الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَلَيْهِ تَكْلِيفُهُ الدَّابَّةَ مَا لَا تُطِيقُهُ مِنْ ثَقِيلِ الْحِمْلِ أَوْ إدَامَةِ السَّيْرِ أَوْ غَيْرِهِمْ وَقَالَ فِي الزَّوَائِدِ يَحْرُمُ تَحْمِيلُهَا مَا لَا تُطِيقُ الدَّوَامَ عَلَيْهِ يَوْمًا أَوْ نَحْوَهُ كَمَا سَبَقَ فِي الرَّقِيقِ. تَتِمَّةٌ: لَا يَحْلُبُ الْمَالِكُ مِنْ لَبَنِ دَابَّتِهِ، مَا يَضُرُّ وَلَدَهَا لِأَنَّهُ غِذَاؤُهُ كَوَلَدِ الْأَمَةِ، وَإِنَّمَا يَحْلُبُ مَا فَضَلَ عَنْ رَيِّ وَلَدِهَا، وَلَهُ أَنْ يَعْدِلَ بِهِ إلَى لَبَنِ غَيْرِ أُمِّهِ إنْ اسْتَمْرَأَهُ، وَإِلَّا فَهُوَ أَحَقُّ بِلَبَنِ أُمِّهِ وَلَا يَجُوزُ الْحَلْبُ إذَا كَانَ يَضُرُّ بِالْبَهِيمَةِ لِقِلَّةِ عَلْفِهَا وَلَا تَرْكُ الْحَلْبِ أَيْضًا إذَا كَانَ يَضُرُّهَا فَإِنْ لَمْ يَضُرَّهَا كُرِهَ لِلْإِضَاعَةِ، وَيُسَنُّ أَنْ لَا يَسْتَقْصِيَ الْحَالِبُ فِي الْحَلْبِ بَلْ يَدْعُ فِي الضَّرْعِ شَيْئًا وَأَنْ يَقُصَّ أَظْفَارَهُ لِئَلَّا يُؤْذِيَهَا وَيَحْرُمُ: جَزُّ الصُّوفِ مِنْ أَصْلِ الظَّهْرِ وَنَحْوِهِ وَكَذَا حَلْقُهُ، لِمَا فِيهِمَا مِنْ تَعْذِيبِ الْحَيَوَانِ قَالَهُ: الْجُوَيْنِيُّ، وَيَجِبُ عَلَى مَالِكِ النَّحْلِ أَنْ يُبْقِيَ لَهُ شَيْئًا مِنْ الْعَسَلِ فِي الْكُوَّارَةِ بِقَدْرِ حَاجَتِهِ إنْ لَمْ يَكْفِهِ غَيْرُهُ. وَإِلَّا فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَقَدْ قِيلَ يَشْوِي لَهُ دَجَاجَةً وَيُعَلِّقُهَا بِبَابِ الْكِوَارَةِ فَيَأْكُلُ مِنْهَا، وَعَلَى مَالِكِ دُودِ الْقَزِّ عَلْفُهُ بِوَرِقِ تُوتٍ أَوْ تَخْلِيَتُهُ كُلِّهِ لِئَلَّا يَهْلَكَ بِغَيْرِ فَائِدَةٍ، وَيُبَاعُ فِيهِ مَالُهُ كَالْبَهِيمَةِ وَيَجُوزُ تَجْفِيفُهُ بِالشَّمْسِ عِنْدَ حُصُولِ نَوْلِهِ. وَإِنْ أَهْلَكَهُ لِحُصُولِ فَائِدَتِهِ. كَذَبْحِ الْحَيَوَانِ الْمَأْكُولِ وَخَرَجَ بِمَا فِيهِ رُوحٌ مَا لَا رُوحَ فِيهِ كَقَنَاةٍ وَدَارٍ لَا يَجِبُ عَلَى الْمَالِكِ عِمَارَتُهُمَا فَإِنَّ ذَلِكَ تَنْمِيَةٌ لِلْمَالِ وَلَا يَجِبُ عَلَى الْإِنْسَانِ ذَلِكَ وَلَا يُكْرَهُ تَرْكُهَا إلَّا إذَا أَدَّى إلَى الْخَرَابِ فَيُكْرَهُ لَهُ.
فَصْلٌ: فِي النَّفَقَةِ
وَالنَّفَقَةُ عَلَى قِسْمَيْنِ: نَفَقَةٌ تَجِبُ لِلْإِنْسَانِ عَلَى نَفْسِهِ. إذَا قَدَرَ عَلَيْهَا وَعَلَيْهِ أَنْ يُقَدِّمَهَا عَلَى نَفَقَةِ غَيْرِهِ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم:
ــ
[حاشية البجيرمي]
مِنْ الْأَرِقَّاءِ نَهَارًا مِنْ طَرَفَيْ النَّهَارِ بِطُولِهِ اُتُّبِعَتْ عَادَتُهُمْ وَعَلَى الْعَبْدِ بَذْلُ الْجَهْدِ، وَتَرْكُ الْكَسَلِ فِي الْخِدْمَةِ اهـ. وَقَالَ ع ش: وَلَوْ فَضَّلَ نَفِيسَ رَقِيقِهِ لِذَاتِهِ عَلَى خَسِيسِهِ، كُرِهَ فِي الْعَبِيدِ وَسُنَّ فِي الْإِمَاءِ اهـ. وَلَا يَحِلُّ ضَرْبُ الدَّابَّةِ إلَّا بِقَدْرِ الْحَاجَةِ، وَمِثْلُ الضَّرْبِ النَّخْسُ حَيْثُ اُعْتِيدَ لِمِثْلِهِ، فَيَجُوزُ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ وَلَوْ خَلَّى دَوَابَّهُ لِلرَّعْيِ، مَعَ عِلْمِهِ أَنَّهَا تَذْهَبُ تَعُودُ إلَيْهِ، فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَحْرُمَ ذَلِكَ، وَأَنْ لَا يَكُونَ ذَلِكَ مِنْ بَابِ تَسْيِيبِ السَّوَائِبِ الْمُحَرَّمِ لِأَنَّ هَذَا لِلضَّرُورَةِ، وَمِنْ ذَلِكَ أَيْضًا مَا لَوْ مَلَكَ حَيَوَانًا بِاصْطِيَادٍ، وَعَلِمَ أَنَّ لَهُ أَوْلَادًا تَتَضَرَّرُ بِفَقْدِهِ، فَالْأَوْجَهُ جَوَازُ تَخْلِيَتِهِ لِيَذْهَبَ لِأَوْلَادِهِ وَلَا يَكُونُ مِنْ بَابِ التَّسْيِيبِ وَفِي الْحَدِيثِ مَا يَدُلُّ لَهُ.
قَوْلُهُ: (لَا يَحْلُبُ الْمَالِكُ) بَابُهُ قَتَلَ قَوْلُهُ: (مَا يَضُرُّ وَلَدَهَا) أَيْ أَوْ يَضُرُّهَا فَيَحْرُمُ شُرْبُ لَبَنِ الْبَهِيمَةِ، إلَّا مَا فَضَلَ عَنْ ابْنِهَا أَوْ يَسْتَغْنِي عَنْهُ حَتَّى لَوْ لَمْ يَكْفِ الْعِجْلَ لَبَنُ أُمِّهِ، وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ لَبَنًا أَيْضًا لِأَنَّ نَفَقَتَهُ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ، وَكَذَا الطَّيْرُ. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ. قَوْلُهُ:(إنْ اسْتَمْرَأَهُ) بِالْهَمْزِ أَيْ كَانَ مَرِيئًا لَهُ أَيْ مَحْمُودَ الْعَاقِبَةِ أَوْ إنْ وَافَقَهُ وَأَلِفَهُ وَاعْتَادَهُ. قَوْلُهُ: (وَلَا يَجُوزُ الْحَلْبُ) بِسُكُونِ اللَّامِ وَفَتْحِهَا مَصْدَرٌ وَيُطْلَقُ الْحَلَبُ بِفَتْحَتَيْنِ عَلَى اللَّبَنِ الْمَحْلُوبِ أَيْضًا وَلَيْسَ مُرَادًا هُنَا كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ. قَوْلُهُ: (وَيَحْرُمُ جَزُّ الصُّوفِ) أَيْ نَتْفُهُ بِخِلَافِ جَزِّهِ بِالْمِقَصِّ.
قَوْلُهُ: (الْكُوَّارَةِ) بِالضَّمِّ وَالتَّخْفِيفِ وَتَثْقِيلِهِ لُغَةً وَالْمُرَادُ هُنَا بَيْتُ النَّحْلِ كَالْخَلِيَّةِ وَيَجُوزُ فِيهَا كَسْرُ الْكَافِ مَعَ التَّخْفِيفِ وَحَذْفِ الْهَاءِ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ.
قَوْلُهُ: (نَوْلَهْ) بِفَتْحِ النُّونِ أَيْ مَا يُنَالُ وَيَحْصُلُ مِنْهُ وَهُوَ الْحَرِيرُ.
قَوْلُهُ: (لِحُصُولِ فَائِدَتِهِ) وَهِيَ الْحَرِيرُ لِأَنَّهُ لَا يَحْصُلُ مِنْهُ إلَّا بِتَجْفِيفِهِ. قَوْلُهُ: (وَخَرَجَ بِمَا فِيهِ رَوْحٌ إلَخْ) لَمْ يَتَقَدَّمْ التَّقْيِيدُ بِذِي الرَّوْحِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ مُقَابِلٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ مَا تَقَدَّمَ فِيمَا فِيهِ رَوْحٌ وَخَرَجَ بِهِ مَا لَا رَوْحَ فِيهِ وَقَرَّرَ شَيْخُنَا. قَوْلَهُ: بِمَا فِيهِ رَوْحٌ أَيْ الْمَفْهُومُ مِمَّا سَبَقَ لِأَنَّ جَمِيعَ مَا سَبَقَ فِي ذِي الرَّوْحِ فَهُوَ مَفْهُومٌ وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ.
قَوْلُهُ: (كَقَنَاةٍ وَدَارٍ) أَيْ وَزَرْعٍ وَثِمَارٍ فَلَا يَجِبُ سَقْيُهَا وَلَا يَرِدُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ إضَاعَةَ الْمَالِ حَرَامٌ، لِأَنَّ مَحِلَّهُ إذَا كَانَ سَبَبُهَا فِعْلًا دُونَ مَا إذَا كَانَ تَرْكًا كَمَا هُنَا. فَالْحَاصِلُ أَنَّ تَلَفَ الْمَالِ بِالتَّرْكِ جَائِزٌ كَتَرْكِ الْأَشْجَارِ بِلَا سَقْيٍ وَالدَّارِ بِلَا عِمَارَةٍ، وَبِالْفِعْلِ لَا يَجُوزُ كَرَمْيِ دِرْهَمٍ مَثَلًا بِلَا غَرَضٍ. اهـ. م د.
[فَصْلٌ فِي النَّفَقَةِ]
ِ قَوْلُهُ: (فِي النَّفَقَةِ) فِيهِ أَنَّ الْفَصْلَ مَعْقُودٌ لِنَفَقَةِ الزَّوْجَةِ خَاصَّةً وَالشَّارِحُ جَعَلَهُ عَامًّا. قَوْلُهُ: (وَعَلَيْهِ أَنْ يُقَدِّمَهَا إلَخْ) أَيْ
«ابْدَأْ بِنَفْسِك ثُمَّ بِمَنْ تَعُولُ» وَنَفَقَةٌ تَجِبُ عَلَى الْإِنْسَانِ لِغَيْرِهِ. قَالَ الشَّيْخَانِ وَأَسْبَابُ وُجُوبِهَا ثَلَاثَةٌ النِّكَاحُ وَالْقَرَابَةُ وَالْمِلْكُ، وَأُورِدَ عَلَى الْحَصْرِ فِي هَذِهِ الثَّلَاثَةِ صُوَرٌ مِنْهَا الْهَدْيُ وَالْأُضْحِيَّةُ الْمَنْذُورَانِ فَإِنَّ نَفَقَتَهُمَا عَلَى النَّاذِرِ وَالْمُهْدِي مَعَ انْتِقَالِ الْمِلْكِ فِيهِمَا لِلْفُقَرَاءِ وَمِنْهَا نَصِيبُ الْفُقَرَاءِ بَعْدَ الْحَوْلِ وَقَبْلَ الْإِمْكَانِ تَجِبُ نَفَقَتُهُ عَلَى الْمَالِكِ، وَقَدَّمَ الْقِسْمَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ.
ثُمَّ شَرَعَ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ: (وَنَفَقَةُ الزَّوْجَةِ الْمُمَكِّنَةِ مِنْ نَفْسِهَا وَاجِبَةٌ) بِالتَّمْكِينِ التَّامِّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:
ــ
[حاشية البجيرمي]
إنْ لَمْ تَصْبِرْ عَلَى الْإِضَافَةِ كَمَا ذَكَرُوهُ فِي الصَّدَقَةِ. وَقَدْ جَمَعَ بَعْضُهُمْ مَا يَجِبُ لِلزَّوْجَةِ فَقَالَ:
حُقُوقٌ إلَى الزَّوْجَاتِ سَبْعٌ تَرَتَّبَتْ
…
عَلَى الزَّوْجِ فَاحْفَظْ عَدَّهَا بِبَيَانِ
طَعَامٌ وَأُدْمٌ كِسْوَةٌ ثُمَّ مَسْكَنٌ
…
وَآلَةُ تَنْظِيفٍ مَتَاعٌ لِبُنْيَانِ
وَمَنْ شَأْنُهَا الْإِخْدَامُ فِي بَيْتِ أَهْلِهَا
…
عَلَى زَوْجِهَا فَاحْكُمْ بِخِدْمَةِ إنْسَانٍ
وَقَوْلُهُ: فِي النَّظْمِ لِبُنْيَانٍ الْمُرَادُ بِهِ الْبَيْتُ أَيْ مَتَاعُ الْبَيْتِ يَعْنِي فُرُشَ الْبَيْتِ الَّذِي تَجْلِسُ عَلَيْهِ أَوْ تَنَامُ عَلَيْهِ وَتَتَغَطَّى بِهِ وَشَامِلٌ أَيْضًا لِآلَةِ الطَّبْخِ وَلِآلَةِ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالْأُدْمُ شَامِلٌ لِلَّحْمِ.
قَوْلُهُ: (ثُمَّ بِمَنْ تَعُولُ) مَعْنَاهُ أَنَّ الْعِيَالَ وَالْقَرَابَةَ أَحَقُّ مِنْ الْأَجَانِبِ. قَوْلُهُ: (وَأُورِدَ عَلَى الْحَصْرِ إلَخْ) وَأُجِيبُ بِأَنَّ ذَلِكَ يُشْبِهُ الْمِلْكَ وَلِذَلِكَ لَا يَبْرَأُ بِالتَّسْلِيمِ، فَلَا إيرَادَ وَعِبَارَةُ أج قَدْ يُقَالُ: لَا إيرَادَ لِأَنَّ مَا ذُكِرَ دَاخِلٌ فِي الْمِلْكِ لِأَنَّهُ مَمْلُوكٌ فِيمَا سَبَقَ. قَوْلُهُ: (وَمِنْهَا نَصِيبُ الْفُقَرَاءِ) وَمِنْهَا خَادِمُ الزَّوْجَةِ فَنَفَقَتُهُ عَلَى الزَّوْجِ. وَأُجِيبُ بِأَنَّهَا مِنْ عَلَقِ النِّكَاحِ أَيْ فَهِيَ دَاخِلَةٌ فِي النِّكَاحِ. قَوْلُهُ: (وَقَبْلَ الْإِمْكَانِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ بَعْدَ الْإِمْكَانِ وَقَبْلَ الدَّفْعِ لَا تَجِبُ النَّفَقَةُ عَلَيْهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا. قَوْلُهُ: (عَلَى الْمَالِكِ) الْأَوْلَى الْمُزَكِّي لِأَجْلِ أَنْ يَكُونَ وَارِدًا عَلَى الْحَصْرِ.
قَوْلُهُ: (وَقَدَّمَ الْقِسْمَيْنِ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ: السَّبَبَيْنِ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْأَسْبَابِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ قَوْلُهُ: وَقَدَّمَ الْقِسْمَيْنِ أَيْ قَدَّمَ مُسَبِّبَهُمَا وَهُمَا نَفَقَةُ الْقَرِيبِ وَنَفَقَةُ الْمَمْلُوكِ،
وَقَوْلُهُ: (ثُمَّ شَرَعَ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ) أَيْ فِي مُسَبِّبِهِ.
قَوْلُهُ: (وَنَفَقَةُ الزَّوْجَةِ) لَمَّا أَبَاحَ اللَّهُ لِلزَّوْجِ أَنْ يَضُرَّ الْمَرْأَةَ بِثَلَاثِ ضَرَائِرَ وَيُطَلِّقَهَا ثَلَاثًا جَعَلَ لَهَا ثَلَاثَةَ حُقُوقٍ النَّفَقَةُ وَالْكِسْوَةُ وَالْإِسْكَانُ وَهُوَ يَتَكَلَّفُهَا غَالِبًا لِضَعْفِ عَقْلِهَا فَكَانَ لَهُ عَلَيْهَا ضِعْفُ مَا لَهَا عَلَيْهِ مِنْ الْحُقُوقِ وَهُوَ السِّتَّةُ الْمُتَقَدِّمَةُ الثَّلَاثُ ضَرَائِرَ وَالطَّلْقَاتُ الثَّلَاثُ وَمُرَادُهُ الزَّوْجَةُ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا فَتَدْخُلُ الرَّجْعِيَّةُ وَالْبَائِنُ الْحَامِلُ فَيَجِبُ لَهُمَا مَا يَجِبُ لِلزَّوْجَةِ مَا عَدَا آلَةَ التَّنْظِيفِ.
وَالْمُرَادُ بِالنَّفَقَةِ جَمِيعُ مَا وَجَبَ لَهَا، فَحُكْمُهُ كَالنَّفَقَةِ لَا خُصُوصِ الْقُوتِ قَوْلُهُ:(الْمُمَكِّنَةِ) سَوَاءٌ كَانَتْ مُسْلِمَةً أَوْ ذِمِّيَّةً أَوْ أَمَةً وَخَرَجَ بِهَا غَيْرُ الْمُمَكِّنَةِ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا وَعَدَمُ التَّمْكِينِ بِأُمُورٍ، مِنْهَا النُّشُوزُ وَهُوَ الِامْتِنَاعُ مِنْ الْوَطْءِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الِاسْتِمْتَاعَاتِ حَتَّى الْقُبْلَةُ وَإِذَا نَشَزَتْ بَعْضَ النَّهَارِ سَقَطَ جَمِيعُ نَفَقَةِ ذَلِكَ الْيَوْمِ، وَكَذَا إذَا نَشَزَتْ بَعْضَ اللَّيْلِ فَتَسْقُطُ نَفَقَةُ الْيَوْمِ الَّذِي بَعْدَهُ، لِأَنَّ اللَّيْلَ سَابِقُ النَّهَارِ وَإِذَا نَشَزَتْ أَثْنَاءَ فَصْلٍ سَقَطَتْ كِسْوَتُهُ الْوَاجِبَةُ مِنْ أَوَّلِهِ وَإِنْ عَادَتْ لِلطَّاعَةِ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ يَوْمِ النُّشُوزِ وَلَوْ جَهِلَ سُقُوطَهَا بِالنُّشُوزِ وَدَفَعَهَا لَهَا رَجَعَ عَلَيْهَا إنْ كَانَ مِمَّنْ يَخْفَى عَلَيْهِ ذَلِكَ، وَمِنْهَا الصِّغَرُ بِخِلَافِ الْكَبِيرَةِ إذَا كَانَ زَوْجُهَا صَغِيرًا فَلَهَا النَّفَقَةُ وَمِنْهَا الْعِبَادَاتُ، فَإِذَا أَحْرَمَتْ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَهِيَ فِي الْبَيْتِ فَلَهَا النَّفَقَةُ مَا لَمْ تَخْرُجْ، لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى تَحْلِيلِهَا أَوْ بِإِذْنِهِ فَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ مَعَهَا فَلَا نَفَقَةَ لَهَا، وَكَذَا إذَا صَامَتْ تَطَوُّعًا بِغَيْرِ إذْنِهِ وَامْتَنَعَتْ مِنْ الْإِفْطَارِ فَلَيْسَ لَهَا النَّفَقَةُ وَمَحِلُّ سُقُوطِ النَّفَقَةِ بِالنُّشُوزِ، إذَا لَمْ يَسْتَمْتِعْ بِهَا مَعَهُ اهـ. م د وَقَوْلُهُ: مَا لَمْ تَخْرُجْ أَيْ فَإِنْ خَرَجَتْ سَقَطَتْ نَفَقَتُهَا وَالْمُسْقِطُ لَهَا هُنَا الْعِبَادَةُ اهـ.
قَوْلُهُ: (وَاجِبَةٌ) أَيْ وُجُوبًا مُوَسَّعًا فَلَوْ طَالَبَتْهُ وَجَبَ عَلَيْهِ الدَّفْعُ. فَإِنْ تَرَكَ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ أَثِمَ وَلَا يُحْبَسُ وَلَا يُلَازَمُ وَلَيْسَ لَهَا مُطَالَبَتُهُ بِنَفَقَةٍ مُسْتَقْبَلَةٍ، وَإِنْ أَرَادَ سَفَرًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ عِنْدَ شَيْخِنَا، وَلَوْ وَقَعَ التَّمْكِينُ فِي أَثْنَاءِ الْيَوْمِ أَوْ اللَّيْلَةِ وَجَبَ لَهَا بِقِسْطِهِ مِنْ الْبَاقِي بِخِلَافِ مَا لَوْ نَشَزَتْ وَعَادَتْ لَمْ يَجِبْ لَهَا شَيْءٌ مِنْ نَفَقَةِ الْيَوْمِ أَوْ اللَّيْلَةِ فَإِنْ كَانَتْ قَبَضَتْهَا فَلَهُ اسْتِرْدَادُهَا ق ل عَلَى الْجَلَالِ قَوْلُهُ:(بِالتَّمْكِينِ التَّامِّ) خَرَجَ بِالتَّامِّ مَا لَوْ مَكَّنَتْهُ لَيْلًا فَقَطْ مَثَلًا أَوْ فِي
{وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 233] وَخَبَرِ: «اتَّقُوا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانَةِ اللَّهِ وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللَّهِ وَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَلِأَنَّهَا سَلَّمَتْ مَا مَلَكَ عَلَيْهَا فَيَجِبُ مَا يُقَابِلُهُ مِنْ الْأُجْرَةِ لَهَا، وَالْمُرَادُ بِالْوُجُوبِ اسْتِحْقَاقُهَا يَوْمًا بِيَوْمٍ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ، وَلَوْ حَصَلَ التَّمْكِينُ فِي أَثْنَاءِ الْيَوْمِ فَالظَّاهِرُ وُجُوبُهَا بِالْقِسْطِ وَهَلْ التَّمْكِينُ سَبَبٌ أَوْ شَرْطٌ؟ فِيهِ وَجْهَانِ: أَوْجَهُهُمَا الثَّانِي فَلَا تَجِبُ بِالْعَقْدِ. لِأَنَّهُ يُوجِبُ الْمَهْرَ وَهُوَ لَا يُوجِبُ عِوَضَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ وَلِأَنَّهَا مَجْهُولَةٌ وَالْعَقْدُ لَا يُوجِبُ مَالًا مَجْهُولًا وَلِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم تَزَوَّجَ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - وَهِيَ بِنْتُ سِتِّ سِنِينَ وَدَخَلَ بِهَا بَعْدَ سَنَتَيْنِ وَلَمْ يُنْقَلْ أَنَّهُ أَنْفَقَ عَلَيْهَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَلَوْ كَانَ حَقًّا لَهَا لَسَاقَهُ إلَيْهَا وَلَوْ وَقَعَ لَنُقِلَ فَإِنْ لَمْ تَعْرِضْ عَلَيْهِ زَوْجَتُهُ مُدَّةً مَعَ سُكُوتِهِ عَنْ طَلَبِهَا وَلَمْ تَمْتَنِعْ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا. لِعَدَمِ التَّمْكِينِ وَإِنْ عَرَضَتْ عَلَيْهِ وَهِيَ عَاقِلَةٌ بَالِغَةٌ مَعَ حُضُورِهِ فِي بَلَدِهَا كَأَنْ بَعَثَتْ إلَيْهِ تُخْبِرُهُ أَنِّي مُسْلِمَةٌ نَفْسِي إلَيْك. فَاخْتَرْ أَنْ آتِيَك حَيْثُ شِئْت أَوْ تَأْتِيَ إلَيَّ وَجَبَتْ نَفَقَتُهَا مِنْ حِينِ بُلُوغِ الْخَبَرِ لَهُ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مُقَصِّرٌ فَإِنْ غَابَ عَنْ بَلَدِهَا قَبْلَ عَرْضِهَا عَلَيْهِ، وَرَفَعَتْ الْأَمْرَ إلَى الْحَاكِمِ، مُظْهِرَةً التَّسْلِيمَ كَتَبَ الْحَاكِمُ لِحَاكِمِ بَلَدِ الزَّوْجِ يُعْلِمُهُ بِالْحَالِ فَيَجِيءُ أَوْ يُوَكِّلُ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ شَيْئًا مِنْ الْأَمْرَيْنِ وَمَضَى زَمَنُ إمْكَانِ وُصُولِهِ فَرَضَهَا الْقَاضِي فِي مَالِهِ مِنْ
ــ
[حاشية البجيرمي]
دَارٍ مَخْصُوصَةٍ مَثَلًا فَلَا نَفَقَةَ لَهَا م ر.
أَوْ كَانَتْ مُسَلَّمَةً لَهُ لَيْلًا لَا نَهَارًا. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَخْرُجُ بِقَوْلِهِ: بِالتَّمْكِينِ التَّامِّ التَّمْكِينُ غَيْرُ التَّامِّ كَمَا إذَا كَانَتْ صَغِيرَةً لَا تُطِيقُ الْوَطْءَ وَلَوْ تَمَتَّعَ بِالْمُقَدِّمَاتِ وَمَا إذَا كَانَتْ أَمَةً مُسَلَّمَةً لَهُ نَهَارًا أَوْ لَيْلًا أَوْ بِالْعَكْسِ أَوْ فِي نَوْعٍ مِنْ التَّمَتُّعِ دُونَ آخَرَ أَوْ كَانَتْ مُعْتَدَّةً عَنْ شُبْهَةٍ.
قَوْلُهُ: {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ} الْمُرَادُ بِهِ الزَّوْجُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ فَالْمَعْنَى وَعَلَى مَا يُولَدُ لَهُ قَوْلُهُ: (بِأَمَانَةِ اللَّهِ) أَيْ جَعَلَهُنَّ اللَّهُ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ كَالْأَمَانَةِ وَقَوْلُهُ: بِكَلِمَةِ اللَّهِ وَهِيَ النِّكَاحُ وَالتَّزْوِيجُ قَوْلُهُ: (مَا مَلَكَ عَلَيْهَا) أَيْ مَا مَلَكَ الِانْتِفَاعَ بِهِ وَهُوَ الْبُضْعُ وَتَوَابِعُهُ.
