المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل: فيما يجب للمعتدة - حاشية البجيرمي على الخطيب = تحفة الحبيب على شرح الخطيب - جـ ٤

[البجيرمي]

فهرس الكتاب

- ‌ فَصْلٌ: فِي الْإِيلَاءِ

- ‌تَتِمَّةٌ: لَوْ اخْتَلَفَ الزَّوْجَانِ فِي الْإِيلَاءِ أَوْ فِي انْقِضَاءِ مُدَّتِهِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الظِّهَارِ

- ‌أَرْكَانُ الظِّهَارِ

- ‌فَصْلٌ: فِي اللِّعَانِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْعِدَدِ

- ‌فَصْلٌ: فِيمَا يَجِبُ لِلْمُعْتَدَّةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الِاسْتِبْرَاءِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الرَّضَاعِ

- ‌ فَصْلٌ: فِي نَفَقَةِ الْقَرِيبِ

- ‌فَصْلٌ: فِي النَّفَقَةِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْحَضَانَةِ

- ‌كِتَابُ الْجِنَايَاتِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الدِّيَةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْقَسَامَةِ

- ‌كِتَابُ الْحُدُودِ

- ‌فَصْلٌ: فِي حَدِّ الْقَذْفِ

- ‌فَصْلٌ فِي حَدِّ شَارِبِ الْمُسْكِرِ

- ‌فَصْلٌ فِي حَدِّ السَّرِقَةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي قَاطِعِ الطَّرِيقِ

- ‌فَصْلٌ: فِي حُكْمِ الصِّيَالِ وَمَا تُتْلِفُهُ الْبَهَائِمُ

- ‌فَصْلٌ: فِي قِتَالِ الْبُغَاةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الرِّدَّةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي تَارِكِ الصَّلَاةِ

- ‌كِتَابُ أَحْكَامِ الْجِهَادِ

- ‌فَصْلٌ: فِي قَسْمِ الْغَنِيمَةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي قَسْمِ الْفَيْءِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْجِزْيَةِ

- ‌[كِتَابُ الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ]

- ‌فَصْلٌ: فِي الْأَطْعِمَةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْأُضْحِيَّةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْعَقِيقَةِ

- ‌كِتَابُ السَّبْقِ وَالرَّمْيِ

- ‌كِتَابُ الْأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ

- ‌فَصْلٌ: فِي النُّذُورِ

- ‌خَاتِمَةٌ فِيهَا مَسَائِلُ مُهِمَّةٌ تَتَعَلَّقُ بِالنَّذْرِ:

- ‌[فَرْعٌ النَّذْرُ لِلْكَعْبَةِ]

- ‌كِتَابُ الْأَقْضِيَةِ وَالشَّهَادَاتِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْقِسْمَةِ

- ‌فَصْلٌ فِي الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَاتِ

- ‌فَصْلٌ فِي الشَّهَادَاتِ

- ‌[فَصْلٌ مَا يُعْتَبَرُ فِيهِ تَعَدُّدُ الشُّهُودِ وَمَا لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ التَّعَدُّدُ]

- ‌كِتَابُ الْعِتْقِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْوَلَاءِ

- ‌فَصْلٌ فِي التَّدْبِيرِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْكِتَابَةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ

- ‌[خَاتِمَة الْكتاب]

الفصل: ‌فصل: فيما يجب للمعتدة

رَجْعِيَّةً لَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا بِذَلِكَ وَإِنْ طَالَتْ الْمُدَّةُ، وَلَا رَجْعَةَ لَهُ بَعْدَ الْأَقْرَاءِ، أَوْ الْأَشْهُرِ وَإِنْ لَمْ تَنْقَضِ بِذَلِكَ الْعِدَّةُ وَيَلْحَقُهَا الطَّلَاقُ. وَلَوْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ الْأَمَةَ، وَعَاشَرَهَا سَيِّدُهَا كَانَ كَمُعَاشَرَةِ الزَّوْجِ فَفِيهِ التَّفْصِيلُ الْمَارُّ. أَمَّا غَيْرُ الزَّوْجِ وَالسَّيِّدُ فَكَمُعَاشَرَةِ الْبَائِنِ فَتَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِمَا ذُكِرَ.

‌فَصْلٌ: فِيمَا يَجِبُ لِلْمُعْتَدَّةِ

وَعَلَيْهَا سَوَاءٌ أَكَانَتْ بَائِنًا أَمْ رَجْعِيَّةً وَقَدْ بَدَأَ بِالْقِسْمِ الثَّانِي فَقَالَ: (وَلِلْمُعْتَدَّةِ الرَّجْعِيَّةِ) وَلَوْ حَائِلًا وَأَمَةً (السُّكْنَى وَالنَّفَقَةُ) وَالْكِسْوَةُ وَسَائِرُ حُقُوقِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

بِالْمُعَاشَرَةِ أَنْ يَدُومَ عَلَى حَالَتِهِ الَّتِي كَانَتْ مَعَهَا قَبْلَ الطَّلَاقِ مِنْ النَّوْمِ مَعَهَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا وَالْخَلْوَةِ بِهَا كَذَلِكَ وَغَيْرُ ذَلِكَ قل عَلَى الْجَلَالِ وَقَوْلُهُ: بِلَا وَطْءٍ فِيهِ أَنَّهُ إذَا عَاشَرَ الرَّجْعِيَّةَ وَلَوْ بِوَطْءٍ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ وَحِينَئِذٍ فَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ: بِلَا وَطْءٍ وَقَوْلُهُ بِلَا وَطْءٍ عِبَارَةُ الْمَنْهَجِ بِوَطْءٍ أَوْ غَيْرِهِ.

قَوْلُهُ: (بِلَا وَطْءٍ) لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ لَوْ وَطِئَهَا كَانَ كَذَلِكَ، وَلَا يُحَدُّ بِوَطْئِهَا كَمَا رَجَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ اهـ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ إلَى بِهِ لِتَتَأَتَّى الْأَقْوَالُ الثَّلَاثَةُ: أَوَّلُهَا تَنْقَضِي مُطْلَقًا، لَا تَنْقَضِي مُطْلَقًا، أَوْ تَنْقَضِي إنْ كَانَتْ بَائِنًا قَوْلُهُ:(فَإِنْ كَانَتْ بَائِنًا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِمَا ذُكِرَ) لِأَنَّهَا إذَا كَانَتْ بَائِنًا وَعَاشَرَهَا بِوَطْءِ شُبْهَةٍ كَانَ كَذَلِكَ كَمُعَاشَرَةِ الرَّجْعِيَّةِ، أَمَّا الرَّجْعِيَّةُ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ مُعَاشَرَتِهَا بِالْوَطْءِ أَوْ غَيْرِهِ اهـ.

قَوْلُهُ: (لَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا بِذَلِكَ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلْغَيْرِ لَكِنْ إذَا زَالَتْ الْمُعَاشَرَةُ أَتَمَّتْ عَلَى مَا مَضَى مِنْ عِدَّتِهَا قَبْلَ الْمُعَاشَرَةِ إنْ كَانَ، وَإِلَّا فَتَسْتَأْنِفُ اهـ. عش وَمَرْحُومِيٌّ. وَعِبَارَةُ حَلَّ بَعْدَ قَوْلِ الْمَنْهَجِ: لَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا فَإِذَا زَالَتْ الْمُعَاشَرَةُ بِأَنْ نَوَى أَنَّهُ لَا يَعُودُ إلَيْهَا، كَمَّلَتْ عَلَى مَا مَضَى قَبْلَ الْمُعَاشَرَةِ.

وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ الْمُعَاشَرَةَ لَا تَنْقَطِعُ إلَّا بِالنِّيَّةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ عَادَ لِلْمُعَاشَرَةِ كَانَتْ مُعَاشَرَةً جَدِيدَةً اهـ. فَإِنْ لَمْ يَمْضِ زَمَنٌ فَلَا مُعَاشَرَةَ بِأَنْ اسْتَمَرَّتْ الْمُعَاشَرَةُ مِنْ حِينِ الطَّلَاقِ فَتَسْتَأْنِفُ الْعِدَّةَ مِنْ حِينِ زَوَالِ الْمُعَاشَرَةِ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ كَلَامُ حَلَّ فِي الْقَوْلَةِ الْأُخْرَى بَعْدَ هَذِهِ وَهِيَ مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ: إلَى انْقِضَاءِ أَيْ الْعِدَّةِ الَّتِي تَسْتَأْنِفُهَا بَعْدَ زَوَالِ الْمُعَاشَرَةِ وَلَا رَجْعَةَ لَهُ فِي هَذِهِ الْعِدَّةِ لِأَنَّ لُحُوقَ الطَّلَاقِ لِلتَّغْلِيظِ عَلَيْهِ اهـ. إذَا عَرَفْت هَذَا عَرَفْت أَنَّهُ لَا مُخَالَفَةَ بَيْنَ كَلَامِ مَرَّ وَكَلَامِ الْمَرْحُومِيِّ الْمَذْكُورِ. قَوْلُهُ: (وَلَا رَجْعَةَ لَهُ) : وَحِينَئِذٍ فَهِيَ كَالْبَائِنِ بَعْدَ مُضِيِّ عِدَّتِهَا الْأَصْلِيَّةِ إلَّا فِي لُحُوقِ الطَّلَاقِ خَاصَّةً فَلَا تَوَارُثَ بَيْنَهُمَا وَلَا يَصِحُّ مِنْهَا إيلَاءٌ وَلَا ظِهَارٌ وَلَا لِعَانٌ وَلَا نَفَقَةَ وَلَا كُسْوَةَ لَهَا وَيَجِبُ لَهَا السُّكْنَى وَلَا يُحَدُّ بِوَطْئِهَا كَمَا أَفْتَى بِجَمِيعِهَا الْوَالِدُ شَرْحُ مَرَّ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَنْكِحَ مِنْ يَحْرُمُ جَمْعُهُ مَعَهَا كَأُخْتِهَا وَاعْتَمَدَهُ الطُّوخِيُّ. قَوْلُهُ:(وَيَلْحَقُهَا الطَّلَاقُ) وَلَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِأُخْتِهَا وَبِرَابِعَةٍ خِلَافًا لِلشَّيْخِ سل وَاعْتَمَدَ الطُّوخِيُّ الْجَوَازَ اهـ. وَلَوْ طَلُقَتْ اسْتَأْنَفَتْ عِدَّةً وَأَمَّا لَوْ مَاتَ فَهَلْ تَنْتَقِلُ إلَى عِدَّةِ الْوَفَاةِ أَوْ لَا؟ عَنَانِيٌّ عَلَى الْمَنْهَجِ.

قَوْلُهُ: (وَعَاشَرَهَا سَيِّدُهَا) الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ إذَا عَاشَرَهَا سَيِّدُهَا سَوَاءٌ كَانَ بِالْوَطْءِ أَوْ غَيْرِهِ وَسَوَاءٌ كَانَتْ بَائِنًا مِنْ زَوْجِهَا أَوْ لَا كَانَ حُكْمُهَا كَالرَّجْعِيَّةِ كَمَا ذَكَرَهُ مَرَّ فِي شَرْحِهِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ، كَانَ كَمُعَاشَرَةِ الزَّوْجِ غَيْرُ ظَاهِرٍ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا حف. هَذَا وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ فَهُوَ أَيْ السَّيِّدُ فِي أَمَتِهِ كَالْمُفَارِقِ فِي الرَّجْعِيَّةِ قَوْلُهُ:(فَفِيهِ التَّفْصِيلُ) أَيْ إنْ كَانَتْ رَجْعِيَّةً لَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا وَإِنْ كَانَ بَائِنًا انْقَضَتْ اهـ.

