٌ مَعَ أَنَّهَا لَيْسَتْ مِلْكًا لَهُ وَوَطْؤُهُ لَهَا إنَّمَا هُوَ فِي النِّكَاحِ قَالَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَحَرُمَ عَلَى أَصْلٍ وَطْءُ فَرْعِهِ وَيَثْبُتُ بِهِ مَهْرٌ لِفَرْعِهِ، وَإِنْ وَطِئَ بِمُطَاوَعَتِهَا إنْ لَمْ تَصِرْ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ أَوْ صَارَتْ وَتَأَخَّرَ إنْزَالٌ عَنْ تَغْيِيبِ الْحَشَفَةِ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ وَإِلَّا فَلَا يَجِبُ لِتَقَدُّمِ الْإِنْزَالِ عَلَى مُوجِبِهِ أَوْ اقْتِرَانِهِ بِهِ وَلَا حَدَّ لِأَنَّ لَهُ فِي مَالِ فَرْعِهِ شُبْهَةَ الْإِعْفَافِ الَّذِي هُوَ مِنْ جِنْسِ مَا فَعَلَهُ فَوَجَبَ عَلَيْهِ الْمَهْرُ وَانْتَفَى عَنْهُ الْحَدُّ. وَإِنْ كَانَتْ أُمَّ وَلَدِهِ لِلْفَرْعِ وَيَلْزَمُهُ التَّعْزِيرُ لِارْتِكَابِهِ مُحَرَّمًا لَا حَدَّ فِيهِ وَلَا كَفَّارَةَ وَوَلَدُهُ مِنْهَا حُرٌّ نَسِيبٌ لِلشُّبْهَةِ وَتَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَلَوْ مُعْسِرًا إنْ كَانَ حُرًّا وَلَمْ تَكُنْ أُمَّ وَلَدٍ لِفَرْعِهِ بِذَلِكَ وَيُقَدَّرُ انْتِقَالُ الْمِلْكِ قُبَيْلَ الْعُلُوقِ وَجُمْلَةُ مَا فِي الْخَاتِمَةِ خَمْسُ فُرُوعٍ وَهِيَ فِي كَلَامِهِ خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ هَذِهِ خَاتِمَةٌ فِيهَا قُبَيْلَ الْمُعْلُوقِ إلَيْهِ. فَإِنْ كَانَ غَيْرَ حُرٍّ أَوْ كَانَتْ أُمَّ وَلَدٍ لِفَرْعِهِ لَمْ تَصِرْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ لِأَنَّ غَيْرَ الْحُرِّ لَا يَمْلِكُ أَوْ لَا يَثْبُتُ إيلَادُهُ لِأَمَتِهِ فَلِأَمَةِ فَرْعِهِ أَوْلَى وَأَمُّ الْوَلَدِ لَا تَقْبَلُ النَّقْلَ وَعَلَيْهِ مَعَ الْمَهْرِ قِيمَتُهَا لِفَرْعِهِ لِصَيْرُورَتِهَا أُمَّ وَلَدٍ لَهُ لَا قِيمَةَ وَلَدِهَا لِانْتِقَالِ الْمِلْكِ لَهُ قُبَيْلَ الْعُلُوقِ.

قَوْلُهُ: (لَمْ يَنْفُذْ اسْتِيلَادُهَا) أَيْ فَمَحَلُّ قَوْلِهِمْ: مَنْ أَوْلَدَ أَمَةَ فَرْعِهِ صَارَتْ مُسْتَوْلَدَةً إذَا لَمْ يَكُنْ بِنِكَاحٍ.

قَوْلُهُ: (انْفَسَخَ نِكَاحُهُ) كَمَا لَوْ مَلَكَهَا سَيِّدُهُ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ قِنٌّ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ فَكَانَ الْمِلْكُ لِسَيِّدِهِ وَهُوَ الزَّوْجُ فَلِذَلِكَ انْفَسَخَ نِكَاحُهُ وَتَصِيرُ بِوَطْئِهِ بَعْدَ ذَلِكَ أُمَّ وَلَدٍ كَمَا سَيَذْكُرُهُ فِي الْخَاتِمَةِ اهـ. م د، بِخِلَافِهِ: فِي مَسْأَلَةِ الْفَرْعِ لِأَنَّ تَعَلُّقَ السَّيِّدِ بِمَالِ مُكَاتَبِهِ أَشَدُّ مِنْ تَعَلُّقِ الْأَصْلِ بِمَالِ فَرْعِهِ.

