المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل: في حد القذف - حاشية البجيرمي على الخطيب = تحفة الحبيب على شرح الخطيب - جـ ٤

[البجيرمي]

فهرس الكتاب

- ‌ فَصْلٌ: فِي الْإِيلَاءِ

- ‌تَتِمَّةٌ: لَوْ اخْتَلَفَ الزَّوْجَانِ فِي الْإِيلَاءِ أَوْ فِي انْقِضَاءِ مُدَّتِهِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الظِّهَارِ

- ‌أَرْكَانُ الظِّهَارِ

- ‌فَصْلٌ: فِي اللِّعَانِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْعِدَدِ

- ‌فَصْلٌ: فِيمَا يَجِبُ لِلْمُعْتَدَّةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الِاسْتِبْرَاءِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الرَّضَاعِ

- ‌ فَصْلٌ: فِي نَفَقَةِ الْقَرِيبِ

- ‌فَصْلٌ: فِي النَّفَقَةِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْحَضَانَةِ

- ‌كِتَابُ الْجِنَايَاتِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الدِّيَةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْقَسَامَةِ

- ‌كِتَابُ الْحُدُودِ

- ‌فَصْلٌ: فِي حَدِّ الْقَذْفِ

- ‌فَصْلٌ فِي حَدِّ شَارِبِ الْمُسْكِرِ

- ‌فَصْلٌ فِي حَدِّ السَّرِقَةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي قَاطِعِ الطَّرِيقِ

- ‌فَصْلٌ: فِي حُكْمِ الصِّيَالِ وَمَا تُتْلِفُهُ الْبَهَائِمُ

- ‌فَصْلٌ: فِي قِتَالِ الْبُغَاةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الرِّدَّةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي تَارِكِ الصَّلَاةِ

- ‌كِتَابُ أَحْكَامِ الْجِهَادِ

- ‌فَصْلٌ: فِي قَسْمِ الْغَنِيمَةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي قَسْمِ الْفَيْءِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْجِزْيَةِ

- ‌[كِتَابُ الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ]

- ‌فَصْلٌ: فِي الْأَطْعِمَةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْأُضْحِيَّةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْعَقِيقَةِ

- ‌كِتَابُ السَّبْقِ وَالرَّمْيِ

- ‌كِتَابُ الْأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ

- ‌فَصْلٌ: فِي النُّذُورِ

- ‌خَاتِمَةٌ فِيهَا مَسَائِلُ مُهِمَّةٌ تَتَعَلَّقُ بِالنَّذْرِ:

- ‌[فَرْعٌ النَّذْرُ لِلْكَعْبَةِ]

- ‌كِتَابُ الْأَقْضِيَةِ وَالشَّهَادَاتِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْقِسْمَةِ

- ‌فَصْلٌ فِي الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَاتِ

- ‌فَصْلٌ فِي الشَّهَادَاتِ

- ‌[فَصْلٌ مَا يُعْتَبَرُ فِيهِ تَعَدُّدُ الشُّهُودِ وَمَا لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ التَّعَدُّدُ]

- ‌كِتَابُ الْعِتْقِ

- ‌فَصْلٌ: فِي الْوَلَاءِ

- ‌فَصْلٌ فِي التَّدْبِيرِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْكِتَابَةِ

- ‌فَصْلٌ: فِي أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ

- ‌[خَاتِمَة الْكتاب]

الفصل: ‌فصل: في حد القذف

‌فَصْلٌ: فِي حَدِّ الْقَذْفِ

وَهُوَ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ لُغَةً الرَّمْيُ وَشَرْعًا الرَّمْيُ بِالزِّنَا فِي مَعْرِضِ التَّعْيِيرِ، وَأَلْفَاظُ الْقَذْفِ ثَلَاثَةٌ: صَرِيحٌ وَكِنَايَةٌ وَتَعْرِيضٌ. وَبَدَأَ بِالْأَوَّلِ فَقَالَ: (وَإِذَا قَذَفَ) شَخْصٌ (غَيْرَهُ بِالزِّنَا) كَقَوْلِهِ لِرَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ زَنَيْتَ، أَوْ زَنَيْتِ بِفَتْحِ التَّاءِ وَكَسْرِهَا، أَوْ يَا زَانِي، أَوْ يَا زَانِيَةُ (فَعَلَيْهِ حَدُّ الْقَذْفِ) لِلْمَقْذُوفِ بِالْإِجْمَاعِ الْمُسْتَنِدِ إلَى قَوْله تَعَالَى:{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ} [النور: 4] الْآيَةَ «وَقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم لِهِلَالِ بْنِ أُمَيَّةَ حِينَ قَذَفَ زَوْجَتَهُ بِشَرِيكِ ابْنِ سَحْمَاءَ: الْبَيِّنَةُ، أَوْ حَدٌّ فِي ظَهْرِكَ وَلَمَّا قَالَ صلى الله عليه وسلم لَهُ ذَلِكَ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إذَا رَأَى أَحَدُنَا عَلَى امْرَأَتِهِ رَجُلًا يَنْطَلِقُ يَلْتَمِسُ الْبَيِّنَةَ فَجَعَلَ صلى الله عليه وسلم يُكَرِّرُ ذَلِكَ فَقَالَ هِلَالٌ: وَاَلَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ نَبِيًّا إنِّي لَصَادِقٌ وَلَيُنْزِلَنَّ اللَّهُ مَا يُبَرِّئُ ظَهْرِي مِنْ الْحَدِّ فَنَزَلَتْ آيَةُ اللِّعَانِ» .

وَلَوْ قَالَ لِلرَّجُلِ: يَا زَانِيَةُ وَلِلْمَرْأَةِ: يَا زَانِي كَانَ قَذْفًا وَلَا يَضُرُّ اللَّحْنُ بِالتَّذْكِيرِ لِلْمُؤَنَّثِ، وَعَكْسُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ. وَلَوْ خَاطَبَ: خُنْثَى بِزَانِيَةٍ، أَوْ زَانٍ وَجَبَ الْحَدُّ لَكِنَّهُ يَكُونُ صَرِيحًا إنْ أَضَافَ الزِّنَا إلَى فَرْجَيْهِ، فَإِنْ أَضَافَهُ إلَى أَحَدِهِمَا كَانَ كِنَايَةً،

ــ

[حاشية البجيرمي]

[فَصْلٌ فِي حَدِّ الْقَذْفِ]

ِ وَهُوَ مَعْقُودٌ لِأُمُورٍ أَرْبَعَةٍ الْأَوَّلُ حَقِيقَةُ الْقَذْفِ وَأَنَّهُ يَنْقَسِمُ إلَى صَرِيحٍ وَإِلَى كِنَايَةٍ بِخِلَافِ التَّعْرِيضِ فَلَيْسَ بِقَذْفٍ

الثَّانِي فِي شُرُوطِ الْقَاذِفِ وَشُرُوطِ الْمَقْذُوفِ

الثَّالِثُ فِي مِقْدَارِ حَدِّ الْقَذْفِ

الرَّابِعُ فِيمَا يَسْقُطُ بِهِ حَدُّ الْقَذْفِ وَهُوَ أَحَدُ أُمُورٍ خَمْسَةٍ بِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ بِزِنَا الْمَقْذُوفِ بِالشُّهُودِ الْأَرْبَعَةِ وَبِإِقْرَارِهِ وَبِعَفْوِهِ وَبِاللِّعَانِ فِي حَقِّ الزَّوْجَةِ وَبِإِرْثِ الْقَاذِفِ الْحَدَّ. اهـ.