[فَصْلٌ فِيمَا يَجِبُ لِلْمُعْتَدَّةِ]

ِ قَوْلُهُ: (وَعَلَيْهَا) أَيْ كَالْإِحْدَادِ قَوْلُهُ: (وَقَدْ بَدَأَ بِالْقِسْمِ الثَّانِي) وَهُوَ الرَّجْعِيَّةُ أَيْ بِاعْتِبَارِ مَا يَجِبُ لَهَا قَوْلُهُ: (وَلِلْمُعْتَدَّةِ الرَّجْعِيَّةِ) نَظَمَ ذَلِكَ بَعْضُهُمْ فَقَالَ:

قَدْ أَوْجَبُوا السُّكْنَى لِذَاتِ عِدَّةٍ

مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ لَهَا بِصِفَةٍ

وَمُؤَنٌ سِوَى تَنَظُّفٍ يَجِبْ

لِذَاتِ رَجْعَةٍ بِلَا قَيْدٍ صُحِبْ

كَذَا لِبَائِنٍ بِشَرْطِ الْحَمْلِ

فِي فُرْقَةِ الْحَيَاةِ فَاحْفَظْ نَقْلِي

ص: 53

الزَّوْجِيَّةِ إلَّا آلَةَ تَنْظِيفٍ لِبَقَاءِ حَبْسِ النِّكَاحِ وَسَلْطَنَتِهِ وَلِهَذَا تَسْقُطُ بِنُشُوزِهَا ثُمَّ شَرَعَ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ فَقَالَ: (وَلِلْبَائِنِ) الْحَائِلِ بِخُلْعٍ أَوْ ثَلَاثٍ فِي غَيْرِ نُشُوزٍ (السُّكْنَى دُونَ النَّفَقَةِ) وَالْكِسْوَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ} [الطلاق: 6] فَلَا سُكْنَى لِمَنْ أَبَانَهَا نَاشِزَةً أَوْ نَشَزَتْ فِي الْعِدَّةِ إلَّا إنْ عَادَتْ إلَى الطَّاعَةِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ. ثُمَّ اسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ قَوْلَهُ (إلَّا أَنْ تَكُونَ) الْبَائِنُ (حَامِلًا) بِوَلَدٍ يَلْحَقُ الزَّوْجَ فَيَجِبُ لَهَا مِنْ النَّفَقَةِ بِسَبَبِ الْحَمْلِ عَلَى أَظْهَرِ الْقَوْلَيْنِ: مَا كَانَ سَقَطَ عِنْدَ عَدَمِهِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

قَوْلُهُ: (وَأَمَةً) : أَيْ وَكَانَتْ مُسْلِمَةً لَهُ لَيْلًا وَنَهَارًا قَوْلُهُ: (السُّكْنَى) نَعَمْ الصَّغِيرَةُ وَالْأَمَةُ إذَا لَمْ تَجِبْ نَفَقَتُهُمَا أَيْ قَبْلَ الْفِرَاقِ، فَلَا سُكْنَى لَهُمَا شَرْحُ الْمَنُوفِيِّ. قَوْلُهُ:(دُونَ النَّفَقَةِ) وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ السُّكْنَى، أَنَّ السُّكْنَى لِتَحْصِينِ مَائِهِ فَاسْتَوَى فِيهَا حَالُ الزَّوْجِيَّةِ وَعَدَمُهَا وَالنَّفَقَةُ لِلتَّمْكِينِ وَهُوَ خَاصٌّ بِالزَّوْجِيَّةِ، شَرْحُ الْمَنُوفِيِّ وَقَوْلُهُ: لِتَحْصِينِ مَائِهِ هَذَا لَا يَشْمَلُ الصَّغِيرَةَ إلَّا أَنْ يُقَالَ: هُوَ جَرْيٌ عَلَى الْغَالِبِ وَقَدْ يُتَصَوَّرُ وُجُوبُ الْعِدَّةِ عَلَيْهَا بِاسْتِدْخَالِ الْمَاءِ قَالَهُ الْبِرْمَاوِيُّ وَقَوْلُهُ: بِالزَّوْجِيَّةِ أَيْ وَمَا أُلْحِقَ بِهَا كَالرَّجْعِيَّةِ وَتَسْقُطُ السُّكْنَى بِمُضِيِّ الزَّمَانِ، لِأَنَّهَا إمْتَاعٌ لَا تَمْلِيكٌ، بِخِلَافِ النَّفَقَةِ وَتُقَدَّمُ سُكْنَاهَا عَلَى الدُّيُونِ الْمُرْسَلَةِ فِي الذِّمَّةِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر قَالَ ع ش: وَتُقَدَّمُ سُكْنَاهَا عَلَى مُؤَنِ التَّجْهِيزِ لِأَنَّهُ حَقٌّ تَعَلَّقَ بِعَيْنِ التَّرِكَةِ وَلَيْسَ هُوَ مِنْ الدُّيُونِ الْمُرْسَلَةِ فِي الذِّمَّةِ وَيَنْبَغِي أَنَّ هَذَا إذَا كَانَ مِلْكَهُ أَوْ اسْتَحَقَّ مَنْفَعَتَهُ مُدَّةَ عِدَّتِهَا بِإِجَارَةٍ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ إذَا خَلَفَهَا فِي بَيْتٍ مُعَارٍ أَوْ مُؤَجَّرٍ وَانْقَضَتْ الْمُدَّةُ أَنَّهَا تُقَدَّمُ بِأُجْرَةِ الْمَسْكَنِ عَلَى مُؤَنِ التَّجْهِيزِ أَيْضًا. وَيُحْتَمَلُ وَهُوَ الظَّاهِرُ أَنَّهَا تُقَدَّمُ بِأُجْرَةِ يَوْمِ الْمَوْتِ فَقَطْ لِأَنَّ مَا بَعْدَهُ لَا يَجِبُ إلَّا بِدُخُولِهِ، فَلَمْ يُزَاحِمْ مُؤَنَ التَّجْهِيزِ اهـ. ع ش عَلَى م ر قَالَ سم وَسُكْنَى الْمُعْتَدَّةِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ تَرِكَةً سُنَّ لِلْوَارِثِ التَّبَرُّعُ بِهَا مِنْ مَالِهِ، وَلِلْقَاضِي إسْكَانُهَا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَإِنْ أَسْكَنَهَا أَحَدُهُمَا فَعَلَيْهَا الْإِجَابَةُ وَإِلَّا سَكَنَتْ حَيْثُ أَرَادَتْ، وَلَوْ مَضَتْ مُدَّةُ الْعِدَّةِ أَوْ بَعْضُهَا وَلَمْ تُطَالِبْ بِالسُّكْنَى سَقَطَتْ بِخِلَافِ النَّفَقَةِ، وَلَوْ أَسْقَطَتْ الْمُعْتَدَّةُ السُّكْنَى لَمْ تَسْقُطْ لِأَنَّهُ إسْقَاطٌ لِمَا لَمْ يَجِبْ، لِأَنَّهَا إنَّمَا تَجِبُ يَوْمًا بِيَوْمٍ وَلِمَا فِيهَا مِنْ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى نَعَمْ يَسْقُطُ سُكْنَى الْيَوْمِ الْأَوَّلِ لِوُجُوبِهَا فِيهِ. وَعِبَارَةُ م ر وَلَوْ أَسْقَطَتْ حَقَّ السُّكْنَى عَنْ الزَّوْجِ الْحَيِّ لَمْ يَسْقُطْ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْمُصَنِّفُ، لِوُجُوبِهَا يَوْمًا بِيَوْمٍ وَإِسْقَاطُ مَا لَمْ يَجِبْ لَاغٍ اهـ وَقَوْلُهُ: لِوُجُوبِهَا قَالَ ع ش: يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهَا تَسْقُطُ عَنْهُ فِي الْيَوْمِ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ الْإِسْقَاطُ مِنْهَا لِوُجُوبِ سُكْنَاهُ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ، اهـ.

قَوْلُهُ: (أَوْ نَشَزَتْ فِي الْعِدَّةِ) أَيْ كَأَنْ خَرَجَتْ مِنْ الْمَسْكَنِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ تُبِيحُ لَهَا الْخُرُوجَ.

قَوْلُهُ: (إلَّا إنْ عَادَتْ إلَى الطَّاعَةِ) وَلَوْ فِي أَثْنَاءِ الْيَوْمِ فَتَجِبُ لَهَا السُّكْنَى بِمُجَرَّدِ الطَّاعَةِ، وَلَوْ غَيْرَ بَائِنٍ بِخِلَافِ الْمُؤْنَةِ فَتَسْقُطُ لِيَوْمِهَا وَالْكِسْوَةِ فَتَسْقُطُ لِلْفَصْلِ، وَإِنْ عَادَتْ لِلطَّاعَةِ كَمَا أَفَادَهُ شَيْخُنَا ح ف. خِلَافًا لِابْنِ حَجَرٍ حَيْثُ قَالَ: تَعُودُ الْكِسْوَةُ بِعَوْدِهَا لِلطَّاعَةِ.

قَوْلُهُ: (ثُمَّ اسْتَثْنَى) هَذَا الِاسْتِثْنَاءُ لَا يَصِحُّ إلَّا بِقَطْعِ النَّظَرِ عَمَّا قَدَّرَهُ الشَّارِحُ أَوَّلًا.

قَوْلُهُ: (إلَّا أَنْ تَكُونَ حَامِلًا) أَيْ فَيَجِبُ لَهَا مَا كَانَ سَقَطَ عِنْدَ عَدَمِ الْحَمْلِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 6] وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّهَا مَشْغُولَةٌ بِمَائِهِ فَصَارَ كَالِاسْتِمْتَاعِ فِي حَالِ الزَّوْجِيَّةِ، فَإِنَّ النَّسْلَ مَقْصُودُ النِّكَاحِ كَمَا أَنَّ الْوَطْءَ مَقْصُودٌ بِهِ قَالَهُ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ. وَفِي زَوَائِدِ الرَّوْضَةِ قَالَ الْمُتَوَلِّي: وَكَمَا تَسْتَحِقُّ الْبَائِنُ الْحَامِلُ النَّفَقَةَ، تَسْتَحِقُّ الْأُدْمَ، وَالْكِسْوَةَ، سَوَاءٌ قُلْنَا: النَّفَقَةُ لِلْحَامِلِ أَوْ لِلْحَمْلِ شَرْحُ الْمَنُوفِيِّ. قَوْلُهُ: (فَيَجِبُ لَهَا مِنْ النَّفَقَةِ) الْمُرَادُ بِهَا هُنَا سَائِرُ الْمُؤَنِ الشَّامِلَةِ لِلْكِسْوَةِ وَغَيْرِهَا.

قَوْلُهُ: (عَلَى أَظْهَرِ الْقَوْلَيْنِ) وَهُوَ أَنَّ النَّفَقَةَ لَهَا بِسَبَبِ الْحَمْلِ وَمُقَابِلُهُ: أَنَّ النَّفَقَةَ لِلْحَمْلِ، وَيَنْبَنِي عَلَى الْقَوْلَيْنِ أَنَّهَا عَلَى الْأَوَّلِ الْأَظْهَرُ تَسْقُطُ بِالنُّشُوزِ، وَلَا تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَنِ، بَلْ تَصِيرُ دَيْنًا عَلَيْهِ.

وَعَلَى الثَّانِي لَا تَسْقُطُ بِالنُّشُوزِ وَتَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَنِ لِأَنَّهَا نَفَقَةُ قَرِيبٍ، وَيَنْبَنِي عَلَى الْخِلَافِ أَيْضًا أَنَّهَا تَكُونُ مُقَدَّرَةً عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا لَهَا وَغَيْرَ مُقَدَّرَةٍ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا لَهُ وَعِبَارَةُ الدَّمِيرِيِّ عَلَى الْمِنْهَاجِ فَتَجِبُ لَهَا بِسَبَبِهِ، لِأَنَّهَا مُقَدَّرَةٌ وَلَا تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ وَلَوْ كَانَتْ لَهُ لَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ،

ص: 54

إذَا تَوَافَقَا عَلَى الْحَمْلِ أَوْ شَهِدَ بِهِ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ مَا لَمْ تَنْشِزْ فِي الْعِدَّةِ. فَإِنْ نَشَزَتْ فِيهَا سَقَطَ مَا وَجَبَ لَهَا بِنَاءً عَلَى الْأَظْهَرِ الْمُتَقَدِّمِ وَخَرَجَ بِقَيْدِ الْبَائِنِ الْمُعْتَدَّةُ عَنْ وَفَاةٍ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا وَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا لِخَبَرِ: «لَيْسَ لِلْحَامِلِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا نَفَقَةٌ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَلِأَنَّهَا بَانَتْ بِالْوَفَاةِ وَالْقَرِيبُ تَسْقُطُ مُؤْنَتُهُ بِهَا وَإِنَّمَا لَمْ تَسْقُطْ فِيمَا لَوْ تُوُفِّيَ بَعْدَ بَيْنُونَتِهَا، لِأَنَّهَا وَجَبَتْ قَبْلَ الْوَفَاةِ فَاغْتُفِرَ بَقَاؤُهَا فِي الدَّوَامِ لِأَنَّهُ أَقْوَى مِنْ الِابْتِدَاءِ.

(وَ) يَجِبُ (عَلَى الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا) وَلَوْ أَمَةً (الْإِحْدَادُ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ: «لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ تُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثٍ إلَّا

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَقِيلَ تَجِبُ لَهُ فَعَلَى الْأَوَّلِ لَا تَجِبُ لِحَامِلٍ عَنْ شُبْهَةٍ أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ، لِأَنَّ النِّكَاحَ الْفَاسِدَ لَا يُوجِبُ النَّفَقَةَ فَعِدَّتُهُ أَوْلَى وَعَلَى الثَّانِي تَجِبُ كَمَا تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ بَعْدَ الِانْفِصَالِ.