قَوْلُهُ: (أَوْ زَوْجَتُهُ) خَرَجَ الزَّانِي فَظَنُّهُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ. قَوْلُهُ: (فَمَا بَلَغَتْ) أَيْ فَالْقَدْرُ الَّذِي بَلَغَتْهُ قِيمَتُهُ. قَوْلُهُ: (عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ) بَيْنَ أَنْ يَظُنَّ الْأَمَةَ زَوْجَتَهُ الْحُرَّةَ، وَبَيْنَ أَنْ يَظُنَّهَا زَوْجَتَهُ الْأَمَةَ. قَوْلُهُ:

ص: 500

عِبَارَةَ الْمِنْهَاجِ فِي شَرْحِهِ إذْ هُوَ الْمَذْكُورُ فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا. وَلَوْ أَفْصَحَ بِهِ كَانَ أَوْلَى وَلَوْ تَزَوَّجَ شَخْصٌ بِحُرَّةٍ وَأَمَةٍ بِشَرْطِهِ فَوَطِئَ الْأَمَةَ يَظُنُّهَا الْحُرَّةَ فَالْأَشْبَهُ أَنَّ الْوَلَدَ حُرٌّ كَمَا فِي أَمَةِ الْغَيْرِ يَظُنُّهَا زَوْجَتَهُ الْحُرَّةَ.

تَنْبِيهٌ أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ الشُّبْهَةَ وَمُقْتَضَى تَعْلِيلِهِمْ شُبْهَةَ الْفَاعِلِ فَتَخْرُجُ شُبْهَةُ الطَّرِيقِ الَّتِي أَبَاحَ الْوَطْءَ بِهَا عَالِمٌ، فَلَا يَكُونُ الْوَلَدُ بِهَا حُرًّا كَأَنْ تَزَوَّجَ شَافِعِيٌّ أَمَةً وَهُوَ مُوسِرٌ وَبَعْضُ الْمَذَاهِبِ يَرَى بِصِحَّتِهِ فَيَكُونُ الْوَلَدُ رَقِيقًا، وَكَذَا لَوْ أُكْرِهَ عَلَى أَمَةِ الْغَيْرِ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيّ.

(وَإِنْ مَلَكَ) الْوَاطِئُ بِالنِّكَاحِ (الْأَمَةَ الْمُطَلَّقَةَ) مِنْهُ (بَعْدَ ذَلِكَ) أَيْ بَعْدَ وِلَادَتِهَا مِنْ النِّكَاحِ (لَمْ تَصِرْ أُمَّ وَلَدٍ) بِمَا وَلَدَتْهُ مِنْهُ (بِالْوَطْءِ فِي النِّكَاحِ) لِكَوْنِهِ رَقِيقًا لِأَنَّهَا عَلِقَتْ بِهِ فِي غَيْرِ مِلْكِ الْيَمِينِ وَالِاسْتِيلَادِ. إنَّمَا يَثْبُتُ تَبَعًا لِحُرِّيَّةِ الْوَلَدِ كَمَا قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ.