وَيَنْبَغِي أَنْ يُزَادَ سَادِسٌ وَهُوَ زِنَاهُ بَعْدَ قَذْفِهِ وَقَبْلَ الْحَدِّ. اهـ.

قَوْلُهُ لُغَةً الرَّمْيُ يُقَالُ قَذَفَ بِالنَّوَاةِ أَيْ رَمَاهَا قَوْلُهُ فِي مَعْرِضِ التَّعْيِيرِ أَيْ فِي مَقَامٍ هُوَ التَّعْيِيرُ أَيْ التَّوْبِيخُ أَيْ لَا فِي مَقَامِ الشَّهَادَةِ وَنَحْوِهَا فَخَرَجَ بِهِ طِفْلَةٌ لَا تُوطَأُ قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ مَعْرِضٌ كَمَسْجِدٍ أَيْ فِي مَوْضِعِ ظُهُورِ التَّعْيِيرِ وَالْقَصْدِ إلَيْهِ قَوْلُهُ وَأَلْفَاظُ الْقَذْفِ الْمَقَامُ لِلْإِضْمَارِ وَفِي كَلَامِهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الثَّالِثَ تَعَرُّضٌ لَا قَذْفَ فِيهِ لَا صَرِيحٌ وَلَا كِنَايَةٌ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَأَلْفَاظُ التَّعْيِيرِ إلَخْ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمَعْنَى وَالْأَلْفَاظَ الَّتِي يُفْهَمُ مِنْهَا الْقَذْفُ وَتُسْتَعْمَلُ فِيهِ أَيْ سَوَاءٌ فُهِمَ مِنْ ذَوَاتِهَا أَوْ مِنْ قَرَائِنِ الْأَحْوَالِ فَدَخَلَ الْقِسْمُ الثَّالِثُ وَهُوَ التَّعْرِيضُ وَالتَّعْرِيضُ لَفْظٌ مُسْتَعْمَلٌ فِي مَعْنَاهُ لِيُلَوِّحَ بِغَيْرِهِ قَوْلُهُ وَبَدَأَ بِالْأَوَّلِ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ كَلَامَ الْمَتْنِ شَامِلٌ لِمَا إذَا كَانَ بِالصَّرِيحِ أَوْ الْكِنَايَةِ فَهَذَا مِنْ الشَّارِحِ قَصْرٌ لِلْمَتْنِ عَلَى بَعْضِ مَعْنَاهُ وَلِهَذَا قَالَ ق ل لَوْ قَالَ وَبَدَأَ بِمَا يَدُلُّ أَوْ يَتَضَمَّنُ الْأَوَّلَ لَكَانَ مُسْتَقِيمًا قَوْلُهُ بِفَتْحِ التَّاءِ وَكَسْرِهَا أَيْ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا بِدَلِيلِ مَا سَيَذْكُرُهُ قَوْلُهُ وَاَلَّذِينَ إلَى آخِرِ الْآيَةِ كَذَا فِي عِبَارَتِهِ وَالتِّلَاوَةُ {إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاتِ} [النور: 23] وَالْآيَةُ الْأُخْرَى {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} [النور: 6] اهـ قَوْلُهُ سَمْحَاءُ كَذَا فِي خَطِّهِ وَصَوَابُهُ كَمَا فِي تَهْذِيبِ الْأَسْمَاءِ وَاللُّغَاتِ سَحْمَاءُ بِتَقْدِيمِ الْحَاءِ عَلَى الْمِيمِ وَهِيَ أُمُّهُ وَأَبُوهُ عَبْدَةُ الْبَلَوِيُّ لِأَنَّهُ مِنْ بَنِي بَلَهٍ وَهُوَ حَلِيفُ الْأَنْصَارِ. اهـ. م د قَوْلُهُ يَنْطَلِقُ أَيْ هَلْ يَنْطَلِقُ وَهُوَ اسْتِفْهَامٌ إنْكَارِيٌّ. اهـ.

قَوْلُهُ فَجَعَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إلَخْ

تَنْبِيهٌ كَانَ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم أَشَدَّ حَيَاءً مِنْ الْعَذْرَاءِ فِي خِدْرِهَا رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالشَّيْخَانِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ يَعْنِي كَانَ مِنْ رَبِّهِ وَمِنْ الْخَلْقِ أَشَدَّ حَيَاءً مِنْهَا وَهَذَا أَيْ كَوْنُهُ أَشَدَّ حَيَاءً مِنْ الْعَذْرَاءِ فِي خِدْرِهَا فِي غَيْرِ أَسْبَابِ الْحُدُودِ أَمَّا فِيهَا فَلَا وَلِهَذَا قَالَ لِلَّذِي اعْتَرَفَ بِالزِّنَا أَنِكْتَهَا لَا تُكَنِّ كَمَا بَيَّنَ فِي الصَّحِيحِ. اهـ. مُنَاوِيٌّ عَلَى الْخَصَائِصِ قَوْله وَلَوْ قَالَ لِلرَّجُلِ يَا زَانِيَةُ هَذَا فِي خِطَابِ الرَّجُلِ قَدْ يَكُونُ أَبْلَغَ مِنْ تَرْكِ التَّاءِ بِأَنْ تُجْعَلَ التَّاءُ فِيهِ لِلْمُبَالَغَةِ دُونَ التَّأْنِيثِ. اهـ. عَنَانِيٌّ قَوْلُهُ وَلَا يَضُرُّ اللَّحْنُ إلَخْ

ص: 180

وَالرَّمْيُ لِشَخْصٍ بِإِيلَاجِ ذَكَرِهِ أَوْ حَشَفَةٍ مِنْهُ، فِي فَرْجٍ مَعَ وَصْفِ الْإِيلَاجِ بِتَحْرِيمٍ مُطْلَقٌ، أَوْ الرَّمْيُ بِإِيلَاجِ ذَكَرٍ، أَوْ حَشَفَةٍ فِي دُبُرٍ صَرِيحٌ، وَإِنَّمَا اُشْتُرِطَ الْوَصْفُ بِالتَّحْرِيمِ فِي الْقُبُلِ دُونَ الدُّبُرِ لِأَنَّ الْإِيلَاجَ فِي الدُّبُرِ لَا يَكُونُ إلَّا حَرَامًا، فَإِنْ لَمْ يُوصَفْ الْأَوَّلُ بِالتَّحْرِيمِ، فَلَيْسَ صَرِيحًا لِصِدْقِهِ بِالْحَلَالِ بِخِلَافِ الثَّانِي. وَأَمَّا اللَّفْظُ الثَّانِي وَهُوَ الْكِنَايَةُ فَكَقَوْلِهِ: زَنَأْت بِالْهَمْزِ فِي الْجَبَلِ أَوْ السُّلَّمِ، أَوْ نَحْوِهِ فَهُوَ كِنَايَةٌ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ يَقْتَضِي الصُّعُودَ. وَزَنَيْت بِالْيَاءِ فِي الْجَبَلِ صَرِيحٌ لِلظُّهُورِ فِيهِ كَمَا لَوْ قَالَ فِي الدَّارِ وَذِكْرُ الْجَبَلِ يَصْلُحُ فِيهِ إرَادَةُ مَحَلِّهِ فَلَا يَنْصَرِفُ الصَّرِيحُ عَنْ مَوْضُوعِهِ وَكَقَوْلِهِ لِرَجُلٍ: يَا فَاجِرُ يَا فَاسِقُ يَا خَبِيثُ. وَلِامْرَأَةٍ: يَا فَاجِرَةُ، يَا فَاسِقَةُ يَا خَبِيثَةُ. وَأَنْتِ تُحِبِّينَ الْخَلْوَةَ، أَوْ الظُّلْمَةَ، أَوْ لَا تَرُدِّينَ يَدَ لَامِسٍ.