قَوْلُهُ: (إذَا تَوَافَقَا إلَخْ) ظَرْفٌ لِقَوْلِهِ: فَيَجِبُ لَهَا إلَخْ فَإِنْ لَمْ يَتَوَافَقَا وَلَمْ تَحْصُلْ شَهَادَةٌ فَلَا يَلْزَمُ بِالدَّفْعِ إلَّا مِنْ حِينِ ظُهُورِ الْحَمْلِ فَإِذَا ظَهَرَ لَزِمَهُ الدَّفْعُ، مِنْ حِينَئِذٍ وَلَزِمَهُ أَدَاءُ مَا وَجَبَ لَهَا قَبْلَ الظُّهُورِ لِأَنَّ النَّفَقَةَ لَهَا بِسَبَبِ الْحَمْلِ. وَهِيَ لَا تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ.

قَوْلُهُ: (فَإِنْ نَشَزَتْ) بَابُهُ قَعَدَ وَضَرَبَ فَالْمُضَارِعُ مُخْتَلِفٌ كَالْمَصْدَرِ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ وَفِي الْمُخْتَارِ أَنَّهُ مِنْ بَابِ جَلَسَ وَنَصَرَ.

قَوْلُهُ: (سَقَطَ مَا وَجَبَ لَهَا) نَعَمْ إنْ عَادَتْ فِي أَثْنَاءِ يَوْمٍ عَادَتْ السُّكْنَى دُونَ النَّفَقَةِ ق ل قَوْلُهُ: (عَلَى الْأَظْهَرِ) وَهُوَ أَنَّ النَّفَقَةَ تَجِبُ لَهَا بِسَبَبِ الْحَمْلِ قَوْلُهُ: (وَالْقَرِيبُ تَسْقُطُ إلَخْ) أَيْ فَالزَّوْجَةُ مِثْلُهُ وَقَدْ يُقَالُ هَذَا قِيَاسٌ مَعَ الْفَارِقِ لِأَنَّ نَفَقَةَ الزَّوْجَةِ أَقْوَى بِدَلِيلِ عَدَمِ سُقُوطِهَا بِمُضِيِّ الزَّمَنِ وَأَنَّ نَفَقَتَهَا تُقَدَّمُ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْهَا كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا. وَقَرَّرَ أَيْضًا أَنَّ هَذَا إنَّمَا يَجْرِي عَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ الْقَائِلِ بِأَنَّ النَّفَقَةَ لِلْحَمْلِ.

قَوْلُهُ: (بَعْدَ بَيْنُونَتِهَا) أَيْ إذَا كَانَتْ حَامِلًا قَوْلُهُ: (لِأَنَّهَا وَجَبَتْ قَبْلَ الْوَفَاةِ) أَيْ وَلِأَنَّ الْبَائِنَ لَا تَنْتَقِلُ لِعِدَّةِ الْوَفَاةِ بِخِلَافِ الرَّجْعِيَّةِ وَحَيْثُ وَجَبَتْ لَمْ تُؤَخَّرْ إلَى الْوَضْعِ بَلْ يُسَلِّمُ لَهَا يَوْمًا فَيَوْمًا لَكِنْ بَعْدَ ثُبُوتِ ظُهُورِ الْحَمْلِ وَلَوْ بِأَرْبَعِ نِسْوَةٍ أَوْ اعْتِرَافِ الزَّوْجِ بِهِ وَلَوْ ظَنَّهَا حَامِلًا فَأَنْفَقَ عَلَيْهَا فَبَانَتْ حَائِلًا رَجَعَ عَلَيْهَا وَلَوْ نَفَاهُ بِاللِّعَانِ سَقَطَتْ النَّفَقَةُ دُونَ السُّكْنَى فَإِنْ اسْتَلْحَقَهُ فَلَهَا الرُّجُوعُ عَلَيْهِ بِأُجْرَةِ الْإِرْضَاعِ وَبِبَدَلِ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ قَبْلَ لُحُوقِهِ كَمَا لَوْ أَدَّى دَيْنًا ظَنَّهُ عَلَيْهِ، وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ أَنَّ نَفَقَةَ الْقَرِيبِ لَا تَصِيرُ دَيْنًا إلَّا بِإِذْنِ الْقَاضِي لِأَنَّ الْأَبَ هُنَا تَعَدَّى بِالنَّفْيِ وَلَمْ يَكُنْ لَهَا طَلَبٌ فِي ظَاهِرِ الشَّرْعِ، فَلَمَّا أَكْذَبَ نَفْسَهُ رَجَعَتْ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ وَتُصَدَّقُ بِيَمِينِهَا وَلَوْ أَمَةً فِي دَعْوَى تَأَخُّرِ الْوَضْعِ سم.

قَوْلُهُ: (وَيَجِبُ عَلَى الْمُتَوَفَّى عَنْهَا) أَيْ الْمُعْتَدَّةِ عَنْ وَفَاةٍ، وَعِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ وَيَجِبُ الْإِحْدَادُ عَلَى مُعْتَدَّةِ وَفَاةٍ قَالَ م ر فِي شَرْحِهِ. وَعَدَلَ عَنْ قَوْلِ غَيْرِهِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا لِيَشْمَلَ حَامِلًا مِنْ شُبْهَةٍ حَالَةَ الْمَوْتِ فَلَا يَلْزَمُهَا إحْدَادٌ حَالَةَ الْحَمْلِ الْوَاقِعِ عَنْ الشُّبْهَةِ بَلْ بَعْدَ وَضْعِهِ اهـ. وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ لِئَلَّا يَشْمَلَ إلَخْ بَدَلَ قَوْلِهِ: لِيَشْمَلَ اهـ. وَلَوْ أَحْبَلَهَا بِشُبْهَةٍ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا أَيْ حَامِلًا ثُمَّ مَاتَ اعْتَدَّتْ بِالْوَضْعِ عَنْهُمَا فِي أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ وَلَا يَرِدُ ذَلِكَ عَلَى الْكِتَابِ لِأَنَّهُ يُصَدَّقُ عَلَى مَا بَقِيَ مِنْ عِدَّةِ الشُّبْهَةِ، أَنَّهُ عِدَّةُ وَفَاةٍ فَلَزِمَهَا الْإِحْدَادُ فِيهَا، وَإِنْ شَارَكَتْهَا الشُّبْهَةُ. اهـ. م ر. وَقَوْلُهُ: وَإِنْ شَارَكَتْهَا الشُّبْهَةُ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ سُقُوطِ عِدَّةِ الشُّبْهَةِ بِالتَّزَوُّجِ بِالْكُلِّيَّةِ، وَإِنْ كَانَتْ لِلْمُتَزَوِّجِ وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا إلَّا أَنَّهَا لَمْ تَحْمِلْ مِنْ وَطْءِ الشُّبْهَةِ اعْتَدَّتْ بِالْأَشْهُرِ، عَنْ الْوَفَاةِ، وَدَخَلَ فِيهَا عِدَّةُ وَطْءِ الشُّبْهَةِ لِأَنَّهُمَا لِشَخْصٍ وَاحِدٍ، وَإِنْ حَمَلَتْ مِنْ وَطْءِ الزَّوْجِيَّةِ اعْتَدَّتْ عِدَّةَ الْوَفَاةِ بِوَضْعِهِ وَدَخَلَ فِيهَا عِدَّةُ الشُّبْهَةِ اهـ. سم عَلَى حَجّ ع ش عَلَى م ر وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ عَلَى الْمَنْهَجِ.

قَوْلُهُ: عَلَى مُعْتَدَّةِ وَفَاةٍ أَيْ بِأَيِّ صِفَةٍ كَانَتْ وَهَذِهِ الْعِبَارَةُ أَحْسَنُ مِنْ قَوْلِهِ: الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا لِأَنَّهَا تُفِيدُ مَسْأَلَةً حَسَنَةً وَهِيَ مَا لَوْ مَاتَ عَنْهَا وَهِيَ مُعْتَدَّةٌ بِحَمْلٍ مِنْ شُبْهَةٍ فَلَا يَجِبُ الْإِحْدَادُ، حَتَّى تَشْرَعَ فِي عِدَّةِ الْوَفَاةِ بَعْدَ الْوَضْعِ نَعَمْ لَوْ كَانَ الْحَمْلُ عَنْ الشُّبْهَةِ وَالْوَفَاةِ وَجَبَ الْإِحْدَادُ وَلَا تَمْنَعُ مِنْهُ الشُّبْهَةُ. قَالَ شَيْخُنَا وَظَاهِرُهُ دَوَامُ الْإِحْدَادِ، وَإِنْ طَالَ زَمَنُ الْحَمْلِ إلَى الْوَضْعِ وَلَوْ لِأَرْبَعِ سِنِينَ رَاجِعْهُ.

قَوْلُهُ: (الْإِحْدَادُ) وَتَرْكُهُ كَبِيرَةٌ ع ش.

قَوْلُهُ: (فَوْقَ ثَلَاثٍ) . وَأَمَّا الثَّلَاثُ وَمَا دُونَهَا فَيَحِلُّ فِيهَا لِلْمَرْأَةِ فِي نَحْوِ الْقَرِيبِ فَقَطْ، وَالْكَلَامُ هُنَا شَامِلٌ لِلْحَامِلِ وَلَوْ بَقِيَتْ حَامِلًا أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ فَتُحِدُّهَا فَقَطْ. كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا ح ف وَعِبَارَةُ ز ي بَعْدَ قَوْلِ الْمَنْهَجِ مِنْ قَرِيبٍ وَسَيِّدٍ وَكَذَا أَجْنَبِيٌّ حَيْثُ لَا رِيبَةَ فِيمَا يَظْهَرُ بِأَنْ كَانَ عَالَمًا أَوْ صَالِحًا أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ قَالَ النَّاشِرِيُّ وَفِي مَعْنَى ذَلِكَ الْمَمْلُوكُ وَالصِّهْرُ

ص: 55

عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا» أَيْ فَيَحِلُّ لَهَا الْإِحْدَادُ عَلَيْهِ أَيْ يَجِبُ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى إرَادَتِهِ وَالتَّقْيِيدُ بِإِيمَانِ الْمَرْأَةِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ لِأَنَّ غَيْرَهَا مِمَّنْ لَهَا أَمَانٌ يَلْزَمُهَا الْإِحْدَادُ وَعَلَى وَلِيِّ صَغِيرَةٍ وَمَجْنُونَةٍ مَنْعُهُمَا مِمَّا يُمْنَعُ مِنْهُ غَيْرُهُمَا، وَسُنَّ لِمُفَارَقَةٍ وَلَوْ رَجْعِيَّةً وَلَا يَجِبُ لِأَنَّهَا إنْ فُورِقَتْ بِطَلَاقٍ فَهِيَ مَجْفُوَّةٌ بِهِ أَوْ بِفَسْخٍ فَالْفَسْخُ مِنْهَا أَوْ لِمَعْنًى فِيهَا فَلَا يَلِيقُ بِهَا. فِيهِمَا إيجَابُ الْإِحْدَادِ بِخِلَافِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا وَمَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّ الرَّجْعِيَّةَ يُسَنُّ لَهَا ذَلِكَ هُوَ مَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا عَنْ أَبِي ثَوْرٍ عَنْ الشَّافِعِيِّ ثُمَّ نُقِلَ عَنْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ، أَنَّ الْأَوْلَى لَهَا أَنْ تَتَزَيَّنَ بِمَا يَدْعُو الزَّوْجُ إلَى رَجْعَتِهَا (وَهُوَ) أَيْ الْإِحْدَادُ مِنْ أَحَدَّ وَيُقَالُ فِيهِ الْحِدَادُ مِنْ حَدَّ لُغَةً الْمَنْعُ وَاصْطِلَاحًا الِامْتِنَاعُ مِنْ الزِّينَةِ فِي الْبَدَنِ بِحُلِيٍّ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ سَوَاءٌ أَكَانَ كَبِيرًا كَالْخَلْخَالِ وَالسِّوَارِ أَمْ صَغِيرًا كَالْخَاتَمِ وَالْقُرْطِ لِمَا رَوَى أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَالصَّدِيقُ كَمَا أُلْحِقُوا بِهِمْ فِي أَعْذَارِ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ. وَضَابِطُهُ أَنَّ مَنْ حَزِنَتْ لِمَوْتِهِ فَلَهَا الْإِحْدَادُ عَلَيْهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَمَنْ لَا فَلَا وَيُمْكِنُ حَمْلُ إطْلَاقِ الْحَدِيثِ وَالْأَصْحَابِ عَلَى هَذَا وَظَاهِرٌ أَنَّ الزَّوْجَ لَوْ مَنَعَهَا، مِمَّا يَنْقُصُ بِهِ تَمَتُّعُهُ حَرُمَ عَلَيْهَا فِعْلُهُ كَمَا فِي شَرْحِ م ر. أَيْ وَلَوْ كَانَ مِمَّا يَجُوزُ لَهَا الْإِحْدَادُ عَلَيْهِ كَأَبِيهَا وَانْظُرْ هَلْ ذَلِكَ كَبِيرَةٌ أَمْ لَا وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِأَنَّهُ لَا وَعِيدَ عَلَى فِعْلِهِ وَمُجَرَّدُ النَّهْيِ إنَّمَا يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ لَا كَوْنَ الْفِعْلِ كَبِيرَةً مُوجِبَةً لِلْفِسْقِ وَفِي الزَّوَاجِرِ إنَّهُ كَبِيرَةٌ وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِيهِ اهـ. قَالَهُ: ع ش قَوْلُهُ: (أَيْ يَجِبُ) لِأَنَّهُ جَوَازٌ بَعْدَ مَنْعٍ فَيَكُونُ وَاجِبًا كَالْخِتَانِ وَقَطْعِ يَدِ السَّارِقِ أَوْ فَيَصْدُقُ بِالْوَاجِبِ الَّذِي وَقَعَ عَلَيْهِ الْإِجْمَاعُ.