تَنْبِيهٌ تَقْيِيدُ الْمُصَنِّفِ بِالْمُطَلَّقَةِ لَا مَعْنَى لَهُ بَلْ قَدْ يُوهِمُ قَصْرَ الْحُكْمِ عَلَيْهِ وَلَيْسَ مُرَادًا فَإِنَّهُ إذَا مَلَكَهَا فِي نِكَاحِهِ بَعْدَ الْوِلَادَةِ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ بِلَا فَرْقٍ. وَكَذَلِكَ إذَا مَلَكَهَا فِي نِكَاحِهِ حَامِلًا لَمْ تَصِرْ أَمَّ وَلَدٍ. لَكِنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَلَدُهُ، إنْ وَضَعَتْهُ لِدُونِ أَقَلِّ مُدَّةِ الْحَمْلِ مِنْ الْمِلْكِ أَوْ دُونَ أَكْثَرِهِ مِنْ حِينِ وَطِئَ بَعْدَ الْمِلْكِ فَإِنْ وَضَعَتْهُ بَعْدَ الْمِلْكِ لِدُونِ أَقَلِّهِ مِنْ الْوَطْءِ فَيُحْكَمُ بِحُصُولِ عُلُوقِهِ فِي مِلْكِهِ وَإِنْ أَمْكَنَ كَوْنُهُ سَابِقًا عَلَيْهِ كَمَا قَالَهُ الصَّيْدَلَانِيُّ وَأَقَرَّهُ فِي الرَّوْضَةِ. فَلَوْ حَذَفَ الْمُصَنِّفُ لَفْظَ الْمُطَلَّقَةِ لَكَانَ أَوْلَى وَأَشْمَلَ. (وَصَارَتْ) أَيْ الْأَمَةُ الَّتِي مَلَكَهَا (أُمَّ وَلَدٍ) بِمَا وَلَدَتْهُ مِنْهُ (بِالْوَطْءِ بِالشُّبْهَةِ) الْمَقْرُونَةِ بِظَنِّهِ (عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ) وَهُوَ الْمَرْجُوحُ لِأَنَّهَا عَلِقَتْ مِنْهُ بِحُرٍّ وَالْعُلُوقُ بِالْحُرِّ سَبَبٌ لِلْحُرِّيَّةِ بِالْمَوْتِ.

ــ

[حاشية البجيرمي]

بِشَرْطِهِ) وَهُوَ سَبَبُ نِكَاحِ الْأَمَةِ وَأَنْ يَكُونَ حِينَئِذٍ فَاقِدًا لِمَهْرِ الْحُرَّةِ. وَخَائِفًا الْعَنَتَ.

قَوْلُهُ: (وَمُقْتَضَى تَعْلِيلِهِمْ) عِبَارَةُ م ر.

وَمُقْتَضَى تَعْلِيلِهِمْ إرَادَةُ شُبْهَةِ الْفَاعِلِ وَالْمُرَادُ بِالتَّعْلِيلِ قَوْلُهُ لِتَفْوِيتِهِ رِقِّهِ. . . إلَخْ. قَوْلُهُ: (يَرَى بِصِحَّتِهِ) أَيْ يَقُولُ بِصِحَّتِهِ.

قَوْلُهُ: (وَكَذَا لَوْ أُكْرِهَ عَلَى أَمَةِ الْغَيْرِ) أَيْ عَلَى وَطْءِ أَمَةِ الْغَيْرِ أَيْ فَإِنَّ الْوَلَدَ يَكُونُ رَقِيقًا لِأَنَّ الزِّنَا لَا يُبَاحُ بِالْإِكْرَاهِ.

قَوْلُهُ: (كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ) أَيْ لَمْ تَصِرْ أُمَّ وَلَدٍ.

قَوْلُهُ: (أَوْ دُونَ أَكْثَرِهِ) الضَّمِيرُ لِمُدَّةِ الْحَمْلِ لِأَنَّهَا اكْتَسَبَتْ التَّذْكِيرَ مِنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ. قَوْلُهُ:

(مِنْ حِينِ وَطْءٍ) صَوَابُهُ مِنْ غَيْرِ وَطْءٍ كَمَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ أَوْ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ إنْ لَمْ يَطَأْ بَعْدَ الْمِلْكِ.