وَاخْتُلِفَ فِي قَوْلِ شَخْصٍ لِآخَرَ يَا لُوطِيُّ هَلْ هُوَ صَرِيحٌ، أَوْ كِنَايَةٌ؟ لِاحْتِمَالِ أَنْ يُرِيدَ أَنَّهُ عَلَى دِينِ قَوْمِ لُوطٍ. وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ كِنَايَةٌ بِخِلَافِ قَوْلِهِ: يَا لَائِطُ فَإِنَّهُ صَرِيحٌ. قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ وَلَوْ قَالَ لَهُ يَا بِغَاءُ، أَوْ لَهَا يَا قَحْبَةُ فَهُوَ كِنَايَةٌ. وَاَلَّذِي أَفْتَى بِهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي قَحْبَةٍ أَنَّهُ صَرِيحٌ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَأَفْتَى أَيْضًا بِصَرَاحَةِ يَا مُخَنَّثُ لِلْعُرْفِ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كِنَايَةٌ فَإِنْ أَنْكَرَ شَخْصٌ فِي الْكِنَايَةِ إرَادَةَ قَذْفٍ بِهَا صُدِّقَ بِيَمِينِهِ، لِأَنَّهُ أَعْرَفُ بِمُرَادِهِ فَيُحَلَّفُ أَنَّهُ مَا أَرَادَ قَذْفَهُ، قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ ثُمَّ عَلَيْهِ التَّعْزِيرُ لِلْإِيذَاءِ.

وَقَيَّدَهُ الْمَاوَرْدِيُّ بِمَا إذَا خَرَجَ لَفْظُهُ، مَخْرَجَ السَّبِّ وَالذَّمِّ، وَإِلَّا فَلَا تَعْزِيرَ وَهُوَ ظَاهِرٌ.

وَأَمَّا اللَّفْظُ الثَّالِثُ وَهُوَ التَّعْرِيضُ

ــ

[حاشية البجيرمي]

عَلَى أَنَّهُ لَا لَحْنَ لِأَنَّ التَّأْنِيثَ بِاعْتِبَارِ النَّسَمَةِ وَالتَّذْكِيرَ بِاعْتِبَارِ الشَّخْصِ

قَوْلُهُ وَالرَّمْيُ مُبْتَدَأٌ وَقَوْلُهُ أَوْ الرَّمْيُ مَعْطُوفٌ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ صَرِيحٌ خَبَرٌ عَنْهُمَا وَصُورَةُ الْأُولَى أَنْ يَقُولَ أَوْلَجْتَ ذَكَرَكَ أَوْ حَشَفَةَ ذَكَرِكَ فِي قُبُلٍ إيلَاجًا مُحَرَّمًا تَحْرِيمًا مُطْلَقًا أَوْ فِي كُلِّ حَالٍ وَوَقْتٍ وَصُورَةُ الثَّانِي أَنْ يَقُولَ أَوْلَجْتَ ذَكَرَكَ أَوْ حَشَفَةَ ذَكَرِك فِي دُبُرٍ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ إيلَاجًا مُحَرَّمًا فَهُوَ صَرِيحٌ بِشَرْطِ أَنْ يُضِيفَ الدُّبُرَ إلَى ذَكَرٍ أَوْ خُنْثَى أَوْ أُنْثَى خَلِيَّةٍ بِأَنْ يَقُولَ فِي دُبُرِ ذَكَرٍ أَوْ خُنْثَى أَوْ أُنْثَى خَلِيَّةٍ فَإِنْ قَالَ مُزَوَّجَةً فَلَا يَكُونُ صَرِيحًا إلَّا إذَا قَالَ إيلَاجًا مُحَرَّمًا تَحْرِيمًا عَلَى وَجْهِ اللِّوَاطِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ صَرِيحًا لِاحْتِمَالِ دُبُرِ زَوْجَتِهِ فَلَا يَكُونُ قَذْفًا يُوجِبُ الْحَدَّ بَلْ فِيهِ التَّعْزِيرُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ دُبُرَ أُنْثَى مُزَوَّجَةٍ غَيْرِ زَوْجَتِهِ فَيَكُونَ قَذْفًا يَقْتَضِي الْحَدَّ قَوْلُهُ فِي فَرْجٍ أَيْ قُبُلٍ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ قَوْلُهُ مُطْلَقٍ أَيْ عَنْ التَّقْيِيدِ بِالْعَارِضِ كَالْإِيلَاجِ فِي فَرْجِ زَوْجَتِهِ الْحَائِضِ فَانْدَفَعَ اعْتِرَاضُ شَرْحِ الرَّوْضِ بِأَنَّ مُطْلَقَ التَّحْرِيمِ صَادِقٌ بِالتَّحْرِيمِ لِعَارِضٍ فَلَا يَصِيرُ بِهِ صَرِيحًا وَقَالَ م د وَيُجَابُ عَنْ الشَّارِحِ بِأَنَّ قَوْلَهُ بِتَحْرِيمٍ مُطْلَقٍ مَعْنَاهُ مُقَيَّدٌ بِالْإِطْلَاقِ بِأَنْ يَرْمِيَهُ بِإِيلَاجِ حَشَفَتِهِ فِي فَرْجٍ مُحَرَّمٍ مُطْلَقًا أَيْ فِي كُلِّ حَالٍ قَوْلُهُ فِي دُبُرٍ فِيهِ أَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ فِي دُبُرِ زَوْجَتِهِ وَلَا حَدَّ بِالْإِيلَاجِ فِيهِ فَكَيْفَ يَكُونُ صَرِيحًا قَالَ م ر وَمَعَ ذَلِكَ أَيْ صَرَاحَتِهِ إذَا قَالَ أَرَدْتُ دُبُرَ زَوْجَتِهِ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ عَلَى الْأَوْجَهِ فَيُعَزَّرُ وَلَا حَدَّ شَرْحَ م ر فِي بَابِ اللِّعَانِ قَوْلُهُ فِي الْقُبُلِ أَيْ فِي الْإِيلَاجِ فِي الْقُبُلِ لِأَنَّ الْمُتَقَدِّمَ إنَّمَا هُوَ وَصْفُ الْإِيلَاجِ بِالتَّحْرِيمِ دُونَ الْقُبُلِ

قَوْلُهُ فِي الْجَبَلِ بِخِلَافِ زَنَأْت بِالْهَمْزِ فِي الْبَيْتِ فَصَرِيحٌ وَإِنْ كَانَ فِيهِ دَرَجٌ يُصْعَدُ فِيهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَيَكُونُ أَبْدَلَ الْيَاءَ هَمْزَةً وَعِبَارَةُ م ر فِي بَابِ اللِّعَانِ بِخِلَافِ زَنَأْت بِالْهَمْزِ فِي الْبَيْتِ فَصَرِيحٌ لِأَنَّهُ لَا يُسْتَعْمَلُ فِيهِ بِمَعْنَى الصُّعُودِ وَنَحْوِهِ فَإِنْ كَانَ لَهُ دَرَجٌ يُصْعَدُ فِيهِ فَوَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ رحمه الله صَرَاحَتُهُ أَيْضًا اهـ بِحُرُوفِهِ قَوْلُهُ لِلظُّهُورِ فِيهِ أَيْ فِي الْقَذْفِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ بِهِ الزِّنَا وَإِبْدَالُ الْهَمْزَةِ يَاءً كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا

قَوْلُهُ وَكَقَوْلِهِ لِرَجُلٍ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ كَقَوْلِهِ زَنَأْت إلَخْ

قَوْلُهُ أَوْ لَا تَرُدِّينَ يَدَ لَامِسٍ هُوَ كِنَايَةٌ عَنْ سُرْعَةِ الْإِجَابَةِ

قَوْلُهُ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ كِنَايَةٌ مُعْتَمَدٌ قَوْلُهُ يَا بِغَاءُ مِنْ الْبِغَاءِ بِالْمَدِّ وَهُوَ الزِّنَا يُقَالُ بَغَتْ الْمَرْأَةُ تَبْغِي فَهِيَ بَغِيَّةٌ وَهُوَ وَصْفٌ خَاصٌّ بِالْمَرْأَةِ وَلَا يُقَالُ لِلرَّجُلِ بَغِيٌّ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ يَا بِغَاءُ مِنْ الْبَغْيِ وَهُوَ مُجَاوَزَةُ الْحَدِّ فَلِذَلِكَ كَانَ كِنَايَةً

قَوْلُهُ: (وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كِنَايَةٌ) نَظَرًا إلَى أَنَّ التَّخَنُّثَ التَّكَسُّرُ وَالْقَوْلُ بِصَرَاحَتِهِ نَظَرٌ لِاشْتِهَارِهِ فِيمَنْ يَتَّصِفُ بِالْفِعْلِ فِيهِ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَعِبَارَةُ م ر فِي شَرْحِهِ يَا بِغَاءُ كِنَايَةٌ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ وَكَذَا يَا مُخَنَّثُ خِلَافًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، وَقَوْلُهُ: يَا عَاهِرُ يَا عِلْقُ كِنَايَةٌ لَكِنْ يُعَزَّرُ إنْ لَمْ يُرِدْ الْقَذْفَ أج لِأَنَّ الْعِلْقَ فِي اللُّغَةِ الشَّيْءُ النَّفِيسُ.

قَوْلُهُ: (فَإِنْ أَنْكَرَ شَخْصٌ إلَخْ) رَاجِعٌ لِجَمِيعِ أَلْفَاظِ الْكِنَايَةِ. قَوْلُهُ: (وَقَيَّدَهُ الْمَاوَرْدِيُّ) الْمَقَامُ لِلْإِضْمَارِ.

قَوْلُهُ: (وَإِلَّا فَلَا) أَيْ وَلَا يَخْرُجُ مَخْرَجَ الذَّمِّ بِأَنْ خَرَجَ مَخْرَجَ الْمَزْحِ أَيْ بِأَنْ كَانَ عَلَى

ص: 181

فَكَقَوْلِهِ لِغَيْرِهِ فِي خُصُومَةٍ، أَوْ غَيْرِهَا: يَا ابْنَ الْحَلَالِ، وَأَمَّا أَنَا فَلَسْتُ بِزَانٍ وَنَحْوَهُ كَلَيْسَتْ أُمِّي بِزَانِيَةٍ، وَلَسْتُ ابْنَ خَبَّازٍ، أَوْ إسْكَافِيٍّ، وَمَا أَحْسَنَ اسْمَكَ فِي الْجِيرَانِ: فَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَذْفٍ صَرِيحٍ وَلَا كِنَايَةٍ. وَإِنْ نَوَاهُ، لِأَنَّ النِّيَّةَ إنَّمَا تُؤَثِّرُ إذَا احْتَمَلَ اللَّفْظُ الْمَنْوِيَّ وَهَا هُنَا لَيْسَ فِي اللَّفْظِ إشْعَارٌ بِهِ، وَإِنَّمَا يُفْهَمُ بِقَرَائِنِ الْأَحْوَالِ فَلَا يُؤَثِّرُ فِيهِ. فَاللَّفْظُ الَّذِي يُقْصَدُ بِهِ الْقَذْفُ إنْ لَمْ يَحْتَمِلْ غَيْرَهُ فَصَرِيحٌ وَإِلَّا فَإِنْ فُهِمَ مِنْهُ الْقَذْفُ بِوَضْعِهِ فَكِنَايَةٌ، وَإِلَّا فَتَعْرِيضٌ. وَلَيْسَ الرَّمْيُ بِإِتْيَانِ الْبَهَائِمِ قَذْفًا، وَالنِّسْبَةُ إلَى غَيْرِ الزِّنَا مِنْ الْكَبَائِرِ وَغَيْرِهَا مِمَّا فِيهِ إيذَاءٌ؛ كَقَوْلِهِ لَهَا: زَنَيْتِ بِفُلَانَةَ، أَوْ أَصَابَتْكِ فُلَانَةُ. يَقْتَضِي التَّعْزِيرَ لِلْإِيذَاءِ لَا الْحَدَّ لِعَدَمِ ثُبُوتِهِ.

(وَشَرَائِطُهُ) أَيْ حَدِّ الْقَذْفِ (ثَمَانِيَةٌ: ثَلَاثَةٌ مِنْهَا) بَلْ سِتَّةٌ (فِي الْقَاذِفِ) كَمَا سَتَعْرِفُهُ (وَهُوَ أَنْ يَكُونَ بَالِغًا عَاقِلًا) فَلَا حَدَّ عَلَى صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ لِنَفْيِ الْإِيذَاءِ بِقَذْفِهِمَا لِعَدَمِ تَكْلِيفِهِمَا لَكِنْ يُعَزَّرَانِ، إذَا كَانَ لَهُمَا نَوْعُ تَمْيِيزٍ. (وَ) الثَّالِثُ (أَنْ لَا يَكُونَ وَالِدًا) أَيْ أَصْلًا (لِلْمَقْذُوفِ) فَلَا يُحَدُّ أَصْلٌ بِقَذْفِ فَرْعِهِ، وَإِنْ سَفَلَ. وَالرَّابِعُ كَوْنُهُ مُخْتَارًا فَلَا حَدَّ عَلَى مُكْرَهٍ بِفَتْحِ الرَّاءِ فِي الْقَذْفِ. وَالْخَامِسُ كَوْنُهُ مُلْتَزِمًا لِلْأَحْكَامِ فَلَا حَدَّ عَلَى حَرْبِيٍّ لِعَدَمِ الْتِزَامِهِ، وَالسَّادِسُ كَوْنُهُ مَمْنُوعًا مِنْهُ لِيَخْرُجَ مَا لَوْ أَذِنَ مُحْصَنٌ لِغَيْرِهِ فِي قَذْفِهِ فَلَا حَدَّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الزَّوَائِدِ.

تَنْبِيهٌ: قَدْ عُلِمَ مِنْ الِاقْتِصَارِ عَلَى هَذِهِ الشُّرُوطِ فِي الْقَاذِفِ عَدَمُ اشْتِرَاطِ إسْلَامِهِ وَحُرِّيَّتِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ. (وَخَمْسَةٌ) مِنْهَا (فِي الْمَقْذُوفِ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا بَالِغًا عَاقِلًا حُرًّا عَفِيفًا) عَنْ وَطْءٍ يُحَدُّ بِهِ بِأَنْ لَمْ يَطَأْ أَصْلًا، أَوْ وَطِئَ وَطْئًا لَا يُحَدُّ بِهِ كَوَطْءِ الشَّرِيكِ الْأَمَةَ الْمُشْتَرَكَةَ، لِأَنَّ أَضْدَادَ ذَلِكَ نَقْصٌ. وَفِي الْخَبَرِ:«مَنْ أَشْرَكَ بِاَللَّهِ فَلَيْسَ بِمُحْصَنٍ» ، وَإِنَّمَا جُعِلَ الْكَافِرُ مُحْصَنًا فِي حَدِّ الزِّنَا، لِأَنَّ حَدَّهُ إهَانَةٌ لَهُ، وَالْحَدُّ بِقَذْفِهِ إكْرَامٌ لَهُ وَاعْتُبِرَتْ الْعِفَّةُ عَنْ الزِّنَا، لِأَنَّ مَنْ زَنَى لَا يَتَعَيَّرُ.

