الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَمْدٍ، أَوْ عَمْدًا، وَعُفِيَ عَنْهُ عَلَى مَالٍ، وَجَبَ أَرْشٌ كَامِلٌ وَلَوْ أَوْضَحَهُ جَمْعٌ بِتَحَامُلِهِمْ عَلَى آلَةٍ وَاحِدَةٍ أَوْضَحَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مُوضِحَةً مِثْلَهَا كَمَا لَوْ اشْتَرَكُوا فِي قَطْعِ عُضْوٍ.
فَصْلٌ: فِي الدِّيَةِ
وَهِيَ فِي الشَّرْعِ اسْمٌ لِلْمَالِ الْوَاجِبِ بِجِنَايَةٍ عَلَى الْحُرِّ فِي نَفْسٍ أَوْ فِيمَا دُونَهَا، وَذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ عَقِبَ الْقِصَاصِ، لِأَنَّهَا بَدَلٌ عَنْهُ عَلَى الصَّحِيحِ.
وَالْأَصْلُ فِيهَا الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالْإِجْمَاعُ قَالَ تَعَالَى: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ} [النساء: 92] وَالْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ طَافِحَةٌ بِذَلِكَ، وَالْإِجْمَاعُ مُنْعَقِدٌ عَلَى وُجُوبِهَا فِي الْجُمْلَةِ.
(وَالدِّيَةُ) الْوَاجِبَةُ ابْتِدَاءً، أَوْ
ــ
[حاشية البجيرمي]
وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: فَإِنْ كَانَ الزَّائِدُ خَطَأً أَيْ بِغَيْرِ اضْطِرَابِ الْجَانِي وَحْدَهُ بِأَنْ كَانَ بِاضْطِرَابِ الْمُقْتَصِّ، أَوْ بِاضْطِرَابِهِمَا، أَوْ مِنْ غَيْرِ اضْطِرَابٍ فَإِنْ كَانَ بِاضْطِرَابِ الْجَانِي فَهَدَرٌ فَلَوْ اخْتَلَفَا فَقَالَ الْمُقْتَصُّ: حَصَلَ بِاضْطِرَابِك يَا جَانِي، وَقَالَ: لَا؛ صُدِّقَ الْجَانِي لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الِاضْطِرَابِ فَلَوْ كَانَ بِاضْطِرَابِهِمَا فَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ عَلَيْهِمَا فَيُهْدَرَ النِّصْفُ الْمُقَابِلُ لِفِعْلِ الْمُقْتَصِّ مِنْهُ، شَرْحَ م ر وَز ي.
قَوْلُهُ: (وَجَبَ أَرْشٌ كَامِلٌ) وَهُوَ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ، قَوْلُهُ:(كَمَا لَوْ اشْتَرَكُوا فِي قَطْعِ عُضْوٍ) فَلَوْ آلَ الْأَمْرُ لِلدِّيَةِ وَجَبَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ قِسْطُهُ كَمَا قَطَعَ بِهِ، الْبَغَوِيّ وَالْمَاوَرْدِيُّ لَا دِيَةَ مُوضِحَةٍ كَامِلَةٌ خِلَافًا لِمَا رَجَّحَهُ الْإِمَامُ وَوَقَعَ فِي الرَّوْضَةِ عَزْوُ الْأَوَّلِ لِلْإِمَامِ وَالثَّانِي لِلْبَغَوِيِّ وَهُوَ خِلَافُ مَا فِي الرَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر: فَلَوْ آلَ الْأَمْرُ لِلدِّيَةِ وَجَبَ عَلَى كُلٍّ أَرْشٌ كَامِلٌ كَمَا رَجَّحَهُ الْإِمَامُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّهُ الْمَذْهَبُ وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ، اهـ. لِصِدْقِ اسْمِ الْمُوضِحَةِ عَلَى فِعْلِ كُلٍّ مِنْهُمْ بِخِلَافِ مَا لَوْ اشْتَرَكُوا فِي قَتْلٍ وَآلَ الْأَمْرُ إلَى الدِّيَةِ فَإِنَّهَا تُوَزَّعُ عَلَيْهِمْ لِعَدَمِ صِدْقِ الْقَتْلِ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمْ. اهـ. ز ي.
[فَصْلٌ فِي الدِّيَةِ]
قَوْلُهُ: (فِي الدِّيَةِ) هَاؤُهَا عِوَضٌ مِنْ فَاءِ الْكَلِمَةِ لِأَنَّ أَصْلَهَا وِدْيٌ بِكَسْرِ الْوَاوِ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْوَدْيِ بِفَتْحِهَا وَهُوَ دَفْعُ الدِّيَةِ يُقَالُ وَدَيْت الْقَتِيلَ بِكَسْرِ الدَّالِ أَدِيهِ وَدْيًا.
وَأَوَّلُ مَنْ سَنَّهَا عَبْدُ الْمُطَّلِبِ كَمَا فِي السِّيَرِ. اهـ. م د وَيُقَالُ: فِي الْأَمْرِ " دِ " الْقَتِيلَ بِدَالٍ مَكْسُورَةٍ لَا غَيْرُ، وَإِنْ وَقَفْتَ قُلْتَ " دِهْ ".
سُمِّيَ ذَلِكَ الْمَالُ دِيَةً تَسْمِيَةً بِالْمَصْدَرِ وَقَوْلُ الْمُحَشِّي وَدِيت بِكَسْرِ الدَّالِ غَيْرُ صَوَابٍ بَلْ الصَّوَابُ فَتْحُهَا.
قَوْلُهُ: (عَلَى الْحُرِّ) خَرَجَ الرَّقِيقُ فَالْوَاجِبُ فِيهِ الْقِيمَةُ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ تَشْبِيهًا لَهُ بِالدَّوَابِّ بِجَامِعِ الْمِلْكِيَّةِ.
قَوْلُهُ: (أَوْ فِيمَا دُونَهَا) كَالْأَعْضَاءِ وَغَلَّبَهَا عَلَى الْقِيمَةِ فِي غَيْرِ الْحُرِّ لِشَرَفِهَا، وَإِلَّا فَمَا دُونَ النَّفْسِ مِنْ الْجِرَاحَاتِ فِيهِ أَرْشٌ لَا دِيَةٌ، وَقَوْلُ بَعْضِ الشُّرَّاحِ: وَدِيَةُ الْعَبْدِ قِيمَتُهُ تَجَوُّزٌ بِالدِّيَةِ عَلَى الْقِيمَةِ. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
قَوْلُهُ: (لِأَنَّهَا بَدَلٌ عَنْهُ عَلَى الصَّحِيحِ) هَذَا ضَعِيفٌ، لِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا قَتَلَتْ رَجُلًا يَلْزَمُهَا دِيَتُهَا لَا دِيَةُ رَجُلٍ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الدِّيَةَ بَدَلٌ عَنْ النَّفْسِ الْمَقْتُولَةِ فَإِنْ قَتَلَتْ الْمَرْأَةُ رَجُلًا، ثُمَّ عَفَا الْمُسْتَحِقُّ عَلَى الدِّيَةِ لَزِمَتْهَا دِيَتُهُ وَلَوْ كَانَتْ بَدَلًا عَنْ الْقَوَدِ لَمْ يَلْزَمْهَا إلَّا دِيَةُ امْرَأَةٍ وَلَوْ قَتَلَهَا لَزِمَهُ دِيَتُهَا، لِأَنَّهَا بَدَلُ نَفْسِ الْمَقْتُولِ وَيُمْكِنُ تَوْجِيهُ كَلَامِ الشَّارِحِ بِأَنَّ الْقَوَدَ لَمَّا وَجَبَ عَلَى الْجَانِي كَانَ كَحَيَاةِ نَفْسِ الْقَتِيلِ فَكَانَ أَخْذُ الدِّيَةِ فِي الْحَقِيقَةِ بَدَلًا عَنْ الْقَوَدِ لَا عَنْ نَفْسِ الْقَتِيلِ فَلَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ مَا ذَكَرَ، لِأَنَّ الْقَوَدَ كَحَيَاةِ الْقَتِيلِ. اهـ. رَشِيدِيٌّ مُلَخَّصًا.
قَوْلُهُ: (وَالْأَصْلُ فِيهَا) أَيْ الدَّلِيلُ عَلَيْهَا.
قَوْلُهُ {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [النساء: 92] أَيْ مَعَ بَيَانِهِ صلى الله عليه وسلم لِتِلْكَ الدِّيَةِ بِقَوْلِهِ «وَفِي النَّفْسِ مِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ» وَنَقَلَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ الْإِجْمَاعَ عَلَى ذَلِكَ بِرْمَاوِيٌّ.
قَوْلُهُ: (طَافِحَةٌ) أَيْ نَاطِقَةٌ بِذَلِكَ أَيْ بِوُجُوبِ الدِّيَةِ، أَيْ مُمْتَلِئَةٌ، قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: طَفَحَ الْإِنَاءُ طُفُوحًا إذَا امْتَلَأَ حَتَّى يَفِيضَ وَبَابُهُ خَضَعَ.
قَوْلُهُ: (فِي الْجُمْلَةِ) أَيْ فِي الْخَطَأِ وَشِبْهِ الْعَمْدِ
بَدَلًا (عَلَى ضَرْبَيْنِ) الْأَوَّلُ: (مُغَلَّظَةٌ) مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ، أَوْ مِنْ وَجْهٍ وَاحِدٍ.
(وَ) الثَّانِي: (مُخَفَّفَةٌ) مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ، أَوْ مِنْ وَجْهَيْنِ.
تَنْبِيهٌ: الدِّيَةُ قَدْ يَعْرِضُ لَهَا مَا يُغَلِّظُهَا، وَهُوَ أَحَدُ أَسْبَابٍ خَمْسَةٍ: كَوْنُ الْقَتْلِ عَمْدًا، أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ، أَوْ فِي الْحَرَمِ أَوْ فِي الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ، أَوْ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ.
وَقَدْ يَعْرِضُ لَهَا مَا يَنْقُصُهَا وَهُوَ أَحَدُ أَسْبَابٍ أَرْبَعَةٍ: الْأُنُوثَةُ، وَالرِّقُّ، وَقَتْلُ الْجَنِينِ، وَالْكُفْرُ.