قَوْلُهُ: (لِلْإِجْمَاعِ عَلَى إرَادَتِهِ) : وَكَأَنَّهُ لَمْ يَنْظُرْ إلَى مُخَالَفَةِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ فِي ذَلِكَ ق ل.

قَوْلُهُ: (بِإِيمَانِ الْمَرْأَةِ) أَيْ الْمَذْكُورَةِ فِي الْحَدِيثِ.

قَوْلُهُ: (جَرَى عَلَى الْغَالِبِ) أَوْ لِأَنَّهُ أَبْعَثُ عَلَى الِامْتِثَالِ وَإِنْ كَانَ زَوْجُهَا كَافِرًا. اهـ. ع ش.

قَوْلُهُ: (مِمَّنْ لَهَا أَمَانٌ) كَالذِّمِّيَّةِ وَالْمُعَاهَدَةِ وَالْمُسْتَأْمَنَةِ وَرَاعَى مَعْنَى غَيْرٍ فَأَنَّثَ الضَّمِيرَ الرَّاجِعَ إلَيْهَا.

قَوْلُهُ: (يَلْزَمُهَا الْإِحْدَادُ) بِمَعْنَى أَنَّا نُلْزِمُهَا بِهِ وَإِلَّا فَيَلْزَمُ غَيْرَ مَنْ لَهَا أَمَانٌ أَيْضًا لَكِنْ لُزُومُ عِقَابٍ فِي الْآخِرَةِ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ مُخَاطَبَةِ الْكُفَّارِ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ. اهـ. رَشِيدِيٌّ.

قَوْلُهُ: (وَسُنَّ) أَيْ الْإِحْدَادُ لِمُفَارَقَةٍ قَوْلُهُ: (وَلَا يَجِبُ) أَتَى بِهِ مَعَ عِلْمِهِ مِنْ قَوْلِهِ: سُنَّ لِأَجْلِ التَّعْلِيلِ بَعْدَهُ وَلِلرَّدِّ عَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِهِ عَلَيْهَا كَالْمُتَوَفَّى عَنْهَا قَالَ م ر وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّهَا مَجْفُوَّةٌ بِالْفِرَاقِ إلَخْ فَغَرَضُ الشَّارِحِ بِقَوْلِهِ: لِأَنَّهَا إنْ فُورِقَتْ إلَخْ إبْدَاءُ فَارَقَ فِي الْقِيَاسِ الَّذِي اسْتَنَدَ لَهُ الْقَوْلُ الضَّعِيفُ فَتَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ: (فَهِيَ مَجْفُوَّةٌ) أَيْ مَهْجُورَةٌ وَمَتْرُوكَةٌ بِسَبَبِ الطَّلَاقِ وَنَفْسُهَا قَائِمَةٌ مِنْهُ وَإِذَا كَانَتْ مَجْفُوَّةً فَلَا يُطْلَبُ لَهَا الْإِحْدَادُ لِإِعْرَاضِ الزَّوْجِ عَنْهَا فَلَا يَلِيقُ بِهَا أَنْ تَحْزَنَ عَلَيْهِ بَلْ قَدْ تُكْثِرُ مِنْ التَّزَيُّنِ لِتَلْتَحِقَ بِغَيْرِهِ رَغْمًا لِأَنْفِهِ، وَفِي الْمِثْلِ: مَنْ جَفَاك فَاجْفُهُ، وَعَنْ بَعْضِ الْأَكَابِرِ: مَنْ لَمْ يَتَّخِذْك كُحْلًا لَعَيْنَيْهِ لَا تَتَّخِذْهُ نَعْلًا لِقَدَمَيْك.

قَوْلُهُ: (أَوْ لِمَعْنًى) أَيْ عَيْبٍ فِيهَا إلَخْ قَوْلُهُ: (هُوَ مَا نَقَلَهُ) مُعْتَمَدٌ وَقَوْلُهُ: ثُمَّ نَقَلَ إلَخْ ضَعِيفٌ.

قَوْلُهُ: (بِمَا يَدْعُو الزَّوْجَ إلَخْ) مَحِلُّهُ إنْ رَجَتْ عَوْدَهُ بِالتَّزَيُّنِ وَلَمْ يُتَوَهَّمْ أَنَّهُ لِفَرَحِهَا بِطَلَاقِهِ وَإِلَّا تَرَكَتْهُ اهـ. ز ي وح ل. وَهَذَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ جَمْعًا بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ. قَوْلُهُ: (وَيُقَالُ فِيهِ الْحِدَادُ) وَيُرْوَى بِالْجِيمِ الْمَكْسُورَةِ مِنْ جَدَدْت الشَّيْءَ قَطَعْته سم.

قَوْلُهُ: (مِنْ حَدَّ) وَمُضَارِعُهُ يَحُدُّ بِضَمِّ الْحَاءِ وَكَسْرِهَا حِدَادًا كَمَا فِي الْمُخْتَارِ.

قَوْلُهُ: (لُغَةً الْمَنْعُ) لِأَنَّ الْمُحِدَّةَ تَمْنَعُ نَفْسَهَا مِنْ الطِّيبِ وَالزِّينَةِ ح ل.

قَوْلُهُ: (الِامْتِنَاعُ مِنْ الزِّينَةِ) عِبَارَةُ الْمَنْهَجِ وَهُوَ تَرْكُ لُبْسِ مَصْبُوغٍ لِزِينَةٍ وَلَوْ قَبْلَ نَسْجِهِ أَوْ خَشِنًا وَتَحِلُّ مَعَ الْكَرَاهَةِ بِحَبٍّ غَيْرِ لُؤْلُؤٍ وَمَصْبُوغٍ نَهَارًا. قَالَ فِي ش وَخَرَجَ بِالنَّهَارِ التَّحَلِّي بِمَا ذُكِرَ لَيْلًا فَجَائِزٌ بِلَا كَرَاهَةٍ لِحَاجَةٍ وَمَعَهَا لِغَيْرِ حَاجَةٍ. اهـ فَقَوْلُهُ نَهَارًا رَاجِعٌ لِلتَّحَلِّي كَمَا يَدُلُّ لَهُ كَلَامُهُ فِي الْمَفْهُومِ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ لُبْسَ الْمَصْبُوغِ تَمْتَنِعُ مِنْهُ لَيْلًا وَنَهَارًا وَانْظُرْ مَا الْفَارِقُ ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ م ر مَا نَصُّهُ وَفَارَقَ حُرْمَةَ اللُّبْسِ وَالتَّطَيُّبِ لَيْلًا بِأَنَّهُمَا يُحَرِّكَانِ الشَّهْوَةَ غَالِبًا وَلَا كَذَلِكَ الْحُلِيُّ اهـ. وَفِي ق ل وَلُبْسُ مَصْبُوغٍ أَيْ وَلَوْ لَيْلًا وَمَسْتُورًا اهـ.

قَوْلُهُ: (بِحُلِيٍّ) الْحُلِيُّ جَمْعُ حَلْيٍ مِثْلَ ثَدْيٍ وَثُدِيٍّ وَقَدْ تُكْسَرُ الْحَاءُ وَقُرِئَ مِنْ حَلْيِهِمْ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَكَسْرِهَا اهـ مُخْتَارٌ وَعِبَارَةُ الدَّمِيرِيِّ الْحَلْيُ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَإِسْكَانِ اللَّامِ وَجَمْعُهُ حُلِيٌّ بِضَمِّ الْحَاءِ وَكَسْرِ اللَّامِ وَمُرَادُ الْمُصَنِّفِ الْمُفْرَدُ وَهُوَ كُلُّ مَا يُتَزَيَّنُ بِهِ مِنْ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ وَجَوْهَرٍ.

قَوْلُهُ: (وَالْقُرْطِ) هُوَ عَلَى وَزْنِ فُعْلٍ بِضَمِّ الْفَاءِ وَسُكُونِ الْعَيْنِ وَجَمْعُهُ قِرَاطٌ كَرُمْحٍ وَرِمَاحٍ وَهُوَ حَلَقٌ يُعَلَّقُ فِي شَحْمَةِ الْأُذُنِ وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا

ص: 56

أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا لَا تَلْبَسُ الْحُلِيَّ وَلَا تَكْتَحِلُ وَلَا تَخْتَضِبُ» وَإِنَّمَا حَرُمَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ يَزِيدُ فِي حُسْنِهَا كَمَا قِيلَ:

وَمَا الْحُلِيُّ إلَّا زِينَةٌ لِنَقِيصَةٍ

يُتَمِّمُ مِنْ حُسْنٍ إذَا الْحُسْنُ قَصَّرَا

فَأَمَّا إذَا كَانَ الْجَمَالُ مُوَفَّرًا

كَحُسْنِكِ لَمْ يَحْتَجْ إلَى أَنْ يُزَوَّرَا

وَكَذَا اللُّؤْلُؤُ يَحْرُمُ التَّزَيُّنُ بِهِ فِي الْأَصَحِّ، لِأَنَّ الزِّينَةَ فِيهِ ظَاهِرَةٌ أَوْ بِثِيَابٍ مَصْبُوغَةٍ لِزِينَةٍ لِحَدِيثِ أَبِي دَاوُد بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ:«الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا لَا تَلْبَسُ الْمُعَصْفَرَ مِنْ الثِّيَابِ وَلَا الْمُمَشَّقَةَ وَلَا الْحُلِيَّ وَلَا تَخْتَضِبُ وَلَا تَكْتَحِلُ» . وَالْمُمَشَّقَةُ الْمَصْبُوغَةُ بِالْمِشْقِ وَهُوَ بِكَسْرِ الْمِيمِ الْمَغْرَةُ بِفَتْحِهَا. وَيُقَالُ: طِينٌ أَحْمَرُ يُشْبِهُهَا. وَيُبَاحُ لُبْسُ غَيْرِ مَصْبُوغٍ مِنْ قُطْنٍ وَصُوفٍ وَكَتَّانٍ وَإِنْ كَانَ نَفِيسًا وَحَرِيرٍ إذَا لَمْ يَحْدُثْ فِيهِ زِينَةٌ، وَيُبَاحُ مَصْبُوغٌ لَا يُقْصَدُ لِزِينَةٍ كَالْأَسْوَدِ. وَكَذَا الْأَزْرَقُ وَالْأَخْضَرُ الْمُشَبَّعَانِ الْكَدِرَانِ، لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُقْصَدُ لِلزِّينَةِ بَلْ لِنَحْوِ حَمْلِ وَسَخٍ أَوْ مُصِيبَةٍ فَإِنْ تَرَدَّدَ بَيْنَ الزِّينَةِ وَغَيَّرَهَا كَالْأَخْضَرِ وَالْأَزْرَقِ فَإِنْ كَانَ بَرَّاقًا صَافِي اللَّوْنِ حَرُمَ لِأَنَّهُ مُسْتَحْسَنٌ يُتَزَيَّنُ بِهِ أَوْ كَدِرًا أَوْ مُشَبَّعًا فَلَا لِأَنَّ الْمُشَبَّعَ مِنْ الْأَخْضَرِ وَالْأَزْرَقِ يُقَارِبُ الْأَسْوَدَ وَخَرَجَ بِقَيْدِ الْبَدَنِ تَجْمِيلُ فِرَاشٍ، وَهُوَ مَا تَرْقُدُ أَوْ تَقْعُدُ عَلَيْهِ مِنْ نِطْعٍ وَمَرْتَبَةٍ وَوِسَادَةٍ وَنَحْوِهَا، وَتَجْمِيلُ أَثَاثٍ، وَهُوَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَمُثَلَّثَتَيْنِ مَتَاعُ الْبَيْتِ فَيَجُوزُ ذَلِكَ لِأَنَّ الْإِحْدَادَ فِي الْبَدَنِ لَا فِي الْفِرَاشِ وَنَحْوِهِ. وَأَمَّا الْغِطَاءُ فَالْأَشْبَهُ أَنَّهُ كَالثِّيَابِ لَيْلًا وَنَهَارًا وَإِنْ خَصَّهُ الزَّرْكَشِيّ بِالنَّهَارِ. (وَ) الِامْتِنَاعُ مِنْ اسْتِعْمَالِ (الطِّيبِ)

ــ

[حاشية البجيرمي]

الْحَلَقُ لَا بِقَيْدِهِ. وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحِلَّ حُرْمَةِ ذَلِكَ مَا لَمْ تَتَضَرَّرْ بِتَرْكِهِ فَإِنْ تَضَرَّرَتْ ضَرَرًا لَا يُحْتَمَلُ عَادَةً جَازَ لَهَا اللُّبْسُ وَقِيَاسُ مَا يَأْتِي فِي الْكُحْلِ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الضَّرَرِ مِنْ إبَاحَتِهِ لِلتَّيَمُّمِ ع ش عَلَى م ر مَعَ زِيَادَةٍ.