قَوْلُهُ: (مِنْ الْأُجْرَةِ لَهَا) أَيْ النَّفَقَةِ وَأَطْلَقَ عَلَيْهَا أُجْرَةً لِأَنَّ الزَّوْجَةَ كَالْمُكْتَرَاةِ لِلزَّوْجِ، وَهُوَ كَالْمُكْتَرِي لَهَا مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يَتَمَتَّعُ بِهَا قَوْلُهُ:(وَلَوْ حَصَلَ التَّمْكِينُ) أَيْ ابْتِدَاءٌ مِنْ غَيْرِ سَبْقِ نُشُوزٍ فَإِنْ سَبَقَ نُشُوزٌ، ثُمَّ أَطَاعَتْ فِي أَثْنَاءِ النَّهَارِ فَلَا تَجِبُ بِالْقِسْطِ لِتَعَدِّيهَا وَتَغْلِيظًا عَلَيْهَا. قَوْلُهُ:(فَالظَّاهِرُ وُجُوبُهَا بِالْقِسْطِ) وَيُحْسَبُ اللَّيْلُ وَهَذَا فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ وَأَمَّا لَوْ نَشَزَتْ فِي يَوْمٍ بَعْدَ ذَلِكَ. ثُمَّ أَطَاعَتْ فِيهِ لَمْ يَجِبْ قِسْطُهُ كَمَا سَيَأْتِي. ق ل أَيْ بَلْ يَسْتَمِرُّ سُقُوطُ نَفَقَةِ الْيَوْمِ بِتَمَامِهِ.
وَلَوْ كَانَ النُّشُوزُ فِي لَحْظَةٍ مِنْهُ مَا لَمْ يَسْتَمْتِعْ بِهَا فَإِنْ حَصَلَ الِاسْتِمْتَاعُ وَلَوْ كَانَتْ مُصِرَّةً عَلَى النُّشُوزِ، وَجَبَتْ لَهَا نَفَقَةُ الْيَوْمِ بِتَمَامِهِ، كَمَا صَدَّرَ بِهِ م ر فِي شَرْحِهِ. وَقَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ وَالْعَزِيزِيُّ وَخَالَفَ ح ل. وَقَالَ: لَا يَجِبُ لَهَا إلَّا قَدْرُ زَمَنِ الِاسْتِمْتَاعِ فَقَطْ وَذَكَرَهُ م ر آخِرًا وَاعْتَمَدَهُ ع ش. فَلْيُرَاجَعْ وَلْيُحَرَّرْ قَوْلُهُ: (أَوْجَهُهُمَا الثَّانِي) فِيهِ أَنَّ النَّفَقَةَ دَائِرَةٌ مَعَ التَّمْكِينِ وُجُودًا وَعَدَمًا وَهَذَا شَأْنُ السَّبَبِ لَا الشَّرْطِ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ الْوُجُودُ فَالْمُنَاسِبُ جَعْلُهُ سَبَبًا لَا شَرْطًا.
قَوْلُهُ: (فَلَا تَجِبُ بِالْعَقْدِ) مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِهِ وَاجِبَةٌ بِالتَّمْكِينِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا.
قَوْلُهُ: (وَلِأَنَّهَا مَجْهُولَةٌ) لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي هَلْ هُوَ فِي كُلِّ يَوْمٍ مُعْسِرٌ أَوْ مُوسِرٌ أَوْ مُتَوَسِّطٌ. قَوْلُهُ: (بَعْدَ سَنَتَيْنِ) الْمُعْتَمَدُ بَعْدَ ثَلَاثِ سِنِينَ، لِأَنَّهُ عَقَدَ عَلَيْهَا وَهِيَ بِنْتُ سِتِّ سِنِينَ، وَدَخَلَ بِهَا وَهِيَ بِنْتُ تِسْعٍ.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ كَانَ) أَيْ الْإِنْفَاقُ قَوْلُهُ: (وَلَسَاقَهُ) أَيْ الْإِنْفَاقَ وَقَوْلُهُ: وَلَوْ وَقَعَ أَيْ سَوْقُهُ إلَيْهَا.
قَوْلُهُ: (وَهِيَ عَاقِلَةٌ بَالِغَةٌ) وَلَوْ سَفِيهَةً، وَلَوْ قَالَ: كَشَرْحِ الْمَنْهَجِ وَهِيَ مُكَلَّفَةٌ لَكَانَ أَخْصَرَ.
قَوْلُهُ: (كَتَبَ الْحَاكِمُ) أَيْ وُجُوبًا بِرْمَاوِيٌّ قَوْلُهُ: (فَيَجِيءُ) بِالنَّصْبِ وَالرَّفْعِ ع ش عَلَى م ر فَإِنْ مَنَعَهُ عُذْرٌ عَنْ الْمَجِيءِ لَمْ يَفْرِضْ الْقَاضِي عَلَيْهِ شَيْئًا لِعَدَمِ تَقْصِيرِهِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
قَوْلُهُ: (فَرَضَهَا الْقَاضِي) هَذَا مَا قَالَهُ الشَّارِحُ تَبَعًا لِلْمَنْهَجِ وَالْمِنْهَاجِ وَاعْتَمَدَهُ م ر. وَاَلَّذِي اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا تَبَعًا لِشَيْخِهِ الْبُلْقِينِيُّ: أَنَّهُ لَا يُحْتَاجُ إلَى الرَّفْعِ لِلْحَاكِمِ بَلْ تَجِبُ نَفَقَتُهَا مِنْ حِينِ وُصُولِ الْخَبَرِ إلَيْهِ
حِينِ إمْكَانِ وُصُولِهِ.
وَالْعِبْرَةُ فِي زَوْجَةٍ مَجْنُونَةٍ وَمُرَاهِقَةٍ عَرْضُ وَلِيِّهِمَا عَلَى أَزْوَاجِهِمَا لِأَنَّ الْوَلِيَّ هُوَ الْمُخَاطَبُ بِذَلِكَ، وَلَوْ اخْتَلَفَ الزَّوْجَانِ فِي التَّمْكِينِ فَقَالَتْ مَكَّنْت: فِي وَقْتِ كَذَا فَأَنْكَرَ وَلَا بَيِّنَةَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ. (وَهِيَ) أَيْ نَفَقَةُ الزَّوْجَةِ (مُقَدَّرَةٌ) عَلَى الزَّوْجِ بِحَسَبِ حَالِهِ ثُمَّ (إنْ كَانَ الزَّوْجُ) حُرًّا (مُوسِرًا فَمُدَّانِ) عَلَيْهِ لِزَوْجَتِهِ وَلَوْ أَمَةً وَكِتَابِيَّةً، مِنْ الْحَبِّ. (مِنْ غَالِبِ قُوتِهَا) أَيْ غَالِبِ قُوتِ بَلَدِهَا مِنْ حِنْطَةٍ أَوْ شَعِيرٍ أَوْ تَمْرٍ أَوْ غَيْرِهَا. حَتَّى يَجِبَ الْأَقِطُ فِي حَقِّ أَهْلِ الْبَوَادِي وَالْقُرَى الَّذِينَ يَعْتَادُونَهُ لِأَنَّهُ مِنْ الْمُعَاشَرَةِ بِالْمَعْرُوفِ الْمَأْمُورِ بِهَا وَقِيَاسًا عَلَى الْفِطْرَةِ وَالْكَفَّارَةِ فَالتَّعْبِيرُ بِالْبَلَدِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ.
(وَيَجِبُ لَهَا) مَعَ ذَلِكَ (مِنْ الْأُدْمِ) مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ أُدْمِ غَالِبِ الْبَلَدِ كَزَيْتٍ وَشَيْرَجٍ وَسَمْنٍ وَزُبْدٍ
ــ
[حاشية البجيرمي]
وَمُضِيِّ زَمَنِ إمْكَانِ الْقُدُومِ عَلَيْهِ وَعِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ لِلرَّفْعِ إلَى الْحَاكِمِ وَكَتْبِهِ بَلْ قَالُوا: تَجِبُ النَّفَقَةُ مِنْ حِينِ يَصِلُ الْخَبَرُ إلَيْهِ وَيَمْضِي إمْكَانُ زَمَنِ الْقُدُومِ عَلَيْهَا حَكَاهُ فِي الرَّوْضَةِ تَبَعًا لِلشَّرْحِ قَوْلُهُ: (وَمُرَاهِقَةٍ) بَعْدَ الْحُكْمِ بِطَاعَتِهَا وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ ارْتَدَّتْ، ثُمَّ أَسْلَمَتْ، تَعُودُ نَفَقَتُهَا وَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ غَائِبًا وَلَا تَحْتَاجُ إلَى حُكْمِ حَاكِمٍ وَإِعْلَامِهِ بِهِ، لِأَنَّ نَفَقَةَ الْمُرْتَدَّةِ سَقَطَتْ بِرِدَّتِهَا فَإِنْ عَادَتْ إلَى الْإِسْلَامِ ارْتَفَعَ الْمُسْقِطُ، بِخِلَافِ النَّاشِزَةِ فَإِنَّ نَفَقَتَهَا سَقَطَتْ لِخُرُوجِهَا مِنْ يَدِ الزَّوْجِ وَطَاعَتِهِ فَلَا تَعُودُ إلَّا إذَا عَادَتْ إلَى قَبْضَتِهِ وَلَا يَحْصُلُ ذَلِكَ فِي غَيْبَتِهِ إلَّا بِمَا مَرَّ.
فَرْعٌ: الْتَمَسَتْ زَوْجَةُ غَائِبٍ مِنْ الْقَاضِي أَنْ يَفْرِضَ لَهَا فَرْضًا، اُشْتُرِطَ ثُبُوتُ النِّكَاحِ، وَإِقَامَتُهَا فِي مَسْكَنِهِ، وَحَلِفُهَا عَلَى اسْتِحْقَاقِ النَّفَقَةِ وَأَنَّهَا لَمْ تَقْبِضْ مِنْهُ نَفَقَةً مُسْتَقْبَلَةً فَحِينَئِذٍ يَفْرِضُ لَهَا عَلَيْهِ نَفَقَةَ مُعْسِرٍ حَيْثُ لَمْ يَثْبُتْ أَنَّهُ غَيْرُهُ وَيَظْهَرُ أَنَّ مَحِلَّ ذَلِكَ إذَا كَانَ لَهُ مَالٌ حَاضِرٌ بِالْبَلَدِ يُرِيدُ الْأَخْذَ مِنْهُ وَإِلَّا فَلَا فَائِدَةَ لِلْفَرْضِ، إلَّا أَنَّ لَهُ فَائِدَةً هِيَ مَنْعُ الْمُخَالِفِ مِنْ الْحُكْمِ بِسُقُوطِهَا بِمُضِيِّ الزَّمَانِ وَأَيْضًا فَيُحْتَمَلُ طُرُوُّ مَالٍ فَتَأْخُذُ مِنْهُ مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ إلَى رَفْعٍ لِلْحَاكِمِ. وَرَجَّحَهُ الْأَذْرَعِيُّ. اهـ. س ل. وَقَوْلُهُ: وَمُرَاهِقَةٍ الَّذِي يُؤْخَذُ مِنْ ح ل أَنَّهُ إنَّمَا يُقَالُ فِيهَا مُعْصِرٌ وَعِبَارَةُ ح ل الْمُعْصِرُ بِمَثَابَةِ الْمُرَاهِقِ فِي الذِّكْرِ لِأَنَّهُ يُقَالُ صَبِيٌّ مُرَاهِقٌ وَصَبِيَّةٌ مُعْصِرَةٌ وَلَا يُقَالُ هِيَ مُرَاهِقَةٌ اهـ. بِحُرُوفِهِ وَمِثْلُهُ فِي شَرْحِ م ر وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَاهِقَةَ لَيْسَتْ قَيْدًا بَلْ الْمَدَارُ عَلَى مُحْتَمِلَةِ الْوَطْءِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا. وَأَمَّا الَّتِي لَا تَحْتَمِلُ الْوَطْءَ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا قَالَ فِي الْمَنْهَجِ وَشَرْحِهِ تَجِبُ الْمُؤَنُ وَلَوْ عَلَى صَغِيرٍ لَا يُمْكِنُهُ وَطْءٌ لَا لِصَغِيرَةٍ لَا تُوطَأُ بِالتَّمْكِينِ لَا بِالْعَقْدِ وَإِنَّمَا لَا تَجِبُ لِلصَّغِيرَةِ لِتَعَذُّرِ الْوَطْءِ لِمَعْنًى فِيهَا كَالنَّاشِزَةِ بِخِلَافِ الصَّغِيرِ إذْ الْمَانِعُ مِنْ جِهَتِهِ اهـ.
وَقَوْلُهُ: وَلَوْ عَلَى صَغِيرٍ الْغَايَةُ لِلرَّدِّ وَانْظُرْ هَلْ الْوُجُوبُ عَلَى الصَّغِيرِ وَالْوَلِيِّ مُتَحَمَّلٌ عَنْهُ نَظِيرَ مَا قَالُوهُ: فِي الْفِطْرَةِ أَوْ الْوُجُوبُ عَلَى الْوَلِيِّ ابْتِدَاءً حَرِّرْ ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ اخْتَلَفَ الزَّوْجَانِ فِي التَّمْكِينِ إلَخْ) خَرَجَ بِذَلِكَ مَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي الْإِنْفَاقِ وَالنُّشُوزِ فَإِنَّهَا الْمُصَدَّقَةُ فَإِنْ ادَّعَى دَفْعَ النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ وَأَنْكَرَتْ صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا وَكَذَا إذَا ادَّعَى النُّشُوزَ بَعْدَ اتِّفَاقِهِمَا عَلَى التَّمْكِينِ فَإِنَّهَا الْمُصَدَّقَةُ أَيْضًا ز ي أج.
قَوْلُهُ: (صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) فَلَوْ رُدَّ عَلَيْهَا الْيَمِينُ فَحَلَفَتْ اسْتَحَقَّتْ النَّفَقَةَ. لِأَنَّ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ كَالْبَيِّنَةِ قَوْلُهُ: (ثُمَّ إنْ كَانَ الزَّوْجُ) بَيَانٌ لِقَوْلِهِ: مُقَدَّرَةٌ فَتَقْدِيرُ الشَّارِحِ. ثَمَّ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي التَّغَايُرَ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: بَدَلَ قَوْلِهِ: ثَمَّ وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ إنْ كَانَ الزَّوْجُ. وَيُجَابُ بِأَنَّ مَرْتَبَةَ التَّفْصِيلِ مُتَأَخِّرَةٌ عَنْ مَرْتَبَةِ الْإِجْمَالِ فَصَحَّ الْإِتْيَانُ بِثُمَّ. قَوْلُهُ: (حُرًّا) أَمَّا الرَّقِيقُ فَمُعْسِرٌ وَحِينَئِذٍ فَهُوَ خَارِجٌ بِقَوْلِهِ: مُوسِرًا إلَّا أَنْ يُقَالَ: هُوَ كَقَوْلِهِ: مُعْسِرٌ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا.
قَوْلُهُ: (مِنْ الْحَبِّ) لَيْسَ بِقَيْدٍ قَوْلُهُ: (مِنْ غَالِبِ إلَخْ) أَيْ مَا يَسْتَعْمِلُهُ أَهْلُ ذَلِكَ الْمَحِلِّ غَالِبَ الْأَوْقَاتِ وَمِنْ لَازِمِ ذَلِكَ غَالِبًا لَيَاقَتُهُ بِالزَّوْجِ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يُقَيِّدْهُ بِكَوْنِهِ لَائِقًا بِهِ مَعَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ ذَلِكَ ح ل. قَوْلُهُ: (أَيْ غَالِبِ قُوتِ بَلَدِهَا) أَيْ مِمَّا يَقْتَاتُونَهُ أَكْثَرَ أَيَّامِ السَّنَةِ ق ل.
قَوْلُهُ: (فَالتَّعْبِيرُ بِالْبَلَدِ) أَيْ الَّذِي فَسَّرَ بِهِ الشَّارِحُ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ بِقَوْلِهِ: أَيْ غَالِبِ قُوتِ بَلَدِهَا وَإِنَّمَا فَسَّرَهُ بِمَا ذَكَرَهُ وَجَعَلَهُ جَرْيًا عَلَى الْغَالِبِ وَلَمْ يُفَسِّرْ كَلَامَهُ بِقَوْلِهِ: أَيْ غَالِبِ قُوتِ مَكَانِهَا فَيَشْمَلُ الْقَرْيَةَ وَالْبَادِيَةَ لِأَنَّ التَّعْبِيرَ بِالْبَلَدِ هُوَ الْوَاقِعُ فِي كَلَامِ الْأَصْحَابِ اهـ شَيْخُنَا.
قَوْلُهُ: (كَزَيْتٍ) بَدَأَ بِهِ لِخَبَرِ أَحْمَدَ وَالتِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِمَا كَالْحَاكِمِ وَصَحَّحَهُ عَلَى شَرْطِهِمَا «كُلُوا الزَّيْتَ وَادْهُنُوا بِهِ فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ» فِي لَفْظٍ «فَإِنَّهُ طَيِّبٌ مُبَارَكٌ» شَرْحُ الْمِنْهَاجِ لِابْنِ حَجَرٍ.
قَوْلُهُ: (شَيْرَجٍ) هُوَ دُهْنُ السِّمْسِمِ وَهُوَ بِفَتْحِ الشِّينِ وَلَا يَجُوزُ كَسْرُهَا اهـ مِصْبَاحٌ.
قَوْلُهُ:
وَتَمْرٍ وَخَلٍّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: 19] وَلَيْسَ مِنْ الْمُعَاشَرَةِ تَكْلِيفُهَا الصَّبْرَ عَلَى الْخُبْزِ وَحْدَهُ إذْ الطَّعَامُ غَالِبًا لَا يَنْسَاغُ إلَّا بِالْأُدْمِ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي قَوْله تَعَالَى: {مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ} [المائدة: 89] الْخُبْزُ وَالزَّيْتُ وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: الْخُبْزُ وَالسَّمْنُ وَيَخْتَلِفُ قَدْرُ الْأُدْمِ بِالْفُصُولِ الْأَرْبَعَةِ فَيَجِبُ لَهَا فِي كُلِّ فَصْلٍ مَا يَعْتَادُهُ النَّاسُ مِنْ الْأُدْمِ.
قَالَ الشَّيْخَانِ وَقَدْ تَغْلِبُ الْفَاكِهَةُ فِي أَوْقَاتِهَا فَتَجِبُ وَيُقَدِّرُ الْأُدْمَ عِنْدَ تَنَازُعِ الزَّوْجَيْنِ فِيهَا قَاضٍ بِاجْتِهَادِهِ إذْ لَا تَوْقِيفَ فِيهِ مِنْ جِهَةِ الشَّرْعِ وَيُفَاوَتُ فِي قَدْرِهِ بَيْنَ مُوسِرٍ وَغَيْرِهِ فَيُنْظَرُ فِي جِنْسِ الْأُدْمِ. وَمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْمُدُّ فَيَفْرِضُهُ عَلَى الْمُعْسِرِ وَيُضَاعِفُهُ لِلْمُوسِرِ وَيُوَسِّطُهُ فِيهِمَا لِلْمُتَوَسِّطِ. وَيَجِبُ لَهَا عَلَيْهِ لَحْمٌ يَلِيقُ بِيَسَارِهِ وَتَوَسُّطِهِ وَإِعْسَارِهِ كَعَادَةِ الْبَلَدِ وَلَوْ كَانَتْ عَادَتُهَا تَأْكُلُ الْخُبْزَ وَحْدَهُ وَجَبَ لَهَا الْأُدْمُ وَلَا نَظَرَ لِعَادَتِهَا لِأَنَّهُ حَقُّهَا
(وَ) يَجِبُ لَهَا عَلَيْهِ مِنْ (الْكِسْوَةِ) لِفَصْلَيْ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ (مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 233] وَلَمَا رَوَى التِّرْمِذِيُّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي حَدِيثِ: «وَحَقُّهُنَّ عَلَيْكُمْ أَنْ تُحْسِنُوا إلَيْهِنَّ فِي كِسْوَتِهِنَّ وَطَعَامِهِنَّ» . وَلَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ الْكِسْوَةُ تَكْفِيهَا لِلْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَكْفِي مَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ الِاسْمُ وَتَخْتَلِفُ كِفَايَتُهَا بِطُولِهَا وَقِصَرِهَا وَسِمَنِهَا وَهُزَالِهَا وَبِاخْتِلَافِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
{مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ} [المائدة: 89] أَيْ وَالزَّوْجَةُ مِنْ الْأَهْلِ أَوْ هِيَ الْمُرَادَةُ بِالْأَهْلِ وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ قَوْلَهُ: مِنْ أَوْسَطِ إلَخْ مَفْرُوضٌ فِي الْكَفَّارَةِ وَلَيْسَ فِيهَا زَيْتٌ وَلَا سَمْنٌ وَلَا يَكْفِي فِيهَا الْخُبْزُ. وَأُجِيبُ بِأَنَّ هَذَا مَذْهَبُ صَحَابِيٍّ لَا مَذْهَبُنَا، كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا. وَقَوْلُهُ: بِأَنَّ هَذَا أَيْ التَّكْفِيرَ بِالْخُبْزِ وَالزَّيْتِ أَوْ السَّمْنِ وَقَوْلُهُ مَذْهَبُ صَحَابِيٍّ أَيْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ.
قَوْلُهُ: (الْخُبْزِ وَالزَّيْتِ) بِالْجَرِّ بَدَلٌ مِنْ أَوْسَطِ أَوْ عَطْفُ بَيَانٍ عَلَيْهِ وَهَذَا دَلِيلٌ لِقَوْلِهِ الطَّعَامُ لَا يَنْسَاغُ إلَّا بِالْأُدْمِ وَإِلَّا فَهَذِهِ الْآيَةُ مَفْرُوضَةٌ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ لَا فِيمَا يَجِبُ لِلزَّوْجَةِ، وَاخْتِلَافُ التَّفْسِيرِ بِاخْتِلَافِ الْبِلَادِ وَالْأَمَاكِنِ، فَالتَّفْسِيرَانِ بِحَسَبِ حَالِ النَّاسِ.
قَوْلُهُ: (وَيَخْتَلِفُ قَدْرُ الْأُدْمِ) الْأَوْلَى حَذْفُ قَوْلِهِ: قَدْرُ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَذْكُرْهُ م ر، لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي أَصْلِ الْأُدْمِ وَأَمَّا تَقْدِيرُهُ فَسَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ: وَيُقَدَّرُ الْأُدْمُ إلَخْ.
قَوْلُهُ: (وَقَدْ تَغْلِبُ الْفَاكِهَةُ) لَيْسَ هَذِهِ مِنْ الْأُدْمِ وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ، أَنَّ الْوَاجِبَ لَا يَتَقَيَّدُ بِالْأَكْلِ وَالْأُدْمِ. بَلْ كُلُّ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ يَجِبُ حَتَّى نَحْوُ قَهْوَةٍ وَفِطْرَةٍ، وَكَعْكٍ وَسَمَكٍ فِي أَوْقَاتِهَا وَسَيَأْتِي ق ل. قَالَ: شَيْخُنَا وَهَلْ تَكُونُ بَدَلًا عَنْ الْأُدْمِ أَوْ زَائِدَةً عَلَيْهِ يُتَّبَعُ الْعُرْفُ فِي ذَلِكَ، وَالْأَوْجَهُ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ وُجُوبُ سِرَاجٍ لَهَا أَوَّلَ اللَّيْلِ فِي مَحِلٍّ جَرَتْ الْعَادَةُ بِاسْتِعْمَالِهِ فِيهِ، وَلَهَا إبْدَالُهُ أَيْ السِّرَاجِ بِغَيْرِهِ.
قَوْلُهُ: (فَتَجِبُ) أَيْ الْفَاكِهَةُ وَالْمُعْتَبَرُ فِي قَدْرِهَا مَا هُوَ اللَّائِقُ بِأَمْثَالِهِ وَالْمُتَّجَهُ أَنَّهَا إنْ أَغْنَتْهُ عَنْ الْأُدْمِ بِأَنْ كَانَ يَتَأَتَّى عَادَةَ التَّأَدُّمِ بِهَا لَمْ يَجِبْ مَعَهَا مُضَرَّبٌ آخَرُ وَإِلَّا وَجَبَ.
تَنْبِيهٌ: يَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ مَا تَطْلُبُهُ الْمَرْأَةُ عِنْدَ مَا يُسَمَّى بِالْوَحَمِ مِنْ نَحْوِ مَا يُسَمَّى بِالْمُلُوحَةِ إذَا اُعْتِيدَ ذَلِكَ. وَأَنَّهُ حَيْثُ وَجَبَتْ الْفَاكِهَةُ وَالْقَهْوَةُ وَنَحْوُ مَا يُطْلَبُ عِنْدَ الْوَحَمِ، يَكُونُ عَلَى وَجْهِ التَّمْلِيكِ فَلَوْ فَوَّتَهُ اسْتَقَرَّ لَهَا وَلَهَا الْمُطَالَبَةُ بِهِ وَلَوْ اعْتَادَتْ نَحْوَ الْأَفْيُونِ بِحَيْثُ تَخْشَى بِتَرْكِهِ مَحْذُورًا مِنْ تَلَفِ نَفْسٍ وَنَحْوِهِ لَمْ يَلْزَمْ الزَّوْجَ لِأَنَّ هَذَا مِنْ بَابِ التَّدَاوِي اهـ م ر سم. قَوْلُهُ:(فَيَفْرِضُهُ) أَيْ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْمَدُّ قَوْلُهُ: (وَيُوَسِّطُهُ فِيهِمَا) نُسْخَةٌ بَيْنَهُمَا: أَيْ بَيْنَ الْمُعْسِرِ وَالْمُوسِرِ وَهِيَ الصَّوَابُ قَوْلُهُ: (وَيَجِبُ لَهَا عَلَيْهِ لَحْمٌ) عَطْفُهُ عَلَى الْأُدْمِ يُفِيدُ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ وَقَدْ يُطْلَقُ اسْمُ الْأُدْمِ عَلَيْهِ، وَيَلْزَمُهُ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ نَحْوِ مَاءٍ وَحَطَبٍ وَمَا يُطْبَخُ بِهِ مِنْ نَحْوِ قَرْعٍ. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
قَوْلُهُ: (الْكِسْوَةُ) بِكَسْرِ الْكَافِ وَضَمِّهَا قَوْلُهُ: (لِفَصْلَيْ الشِّتَاءِ) : غَلَّبَ فَصْلُ الشِّتَاءِ عَلَى فَصْلِ الرَّبِيعِ وَفَصْلُ الصَّيْفِ عَلَى فَصْلِ الْخَرِيفِ، وَإِلَّا فَالْكِسْوَةُ تَجِبُ كُلَّ سِتَّةِ أَشْهُرٍ لَا لِفَصْلِ الشِّتَاءِ وَحْدَهُ وَلَا لِفَصْلِ الصَّيْفِ الْحَقِيقِيَّيْنِ اهـ شَيْخُنَا.