تَنْبِيهٌ: يَرِدُ عَلَى مَا ذَكَرَ وَطْءُ زَوْجَتِهِ فِي دُبُرِهَا فَإِنَّهُ تَبْطُلُ بِهِ حَصَانَتُهُ عَلَى الْأَصَحِّ مَعَ أَنَّهُ لَا يُحَدُّ بِهِ وَيُتَصَوَّرُ الْحَدُّ

ــ

[حاشية البجيرمي]

أَوْجُهِ الْمَزْحِ، أَوْ الْهَزْلِ أَوْ اللَّعِبِ فَلَا تَعْزِيرَ إلَخْ.

قَوْلُهُ: (أَوْ إسْكَافِيٍّ) أَيْ بِإِثْبَاتِ الْيَاءِ بَعْدَ الْفَاءِ كَذَا فِي خَطِّ الْمُؤَلِّفِ، وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ بِحَذْفِهَا.

قَوْلُهُ: (يَقْصِدُ بِهِ الْقَذْفَ) أَيْ يُفْهَمُ مِنْهُ الْقَذْفُ وَيُسْتَعْمَلُ فِيهِ لِيَشْمَلَ الْقِسْمَ الثَّالِثَ قَوْلُهُ: (وَالنِّسْبَةُ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ يَقْتَضِي التَّعْزِيرَ.

قَوْلُهُ: (لَكِنْ يُعَزَّرَانِ) قَالَ سم: وَيَسْقُطُ بِالْبُلُوغِ وَالْإِفَاقَةِ اُنْظُرْ وَجْهَ ذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (فَلَا يُحَدُّ أَصْلٌ) لَكِنْ يُعَزَّرُ كَمَا فِي الْمَنْهَجِ وَهَذَا يُخَالِفُ مَا تَقَدَّمَ فِي الْمَسَائِلِ الْمُسْتَثْنَاةِ. حَيْثُ قَالَ: مِنْهَا إنَّ الْأَصْلَ لَا يُعَزَّرُ لِلْفَرْعِ كَمَا لَا يُحَدُّ بِقَذْفِهِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الَّذِي تَقَدَّمَ لَيْسَ فِيهِ قَذْفٌ بَلْ فِيهِ أَمْرٌ يُوجِبُ التَّعْزِيرَ فَلَا يُعَزَّرُ فِيهِ الْفَرْعُ لِأَصْلِهِ وَهُنَا وُجِدَ مِنْهُ قَذْفٌ وَهُوَ أَشَدُّ مِمَّا يُوجِبُ التَّعْزِيرَ فَيُنَاسِبُ أَنْ يُعَزَّرَ الْأَصْلُ فِيهِ لِفَرْعِهِ.

قَوْلُهُ: (فَلَا حَدَّ عَلَى مُكْرَهٍ) أَيْ لِعَدَمِ قَصْدِ الْإِيذَاءِ بِذَلِكَ عَلَى الصَّحِيحِ، وَأَمَّا الْمُكْرِهُ بِكَسْرِ الرَّاءِ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ أَيْضًا عَلَى الْأَصَحِّ. وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقَتْلِ أَنَّهُ يُمْكِنُ جَعْلُ يَدِ الْمُكْرَهِ كَالْآلَةِ بِأَنْ يَأْخُذَ يَدَهُ فَيَقْتُلَ بِهَا وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَأْخُذَ لِسَانَ غَيْرِهِ فَيَقْذِفَ بِهِ شَرْحَ م ر. وَيُقْبَلُ دَعْوَاهُ الْإِكْرَاهَ إنْ دَلَّتْ قَرِينَةٌ عَلَيْهِ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا حَدَّ عَلَى مُكْرَهٍ وَلَا حُرْمَةَ وَلَا تَعْزِيرَ لِشُبْهَةِ الْإِكْرَاهِ، لِأَنَّ الْإِكْرَاهَ يُبِيحُ جَمِيعَ الْمُحَرَّمَاتِ إلَّا الْقَتْلَ وَالزِّنَا، وَأَمَّا الْمُكْرِهُ فَكَذَلِكَ لَا حَدَّ عَلَيْهِ لَكِنْ يُحَرَّمُ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ إعَانَةٌ عَلَى الْإِيذَاءِ.

قَوْلُهُ: (فَلَا حَدَّ عَلَى حَرْبِيٍّ) وَلَكِنْ يُحَرَّمُ عَلَيْهِ لِلْإِيذَاءِ، لِأَنَّهُ مُكَلَّفٌ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ. قَوْلُهُ:(فِي قَذْفِهِ) أَيْ قَذْفِ الْآذِنِ قَوْلُهُ: (فَلَا حَدَّ) ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّهُ لَا يُعَزَّرُ الْمَأْذُونُ لَهُ فِي الْقَذْفِ حَيْثُ ذَكَرَ التَّعْزِيرَ فِي مَسْأَلَةِ الْمُمَيِّزِ وَسَكَتَ عَنْ تَعْزِيرِ الْمَأْذُونِ لَهُ فَاقْتَضَى أَنَّهُ لَا يُعَزَّرُ وَاَلَّذِي اعْتَمَدَهُ زي أَنَّهُ يُعَزَّرُ، لِأَنَّ الْعِرْضَ لَا يُبَاحُ بِالْإِبَاحَةِ وَارْتَضَاهُ س ل. وَعِبَارَةُ بَعْضِهِمْ قَوْلُهُ: فَلَا حَدَّ أَيْ وَلَكِنْ يُحَرَّمُ عَلَيْهِ وَيُعَزَّرُ وَفَائِدَةُ الْإِذْنِ إسْقَاطُ الْحَدِّ فَقَطْ.

قَوْلُهُ: (حُرًّا) لَوْ نَازَعَ الْقَاذِفُ فِي حُرِّيَّةِ الْمَقْذُوفِ، أَوْ فِي إسْلَامِهِ صُدِّقَ الْمَقْذُوفُ بِيَمِينِهِ ح ل.

قَوْلُهُ: (عَنْ وَطْءٍ يُحَدُّ بِهِ) لَيْسَ بِقَيْدٍ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ: وَتَبْطُلُ الْعِفَّةُ الْمُعْتَبَرَةُ فِي الْإِحْصَانِ بِوَطْءِ شَخْصٍ وَطْئًا حَرَامًا وَإِنْ لَمْ يُحَدَّ بِهِ فَالْمُعْتَبَرُ عِفَّتُهُ عَنْ ثَلَاثَةِ أُمُورٍ عَنْ وَطْءٍ يُحَدُّ بِهِ. وَعَنْ وَطْءِ دُبُرِ حَلِيلَتِهِ وَعَنْ وَطْءِ مَحْرَمِ مَمْلُوكَةٍ لَهُ كَمَا فِي مَتْنِ الْمِنْهَاجِ، وَإِذَا مَنَعَتْهُ مِنْ الْوَطْءِ فِي دُبُرِهَا اسْتَحَقَّتْ النَّفَقَةَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّ أَضْدَادَ ذَلِكَ) أَيْ هَذِهِ الْخَمْسَةِ.