قَوْلُهُ: (لِدُونِ أَقَلِّهِ) صَوَابُهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ مِنْ الْوَطْءِ الْوَاقِعِ بَعْدَ الْمِلْكِ فَإِنَّ دُونَ الْأَقَلِّ هُوَ دُونَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، وَتَقَدَّمَ أَنَّهَا لَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لِأَنَّ هَذِهِ هِيَ الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى اهـ م د. وَكَوْنُ هَذِهِ هِيَ الْأُولَى غَيْرُ ظَاهِرٍ لِأَنَّ الْأُولَى دُونَ الْأَقَلِّ مِنْ الْمِلْكِ وَهَذِهِ دُونَ الْأَقَلِّ مِنْ الْوَطْءِ. قَوْلُهُ:(فَيُحْكَمُ بِحُصُولِ عُلُوقِهِ) : فَتَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ قَوْلُهُ: (وَصَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ) صُورَةُ ذَلِكَ أَنَّ رَجُلًا وَطِئَ أَمَةَ غَيْرِهِ بِشُبْهَةٍ وَانْعَقَدَ الْوَلَدُ حُرًّا ثُمَّ مَلَكَهَا بَعْدَ ذَلِكَ هَلْ تَصِيرُ بِمُجَرَّدِ الْمِلْكِ مُسْتَوْلَدَةً أَوْ لَا؟ وَصُورَةُ الَّتِي قَبْلَهُمَا أَنْ يَطَأَ أَمَةَ غَيْرِهِ بِنِكَاحٍ أَوْ بِزِنًا. وَانْعَقَدَ الْوَلَدُ رَقِيقًا ثُمَّ اشْتَرَاهَا فِي حَالِ النِّكَاحِ، فَإِنَّهَا لَا تَصِيرُ مُسْتَوْلَدَةً بِمُجَرَّدِ الْمِلْكِ فَيَكُونُ قَوْلُ الْمَتْنِ. وَإِنْ مَلَكَ الْأَمَةَ مُطَلَّقَةً إلَخْ رَاجِعًا لِقَوْلِ الْمَتْنِ وَمَنْ وَطِئَ أَمَةَ غَيْرِهِ عَلَى اللَّفِّ وَالنَّشْرِ الْمُرَتَّبِ وَقَوْلُهُ: وَصَارَتْ بِمَعْنَى تَصِيرُ وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى جَوَابِ الشَّرْطِ وَهُوَ لَمْ تَصِرْ لَكِنْ يَصِيرُ الضَّمِيرُ فِي صَارَتْ عَائِدًا عَلَى الْأَمَةِ الْمُطَلَّقَةِ مَعَ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ وَيُجَابُ بِأَنَّ الضَّمِيرَ رَاجِعٌ لِلْأَمَةِ بِدُونِ قَيْدِهَا. قَوْلُهُ: (سَبَبٌ لِلْحُرِّيَّةِ) فِيهِ أَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ سَبَبًا لَهَا إذَا كَانَ الْعُلُوقُ فِي مِلْكِهِ.

قَوْلُهُ: (خَاتِمَةٌ) تَشْتَمِلُ عَلَى ثُبُوتِ الِاسْتِيلَادِ مَعَ كَوْنِ الْمُسْتَوْلَدَةِ لَيْسَتْ مِلْكًا لِلْوَاطِئِ بَلْ لَهُ فِيهَا نَوْعُ عُلْقَةٍ تُفْضِي إلَى مِلْكِهِ لَكِنْ ذَكَرَ م ر. أَنَّهُ يُقَدَّرُ انْتِقَالُ الْمِلْكِ فِيهَا قُبَيْلَ الْعُلُوقِ وَجُمْلَةُ مَا فِي الْخَاتِمَةِ خَمْسُ فُرُوعٍ وَهِيَ فِي كَلَامِهِ خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ هَذِهِ خَاتِمَةٌ وَلَا يَصِحُّ أَنْ تَكُونَ مُبْتَدَأً وَالْخَبَرُ مَحْذُوفًا وَالتَّقْدِيرُ خَاتِمَةٌ هَذَا مَوْضِعُهَا لِعَدَمِ الْمُسَوِّغِ لِلِابْتِدَاءِ بِهَا لِأَنَّهَا نَكِرَةٌ لَا يُقَالُ الْوَصْفُ الْمُقَدَّرُ بِنَحْوِ قَوْلِك حَسَنَةٌ مَثَلًا كَافٍ إذْ مِنْ جُمْلَةِ الْمُسَوِّغَاتِ الْوَصْفُ وَهُوَ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ مَذْكُورًا كَنَحْوِ رَجُلٍ مِنْ الْكِرَامِ عِنْدَنَا أَوْ مُقَدَّرًا كَنَحْوِ شَرٌّ أَهَرَّ ذَا نَابٍ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فِيهِ أَيْ شَرٌّ عَظِيمٌ