فَالْأَوَّلُ يَرُدُّهَا إلَى الشَّطْرِ، وَالثَّانِي إلَى الْقِيمَةِ، وَالثَّالِثُ إلَى الْغُرَّةِ، وَالرَّابِعُ إلَى الثُّلُثِ، أَوْ أَقَلَّ، وَكَوْنُ الثَّانِي أَنْقَصَ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ، وَإِلَّا فَقَدْ تَزِيدُ الْقِيمَةُ عَلَى الدِّيَةِ.
ثُمَّ شَرَعَ الْمُصَنِّفُ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ وَهِيَ الْمُغَلَّظَةُ فَقَالَ: (فَالْمُغَلَّظَةُ مِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ) فِي الْقَتْلِ الْعَمْدِ سَوَاءٌ أَوَجَبَ فِيهِ قِصَاصٌ وَعُفِيَ عَلَى مَالٍ أَمْ لَا كَقَتْلِ الْوَالِدِ وَلَدَهُ.
(ثَلَاثُونَ حِقَّةً وَثَلَاثُونَ جَذَعَةً) وَتَقَدَّمَ بَيَانُهُمَا فِي الزَّكَاةِ (وَأَرْبَعُونَ خَلِفَةً) وَهِيَ الَّتِي (فِي بُطُونِهَا أَوْلَادُهَا) لِخَبَرِ التِّرْمِذِيِّ بِذَلِكَ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْأَرْبَعِينَ حَوَامِلُ، وَيَثْبُتُ حَمْلُهَا بِقَوْلِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ بِالْإِبِلِ.
ــ
[حاشية البجيرمي]
وَأَمَّا الْعَمْدُ فَالْوَاجِبُ فِيهِ الْقَوَدُ.
قَوْلُهُ: (ابْتِدَاءً) كَمَا فِي قَتْلِ الْوَالِدِ وَلَدَهُ.
قَوْلُهُ: (مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ) كَوْنُهَا عَلَى الْجَانِي وَحَالَّةً، وَمِنْ جِهَتِهِ السِّنُّ كَمَا يَأْتِي.
قَوْلُهُ: (أَوْ مِنْ وَجْهٍ) أَيْ فِي شِبْهِ الْعَمْدِ وَهُوَ كَوْنُهَا مُثَلَّثَةً لَا مُخَمَّسَةً كَمَا يَأْتِي.
قَوْلُهُ: (وَمُخَفَّفَةٌ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ) كَوْنُهَا مُخَمَّسَةً وَعَلَى الْعَاقِلَةِ، وَكَوْنُهَا مُؤَجَّلَةً فِي ثَلَاثِ سِنِينَ كَمَا يَأْتِي وَقَوْلُهُ: أَوْ مِنْ وَجْهَيْنِ أَيْ فِي شِبْهِ الْعَمْدِ فَأَدْخَلَ الشَّارِحُ شِبْهَ الْعَمْدِ فِي الْقِسْمَيْنِ، لِأَنَّهُ اكْتَسَبَ شَبَهًا بِكُلٍّ مِنْهُمَا وَالْمُرَادُ بِالْوَجْهَيْنِ هُمَا وُجُوبُهَا عَلَى الْعَاقِلَةِ وَوُجُوبُهَا مُؤَجَّلَةً فِي ثَلَاثِ سِنِينَ كَمَا يَأْتِي.
قَوْلُهُ: (كَوْنُ الْقَتْلِ عَمْدًا، أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ) كَوْنُ هَذَا عَارِضًا لِتَغْلِيظِ الدِّيَةِ فِيهِ نَظَرٌ، لِأَنَّهُ لَيْسَ الْأَصْلُ فِيهَا التَّخْفِيفَ حَتَّى يَكُونَ هَذَا عَارِضًا لِلتَّغْلِيظِ بَلْ هِيَ مُغَلَّظَةٌ ابْتِدَاءً فِيهِمَا نَعَمْ كَلَامُهُ مُسَلَّمٌ فِي قَوْلِهِ، أَوْ فِي الْحَرَمِ إلَخْ، لِأَنَّهُ أَيْ الْقَتْلَ فِي الْحَرَمِ تَعَرَّضَ لِلتَّغْلِيظِ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ الشَّارِحُ: وَأَسْبَابُ التَّغْلِيظِ خَمْسَةٌ وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ عَلَى بُعْدٍ بِأَنَّهُ لَمَّا عَدَلَ عَنْ الْقَتْلِ خَطَأً إلَى الْعَمْدِ، أَوْ شِبْهِهِ كَانَ كَعُرُوضِ التَّغْلِيظِ أَيْ كَأَنَّهُ تَسَبَّبَ فِيهِ فَتَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: (أَوْ ذِي رَحِمٍ) أَيْ، أَوْ لِذِي رَحِمٍ.
وَلَوْ قَالَ: مَحْرَمِ رَحِمٍ بِالْإِضَافَةِ لَكَانَ مُسْتَقِيمًا لِتَخْرُجَ نَحْوُ بِنْتِ عَمٍّ هِيَ أُمُّ زَوْجَةٍ. اهـ. ق ل.
لِأَنَّ الْمَحْرَمِيَّةَ لَيْسَتْ نَاشِئَةً مِنْ الرَّحِمِ أَيْ الْقَرَابَةِ بَلْ نَاشِئَةٌ مِنْ كَوْنِهَا أُمَّ زَوْجَتِهِ اهـ.
قَوْلُهُ: (وَقَدْ يَعْرِضُ لَهَا مَا يَنْقُصُهَا) فِي كَوْنِ الْأُنُوثَةِ عَارِضَةً لِلتَّنْقِيصِ نَظَرٌ، لِأَنَّهَا مُنْقِصَةٌ لَهَا ابْتِدَاءً وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْقَتْلُ عَامًّا فِي الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَالْحُرِّ وَالْعَبْدِ وَعَدَلَ عَنْ الْكَامِلِ إلَى دُونِهِ كَأَنْ تَسَبَّبَ فِي تَنْقِيصِ الدِّيَةِ، تَأَمَّلْ.
وَفِي إطْلَاقِ الدِّيَةِ عَلَى قِيمَةِ الرَّقِيقِ وَعَلَى الْغُرَّةِ مُسَامَحَةٌ لَكِنَّهُمَا لَمَّا كَانَا بَدَلًا عَنْ النَّفْسِ أُطْلِقَ عَلَيْهِمَا دِيَةً تَجَوُّزًا.
قَوْلُهُ: (فِي الْقَتْلِ الْعَمْدِ) لَيْسَ قَيْدًا بَلْ تَكُونُ مُثَلَّثَةً فِي شِبْهِ الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ فِي مَوَاضِعِهِ.
وَيُجَابُ بِأَنَّهُ اقْتَصَرَ عَلَى الْعَمْدِ، لِأَنَّهُ الْكَامِلُ فِي التَّغْلِيظِ، لِأَنَّهُ فِيهِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ، وَإِنْ ذَكَرَ الْمَتْنُ التَّثْلِيثَ فَقَطْ.
قَوْلُهُ: (خَلِفَةً) هُوَ اسْمُ جَمْعٍ لَا مُفْرَدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَرُدَّ بِأَنَّ تَمْيِيزَ الْأَرْبَعِينَ مُفْرَدٌ كَمَا قَالَ ابْنُ مَالِكٍ وَمَيِّزْ الْعِشْرِينَ لِلتِّسْعِينَا بِوَاحِدٍ كَأَرْبَعِينَ حِينَا إلَّا أَنْ يُقَالَ اسْمُ الْجَمْعِ كَالْمُفْرَدِ وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ جَمْعُهَا خِلَفٌ بِكَسْرِ الْخَاءِ وَفَتْحِ اللَّامِ وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ جَمْعُهَا خَلِفَاتٌ. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ وَقَوْلُهُ بِكَسْرِ الْخَاءِ لَيْسَ بِظَاهِرٍ فَقَدْ قَالَ فِي الْمُخْتَارِ الْخَلِفُ بِوَزْنِ الْكَتِفِ الْمَخَاضُ وَهِيَ الْحَوَامِلُ مِنْ النُّوقِ وَمِثْلُهُ فِي الْمِصْبَاحِ فَلَعَلَّ الْقَوْلَ بِكَسْرِ الْخَاءِ سَبْقُ قَلَمٍ.
اهـ. ع ش عَلَى م ر
قَوْلُهُ لِخَبَرِ التِّرْمِذِيِّ بِذَلِكَ رَوَى الشَّافِعِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ «أَلَا إنَّ فِي قَتِيلِ الْخَطَأِ قَتِيلِ السَّوْطِ وَالْعَصَا مِائَةً مِنْ الْإِبِلِ مُغَلَّظَةً مِنْهَا أَرْبَعُونَ خَلِفَةً فِي بُطُونِهَا أَوْلَادُهَا» وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ وَمُنْقَطِعٌ
قَوْلُهُ وَالْمَعْنَى أَتَى بِذَلِكَ لِأَنَّ الَّذِي فِي الْبَطْنِ لَا يُسَمَّى وَلَدًا إلَّا بِتَجَوُّزٍ أَيْ مَجَازِ الْأَوَّلِ
قَوْلُهُ أَهْلِ الْخِبْرَةِ أَيْ عَدْلَيْنِ مِنْهُمْ فَإِنْ أَخَذَهَا الْمُسْتَحِقُّ بِقَوْلِهِمَا أَوْ تَصْدِيقِهِ لِلدَّافِعِ وَمَاتَتْ عِنْدَهُ وَتَنَازَعَا شُقَّ جَوْفُهَا فَإِنْ بَانَ أَنْ لَا حَمْلَ غَرِمَهَا وَأَخَذَ بَدَلَهَا خَلِفَةً فَإِنْ ادَّعَى الدَّافِعُ
وَذَلِكَ فِي قَتْلِ الذَّكَرِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ الْمَحْقُونِ الدَّمِ غَيْرِ جَنِينٍ انْفَصَلَ بِجِنَايَةٍ مَيِّتًا، وَالْقَاتِلُ لَهُ لَا رِقَّ فِيهِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْجَبَ فِي الْآيَةِ الْمَذْكُورَةِ دِيَةً، وَبَيَّنَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي كِتَابِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ فِي قَوْلِهِ:«فِي النَّفْسِ مِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ» رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَنَقَلَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَغَيْرُهُ فِيهِ الْإِجْمَاعَ.