قَوْلُهُ: (تَنْبِيهٌ يَرِدُ عَلَى مَا ذَكَرَ) أَيْ قَوْلِهِ عَفِيفًا عَنْ وَطْءٍ يُحَدُّ بِهِ وَوَجْهُ الْإِيرَادِ أَنَّ هَذَا لَا يُحَدُّ بِهِ مَعَ أَنَّهُ غَيْرُ عَفِيفٍ فَلَا يُحَدُّ قَاذِفُهُ وَهَذَا الْإِيرَادُ إنَّمَا أَوْجَبَهُ قَصْرُ

ص: 182

بِقَذْفِ الْكَافِرِ بِأَنْ يَقْذِفَ مُرْتَدًّا بِزِنًا يُضِيفُهُ إلَى حَالِ إسْلَامِهِ. وَبِقَذْفِ الْمَجْنُونِ بِأَنْ يَقْذِفَهُ بِزِنًا يُضِيفُهُ إلَى حَالِ إفَاقَتِهِ. وَبِقَذْفِ الْعَبْدِ بِأَنْ يَقْذِفَهُ بِزِنًا يُضِيفُهُ إلَى حَالِ حُرِّيَّتِهِ إذَا طَرَأَ عَلَيْهِ الرِّقُّ. وَصُورَتُهُ: فِيمَا إذَا أَسْلَمَ الْأَسِيرُ ثُمَّ اخْتَارَ الْإِمَامُ فِيهِ الرِّقَّ، وَتَبْطُلُ الْعِفَّةُ الْمُعْتَبَرَةُ فِي الْإِحْصَانِ بِوَطْءِ شَخْصٍ وَطْئًا حَرَامًا وَإِنْ لَمْ يُحَدَّ بِهِ كَوَطْءِ مُحَرَّمَةٍ بِرَضَاعٍ، أَوْ نَسَبٍ كَأُخْتٍ مَمْلُوكَةٍ لَهُ مَعَ عِلْمِهِ بِالتَّحْرِيمِ لِدَلَالَتِهِ عَلَى قِلَّةِ مُبَالَاتِهِ بِالزِّنَا بَلْ غِشْيَانُ الْمَحَارِمِ أَشَدُّ مِنْ غِشْيَانِ الْأَجْنَبِيَّاتِ. وَلَا تَبْطُلُ الْعِفَّةُ بِوَطْءٍ حَرَامٍ فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ كَوَطْءِ زَوْجَتِهِ فِي عِدَّةِ شُبْهَةٍ، لِأَنَّ التَّحْرِيمَ عَارِضٌ يَزُولُ وَلَا بِوَطْءِ أَمَةِ وَلَدِهِ لِثُبُوتِ النَّسَبِ حَيْثُ حَصَلَ عُلُوقٌ مِنْ ذَلِكَ الْوَطْءِ. مَعَ انْتِفَاءِ الْحَدِّ وَلَا بِوَطْءٍ فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ كَوَطْءِ مَنْكُوحَتِهِ بِلَا وَلِيٍّ، أَوْ بِلَا شُهُودٍ لِقُوَّةِ الشُّبْهَةِ. وَلَا تَبْطُلُ الْعِفَّةُ بِوَطْءِ زَوْجَتِهِ، أَوْ أَمَتِهِ فِي حَيْضٍ، أَوْ نِفَاسٍ، أَوْ إحْرَامٍ أَوْ صَوْمٍ، أَوْ اعْتِكَافٍ. وَلَا بِوَطْءِ زَوْجَتِهِ الرَّجْعِيَّةِ وَلَا بِوَطْءِ مَمْلُوكَةٍ لَهُ مُرْتَدَّةٍ، أَوْ مُزَوَّجَةٍ، أَوْ قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ، أَوْ مُكَاتَبَةٍ، وَلَا بِزِنَا صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَلَا بِوَطْءِ جَاهِلٍ بِتَحْرِيمِ الْوَطْءِ لِقُرْبِ عَهْدِهِ بِالْإِسْلَامِ. أَوْ نَشَأَ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ عَنْ الْعُلَمَاءِ وَلَا بِوَطْءِ مُكْرَهٍ وَلَا بِوَطْءِ مَجُوسِيٍّ مَحْرَمًا لَهُ كَأُمِّهِ، بِنِكَاحٍ، أَوْ مِلْكٍ، لِأَنَّهُ لَا يَعْتَقِدُ تَحْرِيمَهُ وَلَا بِمُقَدِّمَاتِ الْوَطْءِ فِي الْأَجْنَبِيَّةِ.

فُرُوعٌ: لَوْ زَنَى مَقْذُوفٌ قَبْلَ أَنْ يُحَدَّ قَاذِفُهُ سَقَطَ الْحَدُّ عَنْ قَاذِفِهِ؛ لِأَنَّ الْإِحْصَانَ لَا يُتَيَقَّنُ بَلْ يُظَنُّ وَظُهُورُ الزِّنَا يَخْدِشُهُ كَالشَّاهِدِ ظَاهِرُهُ الْعَدَالَةِ شَهِدَ بِشَيْءٍ ثُمَّ ظَهَرَ فِسْقُهُ قَبْلَ الْحُكْمِ.

وَلَوْ ارْتَدَّ لَمْ يَسْقُطْ الْحَدُّ عَنْ قَاذِفِهِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الرِّدَّةِ وَالزِّنَا أَنَّهُ يُكْتَمُ مَا أَمْكَنَ فَإِذَا ظَهَرَ أَشْعَرَ بِسَبْقِ مِثْلِهِ. لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى كَرِيمٌ لَا يَهْتِكُ السِّتْرَ أَوَّلَ مَرَّةٍ. كَمَا قَالَهُ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -. وَالرِّدَّةُ عَقِيدَةٌ، وَالْعَقَائِدُ لَا تَخْفَى غَالِبًا فَإِظْهَارُهَا لَا يَدُلُّ عَلَى سَبْقِ الْإِخْفَاءِ وَكَالرَّدَّةِ السَّرِقَةُ وَالْقَتْلُ، لِأَنَّ مَا صَدَرَ مِنْهُ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ مَا قُذِفَ بِهِ. وَمَنْ زَنَى مَرَّةً، ثُمَّ صَلُحَ بِأَنْ تَابَ وَصَلُحَ حَالُهُ لَمْ يُعَدَّ مُحْصَنًا أَبَدًا وَلَوْ لَزِمَ الْعَدَالَةَ وَصَارَ مِنْ أَوْرَعِ خَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى وَأَزْهَدِهِمْ، لِأَنَّ الْعِرْضَ إذَا انْخَرَمَ بِالزِّنَا لَمْ يَزُلْ خَلَلُهُ بِمَا يَطْرَأُ مِنْ الْعِفَّةِ.

ــ

[حاشية البجيرمي]

الشَّارِحِ الْعَفِيفَ عَلَى الْوَطْءِ الَّذِي يُحَدُّ بِهِ فَلَوْ ذَكَرَ عِبَارَةَ الْمَنْهَجِ لَمْ يَرِدْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ. وَحَاصِلُ ذَلِكَ التَّنْبِيهِ اعْتِرَاضٌ عَلَى تَقْيِيدِ الْعَفِيفِ بِعِفَّتِهِ عَنْ وَطْءٍ يُحَدُّ بِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ يَدْخُلُ فِيهِ وَطْءُ حَلِيلَتِهِ فِي دُبُرِهَا مِنْ الزَّوْجَةِ أَوْ الْأَمَةِ الْمَمْلُوكَةِ لَهُ وَهِيَ أَجْنَبِيَّةٌ وَيَدْخُلُ فِيهِ وَطْءُ مَحْرَمِهِ الْمَمْلُوكَةِ لَهُ مُطْلَقًا أَيْ فِي الْقُبُلِ أَوْ الدُّبُرِ فَإِنَّهُ لَا يُحَدُّ بِكُلِّ ذَلِكَ فَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ يُقَالُ لَهُ عَفِيفٌ فَيُحَدُّ قَاذِفُهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: كَمَا قَالَ فِي الْمَنْهَجِ: عَفِيفٌ عَنْ وَطْءٍ يُحَدُّ بِهِ وَعَنْ وَطْءِ حَلِيلَتِهِ فِي دُبُرِهَا وَعَنْ وَطْءِ أَمَتِهِ الْمَحْرَمِ مُطْلَقًا.

