الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فِي شَهَادَةِ الزُّورِ: شَهَادَتِي بَاطِلَةٌ وَأَنَا نَادِمٌ عَلَيْهَا. وَالْمَعْصِيَةُ غَيْرُ الْقَوْلِيَّةِ يُشْتَرَطُ فِي التَّوْبَةِ مِنْهَا إقْلَاعٌ عَنْهَا وَنَدَمٌ عَلَيْهَا وَعَزْمٌ أَنْ لَا يَعُودَ لَهَا وَرَدُّ ظُلَامَةُ آدَمِيٍّ إنْ تَعَلَّقَتْ بِهِ.
فَصْلٌ كَمَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ، يَذْكُرُ فِيهِ الْعَدَدَ فِي الشُّهُودِ وَالذُّكُورَةَ وَالْأَسْبَابَ الْمَانِعَةَ مِنْ الْقَبُولِ وَأَسْقَطَ ذِكْرَ فَصْلٍ فِي بَعْضِهَا.
ــ
[حاشية البجيرمي]
شَرْحُ م ر.
قَوْلُهُ: (وَيُشْتَرَطُ فِي تَوْبَةِ مَعْصِيَةٍ قَوْلِيَّةٍ الْقَوْلُ) . اشْتِرَاطُ الْقَوْلِ فِي الْقَوْلِيَّةِ: وَالِاسْتِبْرَاءُ فِي الْفِعْلِيَّةِ وَمَا أُلْحِقَ بِهِمَا مِمَّا ذُكِرَ هُوَ فِي التَّوْبَةِ الَّتِي تَعُودُ بِهَا الْوِلَايَاتُ وَقَبُولُ الشَّهَادَةِ، أَمَّا التَّوْبَةُ الْمُسْقِطَةُ لِلْإِثْمِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا ذَلِكَ، كَمَا يُفِيدُ ذَلِكَ، كَلَامُ الرَّوْضِ وَشَرْحُهُ اهـ سم قَالَهُ الشَّوْبَرِيُّ: وَانْظُرْ هَذَا الْقَوْلَ يَكُونُ فِي أَيِّ زَمَنٍ وَيُقَالُ: لِمَنْ وَفِي عِبَارَةِ الزَّوَاجِرِ. أَنَّهُ يَقُولُ: بَيْنَ يَدَيْ الْمُسْتَحِلِّ مِنْهُ كَالْمَقْذُوفِ اهـ.
قَوْلُهُ: (فَيَقُولُ قَذْفِي بَاطِلٌ) قِيلَ الْمُرَادُ بِهَذَا أَنَّ الْقَذْفَ مِنْ حَيْثُ هُوَ بَاطِلٌ لَا خُصُوصَ قَوْلِهِ: إذْ قَدْ يَكُونُ صَادِقًا وَلِذَا رَدَّ الْجُمْهُورُ عَلَى الْإِصْطَخْرِيِّ اشْتِرَاطَهُ، أَنْ يَقُولَ: كَذَبْت فِيمَا قَذَفْته،. اهـ. سم وَلَيْسَ كَالْقَذْفِ قَوْلُهُ لِغَيْرِهِ: يَا مَلْعُونُ أَوْ يَا خِنْزِيرُ حَتَّى يُشْتَرَطَ فِي التَّوْبَةِ مِنْهُ قَوْلٌ: لِأَنَّ هَذَا لَا يُتَصَوَّرُ إيهَامُ أَنَّهُ مُحِقٌّ فِيهِ حَتَّى يُبْطِلَهُ بِخِلَافِ الْقَذْفِ س ل.
قَوْلُهُ: (إقْلَاعٌ) الْإِقْلَاعُ يَتَعَلَّقُ بِالْحَالِ، وَالنَّدَمُ بِالْمَاضِي، وَالْعَزْمُ بِالْمُسْتَقْبَلِ. ز ي وَهَذِهِ تُشْتَرَطُ فِي الْقَوْلِيَّةِ أَيْضًا.
قَوْلُهُ: (وَنَدَمٌ) وَهُوَ مُعْظَمُ أَرْكَانِهَا لِأَنَّهُ الَّذِي يَطَّرِدُ فِي كُلِّ تَوْبَةٍ وَلَا يُغْنِي عَنْهُ غَيْرُهُ، بِخِلَافِ الثَّلَاثَةِ الْبَاقِيَةِ. قَوْلُهُ:(وَعَزَمَ أَنْ لَا يَعُودَ لَهَا) : مَا عَاشَ إنْ تَصَوَّرَ مِنْهُ وَإِلَّا كَمَجْبُوبٍ تَعَذَّرَ زِنَاهُ لَمْ يُشْتَرَطْ فِيهِ الْعَزْمُ عَلَى عَدَمِ الْعَوْدِ لَهُ اتِّفَاقًا وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا أَنْ لَا يُغَرْغِرَ لِأَنَّ مَنْ وَصَلَ إلَى تِلْكَ الْحَالَةِ أَيِسَ مِنْ الْحَيَاةِ فَتَوْبَتُهُ إنَّمَا هِيَ لِعِلْمِهِ بِاسْتِحَالَةِ عَوْدِهِ إلَى مَا فَعَلَ، وَأَنْ لَا تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا قِيلَ: وَأَنْ يَتَأَهَّلَ لِلْعِبَادَةِ فَلَا تَصِحُّ تَوْبَةُ سَكْرَانَ فِي سُكْرِهِ، وَإِنْ صَحَّ إسْلَامُهُ س ل، مَعَ زِيَادَةٍ مِنْ ع ش عَلَى م ر. وَنُقِلَ عَنْ ابْنِ الْعَرَبِيِّ فِي شَرْحِ الْمَصَابِيحِ: أَنَّهُ قَالَ: اخْتَلَفَ أَهْلُ السُّنَّةِ فِي أَنَّ عَدَمَ قَبُولِ تَوْبَةِ الْمُذْنِبِ وَإِيمَانِ الْكَافِرِ هَلْ هُوَ عَامٌّ حَتَّى لَا يُقْبَلَ إيمَانُ أَحَدٍ وَلَا تَوْبَتُهُ، بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَوْ هُوَ مُخْتَصٌّ بِمَنْ شَاهَدَ طُلُوعَهَا مِنْ الْمَغْرِبِ، وَهُوَ مُمَيَّزٌ، فَأَمَّا مَنْ يُولَدُ بَعْدَ طُلُوعِهَا مِنْ الْمَغْرِبِ أَوْ وُلِدَ قَبْلَهُ وَلَمْ يَكُنْ مُمَيِّزًا فَصَارَ مُمَيِّزًا وَلَمْ يُشَاهِدْ الطُّلُوعَ فَيُقْبَلُ إيمَانُهُ وَتَوْبَتُهُ، وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ، فَلْيُرَاجَعْ.
قَوْلُهُ: (وَرَدُّ ظُلَامَةِ آدَمِيٍّ) عِبَارَةُ الْمَنْهَجِ وَخُرُوجٌ عَنْ ظُلَامَةٍ اهـ. وَإِذَا بَلَغَتْ الْغِيبَةُ الْمُغْتَابَ: اُشْتُرِطَ اسْتِحْلَالُهُ فَإِنْ تَعَذَّرَ لِمَوْتِهِ أَوْ تَعَسَّرَ لِغَيْبَتِهِ الطَّوِيلَةِ. اسْتَغْفَرَ لَهُ أَيْ طَلَبَ لَهُ الْمَغْفِرَةَ كَأَنْ يَقُولَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِفُلَانٍ
وَلَا أَثَرَ لِتَحْلِيلِ وَارِثٍ وَلَا مَعَ جَهْلِ الْمُغْتَابِ بِمَا حُلِّلَ مِنْهُ أَمَّا إذَا لَمْ تَبْلُغْهُ فَيَكْفِي فِيهَا النَّدَمُ وَالِاسْتِغْفَارُ لَهُ وَكَذَا يَكْفِي النَّدَمُ وَالْإِقْلَاعُ عَنْ الْحَسَدِ وَمَنْ مَاتَ وَلَهُ دَيْنٌ لَمْ يَسْتَوْفِهِ وَارِثُهُ كَانَ الْمُطَالِبُ بِهِ فِي الْآخِرَةِ هُوَ دُونَ الْوَارِثِ عَلَى الْأَصَحِّ شَرْحُ م ر. وَفِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمُسْتَحِقُّ مَوْجُودًا أَوْ انْقَطَعَ خَبَرُهُ سَلَّمَهُ إلَى قَاضٍ أَمِينٍ فَإِنْ تَعَذَّرَ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَى الْفُقَرَاءِ، وَنَوَى الْغُرْمَ لَهُ إنْ وَجَدَهُ أَوْ يَتْرُكُهُ عِنْدَهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَلَا يَتَعَيَّنُ التَّصَدُّقُ بِهِ بَلْ هُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ وُجُوهِ الْمَصَالِحِ كُلِّهَا، وَالْمُعْسِرُ يَنْوِي الْغُرْمَ إذَا قَدَرَ بَلْ يَلْزَمُهُ التَّكَسُّبُ لِإِيفَاءِ مَا عَلَيْهِ إنْ عَصَى بِهِ لِتَصِحَّ تَوْبَتُهُ، فَإِنْ مَاتَ مُعْسِرًا طُولِبَ بِهِ فِي الْآخِرَةِ إنْ عَصَى بِالِاسْتِدَانَةِ وَإِلَّا فَالظَّاهِرُ، أَنَّهُ لَا مُطَالَبَةَ فِيهَا وَالرَّجَاءُ فِي اللَّهِ تَعْوِيضُ الْخَصْمِ اهـ سم. وَلَوْ عَلِمَ أَنَّهُ لَوْ أَعْلَمَ مُسْتَحِقَّ الْقَذْفِ بِالْقَذْفِ تَرَتَّبَ عَلَى ذَلِكَ فِتْنَةٌ، فَالْوَجْهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ إعْلَامُهُ وَيَكْفِيهِ النَّدَمُ وَالْعَزْمُ عَلَى عَدَمِ الْعَوْدِ وَالْإِقْلَاعُ اهـ سم. قَوْلُهُ:(إنْ تَعَلَّقَتْ بِهِ) أَيْ بِالتَّائِبِ وَإِلَّا سَقَطَ هَذَا الشَّرْطُ.
[فَصْلٌ مَا يُعْتَبَرُ فِيهِ تَعَدُّدُ الشُّهُودِ وَمَا لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ التَّعَدُّدُ]
فَصْلٌ: قَوْلُهُ: (كَمَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ) : مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ أَيْ أُثْبِتَ فِي نُسْخَتِي إثْبَاتًا مُشَابِهًا لِلْإِثْبَاتِ الَّذِي فِي بَعْضِ النُّسَخِ
(وَالْحُقُوقُ) الْمَشْهُودُ بِهَا بِالنِّسْبَةِ إلَى مَا يُعْتَبَرُ فِيهَا عَدَدًا أَوْ وَصْفًا (ضَرْبَانِ) أَحَدُهُمَا (حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى وَ) ثَانِيهمَا (حَقٌّ لِآدَمِيٍّ) وَبَدَأَ بِهِ فَقَالَ: (فَأَمَّا حَقُّ الْآدَمِيِّ) لِأَنَّهُ الْأَغْلَبُ وُقُوعًا (فَهُوَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ) الْأَوَّلُ (ضَرْبٌ لَا يُقْبَلُ فِيهِ إلَّا شَاهِدَانِ ذَكَرَانِ) أَيْ رَجُلَانِ وَلَا مَدْخَلَ فِيهِ لِلْإِنَاثِ وَلَا لِلْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ (وَهُوَ مَا لَا يُقْصَدُ مِنْهُ الْمَالُ) أَصْلًا كَعُقُوبَةٍ لِلَّهِ تَعَالَى وَالْآدَمِيِّ (وَ) مَا (يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ) غَالِبًا كَطَلَاقٍ وَنِكَاحٍ وَرَجْعَةٍ وَإِقْرَارٍ بِنَحْوِ زِنًا، وَمَوْتٍ وَوَكَالَةٍ وَوِصَايَةٍ
ــ
[حاشية البجيرمي]
فَتَكُونُ الْكَافُ لِلتَّشْبِيهِ وَمَا مَوْصُولَةٌ قَوْلُهُ: (يُذْكَرُ فِيهِ الْعَدَدُ) وَضِدُّهُ وَالذُّكُورَةُ وَضِدُّهَا وَالْمَعْنَى يُذْكَرُ فِيهِ مَا يُعْتَبَرُ فِيهِ تَعَدُّدُ الشُّهُودِ، وَمَا لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ التَّعَدُّدُ وَمَا يُعْتَبَرُ فِيهِ الذُّكُورَةُ، وَمَا لَا يُعْتَبَرُ. قَوْلُهُ:(وَالْأَسْبَابَ الْمَانِعَةَ) كَالتُّهْمَةِ قَوْلُهُ: (وَأَسْقَطَ ذِكْرَ فَصْلٍ فِي بَعْضِهَا) هُوَ مُقَابِلُ قَوْلِهِ السَّابِقِ: كَمَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ، وَهُوَ مَفْهُومٌ مِنْهُ فَذِكْرُهُ تَصْرِيحٌ بِمَا عُلِمَ.
قَوْلُهُ: (عَدَدًا) أَيْ وَضِدَّهُ وَقَوْلُهُ: أَوْ وَصْفًا أَيْ مِنْ الذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ وَالْأَوْلَى حَذْفُ ذَلِكَ هُنَا لِأَنَّ كَوْنَ الْحُقُوقِ ضَرْبَيْنِ أَمْرٌ بِالْعَقْلِ لَا دَخْلَ لِمَا ذُكِرَ فِيهِ فَكَانَ الْمُنَاسِبُ تَأْخِيرَ ذَلِكَ وَذِكْرَهُ عِنْدَ قَوْلِهِ: حَقُّ الْآدَمِيِّ ثَلَاثَةٌ فَكَانَ يَقُولُ: بِالنِّسْبَةِ إلَى مَا يُعْتَبَرُ فِيهِ عَدَدًا أَوْ وَصْفًا وَكَذَا كَأَنْ يَقُولَ: ذَلِكَ عِنْدَ قَوْلِهِ: حُقُوقُ اللَّهِ تَعَالَى ثَلَاثَةٌ أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِمَا يُعْتَبَرُ عَدَدًا أَوْ وَصْفًا. قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ الْأَغْلَبُ) عِلَّةٌ لِبَدَأَ وَكَانَ الْمُنَاسِبُ ذِكْرَهُ عَقِبِهِ.
قَوْلُهُ: (أَيْ رَجُلَانِ) لِمَا كَانَ قَوْلُهُ: ذَكَرَانِ يَشْمَلُ الصَّغِيرَيْنِ بَيَّنَ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِمَا الرَّجُلَانِ.
قَوْلُهُ: (كَعُقُوبَةٍ لِلَّهِ) فِيهِ أَنَّ الْكَلَامَ فِي حُقُوقِ الْآدَمِيِّ. وَأَجَابَ الْمَرْحُومِيُّ بِأَنَّ الْكَافَ لِلتَّنْظِيرِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمِثَالِ الْأَوَّلِ وَلِلتَّمْثِيلِ بِالنِّسْبَةِ لِلثَّانِي. قَوْلُهُ: (أَوْ لِآدَمِيٍّ) كَقِصَاصٍ قَوْلُهُ: (وَمَا يَطَّلِعُ) الْمُنَاسِبُ إسْقَاطُ مَا كَمَا فِي نُسَخٍ كَثِيرَةٍ لِأَنَّ مَا يُقْصَدُ مِنْهُ الْمَالُ وَمَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ قِسْمٌ وَاحِدٌ وَشَيْءٌ وَاحِدٌ وَإِعَادَةُ مَا تُوُهِّمَ أَنَّهُمَا قِسْمَانِ وَأَمْرَانِ مُخْتَلِفَانِ. وَقَدْ يُقَالُ: زَادَ الشَّارِحُ مَا إشَارَةً إلَى أَنْ يَطَّلِعَ مَعْطُوفٌ عَلَى النَّفْيِ وَهُوَ قَوْلُهُ: لَا يُقْصَدُ لَا عَلَى الْمَنْفِيِّ وَهُوَ يُقْصَدُ وَحْدَهُ.
قَوْلُهُ: (غَالِبًا) الْمُرَادُ مَا يَكْثُرُ اطِّلَاعُ الرِّجَالِ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ اطِّلَاعُ النِّسَاءِ أَغْلَبَ. فَلَيْسَ الْمُرَادُ الْغَلَبَةَ بِالنِّسْبَةِ لَهُنَّ.
قَوْلُهُ: (كَطَلَاقٍ) أَيْ بِعِوَضٍ أَوْ غَيْرِهِ إنْ ادَّعَتْهُ الزَّوْجَةُ وَإِنْ ادَّعَاهُ الزَّوْجُ بِعِوَضٍ ثَبَتَ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ. وَيُلْغَزُ بِهِ فَيُقَالُ: لَنَا طَلَاقٌ يَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ ز ي وَفِيهِ أَنَّ الطَّلَاقَ ثَبَتَ بِإِقْرَارِهِ وَالثَّابِتُ بِالرَّجُلِ وَالْيَمِينِ إنَّمَا هُوَ الْعِوَضُ.