وَلَا تَخْتَلِفُ الدِّيَةُ بِالْفَضَائِلِ وَالرَّذَائِلِ، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ بِالْأَدْيَانِ وَالذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ بِخِلَافِ الْجِنَايَةِ عَلَى الرَّقِيقِ فَإِنَّ فِيهِ الْقِيمَةَ الْمُخْتَلِفَةَ أَمَّا إذَا كَانَ غَيْرَ مَحْقُونِ الدَّمِ كَتَارِكِ الصَّلَاةِ كَسَلًا وَالزَّانِي الْمُحْصَنِ إذَا قَتَلَ كُلًّا مِنْهُمَا مُسْلِمٌ فَلَا دِيَةَ فِيهِ وَلَا كَفَّارَةَ؛ وَإِنْ كَانَ الْقَاتِلُ رَقِيقًا لِغَيْرِ الْمَقْتُولِ وَلَوْ مُكَاتَبًا وَأَمَّ وَلَدٍ فَالْوَاجِبُ أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ قِيمَتِهِ وَالدِّيَةِ، وَإِنْ كَانَ مُبَعَّضًا لَزِمَهُ لِجِهَةِ الْحُرِّيَّةِ الْقَدْرُ الَّذِي يُنَاسِبُهَا مِنْ نِصْفٍ، أَوْ ثُلُثٍ مَثَلًا وَلِجِهَةِ الرَّقَبَةِ أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ الْقِيمَةِ وَالدِّيَةِ، وَهَذِهِ الدِّيَةُ مُغَلَّظَةٌ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: كَوْنِهَا عَلَى الْجَانِي، وَحَالَّةً، وَمِنْ جِهَةِ السِّنِّ.
وَالْخَلِفَةِ: بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ، وَكَسْرِ اللَّامِ وَبِالْفَاءِ وَلَا جَمْعَ لَهَا مِنْ لَفْظِهَا عِنْدَ الْجُمْهُورِ، بَلْ مِنْ مَعْنَاهَا، وَهُوَ مَخَاضٌ كَامْرَأَةٍ وَنِسَاءٍ.
وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: جَمْعُهَا خَلِفٌ بِكَسْرِ اللَّامِ، وَابْنُ سِيدَهْ خَلِفَاتٌ.
وَفِي شِبْهِ الْعَمْدِ مُغَلَّظَةٌ مِنْ وَجْهٍ وَاحِدٍ وَهُوَ كَوْنُهَا مُثَلَّثَةً.
(وَالْمُخَفَّفَةُ) بِسَبَبِ قَتْلِ الذَّكَرِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ.
(مِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ) وَهِيَ فِي الْخَطَأِ مُخَفَّفَةٌ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ.
الْأَوَّلُ: وُجُوبُهَا مُخَمَّسَةً (عِشْرُونَ حِقَّةً وَعِشْرُونَ جَذَعَةً وَعِشْرُونَ بِنْتَ لَبُونٍ وَعِشْرُونَ بِنْتَ مَخَاضٍ وَعِشْرُونَ ابْنَ لَبُونٍ) وَتَقَدَّمَ بَيَانُهَا فِي الزَّكَاةِ.
وَالثَّانِي: وُجُوبُهَا عَلَى الْعَاقِلَةِ.
وَالثَّالِثُ: وُجُوبُهَا مُؤَجَّلَةً فِي ثَلَاثِ سِنِينَ، وَفِي شِبْهِ الْعَمْدِ مُخَفَّفَةٌ مِنْ وَجْهَيْنِ، وَهُمَا: وُجُوبُهَا عَلَى الْعَاقِلَةِ وَوُجُوبُهَا مُؤَجَّلَةً فِي ثَلَاثِ سِنِينَ، وَلَا يُقْبَلُ فِي إبِلِ الدِّيَةِ مَعِيبٌ بِمَا يُثْبِتُ الرَّدَّ فِي الْمَبِيعِ، وَإِنْ كَانَتْ إبِلُ مَنْ لَزِمَتْهُ مَعِيبَةً، لِأَنَّ الشَّرْعَ أَطْلَقَهَا، فَاقْتَضَتْ السَّلَامَةَ وَخَالَفَ ذَلِكَ الزَّكَاةَ لِتَعَلُّقِهَا بِعَيْنِ الْمَالِ وَخَالَفَ الْكَفَّارَةَ أَيْضًا، لِأَنَّ مَقْصُودَهَا تَخْلِيصُ الرَّقَبَةِ مِنْ الرِّقِّ لِتَسْتَقِلَّ فَاعْتُبِرَ فِيهَا السَّلَامَةُ، مِمَّا يُؤَثِّرُ فِي الْعَمَلِ وَالِاسْتِقْلَالِ إلَّا بِرِضَا الْمُسْتَحِقِّ بِذَلِكَ إذَا كَانَ أَهْلًا لِلتَّبَرُّعِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ فَلَهُ إسْقَاطُهُ.
وَمَنْ لَزِمَتْهُ دِيَةٌ وَلَهُ إبِلٌ فَتُؤْخَذُ مِنْهَا وَلَا يُكَلَّفُ غَيْرَهَا، لِأَنَّهَا تُؤْخَذُ عَلَى سَبِيلِ الْمُوَاسَاةِ فَكَانَتْ مِمَّا عِنْدَهُ كَمَا تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي نَوْعِ النِّصَابِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إبِلٌ فَمِنْ غَالِبِ إبِلِ بَلْدَةِ بَلَدِيٍّ أَوْ غَالِبِ إبِلِ قَبِيلَةِ بَدَوِيٍّ، لِأَنَّهَا بَدَلُ مُتْلَفٍ فَوَجَبَ فِيهَا الْبَدَلُ الْغَالِبُ كَمَا فِي قِيمَةِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
إسْقَاطَ الْحَمْلِ وَأَمْكَنَ صُدِّقَ إنْ أُخِذَتْ بِعَدْلَيْنِ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ أَوْ أَمْكَنَ وَأَخَذَهَا الْمُسْتَحِقُّ بِقَوْلِ الدَّافِعِ مَعَ تَصْدِيقِهِ صُدِّقَ الْمُسْتَحِقُّ بِلَا يَمِينٍ فِي الْأُولَى وَبِهِ فِي الثَّانِيَةِ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مَعَهُ شَرْحَ الرَّوْضِ
قَوْلُهُ: (وَذَلِكَ) أَيْ التَّغْلِيظُ الْمَذْكُورُ وَذَكَرَ لَهُ سِتَّةَ شُرُوطٍ.
قَوْلُهُ: (وَالْقَاتِلُ لَهُ) أَيْ لِلْحُرِّ الْمُسْلِمِ.
قَوْلُهُ: (لِأَنَّ اللَّهَ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ، لِأَنَّ الدِّيَةَ الَّتِي فِي الْآيَةِ فِي الْخَطَأِ، وَبَيَانُ النَّبِيِّ لَهَا وَاَلَّذِي فِي الْمَتْنِ الْعَمْدُ فَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْإِجْمَاعُ.
قَوْلُهُ: (وَإِنْ كَانَ الْقَاتِلُ رَقِيقًا إلَخْ) اسْتِئْنَافُ كَلَامٍ.
قَوْلُهُ: (وَلَا جَمْعَ لَهَا) الصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ وَلَا وَاحِدَ لَهُ، لِأَنَّهُ اسْمُ جَمْعٍ عَلَى هَذَا، وَاسْمُ الْجَمْعِ لَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ بَلْ مِنْ مَعْنَاهُ.
قَوْلُهُ: (بِكَسْرِ اللَّامِ) أَيْ وَالْخَاءِ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ م د الصَّوَابُ، أَنَّهُ بِفَتْحِ الْخَاءِ كَمَا فِي الْمُخْتَارِ وَغَيْرِهِ
قَوْلُهُ: (بِسَبَبِ) الْأَوْلَى تَأْخِيرُهُ عَنْ قَوْلِهِ مِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ.
قَوْلُهُ: (وَخَالَفَ الْكَفَّارَةَ أَيْضًا إلَخْ) أَيْ حَيْثُ اعْتَبَرُوا فِيهَا مَا يَضُرُّ بِالْعَمَلِ فَالثُّيُوبَةُ فِي الْأَمَةِ فِي غَيْرِ أَوَانِهَا عَيْبٌ فِي الْمَبِيعِ لَا فِي الْكَفَّارَةِ، لِأَنَّهَا لَا تُخِلُّ بِالْعَمَلِ.
قَوْلُهُ: (مِمَّا يُؤَثِّرُ فِي الْعَمَلِ) أَيْ، وَإِنْ كَانَتْ مَعِيبَةً بِعَيْبٍ يُثْبِتُ الرَّدَّ فِي الْبَيْعِ كَالثُّيُوبَةِ فِي غَيْرِ أَوَانِهَا.
قَوْلُهُ: (إلَّا بِرِضَا إلَخْ) مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ: وَلَا يُقْبَلُ مَعِيبٌ إلَخْ.
قَوْلُهُ: (وَلَا يُكَلَّفُ إلَخْ) أَيْ فَلَوْ تَكَلَّفَ وَحَصَّلَ الْإِبِلَ مِنْ غَالِبِ إبِلِ مَحَلِّهِ قُبِلَ مِنْهُ ذَلِكَ فَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْإِخْرَاجِ مِنْ إبِلِهِ وَمِنْ إبِلِ غَالِبِ إبِلِ مَحَلِّهِ،. اهـ. مَرْحُومِيٌّ. فَالْمُعْتَمَدُ تَخْيِيرُهُ بَيْنَ إبِلِهِ إنْ كَانَتْ سَلِيمَةً وَغَالِبِ إبِلِ مَحَلِّهِ، وَإِنْ خَالَفَ نَوْعَ إبِلِهِ أَوْ كَانَتْ إبِلُهُ أَعْلَى مِنْ غَالِبِ إبِلِ الْبَلَدِ، وَيُجْبَرُ الْمُسْتَحِقُّ عَلَى قَبُولِهِ، وَإِنْ كَانَتْ إبِلُهُ مَعِيبَةً تَعَيَّنَ الْغَالِبُ شَرْحَ م ر.
قَوْلُهُ: (لِأَنَّهَا تُؤْخَذُ عَلَى سَبِيلِ الْمُوَاسَاةِ) هَذَا خَاصٌّ بِمَا إذَا كَانَتْ وَاجِبَةً عَلَى الْعَاقِلَةِ وَلَا يَشْمَلُ مَا إذَا كَانَتْ وَاجِبَةً عَلَى الْجَانِي.