ص: 501

وَالْقَوْلُ الثَّانِي وَهُوَ الْأَظْهَرُ كَمَا فِي الْمِنْهَاجِ وَغَيْرِهِ لَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لِأَنَّهَا عَلِقَتْ بِهِ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ عَلِقَتْ بِهِ فِي النِّكَاحِ.

تَنْبِيهٌ مَحَلُّ الْخِلَافِ فِي الْحُرِّ أَمَّا إذَا وَطِئَ الْعَبْدُ جَارِيَةَ غَيْرِهِ بِشُبْهَةٍ ثُمَّ عَتَقَ ثُمَّ مَلَكَهَا فَإِنَّهَا لَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ بِلَا خِلَافٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْفَصِلْ مِنْ حُرٍّ.

خَاتِمَةٌ لَوْ أَوْلَدَ السَّيِّدُ أَمَةً مُكَاتَبَةً ثَبَتَ فِيهَا الِاسْتِيلَادُ وَلَوْ أَوْلَدَ الْأَبُ الْحُرُّ أَمَةَ ابْنِهِ الَّتِي لَمْ يَسْتَوْلِدْهَا ثَبَتَ فِيهَا الِاسْتِيلَادُ. وَإِنْ كَانَ الْأَبُ مُعْسِرًا أَوْ كَافِرًا وَإِنَّمَا لَمْ يَخْتَلِفْ الْحُكْمُ هُنَا بِالْيَسَارِ وَالْإِعْسَارِ كَمَا فِي الْأَمَةِ الْمُشْتَرَكَةِ لِأَنَّ الْإِيلَادَ هُنَا إنَّمَا ثَبَتَ لِحُرْمَةِ الْأُبُوَّةِ وَشُبْهَةِ الْمِلْكِ وَهَذَا الْمَعْنَى لَا يَخْتَلِفُ بِذَلِكَ وَلَوْ أَوْلَدَ الشَّرِيكُ الْأَمَةَ الْمُشْتَرَكَةَ فَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا ثَبَتَ الِاسْتِيلَادُ فِي نَصِيبِهِ خَاصَّةً وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا بِحِصَّةِ شَرِيكِهِ ثَبَتَ الِاسْتِيلَادُ فِي جَمِيعِهَا كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ وَكَذَا الْأَمَةُ الْمُشْتَرَكَةُ بَيْنَ فَرْعِ الْوَاطِئِ وَأَجْنَبِيٍّ إذَا كَانَ الْأَصْلُ مُوسِرًا وَلَوْ أَوْلَدَ الْأَبُ الْحُرُّ مُكَاتَبَةَ وَلَدِهِ هَلْ يَنْفُذُ اسْتِيلَادُهُ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ تَقْبَلُ الْفَسْخَ أَوْ لَا لِأَنَّ الْكِتَابَةَ لَا تَقْبَلُ النَّقْلَ. وَجْهَانِ أَوْجَهُهُمَا كَمَا جَزَمَ بِهِ الْقَفَّالُ الْأَوَّلُ وَلَوْ أَوْلَدَ أَمَةَ وَلَدِهِ الْمُزَوَّجَةَ نَفَذَ إيلَادُهُ كَإِيلَادِ السَّيِّدِ لَهَا. وَحَرُمَتْ عَلَى الزَّوْجِ مُدَّةَ الْحَمْلِ وَجَارِيَةُ بَيْتِ الْمَالِ كَجَارِيَةِ الْأَجْنَبِيِّ فَيُحَدُّ وَاطِئُهَا وَإِنْ أَوْلَدَهَا فَلَا نَسَبَ وَلَا اسْتِيلَادَ، وَإِنْ مَلَكَهَا بَعْدُ سَوَاءٌ أَكَانَ فَقِيرًا أَمْ لَا لِأَنَّ الْإِعْفَافَ لَا يَجِبُ فِي بَيْتِ الْمَالِ.