قَوْلُهُ: (وَنِكَاحٍ) فَإِنَّ فِيهِ حَقًّا لِلْآدَمِيِّ مِنْ حَيْثُ التَّمَتُّعُ بِالزَّوْجَةِ فَصَحَّ التَّمْثِيلُ بِهِ وَكَذَا يُقَالُ فِي الرَّجْعَةِ: وَأَمَّا الطَّلَاقُ فَفِيهِ حَقٌّ لِلْآدَمِيِّ مِنْ حَيْثُ إنَّ لَهُ حَقًّا فِي الْعِدَّةِ لِصِيَانَةِ مَائِهِ، وَأَمَّا الْإِقْرَارُ بِنَحْوِ الزِّنَا فَيُصَوَّرُ بِأَنْ يُقِرَّ رَجُلٌ عِنْدَ رَجُلَيْنِ بِأَنَّهُ زَنَى ثُمَّ يُنْكِرُ ذَلِكَ فَيَشْهَدَانِ عَلَى إقْرَارِهِ بِالزِّنَا وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: وَنِكَاحٍ أَيْ لِأَجْلِ إثْبَاتِ الْعِصْمَةِ، فَإِنْ ادَّعَتْهُ الْمَرْأَةُ لِإِثْبَاتِ الْمَهْرِ. أَوْ شَطْرِهِ أَوْ لِلْإِرْثِ فَيَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ. وَيَجِبُ عَلَى شُهُودِ النِّكَاحِ ضَبْطُ التَّارِيخِ بِالسَّاعَاتِ وَاللَّحَظَاتِ وَهَذَا مِمَّا يُغْفَلُ عَنْهُ فِي الشَّهَادَةِ بِالنِّكَاحِ وَلَا يَكْفِي الضَّبْطُ بِيَوْمِ الْعَقْدِ فَلَا يَكْفِي أَنَّ النِّكَاحَ عُقِدَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مَثَلًا بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يَزِيدُوا عَلَى ذَلِكَ بَعْدَ الشَّمْسِ بِلَحْظَةٍ أَوْ لَحْظَتَيْنِ أَوْ قَبْلَ الْعَصْرِ أَوْ الْمَغْرِبِ كَذَلِكَ لِأَنَّ النِّكَاحَ يَتَعَلَّقُ بِهِ لِحَاقُ الْوَلَدِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ وَلَحْظَتَيْنِ مِنْ حِينِ الْعَقْدِ، فَعَلَيْهِ ضَبْطُ التَّارِيخِ كَذَلِكَ لِحَقِّ النَّسَبِ سم عَلَى حَجّ
وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ: لِأَنَّ النِّكَاحَ يَتَعَلَّقُ بِهِ لِحَاقُ الْوَلَدِ إلَخْ. أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجْرِي فِي غَيْرِهِ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ فَلَا يُشْتَرَطُ لِقَبُولِ الشَّهَادَةِ بِهَا ذِكْرُ التَّارِيخِ، وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُمْ فِي تَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ: إذَا أُطْلِقَتْ إحْدَاهُمَا وَأُرِّخَتْ الْأُخْرَى أَوْ أُطْلِقَتَا تَسَاقَطَتَا. لِاحْتِمَالِ أَنَّ مَا شَهِدَا بِهِ فِي تَارِيخٍ وَاحِدٍ، وَلَمْ يَقُولُوا: بِخِلَافِ الْمُؤَرَّخَةِ، وَبُطْلَانِ الْمُطْلَقَةِ. اهـ. ع ش عَلَى م ر. وَقَالَ الرَّحْمَانِيُّ: أَفْتَى الزِّيَادِيُّ تَبَعًا لِشَيْخِهِ م ر أَنَّ الْحَقَّ إذَا مَضَى عَلَيْهِ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً لَا تُسْمَعُ بِهِ الدَّعْوَى لِمَنْعِ وَلِيِّ الْأَمْرِ الْقُضَاةَ مِنْ ذَلِكَ فَلَمْ يَجِدْ صَاحِبُهُ قَاضِيًا يَدَّعِيهِ عِنْدَهُ م د عَلَى التَّحْرِيرِ. وَفِيهِ أَنَّ مَنْعَ السُّلْطَانِ الْقُضَاةَ أَنْ يَقْضُوا بَعْدَ مُضِيِّ هَذِهِ الْمُدَّةِ لَا يُفِيدُ عَدَمَ سَمَاعِ الدَّعْوَى لِأَنَّ السُّلْطَانَ لَيْسَ مُشَرِّعًا، وَلَوْ سُلِّمَ ذَلِكَ فَلَا يَكُونُ إلَّا فِي مُدَّةِ حَيَاتِهِ، نَعَمْ إنْ كَانَ لَهُ مُسْتَنَدٌ فِي الشَّرْعِ بِعَدَمِ سَمَاعِ الدَّعْوَى بَعْدَ هَذِهِ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ كَانَ مَنْعُهُ ظَاهِرًا قَوْلُهُ:(وَمَوْتٍ) مَعْطُوفٌ عَلَى الطَّلَاقِ، يُتَأَمَّلُ فِي كَوْنِهِ مِنْ حُقُوقِ الْآدَمِيِّ فَإِنْ أُرِيدَ مِنْ حَيْثُ ثُبُوتُ الْإِرْثِ كَانَ مِمَّا قُصِدَ مِنْهُ الْمَالُ فَلَا يُلَائِمُ الْمُمَثَّلَ لَهُ وَحِينَئِذٍ فَالظَّاهِرُ: أَنَّهُ مِنْ حَقِّ الْآدَمِيِّ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْآدَمِيَّ لَهُ فِي حَقِّ الْعِدَّةِ اهـ شَيْخُنَا. بِأَنْ كَانَ غَائِبًا وَشَهِدَا بِمَوْتِهِ
وَشَرِكَةٍ وَقِرَاضٍ وَكَفَالَةٍ وَشَهَادَةٍ عَلَى شَهَادَةٍ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى نَصَّ عَلَى الرَّجُلَيْنِ فِي الطَّلَاقِ وَالرَّجْعَةِ وَالْوِصَايَةِ. وَرَوَى مَالِكٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ: «مَضَتْ السُّنَّةُ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ فِي الْحُدُودِ وَلَا فِي النِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ» وَقِيسَ بِالْمَذْكُورَاتِ غَيْرُهَا مِمَّا يُشَارِكُهَا فِي الْمَعْنَى الْمَذْكُورِ، وَالْوَكَالَةُ وَالثَّلَاثَةُ بَعْدَهَا وَإِنْ كَانَتْ فِي مَالٍ الْقَصْدُ مِنْهَا الْوِلَايَةُ وَالسَّلْطَنَةُ. لَكِنْ لَمَّا ذَكَرَ ابْنُ الرِّفْعَةِ اخْتِلَافَهُمْ فِي الشَّرِكَةِ وَالْقِرَاضِ قَالَ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنْ رَامَ مُدَّعِيهمَا إثْبَاتَ التَّصَرُّفِ فَهُوَ كَالْوَكِيلِ أَوْ إثْبَاتَ حِصَّتِهِ مِنْ الرِّبْحِ فَيَثْبُتَانِ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ إذْ الْمَقْصُودُ الْمَالُ وَيَقْرُبُ مِنْهُ دَعْوَى الْمَرْأَةِ النِّكَاحَ لِإِثْبَاتِ الْمَهْرِ أَوْ شَطْرِهِ أَوْ الْإِرْثِ فَيَثْبُتُ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ إذْ الْمَقْصُودُ مِنْهُ الْمَالُ. وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ النِّكَاحُ بِهِمَا فِي غَيْرِ هَذِهِ الصُّورَةِ.
(وَ) الثَّانِي (ضَرْبٌ يُقْبَلُ فِيهِ شَاهِدَانِ) رَجُلَانِ (أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ أَوْ شَاهِدٌ) أَيْ رَجُلٌ وَاحِدٌ. (وَيَمِينُ الْمُدَّعِي) بَعْدَ أَدَاءِ شَهَادَةِ شَاهِدِهِ وَبَعْدَ تَعْدِيلِهِ. وَيَذْكُرُ حَتْمًا فِي حَلِفِهِ صَدْقَ شَاهِدهِ لِأَنَّ الْيَمِينَ وَالشَّهَادَةَ حُجَّتَانِ مُخْتَلِفَتَا الْجِنْسِ فَاعْتُبِرَ ارْتِبَاطُ إحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَى لِيَصِيرَا كَالنَّوْعِ الْوَاحِدِ (وَهُوَ) أَيْ هَذَا الضَّرْبُ الثَّانِي فِي كُلِّ (مَا كَانَ) مَالًا عَيْنًا كَانَ أَوْ دَيْنًا أَوْ مَنْفَعَةً أَوْ كَانَ (الْقَصْدُ مِنْهُ الْمَالَ) مِنْ عَقْدٍ مَالِيٍّ أَوْ فَسَخَهُ أَوْ حَقٍّ مَالِيٍّ كَبَيْعٍ وَمِنْهُ الْحَوَالَةُ؛ لِأَنَّهَا بَيْعُ دَيْنٍ بِدَيْنٍ، وَإِقَالَةٌ وَضَمَانٌ
ــ
[حاشية البجيرمي]
لِأَجْلِ أَنْ تَعْتَدَّ زَوْجَتُهُ عِدَّةَ الْوَفَاةِ.
قَوْلُهُ: (وَوِصَايَةٍ) بِفَتْحِ الْوَاوِ وَكَسْرِهَا كَمَا فِي الْمُخْتَارِ وَالْمُرَادُ بِهَا الْإِيصَاءُ.
قَوْلُهُ: (وَشَرِكَةٍ) أَيْ وَعَقْدِ الشَّرِكَةِ لَا كَوْنُ مَالٍ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا ع ش. قَوْلُهُ: (وَكَفَالَةٍ) أَيْ الْوَدِيعَةٍ. وَصُورَتُهُ: أَنْ يَدَّعِيَ مَالِكُهَا غَصْبَ ذِي الْيَدِ لَهَا وَذُو الْيَدِ يَدَّعِي أَنَّهَا وَدِيعَةٌ فَلَا بُدَّ مِنْ شَاهِدَيْنِ، لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِالذَّاتِ إثْبَاتُ وِلَايَةِ الْحِفْظِ لَهُ. وَعَدَمُ الضَّمَانِ يَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ. اهـ. س ل. فَلَوْ غَابَ الْمَكْفُولُ بِبَدَنِهِ وَعُلِمَ مَحَلُّهُ فَطَلَبَ مِنْ الْكَفِيلِ إحْضَارَهُ وَأَدَاءَ الْمَالِ لِامْتِنَاعِهِ مِنْ الْإِحْضَارِ فَأَنْكَرَ الْكَفَالَةَ فَأَقَامَ الْمَكْفُولُ لَهُ رَجُلًا وَامْرَأَتَيْنِ، فَهَلْ يُقْبَلُ ذَلِكَ لِطَلَبِ الْمَالِ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ وَلَا يَبْعُدُ الِاكْتِفَاءُ بِذَلِكَ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ: وَأُلْحِقَ بِهِ قَبُولُ شَاهِدٍ وَيَمِينٍ يُنْسَبُ إلَى مَيِّتٍ فَيَثْبُتُ الْإِرْثُ لَا النَّسَبُ اهـ.
قَوْلُهُ: (مَضَتْ) : أَيْ ثَبَتَتْ وَتَقَرَّرَتْ السُّنَّةُ أَيْ الطَّرِيقَةُ الشَّرْعِيَّةُ.
قَوْلُهُ: (فِي الْمَعْنَى الْمَذْكُورِ) : وَهُوَ مَا لَا يُقْصَدُ مِنْهُ الْمَالُ وَيَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ غَالِبًا. قَوْلُهُ: (وَالثَّلَاثَةُ بَعْدَهَا) : أَيْ الْوَصِيَّةُ وَالشَّرِكَةُ وَالْقِرَاضُ وَقَوْلُهُ: لَكِنْ لَمَّا ذَكَرَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إلَخْ مَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ: مُعْتَمَدٌ ح ل.
قَوْلُهُ: (اخْتِلَافَهُمْ فِي الشَّرِكَةِ وَالْقِرَاضِ) : أَيْ هَلْ يُقْبَلُ فِيهِمَا رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ أَوْ لَا يُقْبَلُ إلَّا رَجُلَانِ.
قَوْلُهُ: (إنْ رَامَ) أَيْ قَصَدَ وَقَوْلُهُ: فَهُوَ كَالْوَكِيلِ أَيْ فَلَا بُدَّ مِنْ رَجُلَيْنِ. قَوْلُهُ: (وَيَقْرُبُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ ادِّعَاءِ إثْبَاتِ حِصَّتِهِ مِنْ الرِّبْحِ.
قَوْلُهُ: (فَيَثْبُتُ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ) أَوْ رَجُلٍ وَيَمِينٍ هَذَا مَا أَفْتَى بِهِ الْغَزَالِيُّ. اهـ. ز ي.
قَوْلُهُ: (فِي غَيْرِ هَذِهِ الصُّورَةِ) بِأَنْ أُرِيدَ إثْبَاتُ الْعِصْمَةِ وَمُرَادُهُ بِهَا الْجِنْسُ فَيَشْمَلُ الثَّلَاثَةَ.
قَوْلُهُ: (أَوْ شَاهِدٌ وَيَمِينٌ) هَلْ الْقَضَاءُ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ مَعًا أَوْ بِالشَّاهِدِ فَقَطْ وَالْيَمِينُ مُؤَكَّدَةٌ أَوْ بِالْعَكْسِ أَقْوَالٌ أَظْهَرُهَا أَوَّلُهَا: وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ الْخِلَافِ فِيمَا لَوْ رَجَعَ الشَّاهِدُ فَعَلَى الْأَوَّلِ يَغْرَمُ النِّصْفَ وَعَلَى الثَّانِي الْكُلَّ وَعَلَى الثَّالِثِ لَا شَيْءَ م د.
قَوْلُهُ: (صِدْقَ شَاهِدِهِ) : أَيْ قُبَيْلَ ذِكْرِهِ الِاسْتِحْقَاقَ أَوْ بَعْدَهُ نَحْوُ: وَاَللَّهِ إنَّ شَاهِدِي لَصَادِقٌ فِيمَا شَهِدَ بِهِ لِي وَإِنِّي أَسْتَحِقُّهُ أَوْ إنِّي أَسْتَحِقُّهُ وَإِنَّ شَاهِدِي لَصَادِقٌ فِيمَا شَهِدَ بِهِ فَإِنْ تَرَكَ الْيَمِينَ وَطَلَبَ يَمِينَ خَصْمِهِ، فَلَهُ ذَلِكَ فَإِنْ حَلَفَ خَصْمُهُ سَقَطَتْ الدَّعْوَى وَمُنِعَ هُوَ مِنْ الْعَوْدِ لِلْيَمِينِ مَعَ شَاهِدٍ وَلَوْ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ سم لِأَنَّ بِمُجَرَّدِ طَلَبِ يَمِينِ خَصْمِهِ يَبْطُلُ حَقُّهُ مِنْ الْحَلِفِ فَلَا يَعُودُ إلَيْهِ فَلَوْ أَقَامَ شَاهِدًا آخَرَ سُمِعَتْ كَمَا فِي ح ل.
قَوْلُهُ: (حُجَّتَانِ) : أَيْ فِي غَيْرِ هَذِهِ الصُّورَةِ وَإِلَّا فَكُلٌّ مِنْهُمَا هُنَا نِصْفُ حُجَّةٍ لِأَنَّ الْحُجَّةَ مَجْمُوعُهُمَا.
قَوْلُهُ: (ارْتِبَاطُ) وَالِارْتِبَاطُ يَكُونُ بِذِكْرِ صِدْقِ شَاهِدِهِ فِي حَلِفِهِ.
قَوْلُهُ: (كَالنَّوْعِ الْوَاحِدِ) الْأَوْلَى كَالْجِنْسِ الْوَاحِدِ لِيُنَاسِبَ مَا قَبْلَهُ. قَوْلُهُ: (فِي كُلِّ) أَيْ مُتَحَقِّقٌ فِي كُلِّ إلَخْ. قَوْلُهُ: (مِنْ عَقْدٍ مَالِيٍّ) : أَيْ مَا عَدَا الشَّرِكَةَ وَالْقِرَاضَ وَالْكَفَالَةَ أَمَّا هِيَ فَلَا بُدَّ فِيهَا مِنْ رَجُلَيْنِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ فِي الْأَوَّلَيْنِ إثْبَاتَ حِصَّتِهِ مِنْ الرِّبْحِ كَمَا بَحَثَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ أج.