قَوْلُهُ: (وَيُتَصَوَّرُ الْحَدُّ بِقَذْفِ إلَخْ) هَذَا مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ: لِأَنَّ أَضْدَادَ مَا ذَكَرَ نَقْصٌ وَهَذَا بِمَنْزِلَةِ الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ ذَلِكَ الْمَفْهُومِ وَهُوَ اسْتِثْنَاءٌ صُورِيٌّ لِمَا يَأْتِي أَنَّهُ إنَّمَا حُدَّ لِإِضَافَتِهِ الْقَذْفَ لِحَالَةِ الْكَمَالِ.

قَوْلُهُ: (ثُمَّ اخْتَارَ الْإِمَامُ فِيهِ الرِّقَّ) وَإِسْلَامُهُ إنَّمَا عَصَمَ دَمَهُ مِنْ الْقَتْلِ فَقَطْ وَيَتَخَيَّرُ الْإِمَامُ فِيهِ بَيْنَ الْخِصَالِ الْبَاقِيَةِ أَيْ فَقَذَفَهُ بِالزِّنَا بَعْدَ ضَرْبِ الرِّقِّ وَأُضِيفَ الزِّنَا إلَى مَا قَبْلَ الرِّقِّ وَبَعْدَ إسْلَامِهِ وَهُوَ قَبْلَ الرِّقِّ حُرٌّ مُسْلِمٌ فَلِذَلِكَ حُدَّ الْقَاذِفُ، لِأَنَّ الْكَافِرَ لَا يُحَدُّ قَاذِفُهُ قَوْلُهُ:(غِشْيَانُ) بِكَسْرِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ الْمُرَادُ بِهِ الْجِمَاعُ، اهـ.

مِصْبَاحٌ قَالَ تَعَالَى: {فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ} [الأعراف: 189] قَوْلُهُ: (وَلَا بِوَطْءِ أَمَةِ وَلَدِهِ) مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ حَصَلَ عُلُوقٌ أَمْ لَا، وَإِنَّمَا قَيَّدَ الشَّارِحُ بِالْأَوَّلِ لِأَجْلِ قَوْلِهِ: لِثُبُوتِ النَّسَبِ.

قَوْلُهُ: (لِثُبُوتِ النَّسَبِ) لَيْسَ عِلَّةً لِعَدَمِ سُقُوطِ الْعِفَّةِ بَلْ الْعِلَّةُ انْتِفَاءُ الْحَدِّ بِالْوَطْءِ الْمَذْكُورِ. قَوْلُهُ: (وَلَا بِوَطْءِ مَجُوسِيٍّ إلَخْ) أَيْ وَأَسْلَمَ بَعْدَ ذَلِكَ وَقَذَفَ فَلَا تَبْطُلُ عِفَّتُهُ بِمَا وَقَعَ فِي الْكُفْرِ

قَوْلُهُ: (فُرُوعٌ) ثَلَاثَةٌ الْأَوَّلُ قَوْلُهُ: لَوْ زَنَى مَقْذُوفٌ إلَخْ، الثَّانِي قَوْلُهُ: وَلَوْ ارْتَدَّ لَمْ يَسْقُطْ الْحَدُّ إلَخْ، الثَّالِثُ قَوْلُهُ: وَمَنْ زَنَى مَرَّةً ثُمَّ صَلُحَ إلَخْ.

قَوْلُهُ: (وَظُهُورُ الزِّنَا يَخْدِشُهُ) بَابُهُ ضَرَبَ كَمَا فِي الْمُخْتَارِ وَالْعِبَارَةُ نَاقِصَةٌ وَتَمَامُهَا فَظُهُورُ الزِّنَا يَدُلُّ عَلَى سَبْقِ مِثْلِهِ أَيْ فَكَأَنَّهُ وَقْتَ الْقَذْفِ كَانَ غَيْرَ مُحْصَنٍ فَلِذَلِكَ سَقَطَ الْحَدُّ.

قَوْلُهُ: (فَإِذَا ظَهَرَ أَشْعَرَ) أَيْ فَكَأَنَّهُ وَقْتَ الْقَذْفِ غَيْرُ مُحْصَنٍ قَوْلُهُ: (وَكَالرَّدَّةِ السَّرِقَةُ وَالْقَتْلُ) أَيْ فَإِذَا رَمَاهُ بِالزِّنَا فَثَبَتَتْ سَرِقَتُهُ، أَوْ قَتْلُهُ لِشَخْصٍ

ص: 183

فَإِنْ قِيلَ: قَدْ وَرَدَ: «التَّائِبُ مِنْ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ» أُجِيبَ بِأَنَّ هَذَا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْآخِرَةِ.

. (وَيُحَدُّ الْحُرُّ) فِي الْقَذْفِ (ثَمَانِينَ) جَلْدَةً لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ} [النور: 4] الْآيَةَ وَاسْتُفِيدَ كَوْنُهَا فِي الْأَحْرَارِ مِنْ قَوْله تَعَالَى: {وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا} [النور: 4] . (وَ) يُحَدُّ (الرَّقِيقُ) فِيهِ وَلَوْ مُبَعَّضًا (أَرْبَعِينَ) جَلْدَةً بِالْإِجْمَاعِ.

وَحَدُّ الْقَذْفِ، أَوْ تَعْزِيرُهُ يُوَرَّثُ كَسَائِرِ حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ وَلَوْ مَاتَ الْمَقْذُوفُ مُرْتَدًّا قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْحَدِّ فَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ بَلْ يَسْتَوْفِيهِ وَارِثُهُ لَوْلَا الرِّدَّةُ لِلتَّشَفِّي كَمَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ قِصَاصِ الطَّرَفِ.

(وَيَسْقُطُ حَدُّ الْقَذْفِ) عَنْ الْقَاذِفِ (بِثَلَاثَةِ) بَلْ بِخَمْسَةِ (أَشْيَاءَ) الْأَوَّلُ (إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ) عَلَى زِنَا الْمَقْذُوفِ وَتَقَدَّمَ أَنَّهَا أَرْبَعَةٌ وَأَنَّهَا تَكُونُ مُفَصِّلَةً فَلَوْ شَهِدَ بِهِ دُونَ أَرْبَعَةٍ حُدُّوا. كَمَا فَعَلَهُ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَالثَّانِي مَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (أَوْ عَفْوُ الْمَقْذُوفِ) عَنْ الْقَاذِفِ عَنْ جَمِيعِ الْحَدِّ فَلَوْ عَفَا عَنْ بَعْضِهِ لَمْ يَسْقُطْ مِنْهُ شَيْءٌ كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشُّفْعَةِ وَأَلْحَقَ فِي الرَّوْضَةِ التَّعْزِيرَ بِالْحَدِّ فَقَالَ: إنَّهُ يَسْقُطُ بِعَفْوٍ أَيْضًا، وَلَوْ عَفَا وَارِثُ الْمَقْذُوفِ عَلَى مَالٍ سَقَطَ وَلَمْ يَجِبْ الْمَالُ كَمَا فِي فَتَاوَى الْحَنَّاطِيِّ وَلَوْ قَذَفَهُ فَعَفَا عَنْهُ، ثُمَّ قَذَفَهُ. لَمْ يُحَدَّ كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيّ بَلْ يُعَزَّرُ، وَالثَّالِثُ مَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ:(أَوْ اللِّعَانُ) أَيْ لِعَانُ الزَّوْجِ الْقَاذِفِ. (فِي حَقِّ الزَّوْجَةِ) الْمَقْذُوفَةِ وَلَوْ مَعَ