قَوْلُهُ: (فَمِنْ غَالِبِ إبِلِ بَلَدِهِ إلَخْ)، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْغَالِبُ مِنْ غَيْرِ نَوْعِ إبِلِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ حَيْثُ قَالَ: يَتَعَيَّنُ نَوْعُ إبِلِهِ
الْمُتْلَفَاتِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْبَلْدَةِ أَوْ الْقَبِيلَةِ إبِلٌ بِصِفَةِ الْإِجْزَاءِ فَتُؤْخَذُ مِنْ غَالِبِ إبِلِ أَقْرَبِ بِلَادٍ، أَوْ أَقْرَبِ قَبَائِلَ إلَى مَوْضِعِ الْمُؤَدِّي فَيَلْزَمُهُ نَقْلُهَا كَمَا فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ، مَا لَمْ تَبْلُغْ مُؤْنَةُ نَقْلِهَا مَعَ قِيمَتِهَا أَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ بِبَلْدَةِ، أَوْ قَبِيلَةِ الْعُدْمِ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ حِينَئِذٍ نَقْلُهَا وَهَذَا مَا جَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي، وَهُوَ أَوْلَى مِنْ الضَّبْطِ بِمَسَافَةِ الْقَصْرِ، وَإِذَا وَجَبَ نَوْعٌ مِنْ الْإِبِلِ لَا يُعْدَلُ عَنْهُ إلَى نَوْعٍ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ الْوَاجِبِ وَلَا إلَى قِيمَةٍ عَنْهُ إلَّا بِتَرَاضٍ مِنْ الْمُؤَدِّي وَالْمُسْتَحِقِّ.
تَنْبِيهٌ: مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ التَّغْلِيظِ وَالتَّخْفِيفِ فِي النَّفْسِ، يَجْرِي مِثْلُهُ فِي الْأَطْرَافِ وَالْجُرُوحِ.
(فَإِنْ عُدِمَتْ الْإِبِلُ) حِسًّا بِأَنْ لَمْ تُوجَدْ فِي مَوْضِعٍ يَجِبُ تَحْصِيلُهَا مِنْهُ، أَوْ شَرْعًا بِأَنْ وُجِدَتْ فِيهِ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ مِثْلِهَا (انْتَقَلَ إلَى قِيمَتِهَا) وَقْتَ وُجُوبِ تَسْلِيمِهَا بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ؛ لِأَنَّهَا بَدَلُ مُتْلَفٍ فَيَرْجِعُ إلَى قِيمَتِهَا عِنْدَ إعْوَازِ أَصْلِهِ وَتُقَوَّمُ بِنَقْدِ بَلَدِهِ الْغَالِبِ، لِأَنَّهُ أَقْرَبُ مِنْ غَيْرِهِ، وَأَضْبَطُ.
فَإِنْ كَانَ فِيهِ نَقْدَانِ فَأَكْثَرُ لَا غَالِبَ فِيهِمَا تَخَيَّرَ الْجَانِي بَيْنَهُمَا، وَهَذَا هُوَ الْقَوْلُ الْجَدِيدُ وَهُوَ الصَّحِيحُ.
(وَقِيلَ:) وَهُوَ الْقَوْلُ الْقَدِيمُ
(يَنْتَقِلُ) الْمُسْتَحِقُّ عِنْدَ عَدَمِهَا (إلَى) أَخْذِ (أَلْفِ دِينَارٍ) مِنْ أَهْلِ الدَّنَانِيرِ (أَوْ) يَنْتَقِلُ (إلَى اثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا) فِضَّةً مِنْ أَهْلِ الدَّرَاهِمِ، وَالْمُعْتَبَرُ فِيهِمَا الْمَضْرُوبُ الْخَالِصُ (وَ) عَلَى الْقَدِيمِ (إنْ غُلِّظَتْ) الدِّيَةُ وَلَوْ مِنْ وَجْهٍ وَاحِدٍ (زِيدَ عَلَيْهَا) لِأَجْلِ التَّغْلِيظِ (الثُّلُثُ) أَيْ قَدْرُهُ عَلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ الْمُفَرَّعَيْنِ عَلَيْهِ.
فَفِي الدَّنَانِيرِ أَلْفٌ وَثَلَثُمِائَةٍ وَثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ دِينَارًا وَثُلُثُ دِينَارٍ، وَفِي الْفِضَّةِ سِتَّةَ عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَالْمُصَنِّفُ فِي هَذَا تَابِعٌ لِصَاحِبِ الْمُهَذَّبِ وَهُوَ ضَعِيفٌ.
وَأَصَحُّهُمَا فِي الرَّوْضَةِ أَنَّهُ لَا يُزَادُ شَيْءٌ، لِأَنَّ التَّغْلِيظَ فِي الْإِبِلِ إنَّمَا وَرَدَ بِالسِّنِّ وَالصِّفَةِ لَا بِزِيَادَةِ الْعَدَدِ وَذَلِكَ لَا يُوجَدُ فِي الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ.
(وَتُغَلَّظُ دِيَةُ الْخَطَأِ) مِنْ وَجْهٍ وَاحِدٍ وَهُوَ وُجُوبُهَا مُثَلَّثَةً (فِي) أَحَدِ (ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ) .
الْأَوَّلُ: (إذَا قَتَلَ) خَطَأً (فِي الْحَرَمِ) أَيْ حَرَمِ مَكَّةَ فَإِنَّهَا تُثَلَّثُ فِيهِ؛ لِأَنَّ لَهُ تَأْثِيرًا فِي الْأَمْنِ بِدَلِيلِ إيجَابِ جَزَاءِ الصَّيْدِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
سَلِيمًا. اهـ. م د.
قَوْلُهُ: (فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ إذْ بَلَغَتْ مُؤْنَةُ نَقْلِهَا مَعَ قِيمَتِهَا مَا ذَكَرَ قَرُبَتْ الْمَسَافَةُ، أَوْ بَعُدَتْ بَلْ تَجِبُ قِيمَتُهَا م ر.
قَوْلُهُ: (وَإِذَا وَجَبَ نَوْعٌ مِنْ الْإِبِلِ) كَالْغَالِبِ بِالْبَلَدِ.
قَوْلُهُ: (لَا يَعْدِلُ عَنْهُ إلَى نَوْعٍ) وَإِنْ كَانَ أَعْلَى.
قَوْلُهُ: (وَالْجُرُوحُ) أَيْ دُونَ الْحُكُومَاتِ.
قَوْلُهُ: (فَإِنْ عُدِمَتْ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ فُقِدَتْ.
قَوْلُهُ: (انْتَقَلَ إلَى قِيمَتِهَا) هَذَا إنْ لَمْ يُمْهَلْ الدَّافِعُ فَإِنْ أُمْهِلَ بِأَنْ قَالَ لَهُ الْمُسْتَحِقُّ: أَنَا أَصْبِرُ حَتَّى تُوجَدَ الْإِبِلُ؛ لَزِمَهُ امْتِثَالُهُ، لِأَنَّهَا الْأَصْلُ فَإِنْ أُخِذَتْ الْقِيمَةُ فَوُجِدَتْ الْإِبِلُ لَمْ تُرَدَّ لِتُشْتَرَى الْإِبِلُ لِانْفِصَالِ الْأَمْرِ بِالْأَخْذِ.
قَوْلُهُ: (لِأَنَّهَا) أَيْ الْإِبِلَ بَدَلُ مُتْلَفٍ هُوَ النَّفْسُ فَيَرْجِعَ إلَى قِيمَتِهَا عِنْدَ إعْوَازِ أَيْ فَقْدِ أَصْلِهِ أَيْ أَصْلِ الْبَدَلِ وَهُوَ الْإِبِلُ، لِأَنَّ قِيمَتَهَا بَدَلٌ ثَانٍ وَفَرْعٌ عَنْ الْأَصْلِ.
قَوْلُهُ: (بِنَقْدِ بَلَدِهِ) أَيْ الْعَدَمِ.
قَوْلُهُ: (تَخَيَّرَ الْجَانِي) عِبَارَةُ م ر تَخَيَّرَ الدَّافِعُ فَلَوْ أَرَادَ الْمُسْتَحِقُّ الصَّبْرَ إلَى وُجُودِهَا أُجِيبَ.
قَوْلُهُ: (وَهَذَا هُوَ الْقَوْلُ الْجَدِيدُ) أَيْ الِانْتِقَالُ إلَى الْقِيمَةِ.
قَوْلُهُ: (يَنْتَقِلُ الْمُسْتَحِقُّ عِنْدَ عَدَمِهَا) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْقَدِيمَ لَا يَقُولُ ذَلِكَ إلَّا عِنْدَ الْفَقْدِ وَهُوَ كَذَلِكَ شَرْحَ م ر.
قَوْلُهُ: (أَلْفِ دِينَارٍ) أَيْ مِثْقَالٍ ذَهَبًا شَرْحَ م ر.
قَوْلُهُ: (عَلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ) مُتَعَلِّقٌ بِزِيدَ أَيْ زِيدَ الثُّلُثُ عَلَى أَحَدِ إلَخْ وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَأَصَحُّهُمَا فِي الرَّوْضَةِ إلَخْ.
قَوْلُهُ: (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْوَجْهِ الْقَدِيمِ الضَّعِيفِ.
قَوْلُهُ: (وَأَصَحُّهُمَا فِي الرَّوْضَةِ) أَيْ عَلَى الضَّعِيفِ.
قَوْلُهُ: (وَذَلِكَ) أَيْ الْمَذْكُورُ مِنْ السِّنِّ وَالصِّفَةِ اهـ.
قَوْلُهُ: (إذَا قَتَلَ خَطَأً فِي الْحَرَمِ) .
{تَنْبِيهٌ} : يَلْتَحِقُ بِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مَا لَوْ جَرَحَهُ فِي الْحَرَمِ فَخَرَجَ مِنْهُ وَمَاتَ فِي غَيْرِهِ.
بِخِلَافِ عَكْسِهِ شَرْحُ الْمَنُوفِيِّ وَسَيَأْتِي أَنَّ الْقَتْلَ لَيْسَ قَيْدًا وَيُفَرَّقُ بَيْنَ مَا لَوْ رَمَاهُ قَرِيبَ غُرُوبِ أَوَّلِ شَهْرٍ مِنْ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ فَوَصَلَ السَّهْمُ بَعْدَ الْغُرُوبِ فَمَاتَ، أَوْ جَرَحَهُ جُرْحًا يُفْضِي إلَى الْمَوْتِ فَمَاتَ فِي الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ بِأَنَّ دَاخِلَ الْحَرَمِ لَهُ نَوْعُ اخْتِيَارٍ فَنُسِبَ الْفِعْلُ إلَيْهِ بِخِلَافِ
الْمَقْتُولِ فِيهِ، سَوَاءٌ أَكَانَ الْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ فِيهِ أَمْ أُصِيبَ الْمَقْتُولُ فِيهِ، وَرُمِيَ مِنْ خَارِجِهِ أَمْ قَطَعَ السَّهْمُ فِي مُرُورِهِ هَوَاءَ الْحَرَمِ وَهُمَا بِالْحِلِّ.