قَوْلُهُ: (وَإِقَالَةٌ) : الْأَصَحُّ أَنَّهَا فَسْخٌ فَهِيَ تَمْثِيلٌ لَهُ لَا بَيْعٌ بِالثَّمَنِ الْأَوَّلِ شَرْحُ م ر. قَوْلُهُ: (وَضَمَانٌ) : هُوَ مِثَالٌ لِلْعَقْدِ الْمَالِيِّ فَكَانَ الْمُنَاسِبُ ذِكْرَهُ عَقِبَهُ. وَعِبَارَةُ ق ل وَضَمَانٌ، وَإِبْرَاءٌ، وَقَرْضٌ، وَوَقْفٌ، وَصُلْحٌ، وَشُفْعَةٌ، وَرَدٌّ بِعَيْبٍ، وَمُسَابَقَةٌ، وَغَصْبٌ، وَوَصِيَّةٌ بِمَالٍ، وَإِقْرَارٌ، وَمَهْرٌ فِي نِكَاحٍ، أَوْ وَطْءِ
وَخِيَارٌ وَأَجَلٌ وَذَلِكَ لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ} [البقرة: 282] . وَرَوَى مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَضَى بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ» زَادَ الشَّافِعِيُّ «فِي الْأَمْوَالِ» وَقِيسَ بِمَا فِيهِ مَا فِيهِ مَالٌ.
تَنْبِيهٌ: مِنْ هَذَا الضَّرْبِ الْوَقْفُ أَيْضًا كَمَا قَالَهُ ابْنُ سُرَيْجٍ وَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ إنَّهُ أَقْوَى مِنْ الْمَعْنَى وَصَحَّحَهُ الْإِمَامُ وَالْبَغَوِيُّ وَغَيْرُهُمَا انْتَهَى. وَصَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ أَيْضًا فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ، كَمَا أَفَادَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ.
(وَ) الثَّالِثُ (ضَرْبٌ يُقْبَلُ فِيهِ شَاهِدَانِ) رَجُلَانِ (أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ أَوْ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ) مُنْفَرِدَاتٍ (وَهُوَ) أَيْ هَذَا الضَّرْبُ الثَّالِثُ فِي كُلِّ (مَا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ) غَالِبًا كَبَكَارَةٍ وَوِلَادَةٍ وَحَيْضٍ وَرَضَاعٍ وَعَيْبِ امْرَأَةٍ تَحْتَ ثَوْبِهَا كَجِرَاحَةٍ عَلَى فَرْجِهَا حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً وَاسْتِهْلَالِ وَلَدٍ لِمَا رَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ: «مَضَتْ السُّنَّةُ بِأَنَّهُ يَجُوزُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ فِيمَا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ غَيْرُهُنَّ مِنْ وِلَادَةِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
شُبْهَةٍ، أَوْ خُلْعٍ وَقَتْلٌ خَطَأً وَقَتْلُ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ، وَقَتْلُ حُرٍّ عَبْدًا وَمُسْلِمٍ ذِمِّيًّا وَوَالِدٍ وَلَدًا وَسَرِقَةٌ لَا قَطْعَ فِيهَا. قَوْلُهُ:(وَأَجَلٍ) أَيْ وَكَذَا جِنَايَةٌ تُوجِبُ مَالًا. قَوْلُهُ: {فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ} [البقرة: 282] : أَيْ إنْ لَمْ يُرِدْ إقَامَتَهُمَا فَلَا يُقَالُ: إنَّ الْآيَةَ تَقْتَضِي أَنَّ كِفَايَةَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَتَيْنِ إنَّمَا هِيَ عِنْدَ فَقْدِ الرَّجُلَيْنِ اهـ م د عَلَى التَّحْرِيرِ أَوْ التَّقْدِيرِ. فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ مَرْغُوبًا فِيهِمَا. قَوْلُهُ: (مِنْ هَذَا الضَّرْبِ الْوَقْفُ) لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ فَوَائِدُهُ أَوْ أُجْرَتُهُ وَهِيَ مَالٌ. وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ: أَنَّ شَخْصًا ادَّعَى مِلْكًا تَضَمَّنَ وَقْفِيَّةً كَأَنْ قَالَ: هَذِهِ الدَّارُ كَانَتْ لِأَبِي وَوَقَفَهَا عَلَيَّ وَأَنْتَ غَاصِبٌ لَهَا وَأَقَامَ شَاهِدًا وَحَلَفَ مَعَهُ حُكِمَ لَهُ بِالْمِلْكِ. ثُمَّ تَصِيرُ وَقْفًا بِإِقْرَارِهِ وَإِنْ كَانَ الْوَقْفُ لَا يَثْبُتُ بِشَاهِدٍ، وَيَمِينٍ قَالَهُ: فِي الْبَحْرِ م ر.
قَوْلُهُ: (فِي الْمَعْنَى) : وَهُوَ الَّذِي يُقْصَدُ مِنْهُ الْمَالُ.
قَوْلُهُ: (أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ) أَيْ لَا رَجُلٌ وَيَمِينٌ كَمَا يَأْتِي.
قَوْلُهُ: (كَبَكَارَةٍ) كَأَنْ زُوِّجَتْ بِشَرْطِ أَنَّهَا بِكْرٌ. فَأَنْكَرَ الزَّوْجُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَأَقَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةً بِالْبَكَارَةِ أَيْ بِوُجُودِهَا عِنْدَهُ وَأَنَّهُ أَزَالَهَا وَبِهَذَا الِاعْتِبَارِ كَانَ فِي ذَلِكَ حَقٌّ آدَمِيٌّ فَصَحَّ التَّمْثِيلُ بِهِ، وَأَمَّا إذَا اخْتَلَفَا فِي إزَالَةِ الْبَكَارَةِ وَالْحَالَةُ هَذِهِ فَقَالَتْ: أَزَالَهَا وَأَنْكَرَ وَلَا بَيِّنَةَ فَتُصَدَّقُ هِيَ بِالنَّظَرِ لِعَدَمِ فَسْخِهِ، وَيُصَدَّقُ هُوَ بِالنَّظَرِ لِعَدَمِ وُجُوبِ كَمَالِ الْمَهْرِ، وَعِبَارَةُ ز ي. وَقَوْلُهُ: كَبَكَارَةٍ وَثُيُوبَةٍ وَحُمِلَ كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي النَّفَقَاتِ.
قَوْلُهُ: (وَوِلَادَةٍ) : أَيْ مِنْ حَيْثُ ثُبُوتُ النَّسَبِ. فَفِيهَا حَقُّ آدَمِيٍّ، وَكَذَا الْحَيْضُ لِأَنَّ لَهُ حَقًّا فِي الْعِدَّةِ وَقَوْلُهُ: وَرَضَاعٍ، يُتَأَمَّلُ فِي كَوْنِهِ فِيهِ حَقُّ آدَمِيٍّ وَيُمْكِنُ أَنْ يُصَوَّرَ بِمَا إذَا شَهِدَا عَلَى شَخْصٍ بِأَنَّهُ ارْتَضَعَ عَلَى أُمِّ زَوْجَتِهِ لِيَكُونَ النِّكَاحُ بَاطِلًا وَقَوْلُهُ: وَعَيْبِ امْرَأَةٍ إلَخْ أَيْ لِتُرَدَّ فِي الْبَيْعِ وَفِي النِّكَاحِ. وَإِذَا ثَبَتَتْ الْوِلَادَةُ بِالنِّسَاءِ ثَبَتَ النَّسَبُ وَالْإِرْثُ تَبَعًا لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَازِمٌ شَرْعًا لِلْمَشْهُودِ بِهِ، لَا يَنْفَكُّ عَنْهُ وَيُؤْخَذُ مِنْ ثُبُوتِ الْإِرْثِ ثُبُوتُ حَيَاةِ الْمَوْلُودِ، وَإِنْ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهَا فِي شَهَادَتِهِنَّ بِالْوِلَادَةِ لِتَوَقُّفِ الْإِرْثِ عَلَيْهَا، فَلَا يُمْكِنُ ثُبُوتُهُ قَبْلَ ثُبُوتِهَا أَمَّا لَوْ لَمْ يَشْهَدْنَ بِالْوِلَادَةِ بَلْ بِحَيَاةِ الْمَوْلُودِ، فَلَا يَقْبَلْنَ لِأَنَّ الْحَيَاةَ مِنْ حَيْثُ هِيَ مِمَّا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ غَالِبًا حَجّ س ل، مَعَ زِيَادَةٍ وَقَوْلُهُ: وَوِلَادَةٍ. وَإِنْ قَالَ الشَّاهِدُ: إنْ تَعَمَّدْنَا النَّظَرَ لِلْفَرْجِ لَا لِأَجْلِ الشَّهَادَةِ بِالْوِلَادَةِ كَمَا فِي ح ل. قَوْلُهُ: (وَحَيْضٍ) صَرِيحٌ فِي إمْكَانِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ وَبِهِ صَرَّحَ النَّوَوِيُّ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَنَقَلَهُ فِي فَتَاوِيهِ عَنْ ابْنِ الصَّبَّاغِ وَصَوَّبَهُ بَعْضُهُمْ خِلَافًا لِمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ مِنْ تَعَذُّرِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ وَرَجَّحَ بَعْضُهُمْ: مَا هُنَا كَمَا يَأْتِي.
قَوْلُهُ: (وَعَيْبِ امْرَأَةٍ) : كَرَتْقٍ وَقَرْنٍ وَجُرْحٍ عَلَى فَرْجٍ، كَمَا صَوَّبَهُ النَّوَوِيُّ هَذَا إذَا كَانَ الشَّاهِدُ بِهَا عَالِمًا بِالطِّبِّ كَمَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ، فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ عَنْ التَّهْذِيبِ. وَلَا فَرْقَ بَيْنَ حُرَّةٍ وَأَمَةٍ. اهـ. ز ي. قَوْلُهُ:(تَحْتَ ثَوْبِهَا) وَالْمُرَادُ بِتَحْتِ ثَوْبِهَا مَا لَا يَظْهَرُ مِنْهَا غَالِبًا م ر وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ الْآتِي: وَخَرَجَ بِعَيْبِ امْرَأَةٍ إلَخْ. وَعِبَارَةُ م ر وَخَرَجَ بِتَحْتَ الثَّوْبِ وَالْمُرَادُ مِنْهَا مَا لَا يَظْهَرُ مِنْهَا غَالِبًا عَيْبُ الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ مِنْ الْحُرَّةِ فَلَا بُدَّ فِي ثُبُوتِهِ إنْ لَمْ يُقْصَدْ بِهِ مَالٌ مِنْ رَجُلَيْنِ وَكَذَا فِيمَا يَبْدُو عِنْدَ مِهْنَةِ الْأَمَةِ إذَا قُصِدَ بِهِ فَسْخُ النِّكَاحِ مَثَلًا أَمَّا إذَا قُصِدَ بِهِ الرَّدُّ بِالْعَيْبِ فَيَثْبُتُ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَرَجُلٍ وَيَمِينٍ، إذْ الْقَصْدُ مِنْهُ حِينَئِذٍ الْمَالُ شَرْحُ م ر وَلَا يُقْبَلُ فِيهِ مَحْضُ النِّسَاءِ. اهـ. ح ل.
قَوْلُهُ: (وَاسْتِهْلَالِ) أَيْ نُزُولِ
النِّسَاءِ وَعُيُوبِهِنَّ» وَقِيسَ بِمَا ذُكِرَ غَيْرُهُ مِمَّا يُشَارِكُهُ فِي الضَّابِطِ الْمَذْكُورِ. وَإِذَا قُبِلَتْ شَهَادَتُهُنَّ فِي ذَلِكَ مُنْفَرِدَاتٍ فَقَبُولُ الرَّجُلَيْنِ أَوْ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَتَيْنِ أَوْلَى.
تَنْبِيهٌ: قَيَّدَ الْقَفَّالُ وَغَيْرُهُ مَسْأَلَةَ الرَّضَاعِ بِمَا إذَا كَانَ الرَّضَاعُ مِنْ الثَّدْيِ فَإِنْ كَانَ مِنْ إنَاءٍ حُلِبَ فِيهِ اللَّبَنُ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَةُ النِّسَاءِ بِهِ لَكِنْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُنَّ بِأَنَّ هَذَا اللَّبَنَ مِنْ هَذِهِ الْمَرْأَةِ لِأَنَّ الرِّجَالَ لَا يَطَّلِعُونَ عَلَيْهِ غَالِبًا وَخَرَجَ بِعَيْبِ امْرَأَةٍ تَحْتَ ثَوْبِهَا مَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْبَغَوِيِّ وَأَقَرَّهُ الْعَيْبُ فِي وَجْهِ الْحُرَّةِ وَكَفَّيْهَا فَإِنَّهُ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِرَجُلَيْنِ وَفِي وَجْهِ الْأَمَةِ وَمَا يَبْدُو عِنْدَ الْمِهْنَةِ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ الْمَالُ.
فَإِنْ قِيلَ: هَذَا وَمَا قَبْلَهُ إنَّمَا يَأْتِيَانِ عَلَى الْقَوْلِ بِحِلِّ النَّظَرِ إلَى ذَلِكَ أَمَّا عَلَى مَا صَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ فِي الْأَوْلَى وَالنَّوَوِيُّ فِي الثَّانِيَةِ مِنْ تَحْرِيمِ ذَلِكَ فَتُقْبَلُ النِّسَاءُ فِيهِ مُنْفَرِدَاتٍ. أُجِيبَ: بِأَنَّ الْوَجْهَ وَالْكَفَّيْنِ يَطَّلِعُ عَلَيْهِمَا الرِّجَالُ غَالِبًا وَإِنْ قُلْنَا بِحُرْمَةِ نَظَرِ الْأَجْنَبِيِّ لِأَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ لِمَحَارِمِهَا وَزَوْجِهَا وَيَجُوزُ نَظَرُ الْأَجْنَبِيِّ لِوَجْهِهَا لِتَعْلِيمٍ وَمُعَامَلَةٍ وَتَحَمُّلِ شَهَادَةٍ وَقَدْ قَالَ الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ: أَطْلَقَ الْمَاوَرْدِيُّ نَقْلَ الْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّ عُيُوبَ النِّسَاءِ فِي الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ لَا يُقْبَلُ فِيهِ إلَّا الرِّجَالُ، وَلَمْ يَفْصِلْ بَيْنَ الْأَمَةِ وَالْحُرَّةِ وَبِهِ صَرَّحَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ فِيهِمَا انْتَهَى. أَيْ فَلَا تُقْبَلُ النِّسَاءُ الْخُلَّصُ فِي الْأَمَةِ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ يُقْبَلُ فِيهَا رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ لِمَا مَرَّ وَكُلُّ مَا لَا يَثْبُتُ مِنْ الْحُقُوقِ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ لَا يَثْبُتُ بِرَجُلٍ وَيَمِينٍ، لِأَنَّ الرَّجُلَ وَامْرَأَتَيْنِ أَقْوَى وَإِذَا لَمْ يَثْبُتْ بِالْأَقْوَى لَا يَثْبُتُ بِمَا دُونَهُ، وَكُلُّ مَا يَثْبُتُ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ يَثْبُتُ بِرَجُلٍ وَيَمِينٍ إلَّا عُيُوبَ النِّسَاءِ وَنَحْوِهَا، كَإِرْضَاعٍ فَإِنَّهَا لَا تَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ لِأَنَّهَا أُمُورٌ خَطِرَةٌ بِخِلَافِ الْمَالِ، وَعُلِمَ مِنْ تَقْسِيمِ الْمُصَنِّفِ الْمَذْكُورِ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ شَيْءٌ بِامْرَأَتَيْنِ وَيَمِينٍ وَهُوَ كَذَلِكَ لِعَدَمِ وُرُودِ ذَلِكَ وَقِيَامِهِمَا مَقَامَ رَجُلٍ فِي غَيْرِ ذَلِكَ لِوُرُودِهِ.
فَرْعٌ: مَا قُبِلَ فِيهِ شَهَادَةُ النِّسْوَةِ عَلَى فِعْلِهِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُنَّ عَلَى الْإِقْرَارِ بِهِ فَإِنَّهُ مِمَّا يَسْمَعُهُ الرِّجَالُ غَالِبًا كَسَائِرِ الْأَقَارِيرِ كَمَا ذَكَرَهُ الدَّمِيرِيُّ.
(وَأَمَّا حُقُوقُ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا تُقْبَلُ فِيهَا النِّسَاءُ) أَصْلًا وَالْخُنْثَى كَالْمَرْأَةِ فِي هَذَا وَفِي جَمِيعِ مَا مَرَّ، (وَهِيَ) أَيْ حُقُوقُ اللَّهِ تَعَالَى (عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ) أَيْضًا الْأَوَّلُ (ضَرْبٌ لَا يُقْبَلُ فِيهِ أَقَلُّ مِنْ أَرْبَعَةٍ) مِنْ الرِّجَالِ (وَهُوَ) أَيْ هَذَا الضَّرْبُ. (الزِّنَا) لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ} [النور: 4] وَلِمَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ «قَالَ: لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لَوْ وَجَدْت مَعَ امْرَأَتِي رَجُلًا أُمْهِلُهُ حَتَّى آتِيَ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ قَالَ: نَعَمْ» وَلِأَنَّهُ لَا يَقُومُ إلَّا مِنْ اثْنَيْنِ فَصَارَ كَالشَّهَادَةِ عَلَى فِعْلَيْنِ وَلِأَنَّهُ مِنْ أَغْلَظِ الْفَوَاحِشِ فَغُلِّظَتْ
ــ
[حاشية البجيرمي]
الْجَنِينِ مِنْ فَرْجِ أُمِّهِ صَارِخًا حَتَّى يَرِثَ وَيُورَثَ عَنْهُ.