وَلَوْ شَهِدَ اثْنَانِ عَلَى إقْرَارِ سَيِّدِ الْأَمَةِ بِإِيلَادِهَا وَحَكَمَ بِهِ ثُمَّ رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا لَمْ يَغْرَمَا شَيْئًا لِأَنَّ الْمِلْكَ بَاقٍ فِيهَا، وَلَمْ يُفَوِّتَا إلَّا سَلْطَنَةَ الْبَيْعِ وَلَا قِيمَةَ لَهَا بِانْفِرَادِهَا، وَلَيْسَ كَإِبَاقِ الْعَبْدِ مِنْ يَدِ غَاصِبِهِ فَإِنَّهُ فِي عُهْدَةِ ضَمَانِ يَدِهِ حَتَّى يَعُودَ إلَى مُسْتَحِقِّهِ، فَإِنْ مَاتَ السَّيِّدُ غَرِمَا لِلْوَارِثِ لِأَنَّ هَذِهِ الشَّهَادَةَ لَا تَنْحَطُّ عَنْ الشَّهَادَةِ بِتَعْلِيقِ الْعِتْقِ وَلَوْ شَهِدَا بِتَعْلِيقِهِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

لِأَنَّا نَقُولُ لَا بُدَّ فِي الْكَلَامِ مِنْ قَرِينَةٍ تُشْعِرُ بِالْوَصْفِ الْمُقَدَّرِ وَهِيَ مُنْتَفِيَةٌ هُنَا اهـ وَانْظُرْ تَعْرِيفَهَا لُغَةً وَاصْطِلَاحًا وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ هِيَ عِبَارَةٌ عَنْ أَلْفَاظٍ مَخْصُوصَةٍ دَالَّةٌ عَلَى مَعَانٍ مَخْصُوصَةٍ جِيءَ بِهَا لِاخْتِتَامِ كِتَابٍ مَثَلًا وَظَاهِرُ تَعْبِيرِ الْمُصَنِّفِ بِالْخَاتِمَةِ بَلْ صَرِيحُهُ أَنَّ جَمِيعَ الْمَسَائِلِ الَّتِي ذَكَرَهَا لَمْ تُعْلَمْ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْمَسَائِلُ السِّتُّ الْمَذْكُورَةُ فِي أَوَّلِهَا تُعْلَمُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِأَنْ يُرَادَ بِقَوْلِهِ: أَصَابَ السَّيِّدُ أَمَتَهُ الْمَمْلُوكَةَ لَهُ كُلًّا أَوْ بَعْضًا أَوْ تَقْدِيرًا أَوْ مَآلًا غَيْرَ الْمُتَعَلِّقِ بِهَا حَقٌّ لِلْغَيْرِ. وَبِهَذِهِ الْإِرَادَةِ يَشْمَلُ كَلَامُهُ أَمَةَ مُكَاتَبِهِ وَأَمَةَ وَلَدِهِ الَّتِي لَمْ يَسْتَوْلِدْهَا وَلَوْ كَانَتْ مُكَاتَبَةً وَالْأَمَةُ الْمُشْتَرَكَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ وَفَرْعِهِ. وَحِينَئِذٍ كَانَ حَقُّهُ أَنْ يُعَبِّرَ عَنْ الْمَسَائِلِ السِّتِّ بِالتَّنْبِيهِ وَعَمَّا بَعْدَهَا بِالْخَاتِمَةِ فَتَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ: (ثَبَتَ الِاسْتِيلَادُ فِي نَصِيبِهِ خَاصَّةً) وَالْوَلَدُ مُبَعَّضٌ عَلَى الرَّاجِحِ وَقِيلَ حُرٌّ كُلُّهُ.