تَنْبِيهٌ: الْكَافِرُ لَا تُغَلَّظُ دِيَتُهُ فِي الْحَرَمِ كَمَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي؛ لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ دُخُولِهِ فَلَوْ دَخَلَهُ لِضَرُورَةٍ اقْتَضَتْهُ فَهَلْ تُغَلَّظُ، أَوْ يُقَالُ: هَذَا نَادِرٌ؟ الْأَوْجَهُ الثَّانِي.
وَخَرَجَ بِالْحَرَمِ الْإِحْرَامُ، لِأَنَّ حُرْمَتَهُ عَارِضَةٌ غَيْرُ مُسْتَمِرَّةٍ وَبِمَكَّةَ حَرَمُ الْمَدِينَةِ بِنَاءً عَلَى مَنْعِ الْجَزَاءِ بِقَتْلِ صَيْدِهِ وَهُوَ الْأَصَحُّ.
وَالثَّانِي مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: (أَوْ) قَتَلَ خَطَأً (فِي) بَعْضِ (الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ) الْأَرْبَعَةِ وَهِيَ: ذُو الْقَعْدَةِ بِفَتْحِ الْقَافِ، وَذُو الْحِجَّةِ بِكَسْرِ الْحَاءِ عَلَى الْمَشْهُورِ فِيهِمَا، وَسُمِّيَا بِذَلِكَ لِقُعُودِهِمْ عَنْ الْقِتَالِ فِي الْأَوَّلِ، وَلِوُقُوعِ الْحَجِّ فِي الثَّانِي وَالْمُحَرَّمُ بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ الْمَفْتُوحَةِ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِتَحْرِيمِ الْقِتَالِ فِيهِ، وَقِيلَ: لِتَحْرِيمِ الْجَنَّةِ عَلَى إبْلِيسَ حَكَاهُ صَاحِبُ الْمُسْتَعْذَبِ، وَدَخَلَتْهُ اللَّامُ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ الشُّهُورِ، لِأَنَّهُ أَوَّلُهَا فَعَرَّفُوهُ كَأَنَّهُ قِيلَ: هَذَا الشَّهْرُ الَّذِي يَكُونُ أَبَدًا أَوَّلَ السَّنَةِ، وَرَجَبُ وَيُقَالُ: لَهُ الْأَصَمُّ وَالْأَصَبُّ، وَهَذَا التَّرْتِيبُ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي عَدِّ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ، وَجَعْلُهَا مِنْ سَنَتَيْنِ هُوَ الصَّوَابُ كَمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ.
وَعَدَّهَا الْكُوفِيُّونَ مِنْ سَنَةٍ وَاحِدَةٍ
ــ
[حاشية البجيرمي]
الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ لَا اخْتِيَارَ لَهُ فِي دُخُولِهَا وَقَالَ سم: لَا بُدَّ مِنْ وُقُوعِ الْفِعْلِ وَالزُّهُوقِ فِيهَا فَلْيُحَرَّرْ.
قَوْلُهُ: (أَمْ قَطَعَ السَّهْمُ فِي مُرُورِهِ هَوَاءَ الْحَرَمِ) بِخِلَافِ مَا لَوْ أَرْسَلَ كَلْبًا فَمَرَّ الْكَلْبُ فِيهِ وَقَطَعَ هَوَاءَهُ وَقَتَلَهُ فِي الْحِلِّ، وَالْمُرْسِلُ خَارِجَهُ فَلَا تَغْلِيظَ، لِأَنَّ لِلْكَلْبِ اخْتِيَارًا ز ي.
قَوْله: (لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ دُخُولِهِ) أَيْ مُطْلَقًا لِضَرُورَةٍ أَوْ لَا ع ش عَلَى م ر وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ.
قَوْلُهُ: فِي حَرَمِ مَكَّةَ أَيْ وَلَوْ بِقَطْعِ هَوَائِهِ بِالسَّهْمِ، وَإِنْ مَاتَ خَارِجَهُ بِخِلَافِ عَكْسِهِ قَالَهُ الْعَلَّامَةُ م ر: وَقَالَ الْعَلَّامَةُ ز ي تُغَلَّظُ مُطْلَقًا وَالتَّغْلِيظُ فِي هَذَا خَاصٌّ بِكَوْنِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ مُسْلِمًا لِمَنْعِ الذِّمِّيِّ مِنْ الدُّخُولِ وَلَوْ لِضَرُورَةٍ وَفَصَّلَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ حَجَرٍ بَيْنَ أَنْ يَدْخُلَ لِحَاجَةٍ فَتُغَلَّظَ، أَوْ لَا فَلَا اهـ.
قَوْلُهُ: (أَوْ فِي الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ الْأَرْبَعَةِ) وَلَا يَلْتَحِقُ بِهَا شَهْرُ رَمَضَانَ، وَإِنْ كَانَ سَيِّدَ الشُّهُورِ، لِأَنَّ الْمُتَّبَعَ فِيهَا التَّوْقِيفُ شَرْحُ الْمَنُوفِيِّ.
قَوْلُهُ: (ذُو الْقَعْدَةِ) بِفَتْحِ الْقَافِ، وَالْحِجَّةِ بِكَسْرِ الْحَاءِ وَقَدْ نَظَمَ ذَلِكَ بَعْضُهُمْ فَقَالَ:
الْفَتْحُ فِي قَافٍ لِقَعْدَةِ صَحِّحُوا
…
وَالْكَسْرُ فِي حَاءٍ لِحِجَّةٍ رَجِّحُوا
انْتَهَى، قَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: الْأَخْبَارُ تَظَاهَرَتْ بَعْدَهَا عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ فَهُوَ الصَّوَابُ خِلَافًا لِمَنْ بَدَأَ بِالْمُحَرَّمِ، لِتَكُونَ مِنْ سَنَةٍ وَاحِدَةٍ وَاخْتُصَّ الْمُحَرَّمُ بِالتَّعْرِيفِ لِكَوْنِهِ أَوَّلَ السَّنَةِ فَكَأَنَّهُمْ قَالُوا: هَذَا الَّذِي يَكُونُ أَوَّلَ الْعَامِ دَائِمًا اهـ قِيلَ وَالْحِكْمَةُ فِي جَعْلِهِ أَوَّلَ الْعَامِ أَنْ يَحْصُلَ الِابْتِدَاءُ بِشَهْرٍ حَرَامٍ وَيُخْتَمَ بِشَهْرٍ حَرَامٍ، وَتُتَوَسَّطَ السَّنَةُ بِشَهْرٍ حَرَامٍ وَهُوَ رَجَبُ، وَإِنَّمَا تَوَالَى شَهْرَانِ فِي الْآخِرِ لِإِرَادَةِ تَفْضِيلِ الْخِتَامِ، وَالْأَعْمَالُ بِالْخَوَاتِيمِ شَوْبَرِيُّ وَقَوْلُهُ: تَظَاهَرَتْ بَعْدَهَا إلَخْ أَيْ فَهِيَ مِنْ سَنَتَيْنِ عَلَى الرَّاجِحِ لَا مِنْ سَنَةٍ.
قَوْلُهُ: (لِتَحْرِيمِ الْقِتَالِ فِيهِ) وَصَفَرَ، سُمِّيَ بِهِ لِخُلُوِّ مَكَّةَ فِيهِ عَنْ أَهْلِهَا لِلْقِتَالِ فِيهِ، وَالرَّبِيعَيْنِ لِارْتِبَاعِ النَّاسِ فِيهِمَا أَيْ إقَامَتِهِمْ، وَالْجُمَادَيْنِ لِجُمُودِ الْمَاءِ فِيهِمَا، وَرَجَبَ لِتَرْجِيبِهِمْ إيَّاهُ أَيْ تَعْظِيمِهِمْ، وَشَعْبَانَ لِتَشَعُّبِ الْقَبَائِلِ فِيهِ، وَرَمَضَانَ لِرَمَضِ الذُّنُوبِ فِيهِ، لِأَنَّهُ يُرْمِضُ الذُّنُوبَ أَيْ يُحْرِقُهَا، وَقِيلَ: لِأَنَّ الْقُلُوبَ تُؤْخَذُ فِيهِ مِنْ حَرَارَةِ الْمَوْعِظَةِ، وَقِيلَ: سُمِّيَ رَمَضَانَ، لِأَنَّهُمْ لَمَّا نَقَلُوا أَسْمَاءَ الشُّهُورِ عَنْ اللُّغَةِ الْقَدِيمَةِ سَمَّوْهَا بِالْأَزْمِنَةِ الَّتِي وَقَعَتْ فِيهَا فَوَافَقَ زَمَنَ الْحَرِّ وَالرَّمَضِ، وَسُمِّيَ شَوَّالٌ بِذَلِكَ لِشَوْلِ أَذْنَابِ اللِّقَاحِ، أَيْ رَفْعِهَا عِنْدَ الْجِمَاعِ وَبَعْدَهُ.
قَوْلُهُ: (لِتَحْرِيمِ الْجَنَّةِ فِيهِ عَلَى إبْلِيسَ) أَيْ مَنْعِهِ مِنْهَا وَالْمُرَادُ إظْهَارُ التَّحْرِيمِ لَنَا، وَإِلَّا فَتَحْرِيمُهَا عَلَيْهِ أَزَلِيٌّ.