قَوْلُهُ: (الْعَيْبُ فِي وَجْهِ الْحُرَّةِ) بَدَلٌ مِنْ مَاءٍ قَوْلُهُ: (لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْعَيْبِ الْمَذْكُورِ أَيْ مِنْ إثْبَاتِهِ الْمَالُ لِأَنَّ غَرَضَهُ مِنْ إثْبَاتِهِ رَدُّ الْأَمَةِ لِبَائِعِهَا. قَوْلُهُ: (هَذَا) : أَيْ كَوْنُ الْعَيْبِ فِي وَجْهِ الْأَمَةِ وَمَا يَبْدُو عِنْدَ الْمِهْنَةِ يَثْبُتُ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ إنَّمَا يَأْتِيَانِ إلَخْ.
قَوْلُهُ: (وَمَا قَبْلَهُ) : أَيْ وَهُوَ الْعَيْبُ فِي وَجْهِ الْحُرَّةِ.
قَوْلُهُ: (أُجِيبَ) : هَذَا جَوَابٌ بِمَنْعٍ أَنَّهُمَا إنَّمَا يَأْتِيَانِ عَلَى الْقَوْلِ بِحِلِّ النَّظَرِ إلَى ذَلِكَ أَيْ بَلْ يَأْتِيَانِ عَلَى قَوْلِ: حُرْمَةِ النَّظَرِ أَيْضًا. قَوْلُهُ: (لِأَنَّ ذَلِكَ) أَيْ النَّظَرَ.
قَوْلُهُ: (وَقَدْ قَالَ إلَخْ) : تَأْيِيدٌ لِلْجَوَابِ فَغَرَضُهُ بِهِ تَقْوِيَةُ الْجَوَابِ بِأَنَّ الْحُرَّةَ يُشْتَرَطُ فِيهَا رَجُلَانِ وَالْأَمَةَ رَجُلَانِ أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ.
قَوْلُهُ: (لِمَا مَرَّ) : أَيْ مِنْ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ الْمَالُ.
قَوْلُهُ: (لِعَدَمِ وُرُودِ ذَلِكَ) : أَيْ ثُبُوتِ شَيْءٍ بِامْرَأَتَيْنِ وَيَمِينٍ. قَوْلُهُ: (لِوُرُودِهِ) : أَيْ الْقِيَامِ
قَوْلُهُ: (أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعَةٍ) : اعْتِبَارُ الْأَرْبَعَةِ هُوَ بِالنَّظَرِ لِلْحَدِّ فَلَوْ شَهِدَ بِجَرْحِ الشَّاهِدِ اثْنَانِ وَفَسَّرَاهُ بِالزِّنَا ثَبَتَ فِسْقُهُ وَلَيْسَا قَاذِفَيْنِ. اهـ. ز ي أج.
قَوْلُهُ: (أُمْهِلُهُ) أَيْ أَأُمْهِلُهُ.
قَوْلُهُ: (حَتَّى آتِيَ) بِالْمَدِّ قَوْلُهُ: (وَلِأَنَّهُ) : أَيْ بِالزِّنَا مِنْ أَغْلَظِ أَيْ أَغْلَظِهِمَا بَعْدَ الْكُفْرِ وَالْقَتْلِ وَلِذَا عَبَّرَ
الشَّهَادَةُ فِيهِ لِيَكُونَ أَسْتَرَ وَإِنَّمَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ بِالزِّنَا إذَا قَالُوا: حَانَتْ مِنَّا الْتِفَاتَةٌ فَرَأَيْنَا أَوْ تَعَمَّدْنَا النَّظَرَ لِإِقَامَةِ الشَّهَادَةِ. قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: فَإِنْ قَالُوا تَعَمَّدْنَا لِغَيْرِ الشَّهَادَةِ فَسَقُوا وَرُدَّتْ شَهَادَتُهُمْ انْتَهَى. هَذَا إذَا تَكَرَّرَ ذَلِكَ مِنْهُمْ وَلَمْ تَغْلِبْ طَاعَتُهُمْ عَلَى مَعَاصِيهِمْ وَإِلَّا فَتُقْبَلُ لِأَنَّ ذَلِكَ صَغِيرَةٌ وَيَنْبَغِي إذَا أَطْلَقُوا الشَّهَادَةَ أَنْ يُسْتَفْسَرُوا إنْ تَيَسَّرَ وَإِلَّا فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ وَلَا بُدَّ أَنْ يَقُولُوا: رَأَيْنَاهُ أَدْخَلَ حَشَفَتَهُ أَوْ قَدْرَهَا مِنْ فَاقِدِهَا فِي فَرْجِهَا وَإِنْ لَمْ يَقُولُوا كَالْأُصْبُعِ فِي الْخَاتَمِ أَوْ كَالْمِرْوَدِ فِي الْمُكْحُلَةِ.
تَنْبِيهٌ: اللِّوَاطُ فِي ذَلِكَ كَالزِّنَا وَكَذَا إتْيَانُ الْبَهِيمَةِ عَلَى الْمَذْهَبِ الْمَنْصُوصِ فِي الْأُمِّ قَالَ فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ؛ لِأَنَّ كُلًّا جِمَاعٌ وَنُقْصَانُ الْعُقُوبَةِ فِيهِ لَا يَمْنَعُ مِنْ الْعَدَدِ كَمَا فِي زِنَا الْأَمَةِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَوَطْءُ الْمَيِّتَةِ لَا يُوجِبُ الْحَدَّ عَلَى الْأَصَحِّ. وَهُوَ كَإِتْيَانِ الْبَهَائِمِ فِي أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِأَرْبَعَةٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ انْتَهَى. وَخَرَجَ بِمَا ذُكِرَ وَطْءُ الشُّبْهَةِ إذَا قَصَدَ بِالدَّعْوَى بِهِ الْمَالَ أَوْ شَهِدَ بِهِ حِسْبَةً وَمُقَدِّمَاتُ الزِّنَا كَقُبْلَةٍ وَمُعَانَقَةٍ فَلَا تَحْتَاجُ إلَى أَرْبَعَةٍ وَيُقْبَلُ فِي الْإِقْرَارِ بِالزِّنَا وَمَا أُلْحِقَ بِهِ رَجُلَانِ كَغَيْرِهِ مِنْ الْأَقَارِيرِ.
(وَ) الثَّانِي (ضَرْبٌ يُقْبَلُ فِيهِ اثْنَانِ) أَيْ رَجُلَانِ. (وَهُوَ) أَيْ هَذَا الضَّرْبُ الثَّانِي (مَا سِوَى الزِّنَا) وَمَا أُلْحِقَ بِهِ مِنْ الْحُدُودِ سَوَاءٌ كَانَ قَتْلًا لِلْمُرْتَدِّ أَمْ لِقَاطِعِ الطَّرِيقِ بِشَرْطِهِ، أَمْ لِقَطْعٍ فِي سَرِقَةٍ أَمْ فِي طَرِيقٍ أَمْ فِي جَلْدٍ لِشَارِبِ مُسْكِرٍ.
(وَ) الثَّالِثُ (ضَرْبٌ يُقْبَلُ فِيهِ) رَجُلٌ (وَاحِدٌ)(وَهُوَ هِلَالُ شَهْرِ رَمَضَانَ) بِالنِّسْبَةِ لِلصَّوْمِ عَلَى أَظْهَرِ الْقَوْلَيْنِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
بِمِنْ. قَوْلُهُ: (حَانَتْ) أَيْ حَصَلَتْ فِي حِينٍ وَفِي نُسْخَةٍ كَانَتْ مِنَّا الْتِفَاتَةٌ قَالَ فِي الْمُخْتَارِ الْحِينُ الْوَقْتُ وَالْمُدَّةُ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {هَلْ أَتَى عَلَى الإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ} [الإنسان: 1] وَحَانَ لَهُ أَنْ يَفْعَلَ كَذَا أَيْ آنَ. قَوْلُهُ: (إذَا أَطْلَقُوا الشَّهَادَةَ) : أَيْ لَمْ يَقُولُوا حَانَتْ مِنَّا الْتِفَاتَةٌ أَوْ تَعَمَّدْنَا النَّظَرَ لِإِقَامَةِ الشَّهَادَةِ، أَوْ لِغَيْرِ إقَامَتِهَا وَقَوْلُهُ: أَنْ يُسْتَفْسَرُوا أَيْ يُقَالُ لَهُمْ: هَلْ حَانَتْ مِنْكُمْ الْتِفَاتَةٌ أَوْ تَعَمَّدْتُمْ النَّظَرَ لِإِقَامَةِ الشَّهَادَةِ أَوْ لِغَيْرِ إقَامَتِهَا. اهـ. ز ي.
قَوْلُهُ: (وَلَا بُدَّ أَنْ يَقُولُوا إلَخْ) : وَلَا بُدَّ أَنْ يَقُولُوا: عَلَى وَجْهِ الزِّنَا كَمَا فِي م ر وَعِبَارَتُهُ. وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ اشْتِرَاطِ ذِكْرِ مَكَانِ الزِّنَا وَزَمَانِهِ حَيْثُ لَمْ يَذْكُرْهُ أَحَدُهُمْ. وَإِلَّا وَجَبَ سُؤَالُ بَاقِيهمْ لِاحْتِمَالِ وُقُوعِ تَنَاقُضٍ يُسْقِطُ شَهَادَتَهُمْ وَلَا يُشْتَرَطُ قَوْلُهُمْ: كَمِيلٍ فِي مُكْحُلَةٍ نَعَمْ يُنْدَبُ اهـ. قَالَ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ وَيُشْتَرَطُ: أَنْ يَذْكُرُوا أَيْ شُهُودُ الزِّنَا الْمَرْأَةَ الْمَزْنِيَّ بِهَا. فَقَدْ يَظُنُّونَ وَطْءَ الْمُشْتَرَكَةِ وَأَمَةَ ابْنِهِ زِنًا.
قَوْلُهُ: (أَوْ كَالْمِرْوَدِ) بِكَسْرِ الْمِيمِ أَيْ الْمِيلِ وَجَمْعُهُ مَرَاوِدُ.
قَوْلُهُ: (فِي الْمُكْحُلَةِ) بِضَمِّ الْمِيمِ مِنْ النَّوَادِرِ الَّتِي جَاءَتْ بِالضَّمِّ وَقِيَاسُهَا الْكَسْرُ لِأَنَّهَا آلَةٌ. اهـ. مِصْبَاحٌ.
قَوْلُهُ: (إتْيَانُ الْبَهِيمَةِ) وَإِنَّمَا أُلْحِقَ إتْيَانُ الْبَهِيمَةِ بِالزِّنَا لِأَنَّ الْكُلَّ جِمَاعٌ وَنَقْصُ الْعُقُوبَةِ لَا يَمْنَعُ اعْتِبَارَ الْعَدَدِ، كَمَا فِي زِنَا الْأَمَةِ وَبَقِيَ لِلْكَافِ اللِّوَاطُ اهـ.
قَوْلُهُ: (لَا يَمْنَعُ مِنْ الْعَدَدِ) أَيْ عَدَدِ شُهُودِ الزِّنَا.
قَوْلُهُ: (كَمَا فِي زِنَا الْأَمَةِ) فَإِنَّ حَدَّهَا عَلَى النِّصْفِ مِنْ الْحُرَّةِ وَمَعَ ذَلِكَ لَا يَثْبُتُ زِنَاهَا إلَّا بِأَرْبَعَةٍ.
قَوْلُهُ: (إلَّا بِأَرْبَعَةٍ) : أَيْ لِأَجْلِ تَعْزِيرِ الْفَاعِلِ.
قَوْلُهُ: (فَلَا تَحْتَاجُ إلَى أَرْبَعَةٍ) : بَلْ الْأَوَّلُ بِقَيْدِهِ، الْأَوَّلُ يَثْبُتُ بِمَا يَثْبُتُ بِهِ الْمَالُ، وَلَا يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى ذِكْرِ مَا يُعْتَبَرُ فِي شَهَادَةِ الزِّنَا. مِنْ قَوْلِ الشُّهُودِ: رَأَيْنَاهُ أَدْخَلَ حَشَفَتَهُ فِي فَرْجِهَا وَالْبَاقِي لَا يَثْبُتُ بِرَجُلَيْنِ اهـ شَرْحُ الْمَنْهَجِ.
قَوْلُهُ: (وَمَا أُلْحِقَ بِهِ) كَاللِّوَاطِ وَإِتْيَانِ الْبَهَائِمِ.
قَوْلُهُ: (مِنْ الْحُدُودِ) أَيْ مِنْ أَسْبَابِ الْحُدُودِ وَقَوْلُهُ: سَوَاءٌ أَكَانَ أَيْ الْحَدُّ الْمَفْهُومُ مِنْ الْحُدُودِ.
قَوْلُهُ: (بِشَرْطِهِ) وَهُوَ أَنْ يَقْتُلَ مُكَافِئًا لَهُ وَأَمَّا الشَّوْكَةُ فَهِيَ دَاخِلَةٌ فِي مَفْهُومِهِ لَا شَرْطٌ فِيهِ كَمَا قِيلَ: لِأَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يُقَاوِمَ مَنْ يَبْرُزُ هُوَ لَهُ. قَوْلُهُ: (أَمْ لِقَطْعِ) : الْمُنَاسِبُ أَمْ قَطْعًا وَكَذَا قَوْلُهُ: أَمْ جَلْدًا
قَوْلُهُ: (وَهُوَ هِلَالُ شَهْرِ رَمَضَانَ) : وَمِثْلُ رَمَضَانَ ذُو الْحِجَّةِ بِالنِّسْبَةِ لِلْوُقُوفِ وَكَذَلِكَ شَوَّالٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ كَمَا قَالَهُ أَبُو ثَوْرٍ: وَكَذَا الشَّهْرُ الْمَنْذُورُ صَوْمُهُ إذَا شَهِدَ بِرُؤْيَةِ هِلَالِهِ وَاحِدٌ فَيَثْبُتُ بِوَاحِدٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ ز ي.
قَوْلُهُ: (بِالنِّسْبَةِ لِلصَّوْمِ) أَيْ وَمَا أُلْحِقَ بِهِ
عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ احْتِيَاطًا لِلصَّوْمِ، أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِحُلُولِ أَجَلٍ أَوْ لِوُقُوعِ طَلَاقٍ فَلَا. كَمَا مَرَّ ذَلِكَ فِي الصِّيَامِ وَأُلْحِقَ بِذَلِكَ مَسَائِلُ مِنْهَا مَا لَوْ نَذَرَ صَوْمَ رَجَبٍ مَثَلًا فَشَهِدَ وَاحِدٌ بِرُؤْيَتِهِ فَهَلْ يَجِبُ الصَّوْمُ إذَا قُلْنَا يَثْبُتُ بِهِ رَمَضَانُ. حَكَى ابْنُ الرِّفْعَةِ فِيهِ وَجْهَيْنِ عَنْ الْبَحْرِ وَرَجَّحَ ابْنُ الْمُقْرِي فِي كِتَابِ الصِّيَامِ الْوُجُوبَ، وَمِنْهَا مَا فِي الْمَجْمُوعِ آخِرَ الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ عَنْ الْمُتَوَلِّي أَنَّهُ لَوْ مَاتَ ذِمِّيٌّ فَشَهِدَ عَدْلٌ بِإِسْلَامِهِ، لَمْ يَكْفِ فِي الْإِرْثِ وَفِي الِاكْتِفَاءِ بِهِ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَتَوَابِعِهَا وَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي هِلَالِ رَمَضَانَ وَمُقْتَضَاهُ تَرْجِيحُ الْقَبُولِ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَإِنْ أَفْتَى الْقَاضِي حُسَيْنٌ بِالْمَنْعِ، وَمِنْهَا ثُبُوتُ شَوَّالٍ بِشَهَادَةِ الْعَدْلِ الْوَاحِدِ بِطَرِيقِ التَّبَعِيَّةِ فِيمَا إذَا ثَبَتَ رَمَضَانُ بِشَهَادَتِهِ وَلَمْ يُرَ الْهِلَالُ بَعْدَ الثَّلَاثِينَ فَانْفَطَرَ عَلَى الْأَصَحِّ وَمِنْهَا الْمُسْمِعُ لِلْخَصْمِ كَلَامَ الْقَاضِي أَوْ لِلْقَاضِي كَلَامَ الْخَصْمِ يُقْبَلُ فِيهِ الْوَاحِدُ وَهُوَ مِنْ بَابِ الشَّهَادَةِ كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ قُبَيْلَ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ، وَمِنْهَا صُوَرٌ زِيَادَةً عَلَى ذَلِكَ ذَكَرْتهَا فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ وَغَيْرِهِ.
(وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةٌ) عَلَى فِعْلٍ كَزِنًا وَشُرْبِ خَمْرٍ وَغَصْبٍ وَإِتْلَافٍ وَوِلَادَةٍ وَرَضَاعٍ وَاصْطِيَادٍ وَإِعْيَاءٍ وَكَوْنِ الْيَدِ عَلَى مَالٍ إلَّا بِإِبْصَارٍ لِذَلِكَ الْفِعْلِ مَعَ فَاعِلِهِ لِأَنَّهُ يَصِلُ بِهِ إلَى الْعِلْمِ وَالْيَقِينِ فَلَا يَكْفِي فِيهِ السَّمَاعُ مِنْ الْغَيْرِ قَالَ تَعَالَى: {وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} [الإسراء: 36] وَقَالَ صلى الله عليه وسلم: «عَلَى مِثْلِهِمَا فَاشْهَدْ» إلَّا أَنَّ فِي الْحُقُوقِ مَا اُكْتُفِيَ فِيهِ بِالظَّنِّ الْمُؤَكَّدِ لِتَعَذُّرِ الْيَقِينِ فِيهِ وَتَدْعُو الْحَاجَةُ إلَى إثْبَاتِهِ، كَالْمِلْكِ فَإِنَّهُ لَا سَبِيلَ إلَى مَعْرِفَتِهِ يَقِينًا وَكَذَا الْعَدَالَةُ وَالْإِعْسَارُ وَتُقْبَلُ فِي الْفِعْلِ مِنْ أَصَمَّ لِإِبْصَارِهِ وَيَجُوزُ تَعَمُّدُ النَّظَرِ لِفَرْجَيْ الزَّانِيَيْنِ لِتَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ لِأَنَّهُمَا هَتَكَا حُرْمَةَ أَنْفُسِهِمَا وَالْأَقْوَالُ كَعَقْدٍ وَفَسْخٍ وَطَلَاقٍ وَإِقْرَارٍ يُشْتَرَطُ فِي الشَّاهِدِ بِهَا سَمْعُهَا وَإِبْصَارُ قَائِلِهَا حَالَ تَلَفُّظِهِ بِهَا حَتَّى لَوْ نَطَقَ بِهَا مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ وَهُوَ يَتَحَقَّقُهُ لَمْ
ــ
[حاشية البجيرمي]
مِنْ الْعِبَادَةِ. قَوْلُهُ: (وَمُقْتَضَاهُ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ وَهُوَ مَحَلُّ الشَّاهِدِ قَوْلُهُ: (الْمُسْمِعِ لِلْخَصْمِ كَلَامَ الْقَاضِي) لِأَنَّهُ مُخْبِرٌ لَا شَاهِدٌ بِخِلَافِ الَّذِي يُتَرْجِمُ لِلْقَاضِي كَلَامَ الْخَصْمِ فَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهِ اثْنَيْنِ. فَقَوْلُهُ: أَوْ لِلْقَاضِي كَلَامَ الْخَصْمِ مُصَوَّرٌ بِالْقَاضِي الْأَصَمِّ لَا الْمُتَرْجَمِ لَهُ. لِمَا تَقَدَّمَ: أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهِ اثْنَانِ اهـ م د. وَقَوْلُهُ: الْأَصَمُّ أَيْ فِيهِ بَعْضُ صَمَمٍ، وَإِلَّا فَالْأَصَمُّ لَا يَصِحُّ تَوْلِيَتُهُ الْقَضَاءَ.
قَوْلُهُ: (أَوْ لِلْقَاضِي كَلَامَ الْخَصْمِ) ضَعِيفٌ.
قَوْلُهُ: (وَلَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ عَلَى فِعْلٍ) : هَذِهِ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْأَعْمَى فِي الْمَتْنِ فَجَعَلَهَا فِي الشَّارِحِ، مُتَعَلِّقَةً لِهَذَا الْمُقَدَّرِ وَهُوَ قَوْلُهُ: عَلَى فِعْلٍ وَقَدَّرَ عِنْدَ الدُّخُولِ عَلَى الْمَتْنِ عَلَى قَوْلِهِ: وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْأَعْمَى إلَخْ. فَلَوْ أَبْقَى الْمَتْنَ عَلَى ظَاهِرِهِ وَقَدَّرَ السِّوَادَةَ هُنَا وَجَعَلَهَا مِنْ عِنْدِهِ كَانَ أَحْسَنَ. وَحَاصِلُهُ: أَنَّ الشُّهُودَ بِهِ إنْ كَانَ فِعْلًا اُشْتُرِطَ فِي الشَّاهِدِ بِهِ الْإِبْصَارُ فَقَطْ فَيَكْفِي الْأَصَمُّ وَإِنْ كَانَ قَوْلًا اُشْتُرِطَ فِيهِ أَمْرَانِ الْإِبْصَارُ وَالسَّمْعُ. قَوْلُهُ: (وَكَوْنُ الْيَدِ عَلَى مَالٍ) : سَيَأْتِي أَنَّهُ يَثْبُتُ بِالِاسْتِفَاضَةِ وَكُلُّ مَا يَثْبُتُ بِالِاسْتِفَاضَةِ يَكْفِي فِيهِ الْأَعْمَى كَمَا يَأْتِي فَكَلَامُ الشَّارِحِ ضَعِيفٌ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: قَوْلُهُ: وَكَوْنُ الْيَدِ عَلَى مَالٍ إلَخْ. يَعْنِي أَنَّهُ لَا تَكْفِي الشَّهَادَةُ بِمُجَرَّدِ الْيَدِ لِأَنَّهَا قَدْ تَكُونُ عَنْ إجَارَةٍ أَوْ إعَارَةٍ فَلَا يَكُونُ مِنْ قِسْمِ الِاسْتِفَاضَةِ، إلَّا إذَا شَهِدَ بِيَدٍ مَعَ تَصَرُّفِ الْمُلَّاكِ مُدَّةً طَوِيلَةً، كَمَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَحِينَئِذٍ كَلَامُ الشَّارِحِ لَا ضَعْفَ فِيهِ خِلَافًا لِلْمُحَشِّيِّ.
قَوْلُهُ: (إلَّا أَنَّ فِي الْحُقُوقِ إلَخْ) : قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ مَنْ رَأَى رَجُلًا يَتَصَرَّفُ فِي شَيْءٍ فِي يَدِهِ مُتَمَيِّزًا عَلَى أَمْثَالِهِ كَالدَّارِ وَالْعَبْدِ وَاسْتَفَاضَ بَيْنَ النَّاسِ أَنَّهُ مِلْكُهُ جَازَ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ سَبَبَهُ وَلَمْ تَطُلْ الْمُدَّةُ. وَكَذَا يَجُوزُ ذَلِكَ لَوْ انْضَمَّ إلَى الْيَدِ تَصَرُّفٌ وَمُدَّةٌ طَوِيلَةٌ وَلَوْ بِغَيْرِ الِاسْتِفَاضَةِ اهـ.
قَوْلُهُ: (وَتَدْعُوَ الْحَاجَةُ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ: وَدُعَاءُ الْحَاجَةِ إلَى إثْبَاتِهِ وَهُوَ مَنْصُوبٌ بِأَنْ مُضْمَرَةً فِي تَأْوِيلِ مَصْدَرٍ عَطْفًا عَلَى تَعَذَّرَ عَلَى حَدِّ:
وَلُبْسُ عَبَاءَةٍ وَتَقَرَّ عَيْنِي
قَوْلُهُ: (وَيَجُوزُ تَعَمُّدُ النَّظَرِ) صَرَّحَ م ر بِأَنَّهُ صَغِيرَةٌ بَعْدَ قَوْلِ الْمِنْهَاجِ: وَيُشْتَرَطُ لِلزِّنَا أَرْبَعَةُ رِجَالٍ. وَعِبَارَةُ ق ل وَيَجُوزُ النَّظَرُ لِفَرْجِ الزَّانِيَيْنِ لِتَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ، وَلَا تَبْطُلُ شَهَادَتُهُمْ وَلَوْ تَعَمَّدُوا النَّظَرَ لِغَيْرِ الشَّهَادَةِ لِأَنَّهُ صَغِيرَةٌ اهـ.
قَوْلُهُ:
يَكْفِ. وَمَا حَكَاهُ الرُّويَانِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ جَلَسَ بِبَابِ بَيْتٍ فِيهِ اثْنَانِ فَقَطْ فَسَمِعَ تَعَاقُدَهُمَا بِالْبَيْعِ وَغَيْرِهِ كَفَى مِنْ غَيْرِ رُؤْيَةٍ زَيَّفَهُ الْبَنْدَنِيجِيُّ بِأَنَّهُ لَا يَعْرِفُ الْمُوجِبَ مِنْ الْقَابِلِ.
وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ (الْأَعْمَى) فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْبَصَرِ لِجَوَازِ اشْتِبَاهِ الْأَصْوَاتِ وَقَدْ يُحَاكِي الْإِنْسَانُ صَوْتَ غَيْرِهِ. (إلَّا فِي سِتَّةِ) وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ خَمْسَةَ (مَوَاضِعَ) وَسَيَأْتِي تَوْجِيهُ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ الْأَوَّلُ (الْمَوْتُ) ، فَإِنَّهُ يَثْبُتُ بِالتَّسَامُعِ لِأَنَّ أَسْبَابَهُ كَثِيرَةٌ مِنْهَا مَا يَخْفَى وَمِنْهَا مَا يَظْهَرُ وَقَدْ يَعْسُرُ الِاطِّلَاعُ عَلَيْهَا فَجَازَ أَنْ يَعْتَمِدَ عَلَى الِاسْتِفَاضَةِ. (وَ) الْمَوْضِعُ الثَّانِي (النَّسَبُ) لِذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ عَيْنَ الْمَنْسُوبِ إلَيْهِ مِنْ أَبٍ أَوْ جَدٍّ فَيَشْهَدُ أَنَّ هَذَا ابْنُ فُلَانٍ أَوْ أَنَّ هَذِهِ بِنْتُ فُلَانٍ، أَوْ قَبِيلَةٍ فَيَشْهَدُ أَنَّهُ مِنْ قَبِيلَةِ كَذَا، لِأَنَّهُ لَا مَدْخَلَ لِلرُّؤْيَةِ فِيهِ فَإِنَّ غَايَةَ الْمُمْكِنِ أَنْ يُشَاهِدَ الْوِلَادَةَ عَلَى الْفِرَاشِ وَذَلِكَ لَا يُفِيدُ الْقَطْعَ بَلْ الظَّاهِرَ فَقَطْ. وَالْحَاجَةُ دَاعِيَةٌ إلَى إثْبَاتِ الْإِنْسَانِ إلَى الْأَجْدَادِ الْمُتَوَفَّيْنَ وَالْقَبَائِلِ الْقَدِيمَةِ فَسُومِحَ فِيهِ قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: وَهَذَا مِمَّا لَا أَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا وَكَذَا يَثْبُتُ النَّسَبُ بِالِاسْتِفَاضَةِ إلَى الْأُمِّ فِي
ــ
[حاشية البجيرمي]
سَمْعُهَا) أَيْ السَّمْعُ وَلَوْ بِأُذُنٍ أَوْ بِهِ ثِقَلٌ أَيْ فَيَكْفِي السَّمْعُ بِأُذُنٍ وَاحِدَةٍ وَكَذَا ضَعِيفُ السَّمْعِ وَقَوْلُهُ: وَإِبْصَارٌ أَيْ وَلَوْ بِعَيْنٍ أَوْ بِهِ ضَعْفٌ أَيْ فَيَكْفِي الْأَعْوَرُ وَضَعِيفُ الْبَصَرِ كَمَا فِي م د عَلَى التَّحْرِيرِ وَقَوْلُهُ: أَيْ السَّمْعُ أَوَّلَهُ بِذَلِكَ، لِأَنَّ الشَّرْطَ هُوَ السَّمْعُ لَا سَمْعُهَا وَإِنْ كَانَ يَلْزَمُ مَنْ سَمِعَهَا السَّمْعُ.
قَوْلُهُ: (لَمْ يَكْفِ) : قَالَ م ر: وَإِنْ عَلِمَ صَوْتَهُ لِأَنَّ مَا كَانَ إدْرَاكُهُ مُمْكِنًا بِإِحْدَى الْحَوَاسِّ يَمْتَنِعُ الْعَمَلُ فِيهِ بِغَلَبَةِ الظَّنِّ اهـ.
قَوْلُهُ: (زَيَّفَهُ) أَيْ ضَعَّفَهُ.
قَوْلُهُ: (الْأَعْمَى) الْعَمِّيّ يُكْتَبُ بِالْيَاءِ وَهُوَ فَقْدُ الْبَصَرِ عَمَّا مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَكُونَ بَصِيرًا لِيَخْرُجَ الْجَمَادُ. قَالَ الْغُنَيْمِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْمَطْلَعِ وَكَوْنُ الْعَمَى عَدَمِيًّا رَأَى الْفَلَاسِفَةِ وَرَأَى الْمُتَكَلِّمِينَ أَنَّهُ مَعْنًى وُجُودِيٌّ يُضَادُّ الْإِدْرَاكَ وَهُوَ لَيْسَ بِضَارٍّ فِي الدِّينِ بَلْ الْمُضِرُّ إنَّمَا هُوَ عَمَى الْبَصِيرَةِ. وَهُوَ الْجَهْلُ بِدَلِيلِ {فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} [الحج: 46] وَضَمِيرُ فَإِنَّهَا لِلْقِصَّةِ وَيُعْجِبُنِي هُنَا قَوْلُ أَبِي الْعَبَّاسِ الْمُرْسِيِّ:
يَقُولُونَ الضَّرِيرُ فَقُلْت كَلًّا
…
بَلَى وَاَللَّهِ أَبْصَرُ مِنْ بَصِيرِ
سَوَادُ الْعَيْنِ زَارَ بَيَاضَ قَلْبِي
…
لِيَجْتَمِعَا عَلَى فَهْمِ الْأُمُورِ
وَلَمَّا عَمِيَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - أَنْشَدَ:
إنْ يَأْخُذْ اللَّهُ مِنْ عَيْنَيَّ نُورَهُمَا
…
فَإِنَّ قَلْبِي مُضِيءٌ مَا بِهِ ضَرَرُ
أَرَى بِقَلْبِي دُنْيَايَ وَآخِرَتِي
…
وَالْقَلْبُ يُدْرِكُ مَا لَا يُدْرِكُ الْبَصَرُ
قَوْلُهُ: (فِيمَا يَتَعَلَّقُ) لَا يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ بِالنَّظَرِ لِهَذَا الْقَيْدِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُنْقَطِعًا.
قَوْلُهُ: (لِأَنَّ أَسْبَابَهُ) أَيْ الْمَوْتِ.
قَوْلُهُ: (أَنْ يَعْتَمِدَ) أَيْ الْأَعْمَى. قَوْلُهُ: (مِنْ أَبٍ) بَيَانٌ لِلْمَنْسُوبِ إلَيْهِ.
قَوْلُهُ: (فَيَشْهَدُ أَنَّ هَذَا ابْنُ فُلَانٍ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ وَلَوْ شَهِدَ الْأَعْمَى بِالِاسْتِفَاضَةِ جَازَ إنْ لَمْ يَحْتَجْ إلَى تَعْيِينٍ وَإِشَارَةٍ بِأَنْ شَهِدَ عَلَى مَعْرُوفٍ بِاسْمِهِ وَنَسَبِهِ أَوْ شَهِدَ لَهُ بِنَسَبٍ وَصَوَّرُوهُ بِأَنْ يَصِفَ الشَّخْصَ فَيَقُولُ الرَّجُلُ الَّذِي اسْمُهُ كَذَا وَكُنْيَتُهُ كَذَا وَمُصَلَّاهُ كَذَا وَمَسْكَنُهُ كَذَا هُوَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ ثُمَّ يُقِيمُ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً أُخْرَى أَنَّهُ الَّذِي اسْمُهُ كَذَا وَكُنْيَتُهُ كَذَا إلَى آخِرِ الصِّفَاتِ أَوْ يَشْهَدُ لَهُ بِمِلْكِ دَارٍ مَعْرُوفَةٍ أَوْ أَرْضٍ مَعْرُوفَةٍ اهـ. بِبَعْضِ اخْتِصَارٍ وَبِهِ تَعْلَمُ مَا فِي قَوْلِ الشَّارِحِ: فَيَشْهَدُ أَنَّ هَذَا ابْنُ فُلَانٍ.
قَوْلُهُ: (مِنْ قَبِيلَةِ كَذَا) : فَائِدَةُ هَذِهِ الشَّهَادَةِ اسْتِحْقَاقُهُ مَثَلًا مِنْ وَقْفٍ عَلَيْهَا.
قَوْلُهُ: (الْمُتَوَفَّيْنَ) أَيْ الَّذِينَ مَاتُوا وَالْمُتَوَفَّيْنَ جَمْعُ مُتَوَفًّى حُذِفَتْ أَلِفُهُ عِنْدَ الْجَمْعِ قَالَ ابْنُ مَالِكٍ:
الْأَصَحِّ. كَالْأَبِ وَإِنْ كَانَ النَّسَبُ فِي الْحَقِيقَةِ إلَى الْأَبِ. (وَ) الْمَوْضِعُ الثَّالِثُ (الْمِلْكُ الْمُطْلَقُ) مِنْ غَيْرِ إضَافَةٍ لِمَالِكٍ مُعَيَّنٍ إذَا لَمْ يَكُنْ مُنَازِعٌ.