قَوْلُهُ: {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ} [البقرة: 233] وَهُوَ الزَّوْجُ. قَوْلُهُ: (وَلَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ الْكِسْوَةُ تَكْفِيهَا) لِأَنَّ لَهُ التَّمَتُّعَ بِجَمِيعِ بَدَنِهَا فَوَجَبَ
الْبِلَادِ فِي الْحَرِّ وَالْبَرْدِ، وَلَا يَخْتَلِفُ عَدَدُ الْكِسْوَةِ، بِاخْتِلَافِ يَسَارِ الزَّوْجِ وَإِعْسَارِهِ وَلَكِنَّهُمَا يُؤَثِّرَانِ فِي الْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْبَدْوِيَّةِ وَالْحَضَرِيَّةِ، وَيَجِبُ لَهَا عَلَيْهِ فِي كُلِّ سِتَّةِ أَشْهُرٍ قَمِيصٌ وَسَرَاوِيلُ وَخِمَارٌ وَمُكَعَّبٌ.
وَيَزِيدُ الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ عَلَى ذَلِكَ فِي الشِّتَاءِ جُبَّةً مَحْشُوَّةً قُطْنًا أَوْ فَرْوَةً بِحَسَبِ الْعَادَةِ لِدَفْعِ الْبَرْدِ وَيَجِبُ لَهَا أَيْضًا تَوَابِعُ ذَلِكَ مِنْ كُوفِيَّةٍ لِلرَّأْسِ وَتِكَّةٍ لِلِّبَاسِ وَزِرِّ الْقَمِيصِ وَالْجُبَّةِ وَنَحْوِهِمَا وَجِنْسِ الْكِسْوَةِ مِنْ قُطْنٍ لِأَنَّهُ لِبَاسُ أَهْلِ الدِّينِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
كِفَايَتُهُ وَلَا يُجَابُ لِمَا دُونَهُ وَإِنْ كَانَتْ عَادَتَهُمْ ق ل عَلَى الْجَلَالِ. قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَيَظْهَرُ أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِاعْتِيَادِ أَهْلِ بَلَدٍ ثِيَابُهَا كَثِيَابِ الرَّجُلِ، وَأَنَّهَا لَوْ طَلَبَتْ تَطْوِيلَ ذَيْلِهَا ذِرَاعًا أُجِيبَتْ إلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَعْتَدَّهُ أَهْلُ بَلَدِهَا. لِمَا فِيهِ مِنْ زِيَادَةِ السَّتْرِ. وَيَخْتَلِفُ عَدَدُهَا بِاخْتِلَافِ مَحِلِّ الزَّوْجَةِ بَرْدًا وَحَرًّا وَمِنْ ثَمَّ لَوْ اعْتَادُوا ثَوْبًا لِلنَّوْمِ وَجَبَ كَمَا جَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ اهـ. وَاعْتُبِرَتْ الْكِفَايَةُ فِي الْكِسْوَةِ دُونَ النَّفَقَةِ لِأَنَّهَا فِي الْكِسْوَةِ مُحَقَّقَةٌ بِالرُّؤْيَةِ بِخِلَافِهَا فِي النَّفَقَةِ شَرْحُ الْمَنْهَجِ. قَوْلُهُ:(وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْبَدْوِيَّةِ) إنْ كَانَ رَاجِعًا لِقَوْلِهِ: وَلَا يَخْتَلِفُ عَدَدُ الْكِسْوَةِ إلَخْ كَانَ ضَعِيفًا لِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا فِي عَدَدِ الْكِسْوَةِ لِأَنَّ الْبَدْوِيَّةَ لَهَا كِسْوَةٌ وَالْحَضَرِيَّةَ لَهَا كِسْوَةٌ وَإِنْ كَانَ رَاجِعًا لِقَوْلِهِ: وَلَا بُدَّ أَنْ تَكْفِيَهَا كَانَ صَحِيحًا، وَالضَّابِطُ: أَنَّ عَدَدَ الْكِسْوَةِ فِي كُلِّ مَكَان لَا يَخْتَلِفُ بِالْيَسَارِ وَالْإِعْسَارِ فَيَجِبُ فِي كُلِّ مَكَان مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ عِنْدَهُمْ وَلَا يَخْتَلِفُ عَدَدُهُ بِالْيَسَارِ وَغَيْرِهِ لَكِنْ يُؤَثِّرَانِ فِي الْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ. وَاعْلَمْ أَنَّهُ يَجِبُ لَهَا الْقَهْوَةُ وَالدُّخَانُ وَفِطْرَةُ الْعِيدِ وَكَعْكُ الْعِيدِ وَسَمَكُهُ وَلَحْمُ الْأُضْحِيَّةِ وَحُبُوبُ الْعُشْرِ وَالْكِشْكُ فِي أَرْبَعِ أَيُّوبَ وَمَا تَحْتَاجُهُ عِنْدَ الْوَحَمِ، وَأَمَّا الْأَفْيُونُ فَلَا يَجِبُ وَكَذَلِكَ الْحُلْبَةُ بِالْعَسَلِ عَقِبَ النِّفَاسِ لَا تَجِبُ وَكَذَا إطْعَامُ مَنْ يَأْتِي إلَيْهَا مِنْ النِّسَاءِ فِي النِّفَاسِ لَا يَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ.
قَوْلُهُ: (وَيَجِبُ لَهَا عَلَيْهِ فِي كُلِّ سِتَّةِ أَشْهُرٍ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَبْلَ الْأُولَى بِرْمَاوِيٌّ قَالَ الدَّمِيرِيُّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا التَّقْرِيرَ فِي غَالِبِ الْبِلَادِ الَّتِي تَبْقَى فِيهَا الْكِسْوَةُ هَذِهِ الْمُدَّةَ فَإِنْ كَانُوا فِي بِلَادٍ لَا تَبْقَى فِيهَا الْكِسْوَةُ هَذِهِ الْمُدَّةَ لِفَرْطِ الْحَرَارَةِ أَوْ لِرَدَاءَةِ ثِيَابِهَا اُتُّبِعَتْ عَادَتُهُمْ وَكَذَا إنْ كَانُوا يَعْتَادُونَ لُبْسَ مَا يَبْقَى سَنَةً كَالْأَكْسِيَةِ الْوَثِيقَةِ فَالْأَشْبَهُ اعْتِبَارُ عَادَتِهِمْ وَيُفْهَمُ مِنْ اعْتِبَارِ الْعَادَةِ أَنَّهُمْ لَوْ اعْتَادُوا التَّجْدِيدَ كُلَّ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مَثَلًا فَدَفَعَ لَهَا، مِنْ ذَلِكَ مَا جَرَتْ بِهِ عَادَتُهُمْ فَلَمْ يَبْلَ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ وُجُوبُ تَجْدِيدِهِ عَلَى الْعَادَةِ لِأَنَّهَا مَلَكَتْ مَا أَخَذَتْهُ عَنْ تِلْكَ الْمُدَّةِ دُونَ مَا بَعْدَهَا وَلَوْ عَقَدَ عَلَيْهَا فِي أَثْنَاءِ أَحَدِهِمَا فَالْوَاجِبُ الْقِسْطُ كَمَا ذَكَرُوهُ فِي نَظِيرِهِ مِنْ النَّفَقَةِ وَانْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِالْقِسْطِ هُنَا فَإِنَّ مِنْ الْكِسْوَةِ الْقَمِيصُ مَثَلًا فَمَا مَعْنَى التَّقْسِيطُ فِيهِ هَلْ هُوَ خَلَقٌ يَكْفِي مَا بَقِيَ أَوْ بِنِسْبَةِ مَا بَقِيَ مِنْ ثَمَنِهِ. اهـ. سم مُلَخَّصًا. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُنْظَرُ لِلْقِيمَةِ فَإِذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْكِسْوَةِ الْكَامِلَةِ مِنْ الرِّيَالَاتِ سِتَّةً وَمُكِّنَتْ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ وَجَبَ لَهَا نِصْفُ السَّنَةِ. اهـ. ع ش عَلَى م ر.
قَوْلُهُ: (قَمِيصٌ) وَفِي تَعْبِيرِهِ بِقَمِيصٍ إشْعَارٌ بِوُجُوبِ الْخِيَاطَةِ، عَلَى الزَّوْجِ سم وَز ي وَعِبَارَةُ ق ل: وَيَتْبَعُهُ مَا تَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ خِيَاطَةٍ وَخَيْطٍ وَإِنْ لَمْ تَخِطْ بِهِ كَمَا فِي الطَّحْنِ. وَنَحْوِهِ وَلَوْ دَفَعَهُ لَهَا مَخِيطًا لَمْ يَلْزَمْهَا قَبُولُهُ. وَيَكْفِي مَلْبُوسٌ لَمْ تَذْهَبْ قُوَّتُهُ وَأَوْلَى مِنْهُ الْجَدِيدُ ق ل وَالْعِبَارَةُ فِي التَّعَدُّدِ بِأَمْثَالِهَا وَلَوْ انْتَقَلَتْ إلَى بَلَدٍ اُعْتُبِرَ أَهْلُهُ اهـ.
قَوْلُهُ: (وَسَرَاوِيلُ) قَالَ الْمُرَادِيُّ وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إلَى أَنَّ سَرَاوِيلَ جَمْعُ سِرْوَالَةٍ وَأَنَّهُ عَرَبِيٌّ أُطْلِقَ عَلَى الْمُفْرَدِ وَرُدَّ بِأَنَّ سِرْوَالَةَ لَمْ يُسْمَعْ وَأَمَّا قَوْلُهُ عَلَيْهِ مِنْ اللُّؤْمِ سِرْوَالَةٌ فَمَصْنُوعٌ لَا حُجَّةَ فِيهِ قُلْت ذَكَرَ الْأَخْفَشُ أَنَّهُ سَمِعَ مِنْ الْعَرَبِ وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ الْعَرَبُ يَقُولُونَ سِرْوَالٌ وَاَلَّذِي يَرِدُ بِهِ هَذَا الْقَوْلُ أَنَّ سِرْوَالًا لُغَةً فِي سَرَاوِيلَ لِأَنَّهُ بِمَعْنَاهُ وَأَنَّ النَّقْلَ لَمْ يَثْبُتْ لَا سِيَّمَا فِي الْأَجْنَاسِ وَإِنَّمَا ثَبَتَ فِي الْأَعْلَامِ اهـ مِنْ حَاشِيَةِ شَيْخِنَا الْمَلَوِيِّ عَلَى الْمَكُّودِيِّ.
قَوْلُهُ: (وَمُكَعَّبٌ) أَيْ مَدَاسٌ وَيَلْحَقُ بِهِ الْقَبْقَابُ إذَا جَرَتْ عَادَتُهَا بِهِ شَرْحُ الرَّوْضِ وَهُوَ بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْكَافِ وَتَشْدِيدِ الْعَيْنِ أَوْ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْكَافِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ، وَلَوْ جَرَتْ عَادَةُ نِسَاءِ أَهْلِ الْقُرَى أَنْ لَا يَلْبَسْنَ شَيْئًا فِي أَرْجُلِهِنَّ فِي الْبُيُوتِ لَمْ يَجِبْ لِأَرْجُلِهِنَّ شَيْءٌ بِرْمَاوِيٌّ.
قَوْلُهُ: (وَيَزِيدُ الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ) ذِكْرُهُمَا إيضَاحٌ وَإِلَّا فَالْكَلَامُ فِيهِمَا. قَوْلُهُ: (فِي الشِّتَاءِ) يَعْنِي وَقْتَ الْبَرْدِ. وَلَوْ فِي غَيْرِ الشِّتَاءِ حَجّ قَالَ ع ش: يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ جَرَتْ عَادَةُ بَلَدِهَا بِتَوْسِعَةٍ كُمِّ ثِيَابِهِمْ إلَى حَدٍّ تَظْهَرُ مَعَهُ الْعَوْرَةُ أُعْطِيت مِنْهُ مَا يَسْتُرُ الْعَوْرَةَ مَعَ مُقَارَبَتِهِ لِمَا جَرَتْ بِهِ عَادَتُهُمْ اهـ. قَوْلُهُ:
وَمَا زَادَ عَلَيْهِ تُرْفَةٌ وَرُعُونَةٌ. فَإِنْ جَرَتْ عَادَةُ الْبَلَدِ لِمِثْلِ الزَّوْجِ بِكَتَّانٍ أَوْ حَرِيرٍ، وَجَبَ مَعَ وُجُوبِ التَّفَاوُتِ فِي مَرَاتِبِ ذَلِكَ الْجِنْسِ بَيْنَ الْمُوسِرِ وَغَيْرِهِ عَمَلًا بِالْعَادَةِ وَيَجِبُ لَهَا عَلَيْهِ مَا تَقْعُدُ عَلَيْهِ كَزِلِّيَّةٍ أَوْ لِبْدٍ فِي الشِّتَاءِ أَوْ حَصِيرٍ فِي الصَّيْفِ وَهَذَا لِزَوْجَةِ الْمُعْسِرِ.
أَمَّا زَوْجَةُ الْمُوسِرِ، فَيَجِبُ لَهَا نِطْعٌ فِي الصَّيْفِ وَطَنْفَسَةٌ فِي الشِّتَاءِ وَهِيَ بِسَاطٌ صَغِيرٌ ثَخِينٌ لَهُ وَبَرَةٌ كَبِيرَةٌ وَيَجِبُ لَهَا عَلَيْهِ فِرَاشٌ لِلنَّوْمِ، غَيْرَ مَا تَفْرِشُهُ نَهَارًا لِلْعَادَةِ الْغَالِبَةِ وَيَجِبُ لَهَا عَلَيْهِ مِخَدَّةٌ وَلِحَافٌ أَوْ كِسَاءٌ فِي الشِّتَاءِ فِي بَلَدٍ بَارِدٍ وَمِلْحَفَةٌ بَدَلَ اللِّحَافِ أَوْ الْكِسَاءِ فِي الصَّيْفِ. (وَإِنْ كَانَ) الزَّوْجُ (مُعْسِرًا فَمُدٌّ) وَاحِدٌ مِنْ غَالِبِ قُوتِ مَحِلِّهَا كَمَا مَرَّ. (وَ) يَجِبُ لَهَا مَعَ ذَلِكَ (مَا يَتَأَدَّمُ بِهِ الْمُعْسِرُونَ وَيَكْسُونَهُ) قَدْرًا وَجِنْسًا عَلَى مَا مَرَّ بَيَانُهُ. (وَإِنْ كَانَ) الزَّوْجُ حُرًّا (مُتَوَسِّطًا) بَيْنَ الْيَسَارِ وَالْإِعْسَارِ (فَمُدٌّ وَنِصْفٌ) أَيْ وَنِصْفُ مُدٍّ مِنْ غَالِبِ قُوتِ مَحِلِّهَا كَمَا مَرَّ (وَ) يَجِبُ لَهَا عَلَيْهِ مَعَ ذَلِكَ (مِنْ الْأُدْمِ) قَدْرًا وَجِنْسًا عَلَى مَا مَرَّ بَيَانُهُ (وَ) مِنْ (الْكِسْوَةِ الْوَسَطِ) فِي كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى مَا مَرَّ بَيَانُهُ وَاحْتَجُّوا لِأَصْلِ التَّفَاوُتِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى:{لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ} [الطلاق: 7] وَاعْتَبَرَ الْأَصْحَابُ النَّفَقَةَ بِالْكَفَّارَةِ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مَالٌ يَجِبُ بِالشَّرْعِ وَيَسْتَقِرُّ فِي الذِّمَّةِ وَأَكْثَرُ مَا وَجَبَ فِي الْكَفَّارَةِ لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدَّانِ وَذَلِكَ فِي كَفَّارَةِ الْأَذَى فِي الْحَجِّ.
وَأَقَلُّ مَا وَجَبَ لَهُ مُدٌّ فِي نَحْوِ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ فَأَوْجَبُوا عَلَى الْمُوسِرِ الْأَكْثَرَ وَهُوَ مُدَّانِ لِأَنَّهُ قَدْرُ الْمُوسِعِ وَعَلَى الْمُعْسِرِ الْأَقَلُّ وَهُوَ مُدٌّ لِأَنَّ الْمُدَّ الْوَاحِدَ يَكْتَفِي بِهِ الزَّهِيدُ وَيَقْتَنِعُ بِهِ الرَّغِيبُ وَعَلَى الْمُتَوَسِّطِ مَا بَيْنَهُمَا لِأَنَّهُ لَوْ أَلْزَمَ الْمَدِينَ لَضَرَّهُ وَلَوْ اكْتَفَى
ــ
[حاشية البجيرمي]
كُوفِيَّةٍ) أَيْ عِرْقِيَّةٍ هَذَا عِنْدَ الْحَضَرِ وَعِنْدَ غَيْرِهِمْ عُصْبَةٌ أَيْ فَإِنَّهَا أَيْ الْعِرْقِيَّةُ تَابِعَةٌ لِلطَّرْبُوشِ. اهـ. شَيْخُنَا.
قَوْلُهُ: (مِنْ قُطْنٍ) هُوَ أَفْضَلُ مِنْ الصُّوفِ لِمَا عَلَّلَ بِهِ الشَّارِحُ لَكِنْ رَأَيْت فِي قَصَصِ الْأَنْبِيَاءِ مَا يَدُلُّ عَلَى فَضِيلَةِ الصُّوفِ فَلْيُحَرَّرْ.
قَوْلُهُ: (رُعُونَةً) هِيَ الْحَمَاقَةُ.
قَوْلُهُ: (فَإِنْ جَرَتْ عَادَةُ الْبَلَدِ إلَخْ) أَيْ فَمَحِلُّ الْقُطْنِ مَا لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِخِلَافِهِ اهـ شَيْخُنَا.
قَوْلُهُ: (كَزِلِّيَّةٍ) وَهِيَ بِسَاطُ صَغِيرٌ وَقِيلَ شَيْءٌ مُضَرَّبٌ صَغِيرٌ وَهِيَ بِكَسْرِ الزَّايِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ شَرْحُ الْمَنْهَجِ وَهِيَ لِلْمُتَوَسِّطِ وَاللِّبَدُ لِلْفَقِيرِ فَأَوْ لِلتَّنْوِيعِ لَا لِلتَّخْيِيرِ وَأَرَادَ بِالْمُعْسِرِ مَا عَدَا الْمُوسِرَ فَيَشْمَلُ الْمُتَوَسِّطَ لِعَدَمِ ذِكْرِهِ.
قَوْلُهُ: (أَوْ حَصِيرٍ) الْحَصِيرُ مَعْرُوفٌ وَلَا يُقَالُ حَصِيرَةٌ بِالْهَاءِ وَهُوَ فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي تَحْرِيرِهِ.
قَوْلُهُ: (نِطْعٌ) كَالْجِلْدِ وَهُوَ بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِهَا مَعَ إسْكَانِ الطَّاءِ وَفَتْحِهَا شَرْحُ الْمَنْهَجِ. قَوْلُهُ: (وَطَنْفَسَةٌ) بِكَسْرِ الطَّاءِ وَالْفَاءِ وَبِفَتْحِهِمَا وَبِضَمِّهِمَا وَبِكَسْرِ الطَّاءِ وَفَتْحِ الْفَاءِ شَرْحُ الْمَنْهَجِ.
قَوْلُهُ: (وَبَرَةٌ) بِفَتْحِ الْبَاءِ وَهِيَ لِلْبَعِيرِ كَالصُّوفِ لِلْغَنَمِ وَكَذَا الْأَرَانِبُ وَمَا أَشْبَهَهُ. قَوْلُهُ: (مَا تَفْرُشُهُ نَهَارًا) بِضَمِّ الرَّاءِ كَمَا فِي الْمُخْتَارِ ع ش.
قَوْلُهُ: (مِخَدَّةٌ) بِكَسْرِ الْمِيمِ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ يُوضَعُ عَلَيْهَا الْخَدُّ وَلَا يَجِبُ أَكْثَرُ مِنْ وَاحِدَةٍ وَإِنْ كَانَتْ الْعَادَةُ جَارِيَةً بِأَكْثَرَ مِنْهَا وَيَجْرِي مِثْلُهُ فِي اللِّحَافِ وَغَيْرِهِ. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ. قَوْلُهُ: (وَمِلْحَفَةٌ) بِكَسْرِ الْمِيمِ مِنْ الِالْتِحَافِ أَيْ مِلَايَةٌ الَّتِي تَلْتَحِفُ بِهَا الْمَرْأَةُ وَاللِّحَافُ كُلُّ ثَوْبٍ يَتَغَطَّى بِهِ وَالْجَمْعُ لُحُفٌ مِثْلُ كِتَابٍ وَكُتُبٍ. اهـ. مِصْبَاحٌ. فَظَهَرَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْمِلْحَفَةِ وَاللِّحَافِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُلَاءَةَ ثَوْبٌ ذُو لِفْقَيْنِ أَيْ فِلْقَتَيْنِ فَتُخَاطُ إحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَى وَأَمَّا اللِّحَافُ فَثَوْبٌ وَاحِدٌ.
قَوْلُهُ: (عَلَى مَا مَرَّ بَيَانُهُ) يَقْتَضِي أَنَّهُ مَرَّ التَّفَاوُتُ فِي قَدْرِ الْمُدِّ بَيْنَ الْمُوسِرِ وَالْمُعْسِرِ وَالْمُتَوَسِّطِ وَأَنَّهُ مَرَّ اخْتِلَافُ جِنْسِهِ بِاعْتِبَارِ الْيَسَارِ وَضِدَّيْهِ وَلَمْ يَمُرَّ شَيْءٌ مِنْهُمَا نَعَمْ مَرَّ لَهُ التَّفَاوُتُ فِي قَدْرِهِ فِي فَرْضِ الْقَاضِي عِنْدَ التَّنَازُعِ. وَقَدْ ذَكَرَ التَّفَاوُتَ فِي الْقَدْرِ بَيْنَ الْمُعْسِرِ وَغَيْرِهِ م ر، وَأَمَّا الِاخْتِلَافُ فِي الْجِنْسِ بِاعْتِبَارِ الْمُعْسِرِ وَضِدَّيْهِ فَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ م د وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا تَفَاوُتَ بَيْنَهُمْ فِي الْجِنْسِ وَظَاهِرُ الشَّارِحِ أَنَّهُ مَرَّ لَهُ ذَلِكَ أَيْضًا فِي الْكِسْوَةِ مَعَ أَنَّهُ مَرَّ لَهُ أَنَّهُ لَا يَخْتَلِفُ عَدَدُ الْكِسْوَةِ أَيْ قَدْرُهَا بِاخْتِلَافِ يَسَارِ الزَّوْجِ وَإِعْسَارِهِ وَلَكِنَّهُمَا يُؤَثِّرَانِ فِي الْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ وَحِينَئِذٍ فَالْجِنْسُ وَاحِدٌ فِيهِمَا وَإِنَّمَا تَخْتَلِفُ صِفَتُهُ وَالْقَدْرُ فِيهِمَا غَيْرُ مُخْتَلِفٍ وَمَا قَرَّرَهُ فِي هَذَا يَجْرِي فِي قَوْلِهِ فِي الْمُتَوَسِّطِ: قَدْرًا وَجِنْسًا عَلَى مَا مَرَّ بَيَانُهُ.
قَوْلُهُ: (وَاحْتَجُّوا) تَبَرَّأَ مِنْهُ لِأَنَّ الْآيَةَ لَيْسَتْ وَاضِحَةً فِيمَا ذُكِرَ إذْ مُقْتَضَاهَا أَنْ لَا نَفَقَةَ عَلَى الْمُعْسِرِ إذْ لَا سَعَةَ لَهُ تَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: (وَاعْتَبَرَ الْأَصْحَابُ) أَيْ قَاسُوا النَّفَقَةَ عَلَى الْكَفَّارَةِ. قَوْلُهُ: (فِي كَفَّارَةِ الْأَذَى) أَيْ كَالْحَلْقِ وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ} اهـ
مِنْهُ بِمُدٍّ لَضَرَّهَا فَلَزِمَهُ مُدٌّ وَنِصْفٌ. وَالْمُعْسِرُ هُنَا مِسْكِينُ الزَّكَاةِ لَكِنْ قُدْرَتُهُ عَلَى الْكَسْبِ لَا تُخْرِجُهُ عَنْ الْإِعْسَارِ فِي النَّفَقَةِ وَإِنْ كَانَتْ تُخْرِجُهُ عَنْ اسْتِحْقَاقِ سَهْمِ الْمَسَاكِينِ فِي الزَّكَاةِ وَمِنْ فَوْقِ الْمِسْكِينِ إنْ كَانَ لَوْ كُلِّفَ إنْفَاقَ مُدَّيْنِ رَجَعَ مِسْكِينًا فَمُتَوَسِّطٌ وَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ مِسْكِينًا فَمُوسِرٌ. وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِالرُّخْصِ وَالْغَلَاءِ وَقِلَّةِ الْعِيَالِ وَكَثْرَتِهِمْ، أَمَّا مَنْ فِيهِ رِقٌّ وَلَوْ مُكَاتَبًا وَمُبَعَّضًا وَإِنْ كَثُرَ مَالُهُ فَمُعْسِرٌ لِضَعْفِ مِلْكِ الْمُكَاتَبِ وَنَقْصِ حَالِ الْمُبَعَّضِ وَعَدَمِ مِلْكِ غَيْرِهِمَا. وَلَوْ اخْتَلَفَ قُوتُ الْبَلَدِ وَلَا غَالِبَ فِيهِ أَوْ اخْتَلَفَ الْغَالِبُ وَجَبَ لَائِقٌ بِالزَّوْجِ لَا بِهَا فَلَوْ كَانَ يَأْكُلُ فَوْقَ اللَّائِقِ بِهِ تَكَلُّفًا لَمْ يُكَلَّفْ ذَلِكَ أَوْ دُونَهُ بُخْلًا أَوْ زُهْدًا وَجَبَ اللَّائِقُ بِهِ. وَيُعْتَبَرُ الْيَسَارُ وَغَيْرُهُ مِنْ تَوَسُّطٍ وَإِعْسَارٍ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ فِي كُلِّ يَوْمٍ اعْتِبَارًا بِوَقْتِ الْوُجُوبِ حَتَّى لَوْ أَيْسَرَ بَعْدَهُ أَوْ أَعْسَرَ لَمْ يَتَغَيَّرْ حُكْمُ نَفَقَةِ ذَلِكَ الْيَوْمِ هَذَا إذَا كَانَتْ مُمْكِنَةً حِينَ طُلُوعِ الْفَجْرِ أَمَّا الْمُمْكِنَةُ بَعْدَهُ فَيُعْتَبَرُ الْحَالُ عَقِبَ تَمْكِينِهَا وَعَلَيْهِ تَمْلِيكُهَا الطَّعَامَ حَبًّا سَلِيمًا وَعَلَيْهِ مُؤْنَةُ طَحْنِهِ وَعَجْنِهِ وَخَبْزِهِ بِبَذْلِ مَالٍ أَوْ يَتَوَلَّى
ــ
[حاشية البجيرمي]
بِرْمَاوِيٌّ.