قَوْلُهُ: (وَدَخَلَتْهُ اللَّامُ دُونَ غَيْرِهِ) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: أَدْخَلُوا الْأَلِفَ وَاللَّامَ عَلَيْهِ لِلَمْحِ الصِّفَةِ فِي الْأَصْلِ، وَلَا يَجُوزُ دُخُولُهُمَا عَلَى غَيْرِهِ عِنْدَ قَوْمٍ وَعِنْدَ قَوْمٍ يَجُوزُ عَلَى صَفَرَ وَشَوَّالٍ اهـ وَقَالَ م ر الظَّاهِرُ أَنَّ أَلْ فِيهِ لِلَمْحِ الصِّفَةِ لَا لِلتَّعْرِيفِ، وَخَصُّهُ بِأَلْ وَبِالْمُحَرَّمِ مَعَ تَحْرِيمِ الْقِتَالِ فِي جَمِيعِهَا لِأَنَّهُ أَفْضَلُهَا فَالتَّحْرِيمُ فِيهِ
فَقَالُوا: الْمُحَرَّمُ، وَرَجَبٌ، وَذُو الْقَعْدَةِ، وَذُو الْحِجَّةِ قَالَ ابْنُ رِيحَةَ: وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ الْخِلَافِ فِيمَا إذَا نَذَرَ صِيَامَهَا أَيْ مُرَتَّبَةً فَعَلَى الْأَوَّلِ يَبْدَأُ بِذِي الْقَعْدَةِ وَعَلَى الثَّانِي بِالْمُحَرَّمِ، وَالثَّالِثُ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ:(أَوْ قَتَلَ) خَطَأً مَحْرَمًا (ذَاتَ رَحِمٍ) أَيْ قَرِيبٍ.
(مَحْرَمٍ) كَالْأُمِّ وَالْأُخْتِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ قَطِيعَةِ الرَّحِمِ، وَخَرَجَ بِمَحْرَمٍ ذَاتِ رَحِمٍ صُورَتَانِ: الْأُولَى مَا إذَا انْفَرَدَتْ الْمَحْرَمِيَّةُ عَنْ الرَّحِمِ كَمَا فِي الْمُصَاهَرَةِ وَالرَّضَاعِ فَلَا يُغَلَّظُ بِهَا الْقَتْلُ قَطْعًا.
الثَّانِيَةُ: أَنْ تَنْفَرِدَ الرَّحِمِيَّةُ عَنْ الْمَحْرَمِيَّةِ كَأَوْلَادِ الْأَعْمَامِ وَالْأَخْوَالِ، فَلَا تُغَلَّظُ فِيهِمْ عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ لِمَا بَيْنَهُمَا مِنْ التَّفَاوُتِ فِي الْقَرَابَةِ.
تَنْبِيهٌ: يَدْخُلُ التَّغْلِيظُ وَالتَّخْفِيفُ فِي دِيَةِ الْمَرْأَةِ وَالذِّمِّيِّ وَنَحْوِهِ مِمَّنْ لَهُ عِصْمَةٌ، وَفِي قَطْعِ الطَّرَفِ، وَفِي دِيَةِ الْجُرْحِ بِالنِّسْبَةِ لِدِيَةِ النَّفْسِ وَلَا يَدْخُلُ قِيمَةَ الْعَبْدِ تَغْلِيظٌ وَلَا تَخْفِيفٌ بَلْ الْوَاجِبُ قِيمَتُهُ يَوْمَ التَّلَفِ عَلَى قِيَاسِ سَائِرِ الْمُتَقَوِّمَاتِ.
وَلَا تَغْلِيظَ فِي قَتْلِ الْجَنِينِ بِالْحَرَمِ كَمَا يَقْتَضِيهِ إطْلَاقُهُمْ، وَصَرَّحَ بِهِ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ، وَإِنْ كَانَ مُقْتَضَى النَّصِّ خِلَافَهُ، وَلَا تَغْلِيظَ فِي الْحُكُومَاتِ كَمَا نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيّ عَنْ تَصْرِيحِ الْمَاوَرْدِيُّ وَإِنْ كَانَ مُقْتَضَى كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ خِلَافَهُ.
، وَتَقْيِيدُ الْمُصَنِّفِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
أَغْلَظُ.
قَوْلُهُ: (وَرَجَبُ) سُمِّيَ بِذَلِكَ، لِأَنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ تُرَجِّبُهُ أَيْ تُعَظِّمُهُ، وَسُمِّيَ الْأَصَمَّ، لِأَنَّهُمْ كَانُوا لَا يَسْمَعُونَ فِيهِ صَوْتَ الْحَرْبِ، وَسُمِّيَ الْأَصَبَّ أَيْضًا لِانْصِبَابِ الْخَيْرَاتِ فِيهِ، وَقِيلَ: لَمْ يُعَذِّبْ اللَّهُ فِيهِ أُمَّةً وَرُدَّ بِأَنَّ جَمْعًا ذَكَرُوا أَنَّ قَوْمَ نُوحٍ أُغْرِقُوا فِيهِ وَأَفْضَلُهَا الْمُحَرَّمُ، ثُمَّ رَجَبُ، ثُمَّ الْآخَرَانِ بِرْمَاوِيٌّ.
قَوْلُهُ: (وَجَعْلُهَا مِنْ سَنَتَيْنِ هُوَ الصَّوَابُ) اعْتَمَدَهُ م ر، وَإِنَّمَا كَانَتْ مِنْ سَنَتَيْنِ، لِأَنَّنَا إذَا بَدَأْنَا بِالْقَعْدَةِ تَكُونُ هِيَ وَالْحِجَّةُ مِنْ السَّنَةِ الْقَدِيمَةِ وَيَكُونُ الْمُحَرَّمُ وَرَجَبٌ مِنْ السَّنَةِ الثَّانِيَةِ.
قَوْلُهُ (قَالَ ابْنُ رِيحَةَ) صَوَابُهُ كَمَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ دَحْيَةَ كَمَا فِي شَرْحِ الدَّمِيرِيِّ لِلْمِنْهَاجِ.
قَوْلُهُ: (مُرَتَّبَةً) أَمَّا لَوْ أَطْلَقَ بِأَنْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ بَدَأَ بِمَا يَلِي نَذْرَهُ. اهـ. ع ش عَلَى م ر.
قَوْلُهُ: (مَحْرَمًا ذَاتَ رَحِمٍ) لَوْ قَالَ: مَحْرَمَ رَحِمٍ بِالْإِضَافَةِ لَكَانَ أَخْصَرَ وَأَوْلَى لِيَخْرُجَ بِهِ بِنْتُ عَمٍّ هِيَ أُمُّ زَوْجَتِهِ مَثَلًا كَمَا مَرَّ وَلَا يَخْفَى عَدَمُ دُخُولِ الذُّكُورِ فِي ذَلِكَ أَيْ فِي قَوْلِهِ: ذَاتَ إلَخْ مَعَ أَنَّ التَّغْلِيظَ شَامِلٌ لِلذُّكُورِ أَيْضًا كَمَا فِي م ر كَأَنْ قَتَلَتْ الْمَرْأَةُ عَمَّهَا، أَوْ خَالَهَا، ق ل مَعَ زِيَادَةٍ وَقَوْلُ الشَّارِحِ مَحْرَمًا لَا حَاجَةَ إلَيْهِ مَعَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بَعْدُ مَحْرَمٍ.
قَوْلُهُ: (أَيْ قَرِيبٍ مَحْرَمٍ) صَوَابُهُ أَيْ قَرِيبًا مَحْرَمًا، لِأَنَّ قَرِيبًا تَفْسِيرٌ لِذَاتِ الْمَنْصُوبِ، أَوْ يَقُولُ: قَرَابَةُ تَفْسِيرُ الرَّحِمِ.
قَوْلُهُ: (وَخَرَجَ بِمَحْرَمٍ ذَاتِ رَحِمٍ) هُوَ نَاظِرٌ لِتَعْبِيرِهِ، وَالْمُنَاسِبُ لِكَلَامِ الْمَتْنِ أَنْ يَقُولَ: وَخَرَجَ بِذَاتِ رَحِمٍ مَحْرَمٍ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَهُ: ذَاتَ رَحِمٍ صِفَةٌ لِمَوْصُوفٍ مَحْذُوفٍ أَيْ نَفْسًا ذَاتَ رَحِمٍ فَيَشْمَلُ الذُّكُورَ وَالْإِنَاثَ، وَقَوْلُهُ بَعْدَهَا: مَحْرَمٍ إنْ كَانَ تَفْسِيرًا لِرَحِمٍ لَا يَصِحُّ، لِأَنَّ الرَّحِمَ الْقَرَابَةُ لَا الْمَحْرَمُ، وَإِنْ كَانَ تَفْسِيرًا لِذَاتٍ كَانَ حَقُّهُ أَنْ يَقُولَ: مَحْرَمًا لِأَنَّ " ذَاتَ " مَنْصُوبَةٌ فَالْمُتَعَيَّنُ أَنَّهُ بِالرَّفْعِ فَاعِلُ قَتَلَ، أَوْ خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ هِيَ مَحْرَمٌ، وَلَكِنَّ الْجَارِيَ عَلَى الْأَلْسِنَةِ أَنَّهُ مَجْرُورٌ فَحِينَئِذٍ يُجْعَلُ بَدَلًا مِنْ رَحِمٍ بَدَلَ اشْتِمَالٍ، لِأَنَّ الْمَحْرَمَ مُشْتَمِلٌ عَلَى الرَّحِمِ أَيْ الْقَرَابَةِ، وَإِنْ كَانَ خَالِيًا عَنْ الضَّمِيرِ فَيُقَدَّرُ لَهُ ضَمِيرٌ أَيْ لَهُ مَثَلًا، وَأَمَّا تَقْدِيرُ الشَّارِحِ مَحْرَمًا فَفِيهِ نَظَرٌ مِنْ وَجْهَيْنِ.
الْأَوَّلُ أَنَّهُ يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ: " مَحْرَمٍ " فِي الْمَتْنِ.
وَالثَّانِي يُوهِمُ اخْتِصَاصَ الْحُكْمِ بِالْإِنَاثِ مَعَ أَنَّهُ لَا يَخْتَصُّ وَقَوْلُهُ: أَيْ قَرِيبٍ إنْ كَانَ تَفْسِيرَ الرَّحِمِ لَا يَصِحُّ، لِأَنَّ الرَّحِمَ الْقَرَابَةُ لَا الْقَرِيبُ وَإِنْ كَانَ تَفْسِيرًا لِذَاتِ فَكَانَ يَقُولُ: أَيْ قَرِيبًا فَكَانَ الْأَوْلَى حَذْفَهُ، وَإِبْقَاءَ الْمَتْنِ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرٍ، ثُمَّ إنَّهُ يَرُدُّ عَلَى الْعِبَارَةِ بِرُمَّتِهَا شَيْءٌ وَهُوَ أَنَّهَا تَشْمَلُ بِنْتَ الْعَمِّ إذَا كَانَتْ أُخْتًا مِنْ الرَّضَاعِ أَوْ أُمَّ الزَّوْجَةِ مَثَلًا فَيَصْدُقَ عَلَيْهَا أَنَّهَا قَرِيبَةٌ وَمَحْرَمٌ مَعَ أَنَّهُ لَا تَغْلِيظَ فِيهَا فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: ذَاتَ مَحْرَمِ رَحِمٍ بِإِضَافَةِ " مَحْرَمٍ " لِرَحِمٍ وَيَكُونَ مِنْ إضَافَةِ الْمُسَبَّبِ لِلسَّبَبِ أَيْ نَشَأَتْ مَحْرَمِيَّتُهَا مِنْ الْقَرَابَةِ فَتَخْرُجَ بِنْتُ الْعَمِّ الْمَذْكُورَةُ لِأَنَّ مَحْرَمِيَّتَهَا نَشَأَتْ مِنْ الرَّضَاعِ أَوْ الْمُصَاهَرَةِ.