تَنْبِيهٌ: هَذِهِ الثَّلَاثَةُ مِنْ الْأُمُورِ الَّتِي تَثْبُتُ بِالِاسْتِفَاضَةِ وَبَقِيَ مِنْ الْأُمُورِ الَّتِي تَثْبُتُ بِالِاسْتِفَاضَةِ الْعِتْقُ وَالْوَلَاءُ وَالْوَقْفُ وَالنِّكَاحُ كَمَا هُوَ الْأَصَحُّ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ لِأَنَّهَا أُمُورٌ مُؤَبَّدَةٌ فَإِذَا طَالَتْ مُدَّتُهَا عَسُرَ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَى ابْتِدَائِهَا فَمَسَّتْ الْحَاجَةُ إلَى إثْبَاتِهَا بِالِاسْتِفَاضَةِ وَلَا يَشُكُّ أَحَدٌ أَنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها وَعَنْ أَبَوَيْهَا زَوْجُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَنَّ فَاطِمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - بِنْتُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَلَا مُسْتَنَدَ غَيْرُ السَّمَاعِ. وَمَا ذُكِرَ فِي الْوَقْفِ هُوَ بِالنَّظَرِ إلَى أَصْلِهِ. وَأَمَّا شُرُوطُهُ فَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي فَتَاوِيهِ: لَا يَثْبُتُ بِالِاسْتِفَاضَةِ شُرُوطُ الْوَقْفِ وَتَفَاصِيلُهُ بَلْ إنْ كَانَ وَقْفًا عَلَى جَمَاعَةٍ مُعَيَّنِينَ أَوْ جِهَاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ قُسِمَتْ الْغَلَّةُ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ أَوْ عَلَى مَدْرَسَةٍ مَثَلًا وَتَعَذَّرَتْ مَعْرِفَةُ الشُّرُوطِ صَرَفَ النَّاظِرُ الْغَلَّةِ فِيمَا يَرَاهُ مِنْ مَصَالِحِهَا انْتَهَى. وَالْأَوْجَهُ حَمْلُ هَذَا عَلَى مَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ شَيْخُهُ مِنْ أَنَّ الشُّرُوطَ إنْ شَهِدَ بِهَا مُنْفَرِدَةً لَمْ يَثْبُتْ بِهَا وَإِنْ ذَكَرَهَا فِي شَهَادَتِهِ بِأَصْلِ الْوَقْفِ سُمِعَتْ لِأَنَّهُ يَرْجِعُ حَاصِلُهُ إلَى بَيَانِ كَيْفِيَّةِ الْوَقْفِ، وَمِمَّا يَثْبُتُ بِالِاسْتِفَاضَةِ الْقَضَاءُ وَالْجَرْحُ وَالتَّعْدِيلُ وَالرُّشْدُ وَالْإِرْثُ وَاسْتِحْقَاقُ الزَّكَاةِ وَالرَّضَاعُ وَحَيْثُ يَثْبُتُ النِّكَاحُ بِالِاسْتِفَاضَةِ لَا يَثْبُتُ الصَّدَاقُ بِهَا بَلْ يَرْجِعُ
ــ
[حاشية البجيرمي]
وَاحْذِفْ مِنْ الْمَقْصُورِ فِي جَمْعٍ عَلَى
…
حَدِّ الْمُثَنَّى مَا بِهِ تَكَمَّلَا
وَهُوَ بِفَتْحِ الْفَاءِ كَالْمُصْطَفَيْنَ وَأَصْلُهُ الْمُتَوَفَّيَيْنِ تَحَرَّكَتْ الْيَاءُ وَانْفَتَحَ مَا قَبْلَهَا قُلِبَتْ أَلِفًا فَحُذِفَتْ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ.
قَوْلُهُ: (وَإِنْ كَانَ النَّسَبُ) يُتَأَمَّلُ فِي هَذِهِ الْغَايَةِ، لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ لَهَا لِعِلْمِهَا. قَوْلُهُ:(مِنْ غَيْرِ إضَافَةٍ لِمَالِكٍ) عِبَارَةُ سم بِأَنْ لَمْ يُضَفْ لِسَبَبٍ وَهِيَ أَوْلَى بِأَنْ يَقُولَ: هَذَا مِلْكُ فُلَانٍ وَلَمْ يَقُلْ مَلَكَهُ بِشِرَاءٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ: لِأَنَّ هَذَا مِمَّا يَتَوَقَّفُ عَلَى رُؤْيَةٍ اهـ. وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَدَّرَ مُضَافَانِ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ أَيْ لِسَبَبِ مِلْكِ مَالِكٍ مُعَيَّنٍ قَوْلُهُ: (إذَا لَمْ يَكُنْ مُنَازِعٌ) رَاجِعْ لِلثَّلَاثَةِ قَبْلَهُ أَعْنِي الْمَوْتَ وَمَا بَعْدَهُ وَانْظُرْ مَا فَائِدَةُ الشَّهَادَةِ عِنْدَ عَدَمِ التَّنَازُعِ. وَعِبَارَةُ الْمَنْهَجِ بَدَلُهُ بِلَا مُعَارِضٍ قَالَ فِي شَرْحِهِ: وَخَرَجَ بِزِيَادَتِي بِلَا مُعَارِضٍ مَا لَوْ عُورِضَ كَأَنْ أَنْكَرَ الْمَنْسُوبُ إلَيْهِ النَّسَبَ أَوْ طَعَنَ بَعْضُ النَّاسِ فِيهِ فَتَمْتَنِعُ الشَّهَادَةُ بِهِ لِاخْتِلَالِ الظَّنِّ حِينَئِذٍ اهـ: وَهَذَا الشَّرْطُ جَارٍ فِي كُلِّ مَا يَثْبُتُ بِالتَّسَامُعِ اهـ. وَجُمْلَةُ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِمَّا يَثْبُتُ بِالِاسْتِفَاضَةِ هُنَا وَمَا يَأْتِي بَعْدَهُ أَرْبَعَةَ عَشَرَ، وَبَقِيَ مِنْهَا عَزْلُ الْقَاضِي، وَتَضَرُّرُ الزَّوْجَةِ، وَالْإِسْلَامُ، وَالْكُفْرُ، وَالسَّفَهُ، وَالْحَمْلُ، وَالْوِلَادَةُ، وَالْوَصَايَا، وَالْحُرِّيَّةُ، وَالْقَسَامَةُ، وَالْغَصْبُ، ذَكَرَ ذَلِكَ الْإِمَامُ الْمُنَاوِيُّ فِي شَرْحِهِ عَلَى شَرْحِ التَّحْرِيرِ. وَقَالَ فِي شَرْحِهِ عَلَى عِمَادِ الرِّضَى لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ وَقَدْ نَظَمْت ذَلِكَ فِي خَمْسَةِ أَبْيَاتٍ فَقُلْت:
فَفِي السِّتِّ وَالْعِشْرِينَ تَكْفِي اسْتِفَاضَةٌ
…
وَتَثْبُتُ سَمْعًا دُونَ عِلْمٍ بِأَصْلِهِ
فَفِي الْكُفْرِ وَالتَّجْرِيحِ مَعَ عَزْلِ حَاكِمٍ
…
وَفِي سَفَهٍ أَوْ ضِدِّ ذَلِكَ كُلِّهِ
وَفِي الْعِتْقِ وَالْأَوْقَافِ وَالزَّكَوَاتِ مَعَ
…
نِكَاحٍ وَإِرْثٍ وَالرَّضَاعِ وَعُسْرِهِ
وَإِيصَائِهِ مَعَ نِسْبَةٍ وَوِلَادَةٍ
…
وَمَوْتٍ وَحَمْلٍ وَالْمُضِرِّ بِأَهْلِهِ
وَأَشْرِبَةٍ ثُمَّ الْقَسَامَةِ وَالَوْلَا
…
وَحُرِّيَّةٍ وَالْمِلْكِ مَعَ طُولِ فِعْلِهِ
وَقَوْلُهُ فِي الْمَنْهَجِ: أَوْ طَعَنَ بَعْضُ النَّاسِ فِيهِ، زَادَ فِي شَرْحِ الزُّبَدِ أَوْ مُنَازِعٌ لَهُ فِي مِلْكِ الْمَشْهُودِ لَهُ بِهِ.
قَوْلُهُ (شَيْخُهُ) أَيْ النَّوَوِيُّ وَهُوَ بَدَلٌ مِنْ ابْنِ الصَّلَاحِ أَوْ عَطْفُ بَيَانٍ عَلَيْهِ وَلَعَلَّهُ بِوَاسِطَةٍ فَإِنَّ النَّوَوِيَّ لَمْ يَرَ ابْنَ الصَّلَاحِ. اهـ. م د.
قَوْلُهُ:
لِمَهْرِ الْمِثْلِ وَلَا يَكْفِي الشَّاهِدَ بِالِاسْتِفَاضَةِ أَنْ يَقُولَ: سَمِعْت النَّاسَ يَقُولُونَ كَذَا وَإِنْ كَانَتْ شَهَادَتُهُ مَبْنِيَّةً عَلَيْهَا بَلْ يَقُولُ: أَشْهَدُ أَنَّهُ لَهُ أَوْ أَنَّهُ ابْنُهُ مَثَلًا لِأَنَّهُ قَدْ يُعْلَمُ خِلَافُ مَا سَمِعَ مِنْ النَّاسِ وَلَوْ صَرَّحَ بِذَلِكَ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّ ذِكْرَهُ يُشْعِرُ بِعَدَمِ جَزْمِهِ بِالشَّهَادَةِ وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ حَمْلُ هَذَا عَلَى مَا إذَا ظَهَرَ بِذِكْرِهِ، تَرَدُّدٌ فِي الشَّهَادَةِ فَإِنْ ذَكَرَهُ لِتَقْوِيَةٍ أَوْ حِكَايَةِ حَالٍ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ. وَهُوَ ظَاهِرٌ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقُولَ أَشْهَدُ أَنَّ فُلَانَةَ وَلَدَتْ فُلَانًا وَأَنَّ فُلَانًا أَعْتَقَ فُلَانًا لِمَا مَرَّ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الشَّهَادَةِ بِالْفِعْلِ الْإِبْصَارُ وَبِالْقَوْلِ: الْإِبْصَارُ وَالسَّمْعُ وَشَرْطُ الِاسْتِفَاضَةِ الَّتِي يَسْتَنِدُ الشَّاهِدُ إلَيْهَا فِي الْمَشْهُودِ بِهِ سَمَاعُ الْمَشْهُودِ بِهِ مِنْ جَمْعٍ كَثِيرٍ يُؤْمَنُ تَوَافُقُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ بِحَيْثُ يَقَعُ الْعِلْمُ أَوْ الظَّنُّ الْقَوِيُّ بِخَبَرِهِمْ. كَمَا ذَكَرَ الشَّيْخَانِ فِي الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الشَّهَادَةِ اعْتِمَادُ الْيَقِينِ وَإِنَّمَا يَعْدِلُ عَنْهُ عِنْدَ عَدَمِ الْوُصُولِ إلَيْهِ إلَى ظَنٍّ يَقْرُبُ مِنْهُ عَلَى حَسَبِ الطَّاقَةِ. (وَ) الْمَوْضُوعُ الرَّابِعُ (التَّرْجَمَةُ) إذَا اتَّخَذَهُ الْقَاضِي مُتَرْجِمًا وَقُلْنَا: بِجَوَازِهِ وَهُوَ الْأَصَحُّ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ فِيهَا لِأَنَّ التَّرْجَمَةَ تَفْسِيرٌ لِلَّفْظِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى مُعَايَنَةٍ وَإِشَارَةٍ. وَقَوْلُهُ: (وَمَا شَهِدَ بِهِ قَبْلَ الْعَمَى) سَاقِطٌ فِي بَعْضِ النُّسَخِ فَمَنْ عَدَّ الْمَوَاضِعَ سِتَّةً عَدَّ ذَلِكَ وَمَنْ عَدَّهَا خَمْسَةً لَمْ يَعُدَّ ذَلِكَ وَمَعْنَاهُ أَنَّ الْأَعْمَى لَوْ تَحَمَّلَ شَهَادَةً فِيمَا يَحْتَاجُ لِلْبَصَرِ قَبْلَ عُرُوضِ الْعَمَى لَهُ ثُمَّ عَمِيَ بَعْدَ ذَلِكَ شَهِدَ بِمَا تَحَمَّلَهُ إنْ كَانَ الْمَشْهُودُ لَهُ وَعَلَيْهِ مَعْرُوفَيْ الِاسْمِ وَالنَّسَبِ لِإِمْكَانِ الشَّهَادَةِ عَلَيْهِمَا فَيَقُولُ: أَشْهَدُ أَنَّ فُلَانَ ابْنَ فُلَانٍ أَقَرَّ لِفُلَانِ ابْنِ فُلَانٍ بِكَذَا بِخِلَافِ مَجْهُولَيْهِمَا أَوْ أَحَدِهِمَا أَخْذًا مِنْ مَفْهُومِ الشَّرْطِ نَعَمْ لَوْ عَمِيَ وَيَدُهُمَا أَوْ يَدُ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ فِي يَدِهِ فَشَهِدَ عَلَيْهِ فِي الْأُولَى مُطْلَقًا مَعَ تَمْيِيزِهِ لَهُ مِنْ خَصْمِهِ وَفِي الثَّانِيَةِ بِالْمَعْرُوفِ الِاسْمِ وَالنَّسَبِ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ. كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيّ فِي الْأُولَى
ــ
[حاشية البجيرمي]
حَاصِلُهُ) أَيْ الشُّهُودِ بِهِ.
قَوْلُهُ: (وَالْإِرْثُ) أَيْ إنَّ هَذَا وَارِثُ فُلَانٍ أَوْ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ، كَمَا عَبَّرَ بِهِ م ر وَلَا يَثْبُتُ الدَّيْنُ بِالتَّسَامُعِ. كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْمُقْرِي فِي الرَّوْضِ. اهـ. ز ي.
قَوْلُهُ: (لَا يَثْبُتُ الصَّدَاقُ) أَيْ الْمُدَّعَى بِهِ وَيَثْبُتُ مَهْرُ الْمِثْلِ، تَبَعًا لِلنِّكَاحِ. اهـ. م د.
قَوْلُهُ: (مَبْنِيَّةً عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى الِاسْتِفَاضَةِ وَقَوْلُهُ: وَلَوْ صَرَّحَ بِذَلِكَ أَيْ بِقَوْلِهِ: سَمِعْت النَّاسَ إلَخْ وَكَتَبَ بَعْضُهُمْ قَوْلَهُ: وَلَوْ صَرَّحَ بِذَلِكَ، أَيْ بِمُسْتَنِدِ شَهَادَتِهِ مِنْ تَسَامُعٍ أَوْ رُؤْيَةٍ أَوْ تَصَرُّفٍ شَرْحُ الرَّوْضِ. اهـ. مَرْحُومِيٌّ. وَمُسْتَنَدُ شَهَادَةِ الْأَعْمَى السَّمَاعُ.
قَوْلُهُ: (وَلَيْسَ لَهُ) أَيْ لِلْأَعْمَى قَوْلُهُ: (بِحَيْثُ يَقَعُ الْعِلْمُ) وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِمْ حُرِّيَّةٌ وَلَا ذُكُورَةٌ، وَلَا عَدَالَةٌ، وَقَضِيَّةُ تَشْبِيهِهِمْ هَذَا بِالْمُتَوَاتِرِ عَدَمُ اشْتِرَاطِ إسْلَامِهِمْ، لَكِنْ أَفْتَى الْوَالِدُ بِاشْتِرَاطِهِ فِيهِمْ. شَرْحُ م ر قَالَ ع ش: وَمِثْلُهُ التَّكَالِيفُ وَيُفَرَّقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَبَيْنَ عَدَدِ التَّوَاتُرِ: بِأَنَّ التَّوَاتُرَ يُفِيدُ الْعِلْمَ الضَّرُورِيَّ فَلَا يُشْتَرَطُ إسْلَامُهُمْ بِخِلَافِهِ هُنَا فَإِنَّهُ ضَعِيفٌ لِإِفَادَتِهِ الظَّنَّ الْقَوِيَّ فَقَطْ شَرْحُ م ر.
قَوْلُهُ: (أَوْ الظَّنُّ) هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْجَمْعِ عَدَمَ التَّوَاتُرِ. لِأَنَّ ذَاكَ يُفِيدُ الْعِلْمَ قَطْعًا شَوْبَرِيٌّ. قَوْلُهُ (مُتَرْجِمًا) أَيْ مُتَرْجِمًا لَهُ كَلَامَ الْخُصُومِ، أَوْ مُتَرْجِمًا عَنْهُ لِلْخُصُومِ، كَلَامَ الْقَاضِي وَفِي الْأُولَى لَا بُدَّ مِنْ اثْنَيْنِ، وَفِي الثَّانِيَةِ يَكْفِي وَاحِدٌ.