قَوْلُهُ: (الزَّهِيدُ) أَيْ قَلِيلُ الْأَكْلِ ع ش. قَوْلُهُ: (وَيَقْتَنِعُ) فِي نُسْخَةٍ وَيَنْتَفِعُ وَهِيَ الْأَوْلَى، لِأَنَّ التَّرْغِيبَ لَا يُقْنِعُ بِمَا ذُكِرَ.
قَوْلُهُ: (وَعَلَى الْمُتَوَسِّطِ مَا بَيْنَهُمَا) وَهُوَ نِصْفُ مَا عَلَى هَذَا وَنِصْفُ مَا عَلَى هَذَا. أَيْ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُوسِرِ وَنِصْفُ مَا عَلَى الْمُعْسِرِ وَذَلِكَ مُدٌّ وَنِصْفٌ ز ي.
قَوْلُهُ: (وَالْمُعْسِرُ هُنَا مِسْكِينُ الزَّكَاةِ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمَالِ وَهُوَ مَنْ لَهُ مَالٌ يَقَعُ مَوْقِعًا مِنْ كِفَايَتِهِ لَوْ وُزِّعَ عَلَى بَقِيَّةِ الْعُمْرِ الْغَالِبِ وَلَا يَكْفِيهِ أَوْ يَكْفِيهِ وَفَضَلَ أَقَلُّ مِنْ مُدٍّ وَنِصْفٍ. أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْكَسْبِ فَاَلَّذِي يَكْتَسِبُ قَدْرَ كِفَايَتِهِ كُلَّ يَوْمٍ مُعْسِرٌ هُنَا لَا فِي الزَّكَاةِ فَالْمُعْسِرُ هُنَا هُوَ الَّذِي عِنْدَهُ مَا يَكْفِيهِ بَقِيَّةَ الْعُمْرِ الْغَالِبِ فَقَطْ أَوْ دُونَهُ فَإِنْ زَادَ عَلَى الْعُمْرِ الْغَالِبِ فَإِنْ كَانَ مُدَّيْنِ فَأَقَلَّ فَمُتَوَسِّطٌ أَوْ أَكْثَرَ فَمُوسِرٌ كَذَا بِخَطِّ بَعْضِ تَلَامِذَةِ ق ل وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ عَلَى الْمَنْهَجِ بِمَعْنَى أَنَّهُ يُنْظَرُ فِيمَا عِنْدَهُ مِنْ الْمَالِ وَيُوَزَّعُ عَلَى مُؤْنَةِ مُمَوِّنِهِ فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنْ بَقِيَّةِ عُمْرِهِ الْغَالِبِ، فَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ عَنْهُ شَيْءٌ أَوْ فَضَلَ دُونَ مُدٍّ وَنِصْفٍ فَمُعْسِرٌ أَوْ مُدٌّ وَنِصْفٌ، وَلَمْ يَبْلُغْ مُدَّيْنِ فَمُتَوَسِّطٌ أَوْ بَلَغَهُمَا فَأَكْثَرَ فَمُوسِرٌ وَيُعْتَبَرُ الْفَاضِلُ عَنْ كَسْبِهِ كُلَّ يَوْمٍ عَلَى مُؤْنَةِ مُمَوِّنِهِ فِيهِ كَذَلِكَ.
وَقَوْلُهُ: عُمْرِهِ الْغَالِبِ أَيْ إنْ لَمْ يَسْتَوْفِهِ وَإِلَّا فَسَنَةٌ كَمَا فِي ح ل وَلَوْ ادَّعَتْ يَسَارَ زَوْجِهَا فَأَنْكَرَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ، إنْ لَمْ يُعْهَدْ لَهُ مَالٌ وَإِلَّا فَلَا فَإِنْ ادَّعَى تَلَفَهُ فَفِيهِ تَفْصِيلُ الْوَدِيعَةِ. اهـ. سم.
قَوْلُهُ: (لَكِنْ قُدْرَتُهُ إلَخْ) أَيْ فَالْمُرَادُ بِالْمِسْكِينِ أَحَدُ قِسْمَيْهِ وَهُوَ الَّذِي لَا يَمْلِكُ مِنْ الْمَالِ مَا يُخْرِجُهُ عَنْ الْمَسْكَنَةِ.
قَوْلُهُ: (لَا تُخْرِجُهُ عَنْ الْإِعْسَارِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ يَكْتَسِبُ قَدْرَ كِفَايَتِهِ كُلَّ يَوْمٍ.
قَوْلُهُ: (وَمِنْ فَوْقِ الْمِسْكِين إلَخْ) وَهُنَا ضَابِطٌ لِلشَّيْخَيْنِ وَهُوَ أَسْهَلُ وَهُوَ أَنَّ مَنْ زَادَ دَخْلُهُ عَلَى خَرْجِهِ فَمُوسِرٌ وَمَنْ اسْتَوَى دَخْلُهُ وَخَرْجُهُ فَمُتَوَسِّطٌ وَمَنْ زَادَ خَرْجُهُ عَلَى دَخْلِهِ فَمُعْسِرٌ. اهـ. خَضِرٌ.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ اخْتَلَفَ قُوتُ الْبَلَدِ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ: مِنْ غَالِبِ قُوتِهَا.
قَوْلُهُ: (وَجَبَ لَائِقٌ بِالزَّوْجِ) قَدْ يُتَوَهَّمُ مِنْهُ أَنَّ الْغَالِبَ لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ اللِّيَاقَةُ وَلَيْسَ فِي مَحِلِّهِ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِغَالِبِ قُوتِ الْمَحِلِّ مَا يَسْتَعْمِلُهُ أَهْلُ ذَلِكَ الْمَحِلِّ فِي غَالِبِ الْأَوْقَاتِ وَمِنْ لَازِمِ ذَلِكَ غَالِبًا لَيَاقَتُه بِالزَّوْجِ. اهـ. شَوْبَرِيٌّ.
قَوْلُهُ: (وَعَلَيْهِ تَمْلِيكُهَا) لَيْسَ الْمُرَادُ بِالتَّمْلِيكِ أَنْ يَقُولَ: مَلَّكْتُك بَلْ الْمَدَارُ عَلَى الدَّفْعِ وَالْقَبْضِ وَيَكْفِي الْوَضْعُ بَيْنَ يَدَيْهَا وَعِبَارَةُ الْمَنْهَجِ وَعَلَيْهِ دَفْعُ حَبٍّ إلَخْ. قَالَ الزِّيَادِيُّ: أَيْ فَالْوَاجِبُ الدَّفْعُ وَيَكْفِي الْوَضْعُ بَيْنَ يَدَيْهَا قِيَاسًا عَلَى الْخُلْعِ وَأَمَّا الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ فَلَيْسَ بِشَرْطٍ لِأَنَّ هَذَا وَفَاءٌ عَمَّا وَجَبَ فِي ذِمَّتِهِ اهـ.
قَوْلُهُ: (وَعَلَيْهِ مُؤْنَةُ طَحْنِهِ وَعَجْنِهِ وَخَبْزِهِ) وَإِنْ اعْتَادَتْهَا بِنَفْسِهَا لِلْحَاجَةِ إلَيْهَا حَتَّى لَوْ بَاعَتْهُ أَوْ أَكَلَتْهُ حَبًّا اسْتَحَقَّتْ مُؤْنَةَ ذَلِكَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَفَارَقَ ذَلِكَ نَظِيرَهُ فِي الْكَفَّارَةِ حَيْثُ وَجَبَ دَفْعُ الْحَبِّ فَقَطْ فِيهَا دُونَ مُؤْنَةِ الطَّحْنِ وَالْخَبْزِ لِأَنَّ الزَّوْجَةَ فِي حَبْسِهِ. اهـ. شَرْحُ الْمَنْهَجِ. وَقَوْلُهُ: وَفَارَقَ ذَلِكَ إلَخْ غَرَضُهُ بِذَلِكَ الرَّدُّ عَلَى الْقَوْلِ الضَّعِيفِ الْقَائِلِ: بِأَنَّ هَذِهِ لَا تَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ قِيَاسًا عَلَى الْكَفَّارَةِ. فَرْعٌ: وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ هَلْ عَلَى الرَّجُلِ إعْلَامُ زَوْجَتِهِ، بِأَنَّهَا لَا يَجِبُ عَلَيْهَا خِدْمَتُهُ، مِمَّا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ الطَّبْخِ وَالْكَنْسِ وَنَحْوِهِمَا مِمَّا جَرَتْ بِهِ عَادَتُهُنَّ أَمْ لَا.
وَأَجَبْنَا عَنْهُ بِأَنَّ الظَّاهِرَ الْأَوَّلُ لِأَنَّهَا إذَا لَمْ تَعْلَمْ بِعَدَمِ وُجُوبِ ذَلِكَ ظَنَّتْ أَنَّهُ وَاجِبٌ عَلَيْهَا، وَأَنَّهَا لَا تَسْتَحِقُّ نَفَقَةً وَلَا كِسْوَةً إنْ لَمْ تَفْعَلْهُ، فَصَارَتْ كَأَنَّهَا مُكْرَهَةً عَلَى الْفِعْلِ وَمَعَ ذَلِكَ لَوْ فَعَلَتْهُ
ذَلِكَ بِنَفْسِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ فَإِنْ غَلَبَ غَيْرُ الْحَبِّ كَتَمْرٍ وَلَحْمٍ وَأَقِطٍّ فَهُوَ الْوَاجِبُ لَيْسَ غَيْرُ لَكِنْ عَلَيْهِ مُؤْنَةُ اللَّحْمِ وَمَا يُطْبَخُ بِهِ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ.
وَلَوْ طَلَبَ أَحَدُهُمَا بَدَلَ الْحَبِّ خُبْزًا أَوْ قِيمَتَهُ لَمْ يُجْبَرْ الْمُمْتَنِعُ مِنْهُمَا لِأَنَّهُ غَيْرُ الْوَاجِبِ فَإِنْ اعْتَاضَتْ عَمَّا وَجَبَ لَهَا نَقْدًا أَوْ غَيْرَهُ مِنْ الْعُرُوضِ جَازَ إلَّا خُبْزًا أَوْ دَقِيقًا أَوْ نَحْوَهُمَا مِنْ الْجِنْسِ. فَلَا يَجُوزُ لِمَا فِيهِ مِنْ الرِّبَا.
وَلَوْ أَكَلَتْ مَعَ الزَّوْجِ عَلَى الْعَادَةِ سَقَطَتْ نَفَقَتُهَا عَلَى الْأَصَحِّ لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِهِ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَبَعْدَهُ مِنْ غَيْرِ نِزَاعٍ وَلَا إنْكَارٍ وَلَمْ يُنْقَلْ أَنَّ امْرَأَةً طَالَبَتْ بِنَفَقَةٍ بَعْدَهُ إلَّا أَنْ تَكُونَ الزَّوْجَةُ غَيْرَ رَشِيدَةٍ كَصَغِيرَةٍ أَوْ سَفِيهَةٍ بَالِغَةٍ وَلَمْ يَأْذَنْ فِي أَكْلِهَا مَعَهُ وَلِيُّهَا فَلَا تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا بِأَكْلِهَا مَعَهُ وَيَكُونُ الزَّوْجُ مُتَطَوِّعًا وَيَجِبُ لَهَا آلَةُ تَنْظِيفٍ مِنْ الْأَوْسَاخِ الَّتِي تُؤْذِيهَا وَذَلِكَ
ــ
[حاشية البجيرمي]
وَلَمْ يُعْلِمْهَا فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ لَهَا أُجْرَةٌ عَلَى الْفِعْلِ لِتَقْصِيرِهَا بِعَدَمِ الْبَحْثِ وَالسُّؤَالِ عَنْ ذَلِكَ ع ش عَلَى م ر.
قَوْلُهُ: (فَإِنْ غَلَبَ غَيْرُ الْحَبِّ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ: وَعَلَيْهِ تَمْلِيكُهَا الطَّعَامَ حَبًّا سَلِيمًا. قَوْلُهُ: (مُؤْنَةُ اللَّحْمِ) كَالْحَطَبِ وَالْمَاءِ وَالْمِلْحِ. قَوْلُهُ: (وَمَا يُطْبَخُ بِهِ) أَيْ مَعَهُ كَقُلْقَاسٍ وَبَامِيَةٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: (فَإِنْ اعْتَاضَتْ عَمَّا وَجَبَ لَهُمَا) أَيْ يَوْمَ الِاعْتِيَاضِ، أَمَّا الِاعْتِيَاضُ عَنْ النَّفَقَةِ الْمَاضِيَةِ فَيَجُوزُ مِنْ الزَّوْجِ وَغَيْرِهِ. بِنَاءً عَلَى جَوَازِ بَيْعِ الدَّيْنِ لِغَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ سم عَلَى حَجّ ع ش عَلَى م ر. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الِاعْتِيَاضَ بِالنَّظَرِ لِلنَّفَقَةِ الْمَاضِيَةِ يَجُوزُ مِنْ الزَّوْجِ وَمِنْ غَيْرِهِ.
وَبِالنَّظَرِ لِلْمُسْتَقْبِلَةِ لَا يَجُوزُ مِنْ الزَّوْجِ وَلَا مِنْ غَيْرِهِ وَأَمَّا بِالنَّظَرِ لِلْحَالَّةِ فَيَجُوزُ بِالنَّظَرِ لِلزَّوْجِ لَا لِغَيْرِهِ. كَمَا قَالَهُ الْبَابِلِيُّ وَالِاعْتِيَاضُ بِصِيغَةٍ وَبِشَرْطِ الْقَبْضِ فِي الْمَجْلِسِ خُرُوجًا مِنْ بَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ لِأَنَّهُ هُنَا بَيْعُ دَيْنٍ لِمَنْ هُوَ عَلَيْهِ وَمَا يَقَعُ فِي الْوَثَائِقِ مِنْ تَقْرِيرِ مِقْدَارٍ مُعَيَّنٍ عَلَيْهِ كُلَّ يَوْمٍ فَبَاطِلٌ إلَّا فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ فَقَطْ وَكَذَا فِي الْكِسْوَةِ إلَّا فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ مَا لَمْ يَحْكُمْ حَاكِمٌ يَرَى ذَلِكَ فَإِنْ حَكَمَ بِهِ ارْتَفَعَ الْخِلَافُ. فَرْعٌ: مِنْ النَّفَقَةِ مَاءُ الشُّرْبِ لِأَنَّهُ مِنْ الطَّعَامِ فَهُوَ تَمْلِيكٌ، وَهُوَ مُقَدَّرٌ بِالْكِفَايَةِ وَجِنْسِهِ مِنْ مَالِحٍ أَوْ عَذْبٍ مَا يَلِيقُ بِهِ بِعَادَةِ أَمْثَالِهِ ق ل.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ أَكَلَتْ) أَيْ قَدْرَ الْكِفَايَةِ لَا مُطْلَقًا وَإِلَّا وَجَبَتْ بِالتَّفَاوُتِ كَمَا رَجَّحَهُ الزَّرْكَشِيّ وَقَطَعَ بِهِ ابْنُ الْعِمَادِ وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: وَلَوْ أَكَلَتْ مَعَ الزَّوْجِ أَيْ وَهِيَ رَشِيدَةٌ أَوْ أَذِنَ وَلِيُّهَا وَعِبَارَةُ الْمَنْهَجِ وَتَسْقُطُ نَفَقَتُهَا بِأَكْلِهَا عِنْدَهُ كَالْعَادَةِ وَهِيَ رَشِيدَةٌ أَوْ أَذِنَ وَلِيُّهَا أَيْ فِي الْحُرَّةِ وَسَيِّدِهَا فِي الْأَمَةِ اهـ. وَلَوْ أَتْلَفَتْهُ قَبْلَ قَبْضِهَا لَهُ فَلَا تَسْقُطُ وَتَضْمَنُ مَا أَتْلَفَتْهُ وَلَوْ سَفِيهَةً أَمَّا لَوْ أَتْلَفَتْهُ بَعْدَ قَبْضِهِ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ فَلَا رُجُوعَ لَهَا بِشَيْءٍ وَتَسْقُطُ نَفَقَتُهَا. اهـ. ع ش عَلَى م ر. قَالَ ح ل: وَهَلْ مِثْلُ النَّفَقَةِ الْكِسْوَةُ فَإِذَا أَلْبَسَهَا ثَوْبًا وَلَمْ يُمَلِّكْهَا مَا تَشْتَرِي بِهِ كِسْوَةً أَوْ يَصْلُحُ لِلْكِسْوَةِ هَلْ تَسْقُطُ كَالنَّفَقَةِ أَوْ لَا قَالَ شَيْخُنَا: نَعَمْ اهـ. وَقَوْلُهُ: كَالْعَادَةِ أَيْ أَكْلًا كَالْعَادَةِ بِأَنْ تَتَنَاوَلَ كِفَايَتَهَا عَادَةً فَإِنْ أَكَلَتْ مَعَهُ دُونَ الْكِفَايَةِ طَالَبَتْهُ بِالتَّفَاوُتِ بَيْنَ مَا أَكَلَتْهُ وَكِفَايَتِهَا فِي أَكْلِهَا الْمُعْتَادِ وَيُعْرَفُ ذَلِكَ بِعَادَتِهَا فِي الْأَكْلِ بَقِيَّةَ الْأَيَّامِ.
وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ هَذِهِ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ وُجُوبِ إعْطَائِهَا النَّفَقَةِ وَقِيلَ بَيْنَ مَا أَكَلَتْهُ وَوَاجِبِهَا الشَّرْعِيِّ وَأُيِّدَ بِأَنَّ الْكِفَايَةَ الْمُعْتَادَةَ إنَّمَا تُعْتَبَرُ إذَا أَكَلَتْهَا وَحَيْثُ لَمْ تَأْكُلْهَا. فَالْوَاجِبُ الشَّرْعِيُّ بَاقٍ وَقَدْ اسْتَوْفَتْ بَعْضَهُ فَتَسْتَوْفِي الْبَاقِيَ ح ل. وَقَوْلُهُ: أَذِنَ وَلِيُّهَا أَيْ صَرِيحًا بِاللَّفْظِ وَلَا يَكْفِي عِلْمُهُ أَوْ رُؤْيَتُهُ وَإِنَّمَا اُكْتُفِيَ بِإِذْنِهِ مَعَ أَنَّ قَبْضَ غَيْرِ الْمُكَلَّفَةِ لَغْوٌ لِأَنَّ الزَّوْجَ بِإِذْنِهِ يَصِيرُ كَالْوَكِيلِ عَنْ الْوَلِيِّ فِي الْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ الْمَصْلَحَةِ فِي أَكْلِهَا مَعَهُ، وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ الْإِذْنُ وَالْمُرَادُ بِالْوَلِيِّ هُنَا وَلِيُّ الْمَالِ وَهَلْ يَنْقَطِعُ الْإِذْنُ بِمَوْتِهِ أَوْ لَا حُرِّرَ ق ل عَلَى الْجَلَالِ.
قَوْلُهُ: (لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ لِاكْتِفَاءِ الزَّوْجَاتِ بِهِ فِي الْأَعْصَارِ وَجَرَيَانِ النَّاسِ عَلَيْهِ فِيهَا اهـ. أَيْ الَّذِينَ مِنْ جُمْلَتِهِمْ الْمُجْتَهِدُونَ لِأَنَّ الْإِجْمَاعَ لَا يَكُونُ إلَّا مِنْهُمْ بِخِلَافِ غَيْرِهِمْ فَقَطْ لَا يُعْتَبَرُونَ أَفَادَهُ شَيْخُنَا.
قَوْلُهُ: (وَبَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ النَّبِيِّ وَقَوْلُهُ: بِنَفَقَةٍ بَعْدَهُ أَيْ بَعْدَ الْأَكْلِ مَعَ الزَّوْجِ.
قَوْلُهُ: (فَلَا تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا) أَيْ وَلَا مُطَالَبَةَ لَهُ إنْ كَانَ رَشِيدًا وَلَمْ يَقْصِدْ أَنَّهُ عَنْ النَّفَقَةِ وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ سَفِيهًا أَوْ كَانَ رَشِيدًا أَوْ قَصَدَ أَنَّهُ عَنْ النَّفَقَةِ فَلِوَلِيِّهِ الرُّجُوعُ فِي الْأُولَى وَيُحْسَبُ عَلَيْهَا مِنْ النَّفَقَةِ فِي الثَّانِيَةِ وَيُصَدَّقُ بِلَا يَمِينٍ فِي قَصْدِهِ ذَلِكَ إنْ أَنْكَرَتْهُ وَادَّعَتْ نَحْوَ الْهَدِيَّةِ كَمَا فِي الْمَهْرِ وَالْكِسْوَةِ كَالنَّفَقَةِ بِرْمَاوِيٌّ وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر.
كَمُشْطٍ وَدُهْنٍ يُسْتَعْمَلُ فِي تَرْجِيلِ شَعَرِهَا. وَمَا يُغْسَلُ بِهِ الرَّأْسُ مِنْ سِدْرٍ أَوْ خِطْمِيٍّ عَلَى حَسَبِ الْعَادَةِ وَمَرْتَكٍ وَنَحْوِهِ لِدَفْعِ صُنَانٍ إذَا لَمْ يَنْدَفِعْ بِدُونِهِ كَمَاءٍ وَتُرَابٍ وَلَا يَجِبُ لَهَا عَلَيْهِ كُحْلٌ وَلَا طِيبٌ وَلَا خِضَابٌ وَلَا مَا تَتَزَيَّنُ بِهِ. فَإِنْ هَيَّأَهُ لَهَا
ــ
[حاشية البجيرمي]
وَلَوْ اخْتَلَفَ الزَّوْجَانِ فَقَالَتْ: قَصَدْتَ التَّبَرُّعَ فَقَالَ: بَلْ قَصَدْتُ كَوْنَهُ عَنْ النَّفَقَةِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ كَمَا لَوْ دَفَعَ لَهَا شَيْئًا ثُمَّ ادَّعَى كَوْنَهُ عَنْ الْمَهْرِ وَادَّعَتْ هِيَ الْهَدِيَّةَ اهـ بِحُرُوفِهِ. قَوْلُهُ: (وَيَكُونُ الزَّوْجُ مُتَطَوِّعًا) فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ إنْ كَانَ غَيْرَ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ وَإِنْ قَصَدَ بِهِ جَعْلَهُ عَنْ نَفَقَتِهَا وَإِلَّا فَلِوَلِيِّهِ ذَلِكَ أَيْ الرُّجُوعُ عَلَيْهَا كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ. اهـ. م ر.
قَوْلُهُ: (وَيَجِبُ لَهَا آلَةُ تَنْظِيفٍ) وَإِنْ غَابَ عَنْهَا غَيْبَةٌ طَوِيلَةٌ كَمَا فِي الْحَاضِرِ عَلَى الرَّاجِحِ مِنْ احْتِمَالَيْنِ لِلْأَذْرَعِيِّ. اهـ. شَوْبَرِيٌّ.
وَقَدْ يُتَأَمَّلُ فِيهِ فَإِنَّ التَّنْظِيفَ إنَّمَا يُطْلَبُ لِأَجْلِ الزَّوْجِ كَمَا فِي ع ش فَرَاجِعْهُ قَالَ م د: وَمِنْ آلَةِ التَّنْظِيفِ اللِّبَانَةُ الَّتِي تَنْتِفُ بِهَا الْعَانَةَ.
قَوْلُهُ: (وَذَلِكَ كَمُشْطٍ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ ثَانِيهِ أَوْ ضَمِّهِ وَبِكَسْرِ أَوَّلِهِ مَعَ سُكُونِ ثَانِيهِ اهـ. قَالَ الْقَفَّالُ: وَخَلَّالٌ وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ السِّوَاكَ كَذَلِكَ بِالْأَوْلَى حَجّ.
قَوْلُهُ: (وَدُهْنٍ) أَيْ وَلَوْ لِجَمِيعِ بَدَنِهَا وَيُتْبَعُ فِي الدُّهْنِ عُرْفُ بَلَدِهَا فَإِنْ ادَّهَنَ أَهْلُهُ بِزَيْتٍ كَالشَّامِ أَوْ شَيْرَجٍ كَالْعِرَاقِ أَوْ سَمْنٍ كَالْحِجَازِ أَوْ زَيْتٍ مُطَيَّبٍ بِبَنَفْسَجٍ أَوْ وِرْدٍ وَجَبَ وَيُرْجَعُ فِي مِقْدَارِهِ إلَى كِفَايَتهَا كُلَّ أُسْبُوعٍ. وَيَجِبُ لَهَا زَيْتُ السِّرَاجِ بِأَوَّلِ اللَّيْلِ، وَلَهَا إبْدَالُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِعَدَمِ اسْتِعْمَالِهِ، كَمَنْ تَنَامُ صَيْفًا بِنَحْوِ سَطْحٍ وَقَضِيَّةُ تَقْيِيدِهِمْ بِأَوَّلِ اللَّيْلِ يَقْتَضِي عَدَمَ وُجُوبِهِ كُلَّ اللَّيْلِ إذَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِإِسْرَاجٍ كُلَّ اللَّيْلِ، وَيُمْكِنُ تَوْجِيهُهُ بِأَنَّهُ خِلَافُ السُّنَّةِ إذْ يُسَنُّ إطْفَاؤُهُ عِنْدَ النَّوْمِ وَالْأَقْرَبُ وُجُوبُهُ عَمَلًا بِالْعَادَةِ وَإِنْ كَانَ مَكْرُوهًا كَوُجُوبِ الْحَمَّامِ لِمَا اعْتَادَتْهُ.
وَمَحِلُّ الْكَرَاهَةِ حَيْثُ لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَى دُخُولِهَا رُؤْيَةُ عَوْرَةِ غَيْرِهَا أَوْ عَكْسُهُ وَإِلَّا حَرُمَ وَعَلَى الزَّوْجِ أَنْ يَأْمُرَهَا حِينَئِذٍ بِتَرْكِهِ كَبَقِيَّةِ الْمُحَرَّمَاتِ، فَإِنْ أَبَتْ إلَّا الدُّخُولَ لَمْ يَمْنَعْهَا وَيَأْمُرُهَا بِسَتْرِ الْعَوْرَةِ وَالْغَضِّ عَنْ رُؤْيَةِ عَوْرَةِ غَيْرِهَا. اهـ. ع ش عَلَى م ر وَفِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ أَنَّ دُخُولَ الْحَمَّامِ جَائِزٌ لَهُنَّ بِلَا كَرَاهَةٍ حَيْثُ لَا رِيبَةَ وَلَا مَعْصِيَةَ.