قَوْلُهُ: (إذَا كَانَ الْأَصْلُ مُوسِرًا) أَيْ بِنَصِيبِ الْأَجْنَبِيِّ فَقَطْ لَا بِنَصِيبِ ابْنِهِ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (تَقْبَلُ الْفَسْخَ) لِأَنَّ الِاسْتِيلَادَ فَسْخٌ لَهَا.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْكِتَابَةَ لَا تَقْبَلُ النَّقْلَ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْكِتَابَةِ الْمُكَاتَبَةُ دَلِيلُ قَوْلِهِ: لَا تَقْبَلُ النَّقْلَ أَيْ لِأَنَّا لَوْ قُلْنَا بِنُفُوذِ الِاسْتِيلَادِ لَكَانَ يُقَدَّرُ دُخُولُهَا فِي مِلْكِ الْأَبِ قُبَيْلَ الْعُلُوقِ مَعَ أَنَّهَا لَا تَقْبَلُ النَّقْلَ مِنْ شَخْصٍ إلَى آخَرَ وَالْأَوَّلُ يُجِيبُ بِأَنَّ الْمُقَدَّرَ لَيْسَ كَالْمُحَقِّقِ فَاغْتُفِرَ.

قَوْلُهُ: (نَفَذَ إيلَادُهُ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مُوسِرًا أَوْ مُعْسِرًا.

قَوْلُهُ: (وَحُرِّمَتْ عَلَى الزَّوْجِ) وَلَا نَفَقَةَ لَهَا مُدَّةَ الْحَمْلِ لِعَدَمِ تَمَكُّنِ الزَّوْجِ مِنْ التَّمَتُّعِ بِهَا وَالنَّفَقَةُ فِي مُقَابَلَةِ التَّمْكِينِ وَحَرُمَتْ عَلَى الِابْنِ أَبَدًا لِأَنَّهَا مَوْطُوءَةُ أَبِيهِ.

قَوْلُهُ: (فَيُحَدُّ وَاطِئُهَا) نَعَمْ إنْ كَانَ مِمَّنْ يَخْفَى عَلَيْهِ حُرْمَةُ ذَلِكَ فَلَا حَدَّ لِلشُّبْهَةِ وَيَلْزَمُهُ الْمَهْرُ إنْ لَمْ تُطَاوِعْهُ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْإِعْفَافَ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ: فَيُحَدُّ وَاطِئُهَا وَمَا بَعْدَهُ. قَوْلُهُ (وَلَوْ شَهِدَ اثْنَانِ) عُلِمَ أَنَّ مَسْأَلَةَ الشَّهَادَةِ بِالِاسْتِيلَادِ وَالرُّجُوعِ عَنْهَا. وَكَذَا الشَّهَادَةُ بِالتَّعْلِيقِ وَالرُّجُوعِ عَنْهَا لِكُلٍّ مِنْهُمَا حَالَتَانِ، الرُّجُوعُ قَبْلَ الْمَوْتِ فَلَا يَغْرَمُونَ الْآنَ وَيَغْرَمُونَ بَعْدَ الْمَوْتِ وَإِنْ رَجَعُوا بَعْدَ الْمَوْتِ غَرِمُوا فِي الْحَالِ. وَقَدْ ذَكَرَ الشَّارِحُ هَذَيْنِ الْقِسْمَيْنِ وَأَمَّا التَّعْلِيقُ فَذَكَرَ حُكْمَ مَا إذَا رَجَعُوا بَعْدَ وُجُودِ الصِّفَةِ فَيَغْرَمُونَ فِي الْحَالِ، وَإِنْ رَجَعُوا قَبْلَ وُجُودِ الصِّفَةِ فَلَا يَغْرَمُونَ فِي الْحَالَ وَيَغْرَمُونَ بَعْدَ وُجُودِ الصِّفَةِ وَهَذِهِ لَمْ يَذْكُرْهَا الشَّارِحُ.

قَوْلُهُ: (لَمْ يَغْرَمَا شَيْئًا) أَيْ لِلسَّيِّدِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُمَا

ص: 502