قَوْلُهُ: (مِنْ مَفْهُومِ الشَّرْطِ) وَهُوَ قَوْلُهُ إنْ كَانَ الْمَشْهُودُ لَهُ وَعَلَيْهِ مَعْرُوفَيْ الِاسْمِ وَالنَّسَبِ. قَوْلُهُ: (وَيَدُهُمَا إلَخْ) وَالْحَاصِلُ: أَنَّ الْمَسْأَلَةَ لَهَا أَرْبَعَةُ أَحْوَالٍ لِأَنَّهُ إمَّا تَكُونُ يَدُهُمَا جَمِيعًا فِي يَدِهِ. أَوْ لَا يَكُونُ شَيْءٌ مِنْهُمَا فِي يَدِهِ، أَوْ تَكُونُ يَدُ الْمُقِرِّ فِي يَدِهِ فَقَطْ، أَوْ يَدُ الْمُقَرِّ لَهُ فَقَطْ، فَفِي الْأُولَى تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ مُطْلَقًا وَفِي الثَّانِيَةِ تُقْبَلُ إنْ كَانَا مَعْرُوفَيْ الِاسْمِ وَالنَّسَبِ عِنْدَهُ وَهَذِهِ مِنْ قَبِيلِ مَا شَهِدَ بِهِ قَبْلَ الْعَمَى. وَفِي الثَّالِثَةِ إنْ كَانَ الْمُقَرُّ لَهُ مَعْرُوفَ الِاسْمِ وَالنَّسَبِ. وَفِي الرَّابِعَةِ إنْ كَانَ الْمُقِرُّ مَعْرُوفَ الِاسْمِ وَالنَّسَبِ عِنْدَهُ، وَلَا بُدَّ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ مِنْ رُؤْيَةِ فَمِ اللَّافِظِ حَالَ لَفْظِهِ قَبْلَ الْعَمَى كَمَا تَقَدَّمَ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الْأَقْوَالِ. اهـ. م ر.
قَوْلُهُ: (فِي يَدِهِ) أَيْ الْأَعْمَى وَتَصِحُّ شَهَادَةُ الْأَعْمَى، فِيمَا لَوْ أَمْسَكَ ذَكَرَ مَنْ يَزْنِي، أَوْ يَلُوطُ وَهُوَ دَاخِلُ الْفَرْجِ أَوْ الدُّبُرِ وَأَمْسَكَهُ أَيْ الشَّخْصُ الْمَذْكُورُ حَتَّى شَهِدَ عَلَيْهِ عِنْدَ الْقَاضِي. اهـ. شَيْخُنَا. وَعِبَارَةُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ قَوْلُهُ: بِإِبْصَارِ صَرِيحِهِ، أَنَّهُ لَا يَصِحُّ شَهَادَةُ الْأَعْمَى وَإِنْ مَسَّ الذَّكَرَ بِيَدِهِ فِي الْفَرْجِ. وَالْمُعْتَمَدُ جَوَازُهَا إنْ أَمْسَكَهُمَا إلَى أَنْ حَضَرُوا بَيْنَ يَدَيْ الْقَاضِي وَإِنْ لَمْ يَسْتَمِرَّ الذَّكَرُ فِي الْفَرْجِ اهـ. أَيْ فَيَشْهَدُ مَعَ ثَلَاثَةٍ وَلَا يَكْفِي عِلْمُ الْقَاضِي فِي حُدُودِ اللَّهِ.
قَوْلُهُ: (مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ عَرَفَ اسْمَهُ وَنَسَبَهُ أَمْ لَا. قَوْلُهُ: (مَعَ تَمْيِيزِهِ) أَيْ بِكَوْنِهِ مُقِرًّا أَوْ مُقَرًّا لَهُ
وَصَرَّحَ بِهِ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ فِي الثَّانِيَةِ (وَ) الْمَوْضِعُ الْخَامِسُ أَوْ السَّادِسُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مَا تَحَمَّلَهُ (عَلَى الْمَضْبُوطِ) عِنْدَهُ كَأَنْ يُقِرَّ شَخْصٌ فِي أُذُنِهِ بِنَحْوِ طَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ مَالٍ لِشَخْصٍ مَعْرُوفِ الِاسْمِ وَالنَّسَبِ فَيَتَعَلَّقُ الْأَعْمَى بِهِ وَيَضْبِطُهُ حَتَّى يَشْهَدَ عَلَيْهِ بِمَا سَمِعَ مِنْهُ عِنْدَ قَاضٍ بِهِ فَتُقْبَلُ عَلَى الصَّحِيحِ لِحُصُولِ الْعِلْمِ بِأَنَّهُ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ وَلَهُ أَنْ يَطَأَ زَوْجَتَهُ اعْتِمَادًا عَلَى صَوْتِهَا لِلضَّرُورَةِ، وَلِأَنَّ الْوَطْءَ يَجُوزُ بِالظَّنِّ. وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى زَوْجَتِهِ اعْتِمَادًا عَلَى صَوْتِهَا كَغَيْرِهَا خِلَافًا لِمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ مِنْ قَبُولِ شَهَادَتِهِ عَلَيْهَا اعْتِمَادًا عَلَى ذَلِكَ.
(وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ جَارٍّ لِنَفْسِهِ نَفْعًا) فَتُرَدُّ شَهَادَتُهُ لِعَبْدِهِ سَوَاءٌ أَكَانَ مَأْذُونًا لَهُ أَمْ لَا. وَمُكَاتَبِهِ لِأَنَّ لَهُ فِيهِ عَلَقَةٌ نَعَمْ لَوْ شَهِدَ بِشِرَاءِ شِقْصٍ لِمُشْتَرِيهِ وَفِيهِ شُفْعَةٌ لِمُكَاتَبِهِ قُبِلَتْ. وَلِغَرِيمٍ لَهُ مَيِّتٍ وَإِنْ لَمْ تَسْتَغْرِقْ تَرِكَتَهُ الدُّيُونُ أَوْ عَلَيْهِ حَجْرُ فَلَسٍ لِأَنَّهُ إذَا أَثْبَتَ لِلْغَرِيمِ شَيْئًا أَثْبَتَ لِنَفْسِهِ الْمُطَالَبَةَ بِهِ، وَتُرَدُّ شَهَادَتُهُ أَيْضًا بِمَا هُوَ وَلِيٌّ أَوْ وَصِيٌّ أَوْ وَكِيلٌ فِيهِ وَلَوْ بِدُونِ جَعْلٍ لِأَنَّهُ يُثْبِتُ لِنَفْسِهِ سَلْطَنَةَ التَّصَرُّفِ وَبِبَرَاءَةِ مَنْ ضَمَّنَهُ بِأَدَاءٍ أَوْ إبْرَاءٍ
ــ
[حاشية البجيرمي]
أَوْ بَائِعًا أَوْ مُشْتَرِيًا. قَوْلُهُ (وَفِي الثَّانِيَةِ) أَيْ فِيمَا إذَا كَانَتْ يَدُ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ فِي يَدِ الْأَعْمَى. قَوْلُهُ: (مَا تَحَمَّلَهُ) أَيْ الْأَعْمَى قَوْلُهُ: (فِي أُذُنِهِ) أَيْ مَثَلًا.
قَوْلُهُ: (بِهِ) لَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ بِهِ وَلَعَلَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ يَقْضِي بِهِ أَيْ بِمَا سَمِعَهُ.
قَوْلُهُ: (فَتُقْبَلُ إلَخْ) إنْ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى فَمِهِ حَالَ التَّعَلُّقِ وَإِلَّا فَلَا تُقْبَلُ لِاحْتِمَالِ أَنَّ غَيْرَ الْمَضْبُوطِ تَكَلَّمَ فِي أُذُنِهِ بِمَا سَمِعَهُ. اهـ. م د. قَوْلُهُ: (لِلضَّرُورَةِ) وَلِذَا لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ عَلَيْهَا اعْتِمَادًا عَلَيْهِ، أَيْ وَلَوْ حَالَ الْوَطْءِ كَمَا فِي زِيّ وح ل.
قَوْلُهُ: (وَلِأَنَّ الْوَطْءَ يَجُوزُ بِالظَّنِّ) أَيْ وَمَبْنَى الشَّهَادَةِ عَلَى الْعِلْمِ مَا أَمْكَنَ شَرْحُ الرَّوْضِ، وَبِهَذَا حَصَلَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْوَطْءِ وَالشَّهَادَةِ.
قَوْلُهُ: (وَلَا يَجُوزُ) مُعْتَمَدٌ.
قَوْلُهُ: (وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ جَارٍّ) بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ مِنْ الْجَرِّ أَيْ التَّحْصِيلِ أَيْ الْمُحَصَّلِ إلَخْ.
قَوْلُهُ: (جَارٍّ لِنَفْسِهِ نَفْعًا) : أَيْ أَنْ يَظْهَرَ حَالَةَ الشَّهَادَةِ أَنَّ فِيهَا جَرَّ نَفْعٍ لَهُ فَشَهَادَتُهُ لِأَخٍ لَهُ ابْنٌ حَالَةَ الشَّهَادَةِ مَقْبُولَةٌ وَإِنْ مَاتَ الِابْنُ بَعْدَهَا ق ل عَلَى الْجَلَالِ.
قَوْلُهُ: (وَلِغَرِيمٍ) عَطْفٌ عَلَى لِعَبْدِهِ وَقَوْلُهُ: مَيِّتٍ نَعْتُ غَرِيمٍ. بِأَنْ ادَّعَى وَارِثُ الْمَيِّتِ الْمَدِينِ بِدَيْنٍ لَهُ عَلَى آخَرَ وَأَقَامَ صَاحِبَ الدَّيْنِ يَشْهَدُ لَهُ فَلَا تَصِحُّ لِلتُّهْمَةِ، لِأَنَّهُ إذَا أَثْبَتَ لِلْغَرِيمِ شَيْئًا أَثْبَتَ لِنَفْسِهِ الْمُطَالَبَةَ بِهِ اهـ.
قَوْلُهُ: (تَرِكَتَهُ) مَفْعُولٌ وَالدُّيُونُ فَاعِلٌ. قَوْلُهُ: (أَوْ عَلَيْهِ حَجْرُ فَلَسٍ) مَعْطُوفٌ عَلَى مَيِّتٍ وَكُلٌّ مِنْهُمَا صِفَةٌ لِغَرِيمٍ وَخَرَجَ بِحَجْرِ الْفَلَسِ حَجْرُ السَّفَهِ وَالْغَرِيمُ الْحَيُّ وَهُوَ مُوسِرٌ أَوْ مُعْسِرٌ وَلَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ فَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الْغَرِيمِ.
قَوْلُهُ: (بِمَا هُوَ وَلِيٌّ) : بِأَنْ ادَّعَى سَفِيهٌ، عَلَى شَخْصٍ بِشَيْءٍ وَأَقَامَ وَلِيُّهُ شَاهِدًا فَلَا تُقْبَلُ. قَوْلُهُ:(أَوْ وَصِيٌّ) أَيْ بِأَنْ كَانَ اثْنَانِ وَصِيَّيْنِ عَلَى صَبِيٍّ فَادَّعَى أَحَدُهُمَا بِمَالٍ لِلصَّبِيِّ، وَأَقَامَ الْوَصِيُّ الثَّانِي شَاهِدًا فَلَا تُقْبَلُ. قَوْلُهُ:(أَوْ وَكِيلٌ) : كَأَنْ وُكِّلَ زَيْدٌ فِي بَيْعِ شَيْءٍ فَادَّعَى شَخْصٌ أَنَّ هَذَا الشَّيْءَ مِلْكٌ لَهُ فَأَرَادَ الْوَكِيلُ وَهُوَ زَيْدٌ أَنْ يَشْهَدَ بِأَنَّهُ مِلْكٌ لِلْمُوَكِّلِ، وَتَثْبُتُ الْوَكَالَةُ بِأُصُولِ الْوَكِيلِ، وَفُرُوعِهِ وَبِأُصُولِ الْمُوَكِّلِ وَفُرُوعِهِ، بِخِلَافِ الْوِصَايَةِ لَا تَثْبُتُ بِذَلِكَ لِأَنَّ الْوِصَايَةَ أَقْوَى مِنْ الْوَكَالَةِ، وَمِثْلُ ذَلِكَ: الْإِمَامُ وَالْقَاضِي وَنَاظِرُ الْوَقْفِ وَالْمَسْجِدِ إنْ ادَّعَوْا شَيْئًا ثُمَّ أَقَامُوا أُصُولَهُمْ أَوْ فُرُوعَهُمْ شُهُودًا فَإِنَّهَا تُقْبَلُ.
قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ يَثْبُتُ إلَخْ) وَلَوْ بَاعَ الْوَكِيلُ شَيْئًا فَأَنْكَرَ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ أَوْ اشْتَرَى شَيْئًا فَادَّعَى أَجْنَبِيٌّ الْمَبِيعَ وَلَمْ تُعْرَفْ وَكَالَتُهُ. فَلَهُ أَنْ يَشْهَدَ لِمُوَكِّلِهِ بِأَنَّ لَهُ عَلَيْهِ كَذَا، أَوْ بِأَنَّ هَذَا مِلْكُهُ، حَيْثُ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِكَوْنِهِ وَكِيلًا وَيَحِلُّ لَهُ ذَلِكَ بَاطِنًا لِأَنَّهُ فِيهِ تَوَصُّلًا لِلْحَقِّ بِطَرِيقٍ مُبَاحٍ م ر س ل.
قَوْلُهُ: (وَبِبَرَاءَةٍ) الْأَوْلَى ذِكْرُ هَذَا بَعْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ: وَلَا دَافِعٍ عَنْهَا ضَرَرًا وَكَتَبَ بَعْضُهُمْ قَوْلَهُ: وَبِبَرَاءَةِ مَنْ ضَمَّنَهُ هُوَ بِأَدَاءٍ أَوْ إبْرَاءٍ أَيْ أَوْ أَصْلِهِ أَوْ فَرْعِهِ. وَيَضُرُّ حُدُوثُ التُّهْمَةِ قَبْلَ الْحُكْمِ لَا بَعْدَهُ، فَلَوْ شَهِدَ لِأَخِيهِ بِمَالٍ وَكَانَ هُوَ وَارِثُهُ فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْحُكْمِ لَمْ يَأْخُذْ الْمَالَ أَوْ بَعْدَهُ أَخَذَهُ. اهـ. سم. قَالَ سم. قَالَ س ل: وَكَذَا لَوْ شَهِدَ بِقَتْلِ فُلَانٍ لِأَخِيهِ الَّذِي لَهُ ابْنٌ ثُمَّ مَاتَ وَوَرِثَهُ فَإِنْ صَارَ وَارِثُهُ بَعْدَ الْحُكْمِ لَمْ يُنْقَضْ. أَوْ قَبْلَهُ امْتَنَعَ الْحُكْمُ. اهـ وَلَوْ شَهِدَ لِبَعْضِهِ أَوْ عَلَى عَدُوِّهِ أَوْ الْفَاسِقِ بِمَا يَعْلَمُهُ مِنْ الْحَقِّ وَالْحَاكِمُ يَجْهَلُ ذَلِكَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْمُخْتَارُ جَوَازُهُ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَحْمِلُوا الْحَاكِمَ عَلَى بَاطِلٍ بَلْ عَلَى إيصَالِ الْحَقِّ لِمُسْتَحِقِّهِ. فَلَمْ يَأْثَمْ الْحَاكِمُ لِعُذْرِهِ وَلَا الْخَصْمُ لِأَخْذِهِ حَقَّهُ وَلَا الشَّاهِدُ لِإِعَانَتِهِ. وَيُتَّجَهُ حَمْلُهُ عَلَى تَعْيِينِهِ طَرِيقًا لِوُصُولِ الْحَقِّ لِمُسْتَحِقِّهِ اهـ م ر. وَيَجُوزُ إثْبَاتُ الْوَكَالَةِ بِشَهَادَةِ بَعْضِ الْمُوَكِّلِ أَوْ الْوَكِيلِ، إذَا لَمْ يَكُنْ بِجُعْلٍ لِأَنَّ التُّهْمَةَ ضَعِيفَةٌ. وَيُفَرَّقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَبَيْنَ
لِأَنَّهُ يَدْفَعُ بِهِ الْغُرْمَ عَنْ نَفْسِهِ وَبِجِرَاحَةِ مُوَرِّثِهِ قَبْلَ انْدِمَالِهَا لِأَنَّهُ لَوْ مَاتَ كَانَ الْأَرْشُ لَهُ وَلَوْ شَهِدَ لِمَوْرُوثٍ لَهُ مَرِيضٍ أَوْ جَرِيحٍ، بِمَالٍ قَبْلَ الِانْدِمَالِ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا أَنَّ الْجِرَاحَةَ سَبَبٌ لِلْمَوْتِ النَّاقِلِ لِلْحَقِّ إلَيْهِ بِخِلَافِ الْمَالِ. وَاحْتَجَّ لِمَنْعِ قَبُولِ الشَّهَادَةِ فِي ذَلِكَ وَأَمْثَالِهِ. بِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَأَدْنَى أَلا تَرْتَابُوا} [البقرة: 282] وَالرِّيبَةُ حَاصِلَةٌ هُنَا. بِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ خَصْمٍ وَلَا ظِنِّينٍ» وَالظِّنِّينُ الْمُتَّهَمُ (وَ) لِهَذَا (لَا) تُقْبَلُ شَهَادَةُ (دَافِعٍ عَنْهَا) أَيْ عَنْ نَفْسِهِ (ضَرَرًا) كَشَهَادَةِ عَاقِلَةٍ بِفِسْقِ شُهُودِ قَتْلٍ يَحْمِلُونَهُ مِنْ خَطَأٍ أَوْ شِبْهِ عَمْدٍ وَشَهَادَةِ غُرَمَاءِ مُفْلِسٍ بِفِسْقِ شُهُودِ دَيْنٍ آخَرَ ظَهَرَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُمْ يَدْفَعُونَ بِهَا ضَرَرَ الْمُزَاحَمَةِ.