قَوْلُهُ: (عَلَى حَسَبِ الْعَادَةِ) وَلَوْ كَانَتْ مِنْ وُجُوهِ النَّاسِ بِحَيْثُ اقْتَضَتْ عَادَةُ مِثْلِهَا إخْلَاءَ الْحَمَّامِ لَهَا وَجَبَ عَلَيْهِ إخْلَاؤُهُ، كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَأَفْتَى فِيمَنْ يَأْتِي أَهْلَهُ فِي الْبَرْدِ وَيَمْتَنِعُ مِنْ بَذْلِ أُجْرَةِ الْحَمَّامِ، وَلَا يُمْكِنُهَا الْغُسْلَ فِي الْبَيْتِ لِخَوْفِ نَحْوِ هَلَاكٍ بِعَدَمِ جَوَازِ امْتِنَاعِهَا مِنْهُ.
وَلَوْ عَلِمَ أَنَّهُ مَتَى وَطِئَهَا لَا تَغْتَسِلُ وَقْتَ الصُّبْحِ وَتَفُوتُهَا لَمْ يَحْرُمْ عَلَيْهِ وَطْؤُهَا كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَيَأْمُرُهَا بِالْغُسْلِ وَقْتَ الصَّلَاةِ اهـ م ر. قَوْلُهُ: (أَوْ خِطْمِيٍّ) بِكَسْرِ الْخَاءِ مَا يُغْسَلُ بِهِ الرَّأْسُ مُخْتَارٌ. قَوْلُهُ: (وَمَرْتَكٍ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَكَسْرِهِ وَهُوَ مُعَرَّبٌ بِرْمَاوِيٌّ قَالَ الدَّمِيرِيُّ أَصْلُهُ مِنْ الرَّصَاصِ يَقْطَعُ رَائِحَةَ الْإِبِطِ لِأَنَّهُ يَحْبِسُ الْعَرَقَ أَيْ يُذْهِبَهُ وَإِنْ طُرِحَ فِي الْخَلِّ أَبْدَلَ حُمُوضَتَهُ حَلَاوَةً اهـ. وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: مَنْ مَلَأَ الْكَفَّيْنِ مِنْ قِشْرِ الْبُنْدُقِ وَوَضَعَهُ فِي وِعَاءٍ وَحَطَّ عَلَيْهِ مَاءً غَمَرَهُ وَتَرَكَهُ فِي الْمَاءِ مِنْ الْعِشَاءِ إلَى الصَّبَاحِ، ثُمَّ يَغْلِي الْمَاءَ وَالْقِشْرَ حَتَّى يَصِيرَ الْمَاءُ أَحْمَرَ كَالْعُنَّابِ ثُمَّ يُصَفِّي الْمَاءَ عَنْ الْقِشْرِ وَيَغْسِلُ إبِطَيْهِ بِمَاءٍ بَارِدٍ وَيَمْسَحُهُمَا بِخِرْقَةٍ ثُمَّ يَغْسِلُ عَلَيْهِ بِمَاءِ الْبُنْدُقِ الْمَغْلِيِّ وَيَرْفَعُهُمَا فِي الْهَوَاءِ حَتَّى يَنْشَفَا يَفْعَلُ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَإِنَّهُ يَعِيشُ إلَى آخِرِ عُمْرِهِ لَا يُشَمُّ لَهُ رَائِحَةُ صُنَانٍ وَلَا عَرَقٍ إلَّا رَائِحَةً كَرَائِحَةِ الْمِسْكِ الْأَذْفَرِ. قَوْلُهُ:(وَنَحْوِهِ) أَيْ كَإِسْفِيذَاجَ وَتُوتِيَاءَ وَرَاسُخْتَ.
قَوْلُهُ: (إذَا لَمْ يَنْدَفِعْ بِدُونِهِ) أَيْ بِأَنْ تَعَيَّنَ لِدَفْعِهِ أَمَّا إذَا لَمْ يَتَعَيَّنْ، كَأَنْ كَانَ يَنْدَفِعُ بِمَاءٍ وَتُرَابٍ فَلَا يَجِبُ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَيُشْبِهُ أَنْ يَخْتَلِفَ بِاخْتِلَافِ الرُّتْبَةِ حَتَّى يَجِبَ الْمَرْتَكُ. وَنَحْوُهُ لِلشَّرِيفَةِ وَإِنْ كَانَ التُّرَابُ يَقُومُ مَقَامَهُ إذَا لَمْ تَعْتَدَّهُ وَمَا بَحَثَهُ ظَاهِرٌ وَرَجَّحَهُ وَالِدُ شَيْخِنَا. اهـ. شَوْبَرِيٌّ.
قَوْلُهُ: (كَمَاءٍ وَتُرَابٍ) أَيْ أَوْ رَمَادٍ وَلَوْ مِنْ سِرْجِينٍ وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ التَّضَمُّخِ بِالنَّجَاسَةِ لِأَنَّ ذَلِكَ مَحِلُّهُ إذَا تَضَمَّخَ بِهَا عَبَثًا. اهـ. ع ش عَلَى م ر. وَلِلزَّوْجِ مَنْعُهَا مِنْ تَعَاطِي الثُّومِ وَمَا لَهُ رَائِحَةٌ كَرِيهَةٌ عَلَى الْأَظْهَرِ. وَلَهُ مَنْعُهَا مِنْ تَنَاوُلِ السَّمُومِ بِلَا خِلَافٍ وَلِكُلِّ أَحَدٍ الْمَنْعُ وَكَذَا لِلزَّوْجِ مَنْعُهَا مِنْ كُلِّ مَا يَخَافُ مِنْهُ حُدُوثَ مَرَضٍ عَلَى الْأَصَحِّ. شَرْحُ الْمَنُوفِيِّ وَعِبَارَةُ ق ل وَلَهُ مَنْعُهَا مِنْ أَكْلِ ذِي رِيحٍ كَرِيهٍ أَوْ لُبْسِهِ مَثَلًا وَنَحْوَ ذَلِكَ وَإِنَّ خَالَفَتْ نَشَزَتْ.
قَوْلُهُ: (وَلَا مَا تَتَزَيَّنُ بِهِ) وَمِنْهُ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ اسْتِعْمَالِ الْوَرْدِ وَنَحْوِهِ فِي الْأَصْدَاغِ وَنَحْوِهَا لِلنِّسَاءِ فَلَا يَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ لَكِنْ إذَا أَحْضَرَهُ لَهَا وَجَبَ عَلَيْهَا اسْتِعْمَالُهُ إذَا طَلَبَ تَزَيُّنَهَا بِهِ. اهـ. ع ش عَلَى م ر. وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ فَإِنْ
وَجَبَ عَلَيْهَا اسْتِعْمَالُهُ وَلَا يَجِبُ لَهَا عَلَيْهِ دَوَاءُ مَرَضٍ وَلَا أُجْرَةُ طَبِيبٍ وَحَاجِمٍ وَنَحْوُ ذَلِكَ كَفَاصِدٍ وَخَاتِنٍ لِأَنَّ ذَلِكَ لِحِفْظِ الْأَصْلِ وَيَجِبُ لَهَا طَعَامُ أَيَّامِ الْمَرَضِ وَأُدْمُهَا لِأَنَّهَا مَحْبُوسَةٌ عَلَيْهِ وَلَهَا صَرْفُهُ فِي الدَّوَاءِ وَنَحْوِهِ.
وَيَجِبُ لَهَا أُجْرَةُ حَمَّامٍ بِحَسَبِ الْعَادَةِ إنْ كَانَ عَادَتُهَا دُخُولَهُ لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ عَمَلًا بِالْعُرْفِ، وَذَلِكَ فِي كُلِّ شَهْرٍ مَرَّةً كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ. فَتَخْرُجُ مِنْ دَنَسِ الْحَيْضِ الَّذِي يَكُونُ فِي كُلِّ شَهْرٍ مَرَّةً غَالِبًا وَيَنْبَغِي كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: أَنْ يُنْظَرَ فِي ذَلِكَ لِعَادَةِ مِثْلِهَا. وَيَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْبِلَادِ حَرًّا وَبَرْدًا.
وَيَجِبُ لَهُمَا ثَمَنُ مَاءِ غُسْلِ جِمَاعٍ وَنِفَاسٍ مِنْ الزَّوْجِ إنْ احْتَاجَتْ لِشِرَائِهِ لَا مَاءِ غُسْلٍ مِنْ حَيْضٍ وَاحْتِلَامٍ إذْ لَا صُنْعَ مِنْهُ وَيَجِبُ لَهَا آلَاتُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَآلَاتُ طَبْخٍ كَقِدْرٍ وَقَصْعَةٍ وَكُوزٍ وَجَرَّةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ، مِمَّا لَا غِنَى لَهَا عَنْهُ كَمِغْرَفَةٍ وَمَا تَغْسِلُ فِيهِ ثِيَابَهَا. وَيَجِبُ لَهَا عَلَيْهِ تَهْيِئَةُ مَسْكَنٍ لِأَنَّ الْمُطَلَّقَةَ يَجِبُ لَهَا
ــ
[حاشية البجيرمي]
أَرَادَ الزِّينَةَ بِهِ هَيَّأَهُ لَهَا فَتَتَزَيَّنُ بِهِ اهـ أَيْ يَجِبُ عَلَيْهَا ذَلِكَ وَقَضِيَّةُ التَّعْبِيرِ بِأَرَادَ أَنَّهُ لَا يُتَوَقَّفُ عَلَى طَلَبِ اسْتِعْمَالِهِ مِنْهَا صَرِيحًا بَلْ يَكْفِي فِي اللُّزُومِ الْقَرِينَةُ. اهـ. ع ش.
قَوْلُهُ: (لِحِفْظِ الْأَصْلِ) أَيْ فَلَا يَجِبُ كَمَا لَا يَجِبُ عِمَارَةُ الدَّارِ الْمُسْتَأْجَرَةِ.
وَأَمَّا آلَةُ التَّنْظِيفِ فَإِنَّهَا نَظِيرُ غَسْلِ الدَّارِ وَكَنْسِهَا وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مَا تَحْتَاجُ إلَيْهِ الْمَرْأَةُ بَعْدَ الْوِلَادَةِ لِمَا يُزِيلُ مَا يُصِيبُهَا مِنْ الْوَجَعِ الْحَاصِلِ فِي بَطْنِهَا وَنَحْوِهِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مِنْ الدَّوَاءِ وَكَذَا مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ، مِنْ عَمَلِ الْعَصِيدَةِ وَاللَّبَابَةِ وَنَحْوِهَا مِمَّا جَرَتْ بِهِ عَادَتُهُنَّ لِمَنْ يَجْتَمِعُ عِنْدَهَا مِنْ النِّسَاءِ فَلَا يَجِبُ، لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ النَّفَقَةِ بَلْ وَلَا مِمَّا تَحْتَاجُ إلَيْهِ الْمَرْأَةُ أَصْلًا وَلَا نَظَرَ لِتَأَذِّيهَا بِتَرْكِهِ فَإِنْ أَرَادَتْهُ فَعَلَتْهُ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهَا ع ش عَلَى م ر.
قَوْلُهُ: (مِنْ دَنَسِ الْحَيْضِ) أَيْ أَوْ النِّفَاسِ. وَوَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ عَمَّا لَوْ انْقَطَعَ دَمُ النِّفَاسِ قَبْلَ مُجَاوَزَةِ غَالِبِهِ أَوْ أَكْثَرِهِ فَأَخَذَتْ أُجْرَةَ الْحَمَّامِ وَاغْتَسَلَتْ ثُمَّ عَادَ عَلَيْهَا الدَّمُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ إبْدَالُ الْأُجْرَةِ لِتَبَيُّنِ أَنَّهُ مِنْ بَقَايَا الْأَوَّلِ وَعُذْرِهَا فِي ذَلِكَ أَمْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ. وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنْ يُقَالَ: لَا يَجِبُ إبْدَالُهُ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ دَفَعَ لَهَا مَا تَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ الْكِسْوَةِ وَنَحْوِهَا وَتَلِفَ قَبْلَ مُضِيِّ زَمَنٍ تُجَدَّدُ فِيهِ عَادَةً حَيْثُ لَا يُبَدَّلُ اهـ. ع ش عَلَى م ر قَوْلُهُ: (ثُمَّ مَاءِ غُسْلِ) وَيُتَّجَهُ أَنَّ الْوَاجِبَ بِالْأَصَالَةِ الْمَاءُ لَا ثَمَنُهُ م ر فَالتَّعْبِيرُ بِالْمَاءِ أَوْلَى مِنْ التَّعْبِيرِ بِثَمَنِ الْمَاءِ. لِأَنَّ الْمَاءَ هُوَ الْوَاجِبُ أَصَالَةً وَلَهُ إجْبَارُهَا عَلَى قَبُولِهِ، وَلَهُ دَفْعُ ثَمَنِهِ بِرِضَاهُ.
وَكَذَا كُلُّ مَا وَجَبَ لَهَا مِمَّا ذُكِرَ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ ق ل عَلَى الْجَلَالِ.
قَوْلُهُ: (وَنِفَاسٍ مِنْ الزَّوْجِ) : عِبَارَةُ الْمَنْهَجِ وَثَمَنُ مَاءِ غُسْلٍ بِسَبَبِهِ أَيْ الزَّوْجِ كَوَطْئِهِ وَوِلَادَتِهَا مِنْهُ بِخِلَافِ الْحَيْضِ وَالِاحْتِلَامِ لِأَنَّ الْحَاجَةَ إلَيْهِ فِي الْأَوَّلِ مِنْ قِبَلِ الزَّوْجِ بِخِلَافِهَا فِي الثَّانِي. وَيُقَاسَ بِذَلِكَ مَاءُ الْوُضُوءِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ بِمَسِّهِ وَأَنْ يَكُونَ بِغَيْرِهِ اهـ وَقَوْلُهُ: وَوِلَادَتُهَا مِنْهُ أَيْ لَا مِنْ زِنًا وَلَوْ مُكْرَهَةً وَلَا مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ وَعَلَى الزَّوْجِ أُجْرَةُ الْقَابِلَةِ وَقَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْحَيْضِ وَالِاحْتِلَامِ وَمِثْلُهُمَا مَا لَوْ أَدْخَلَتْ ذَكَرَهُ فِي نَحْوِ نَوْمٍ كَإِغْمَاءٍ وَإِنْ حَبِلَتْ لِعَدَمِ فِعْلِهِ اهـ. وَيَلْحَقُ بِمَاءِ الْوُضُوءِ مَاءُ غَسْلِ نَجَاسَةٍ وَلَا بِغَيْرِ سَبَبِهِ وَلَا يَجِبُ مَاءُ طَهَارَةٍ مَنْدُوبَةٍ.
قَوْلُهُ: (وَاحْتِلَامٍ) وَأُلْحِقَ بِهِ اسْتِدْخَالُهَا لِذَكَرِهِ وَهُوَ نَائِمٌ، أَوْ مُغْمًى عَلَيْهِ كَمَا اقْتَضَاهُ تَعْلِيلُهُمْ لِانْتِفَاءِ صُنْعِهِ كَغُسْلِ زِنَاهَا وَلَوْ مُكْرَهَةً وَوِلَادَتُهَا مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ فَمَاءُ هَذِهِ عَلَيْهَا دُونَ الْوَاطِئِ وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ الْعِلَّةَ مُرَكَّبَةٌ مِنْ كَوْنِهِ زَوْجًا وَبِفِعْلِهِ شَرْحُ م ر.
قَوْلُهُ: (آلَاتُ أَكْلٍ) أَيْ اللَّائِقُ بِهِ وَلَا يُعْتَبَرُ حَالُهَا اهـ. وَلَهَا أَنْ تُطَالِبَ بِجَمِيعِ مَا وَجَبَ لَهَا عَلَيْهِ وَلَوْ بِالْحَاكِمِ وَلَوْ بَعْدَ فِرَاقِهَا وَلَا يَسْقُطُ لَوْ تَبَرَّعَتْ بِهِ مِنْ مَالِهَا وَلَوْ انْكَسَرَ شَيْءٌ مَثَلًا لَمْ يَجِبْ إبْدَالُهُ إلَّا فِي وَقْتٍ جَرَتْ الْعَادَةُ بِإِبْدَالِهِ اهـ. ق ل.
قَوْلُهُ: (وَشُرْبٍ) بِتَثْلِيثِ أَوَّلِهِ أَوْ هُوَ بِالْفَتْحِ مَصْدَرٌ وَبِكُلٍّ مِنْ الْأَخِيرَيْنِ اسْمٌ اهـ. قَامُوسٌ فَاقْتِصَارُ الزَّرْكَشِيّ عَلَى الْفَتْحِ وَبِهِ قَيَّدَ حَدِيثَ «أَيَّامُ مِنًى أَيَّامُ أَكْلٍ وَشَرْبٍ» إنَّمَا يَأْتِي عَلَى الثَّانِي شَرْحُ التُّحْفَةِ، لِحَجٍّ وَاقْتَصَرَ فِي الْمِصْبَاحِ عَلَى الْفَتْحِ وَالضَّمِّ ثُمَّ قَالَ: وَالشِّرْبُ بِالْكَسْرِ النَّصِيبُ اهـ.
قَالَ ح ل: وَالْمَشْرُوبُ تَمْلِيكٌ لَا إمْتَاعٌ قَوْلُهُ: (وَقَصْعَةٍ) بِفَتْحِ الْقَافِ جَمْعُهَا قُصُعٌ مِثْلُ بَدْرَةٍ وَبُدُرٍ وَقِصَاعٌ أَيْضًا مِثْلُ كَلْبَةٍ وَكِلَابٍ وَقَصَعَاتٌ مِثْلُ سَجْدَةٍ وَسَجَدَاتٍ وَهِيَ عَرَبِيَّةٌ وَقِيلَ مُعَرَّبَةٌ اهـ. مِصْبَاحٌ، وَفِي الْمَثَلِ: لَا تُفْتَحُ الْخِزَانَةُ وَلَا تُكْسَرُ الْقَصْعَةُ. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ. قَوْلُهُ: (كَمِغْرَفَةٍ) الْمِغْرَفَةُ بِالْكَسْرِ مَا يُغْرَفُ بِهِ الطَّعَامُ وَالْجَمْعُ مَغَارِفُ اهـ. مُخْتَارٌ ع ش قَوْلُهُ: (وَمَا تَغْسِلُ فِيهِ ثِيَابَهَا) أَوْ تَغْسِلُ بِهِ ثِيَابَهَا ظَاهِرُهُ
ذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَسْكِنُوهُنَّ} [الطلاق: 6] فَالزَّوْجَةُ أَوْلَى وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْمَسْكَنُ يَلِيقُ بِهَا عَادَةً؛ لِأَنَّهَا لَا تَمْلِكُ الِانْتِقَالَ مِنْهُ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْمَسْكَنِ كَوْنُهُ مِلْكَهُ.
(وَإِنْ كَانَتْ) تِلْكَ الزَّوْجَةُ (مِمَّنْ يُخْدَمُ مِثْلُهَا) بِأَنْ كَانَتْ مِمَّنْ تُخْدَمُ فِي بَيْتِ أَبِيهَا
ــ
[حاشية البجيرمي]
وَإِنْ تَهَاوَنَتْ فِي سَبَبِ ذَلِكَ وَتَكَرَّرَ مِنْهَا وَخَالَفَتْ عَادَةَ أَمْثَالِهَا وَهُوَ ظَاهِرٌ لَا مَانِعَ مِنْهُ وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَهُ مَا لَوْ كَثُرَ الْوَسَخُ فِي بَدَنِهَا لِكَثْرَةِ نَحْوِ عَرَقِهَا مُخَالِفًا لِلْعَادَةِ لِأَنَّ إزَالَتَهُ مِنْ التَّنْظِيفِ وَهُوَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ ع ش عَلَى م ر.
تَنْبِيهٌ: جَمِيعُ مَا وَجَبَ لَهَا مِمَّا مَرَّ إذَا دَفَعَهُ لَهَا يَجُوزُ أَنْ تَمْنَعَهُ مِنْ اسْتِعْمَالِهِ وَلَوْ فِي نَحْوِ أَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ أَيْ فَلَوْ خَالَفَ وَاسْتَعْمَلَهُ بِنَفْسِهِ لَزِمَتْهُ الْأُجْرَةُ وَأَرْشُ مَا نَقَصَ وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا كُلَّهُ فِي الرَّشِيدَةِ وَأَمَّا غَيْرُهَا مِنْ سَفِيهَةٍ وَصَغِيرَةٍ فَيَحْرُمُ عَلَى وَلِيِّهَا تَمْكِينُ الزَّوْجِ مِنْ التَّمَتُّعِ بِأَمْتِعَتِهَا لِمَا فِيهِ مِنْ التَّضْيِيعِ عَلَيْهَا وَأَمَّا مَا يَقَعُ كَثِيرًا مِنْ طَبْخِهَا مَا يَأْتِي بِهِ الزَّوْجُ فِي الْآلَاتِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِهَا وَأَكْلِ الطَّعَامِ فِيهَا وَتَقْدِيمِهَا لِلزَّوْجِ أَوْ لِمَنْ يَحْضُرُ عِنْدَهُ فَلَا أُجْرَةَ لَهَا عَلَيْهِ فِي مُقَابَلَةِ ذَلِكَ لِإِتْلَافِهَا الْمَنْفَعَةَ بِنَفْسِهَا.
وَلَوْ أَذِنَ لَهَا فِي ذَلِكَ كَمَا لَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ: اغْسِلْ ثَوْبِي وَلَمْ يَذْكُرْ لَهُ أُجْرَةً بَلْ هُوَ أَوْلَى لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِهِ كَثِيرًا بِخِلَافِ مَا لَوْ اشْتَغَلَ، بِأَخْذِ ذَلِكَ بِلَا إذْنٍ مِنْهَا فَيَلْزَمُهُ الْأُجْرَةُ، لِاسْتِعْمَالِ مِلْكِ الْغَيْرِ بِلَا إذْنٍ وَمِثْلُ ذَلِكَ يُقَالُ: فِي الْفِرَاشِ الْمُتَعَلِّقُ بِهَا اهـ. ع ش عَلَى م ر قَوْلُهُ: (وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْمَسْكَنُ يَلِيقُ بِهَا عَادَةً) أَيْ بِحَيْثُ تَأْمَنُ فِيهِ عَلَى نَفْسِهَا وَمَالِهَا وَإِنْ قَلَّ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ لَهَا بِمُؤْنِسَةٍ حَيْثُ أَمِنَتْ عَلَى نَفْسِهَا، فَلَوْ لَمْ تَأْمَنْ أَبْدَلَ لَهَا الْمَسْكَنَ بِمَا تَأْمَنُ عَلَى نَفْسِهَا فِيهِ، فَتَنَبَّهْ لَهُ فَإِنَّهُ يَقَعُ فِيهِ الْغَلَطُ كَثِيرًا. اهـ. ع ش عَلَى م ر. وَالْقَاعِدَةُ أَنَّ مَا كَانَ تَمْلِيكًا كَالنَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ وَالْأَوَانِي يُرَاعَى فِيهِ حَالُ الزَّوْجِ وَمَا كَانَ إمْتَاعًا كَالْمَسْكَنِ وَالْخَادِمِ، يُرَاعَى فِيهِ حَالُ الزَّوْجَةِ. اهـ. م د وَقَدْ نَظَّمَ بَعْضُهُمْ ذَلِكَ فَقَالَ:
مَا كَانَ إمْتَاعًا كَمَسْكَنٍ وَجَبَ
…
لِمَرْأَةٍ فَرَاعِ حَالَهَا تُثَبْ
وَإِنْ يَكُنْ تَمَلُّكًا كَالْكِسْوَةِ
…
فَحَالُ زَوْجٍ رَاعِهِ لَا الزَّوْجَةِ
قَوْلُهُ: (يَلِيقُ بِهَا عَادَةً) مِنْ دَارٍ أَوْ حُجْرَةٍ أَوْ غَيْرِهِمَا كَشَعْرٍ أَوْ صُوفٍ أَوْ خَشَبٍ أَوْ قَصَبٍ وَإِنْ كَانَتْ مِنْ قَوْمٍ لَا يَعْتَادُونَ السُّكْنَى وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ اُعْتُبِرَ بِحَالِهَا بِخِلَافِ النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ حَيْثُ اعْتَبَرْنَا بِحَالِهِ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِيهِ التَّمْلِيكُ، وَفِيهِ الْإِمْتَاعُ، وَلِأَنَّهُمَا إذَا لَمْ يَلِيقَا بِهَا يُمْكِنُهَا إبْدَالُهُمَا بِلَائِقٍ فَلَا إضْرَارَ بِخِلَافِ الْمَسْكَنِ، فَإِنَّهَا مُلْزَمَةٌ بِمُلَازَمَتِهِ فَاعْتُبِرَ بِحَالِهَا شَرْحُ الْمَنْهَجِ.
وَقَوْلُهُ: بِحَالِهِ أَيْ حَالِ إعْسَارِهِ وَغَيْرِهِ فَلَا يُعَارِضُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ اعْتِبَارِ مَحِلِّ الزَّوْجَةِ فِي جِنْسِ النَّفَقَةِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ وَلِلزَّوْجِ نَقْلُ الزَّوْجَةِ مِنْ بَلَدٍ إلَى بَادِيَةٍ حَيْثُ لَاقَتْ بِهَا وَإِنْ خَشُنَ عَيْشُهَا لِأَنَّ لَهَا عَلَيْهِ نَفَقَةٌ مُقَدَّرَةٌ، لَا تَزِيدُ وَلَا تَنْقُصُ وَأَمَّا خُشُونَةُ الْعَيْشِ فَيُمْكِنُهَا الْخُرُوجُ عَنْهُ بِالْإِبْدَالِ، وَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا مِنْ نَحْوِ غَزْلٍ إلَّا وَقْتَ اسْتِمْتَاعِهِ وَلَا سَدِّ طَاقَاتِ الْمَسْكَنِ إلَّا لِرِيبَةٍ أَوْ نَظَرِ أَجْنَبِيٍّ فَيَجِبُ سَدُّهَا وَلَهُ مَنْعُ نَحْوِ أَبَوَيْهَا وَوَلَدِهَا مِنْ دُخُولِهِ وَإِنْ اخْتَصَرَتْ حَيْثُ كَانَ عِنْدَهَا مَنْ يَقُومُ بِتَمْرِيضِهَا إلَّا خَادِمَهَا وَلَهُ مَنْعُهَا مِنْ الْخُرُوجِ وَلَوْ لِمَرَضِ أَبَوَيْهَا أَوْ وَلَدِهَا أَوْ لِمَوْتِهِمْ ق ل.