قَوْلُهُ: (لَا تَلْبَسُ) بَابُهُ عَلِمَ قَوْلُهُ: (مِنْ حُسْنٍ) أَيْ مَا نَقَصَ مِنْ حُسْنٍ وَقَوْلُهُ إلَى أَنْ يُزَوَّرَ أَيْ إلَى أَنْ يُحَسَّنَ وَيُزَيَّنَ مِنْ التَّزْوِيرِ وَهُوَ تَحْسِينُ الْكَذِبِ، قَالَ تَعَالَى:{وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا} [المجادلة: 2] أَيْ مُنْحَرِفًا عَنْ الْحَقِّ فَإِنَّ الزَّوْجَةَ لَا تُشْبِهُ الْأُمَّ. قَوْلُهُ: (أَوْ بِثِيَابٍ) أَيْ أَوْ بِلُبْسِ ثِيَابٍ إلَخْ.

قَوْلُهُ: (لِزِينَةٍ) أَيْ مَا جَرَتْ الْعَادَةُ أَنْ تَتَزَيَّنَ بِهِ لِتَشَوُّفِ الرِّجَالِ إلَيْهِ وَلَوْ بِحَسَبِ عَادَةِ قَوْمِهَا أَوْ جِنْسِهَا. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ. قَوْلُهُ: (وَكَتَّانٍ) بِفَتْحِ الْكَافِ وَحُكِيَ كَسْرُهَا اهـ ق ل.

قَوْلُهُ: (وَحَرِيرٍ) أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ مَصْبُوغًا. قَوْلُهُ: (كَالْأَسْوَدِ) إلَّا إنْ كَانَتْ مِنْ قَوْمٍ يَتَزَيَّنُونَ بِهِ كَالْأَعْرَابِ فَيَحْرُمُ، وَلَا يَحْرُمُ الْأَصْفَرُ وَالْأَحْمَرُ الْخَلْقِيُّ مَعَ صَفَائِهِمَا وَشِدَّةِ بِرِيقِهِمَا، وَزِيَادَةِ الزِّينَةِ فِيهِمَا عَلَى الْمَصْبُوغِ مِنْ غَيْرِ الْحَرِيرِ وَالْقَاعِدَةُ أَنَّ كُلَّ مَا فِيهِ زِينَةٌ تُشَوِّقُ الرِّجَالَ إلَيْهَا تُمْنَعُ مِنْهُ، وَأَمَّا طِرَازُ الثَّوْبِ فَإِنْ كَثُرَ حَرُمَ لِظُهُورِ الزِّينَةِ فِيهِ، وَإِنْ صَغُرَ فَثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ، ثَالِثُهَا وَبِهِ جَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ، إنْ نُسِجَ مَعَ الثَّوْبِ جَازَ أَوْ رُكِّبَ عَلَيْهِ حَرُمَ لِأَنَّهُ مَحْضُ زِينَةٍ. قَالَ بَعْضُهُمْ: وَلَوْ كَانَ الثَّوْبُ مَصْبُوغَ الْحَاشِيَةِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ سم.

قَوْلُهُ: (الْمُشَبَّعَانِ) بِفَتْحِ الْبَاءِ أَيْ الْمُشَبَّعَانِ بِالصَّبْغِ.

قَوْلُهُ: (فَإِنْ تَرَدَّدَ) أَيْ الْمَصْبُوغُ.

قَوْلُهُ: (تَجْمِيلُ فِرَاشٍ) أَيْ تَجْمِيلُ الْبَيْتِ بِالْفِرَاشِ كَمَا فِي م ر وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ.

قَوْلُهُ: (مِنْ نِطْعٍ) وَهُوَ قِطْعَةٌ مِنْ الْجِلْدِ تَقْعُدُ عَلَيْهِ الْمَرْأَةُ.

قَوْلُهُ: (وَتَجْمِيلُ أَثَاثٍ) عَطْفُ عَامٍّ. قَوْلُهُ: (مَتَاعُ الْبَيْتِ) : بِأَنْ تُزَيِّنَ بَيْتَهَا بِأَنْوَاعِ الْمَلَابِسِ وَالْأَوَانِي م ر.

قَوْلُهُ: (فَالْأَشْبَهُ) مُعْتَمَدٌ وَقَوْلُهُ: إنَّهُ كَالثِّيَابِ أَيْ فَيَحْرُمُ إنْ حَرُمَتْ الثِّيَابُ وَيُبَاحُ إنْ أُبِيحَتْ. وَقَوْلُهُ: وَإِنْ خَصَّهُ أَيْ التَّشْبِيهُ.

قَوْلُهُ: (وَالِامْتِنَاعُ مِنْ اسْتِعْمَالِ الطِّيبِ) قَدَّمَ لَفْظَ الِاسْتِعْمَالِ لِأَنَّ الطِّيبَ عَيْنٌ وَلَا تَصِحُّ نِسْبَةُ الْحُكْمِ إلَيْهِ، وَلَوْ فَسَّرَهُ بِالتَّطَيُّبِ كَمَا فُسِّرَتْ الزِّينَةُ بِالتَّزَيُّنِ، كَمَا مَرَّ لَكَانَ أَخْصَرَ وَأَنْسَبَ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ عَلَيْهَا اسْتِعْمَالُ الطَّيِّبِ لَيْلًا وَنَهَارًا ابْتِدَاءً وَاسْتِدَامَةً فَإِذَا طَرَأَتْ الْعِدَّةُ عَلَيْهَا لَزِمَهَا إزَالَتُهَا لِلنَّهْيِ عَنْهُ بِرْمَاوِيٌّ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ نَظِيرِهِ فِي الْمُحْرِمِ بِأَنَّهُ ثَمَّ مِنْ سُنَنِ الْإِحْرَامِ وَلَا كَذَلِكَ هُنَا وَبِأَنَّهُ شُدِّدَ عَلَيْهَا هُنَا أَكْثَرَ بِدَلِيلِ حُرْمَةِ نَحْوِ الْحِنَّاءِ وَالْمُعَصْفَرِ عَلَيْهَا هُنَا لِإِثْمٍ. اهـ. ع ش عَلَى م ر.

قَوْلُهُ: (عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ) وَاسْمُهَا نَسِيبَةُ كَمَا فِي مُسْلِمٍ

ص: 57

فِي بَدَنٍ أَوْ ثَوْبٍ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ: «كُنَّا نَنْهَى أَنْ نَحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثٍ إلَّا عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا. وَأَنْ نَكْتَحِلَ وَأَنْ نَتَطَيَّبَ وَأَنْ نَلْبَسَ ثَوْبًا مَصْبُوغًا» وَيَحْرُمُ أَيْضًا اسْتِعْمَالُ الطِّيبِ فِي طَعَامٍ، وَكُحْلٍ غَيْرِ مُحَرَّمٍ قِيَاسًا عَلَى الْبَدَنِ وَضَابِطُ الطِّيبِ الْمُحَرَّمِ عَلَيْهَا كُلُّ مَا حَرُمَ عَلَى الْمُحْرِمِ لَكِنْ يَلْزَمُهَا إزَالَةُ الطِّيبِ الْكَائِنِ مَعَهَا حَالَ الشُّرُوعِ فِي الْعِدَّةِ وَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهَا فِي اسْتِعْمَالِهِ. بِخِلَافِ الْمُحْرِمِ فِي ذَلِكَ وَاسْتَثْنَى اسْتِعْمَالَهَا عِنْدَ الطُّهْرِ مِنْ الْحَيْضِ وَكَذَا مِنْ النِّفَاسِ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَغَيْرُهُ قَلِيلًا مِنْ قِسْطٍ أَوْ أَظْفَارٍ وَهُمَا نَوْعَانِ مِنْ الْبَخُورِ وَيَحْرُمُ عَلَيْهَا دَهْنُ شَعْرِ رَأْسِهَا وَلِحْيَتِهَا إنْ كَانَ لَهَا لِحْيَةٌ لِمَا فِيهِ مِنْ الزِّينَةِ وَاكْتِحَالُهَا بِإِثْمِدٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ طِيبٌ، لِحَدِيثِ أُمِّ عَطِيَّةَ الْمَارِّ لِأَنَّ فِيهِ جَمَالًا وَزِينَةً وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْبَيْضَاءُ، وَغَيْرُهَا، أَمَّا اكْتِحَالُهَا بِالْأَبْيَضِ كَالتُّوتِيَاءِ فَلَا يَحْرُمُ إذْ لَا زِينَةَ فِيهِ. وَأَمَّا الْأَصْفَرُ وَهُوَ الصَّبْرُ فَيَحْرُمُ عَلَى السَّوْدَاءِ، وَكَذَا عَلَى الْبَيْضَاءِ عَلَى الْأَصَحِّ لِأَنَّهُ يُحَسِّنُ الْعَيْنَ وَيَجُوزُ الِاكْتِحَالُ بِالْإِثْمِدِ وَالصَّبْرِ لِحَاجَةٍ كَرَمَدٍ فَتَكْتَحِلُ لَيْلًا وَتَمْسَحُهُ نَهَارًا «لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَذِنَ لِأُمِّ سَلَمَةَ فِي الصَّبْرِ لَيْلًا» نَعَمْ إنْ احْتَاجَتْ إلَيْهِ نَهَارًا أَيْضًا جَازَ وَكَذَا يَحْرُمُ عَلَيْهَا طَلْيُ الْوَجْهِ بِالْإِسْفِيذَاجِ وَالدِّمَامِ وَهُوَ كَمَا فِي الْمُهِمَّاتِ بِكَسْرِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَمِيمَيْنِ بَيْنَهُمَا أَلِفٌ مَا يُطْلَى

ــ

[حاشية البجيرمي]

«نَكْتَحِلَ أَيْ وَنُنْهَى أَنْ نَكْتَحِلَ» إلَخْ فَهُوَ مَعْمُولٌ لِفِعْلٍ مُقَدَّرٍ مَعْطُوفٌ عَلَى فِعْلٍ مَأْخُوذٍ مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَزِيزِيُّ. وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ قَوْلُهُ وَأَنْ نَكْتَحِلَ كَأَنَّهُ مِنْ عَطْفِ الْجُمَلِ وَالْمَعْنَى وَنُنْهَى أَنْ نَفْعَلَ كَذَا عَلَى زَوْجٍ.

قَوْلُهُ: (وَيَحْرُمُ أَيْضًا إلَخْ) هُوَ دَاخِلٌ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَلَوْ عَطَفَهُ عَلَى الْبَدَنِ وَالثَّوْبِ قَبْلَهُ لَاسْتَغْنَى عَنْ ذِكْرِهِ هُنَا ق ل.

قَوْلُهُ: (فِي طَعَامٍ) وَمِثْلُهُ الشَّرَابُ فَيَحْرُمُ عَلَيْهَا تَطْيِيبُ قُلَّتِهَا. قَوْلُهُ: (غَيْرِ مُحَرَّمٍ) أَيْ الْأَبْيَضُ كَالتُّوتِيَاءِ لِعَدَمِ زِينَتِهِ وَلَكِنَّهُ إنْ كَانَ فِيهِ طِيبٌ حَرُمَ لِلطِّيبِ لَا لِلزِّينَةِ. قَوْلُهُ: (بِخِلَافِ الْمُحْرِمِ فِي ذَلِكَ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الْأَمْرَيْنِ وَالْفَرْقُ أَنَّ التَّطَيُّبَ قَبْلَ الْإِحْرَامِ سُنَّةٌ فَاسْتِدَامَتُهُ لَا تَضُرُّ.