تَتِمَّةٌ: (لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ مُغَفَّلٍ) لَا يَضْبِطُ أَصْلًا وَلَا غَالِبًا لِعَدَمِ الْوُثُوقِ بِقَوْلِهِ: أَمَّا مَنْ لَا يَضْبِطُ نَادِرًا وَالْأَغْلَبُ فِيهِ الْحِفْظُ وَالضَّبْطُ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ قَطْعًا لِأَنَّ أَحَدًا لَا يَسْلَمُ مِنْ ذَلِكَ وَمَنْ تَعَادَلَ غَلَطُهُ وَضَبْطُهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَمَنْ غَلَبَ غَلَطُهُ وَلَا شَهَادَةَ مُبَادِرٍ بِشَهَادَتِهِ قَبْلَ أَنْ يُسْتَشْهَدَ لِلتُّهْمَةِ وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ «خَيْرُ الْقُرُونِ قَرْنِي ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ يَأْتِي قَوْمٌ يَشْهَدُونَ وَلَا يُسْتَشْهَدُونَ» فَإِنَّ ذَلِكَ فِي مَقَامِ الذَّمِّ لَهُمْ وَأَمَّا خَبَرُ مُسْلِمٍ: «أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ الشُّهُودِ الَّذِي يَأْتِي بِشَهَادَتِهِ قَبْلَ أَنْ يُسْأَلَهَا» فَمَحْمُولٌ عَلَى شَهَادَةِ الْحِسْبَةِ وَهِيَ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الِاحْتِسَابِ وَهُوَ طَلَبُ الْأَجْرِ فَتُقْبَلُ سَوَاءٌ أَسَبَقَهَا دَعْوَى أَمْ لَا سَوَاءٌ أَكَانَتْ فِي غَيْبَةِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ أَمْ لَا وَهِيَ كَغَيْرِهَا مِنْ الشَّهَادَاتِ فِي شُرُوطِهَا السَّابِقَةِ فِي حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى الْمُتَمَحِّضَةِ كَصَلَاةٍ وَزَكَاةٍ وَصَوْمٍ بِأَنْ يَشْهَدَ بِتَرْكِهَا وَفِيمَا لِلَّهِ تَعَالَى فِيهِ حَقٌّ مُؤَكَّدٌ
ــ
[حاشية البجيرمي]
امْتِنَاعِ إثْبَاتِ الْوَصَايَا بِشَهَادَةِ بَعْضِهِ، بِأَنَّ سَلْطَنَةَ الْوَصِيِّ أَقْوَى وَأَتَمُّ وَأَوْسَعُ مِنْ سَلْطَنَةِ الْوَكِيلِ. وَكَذَا لَا تُقْبَلُ بِشَهَادَةِ بَعْضِ الْوَكِيلِ بِدَيْنٍ لِلْمُوَكِّلِ. وَإِنْ كَانَ فِيهِ تَصْدِيقَ: فَرْعِهِ مَثَلًا كَمَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْأَبِ وَابْنِهِ فِي وَاقِعَةٍ وَاحِدَةٍ وَلَوْ ادَّعَى الْإِمَامُ شَيْئًا لِبَيْتِ الْمَالِ قُبِلَتْ شَهَادَةُ بَعْضِهِ بِهِ لِأَنَّ الْمِلْكَ لَيْسَ لِلْإِمَامِ. وَمِثْلُهُ نَاظِرُ وَقْفٍ أَوْ وَصِيٌّ ادَّعَى شَيْئًا لِجِهَةِ الْوَقْفِ أَوْ لِلْمُوَلَّى عَلَيْهِ، فَشَهِدَ بِهِ بَعْضُ الْمُدَّعِي لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ بِخِلَافِهَا، بِنَفْسِ النَّظَرِ وَالْوِصَايَةِ. اهـ. س ل.
قَوْلُهُ: (قَبْلَ انْدِمَالِهَا) : أَمَّا بَعْدَ الِانْدِمَالِ فَتُقْبَلُ لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ شَرْحُ الرَّوْضِ.
قَوْلُهُ: (كَانَ الْأَرْشُ لَهُ) الْمُرَادُ بِهِ الدِّيَةُ.
قَوْلُهُ: {وَأَدْنَى أَلا تَرْتَابُوا} [البقرة: 282] أَيْ أَبْعَدُ مِنْ عَدَمِ الرِّيبَةِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ مَتَى كَانَ رِيبَةً امْتَنَعَتْ الشَّهَادَةُ. قَوْلُهُ: (وَالظَّنِينُ الْمُتَّهَمُ) . قَالَ تَعَالَى: {وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ} [التكوير: 24] أَيْ بِمُتَّهَمٍ.
فَرْعٌ: لَوْ كَانَ لِشَخْصٍ عَلَى آخَرَ دَيْنٌ جَاحِدٌ لَهُ فَلَهُ أَنْ يُحِيلَ بِهِ شَخْصًا وَيَدَّعِيَ الْمُحْتَالُ عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ بِالدَّيْنِ، وَيُقِيمَ الْمُحِيلُ شَاهِدًا لَهُ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ. وَلَا يُقَالُ: إنَّ هَذِهِ شَهَادَةٌ جَرَّتْ نَفْعًا فَلَا تَصِحُّ لِأَنَّ الدَّيْنَ انْتَقَلَ لِلْمُحْتَالِ اهـ خ ض.
قَوْلُهُ: (يَحْمِلُونَهُ) أَيْ بَدَلَهُ.
قَوْلُهُ: (وَالضَّبْطُ) مُرَادِفٌ قَوْلُهُ: (وَمَنْ تَعَادَلَ غَلَطُهُ) أَيْ غَفْلَتُهُ.
قَوْلُهُ: (وَلَا شَهَادَةُ مُبَادِرٍ) وَلَوْ فِي مَالِ يَتِيمٍ أَوْ زَكَاةٍ أَوْ كَفَّارَةٌ أَوْ وَقْفٍ أَوْ غَائِبٍ، أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ بَلْ يَنْصِبُ الْقَاضِي مَنْ يَدَّعِي ثُمَّ يَطْلُبُ الْبَيِّنَةَ وَلَا تَحْتَاجُ إلَى حُضُورِ خَصْمٍ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الشَّاهِدِ مَعْرِفَتُهُ بِفُرُوضِ الصَّلَاةِ وَالْوُضُوءِ مَثَلًا إذَا لَمْ يُقَصِّرْ فِي التَّعَلُّمِ بِأَنْ أَسْلَمَ قَرِيبًا أَوْ كَانَ فِي شَاهِقِ جَبَلٍ وَلَا يَضُرُّ تَوَقُّفُهُ فِيهَا، إذَا أَعَادَهَا جَازِمًا بِهَا اهـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ. وَقَوْلُهُ فِيهَا: أَيْ فِي الشَّهَادَةِ الْمُعَادَةِ أَيْ لَمْ يَرْضَ بِإِعَادَتِهَا خَوْفًا مِنْ رَدِّهِ كَمَا رَدَّ أَوَّلًا.
قَوْلُهُ: «خَيْرُ الْقُرُونِ» أَيْ أَهْلِ الْقُرُونِ قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: الْقَرْنُ بِوَزْنِ فَلْسٍ الْجِيلُ مِنْ النَّاسِ قِيلَ ثَمَانُونَ سَنَةً وَقِيلَ سَبْعُونَ قَالَ الزَّجَّاجُ الَّذِي عِنْدِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ الْقَرْنَ أَهْلُ كُلِّ مُدَّةٍ كَانَ فِيهَا نَبِيٌّ أَوْ طَبَقَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ سَوَاءٌ كَثُرَتْ السُّنُونَ أَوْ قَلَّتْ قَالَ وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم «خَيْرُ الْقُرُونِ قَرْنِي» يَعْنِي أَصْحَابَهُ «ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ» يَعْنِي التَّابِعِينَ «ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ» أَيْ الَّذِينَ يَأْخُذُونَ عَنْ التَّابِعِينَ.
قَوْلُهُ: (فِي حُقُوقِ اللَّهِ)
كَطَلَاقٍ وَعِتْقٍ وَعَفْوٍ عَنْ قِصَاصٍ وَبَقَاءِ عِدَّةٍ وَانْقِضَائِهَا وَحَدٍّ لِلَّهِ تَعَالَى بِأَنْ يَشْهَدَ بِمُوجِبِ ذَلِكَ وَالْمُسْتَحَبُّ سَتْرُهُ إذَا رَأَى الْمَصْلَحَةَ فِيهِ وَإِحْصَانٍ وَتَعْدِيلٍ وَكَفَّارَةٍ وَبُلُوغٍ وَكُفْرٍ وَإِسْلَامٍ وَتَحْرِيمِ مُصَاهَرَةٍ، وَثُبُوتِ نَسَبٍ وَوَصِيَّةٍ وَوَقْفٍ إذَا عَمَّتْ جِهَتُهُمَا وَلَوْ أُخِّرَتْ الْجِهَةُ الْعَامَّةُ فَيَدْخُلُ نَحْوُ مَا أَفْتَى بِهِ الْبَغَوِيّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ وَقَفَ دَارًا عَلَى أَوْلَاده ثُمَّ الْفُقَرَاءِ فَاسْتَوْلَى عَلَيْهَا وَرَثَتُهُ وَتَمَلَّكُوهَا فَشَهِدَ شَاهِدَانِ حِسْبَةً قَبْلَ انْقِرَاضِ أَوْلَادِهِ بِوَقْفِيَّتِهَا قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمَا لِأَنَّ آخِرَهُ وَقْفٌ عَلَى الْفُقَرَاءِ لَا إنْ خُصَّتْ جِهَتُهُمَا فَلَا تُقْبَلُ فِيهِمَا لِتَعَلُّقِهِمَا بِحُظُوظٍ خَاصَّةٍ. وَخَرَجَ بِحُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى حُقُوقُ الْآدَمِيِّينَ كَالْقِصَاصِ وَحَدِّ الْقَذْفِ وَالْبُيُوعِ وَالْأَقَارِيرِ لَكِنْ إذَا لَمْ يَعْلَمْ صَاحِبُ الْحَقِّ بِهِ أَعْلَمَهُ الشَّاهِدُ بِهِ لِيَسْتَشْهِدَهُ بَعْدَ الدَّعْوَى. وَإِنَّمَا تُسْمَعُ شَهَادَةُ الْحِسْبَةِ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَيْهَا فَلَوْ شَهِدَ اثْنَانِ أَنَّ فُلَانًا أَعْتَقَ عَبْدَهُ أَوْ أَنَّهُ أَخُو فُلَانَةَ مِنْ الرَّضَاعِ لَمْ يَكْفِ حَتَّى يَقُولَا إنَّهُ يَسْتَرِقُّهُ أَوْ أَنَّهُ يُرِيدُ نِكَاحَهَا، وَكَيْفِيَّةُ شَهَادَةِ الْحِسْبَةِ أَنَّ الشُّهُودَ يَجِيئُونَ إلَى الْقَاضِي وَيَقُولُونَ نَحْنُ نَشْهَدُ عَلَى فُلَانٍ بِكَذَا فَأَحْضِرْهُ لِنَشْهَدَ عَلَيْهِ فَإِنْ ابْتَدَءُوا وَقَالُوا: فُلَانٌ زَنَى، فَهُمْ قَذَفَةٌ وَمَا تُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَةُ الْحِسْبَةِ هَلْ تُسْمَعُ فِيهِ دَعْوَاهَا وَجْهَانِ؟ أَوْجَهُهُمَا كَمَا جَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي تَبَعًا لِلْإِسْنَوِيِّ وَنَسَبَهُ الْإِمَامُ لِلْعِرَاقِيِّينَ لَا تُسْمَعُ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لِلْمُدَّعِي فِي الْمَشْهُودِ بِهِ وَمَنْ لَهُ الْحَقُّ لَمْ يَأْذَنْ فِي الطَّلَبِ وَالْإِثْبَاتِ بَلْ أَمَرَ فِيهِ بِالْإِعْرَاضِ وَالدَّفْعِ مَا أَمْكَنَ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي وَرَجَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّهَا تُسْمَعُ وَيَجِبُ حَمْلُهُ عَلَى غَيْرِ حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى. وَلِذَا فَصَّلَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ فَقَالَ: إنَّهَا تُسْمَعُ إلَّا فِي مَحْضِ حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى.
ــ
[حاشية البجيرمي]
مُتَعَلِّقٌ بِتُقْبَلُ. قَوْلُهُ: (وَإِحْصَانٍ) أَيْ لِيُرْجَمَ، وَتَعْدِيلٍ وَقَدْ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ، وَبُلُوغٍ أَيْ وَالْوَلِيُّ يَمْنَعُهُ مِنْ تَسَلُّمِ الْمَالِ، وَكُفْرٍ أَيْ وَقَدْ أُرِيدَ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ، وَإِسْلَامٍ أَيْ وَقَدْ أُرِيدَ إرْثُهُ مِنْ قَرِيبِهِ الْكَافِرِ وَإِنَّمَا اُحْتِيجَ لِذَلِكَ لِأَنَّهَا لَا تُقْبَلُ إلَّا عِنْدَ الْحَاجَةِ.
قَوْلُهُ: (وَكُفْرٍ) أَيْ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَ مُسْلِمَةً أَوْ أَرَادَ أَنْ يَرِثَ مُسْلِمًا.
قَوْلُهُ: (وَتَحْرِيمِ مُصَاهَرَةٍ) لَعَلَّ الْأَوْلَى حَذْفُ تَحْرِيمُ قَوْلُهُ: (جِهَتُهُمَا) أَيْ الْوَصِيَّةُ وَالْوَقْفُ.
قَوْلُهُ: (بِهِ) أَيْ بِمَا ذُكِرَ. قَوْلُهُ: (نَحْنُ نَشْهَدُ) أَيْ نُرِيدُ أَنْ نَشْهَدَ قَوْلُهُ: (فَهُمْ قَذَفَةٌ) إلَّا أَنْ يَصِلُوهُ بِقَوْلِهِمْ وَنَشْهَدُ عَلَى ذَلِكَ. اهـ. حَجّ.
قَوْلُهُ: (هَلْ تُسْمَعُ فِيهِ دَعْوَاهَا) أَيْ الْحِسْبَةَ كَأَنْ قَالَ أَدَّعِي أَنَّ فُلَانًا زَنَى وَحِينَئِذٍ يَكُونُ قَاذِفًا وَخَرَجَ بِدَعْوَى الْحِسْبَةِ غَيْرُهَا كَأَنْ ادَّعَتْ أَنَّ فُلَانًا وَطِئَهَا بِشُبْهَةٍ لِإِثْبَاتِ النَّسَبِ أَوْ الْمَهْرِ فَتُسْمَعُ أَنَّ هَذِهِ لَيْسَتْ لِطَلَبِ الْأَجْرِ.
قَوْلُهُ: (أَوْجَهُهُمَا) ضَعِيفٌ وَقَوْلُهُ: لَا تُسْمَعُ أَيْ اكْتِفَاءً بِشَهَادَتِهِمَا وَلِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ أَيْ لِلشَّاهِدِ شَرْحُ الرَّوْضِ.
قَوْلُهُ: (فِي الْمَشْهُودِ بِهِ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ: فِي الْمُدَّعَى بِهِ قَوْلُهُ: (وَمَنْ لَهُ الْحَقُّ) وَهُوَ اللَّهُ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ وَهُوَ مِنْ تَمَامِ الْعِلَّةِ.
قَوْلُهُ: (وَالْوَجْهُ الثَّانِي إلَخْ) فَالْمُعْتَمَدُ سَمَاعُهَا إلَّا فِي مَحْضِ حُدُودِ اللَّهِ شَرْحُ الرَّوْضِ قَوْلُهُ: (وَرَجَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ) مُعْتَمَدٌ قَوْلُهُ: (عَلَى غَيْرِ حُدُودِ اللَّهِ) أَيْ مُوجِبِهَا كَالزِّنَا كَأَنْ يَدَّعِيَ أَنَّ فُلَانًا طَلَّقَ زَوْجَتَهُ وَهُوَ يُعَاشِرُهَا.
فَرْعٌ: قَالَ الشَّاهِدُ: لَسْت بِشَاهِدٍ فِي هَذَا الشَّيْءِ ثُمَّ جَاءَ فَشَهِدَ نُظِرَ إنْ قَالَهُ: حِينَ تَصَدَّى لِإِقَامَةِ الشَّهَادَةِ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ وَإِنْ قَالَهُ: قَبْلَ ذَلِكَ بِشَهْرٍ أَوْ يَوْمٍ قُبِلَتْ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ اهـ.