قَوْلُهُ: (كَوْنُهُ مِلْكَهُ) بَلْ يَكْفِي كَوْنُهُ مُكْتَرًى أَوْ مُعَارًا وَمِنْهُ مَا لَوْ سَكَنَ مَعَهَا فِي مِلْكِهَا أَوْ فِي مِلْكِ نَحْوِ أَبِيهَا نَعَمْ إنْ سَكَنَ فِي ذَلِكَ بِغَيْرِ إذْنٍ وَلَا مَنْعٍ مِنْ خُرُوجِهِ لَزِمَتْهُ الْأُجْرَةُ اهـ ق ل.
قَوْلُهُ: (تِلْكَ الزَّوْجَةُ) أَيْ الْمُمَكِّنَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ فِي قَوْلِهِ: وَنَفَقَةُ الزَّوْجَةِ الْمُمَكِّنَةِ أَيْ الْحُرَّةِ مُسْلِمَةً كَانَتْ أَوْ لَا وَقَوْلُهُ: مِمَّنْ يُخْدَمُ مِثْلُهَا أَيْ وَإِنْ لَمْ تُخْدَمْ بِالْفِعْلِ فِي بَيْتِ أَبِيهَا لِشُحٍّ مَثَلًا كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا. وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَا يُخْدَمُ فِي بَيْتِ أَبَوَيْهَا لَكِنْ هَذِهِ خُدِمَتْ فِيهِ بِالْفِعْلِ لَا يَجِبُ إخْدَامُهَا ح ل.
قَوْلُهُ: (فِي بَيْتِ أَبِيهَا) فَلَوْ ارْتَفَعَتْ بِالِانْتِقَالِ إلَى الزَّوْجِ بِحَيْثُ صَارَ يَلِيقُ بِحَالِهَا فِي بَيْتِ الزَّوْجِ الْخَادِمُ لَمْ يَجِبْ، صَرَّحَ بِهِ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ فِي تَعْلِيقِهِ وَأَقَرَّهُ فِي الرَّوْضَةِ. وَالْوَاجِبُ خَادِمٌ وَاحِدٌ وَلَوْ ارْتَفَعَتْ مَرْتَبَتُهَا وَيُشْتَرَطُ كَوْنُ الْخَادِمِ امْرَأَةً أَوْ صَبِيًّا أَوْ مَحْرَمًا شَرْحُ الْمَنُوفِيِّ. وَقَوْلُهُ:
لِكَوْنِهَا لَا يَلِيقُ بِهَا خِدْمَةُ نَفْسِهَا (فَعَلَيْهِ إخْدَامُهَا) لِأَنَّهُ مِنْ الْمُعَاشَرَةِ بِالْمَعْرُوفِ وَذَلِكَ إمَّا بِحُرَّةٍ أَوْ أَمَةٍ لَهُ أَوْ لَهَا. أَوْ مُسْتَأْجَرَةٍ أَوْ بِالْإِنْفَاقِ عَلَى مَنْ صَحِبَتْهَا مِنْ حُرَّةٍ أَوْ أَمَةٍ لِخِدْمَةٍ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِجَمِيعِ ذَلِكَ. وَسَوَاءٌ فِي وُجُوبِ الْإِخْدَامِ مُوسِرٌ وَمُتَوَسِّطٌ وَمُعْسِرٌ وَمُكَاتَبٌ وَعَبْدٌ كَسَائِرِ الْمُؤَنِ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ الْمُعَاشَرَةِ بِالْمَعْرُوفِ الْمَأْمُورِ بِهَا فَإِنْ أَخْدَمَهَا الزَّوْجُ بِحُرَّةٍ أَوْ أَمَةٍ بِأُجْرَةٍ فَلَيْسَ عَلَيْهِ غَيْرُ الْأُجْرَةِ وَإِنْ أَخْدَمَهَا بِأَمَتِهِ أَنْفَقَ عَلَيْهَا بِالْمِلْكِ وَإِنْ أَخْدَمَهَا بِمَنْ صَحِبَتْهَا حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً لَزِمَهُ نَفَقَتُهَا وَفِطْرَتُهَا.
فَائِدَةٌ: الْخَادِمُ يُطْلَقُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَفِي لُغَةٍ قَلِيلَةٍ يُقَالُ لِلْأُنْثَى خَادِمَةٌ وَجِنْسُ طَعَامِ الْخَادِمِ جِنْسُ طَعَامِ الزَّوْجَةِ. وَقَدْ مَرَّ وَهُوَ مُدٌّ عَلَى الْمُعْسِرِ جَزْمًا وَعَلَى الْمُتَوَسِّطِ عَلَى الْأَصَحِّ قِيَاسًا عَلَى الْمُعْسِرِ وَعَلَى الْمُوسِرِ مُدٌّ وَثُلُثٌ عَلَى النَّصِّ.
وَأَقْرَبُ مَا قِيلَ فِي تَوْجِيهِهِ أَنَّ نَفَقَةَ الْخَادِمِ عَلَى الْمُتَوَسِّطِ وَهُوَ ثُلُثَا نَفَقَةِ الْمَخْدُومَةِ، وَالْمُدُّ وَالثُّلُثُ عَلَى الْمُوسِرِ وَهُوَ ثُلُثَا الْمَخْدُومَةِ. وَيَجِبُ لِلْخَادِمِ أَيْضًا كِسْوَةٌ تَلِيقُ بِحَالِهِ وَلَوْ عَلَى مُتَوَسِّطٍ وَمُعْسِرٍ وَلَا يَجِبُ لَهُ سَرَاوِيلُ لِأَنَّهُ
ــ
[حاشية البجيرمي]
فِي بَيْتِ أَبِيهَا قَيْدٌ فَلَوْ خُدِمَتْ فِي بَيْتِ زَوْجٍ قَبْلُ، فَلَا يَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ الثَّانِي إخْدَامُهَا. خِلَافًا لِلْقَلْيُوبِيِّ وَقَدْ عُلِمَ مِنْ قَوْلِ الْمَنُوفِيِّ السَّابِقِ فَلَوْ ارْتَفَعَتْ إلَخْ.
قَوْلُهُ: (بِحُرَّةٍ إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ احْتَاجَتْ لِأَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ وَهُوَ كَذَلِكَ إلَّا إنْ مَرِضَتْ، وَاحْتَاجَتْ لِمَا يَزِيدُ ح ل وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: بِحُرَّةٍ أَيْ وَلَوْ مُتَبَرِّعَةً وَلَا تُجْبَرُ عَلَى خِدْمَتِهَا لِلْمِنَّةِ كَذَا قَالُوا: وَفِيهِ نَظَرٌ لِمَا مَرَّ فِي دَفْعِ الْأَجْنَبِيِّ النَّفَقَةَ عَنْهُ وَلِأَنَّ الْمِنَّةَ عَلَيْهِ لَا عَلَيْهَا فَرَاجِعْهُ قَالَهُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ. قَوْلُهُ: (أَوْ أَمَةٍ لَهُ) أَيْ وَصَبِيٍّ مُمَيِّزٍ غَيْرِ مُرَاهِقٍ وَمَمْسُوحٍ وَمَحْرَمٍ لَهَا وَلَا يَخْدُمُهَا بِنَفْسِهِ لِأَنَّهَا تَسْتَحْيِي مِنْهُ غَالِبًا وَتَتَغَيَّرُ بِذَلِكَ كَصَبِّ الْمَاءِ عَلَيْهَا وَحَمْلِهِ إلَيْهَا لِلْمُسْتَحِمِّ أَوْ لِلشُّرْبِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ. اهـ. شَرْحُ الْمَنْهَجِ.
وَقَوْلُهُ: غَيْرَ مُرَاهِقٍ أَيْ لَا كَبِيرٌ وَلَوْ شَيْخَاهُمَا وَقَوْلُهُ: وَمَحْرَمٍ لَهَا أَيْ لَا ذِمِّيَّةَ لِمُسْلِمَةٍ وَعَكْسُهُ وَتَعْيِينُ الْخَادِمِ ابْتِدَاءٌ إلَيْهِ وَفِي الِانْتِهَاءِ إلَيْهَا كَأَنْ أَلِفَتْهُ مَا لَمْ تَكُنْ رِيبَةٌ. وَقَوْلُهُ: وَلَا يَخْدُمُهَا بِنَفْسِهِ أَيْ مُطْلَقًا وَإِنْ كَانَتْ لَا تَسْتَحِي مِنْهُ أَيْ لَا يُجْبِرُهَا عَلَى خِدْمَتِهَا بِنَفْسِهِ لَا أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ بَلْ لَهَا مَنْعُهُ مِنْهَا وَيَجُوزُ بِالرِّضَا وَمِثْلُهُ أُصُولُهُ وَأُصُولُهَا. وَقَوْله: أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ أَيْ إلَّا بِرِضَاهُ وَلَا تُجْبِرُهُ عَلَيْهِ وَلَا تَمْنَعُهُ مِنْهُ وَلَا يَلْزَمُهَا فِعْلُهُ لِأَنَّهُ مِمَّا عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَا عَلَيْهَا وَبِمَا ذُكِرَ سَقَطَ مَا لِبَعْضِهِمْ. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
قَوْلُهُ: (أَوْ مُسْتَأْجَرَةٍ) أَيْ أَمَةٍ مُسْتَأْجَرَةٍ لِئَلَّا يَتَكَرَّرَ مَعَ قَوْلِهِ بِحُرَّةٍ لِأَنَّهَا مُسْتَأْجَرَةٌ قَرَّرَهُ شَيْخُنَا.
قَوْلُهُ: (أَوْ بِالْإِنْفَاقِ) عَطَفَ عَلَى قَوْلِهِ: بِحُرَّةٍ وَلَعَلَّ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: أَوْ بِمَنْ صَحِبَتْهَا لِخِدْمَةِ الْإِنْفَاقِ فَالْعِبَارَةُ فِيهَا قَلْبٌ لِأَنَّ الْإِخْدَامَ لَا يَكُونُ بِالْإِنْفَاقِ وَإِنَّمَا هُوَ سَبَبٌ فِي الْإِخْدَامِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: أَطْلَقَ السَّبَبَ وَأَرَادَ الْمُسَبَّبَ وَهُوَ الذَّاتُ الْمُنْفَقُ عَلَيْهَا.
قَوْلُهُ: (مَنْ صَحِبَتْهَا) أَيْ مِنْ بَيْتِ وَلِيِّهَا كَأَنْ بَعَثَهَا مَعَهَا قَوْلُهُ: (لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ) وَهُوَ الْمُعَاشَرَةُ بِالْمَعْرُوفِ.
قَوْلُهُ: (وَمُكَاتَبٍ) عَطْفُ خَاصٍّ قَوْلُهُ: (لِأَنَّ ذَلِكَ) أَيْ الْإِخْدَامُ الْمَذْكُورُ، وَهَذَا عِلَّةٌ لِلتَّعْمِيمِ الْمَذْكُورِ وَحِينَئِذٍ فَلَيْسَ مُكَرَّرًا مَعَ قَوْلِهِ: فِيمَا سَبَقَ تَعْلِيلًا لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ: فَعَلَيْهِ إخْدَامُهَا لِأَنَّهُ مِنْ الْمُعَاشَرَةِ بِالْمَعْرُوفِ، نَعَمْ الْمُنَاسِبُ عَطْفٌ فِي التَّعْلِيلِ عَلَى قَوْلِهِ: كَسَائِرِ الْمُؤَنِ إلَّا أَنْ يَجْعَل عِلَّةً لِلْمُعَلَّلِ مَعَ عِلَّتِهِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا.
قَوْلُهُ: (فَإِنْ أَخْدُمهَا) لَيْسَ مُكَرَّرًا مَعَ مَا سَبَقَ لِأَنَّ هَذَا مُفَصَّلٌ وَذَاكَ مُجْمَلٌ اهـ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ أَخْدَمَهَا بِمَنْ صَحِبَتْهَا إلَخْ) لَا تَكْرَارَ فِيهِ مَعَ قَوْلِهِ: أَوَّلًا أَوْ لِإِنْفَاقٍ إلَخْ. لِأَنَّ ذَلِكَ لِبَيَانِ أَقْسَامِ وَاجِبِ الْإِخْدَامِ وَهَذَا لِبَيَانِ أَنَّهُ إذَا اخْتَارَ أَحَدٌ تِلْكَ الْأَقْسَامَ مَا الَّذِي يَلْزَمُهُ فَقَوْلُ بَعْضِهِمْ: مُكَرَّرٌ اسْتِرْوَاحٌ أَيْ قَالَهُ مِنْ غَيْرِ تَأَمُّلٍ شَرْحُ م ر قَوْلُهُ: (عَلَى الْمُتَوَسِّطِ) وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ عَلَى الْمُعْسِرِ ثُلُثَا الْمُدِّ لِلْخَادِمِ كَأَنَّ النَّفْسَ لَا تَقُومُ بِدُونِ الْمُدِّ غَالِبًا قَوْلُهُ: (فِي تَوْجِيهِهِ) أَيْ فِي تَوْجِيهِ قَوْلِهِ: وَعَلَى الْمُوسِرِ مُدٌّ وَثُلُثٌ.
قَوْلُهُ: (عَلَى الْمُتَوَسِّطِ) لَعَلَّ هُنَا سَقْطًا وَهُوَ لَفْظُ مُدٍّ بَعْدَ قَوْلِهِ: الْمُتَوَسِّطِ لِيَكُونَ خَبَرًا عَنْ أَنَّ. اهـ. مَرْحُومِيٌّ.
قَوْلُهُ: (وَيَجِبُ لِلْخَادِمِ أَيْضًا كِسْوَةٌ) أَيْ بِأَنْ كَانَ مِلْكًا لَهُ أَوْ لَهَا وَلَمْ يَسْتَأْجِرْهُ مِنْهَا أَوْ صَحِبَهَا مِنْ بَيْتِ أَبِيهَا أَمَّا الْمُسْتَأْجَرُ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا الْأُجْرَةُ، وَقَوْلُهُ: كِسْوَةٌ تَلِيقُ بِحَالِهِ وَلَوْ قَالَ: دُونَ كِسْوَةِ الْمَخْدُومَةِ جِنْسًا وَنَوْعًا لَكَانَ أَوْلَى وَعِبَارَةُ الْمَنْهَجِ فَيَجِبُ لَهُ إنْ صَحِبَهَا مَا يَلِيقُ بِهِ مِنْ أَنْ يَكُونَ مَالُ الزَّوْجَةِ نَوْعًا مِنْ غَيْرِ كِسْوَةٍ مِنْ نَفَقَةٍ وَأُدْمٍ وَتَوَابِعِهِمَا وَمِنْ دُونِهِ جِنْسًا وَنَوْعًا مِنْهَا اهـ. وَقَوْلُهُ: إنْ صَحِبَهَا أَيْ وَلَوْ
لِلزِّينَةِ وَكَمَالِ السَّتْرِ وَيَجِبُ لَهُ الْأُدْمُ لِأَنَّ الْعَيْشَ لَا يَتِمُّ بِدُونِهِ وَجِنْسُهُ جِنْسُ أُدْمِ الْمَخْدُومَةِ وَلَكِنْ نَوْعُهُ دُونَ نَوْعِهِ عَلَى الْأَصَحِّ.
وَمَنْ تَخْدُمُ نَفْسَهَا فِي الْعَادَةِ لَيْسَ لَهَا أَنْ تَتَّخِذَ خَادِمًا وَتُنْفِقَ عَلَيْهِ مِنْ مَالِهَا إلَّا بِإِذْنِ زَوْجِهَا. كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا. فَإِنْ احْتَاجَتْ حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً إلَى خِدْمَةٍ لِمَرَضٍ بِهَا أَوْ زَمَانَةٍ وَجَبَ إخْدَامُهَا لِأَنَّهَا لَا تَسْتَغْنِي عَنْهُ فَأَشْبَهَتْ مَنْ لَا يَلِيقُ بِهَا خِدْمَةُ نَفْسِهَا بَلْ أَوْلَى لِأَنَّ الْحَاجَةَ أَقْوَى مِمَّا نَقَصَ مِنْ الْمُرُوءَةِ وَلَا إخْدَامَ حَالَ الصِّحَّةِ لِزَوْجَةِ رَقِيقِهِ الْكُلِّ أَوْ الْبَعْضِ لِأَنَّ الْعُرْفَ أَنْ تَخْدُمَ نَفْسَهَا وَإِنْ كَانَتْ جَمِيلَةً. تَنْبِيهٌ: يَجِبُ فِي الْمَسْكَنِ وَالْخَادِمِ إمْتَاعٌ لَا تَمْلِيكٌ. لِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُمَا مِلْكَهُ وَيَجِبُ فِيمَا يُسْتَهْلَكُ لِعَدَمِ بَقَاءِ عَيْنِهِ كَطَعَامٍ وَأُدْمٍ تَمْلِيكٌ فَتَتَصَرَّفُ فِيهِ الْحُرَّةُ بِمَا شَاءَتْ أَمَّا الْأَمَةُ فَإِنَّمَا يَتَصَرَّفُ فِي ذَلِكَ سَيِّدُهَا.
فَلَوْ قَتَرَتْ بَعْدَ قَبْضِ نَفَقَتِهَا، بِمَا يَضُرُّهَا. مَنَعَهَا زَوْجُهَا مِنْ ذَلِكَ وَمَا دَامَ نَفْعُهُ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ كَكِسْوَةٍ وَفُرُشٍ، وَظُرُوفِ طَعَامٍ، وَشَرَابٍ، وَآلَاتِ تَنْظِيفٍ، وَمُشْطِ تَمْلِيكٍ، فِي الْأَصَحِّ.
وَتُعْطَى الزَّوْجَةُ الْكِسْوَةَ أَوَّلَ فَصْلِ شِتَاءٍ وَأَوَّلَ
ــ
[حاشية البجيرمي]
أَمَتَهَا. وَقَوْلُهُ: مِنْ نَفَقَةٍ وَأُدْمٍ وَتَوَابِعِهِمَا وَسَكَتُوا عَنْ اللَّحْمِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ عَدَمُ لُزُومِهِ كَذَا فِي ح ل قَالَ: م ر وَأَوْجُهُ الْوَجْهَيْنِ وُجُوبُ اللَّحْمِ لَهُ أَيْ لِلْخَادِمِ حَيْثُ جَرَتْ عَادَةُ الْبَلَدِ بِهِ اهـ. وَمِثْلُهُ فِي الْبِرْمَاوِيِّ قَوْلُهُ: (وَلَا يَجِبُ لَهُ سَرَاوِيلُ) هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى الْعُرْفِ الْقَدِيمِ، وَقَدْ اطَّرَدَ الْآنَ الْعُرْفُ بِوُجُوبِهِ لِلْخَادِمَةِ. وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ م ر أج.
وَهُوَ مُفْرَدٌ جِيءَ بِهِ عَلَى صِيغَةِ الْجَمْعِ قَالَ ابْنُ مَالِكٍ: وَلِسَرَاوِيلَ بِهَذَا الْجَمْعِ شَبَهٌ اقْتَضَى عُمُومَ الْمَنْعِ قَوْلُهُ: (وَإِنْ كَانَتْ جَمِيلَةً) لِنَقْصِهَا أَيْ وَإِنْ كَانَتْ تُخْدَمُ فِي بَيْتِ سَيِّدِهَا.
قَوْلُهُ: (إمْتَاعٌ) أَيْ انْتِفَاعٌ وَاَلَّذِي يَنْبَنِي عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهَا أَنْ تَتَصَرَّفَ فِيهِ، وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ مِلْكًا لَهُ وَيَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ وَأَمَّا مَا كَانَ مِنْ بَابِ التَّمْلِيكِ فَبِعَكْسِ ذَلِكَ فَلَهَا أَنْ تَتَصَرَّفَ فِيهِ وَيُشْتَرَطُ كَوْنُهُ مِلْكًا لَهُ وَيَصِيرُ دَيْنًا بِمُضِيِّ الزَّمَانِ.
قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ إلَخْ) أَيْ وَالتَّمْلِيكُ لَهَا يَتَرَتَّبُ عَلَى مِلْكِ ذَلِكَ لَهُ فَإِذَا لَمْ يَمْلِكْهُ كَيْفَ يَمْلِكُهُ لَهَا لَكِنَّ الدَّلِيلَ عَلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِ كَوْنِهِ مِلْكَهُ إطْلَاقُ قَوْله تَعَالَى: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ} [الطلاق: 6] اهـ.
قَوْلُهُ: (تَمْلِيكٌ) أَيْ إنْ دَفَعَهُ بِقَصْدِ أَدَاءِ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ لَهَا وَيُعْتَبَرُ فِي الظُّرُوفِ أَيْ ظُرُوفِ الطَّعَامِ كَالْحَلَّةِ وَالدُّسَتِ أَنْ تَكُونَ لَائِقَةً بِهَا. فَإِنْ اطَّرَدَتْ عَادَةُ أَمْثَالِهَا بِكَوْنِهَا نُحَاسًا وَجَبَتْ لَهَا كَذَلِكَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الشَّرْطُ عَدَمُ الصَّارِفِ كَأَدَاءِ الدَّيْنِ اهـ.
مَرْحُومِيٌّ وَعِبَارَةُ سم الَّذِي تَحَرَّرَ فِي دَرْسِ م ر أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي حُصُولِ الْمِلْكِ قَصْدُهُ عِنْدَ الدَّفْعِ إلَيْهَا كَوْنُ مَا دَفَعَهُ، عَمَّا وَجَبَ عَلَيْهِ، إذَا كَانَ مِنْ جِنْسِ الْوَاجِبِ بَلْ الشَّرْطُ أَنْ لَا يَقْصِدَ غَيْرَ الْوَاجِبِ مِنْ عَارِيَّةٍ وَنَحْوِهَا وَأَنَّهُ لَوْ ادَّعَى أَنَّهُ قَصَدَ غَيْرَ الْوَاجِبِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ. لَكِنْ أَفْتَى شَيْخُنَا الطَّبَلَاوِيُّ غَيْرَ مَرَّةٍ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْمِلْكِ مِنْ قَصْدِهِ عِنْدَ الدَّفْعِ كَوْنُ مَا دَفَعَهُ عَمَّا وَجَبَ عَلَيْهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ اهـ.
وَيُؤْخَذُ مِنْ كَوْنِ الْفُرُشِ تَمْلِيكًا أَنَّ لَهَا مَنْعُ الزَّوْجِ مِنْ النَّوْمِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مِلْكُهَا فَلَا يَجِبُ عَلَيْهَا التَّمْكِينُ مِنْ اسْتِعْمَالِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ. اهـ. سم.
قَوْلُهُ: (فَلَوْ قَتَّرَتْ) أَيْ ضَيَّقَتْ عَلَى نَفْسِهَا فِي طَعَامٍ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا يَضُرُّهُمَا أَوْ أَحَدَهُمَا أَوْ الْخَادِمَ مَنَعَهَا، فَإِنْ لَمْ تَمْتَثِلْ فَلَهُ ضَرْبُهَا عَلَى ذَلِكَ إنْ أَفَادَ وَإِلَّا فَتَصِيرُ نَاشِزًا لِامْتِنَاعِهَا مِنْ الْوَاجِبِ عَلَيْهَا فَتَسْقُطُ نَفَقَتُهَا. اهـ. م ر. قَوْلُهُ:(وَمَا دَامَ نَفْعُهُ) : مُبْتَدَأٌ وَخَبَرُهُ قَوْلُهُ: تَمْلِيكٌ.
قَوْلُهُ: (أَوَّلَ فَصْلِ شِتَاءٍ إلَخْ) وَالْمُرَادُ بِالْفَصْلِ هُنَا نِصْفُ الْعَامِ فَالرَّبِيعُ وَالصَّيْفُ فَصْلٌ وَالْخَرِيفُ وَالشِّتَاءُ فَصْلٌ ق ل وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ غَلَّبَ الشِّتَاءَ عَلَى الرَّبِيعِ وَجَعَلَهُمَا فَصْلًا وَغَلَّبَ الصَّيْفَ عَلَى الْخَرِيفِ وَجَعَلَهُمَا فَصْلًا وَهُوَ ظَاهِرٌ وَعِبَارَةُ الْمَنْهَجِ وَشَرْحُهُ وَتُعْطَى الْكِسْوَةَ أَوَّلَ
فَصْلِ صَيْفٍ لِقَضَاءِ الْعُرْفِ بِذَلِكَ هَذَا إذَا وَافَقَ النِّكَاحُ أَوَّلَ الْفَصْلِ وَإِلَّا وَجَبَ إعْطَاؤُهَا، فِي أَوَّلِ كُلِّ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ حِينِ الْوُجُوبِ فَإِنْ أَعْطَاهَا الْكِسْوَةَ أَوَّلَ فَصْلٍ مَثَلًا ثُمَّ تَلِفَتْ فِيهِ بِلَا تَقْصِيرٍ مِنْهَا لَمْ تُبَدَّلْ لِأَنَّهُ وَفَاهَا مَا عَلَيْهِ كَالنَّفَقَةِ إذَا تَلِفَتْ فِي يَدِهَا.
فَإِنْ مَاتَ أَوْ أَبَانَهَا بِطَلَاقٍ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ مَاتَتْ فِي أَثْنَاءِ فَصْلٍ لَمْ تُرَدَّ وَلَوْ لَمْ يَكْسُ الزَّوْجُ مُدَّةً فَدَيْنٌ عَلَيْهِ.
وَالْوَاجِبُ فِي الْكِسْوَةِ الثِّيَابُ لَا قِيمَتُهَا وَعَلَيْهِ خِيَاطَتُهَا وَلَهَا بَيْعُهَا؛ لِأَنَّهَا مِلْكُهَا وَلَوْ لَبِسَتْ دُونَهَا مَنَعَهَا لِأَنَّ لَهُ غَرَضًا فِي تَجَمُّلِهَا.
ــ
[حاشية البجيرمي]
كُلِّ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ كُلِّ سَنَةٍ، فَابْتِدَاءُ إعْطَائِهَا مِنْ وَقْتِ وُجُوبِهَا وَتَعْبِيرِي بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِشِتَاءٍ وَصَيْفٍ كَمَا لَا يَخْفَى اهـ. وَوَجْهُ الْأَوْلَوِيَّةِ أَنَّهُ قَدْ يَقَعُ التَّمْكِينُ فِي الشِّتَاءِ بَعْدَ نِصْفِهِ مَثَلًا اهـ.
وَعِبَارَةُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَهِيَ أَيْ السِّتَّةُ فَصْلٌ بِاعْتِبَارِ وُجُوبِ الْكِسْوَةِ فَالسِّتَّةُ بِاعْتِبَارِهَا فَصْلَانِ مِنْ فُصُولِ السَّنَةِ الْأَرْبَعَةِ وَهِيَ الشِّتَاءُ وَالرَّبِيعُ وَالصَّيْفُ وَالْخَرِيفُ فَالشِّتَاءُ هُنَا هُوَ الْفَصْلَانِ الْأَوَّلَانِ وَالصَّيْفُ هُنَا هُوَ الْفَصْلَانِ الْبَاقِيَانِ، وَلَوْ وَقَعَ التَّمْكِينُ فِي أَثْنَاءِ فَصْلٍ مِنْ الْفَصْلَيْنِ هُنَا اُعْتُبِرَ قِسْطُ مَا بَقِيَ مِنْهُ مِمَّا يَجِبُ فِيهِ وَيَبْتَدِئُ بَعْدَ تِلْكَ الْبَقِيَّةِ فُصُولًا كَوَامِلَ دَائِمًا وَبِمَا ذُكِرَ عُلِمَ أَنَّ مَا عَبَّرَ بِهِ الْمُصَنِّفُ أَوْلَى مِنْ عِبَارَةِ غَيْرِهِ، بِقَوْلِهِ: وَيُعْطِي الْكِسْوَةَ أَوَّلَ كُلِّ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ التَّمْكِينِ الَّذِي رَدَّ بَعْضُهُمْ بِهِ عَلَى قَائِلِ الْأَوَّلِ بِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ وُجُودُ تَمْكِينٍ فِي أَثْنَاءِ فَصْلٍ إذْ كُلُّ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ التَّمْكِينِ تُحْسَبُ فَصْلًا وَهَكَذَا. وَلَمْ يَدْرِ هَذَا الرَّادُّ مَا لَزِمَ عَلَى كَلَامِهِ هَذَا مِنْ الْفَسَادِ إذْ يُقَالُ عَلَيْهِ إذَا وَقَعَ التَّمْكِينُ فِي نِصْفِ فَصْلِ الشِّتَاءِ مَثَلًا لَزِمَ أَنَّهُ لَا تَتِمُّ السِّتَّةُ أَشْهُرٍ إلَّا فِي نِصْفِ فَصْلِ الصَّيْفِ وَعَكْسُهُ فَإِنْ قَالَ: إنَّهُ يَغْلِبُ أَحَدُ النِّصْفَيْنِ عَلَى الْآخَرِ فَهُوَ تَحَكُّمٌ وَتَرْجِيحٌ بِلَا مُرَجِّحٍ.
وَأَيْضًا قَدْ عُلِمَ أَنَّ مَا يَلْزَمُ مِنْ الْكِسْوَةِ فِي الشِّتَاءِ غَيْرُ مَا يَلْزَم مِنْهَا فِي الصَّيْفِ وَيَلْزَمُ عَلَى تَغْلِيبِ نِصْفِ الشِّتَاءِ أَنَّهُ يَلْزَمُ فِي نِصْفِ الصَّيْفِ مَا لَيْسَ لَازِمًا فِيهِ أَوْ يَسْقُطُ فِيهِ مَا كَانَ لَازِمًا فِيهِ وَعَلَى تَغْلِيبِ نِصْفِ الصَّيْفِ، أَنَّهُ يَسْقُطُ فِي نِصْفِ الشِّتَاءِ مَا كَانَ لَازِمًا فِيهِ أَوْ يَلْزَمُ فِيهِ مَا لَيْسَ لَازِمًا فِيهِ وَكُلٌّ بَاطِلٌ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ بِالتَّغْلِيبِ وَأُلْحِقَ كُلُّ نِصْفٍ بِبَاقِي فَصْلِهِ بَطَلَ مَا قَالَهُ. وَرَجَعَ إلَى قَائِلِ الْأَوَّلِ.
قَالَ ع ش: وَيَنْبَغِي أَنْ يَعْتَبِرَ قِيمَةَ مَا يَدْفَعُ لَهَا عِنْدَ جَمِيعِ الْفَصْلِ فَيُقَسَّطُ عَلَيْهِ ثُمَّ يُنْظَرُ لِمَا مَضَى قَبْلَ التَّمْكِينِ وَيَجِبُ قِسْطُ مَا بَقِيَ مِنْ الْقِيمَةِ فَيَشْتَرِي لَهَا بِهِ مِنْ جِنْسِ الْكِسْوَةِ مَا يُسَاوِيهِ وَالْخِيرَةُ لَهَا فِي تَعْيِينِهِ اهـ بِحُرُوفِهِ قَوْلُهُ: (هَذَا إذَا وَافَقَ النِّكَاحَ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ التَّمْكِينَ لِأَنَّهَا لَا تَجِبُ إلَّا بِالتَّمْكِينِ.
قَوْلُهُ: (مِنْ حِينِ الْوُجُوبِ) نَعَمْ مَا يَبْقَى سَنَةً فَأَكْثَرَ كَفُرُشٍ وَبُسُطٍ وَجُبَّةٍ يُعْتَبَرُ فِي تَجْدِيدِهَا الْعَادَةُ الْغَالِبَةُ كَمَا فِي شَرْحِ م ر أَيْ يُجَدَّدُ وَقْتَ تَجْدِيدِهِ وَيُؤْخَذُ مِنْ وُجُوبِ تَجْدِيدِهِ وُجُوبُ إصْلَاحِهِ كَالْمُسَمَّى بِالتَّنْجِيدِ سم عَلَى حَجّ وَمِثْلُ ذَلِكَ إصْلَاحُ مَا أَعَدَّهُ لَهَا مِنْ الْآنِيَةِ، كَتَبْيِيضِ النُّحَاسِ.
وَلَوْ كَانَتْ عَادَتُهُمْ جُبَّةٌ تَبْقَى طُولَ السَّنَةِ لَمْ يَجِبْ غَيْرُهَا كَمَا فِي ع ش عَلَى م ر. قَوْلُهُ: (بِلَا تَقْصِيرٍ) لَيْسَ قَيْدًا وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَلَوْ بِلَا تَقْصِيرٍ قَالَ الْمَنُوفِيُّ: وَكَذَا لَوْ أَتْلَفَتْهَا أَوْ تَمَزَّقَتْ قَبْلَ أَوَانِ التَّمَزُّقِ لِكَثْرَةِ نَوْمِهَا فِيهَا وَتَحَامُلِهَا عَلَيْهَا لَمْ يَلْزَمْهُ الْإِبْدَالُ أَيْضًا قَوْلُهُ: (أَوْ مَاتَتْ) وَكَذَا لَوْ وَلَدَتْ الْحَامِلُ الْبَائِنُ بِخِلَافِ مَا لَوْ نَشَزَتْ فَإِنَّهُ يَسْتَرِدُّ مَا أَخَذَتْهُ وَإِنْ أَطَاعَتْ فِي أَثْنَاءِ الْفَصْلِ كَمَا مَرَّ بِرْمَاوِيٌّ قَوْلُهُ: (لَمْ تَرُدَّ) أَفْهَمَ قَوْلُهُ: لَمْ تَرُدَّ أَنَّ مَحِلَّ ذَلِكَ بَعْدَ قَبْضِهَا فَإِنْ وَقَعَ مَوْتٌ أَوْ فِرَاقٌ قَبْلَ قَبْضِهَا وَجَبَ لَهَا مِنْ قِيمَةِ الْكِسْوَةِ مَا يُقَابِلُ زَمَنَ الْعِصْمَةِ كَمَا بَحَثَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ وُجُوبُهَا كُلِّهَا وَإِنْ مَاتَتْ أَوَّلَ الْفَصْلِ وَاعْتَمَدَهُ جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ كَالْأَذْرَعِيِّ وَالْبُلْقِينِيِّ. وَلَا يُقَالُ كَيْفَ تَجِبُ كُلُّهَا بِمُضِيِّ لَحْظَةٍ مِنْ الْفَصْلِ. لِأَنَّا نَقُولُ ذَلِكَ جُعِلَ وَقْتًا لِلْإِيجَابِ فَلَمْ يَفْتَرِقْ الْحَالُ بَيْنَ قَلِيلِ الزَّمَنِ وَطَوِيلِهِ. اهـ. م ر فِي شَرْحِهِ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ لَمْ يَكْسُ) وَكَالْكِسْوَةِ جَمِيعُ مَا مَرَّ غَيْرَ الْإِسْكَانِ وَالْإِخْدَامِ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَهِيَ أَنَّ الْمَسْكَنَ وَالْخَادِمَ إمْتَاعٌ وَغَيْرُهُمَا تَمْلِيكٌ وَلَوْ تَصَرَّفَتْ فِيمَا أَخَذَتْهُ ثُمَّ نَشَزَتْ رَجَعَ فِي بَدَلِهِ وَلَا يَبْطُلُ التَّصَرُّفُ كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا هُنَا. وَسَيَأْتِي قَرِيبًا عَنْهُ وَعَنْ شَيْخِنَا م ر وَابْنِ حَجَرٍ خِلَافُهُ فِي النَّفَقَةِ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ.
قَوْلُهُ: (وَالْوَاجِبُ فِي الْكِسْوَةِ إلَخْ) . فَائِدَةٌ: قَالَ صلى الله عليه وسلم: «فِرَاشٌ لِلرَّجُلِ وَفِرَاشٌ لِامْرَأَتِهِ وَالثَّالِثُ لِلضَّيْفِ وَالرَّابِعُ لِلشَّيْطَانِ» . قَالَ الْعُلَمَاءُ: مَعْنَاهُ: أَنَّ مَا زَادَ
(وَإِنْ أَعْسَرَ) الزَّوْجُ (بِنَفَقَتِهَا) الْمُسْتَقْبَلَةِ لِتَلَفِ مَالِهِ مَثَلًا فَإِنْ صَبَرَتْ بِهَا وَأَنْفَقَتْ عَلَى نَفْسِهَا مِنْ مَالِهَا أَوْ مِمَّا اقْتَرَضَتْهُ صَارَ دَيْنًا عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَفْرِضْهَا الْقَاضِي كَسَائِرِ الدُّيُونِ الْمُسْتَقِرَّةِ فَإِنْ لَمْ تَصْبِرْ (فَلَهَا فَسْخُ النِّكَاحِ) بِالطَّرِيقِ الْآتِي لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: 229] فَإِذَا عَجَزَ عَنْ الْأَوَّلِ تَعَيَّنَ الثَّانِي وَلِأَنَّهَا إذَا فَسَخَتْ بِالْجَبِّ وَالْعُنَّةِ فَبِالْعَجْزِ عَنْ النَّفَقَةِ أَوْلَى، لِأَنَّ الْبَدَنَ لَا يَقُومُ بِدُونِهَا بِخِلَافِ الْوَطْءِ. أَمَّا لَوْ أَعْسَرَ بِنَفَقَةِ مَا مَضَى فَلَا فَسْخَ عَلَى الْأَصَحِّ. وَلَا فَسْخَ أَيْضًا بِالْإِعْسَارِ بِنَفَقَةِ الْخَادِمِ وَلَا بِامْتِنَاعِ مُوسِرٍ مِنْ الْإِنْفَاقِ سَوَاءٌ أَحْضَرَ أَمْ غَابَ عَنْهَا لِتَمَكُّنِهَا مِنْ تَحْصِيلِ حَقِّهَا بِالْحَاكِمِ وَلَوْ حَضَرَ الزَّوْجُ وَغَابَ مَالُهُ فَإِنْ كَانَ غَائِبًا بِمَسَافَةِ الْقَصْرِ فَأَكْثَرَ فَلَهَا الْفَسْخُ وَلَا يَلْزَمُهَا الصَّبْرُ لِلضَّرَرِ فَإِنْ كَانَ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ فَلَا فَسْخَ لَهَا. وَيُؤْمَرُ بِإِحْضَارِهِ بِسُرْعَةٍ وَلَوْ تَبَرَّعَ شَخْصٌ بِهَا عَنْ زَوْجٍ مُعْسِرٍ لَمْ يَلْزَمْهَا الْقَبُولُ بَلْ هَلْ
ــ
[حاشية البجيرمي]
عَلَى الْحَاجَةِ فَاِتِّخَاذُهُ إنَّمَا هُوَ لِلْمُبَاهَاةِ وَالِاخْتِيَالِ وَالِالْتِهَاءِ بِزِينَةِ الدُّنْيَا وَمَا كَانَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ فَهُوَ مَذْمُومٌ وَكُلُّ مَذْمُومٍ يُضَافُ لِلشَّيْطَانِ لِأَنَّهُ يَرْتَضِيهِ وَيُوَسْوِسُ بِهِ وَيُحَسِّنُهُ وَيُسَاعِدُهُ، وَقِيلَ: إنَّهُ عَلَى ظَاهِرِهِ وَإِنَّهُ إذَا كَانَ لِغَيْرِ حَاجَةٍ كَانَ لِلشَّيْطَانِ عَلَيْهِ مَبِيتٌ وَمَقِيلٌ كَمَا أَنَّهُ يَحْصُلُ لَهُ الْمَبِيتُ فِي الْبَيْتِ الَّذِي لَا يَذْكُرُ اللَّهَ صَاحِبُهُ عِنْدَ دُخُولِهِ وَأَمَّا تَعَدُّدُ الْفِرَاشِ لِلزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ فَلَا بَأْسَ بِهِ لِأَنَّهُ قَدْ يَحْتَاجُ كُلٌّ مِنْهُمَا إلَى فِرَاشٍ عِنْدَ الْمَرَضِ أَوْ نَحْوِهِ وَالنَّوْمُ مَعَ الزَّوْجَةِ فِي فِرَاشٍ وَاحِدٍ أَفْضَلُ مَا لَمْ يَكُنْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا عُذْرٌ فِي الِانْفِرَادِ وَهَذَا ظَاهِرُ فِعْلِهِ صلى الله عليه وسلم الَّذِي وَاظَبَ عَلَيْهِ مَعَ مُوَاظَبَتِهِ عَلَى قِيَامِ اللَّيْلِ فَإِذَا أَرَادَ الْقِيَامَ لِوَظِيفَتِهِ، قَامَ وَتَرَكَهَا فَيَجْمَعُ بَيْنَ وَظِيفَتِهِ وَقَضَاءِ حَقِّهَا الْمَنْدُوبِ وَعِشْرَتِهَا بِالْمَعْرُوفِ لَا سِيَّمَا إنْ عُرِفَ مِنْ حَالِهَا حِرْصُهَا عَلَى ذَلِكَ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ النَّوْمِ مَعَهَا الْجِمَاعُ اهـ زِيَادِيٌّ وَبِرْمَاوِيٌّ.
قَوْلُهُ: (وَإِنْ أَعْسَرَ إلَخْ) أَعْسَرَ قَيْدٌ أَوَّلٌ وَالنَّفَقَةُ قَيْدٌ ثَانٍ وَإِضَافَتُهَا لِلزَّوْجَةِ قَيْدٌ ثَالِثٌ وَالْمُسْتَقْبِلَةُ قَيْدٌ رَابِعٌ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ: أَمَّا لَوْ أَعْسَرَ بِنَفَقَةِ مَا مَضَى وَقَوْلُهُ: وَلَا فَسْخَ بِالْإِعْسَارِ بِنَفَقَةِ الْخَادِمِ وَقَوْلُهُ: وَلَا بِامْتِنَاعِ مُوسِرٍ وَقَوْلُهُ: وَلَا تَفْسَخُ بِإِعْسَارِهِ عَنْ الْأُدْمِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُزَادَ قَيْدٌ خَامِسٌ وَهُوَ كَوْنُ النَّفَقَةِ نَفَقَةَ مُعْسِرٍ تَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: (الزَّوْجُ) أَيْ وَلَوْ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا نَعَمْ إنْ كَانَ لِلزَّوْجِ ضَامِنٌ بِالْإِذْنِ وَهُوَ مُوسِرٌ فَلَا فَسْخَ أَوْ ضَمِنَهَا أَبٌ عَنْ مَحْجُورِهِ وَهُوَ مُوسِرٌ، فَلَا فَسْخَ أَيْضًا. وَيَثْبُتُ إعْسَارُ الصَّغِيرِ بِالْبَيِّنَةِ كَغَيْرِهِ وَإِعْسَارُ غَيْرِهِ بِهَا. إنْ عُرِفَ لَهُ مَالٌ وَإِلَّا كَفَى الْيَمِينُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ ق ل عَلَى الْجَلَالِ.
قَوْلُهُ: (بِنَفَقَتِهَا) أَيْ بِأَقَلَّ النَّفَقَةِ الْوَاجِبِ وَهُوَ مُدٌّ فَخَرَجَ مَا لَوْ أَعْسَرَ الْمُتَوَسِّطُ، أَوْ الْمُوسِرُ، عَمَّا وَجَبَ عَلَيْهَا فَلَا فَسْخَ لَهَا وَقَوْلُنَا: بِأَقَلِّ النَّفَقَةِ أَيْ وَمَا يَتْبَعُهَا كَأُجْرَةِ الطَّحْنِ وَغَيْرِهِ. لَا بِنَحْوِ ظُرُوفٍ وَلَا بِالْإِعْسَارِ بِنَفَقَةِ الْخَادِمِ وَتَصِيرُ دَيْنًا عَلَيْهِ عِنْدَ وُجُودِهِ أَيْ الْخَادِمِ لَا مَعَ عَدَمِهِ وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا فَسْخَ بِالْعَجْزِ عَنْ أَصْلِهِ أَيْ الْخَادِمِ ق ل عَلَى الْجَلَالِ.
قَوْلُهُ: (فَإِنْ صَبَرَتْ بِهَا) أَيْ بِسَبَبِ الْإِعْسَارِ بِهَا أَيْ بِالنَّفَقَةِ وَلَوْ حَذَفَ بِهَا لَكَانَ أَوْضَحَ كَمَا فِي عِبَارَةِ غَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (وَأَنْفَقَتْ عَلَى نَفْسِهَا) لَيْسَ قَيْدًا بَلْ تَصِيرُ دَيْنًا وَلَوْ قَعَدَتْ بِالْجُوعِ وَإِنْ لَمْ يُقْرِضْهَا الْقَاضِي. قَوْلُهُ: (صَارَ) أَيْ الْوَاجِبُ وَالْمُنَاسِبُ صَارَتْ أَيْ النَّفَقَةُ وَقِيلَ صَارَ دَيْنًا أَيْ مَا اقْتَرَضَتْهُ.
قَوْلُهُ: (فَلَهَا فَسْخُ النِّكَاحِ) وَبَحَثَ م ر الْفَسْخَ بِالْعَجْزِ عَمَّا لَا بُدَّ مِنْهُ مِنْ الْفُرُشِ بِأَنْ يَتَرَتَّبَ عَلَى عَدَمِهِ الْجُلُوسُ وَالنَّوْمُ عَلَى الْبَلَاطِ وَالرُّخَامِ الْمُضِرِّ وَمِنْ الْأَوَانِي كَاَلَّذِي يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ نَحْوُ الشُّرْبِ سم عَلَى حَجّ ع ش عَلَى م ر. قَوْلِهِ: (بِالطَّرِيقِ الْآتِي) وَهِيَ إمْهَالُهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَالرَّفْعُ لِلْقَاضِي وَإِذْنُهُ لَهَا فِي الْفَسْخِ كَمَا يَأْتِي قَوْلُهُ: {أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: 229] فِيهِ أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْفَسْخِ مِنْهَا وَالتَّسْرِيحُ طَلَاقٌ، وَعِبَارَةُ م ر بَعْدَ قَوْلِ الْمِنْهَاجِ فَلَهَا الْفَسْخُ عَلَى الْأَظْهَرِ لِخَبَرِ الدَّارَقُطْنِيِّ وَالْبَيْهَقِيِّ «فِي الرَّجُلِ لَا يَجِدُ شَيْئًا يُنْفِقُهُ عَلَى امْرَأَتِهِ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا» وَقَضَى بِهِ عُمَرُ رضي الله عنه وَلَمْ يُخَالِفْهُ أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ اهـ.
قَوْلُهُ: (وَلَا بِامْتِنَاعِ مُوسِرٍ) خَرَجَ بِأَعْسَرَ. قَوْلُهُ: (وَيُؤْمَرُ بِإِحْضَارِهِ بِسُرْعَةٍ) قَالَ حَجّ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَوْ تَعَذَّرَ
الْفَسْخُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمِنَّةِ نَعَمْ لَوْ كَانَ الْمُتَبَرِّعُ أَبًا أَوْ جَدًّا وَالزَّوْجُ تَحْتَ حَجْرِهِ وَجَبَ عَلَيْهَا الْقَبُولُ وَقُدْرَةُ الزَّوْجِ عَلَى الْكَسْبِ كَالْقُدْرَةِ عَلَى الْمَالِ وَإِنَّمَا تَفْسَخُ الزَّوْجَةُ بِعَجْزِ الزَّوْجِ عَنْ نَفَقَةِ مُعْسِرٍ فَلَوْ عَجَزَ عَنْ نَفَقَةِ مُوسِرٍ أَوْ مُتَوَسِّطٍ لَمْ تَفْسَخْ لِأَنَّ نَفَقَتَهُ الْآنَ نَفَقَةُ مُعْسِرٍ فَلَا يَصِيرُ الزَّائِدُ دَيْنًا عَلَيْهِ وَالْإِعْسَارُ بِالْكِسْوَةِ كَالْإِعْسَارِ بِالنَّفَقَةِ إذْ لَا بُدَّ مِنْهَا وَلَا يَبْقَى الْبَدَنُ بِدُونِهَا غَالِبًا وَلَا تَفْسَخُ بِإِعْسَارِهِ مِنْ الْأُدْمِ وَالْمَسْكَنِ، لِأَنَّ النَّفْسَ تَقُومُ بِدُونِهِمَا بِخِلَافِ الْقُوتِ
(وَ) كَذَلِكَ يَثْبُتُ لَهَا خِيَارُ الْفَسْخِ (إنْ أَعْسَرَ بِالصَّدَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ) لِلْعَجْزِ عَنْ تَسْلِيمِ الْعِوَضِ مَعَ بَقَاءِ الْمُعَوَّضِ فَأَشْبَهَ مَا إذَا لَمْ يَقْبِضْ الْبَائِعُ الثَّمَنَ حَتَّى حُجِرَ عَلَى الْمُشْتَرِي بِالْفَلَسِ، وَالْمَبْلَغُ بَاقٍ بِعَيْنِهِ وَلَا تَفْسَخُ بَعْدَهُ لِتَلَفِ الْمُعَوَّضِ وَصَيْرُورَةِ الْعِوَضِ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ. تَنْبِيهٌ: لَوْ قُبِضَ بَعْضُ الْمَهْرِ قَبْلَ الدُّخُولِ كَمَا هُوَ مُعْتَادٌ وَأَعْسَرَ بِالْبَاقِي كَانَ لَهَا الْفَسْخُ، كَمَا أَفْتَى بِهِ الْبَارِزِيُّ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِصِدْقِ الْعَجْزِ عَنْ الْمَهْرِ بِالْعَجْزِ عَنْ بَعْضِهِ. وَبِهِ صَرَّحَ الْجُورِيُّ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ: هُوَ الْأَوْجَهُ نَقْلًا وَمَعْنًى وَإِنْ أَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ بِأَنَّهُ لَا فَسْخَ إذْ يَلْزَمُ عَلَى إفْتَائِهِ إجْبَارُ الزَّوْجَةِ عَلَى تَسْلِيمِ نَفْسِهَا بِتَسْلِيمِ بَعْضِ الصَّدَاقِ. وَلَوْ أُجْبِرَتْ لَاِتَّخَذَ الْأَزْوَاجُ ذَلِكَ ذَرِيعَةً إلَى إبْطَالِ حَقِّ الْمَرْأَةِ مِنْ حَبْسِ نَفْسِهَا بِتَسْلِيمِ دِرْهَمٍ وَاحِدٍ مِنْ صَدَاقٍ هُوَ أَلْفُ
ــ
[حاشية البجيرمي]
إحْضَارُهُ هُنَا لِلْخَوْفِ لَمْ تَفْسَخْ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ لِنُدْرَةِ ذَلِكَ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ ز ي وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّ لَهَا الْفَسْخَ حِينَئِذٍ فَقَصْدُ ابْنِ حَجَرٍ الرَّدُّ عَلَيْهِ.
قَوْلُهُ: (لِمَا فِيهِ مِنْ الْمِنَّةِ) أَيْ عَلَى الزَّوْجَةِ، نَعَمْ لَوْ سَلَّمَهَا الْمُتَبَرِّعُ لِلزَّوْجِ ثُمَّ سَلَّمَهَا الزَّوْجُ لَهَا، لَمْ تَفْسَخْ لِانْتِفَاءِ الْمِنَّةِ عَلَيْهَا شَرْحُ الْمَنْهَجِ وَقَوْلُهُ: ثُمَّ سَلَّمَهَا الزَّوْجُ لَهَا لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ مِثْلُهُ مَا إذَا لَمْ يُسَلِّمْهَا فَلَا يُفْسَخُ لِأَنَّهُ الْآنَ مُوسِرٌ ح ل وَقَوْلُهُ: لِانْتِفَاءِ الْمِنَّةِ عَلَيْهَا أَيْ لِأَنَّهُ أَيْ الزَّوْجَ مَلَكَهَا بِأَخْذِهَا مِنْ الْمُتَبَرِّعِ اهـ بِرْمَاوِيٌّ.
قَوْلُهُ: (أَبًا أَوْ جَدًّا) وَمِثْلُهُ السَّيِّدُ مَعَ عَبْدِهِ.
قَوْلُهُ: (وَالزَّوْجُ تَحْتَ حَجَرِهِ) بِأَنْ كَانَ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا.
قَوْلُهُ: (وَقُدْرَةُ الزَّوْجِ عَلَى الْكَسْبِ) أَيْ وَحَصَّلَهُ بِالْفِعْلِ وَإِذَا عَجَزَ عَنْ الْكَسْبِ بِمَرَضٍ يُرْجَى زَوَالُهُ فِي ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَلَا فَسْخَ وَإِنْ طَالَ فَلَهَا الْفَسْخُ دِمْيَاطِيٌّ وَالْمُرَادُ بِالْكَسْبِ الْحَلَالُ فَخَرَجَ الْكَسْبُ بِالْخَمْرِ وَآلَاتِ الْمَلَاهِي وَبِالتَّنْجِيمِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ قَوْلُهُ: (وَالْإِعْسَارُ بِالْكِسْوَةِ) أَيْ بِأَقَلِّ الْكِسْوَةِ وَيُرَادُ بِأَقَلِّ الْكِسْوَةِ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ بِخِلَافِ نَحْوِ السَّرَاوِيلِ وَالْمُكَعَّبِ فَإِنَّهُ لَا فَسْخَ بِذَلِكَ. اهـ. ح ل.