قَوْلُهُ: (قَلِيلًا إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا الْمِسْكُ فَيَحْرُمُ مُطْلَقًا.

قَوْلُهُ: (مِنْ قِسْطٍ) بِضَمِّ الْقَافِ وَكَسْرِهَا كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ.

قَوْلُهُ: (أَوْ أَظْفَارٍ) ضَرْبٌ مِنْ الْعِطْرِ عَلَى شَكْلِ أَظْفَارِ الْإِنْسَانِ كَمَا قَالَهُ الْقَسْطَلَّانِيُّ عَلَى الْبُخَارِيِّ قَوْلُهُ مِنْ الْبَخُورِ بِفَتْحِ الْبَاءِ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ.

قَوْلُهُ: (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ إلَخْ) لَوْ أَسْقَطَ الْوَاوَ لَسَلِمَ مِنْ تَكْرَارِهِ مَعَ مَا سَبَقَ ق ل.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّ فِيهِ إلَخْ) الْمُنَاسِبُ وَلِأَنَّ فِيهِ وَقَدْ يُقَالُ إنَّهُ عِلَّةٌ لِلْمُعَلَّلِ مَعَ عِلَّتِهِ.

قَوْلُهُ: (كَالتُّوتِيَاءِ) بِالْمَدِّ مِصْبَاحٌ.

قَوْلُهُ: (وَهُوَ الصَّبْرُ) فِيهِ ثَلَاثُ لُغَاتٍ سُكُونُ الْبَاءِ مَعَ فَتْحِ الصَّادِ وَكَسْرِهَا وَفَتْحُ الصَّادِ مَعَ كَسْرِ الْبَاءِ وَلِذَلِكَ قَالَ بَعْضُهُمْ

الصَّبْرُ يُوجَدُ إنْ بَاءٌ لَهُ كُسِرَتْ

وَإِنَّهُ بِسُكُونِ الْبَاءِ مَفْقُودٌ

مَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا كُسِرَتْ بَاؤُهُ يَكُونُ بِمَعْنَى الدَّوَاءِ الْمَعْرُوفِ وَإِنْ كَانَ بِسُكُونِ الْبَاءِ يَكُونُ بِمَعْنَى رِضَا النَّفْسِ بِالْقَضَاءِ وَالْقَدْرِ وَهُوَ بِالْمَعْنَى الْأَوَّلِ مَوْجُودٌ دُونَ الْمَعْنَى الثَّانِي.

قَوْلُهُ: (لِحَاجَةٍ) وَهِيَ مَا تُبِيحُ التَّيَمُّمَ وَعِنْدَ إزَالَةِ الْحَاجَةِ، يَجِبُ عَلَيْهَا إزَالَةُ ذَلِكَ فَوْرًا وَمِنْ الْحَاجَةِ مَا لَوْ كَانَتْ تَحْتَرِفُ أَيْ تَجْعَلُ الطِّيبَ حِرْفَةً لَهَا فَيَجُوزُ لِأَنَّهُ لَيْسَ تَطْيِيبًا بِرْمَاوِيٌّ وع ش عَلَى م ر وح ل.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَذِنَ لِأُمِّ سَلَمَةَ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد: «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ وَهِيَ حَادَّةٌ عَلَى أَبِي سَلَمَةَ وَقَدْ جَعَلَتْ عَلَى عَيْنِهَا صَبْرًا فَقَالَ: مَا هَذَا يَا أُمَّ سَلَمَةَ؟ فَقَالَتْ: هُوَ صَبْرٌ لَا طِيبَ فِيهِ فَقَالَ: اجْعَلِيهِ بِاللَّيْلِ وَامْسَحِيهِ بِالنَّهَارِ» اهـ. وَقَوْلُهُ. دَخَلَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ أَيْ زَوْجَتِهِ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ عَلَيْهَا قَبْلَ نِكَاحِهَا قَالَ شَيْخُنَا إنَّمَا نَظَرَ إلَيْهَا مَعَ أَنَّ النَّظَرَ لِلْأَجْنَبِيَّةِ حَرَامٌ لِأَنَّ مِنْ خَصَائِصِهِ صلى الله عليه وسلم الْخَلْوَةَ بِالْأَجْنَبِيَّةِ وَالنَّظَرَ إلَيْهَا لِأَنَّهُ مَأْمُونٌ. وَقَالَ ع ش عَلَى م ر تَمَسَّكَ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَنَحْوِهِ مَنْ قَالَ بِجَوَازِ نَظَرِ الْوَجْهِ مِنْ الْأَجْنَبِيَّةِ حَيْثُ لَا شَهْوَةَ وَلَا خَوْفَ فِتْنَةٍ. وَأُجِيبُ بِجَوَازِ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَقْصِدْ الرُّؤْيَةَ بَلْ وَقَعَتْ اتِّفَاقًا أَوْ أَنَّهُ لَا يُقَاسُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ لِعِصْمَتِهِ فَيَكُونُ ذَلِكَ مِنْ خَصَائِصِهِ. اهـ. وَقَوْلُهُ: فَقَالَ: اجْعَلِيهِ وَفِي رِوَايَةٍ فَقَالَ " لَا فَإِنَّهُ يَشِبُّ الْوَجْهَ " أَيْ يُوقِدُهُ وَيُحَسِّنُهُ اهـ.

قَوْلُهُ: (بِالْإِسْفِيذَاجِ) بِذَالٍ مُعْجَمَةٍ وَهُوَ مَا يُتَّخَذُ مِنْ رَصَاصٍ يُطْلَى بِهِ الْوَجْهُ وَإِذَا طُلِيَ بِهِ الْوَجْهُ يَرْبُو وَيَبْرُقُ. اهـ. دَمِيرِيٌّ.

قَوْلُهُ: (وَالدِّمَامِ) وَهُوَ الْمُسَمَّى عِنْدَ الْعَامَّةِ بِحُسْنِ يُوسُفَ وَكَانَ

ص: 58

بِهِ الْوَجْهُ لِلتَّحْسِينِ الْمُسَمَّى بِالْحُمْرَةِ الَّتِي يُوَرَّدُ بِهَا الْخَدُّ وَالِاخْتِضَابُ بِحِنَّاءٍ وَنَحْوِهِ فِيمَا يَظْهَرُ مِنْ بَدَنِهَا كَالْوَجْهِ، وَالْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ، وَيَحْرُمُ تَطْرِيفُ أَصَابِعِهَا وَتَصْفِيفُ شَعْرِ طُرَّتِهَا، وَتَجْعِيدُ شَعْرِ صُدْغَيْهَا وَحَشْوُ حَاجِبِهَا بِالْكُحْلِ وَتَدْقِيقُهُ بِالْحَفِّ.

تَنْبِيهٌ: قَدْ عُلِمَ مِنْ تَفْسِيرِ الْإِحْدَادِ بِمَا ذُكِرَ جَوَازُ التَّنْظِيفِ بِغَسْلِ رَأْسٍ وَقَلْمِ أَظْفَارٍ وَاسْتِحْدَادٍ وَنَتْفِ شَعْرِ إبِطٍ وَإِزَالَةِ وَسَخٍ وَلَوْ ظَاهِرًا لِأَنَّ جَمِيعَ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ الزِّينَةِ أَيْ الدَّاعِيَةِ إلَى الْوَطْءِ، وَأَمَّا إزَالَةُ الشَّعْرِ الْمُتَضَمِّنِ زِينَةً كَأَخْذِ مَا حَوْلَ الْحَاجِبَيْنِ وَأَعْلَى الْجَبْهَةِ فَتَمْتَنِعُ مِنْهُ كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ وَهُوَ ظَاهِرٌ. وَأَمَّا إزَالَةُ شَعْرِ لِحْيَةٍ أَوْ شَارِبٍ نَبَتَ لَهَا فَتُسَنُّ إزَالَتُهُ كَمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ. وَيَحِلُّ امْتِشَاطٌ بِلَا تَرَجُّلٍ بِدُهْنٍ وَنَحْوِهِ وَيَجُوزُ بِسِدْرٍ وَنَحْوِهِ، وَيَحِلُّ لَهَا أَيْضًا دُخُولُ حَمَّامٍ إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ خُرُوجُ مُحَرَّمٍ، وَلَوْ تَرَكَتْ الْمُحِدَّةُ الْمُكَلَّفَةُ الْإِحْدَادَ الْوَاجِبَ عَلَيْهَا كُلَّ الْمُدَّةِ أَوْ بَعْضَهَا عَصَتْ إنْ عَلِمَتْ حُرْمَةَ التَّرْكِ وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا مَعَ الْعِصْيَانِ وَلَوْ بَلَغَتْهَا وَفَاةُ زَوْجِهَا أَوْ طَلَاقُهُ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ كَانَتْ

ــ

[حاشية البجيرمي]

أَبُو حَنِيفَةَ رضي الله عنه إذَا ذُكِرَ عِنْدَهُ أَحَدٌ بِسُوءٍ يَنْهَى عَنْ ذَلِكَ وَيَقُولُ:

حَسَدُوا الْفَتَى إذْ لَمْ يَنَالُوا سَعْيَهُ

فَالْكُلُّ أَعْدَاءٌ لَهُ وَخُصُومُ

كَضَرَائِرِ الْحَسْنَاءِ قُلْنَ لِوَجْهِهَا

حَسَدًا وَبُغْضًا إنَّهُ لَدَمِيمُ

قَوْلُهُ: (بِكَسْرِ الدَّالِ) عِبَارَةُ الْمَنْهَجِ بِضَمِّ الدَّالِ وَكَسْرِهَا وَضَبَطَهُ النَّوَوِيُّ بِفَتْحِهَا فَهُوَ مُثَلَّثُ الدَّالِ.

قَوْلُهُ: (بِحِنَّاءٍ) بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ مُذَكَّرٌ يَقْرَأُ بِالْهَمْزَةِ وَبِالْمَدِّ جَمْعُ وَاحِدِهِ حِنَّاءَةٌ بِالْمَدِّ أَيْضًا ق ل سُمِّيَتْ حِنَّاءٌ لِأَنَّهَا حَنَّتْ لِآدَمَ حِينَ أَصَابَ الْخَطِيئَةَ، فَكَانَ كُلَّمَا أَخَذَ مِنْ أَوْرَاقِ الشَّجَرِ وَرَقًا يَسْتَتِرُ بِهِ طَارَ عَنْهُ إلَّا وَرَقَ الْحِنَّاءِ. اهـ. م د وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ غَالِبُ الْمُفَسِّرِينَ، عِنْدَ قَوْله تَعَالَى:{وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ} [الأعراف: 22] أَنَّ الْوَرَقَ الْمَذْكُورَ وَرَقُ التِّينِ، وَقِيلَ وَرَقُ الْمَوْزِ. وَقَدْ نَقَلَ الرُّويَانِيُّ فِي أَسْئِلَتِهِ أَنَّ آدَمَ عليه السلام لَمَّا نَزَلَ مِنْ الْجَنَّةِ نَزَلَ مَعَهُ أَرْبَعُ وَرَقَاتٍ مِنْ وَرَقِ التِّينِ سَتَرَ بِهَا عَوْرَتَهُ فَلَمَّا تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ جَاءَهُ جَمِيعُ الْحَيَوَانَاتِ يُهَنِّئُونَهُ بِتَوْبَتِهِ، فَأَطْعَمَ الْغَزَالَ وَرَقَةً فَصَارَ مِنْهَا الْمِسْكُ، وَأَطْعَمَ وَرَقَةً لِبَقَرَةٍ مِنْ بَقَرِ الْبَحْرِ فَصَارَ مِنْهَا الْعَنْبَرُ، وَأَطْعَمَ وَرَقَةً لِلنَّحْلَةِ فَصَارَ مِنْهَا الْعَسَلُ وَالشَّمْعُ، وَأَطْعَمَ وَرَقَةً لِدُودِ الْقَزِّ فَصَارَ مِنْهَا الْحَرِيرُ وَذَلِكَ زِينَةُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ. وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْأَطِبَّاءِ: إنَّ أَغْصَانَ الْحِنَّاءِ تُبْرِئُ الْقُرُوحَ الَّتِي تَكُونُ فِي الْفَمِ، وَطَبِيخُهَا يُوضَعُ عَلَى حَرْقِ النَّارِ، وَزَهْرُهَا إذَا سُحِقَ بِخَلٍّ وَضُمِّدَ بِهِ الضَّارِبُ بَرِئَ أَيْ وَضَعَ عَلَى مَحِلِّهِ.