ــ

[حاشية البجيرمي]

مُكَافِئٍ هَلْ يَسْقُطُ عَنْ قَاذِفِهِ حَدُّ الْقَذْفِ قَالَ: لَا يَسْقُطُ، لِأَنَّ هَذَا نَوْعٌ آخَرُ غَيْرُ مَا رَمَاهُ بِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ ثَبَتَ عَلَيْهِ الزِّنَا فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى مَا رَمَاهُ بِهِ. اهـ. م د.

قَوْلُهُ: (وَيُحَدُّ الْحُرُّ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مُسْلِمًا، أَوْ كَافِرًا ذَكَرًا، أَوْ أُنْثَى وَكَذَا قَوْلُهُ: الرَّقِيقُ وَالْعِبْرَةُ بِالْحُرِّيَّةِ وَقْتَ الْقَذْفِ وَلَوْ طَرَأَ الرِّقُّ بَعْدَ ذَلِكَ وَالْمُرَادُ الرِّقُّ وَقْتَ الْقَذْفِ وَلَوْ طَرَأَتْ الْحُرِّيَّةُ بَعْدَ الْقَذْفِ وَاَلَّذِي يَتَوَلَّى حَدَّ الْقَذْفِ الْإِمَامُ بِطَلَبِ الْمُسْتَحِقِّ، لِأَنَّ اسْتِيفَاءَ الْحَدِّ مِنْ وَظِيفَتِهِ. فَلَوْ فَعَلَهُ الْمَقْذُوفُ وَلَوْ بِإِذْنِ الْإِمَامِ لَمْ يَكْتَفِ، لِأَنَّهُ لَمْ يُؤْمَنْ مِنْ الزِّيَادَةِ سَوَاءٌ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَدُّ حُرًّا، أَوْ مُكَاتَبًا، أَوْ مُبَعَّضًا فَإِنْ كَانَ رَقِيقًا فَالْإِمَامُ أَوْ السَّيِّدُ. فَإِنْ تَنَازَعَا فَالْإِمَامُ وَمِثْلُ حَدِّ الْقَذْفِ فِي ذَلِكَ حَدُّ الزِّنَا وَشُرْبِ الْخَمْرِ قَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ: وَإِنَّمَا لَمْ يُفَوَّضْ لِأَوْلِيَاءِ الْمَزْنِيِّ بِهَا كَالْقِصَاصِ لِأَنَّهُمْ قَدْ يَتْرُكُونَ ذَلِكَ خَوْفًا مِنْ الْعَارِ وَلَوْ جَلَدَهُ وَاحِدٌ مِنْ الْآحَادِ ضَمِنَ سم.

قَوْلُهُ: (ثَمَانِينَ) فَإِنْ زِيدَ وَمَاتَ ضَمِنَ بِالْقِسْطِ شَوْبَرِيٌّ.

قَوْلُهُ: (مِنْ قَوْله تَعَالَى: {وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ} [النور: 4] إلَخْ) لِاقْتِضَائِهِ أَنَّهُمْ قَبْلَ الْقَذْفِ كَانَتْ شَهَادَتُهُمْ مَقْبُولَةً فَتَسْتَلْزِمُ حُرِّيَّتَهُمْ إذْ الرَّقِيقُ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ، وَإِنْ لَمْ يَقْذِفْ، وَإِنَّمَا رُدَّتْ شَهَادَتُهُمْ بِالْقَذْفِ لِفِسْقِهِمْ بِهِ؛ إذْ هُوَ كَبِيرَةٌ كَمَا فِي آخِرِ الْآيَةِ حَيْثُ قَالَ:{وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [النور: 4] م د

قَوْلُهُ: (وَلَوْ مَاتَ الْمَقْذُوفُ) الْمُنَاسِبُ التَّفْرِيعُ قَوْلُهُ: (لَوْلَا الرِّدَّةُ) رَاجِعٌ لِلْوَارِثِ أَيْ كَانَ يَرِثُهُ لَوْلَا ارْتِدَادُهُ.

قَوْلُهُ: (حُدُّوا) وَلَهُمْ تَحْلِيفُ الْمَقْذُوفِ فَإِنْ حَلَفَ حُدُّوا فَإِنْ نَكَلَ حَلَفُوا وَخَلَصُوا، وَلَا يَثْبُتُ زِنَاهُ بِيَمِينِهِمْ، لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ بِالْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ فَإِنْ نَكَلُوا حُدُّوا فَإِنْ نَكَلَ الْبَعْضُ وَحَلَفَ الْبَعْضُ حُدَّ النَّاكِلُ قَوْلُهُ:(كَمَا فَعَلَهُ عُمَرُ) وَهُوَ أَنَّهُ حَدَّ الثَّلَاثَةَ الَّذِينَ شَهِدُوا عَلَى الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ بِالزِّنَا وَلَمْ يُخَالَفْ فَصَارَ إجْمَاعًا سُكُوتِيًّا.

قَوْلُهُ: (أَوْ عَفْوُ الْمَقْذُوفِ) أَيْ عَنْ كُلِّهِ وَلَوْ بِمَالٍ، وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ الْمَالُ سم. قَوْلُهُ:(فَلَوْ عَفَا عَنْ بَعْضِهِ إلَخْ) وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِصَاصِ أَنَّ هَذَا يَقْبَلُ التَّجَزُّؤَ.

قَوْلُهُ: (وَارِثُ الْمَقْذُوفِ) مِثْلُهُ الْمَقْذُوفُ نَفْسُهُ فَالْوَارِثُ لَيْسَ قَيْدًا.

قَوْلُهُ: (الْحَنَّاطِيِّ) بِحَاءٍ مُهْمَلَةٍ وَنُونٍ مَعْنَاهُ الْحَنَّاطُ كَخَبَّازٍ وَيُقَالُ: وَهُوَ مِنْ صِيَغِ النَّسَبِ مَنْسُوبٌ لِبَيْعِ الْحِنْطَةِ قَالَ ابْنُ مَالِكٍ:

وَمَعَ فَاعِلٍ وَفَعَّالٍ فَعَلٌ

فِي نَسَبٍ أَغْنَى عَنْ الْيَا فَقُبِلْ

لَكِنْ زَادُوا عَلَيْهِ يَاءَ النَّسَبِ لِتَأْكِيدِ النِّسْبَةِ قَالَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ: لَعَلَّ بَعْضَ أَجْدَادِهِ كَانَ يَبِيعُ الْحِنْطَةَ وَهُوَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنِيُّ لَهُ مُصَنَّفَاتٌ كَثِيرَةٌ فِي الْفِقْهِ وَأُصُولِهِ اهـ ذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ فِي الْمُهِمَّاتِ.

قَوْلُهُ: (فَعَفَا عَنْهُ، ثُمَّ قَذَفَهُ لَمْ يُحَدَّ) ظَاهِرُهُ

ص: 184