قَوْلُهُ: (وَالذِّمِّيِّ) أَيْ فِي غَيْرِ الْحَرَمِ لِمَا مَرَّ، ع ش: أَيْ مِنْ أَنَّ الْكَافِرَ لَا تُغَلَّظُ دِيَتُهُ فِي الْحَرَمِ.
قَوْلُهُ: (فِي قَتْلِ الْجَنِينِ) أَيْ فِي بَدَلِ قَتْلِ الْجَنِينِ أَيْ فِيمَا إذَا فُقِدَتْ الْغُرَّةُ الْوَاجِبَةُ وَانْتَقَلَ إلَى خَمْسَةٍ مِنْ الْإِبِلِ فَإِنَّهَا لَا تُغَلَّظُ أَيْ لَا تَكُونُ مُثَلَّثَةً وَأَفْهَمَ تَقْيِيدُهُ بِالْحَرَمِ أَنَّهَا تُغَلَّظُ فِيمَا إذَا كَانَ الْقَتْلُ فِي الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ، أَوْ كَانَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ أَيْ إذَا انْتَقَلَ إلَى خَمْسَةٍ مِنْ الْإِبِلِ الَّتِي هِيَ عُشْرُ دِيَةِ الْأُمِّ فَإِنَّهَا تَكُونُ مُثَلَّثَةً.
قَوْلُهُ: (وَلَا تَغْلِيظَ فِي الْحُكُومَاتِ) قَالَ م ر: الْمُعْتَمَدُ التَّغْلِيظُ فِي الْحُكُومَاتِ وَالْغُرَّةِ وَبِهِ أَفْتَى الشَّيْخُ يَعْنِي وَالِدَهُ كَذَا
الْقَتْلَ بِالْخَطَأِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ التَّغْلِيظَ إنَّمَا يَظْهَرُ فِيهِ أَمَّا إذَا كَانَ عَمْدًا، أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ فَلَا يَتَضَاعَفُ بِالتَّغْلِيظِ، وَلَا خِلَافَ فِيهِ كَمَا قَالَهُ الْعِمْرَانِيُّ.
لِأَنَّ الشَّيْءَ إذَا انْتَهَى نِهَايَتُهُ فِي التَّغْلِيظِ لَا يَقْبَلُ التَّغْلِيظَ كَالْأَيْمَانِ فِي الْقَسَامَةِ، وَنَظِيرُهُ الْمُكَبَّرُ لَا يُكَبَّرُ، كَعَدَمِ التَّثْلِيثِ فِي غَسَلَاتِ الْكَلْبِ قَالَهُ الدَّمِيرِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ.
وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ مُغَلَّظَاتِ الدِّيَةِ.
شَرَعَ فِي مُنْقِصَاتِهَا فَمِنْهَا الْأُنُوثَةُ كَمَا قَالَهُ (وَدِيَةُ الْمَرْأَةِ) الْحُرَّةِ سَوَاءٌ أَقَتَلَهَا رَجُلٌ أَمْ امْرَأَةٌ (عَلَى النِّصْفِ مِنْ دِيَةِ الرَّجُلِ) الْحُرِّ مِمَّنْ هِيَ عَلَى دِينِهِ نَفْسًا، أَوْ جُرْحًا لِمَا رَوَى الْبَيْهَقِيُّ خَبَرَ:«دِيَةُ الْمَرْأَةِ نِصْفُ دِيَةِ الرَّجُلِ» وَأُلْحِقَ بِنَفْسِهَا جُرْحُهَا.
وَالْخُنْثَى كَالْمَرْأَةِ هُنَا فِي جَمِيعِ أَحْكَامِهَا، لِأَنَّ زِيَادَتَهُ عَلَيْهَا مَشْكُوكٌ فِيهَا.
فَفِي قَتْلِ الْمَرْأَةِ، أَوْ الْخُنْثَى خَطَأً عَشْرُ بَنَاتِ مَخَاضٍ، وَعَشْرُ بَنَاتِ لَبُونٍ وَهَكَذَا.
وَفِي قَتْلِهَا عَمْدًا، أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ خَمْسَ عَشْرَةَ حِقَّةً وَخَمْسَ عَشْرَةَ جَذَعَةً وَعِشْرُونَ خَلِفَةً.
(وَدِيَةُ) كُلٍّ مِنْ (الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ) وَالْمُعَاهَدِ وَالْمُسْتَأْمَنِ إذَا كَانَ مَعْصُومًا تَحِلُّ مُنَاكَحَتُهُ (ثُلُثُ دِيَةِ) الْحُرِّ (الْمُسْلِمِ) نَفْسًا وَغَيْرَهَا.
أَمَّا فِي النَّفْسِ فَرُوِيَ مَرْفُوعًا، قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ: قَضَى بِذَلِكَ عُمَرُ وَعُثْمَانُ، - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -.
وَهَذَا التَّقْدِيرُ لَا يُفْعَلُ بِلَا تَوْقِيفٍ فَفِي قَتْلِهِ عَمْدًا، أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ عَشْرُ حِقَاقٍ وَعَشْرُ جَذَعَاتٍ وَثَلَاثَ عَشْرَةَ خَلِفَةً وَثُلُثٌ، وَفِي قَتْلِهِ خَطَأً لَمْ يُغَلَّظْ سِتَّةٌ وَثُلُثَانِ مِنْ بَنَاتِ الْمَخَاضِ وَبَنَاتِ اللَّبُونِ وَبَنِي اللَّبُونِ وَالْحِقَاقِ وَالْجِذَاعِ فَمَجْمُوعُ ذَلِكَ ثَلَاثٌ وَثَلَاثُونَ وَثُلُثٌ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: دِيَةُ مُسْلِمٍ.
وَقَالَ مَالِكٌ: نِصْفُهَا.
وَقَالَ أَحْمَدُ: إنْ قُتِلَ عَمْدًا فَدِيَةُ مُسْلِمٍ، أَوْ خَطَأً فَنِصْفُهَا.
أَمَّا غَيْرُ الْمَعْصُومِ مِنْ الْمُرْتَدِّينَ وَمَنْ لَا أَمَانَ لَهُ، فَإِنَّهُ مَقْتُولٌ بِكُلِّ حَالٍ، وَأَمَّا مَنْ لَا تَحِلُّ مُنَاكَحَتُهُ فَهُوَ كَالْمَجُوسِيِّ.
وَأَمَّا الْأَطْرَافُ وَالْجِرَاحُ فَبِالْقِيَاسِ عَلَى النَّفْسِ.
تَنْبِيهٌ: السَّامِرَةُ كَالْيَهُودِ وَالصَّابِئَةُ كَالنَّصَارَى، إنْ لَمْ يُكَفِّرْهُمْ أَهْلُ مِلَّتِهِمْ، وَإِلَّا فَكَمَنْ لَا كِتَابَ لَهُ.
(وَدِيَةُ الْمَجُوسِيِّ الَّذِي لَهُ) أَمَانٌ أَخَسُّ الدِّيَاتِ وَهِيَ (ثُلُثَا عُشْرِ دِيَةِ الْمُسْلِمِ) كَمَا قَالَ بِهِ عُمَرُ وَعُثْمَانُ وَابْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنهم فَفِيهِ عِنْدَ التَّغْلِيظِ: حِقَّتَانِ وَجَذَعَتَانِ وَخَلِفَتَانِ وَثُلُثَا خَلِفَةٍ وَعِنْدَ التَّخْفِيفِ بَعِيرٌ وَثُلُثٌ مِنْ كُلِّ سِنٍّ فَمَجْمُوعُ ذَلِكَ سِتٌّ وَثُلُثَانِ وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ أَنَّ فِي الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ خَمْسَ فَضَائِلَ، وَهِيَ حُصُولُ كِتَابٍ، وَدِينٍ كَانَ حَقًّا بِالْإِجْمَاعِ، وَتَحِلُّ مُنَاكَحَتُهُمْ وَذَبَائِحُهُمْ وَيُقَرُّونَ بِالْجِزْيَةِ.
وَلَيْسَ لِلْمَجُوسِيِّ مِنْ هَذِهِ الْخَمْسَةِ إلَّا التَّقْرِيرُ بِالْجِزْيَةِ، فَكَانَتْ دِيَتُهُ عَلَى
ــ
[حاشية البجيرمي]
بِخَطِّ سم، وَفِي شَرْحِ م ر: التَّغْلِيظُ وَالتَّخْفِيفُ يَأْتِي فِي الذَّكَرِ، وَالْأُنْثَى، وَالذِّمِّيِّ، وَالْمَجُوسِيِّ، وَالْجِرَاحَاتِ بِحِسَابِهَا، وَالْأَطْرَافِ، وَالْمَعَانِي بِحِسَابِهَا بِخِلَافِ نَفْسِ الْقِنِّ. اهـ، فَلَا يَدْخُلُ التَّغْلِيظُ وَالتَّخْفِيفُ نَفْسَ الْقِنِّ اهـ.
قَوْلُهُ: (إذَا انْتَهَى نِهَايَتَهُ فِي التَّغْلِيظِ) فِيهِ أَنَّ شِبْهَ الْعَمْدِ لَمْ يَنْتَهِ نِهَايَتَهُ فِي التَّغْلِيظِ لِأَنَّهُ مُغَلَّظٌ مِنْ وَجْهٍ وَاحِدٍ وَهُوَ التَّثْلِيثُ فَقَطْ فَهُوَ يَقْبَلُ التَّغْلِيظَ بِالْوَجْهَيْنِ الْآخَرَيْنِ، أَيْ كَوْنِ الدِّيَةِ مُعَجَّلَةً وَكَوْنِهَا عَلَى الْجَانِي اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُرَادَ بِالتَّغْلِيظِ فِي قَوْلِهِ: إذَا انْتَهَى نِهَايَتَهُ فِي التَّغْلِيظِ التَّغْلِيظُ مِنْ حَيْثُ التَّثْلِيثُ الَّذِي هُوَ الْمَقْصُودُ فِي شِبْهِ الْعَمْدِ.