قَوْلُهُ: (وَنَحْوِهِ) أَيْ كَزَعْفَرَانٍ وَوَرْسٍ وَهُوَ نَبْتٌ أَصْفَرُ يُصْبَغُ بِهِ فِي الْيَمَنِ.

قَوْلُهُ: (تَطْرِيفُ أَصَابِعِهَا) أَيْ خِضَابُ أَطْرَافِ أَصَابِعِهَا.

قَوْلُهُ: (وَتَصْفِيفُ شَعْرِ طُرَّتِهَا) أَيْ نَاصِيَتِهَا أَيْ تَسْوِيَةِ قُصَّتِهَا. قَوْلُهُ: (وَتَجْعِيدُ شَعْرِ صُدْغَيْهَا) أَيْ لَيُّهُ.

قَوْلُهُ: (وَتَدْقِيقُهُ بِالْحَفِّ) أَيْ التَّحْفِيفِ.

قَوْلُهُ: (وَاسْتِحْدَادٍ) أَيْ نَتْفِ عَانَةٍ.

قَوْلُهُ: (أَيْ الدَّاعِيَةِ إلَى الْوَطْءِ) فَلَا يُنَافِي إطْلَاقَ اسْمِهَا عَلَى ذَلِكَ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ شَرْحُ الْمَنْهَجِ.

قَوْلُهُ: (الْمُتَضَمِّنِ) أَيْ الْإِزَالَةِ وَلَمْ يُؤَنَّثْ لِأَنَّ الْإِزَالَةَ اكْتَسَبَتْ التَّذْكِيرَ مِنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ.

قَوْلُهُ: (بِلَا تَرْجِيلٍ بِدَهْنٍ) أَيْ مُلْتَبِسًا بِدَهْنٍ أَيْ يَحِلُّ بِمُجَرَّدِ تَسْرِيحِهِ بِلَا دَهْنٍ فَالْبَاءُ لِلْمُلَابَسَةِ، أَوْ لِلْمُصَاحَبَةِ. وَلَوْ قَالَ: وَيَحِلُّ امْتِشَاطٌ بِلَا دَهْنٍ لَكَانَ أَخْصَرَ.

قَوْلُهُ: (وَيَجُوزُ) أَيْ التَّنْظِيفُ بِسِدْرٍ وَقَوْلُهُ: وَنَحْوِهِ أَيْ كَمَاءِ الْوَرْدِ وَالزَّهْرِ قَوْلُهُ: (خُرُوجُ مُحَرَّمٍ) أَيْ بِأَنْ كَانَ الْحَمَّامُ فِي الْبَيْتِ أَوْ خَرَجَتْ لِاكْتِسَابِ نَفَقَةٍ فَعَدَلَتْ إلَيْهِ أَوْ احْتَاجَتْ لِدُخُولِ الْحَمَّامِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ بَلَغَتْهَا وَفَاةُ زَوْجِهَا إلَخْ) وَلَوْ نَكَحَتْ مَنْ غَابَ زَوْجُهَا فَبَانَ الزَّوْجُ مَيِّتًا فَبَانَ نِكَاحُهَا بِمِقْدَارِ الْعِدَّةِ صَحَّ النِّكَاحُ عَلَى الْجَدِيدِ أَيْضًا فِي الْأَصَحِّ اعْتِبَارًا بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَلَا يُنَافِي هَذَا مَا مَرَّ فِي الْمُرْتَابَةِ بِجَامِعِ أَنَّ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا شَكًّا فِي حِلِّ الْمَنْكُوحَةِ لِأَنَّ الشَّكَّ ثَمَّ لَيْسَ ظَاهِرًا فَهُوَ أَقْوَى أَمَّا إذَا بَانَ حَيًّا فَهِيَ لَهُ

ص: 59

مُنْقَضِيَةً وَلَا إحْدَادَ عَلَيْهَا وَلَهَا إحْدَادٌ عَلَى غَيْرِ زَوْجٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَأَقَلُّ وَتَحْرُمُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهَا بِقَصْدِ الْإِحْدَادِ.

فَلَوْ تَرَكَتْ ذَلِكَ بِلَا قَصْدٍ لَمْ تَأْثَمْ وَخَرَجَ بِالْمَرْأَةِ الرَّجُلُ فَلَا يَجُوزُ لَهُ الْإِحْدَادُ عَلَى قَرِيبِهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لِأَنَّ الْإِحْدَادَ إنَّمَا شُرِعَ لِلنِّسَاءِ لِنَقْصِ عَقْلِهِنَّ، الْمُقْتَضِي عَدَمَ الصَّبْرِ

(وَ) يَجِبُ (عَلَى الْمُتَوَفَّى عَنْهَا) زَوْجُهَا (وَ) عَلَى (الْمَبْتُوتَةِ) أَيْ الْمَقْطُوعَةِ عَنْ النِّكَاحِ بِبَيْنُونَةٍ صُغْرَى أَوْ كُبْرَى إذْ الْبَتُّ الْقَطْعُ (مُلَازَمَةُ الْبَيْتِ) أَيْ الَّذِي كَانَتْ فِيهِ عِنْدَ الْفُرْقَةِ بِمَوْتٍ أَوْ غَيْرِهِ وَكَانَ مُسْتَحَقًّا لِلزَّوْجِ لَائِقًا بِهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ} [الطلاق: 1] أَيْ بُيُوتِ أَزْوَاجِهِنَّ وَأَضَافَهَا إلَيْهِنَّ لِلسُّكْنَى. {وَلا يَخْرُجْنَ إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} [الطلاق: 1] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ، الْفَاحِشَةُ الْمُبَيِّنَةُ هِيَ أَنْ تَبْذُوَ عَلَى أَهْلِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

وَإِنْ تَزَوَّجَتْ بِغَيْرِهِ وَحَكَمَ بِهِ حَاكِمٌ لَكِنْ لَا يَتَمَتَّعُ بِهَا حَتَّى تَعْتَدَّ لِلثَّانِي لِأَنَّ وَطْأَهُ وَطْءُ شُبْهَةٍ، وَالثَّانِي الْمَنْعُ لِفَقْدِ الْعِلْمِ بِالصِّحَّةِ حَالَ الْعَقْدِ اهـ. شَرْحُ م ر وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ بِهِ وَلَا عَلَيْهَا وَلَا نَفَقَةَ لَهَا عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِعَدَمِ صِحَّةِ النِّكَاحِ بَاطِنًا فِي الثَّانِي وَكَنُشُوزِهَا عَلَى الْأَوَّلِ بِنِكَاحِ الثَّانِي نَعَمْ إنْ فَرَّقَ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا وَعَادَتْ لِمَنْزِلِ الْمَفْقُودِ وَعَلِمَ بِهَا وَجَبَتْ مِنْ حِينَئِذٍ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ وَقِ ل عَلَى الْجَلَالِ. قَوْلُهُ:(بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ) وَنَظِيرُهُ مَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ مَوْتِي بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشَرَةِ أَيَّامٍ فَعَاشَ فَوْقَ ذَلِكَ ثُمَّ مَاتَ، فَتَبَيَّنَ وُقُوعُهُ مِنْ تِلْكَ الْمُدَّةِ وَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا إنْ كَانَ بَائِنًا أَوْ لَمْ يُعَاشِرْهَا وَلَا إرْثَ لَهَا شَرْحُ م ر.

قَوْلُهُ: (عَلَى غَيْرِ زَوْجٍ) : أَيْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُ كَالصَّدِيقِ وَالصِّهْرِ أَيْ ابْنِ زَوْجِهَا أَوْ أَبِي زَوْجِهَا أَوْ أُمِّ زَوْجِهَا أَوْ مَمْلُوكًا أَوْ سَيِّدًا أَوْ عَالِمًا أَوْ إمَامًا عَادِلًا أَوْ شُجَاعًا أَوْ كَرِيمًا. وَالضَّابِطُ: كُلُّ مَا جَازَ لَهَا الْخُرُوجُ لِجِنَازَتِهِ جَازَ لَهَا الْإِحْدَادُ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا اهـ. وَعِبَارَةُ م ر وَلَهَا أَيْ لِلْمَرْأَةِ مُزَوَّجَةً أَوْ غَيْرَهَا إحْدَادٌ عَلَى غَيْرِ زَوْجٍ مِنْ الْمَوْتَى ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ فَأَقَلَّ وَتَحْرُمُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهَا بِقَصْدِ الْإِحْدَادِ فَلَوْ تَرَكَتْ ذَلِكَ لَمْ تَأْثَمْ لِلْخَبَرَيْنِ السَّابِقَيْنِ، وَلِأَنَّ فِي تَعَاطِيهِ عَدَمَ الرِّضَا بِالْقَضَاءِ وَالْأَلْيَقُ بِهَا التَّقَنُّعُ بِجِلْبَابِ الصَّبْرِ، وَإِنَّمَا رُخِّصَ أَيْ الْإِحْدَادُ لِلْمُعْتَدَّةِ فِي عِدَّتِهَا بِحَبْسِهَا أَيْ بِسَبَبِ حَبْسِهَا عَلَى الْمَقْصُودِ فِي الْعِدَّةِ وَلِغَيْرِهَا فِي الثَّلَاثِ لِأَنَّ النُّفُوسَ لَا تَسْتَطِيعُ فِيهَا الصَّبْرُ، وَلِذَلِكَ تُسَنُّ فِيهَا التَّعْزِيَةُ وَتَنْكَسِرُ بَعْدَهَا أَعْلَامُ الْحُزْنِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ الزَّوْجَ أَيْ الْمُزَوَّجَةَ لَوْ مَنَعَهَا مِمَّا يُنْقِصُ تَمَتُّعَهُ حَرُمَ عَلَيْهَا فِعْلُهُ وَهَذَا جَوَازٌ بَعْدَ مَنْعٍ وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ.

قَوْلُهُ: (ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) أَيْ السَّالِفَةِ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلرَّجُلِ، دُونَ الثَّلَاثَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَالْأَوْلَى حَذْفُ قَوْلِهِ: ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُهُ عَلَى تَحْزَنُ بِغَيْرِ تَغَيُّرِ مَلْبُوسٍ وَنَحْوِهِ ز ي مُلَخَّصًا عَنْ حَجّ قَالَ الْبُرُلُّسِيُّ وَقَدْ مَرَّ فِي التَّعْزِيَةِ اعْتِبَارُ الثَّلَاثَةِ مِنْ الْمَوْتِ أَوْ الدَّفْنِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ مِثْلُ ذَلِكَ هُنَا، قَالَ بَعْضُهُمْ: يَنْبَغِي هُنَا اعْتِبَارُهَا مِنْ وَقْتِ الْعِلْمِ بِالْمَوْتِ عَلَى قِيَاسِ الْغَائِبِ فِي الْمَوْتِ.

قَوْلُهُ: (فَلَوْ تَرَكَتْ ذَلِكَ) أَيْ مُتَعَلِّقَ الْإِحْدَادِ وَهُوَ الزِّينَةُ وَالطِّيبِ.

قَوْلُهُ: (وَعَلَى الْمَبْتُوتَةِ) اقْتَصَرَ عَلَيْهَا لِأَنَّهَا مَحِلُّ وِفَاقٍ، وَإِلَّا فَالرَّجْعِيَّةُ مِثْلُهَا إلَّا أَنَّ فِيهَا خِلَافًا كَمَا سَيَذْكُرُهُ.

قَوْلُهُ: (بِبَيْنُونَةٍ صُغْرَى) كَالْخُلْعِ.

قَوْلُهُ: (مُلَازَمَةُ الْبَيْتِ) أَيْ الَّذِي فُورِقَتْ وَهِيَ فِيهِ أَوْ فِي طَرِيقِهِ بِقَصْدِ النَّقْلَةِ إلَيْهِ، بِأَنْ وَقَعَ الْفِرَاقُ بَعْدَ خُرُوجِهَا.