قَوْلُهُ: (عَنْ الْأُدْمِ) خَرَجَ بِالنَّفَقَةِ كَذَا قِيلَ: وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِي إخْرَاجِ الْأُدْمِ بِمَا ذُكِرَ لِأَنَّ الْأُدْمَ مِنْ النَّفَقَةِ الْأَقَلِّ إلَّا أَنْ يُقَالَ: أَرَادَ بِالْأَقَلِّ مَا لَا تَقُومُ النَّفْسُ بِدُونِهِ وَهُوَ الطَّعَامُ لَا الْأُدْمُ قَالَهُ ع ش: وَعِبَارَةُ ح ل فَالْأُدْمُ لَيْسَ مِنْ مُسَمَّى النَّفَقَةِ وَمِثْلُهُ بِالْأَوْلَى الْأَوَانِي وَالْفُرُشُ وَلَوْ لِمَا لَا بُدَّ مِنْهُ لِلشُّرْبِ وَالْجُلُوسِ وَالنَّوْمِ وَإِنْ لَزِمَ أَنْ تَنَامَ عَلَى الْبَلَاطِ وَالرُّخَامِ وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا: أَنَّهُ بَحَثَ أَنَّ لَهَا الْآنَ الْفَسْخُ بِذَلِكَ أَيْ بِاَلَّذِي لَا بُدَّ مِنْهُ لِلْفُرُشِ وَالشُّرْبِ فَعُلِمَ أَنَّ مَا عَدَا النَّفَقَةَ وَالْكِسْوَةَ وَالْمَسْكَنَ لَا فَسْخَ بِهِ عَلَى الْأَوَّلِ ح ل قَوْلُهُ: (وَالْمَسْكَنِ) ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ لَهَا الْفَسْخَ بِالْمَسْكَنِ. اهـ. م د. وَعِبَارَةُ الْمَنْهَجِ لَوْ أَعْسَرَ الزَّوْجُ بِأَقَلِّ نَفَقَةٍ أَوْ كِسْوَةٍ أَوْ بِمَسْكَنٍ إلَخْ. وَالْمُرَادُ أَقَلُّ الْمَسْكَنِ فَلَا تَفْسَخُ إذَا وَجَدَ الْمَسْكَنَ وَلَوْ غَيْرَ لَائِقٍ بِهَا خِلَافًا لِمَا قَدْ يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْعُبَابِ أَنَّ لَهَا أَنْ تَفْسَخَ مَعَ وُجُودِ غَيْرِ اللَّائِقِ ح ل. وَهَذَا الْمَعْنَى مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِهِ أَعْسَرَ بِمَسْكَنٍ أَيْ أَيِّ مَسْكَنٍ كَانَ سَوَاءٌ كَانَ لَائِقًا أَوْ لَا فَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ أَيْسَرَ بِأَيِّ مَسْكَنٍ كَانَ فَلَا تَفْسَخُ
قَوْلُهُ: (إنْ أَعْسَرَ بِالصَّدَاقِ) أَيْ كُلًّا أَوْ بَعْضًا كَمَا سَيُنَبِّهُ الشَّارِحُ عَلَيْهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فِي الثَّانِي وَالْمُرَادُ بِالصَّدَاقِ الْحَالُّ بِخِلَافِ الْمُؤَجَّلِ فَلَا تَفْسَخُ بِهِ وَإِنْ حَلَّ لِأَنَّهَا رَضِيَتْ بِذِمَّتِهِ. اهـ. م د.
قَوْلُهُ: (مَعَ بَقَاءِ الْمُعَوَّضِ) وَهُوَ الْبُضْعُ.
قَوْلُهُ: (وَلَا تَفْسَخُ بَعْدَهُ) أَيْ الدُّخُولِ وَعِبَارَةُ الزِّيَادِيِّ وَفَارَقَ الْمَهْرَ الْمَذْكُورَاتِ قَبْلَهُ حَيْثُ تَفْسَخُ بِالْعَجْزِ عَنْهَا وَلَوْ بَعْدَ الدُّخُولِ بِأَنَّ الْمَهْرَ فِي مُقَابَلَةِ الْوَطْءِ فَإِذَا اسْتَوْفَاهُ الزَّوْجُ كَانَ تَالِفًا فَيَتَعَذَّرُ عَوْدُهُ بِخِلَافِ الْمَذْكُورَاتِ فَإِنَّهَا فِي مُقَابَلَةِ التَّمْكِينِ اهـ.
قَوْلُهُ: (وَأَعْسَرَ بِالْبَاقِي) أَيْ وَكَانَ الْكُلُّ حَالًّا قَوْلُهُ: (نَقْلًا) أَيْ الَّذِي نُقِلَ عَنْ الْأَصْحَابِ. قَوْلُهُ: (وَمَعْنًى) وَهُوَ أَنَّ الْمَهْرَ فِي مُقَابَلَةِ الْوَطْءِ فَإِذَا اسْتَوْفَاهُ الزَّوْجُ كَانَ تَالِفًا فَيَتَعَذَّرُ عَوْدُهُ وَبَقَاءُ الْبَعْضِ كَبَقَاءِ الْكُلِّ فَمُرَادُهُ بِالْمَعْنَى الْعِلَّةُ الْمُتَقَدِّمَةُ فِي كَلَامِ ز ي قَوْلُهُ: (وَإِنْ أَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ) ضَعِيفٌ.
قَوْلُهُ: (لَاتَّخَذَ الْأَزْوَاجُ ذَلِكَ) أَيْ تَسْلِيمَ الْبَعْضِ قَوْلُهُ: (عِنْدَ قَاضٍ)
دِرْهَمٍ وَهُوَ فِي غَايَةِ الْبُعْدِ.
تَتِمَّةٌ: لَا فَسْخَ بِإِعْسَارِ زَوْجٍ بِشَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ حَتَّى يَثْبُتَ عِنْدَ قَاضٍ بَعْدَ الرَّفْعِ إلَيْهِ إعْسَارُهُ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ فَيَفْسَخُهُ بِنَفْسِهِ أَوْ بِنَائِبِهِ بَعْدَ الثُّبُوتِ أَوْ يَأْذَنُ لَهَا فِيهِ. وَلَيْسَ لَهَا مَعَ عِلْمِهَا بِالْعَجْزِ الْفَسْخُ قَبْلَ الرَّفْعِ إلَى الْقَاضِي وَلَا بَعْدَهُ قَبْلَ الْإِذْنِ فِيهِ. نَعَمْ إنْ عَجَزَتْ عَنْ الرَّفْعِ إلَى الْقَاضِي وَفَسَخَتْ نَفَذَ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا لِلضَّرُورَةِ ثُمَّ عَلَى ثُبُوتِ الْفَسْخِ بِإِعْسَارِ الزَّوْجِ بِالنَّفَقَةِ، يَجِبُ إمْهَالُهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْ الزَّوْجُ الْإِمْهَالَ لِيَتَحَقَّقَ عَجْزُهُ فَإِنَّهُ قَدْ يَعْجَزُ لِعَارِضٍ ثُمَّ يَزُولُ وَهِيَ مُدَّةٌ قَرِيبَةٌ يُتَوَقَّعُ فِيهَا الْقُدْرَةُ بِقَرْضٍ أَوْ غَيْرِهِ. وَلَهَا خُرُوجٌ فِيهَا لِتَحْصِيلِ نَفَقَةٍ مَثَلًا بِكَسْبٍ أَوْ سُؤَالٍ وَعَلَيْهَا رُجُوعٌ لِمَسْكَنِهَا لَيْلًا لِأَنَّهُ وَقْتُ الدَّعَةِ. وَلَيْسَ لَهَا مَنْعُهُ مِنْ التَّمَتُّعِ ثُمَّ بَعْدَ الْإِمْهَالِ يَفْسَخُ الْقَاضِي أَوْ هِيَ بِإِذْنِهِ صَبِيحَةَ الرَّابِعِ نَعَمْ
ــ
[حاشية البجيرمي]
أَيْ أَوْ مُحَكَّمٍ بِرْمَاوِيٌّ قَوْلُهُ: (إنْ عَجَزَتْ) أَيْ حِسًّا بِأَنْ لَمْ تَتَمَكَّنْ مِنْهُ أَوْ شَرْعًا بِأَنْ وَجَدَتْهُ وَطَلَبَ مِنْهَا مَالًا لَهُ وَقَعَ كَمَا فِي م ر شَيْخُنَا. قَوْلُهُ: (عَنْ الرَّفْعِ إلَى الْقَاضِي) أَيْ وَالْمُحَكَّمِ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا يَأْتِي قَوْلُهُ: (بِإِعْسَارِ الزَّوْجِ بِالنَّفَقَةِ) أَوْ الْمَهْرِ.
قَوْلُهُ: (يَجِبُ إمْهَالُهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) وَلَوْ فِي الْمَهْرِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ ز ي. وَسُئِلَ الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ رحمه الله عَنْ امْرَأَةٍ غَابَ زَوْجُهَا وَتَرَكَ مَعَهَا أَوْلَادًا صِغَارًا وَلَمْ يَتْرُكْ عِنْدَهَا نَفَقَةً وَلَا أَقَامَ لَهَا مُنْفِقًا وَضَاعَتْ مَصْلَحَتُهَا وَمَصْلَحَةُ الْأَوْلَادِ وَحَضَرَتْ إلَى حَاكِمٍ شَافِعِيٍّ وَأَنْهَتْ لَهُ ذَلِكَ وَشَكَتْ وَتَضَرَّرَتْ وَطَلَبَتْ مِنْهُ أَنْ يَفْرِضَ لَهَا وَلِأَوْلَادِهَا عَلَى زَوْجِهَا نَفَقَةً، فَفَرَضَ لَهُمْ نَقْدًا مُعَيَّنًا فِي كُلِّ يَوْمٍ وَأَذِنَ لَهَا فِي إنْفَاقِ ذَلِكَ عَلَيْهَا وَعَلَى أَوْلَادِهَا وَفِي الِاسْتِدَانَةِ عَلَيْهِ عِنْدَ تَعَذُّرِ الْأَخْذِ مِنْ مَالِهِ وَالرُّجُوعُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ وَقَبِلَتْ ذَلِكَ مِنْهُ، فَهَلْ الْفَرْضُ وَالتَّقْدِيرُ صَحِيحٌ.
وَإِذَا قَرَّرَ الزَّوْجُ لِزَوْجَتِهِ فِي نَظِيرِ كِسْوَتِهَا عَلَيْهِ حِينَ الْعَقْدِ نَقْدًا كَمَا يُكْتَبُ فِي وَثَائِقِ الْأَنْكِحَةِ وَمَضَى عَلَى ذَلِكَ مُدَّةٌ وَطَالَبَتْهُ بِمَا قَرَّرَ لَهَا عَنْ تِلْكَ الْمُدَّةِ وَادَّعَتْ عَلَيْهِ بِهِ عِنْدَ حَاكِمٍ شَافِعِيٍّ وَاعْتَرَفَ بِذَلِكَ وَأَلْزَمَهُ فَهَلْ إلْزَامُهُ صَحِيحٌ أَوْ لَا؟ وَهَلْ إذَا مَاتَ الزَّوْجُ وَتَرَكَ زَوْجَتَهُ وَلَمْ يُقَرِّرْ لَهَا كِسْوَةً وَأَثْبَتَتْ ذَلِكَ بِبَيِّنَةٍ، وَسَأَلَتْ الْحَاكِمَ الشَّافِعِيَّ أَنْ يُقَرِّرَ لَهَا عَنْ كِسْوَتِهَا الْمَاضِيَةِ الَّتِي حَلَفَتْ عَلَى اسْتِحْقَاقِهَا نَقْدًا وَأَجَابَهَا لِذَلِكَ وَقَرَّرَهُ كَمَا يَفْعَلُهُ الْقُضَاةُ الْآنَ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ أَوْ لَا؟ وَهَلْ مَا يَفْعَلُهُ الْقُضَاةُ مِنْ الْفَرْضِ لِلزَّوْجَةِ وَالْأَوْلَادِ عَنْ النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ عِنْدَ الْعُسْرِ أَوْ الْحُضُورِ نَقْدًا صَحِيحٌ أَوْ لَا. فَأَجَابَ تَقْرِيرُ الْحَاكِمِ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ صَحِيحٌ إذْ الْحَاجَةُ دَاعِيَةٌ إلَيْهِ وَالْمَصْلَحَةُ تَقْتَضِيهِ فَلَهُ فِعْلُهُ وَيُثَابُ عَلَيْهِ بَلْ قَدْ يَجِبُ عَلَيْهِ. اهـ. سم. فَرْعٌ: الْتَمَسَتْ زَوْجَةُ غَائِبٍ مِنْ الْقَاضِي أَنْ يَفْرِضَ لَهَا فَرْضًا اشْتَرَطَ ثُبُوتَ النِّكَاحِ وَإِقَامَتَهَا فِي مَسْكَنِهِ وَحَلَّفَهَا عَلَى اسْتِحْقَاقِ النَّفَقَةِ وَأَنَّهَا لَمْ تَقْبِضْ مِنْهُ نَفَقَةً مُسْتَقْبَلَةً فَحِينَئِذٍ يَفْرِضُ لَهَا عَلَيْهِ نَفَقَةَ مُعْسِرٍ حَيْثُ لَمْ يَثْبُتْ أَنَّهُ غَيْرُهُ.
وَيَظْهَرُ أَنَّ مَحِلَّ ذَلِكَ إذَا كَانَ لَهُ مَالٌ حَاضِرٌ بِالْبَلَدِ يُرِيدُ الْأَخْذَ مِنْهُ وَإِلَّا فَلَا فَائِدَةَ لِلْفَرْضِ إلَّا أَنَّ لَهُ فَائِدَةً هِيَ مَنْعُ الْمُخَالِفِ عَنْ الْحُكْمِ بِسُقُوطِهَا بِمُضِيِّ الزَّمَانِ وَهُوَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَيْضًا فَيُحْتَمَلُ ظُهُورُ مَالٍ فَتَأْخُذُ مِنْهُ مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ إلَى قَاضٍ وَرَجَّحَهُ الْأَذْرَعِيُّ. اهـ. س ل. مَسْأَلَةٌ: لَوْ زَوَّجَ ابْنَهُ بِامْرَأَةٍ وَضَمِنَ لَهَا الْمَهْرَ ثُمَّ أَعْسَرَ الِابْنُ فَهَلْ لَهَا الْفَسْخُ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ إعْسَارِهِمَا؟ الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إعْسَارِهِمَا كَمَا أَجَابَ بِهِ الْأَذْرَعِيُّ وَاعْتَمَدَهُ فِي سُؤَالٍ لَهُ ثُمَّ إنْ عُهِدَ لَهُ مَالٌ فَلَا بُدَّ مِنْ بَيِّنَةٍ بِثُبُوتِ إعْسَارِهِ وَإِنْ لَمْ يُعْهَدْ لَهُ مَالٌ فَهَلْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ قِيَاسًا عَلَى الْمُفْلِسِ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ الْبَيِّنَةِ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ ضَيَاعُ حَقِّ الْغَيْرِ وَهُوَ الْوَلَدُ؟ مَحِلُّ نَظَرٍ سم. قَوْلُهُ: (لِتَحْصِيلِ نَفَقَةٍ) أَيْ مِنْ كُلِّ مَا تَفْسَخُ بِهِ وَمِنْهُ يُسْتَفَادُ أَنَّ لَهَا الْخُرُوجَ زَمَنَ الْمُهْلَةِ وَلَوْ غَنِيَّةً ح ل.
قَوْلُهُ: (بِكَسْبٍ) أَيْ وَإِنْ أَمْكَنَهَا الْكَسْبُ فِي بَيْتِهَا بِرْمَاوِيٌّ.
قَوْلُهُ: (لِأَنَّهُ وَقْتُ الدَّعَةِ) أَيْ الرَّاحَةِ قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ وَقَدْ وَدَعَ زَيْدٌ بِضَمِّ الدَّالِ وَفَتْحِهَا
إنْ لَمْ يَكُنْ فِي النَّاحِيَةِ قَاضٍ وَلَا مُحَكَّمٌ فَفِي الْوَسِيطِ لَا خِلَافَ فِي اسْتِقْلَالِهَا بِالْفَسْخِ، فَإِنْ سَلَّمَ نَفَقَةَ الْيَوْمِ الرَّابِعِ، فَلَا فَسْخَ لِتَبَيُّنِ زَوَالِ مَا كَانَ الْفَسْخُ لِأَجْلِهِ. فَإِنْ أَعْسَرَ بَعْدَ مَا سَلَّمَ نَفَقَةَ الْيَوْمِ الرَّابِعِ بِنَفَقَةِ الْخَامِسِ بَنَتْ عَلَى الْمُدَّةِ، وَلَمْ تَسْتَأْنِفْهَا كَمَا لَوْ أَيْسَرَ فِي الثَّالِثِ، ثُمَّ أَعْسَرَ فِي الرَّابِعِ فَإِنَّهَا تَبْنِي وَلَا تَسْتَأْنِفُ وَلَوْ رَضِيَتْ قَبْلَ النِّكَاحِ أَوْ بَعْدَهُ بِإِعْسَارِهِ فَلَهَا الْفَسْخُ لِأَنَّ الضَّرَرَ يَتَجَدَّدُ وَلَا أَثَرَ لِقَوْلِهَا: رَضِيت بِهِ أَبَدًا لِأَنَّهُ وَعْدٌ لَا يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِهِ، إلَّا إنْ رَضِيَتْ بِإِعْسَارِهِ بِالْمَهْرِ فَلَا فَسْخَ لَهَا، لِأَنَّ الضَّرَرَ لَا يَتَجَدَّدُ.
ــ
[حاشية البجيرمي]
وَدَاعَةً بِالْفَتْحِ وَالِاسْمُ الدَّعَةُ وَهِيَ الرَّاحَةُ اهـ. وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ: لِأَنَّهُ وَقْتُ الدَّعَةِ إلَخْ أَنَّهَا لَوْ تَوَقَّفَ تَحْصِيلُهَا عَلَى مَبِيتِهَا فِي غَيْرِ مَنْزِلِهِ كَانَ لَهَا ذَلِكَ ع ش.
قَوْلُهُ: (وَلَيْسَ لَهَا مَنْعُهُ مِنْ التَّمَتُّعِ) أَيْ فِي غَيْرِ أَوْقَاتِ التَّحْصِيلِ. اهـ. م ر ع ش.
قَوْلُهُ: (مِنْ التَّمَتُّعِ) وَحَمَلَ الْعَلَّامَةُ م ر الْأَوَّلَ عَلَى غَيْرِ زَمَنِ التَّحْصِيلِ فَتَسْقُطُ نَفَقَتُهَا بِمَنْعِهِ فِيهِ وَالثَّانِي عَلَى وَقْتِ التَّحْصِيلِ فَلَا تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا بِمَنْعِهِ فِيهِ بِرْمَاوِيٌّ.
قَوْلُهُ: (نَعَمْ إلَخْ) لَا يُقَالُ هَذَا مُكَرَّرٌ مَعَ الِاسْتِدْرَاكِ الْمُتَقَدِّمِ لِأَنَّ مَا تَقَدَّمَ كَانَ الْقَاضِي مَوْجُودًا وَعَجَزَتْ عَنْ الْوُصُولِ إلَيْهِ لِأَخْذِهِ أُجْرَةً لَهَا وَقَعَ أَوْ لِمَنْعِهِ مِنْ الْوُصُولِ إلَيْهِ وَهُنَا الْقَاضِي مَفْقُودٌ بِالْمَرَّةِ شَيْخُنَا.
قَوْلُهُ: (وَلَا مُحَكَّمٌ) أَيْ أَوْ كَانَ يُغَرِّمُهَا مَالًا. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
قَوْلُهُ: (فَفِي الْوَسِيطِ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ ع ش.
قَوْلُهُ: (لَا خِلَافَ فِي اسْتِقْلَالِهَا بِالْفَسْخِ) فَتَقُولُ: فَسَخْت نِكَاحِي قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا: وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الرَّفْعَ لِلْقَاضِي سَبَقَ إذْ لَا عِبْرَةَ بِمُهْلَةٍ بِلَا قَاضٍ وَفَسْخُهَا يَنْفُذُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا قَالَ بَعْضُهُمْ: وَالْقِيَاسُ لُزُومُ الْإِشْهَادِ لَهَا بِرْمَاوِيٌّ. وَسُئِلَ م ر عَنْ شَخْصٍ غَابَ عَنْ الْبَلَدِ فَهَلْ تَفْسَخُ عَلَيْهِ زَوْجَتُهُ فِي صَبِيحَةِ الرَّابِعِ كَالْحَاضِرِ أَوْ الْحُكْمُ خَاصٌّ بِالْحَاضِرِ؟ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ إنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ شَرْعِيَّةٌ بِأَنَّهُ مُعْسِرٌ الْآنَ عَنْ نَفَقَةِ الْمُعْسِرِينَ وَلَوْ بِاسْتِنَادِهَا إلَى الِاسْتِصْحَابِ بِشَرْطِهِ أَمْهَلَهُ الْحَاكِمُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَمَكَّنَهَا مِنْ الْفَسْخِ صَبِيحَةَ الرَّابِعِ وَحِينَئِذٍ فَالْحُكْمُ شَامِلٌ لِلْحَاضِرِ وَالْغَائِبِ اهـ مِنْ الْفَتَاوَى. اهـ. م د. قَوْلُهُ: (بَنَتْ عَلَى الْمُدَّةِ) أَيْ بَنَتْ الْفَسْخَ عَلَى الْمُدَّةِ بِمَعْنَى أَنَّهُ يُعْتَدُّ بِالثَّلَاثَةِ الْمَاضِيَةِ وَتَفْسَخُ الْآنَ وَعِبَارَةُ م د بَنَتْ عَلَى الْمُدَّةِ فَلَهَا الْفَسْخُ حَالًا اهـ. وَالضَّابِطُ أَنْ يُقَالَ: مَتَى أَنْفَقَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مُتَوَالِيَةً وَعَجَزَ اسْتَأْنَفَتْ وَإِنْ أَنْفَقَ دُونَ الثَّلَاثَةِ بَنَتْ عَلَى مَا قَبْلَهُ. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
قَوْلُهُ: (فَإِنَّهَا تَبْنِي وَلَا تَسْتَأْنِفُ) عَلَى الْيَوْمَيْنِ الْمَاضِيَيْنِ فَتَضُمُّ لَهُمَا الرَّابِعَ وَتَفْسَخُ أَوَّلَ الْخَامِسِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا أَيْسَرَ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ ثُمَّ أَعْسَرَ بَنَتْ بِخِلَافِ مَا إذَا أَيْسَرَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَإِنَّهَا تَسْتَأْنِفُ وَلَا تَبْنِي. اهـ. مَرْحُومِيٌّ. وَعِبَارَةُ ابْنِ حَجَرٍ فِي شَرْحِ التُّحْفَةِ قَوْلُهُ: فَإِنَّهَا تَبْنِي أَيْ تَبْنِي عَلَى الْيَوْمَيْنِ لِتَضَرُّرِهَا بِالِاسْتِئْنَافِ فَتَصْبِرُ يَوْمًا آخَرَ ثُمَّ تَفْسَخُ فِيمَا يَلِيهِ اهـ. سُئِلَ شَيْخُنَا عَنْ رَجُلٍ يَمْلِكُ عِصَابَةً عَلَيْهَا ذَهَبٌ وَفِضَّةٌ وَلُؤْلُؤٌ دَفَعَهَا لِزَوْجَتِهِ عَلَى السُّكُوتِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَذْكُرَ لَهَا أَنَّهَا وَدِيعَةٌ أَوْ هِبَةً فَهَلْ تَمْلِكُهَا بِمُجَرَّدِ وَضْعِ الْيَدِ عَلَيْهَا أَمْ كَيْفَ الْحَالُ أَفِيدُوا الْجَوَابَ؟ فَأَجَابَ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَحْدَهُ، الْعِصَابَةُ الْمَذْكُورَةُ أَمَانَةٌ شَرْعِيَّةٌ بِيَدِ الزَّوْجَةِ الْمَذْكُورَةِ، لِلزَّوْجِ نَزْعُهَا مِنْهَا قَهْرًا عَلَيْهَا أَيَّ وَقْتٍ أَرَادَهُ لِأَنَّهَا مِلْكُهُ، وَلَمْ يَصْدُرْ مِنْهُ صِيغَةٌ شَرْعِيَّةٌ تَنْقُلُ مِلْكَهُ عَنْهَا لِلزَّوْجَةِ فَهِيَ بَاقِيَةٌ عَلَى مِلْكِهِ. وَمَا اُشْتُهِرَ عَلَى أَلْسِنَةِ الْعَامَّةِ مِنْ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ تَتَمَتَّعُ فِيهِ الْمَرْأَةُ يَصِيرُ مِلْكًا لَهَا كَلَامٌ بَاطِلٌ لَا أَصْلَ لَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اهـ.
مَا قَالَهُ بِحُرُوفِهِ أج وَلَوْ اخْتَلَفَ الزَّوْجَانِ أَوْ وَارِثَاهُمَا أَوْ أَحَدُهُمَا وَوَارِثُ الْآخَرِ فِي أَمْتِعَةِ دَارٍ، فَإِنْ صَلُحَتْ لِأَحَدِهِمَا فَقَطْ فَلَهُ وَإِلَّا فَلِكُلٍّ تَحْلِيفُ الْآخَرِ إنْ لَمْ يَكُنْ بَيِّنَةٌ وَلَا اخْتِصَاصَ بِيَدٍ فَإِنْ حَلَفَا جُعِلَتْ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ نَكَلَ أَحَدُهُمَا حَلَفَ الْآخَرُ وَقُضِيَ لَهُ بِهَا كَمَا سَيَأْتِي فِي آخِرِ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَاتِ، وَلَوْ اشْتَرَى حُلِيًّا وَدِيبَاجًا لِزَوْجَتِهِ وَزَيَّنَهَا بِذَلِكَ لَا يَصِيرُ مِلْكًا لَهَا بِذَلِكَ، وَلَوْ اخْتَلَفَتْ هِيَ وَالزَّوْجُ فِي الْإِهْدَاءِ، وَالْعَارِيَّةِ صُدِّقَ، وَمِثْلُهُ وَارِثُهُ وَلَوْ جَهَّزَ بِنْتَه بِجِهَازٍ لَمْ تَمْلِكْهُ إلَّا بِإِيجَابٍ وَقَبُولٍ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ أَنَّهُ لَمْ يُمَلِّكْهَا وَيُؤْخَذُ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ مَا يُعْطِيه الزَّوْجُ صُلْحَةً أَوْ صَبَاحِيَّةً كَمَا اُعْتِيدَ بِبَعْضِ الْبِلَادِ لَا يُمْلَكُ إلَّا بِلَفْظِ أَوْ قَصْدِ إهْدَاءٍ وَإِفْتَاءٌ غَيْرِ وَاحِدٍ بِأَنَّهُ لَوْ أَعْطَاهَا مَصْرُوفًا لِلْعُرْسِ وَدَفْعًا وَصَبَاحِيَّةً فَنَشَزَتْ اسْتَرَدَّ الْجَمِيعَ غَيْرُ صَحِيحٍ إذْ التَّقْيِيدُ بِالنُّشُوزِ لَا