قَوْلُهُ: (وَكَانَ) أَيْ الْبَيْتُ قَوْلُهُ: (مُسْتَحَقًّا) أَيْ بِمِلْكٍ أَوْ بِإِجَارَةٍ أَوْ إعَارَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ. قَوْلُهُ: {لا تُخْرِجُوهُنَّ} [الطلاق: 1] هَذِهِ الْآيَةُ مَسُوقَةٌ فِي الْمُطَلَّقَاتِ، وَلَمْ يَأْتِ الشَّارِحُ بِدَلِيلٍ لِلْمُتَوَفَّى عَنْهَا وَقَدْ اسْتَدَلَّ لَهَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ بِخَبَرِ «فُرَيْعَةَ بِضَمِّ الْفَاءِ بِنْتِ مَالِكٍ أُخْتِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَهُوَ أَنَّ زَوْجَهَا قُتِلَ فَسَأَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ تَرْجِعَ إلَى أَهْلِهَا وَقَالَتْ إنَّ زَوْجِي لَمْ يَتْرُكْنِي فِي مَنْزِلٍ يَمْلِكُهُ فَأَذِنَ لَهَا فِي الرُّجُوعِ قَالَتْ فَانْصَرَفْت حَتَّى إذَا كُنْت فِي الْحُجْرَةِ أَوْ فِي الْمَسْجِدِ دَعَانِي فَقَالَ اُمْكُثِي فِي بَيْتِك حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ قَالَتْ: فَاعْتَدَدْت فِيهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا» صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ اهـ. وَقَوْلُهُ: فَأَذِنَ لَهَا فِي الرُّجُوعِ أَيْ إلَى أَهْلِهَا وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا كَانَ بِاجْتِهَادٍ مِنْهُ فَلَمَّا نَزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ بِخِلَافِهِ أَمَرَهَا بِالْمُكْثِ فِي بَيْتِهَا الَّذِي كَانَتْ فِيهِ وَقَوْلُهُ

ص: 60

زَوْجِهَا وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ وَلَا لِغَيْرِهِ إخْرَاجُهَا وَلَا لَهَا خُرُوجٌ مِنْهُ وَإِنْ رَضِيَ بِهِ الزَّوْجُ إلَّا لِعُذْرٍ. كَمَا سَيَأْتِي لِأَنَّ فِي الْعِدَّةِ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى وَالْحَقُّ الَّذِي لِلَّهِ تَعَالَى لَا يَسْقُطُ بِالتَّرَاضِي وَخَرَجَ بِقَيْدِ الْمَبْتُوتَةِ الرَّجْعِيَّةُ فَإِنَّ لِلزَّوْجِ إسْكَانَهَا حَيْثُ شَاءَ فِي مَوْضِعٍ يَلِيقُ بِهَا وَهَذَا مَا فِي حَاوِي الْمَاوَرْدِيُّ وَالْمُهَذَّبِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ كُتُبِ الْعِرَاقِيِّينَ، لِأَنَّهَا فِي حُكْمِ الزَّوْجَةِ وَبِهِ جَزَمَ النَّوَوِيُّ فِي نُكَتِهِ وَاَلَّذِي فِي النِّهَايَةِ وَهُوَ مَفْهُومُ الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ أَنَّهَا كَغَيْرِهَا وَهُوَ مَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ. وَهُوَ كَمَا قَالَ السُّبْكِيُّ: أَوْلَى لِإِطْلَاقِ الْآيَةِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إنَّهُ الْمَذْهَبُ الْمَشْهُورُ وَالزَّرْكَشِيُّ إنَّهُ الصَّوَابُ وَلِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الْخَلْوَةُ بِهَا فَضْلًا عَنْ الِاسْتِمْتَاعِ فَلَيْسَتْ كَالزَّوْجَةِ ثُمَّ اسْتَثْنَى مِنْ وُجُوبِ مُلَازَمَةِ الْبَيْتِ قَوْلَهُ: (إلَّا لِحَاجَةٍ) أَيْ فَيَجُوزُ لَهَا الْخُرُوجُ فِي عِدَّةِ وَفَاةٍ وَعِدَّةِ وَطْءِ شُبْهَةٍ وَنِكَاحٍ فَاسِدٍ وَكَذَا بَائِنٌ وَمَفْسُوخٌ نِكَاحُهَا وَضَابِطُ ذَلِكَ كُلُّ مُعْتَدَّةِ لَا تَجِبُ نَفَقَتُهَا وَلَمْ يَكُنْ لَهَا مَنْ يَقْضِيهَا حَاجَتَهَا لَهَا الْخُرُوجُ فِي النَّهَارِ لِشِرَاءِ طَعَامٍ وَقُطْنٍ وَكَتَّانٍ وَبَيْعِ غَزْلٍ وَنَحْوِهِ لِلْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ، أَمَّا مَنْ وَجَبَتْ نَفَقَتُهَا مِنْ رَجْعِيَّةٍ أَوْ بَائِنٍ حَامِلٍ أَوْ مُسْتَبْرَأَةٍ فَلَا تَخْرُجُ إلَّا بِإِذْنٍ أَوْ ضَرُورَةٍ كَالزَّوْجَةِ، لِأَنَّهُنَّ مُكَفَّيَاتٌ بِنَفَقَةِ أَزْوَاجِهِنَّ وَكَذَا لَهَا الْخُرُوجُ لِذَلِكَ لَيْلًا إنْ لَمْ يُمْكِنْهَا نَهَارًا وَكَذَا إلَى دَارِ جَارَتِهَا لِغَزْلٍ وَحَدِيثٍ وَنَحْوِهِمَا لِلتَّأَنُّسِ لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ تَرْجِعَ وَتَبِيتَ فِي بَيْتِهَا.

تَنْبِيهٌ: اقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَى الْحَاجَةِ إعْلَامًا بِجَوَازِهِ لِلضَّرُورَةِ مِنْ بَابِ أَوْلَى كَأَنْ خَافَتْ عَلَى نَفْسِهَا تَلَفًا أَوْ فَاحِشَةً أَوْ خَافَتْ عَلَى مَالِهَا أَوْ وَلَدِهَا مِنْ هَدْمٍ أَوْ غَرَقٍ. فَيَجُوزُ لَهَا الِانْتِقَالُ لِلضَّرُورَةِ الدَّاعِيَةِ إلَى ذَلِكَ، وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ كَغَيْرِهِ

ــ

[حاشية البجيرمي]

فِي الْحُجْرَةِ بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْجِيمِ وَهِيَ صَحْنُ الدَّارِ وَالْمَسْجِدُ بِجِوَارِهَا وَهِيَ مَحِلُّ الْقَبْرِ الشَّرِيفِ الْآنَ وَقَوْلُهُ: دَعَانِي أَيْ نَادَانِي وَقَوْلُهُ: «اُمْكُثِي فِي بَيْتِك» أَيْ الَّذِي فُورِقْتِي فِيهِ وَإِذْنُهُ صلى الله عليه وسلم لَهَا بِالْمَقَامِ فِيهِ مَعَ كَوْنِهِ مِلْكًا لِلْغَيْرِ لَعَلَّهُ لِعِلْمِهِ بِمُسَامَحَتِهِ قَالَ الشبراملسي وَعَلَى هَذَا فَإِضَافَتُهُ إلَيْهَا لِسُكْنَاهَا فِيهِ. وَقَوْلُهُ: «حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ» أَيْ الْمَكْتُوبُ وَهُوَ الْعِدَّةُ قَوْلُهُ: (تَبْذُو عَلَى أَهْلِ زَوْجِهَا) : أَيْ تَشْتُمُهُمْ قَوْلُهُ: (وَلَا لِغَيْرِهِ) مِنْ الْوَرَثَةِ فِي الْمُتَوَفَّى عَنْهَا.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّ فِي الْعِدَّةِ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ الْمُدَّعِي أَنَّهَا لَيْسَ لَهَا خُرُوجٌ مِنْهُ وَإِنْ رَضِيَ بِهِ الزَّوْجُ وَقَوْلُهُ: لِأَنَّ فِي الْعِدَّةِ لَا يُتَّجَهُ لِأَنَّ كَوْنَ الْعِدَّةِ فِيهَا حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى، لَا يُنَافِي جَوَازَ خُرُوجِهَا مِنْ الْمَسْكَنِ بِرِضَا الزَّوْجِ، وَهَذَا التَّعْلِيلُ لَا يُنَاسِبُ إلَّا كَوْنَ الْعِدَّةِ لَا تَسْقُطُ بِرِضَاهُمَا، أَيْ الزَّوْجَيْنِ وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ، لِأَنَّ فِي الْعِدَّةِ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى. وَقَدْ وَجَبَتْ فِي ذَلِكَ الْمَسْكَنِ فَكَمَا لَا يَجُوزُ إبْطَالُ أَصْلِ الْعِدَّةِ بِاتِّفَاقِهِمَا لَا يَجُوزُ إبْطَالُ تَوَابِعِهِ. اهـ فَلَا بُدَّ مِنْ هَذِهِ الزِّيَادَةِ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ هُنَا ثُمَّ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَلَيْسَ هَذَا كَمَا فِي صُلْبِ النِّكَاحِ حَيْثُ يَسْكُنَانِ وَيَنْتَقِلَانِ كَيْفَ شَاءَا؟ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمَا عَلَى الْخُصُوصِ وَلَوْ تَرَكَا الِاسْتِقْرَارَ وَأَدَامَا السَّفَرَ جَازَ بِخِلَافِهِ هُنَا. قَوْلُهُ:(وَهُوَ مَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ) مُعْتَمَدُ قَوْلِهِ: (وَعِدَّةِ وَطْءِ شُبْهَةٍ وَنِكَاحٍ فَاسِدٍ) فِيهِ أَنَّ هَذَيْنِ لَمْ يَدْخُلَا فِي قَوْلِهِ: وَعَلَى الْمُتَوَفَّى عَنْهَا وَالْمَبْتُوتَةِ حَتَّى يَشْمَلَهُمَا قَوْلُهُ إلَّا لِحَاجَةٍ وَهَذَا الْكَلَامُ سَرَى لَهُ مِنْ شَرْحِ الرَّوْضِ لِأَنَّهُ ذَكَرَهُمَا فِيمَا سَبَقَ حَيْثُ قَالَ: وَمِثْلُهُمَا الْمُعْتَدَّةُ عَنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ، وَإِنْ لَمْ تَسْتَحِقَّ السُّكْنَى عَلَى الْوَاطِئِ وَالنَّاكِحِ اهـ. بِالْحَرْفِ وَكَتَبَ بَعْضُهُمْ قَوْلُهُ: وَعِدَّةُ وَطْءِ شُبْهَةٍ هَذَا زَائِدٌ عَلَى مَا نَحْنُ فِيهِ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْمُفَارَقَةِ إلَّا أَنْ يُتَصَوَّرَ بِمَا إذَا وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ فِي الْعِدَّةِ وَحَمَلَتْ مِنْ وَطْءِ الشُّبْهَةِ فَإِنَّهَا تَنْقَطِعُ عِدَّةُ النِّكَاحِ وَتَشْرَعُ فِي عِدَّةِ الشُّبْهَةِ فَحِينَئِذٍ يَجُوزُ لَهَا الْخُرُوجُ.

قَوْلُهُ: (وَنِكَاحٍ فَاسِدٍ) وَلَوْ حَامِلًا أَيْ إذَا وَطِئَهَا وَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا فَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ وَلَهَا الْخُرُوجُ.

قَوْلُهُ: (وَكَذَا بَائِنٌ) أَيْ حَائِلٌ، وَقَوْلُهُ: وَمَفْسُوخٌ نِكَاحُهَا وَلَوْ حَامِلًا قَوْلُهُ: (أَوْ مُسْتَبْرَأَةٍ) ذِكْرُهَا اسْتِطْرَادِيٌّ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْأَحْرَارِ لَا فِي الْإِمَاءِ إلَّا أَنْ يُصَوَّرَ بِمَا يَأْتِي فِي الِاسْتِبْرَاءِ إذَا كَانَ لِزَوْجَتِهِ وَلَدٌ مِنْ غَيْرِهِ وَمَاتَ، فَإِنَّهُ يَسْتَبْرِئُ زَوْجَتَهُ بِحَيْضَةٍ لَعَلَّهَا تَكُونُ حَامِلًا بِوَلَدٍ فَيَكُونُ أَخًا لِلْمَيِّتِ فَيَرِثُ مِنْهُ السُّدُسَ، وَفِي التَّصْوِيرِ نَظَرٌ. لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مُفَارَقَةً وَبَعْضُهُمْ صَوَّرَهَا بِمَا إذَا وَطِئَ أَمَةَ غَيْرِهِ، يَظُنُّ أَنَّهَا أَمَتُهُ فَإِنَّهَا يَجِبُ عَلَيْهَا الِاسْتِبْرَاءُ بِحَيْضَةٍ، أَيْ يَجِبُ عَلَى سَيِّدِهَا لَكِنْ فِيهِ نَظَرٌ أَيْضًا لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْحَرَائِرِ لَا فِي الْإِمَاءِ.

قَوْلُهُ: (إلَّا بِإِذْنٍ) هَذَا مَحِلُّ الْمُخَالَفَةِ بَيْنَ مَنْ تَجِبُ لَهَا النَّفَقَةُ وَمَنْ لَا تَجِبُ، فَالْأُولَى لَا تَخْرُجُ إلَّا بِإِذْنٍ وَالثَّانِيَةُ لَهَا الْخُرُوجُ لِحَاجَةٍ وَلَوْ

ص: 61