قَوْلُهُ: (كَالْأَيْمَانِ فِي الْقَسَامَةِ) أَيْ فَلَا يُطْلَبُ فِيهَا التَّغْلِيظُ بِالْمَكَانِ وَالزَّمَانِ كَمَا فِي اللِّعَانِ.
قَوْلُهُ: (نَفْسًا) أَيْ بِالْإِجْمَاعِ وَقَوْلُهُ وَجُرْحًا أَيْ بِالْقِيَاسِ بِرْمَاوِيٌّ
قَوْلُهُ: (وَالْمُعَاهَدِ وَالْمُسْتَأْمَنِ) كَانَ الْأَوْلَى حَذْفَهُ، لِأَنَّهُ إنْ كَانَ مِنْ الْيَهُودِ، أَوْ النَّصَارَى أَغْنَى عَنْهُمَا مَا قَبْلَهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِهِمَا لَمْ يَجِبْ فِيهِ ثُلُثُ دِيَةِ الْمُسْلِمِ بَلْ دِيَةُ مَجُوسِيٍّ أَوْ كَأَنْ يَقُولَ بَدَلَ ذَلِكَ: وَدِيَةُ الْيَهُودِيِّ أَوْ النَّصْرَانِيِّ الذِّمِّيِّ، أَوْ الْمُعَاهَدِ أَوْ الْمُؤَمَّنِ.
قَوْلُهُ: (تَحِلُّ مُنَاكَحَتُهُ) قَالَ الشِّهَابُ عَمِيرَةُ: هَذَا يُفِيدُ أَنَّ غَالِبَ أَهْلِ الذِّمَّةِ الْآنَ إنَّمَا يَضْمَنُونَ بِدِيَةِ الْمَجُوسِيِّ، لِأَنَّ شَرْطَ الْمُنَاكَحَةِ فِي غَيْرِ الْإِسْرَائِيلِيِّ لَا يَكَادُ يُوجَدُ سم عَلَى الْمَنْهَجِ وَقَوْلُ سم: لِأَنَّ شَرْطَ الْمُنَاكَحَةِ إلَخْ وَهُوَ أَنْ يَعْلَمَ دُخُولَ أَوَّلِ آبَائِهِ فِي ذَلِكَ الدِّينِ قَبْلَ النَّسْخِ وَالتَّحْرِيفِ. اهـ. ع ش عَلَى م ر.
قَوْلُهُ: (قَضَى بِذَلِكَ) أَيْ بِالثُّلُثِ، قَوْلُهُ:(وَهَذَا التَّقْدِيرُ) أَيْ التَّقْدِيرُ بِالثُّلُثِ، قَوْلُهُ:(فَإِنَّهُ مَقْتُولٌ بِكُلِّ حَالٍ) أَيْ فَيَكُونُ مُهْدَرًا.
قَوْلُهُ: (وَأَمَّا الْأَطْرَافُ إلَخْ) مُقَابِلُ قَوْلِهِ مَا فِي النَّفْسِ فَرُوِيَ مَرْفُوعًا.
قَوْلُهُ: (وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ) أَيْ فِي كَوْنِ دِيَتِهِ ثُلُثَيْ عُشْرِ دِيَةِ الْمُسْلِمِ.
قَوْلُهُ: (كَانَ حَقًّا) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا أَيْ مِنْ الدِّينِ وَالْكِتَابِ.
قَوْلُهُ:
الْخُمُسِ مِنْ دِيَةِ الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ.
تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ: ثُلُثَا عُشْرٍ أَوْلَى مِنْهُ ثُلُثُ خُمُسٍ.
لِأَنَّ فِي الثُّلُثَيْنِ تَكْرِيرًا وَأَيْضًا فَهُوَ الْمُوَافِقُ لِتَصْوِيبِ الْحِسَابِ لَهُ لِكَوْنِهِ أَخْصَرَ.
وَكَذَا وَثَنِيٌّ وَنَحْوُهُ كَعَابِدِ شَمْسٍ وَقَمَرٍ وَزِنْدِيقٍ وَهُوَ مَنْ لَا يَنْتَحِلُ دِينًا مِمَّنْ لَهُ أَمَانٌ كَدُخُولِهِ لَنَا رَسُولًا أَمَّا مَنْ لَا أَمَانَ لَهُ فَمُهْدَرٌ وَسَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَنْ دِيَةِ الْمُتَوَلِّدِ بَيْنَ كِتَابِيٍّ وَوَثَنِيٍّ مَثَلًا.
وَهِيَ كَدِيَةِ الْكِتَابِيِّ اعْتِبَارًا بِالْأَشْرَفِ سَوَاءٌ أَكَانَ أَبًا أَمْ أُمًّا، لِأَنَّ الْمُتَوَلِّدَ يَتْبَعُ أَشْرَفَ الْأَبَوَيْنِ دِينًا، وَالضَّمَانُ يَغْلِبُ فِيهِ جَانِبُ التَّغْلِيظِ وَيَحْرُمُ قَتْلُ مَنْ لَهُ أَمَانٌ لِأَمَانِهِ، وَدِيَةُ النِّسَاءِ وَخَنَاثَى مِمَّنْ ذَكَرَ عَلَى النِّصْفِ مِنْ دِيَةِ رِجَالِهِمْ.
وَلَوْ أَخَّرَ الْمُصَنِّفُ ذِكْرَ الْمَرْأَةِ إلَى هُنَا.
وَذَكَرَ مَعَهَا الْخُنْثَى لَشَمِلَ الْجَمِيعَ.
وَيُرَاعَى فِي ذَلِكَ التَّغْلِيظُ وَالتَّخْفِيفُ.
وَمَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ دَعْوَةُ الْإِسْلَامِ إنْ تَمَسَّكَ بِدِينٍ لَمْ يُبَدَّلْ فَدِيَةُ أَهْلِ دِينِهِ دِيَتُهُ، وَإِلَّا فَكَدِيَةِ مَجُوسِيٍّ وَلَا يَجُوزُ قَتْلُ مَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ وَيُقْتَصُّ لِمَنْ أَسْلَمَ بِدَارِ الْحَرْبِ.
وَلَمْ يُهَاجِرْ مِنْهَا بَعْدَ إسْلَامِهِ، وَإِنْ تَمَكَّنَ.
وَلَمَّا بَيَّنَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - دِيَةَ النَّفْسِ شَرَعَ فِي بَيَانِ مَا دُونَهَا وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ:
إبَانَةُ طَرَفٍ، وَإِزَالَةُ مَنْفَعَةٍ وَجُرْحٌ مُخِلًّا بِتَرْتِيبِهَا، كَمَا سَتَعْرِفُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى مُبْتَدِئًا بِالْأَمْرِ الْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ (وَتُكَمَّلُ دِيَةُ النَّفْسِ) أَيْ دِيَةُ نَفْسِ صَاحِبِ ذَلِكَ الْعُضْوِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ غَيْرِهِ تَغْلِيظًا، أَوْ تَخْفِيفًا (فِي) إبَانَةِ (الْيَدَيْنِ) الْأَصْلِيَّتَيْنِ لِخَبَرِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ بِذَلِكَ رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ.
تَنْبِيهٌ: الْمُرَادُ بِالْيَدِ الْكَفُّ مَعَ الْأَصَابِعِ الْخَمْسِ هَذَا إنْ قَطَعَ الْيَدَ مِنْ مَفْصِلِ كَفٍّ، وَهُوَ الْكُوعُ.
فَإِنْ قَطَعَ فَوْقَ الْكَفِّ وَجَبَ مَعَ دِيَةِ الْكَفِّ حُكُومَةٌ، لِأَنَّ مَا فَوْقَ الْكَفِّ لَيْسَ بِتَابِعٍ بِخِلَافِ الْكَفِّ مَعَ الْأَصَابِعِ فَإِنَّهُمَا كَالْعُضْوِ الْوَاحِدِ بِدَلِيلِ قَطْعِهِمَا فِي السَّرِقَةِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى:{فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: 38] وَفِي إحْدَاهُمَا نِصْفُهَا بِالْإِجْمَاعِ الْمُسْتَنِدِ إلَى النَّصِّ بِالْوَارِدِ فِي كِتَابِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ الَّذِي كَتَبَهُ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم.
(وَ) تُكَمَّلُ دِيَةُ النَّفْسِ فِي إبَانَةِ (الرِّجْلَيْنِ) الْأَصْلِيَّتَيْنِ إذَا قُطِعَتَا مِنْ الْكَعْبَيْنِ لِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ بِذَلِكَ
ــ
[حاشية البجيرمي]
الْمُوَافِقُ لِتَصْوِيبِ الْحِسَابِ) ظَاهِرُهُ بَلْ صَرِيحُهُ أَنَّ عِبَارَةَ الْمُصَنِّفِ خَطَأٌ عِنْدَ الْحِسَابِ لِتَصْوِيبِهِ ثُلُثَ خُمُسٍ، وَالْحَقُّ أَنَّهُ لَيْسَ بِخَطَأٍ، بَلْ هُوَ حَسَنٌ، وَإِنَّمَا هُوَ خِلَافُ الْأَوْلَى عِنْدَهُمْ كَمَا يُعْلَمُ ذَلِكَ مِنْ كُتُبِهِمْ وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُ قَبْلَ ذَلِكَ: أَوْلَى مِنْهُ ثُلُثُ خُمُسٍ فَلَعَلَّ الْمُرَادَ، بِالتَّصْوِيبِ الْأَوْلَوِيَّةُ فَلَا اعْتِرَاضَ حِينَئِذٍ.
قَوْلُهُ: (مِمَّنْ ذُكِرَ) أَيْ الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ وَمَنْ لَهُ أَمَانٌ.
قَوْلُهُ: (بِدِينٍ لَمْ يُبَدَّلْ) أَيْ بِمَا لَمْ يُبَدَّلْ مِنْ ذَلِكَ الدِّينِ، كَمَا فِي م ر، وَإِلَّا فَالْأَدْيَانُ كُلُّهَا قَدْ بُدِّلَتْ.
قَوْلُهُ: (فَدِيَةُ أَهْلِ دِينِهِ) فَإِنْ كَانَ كِتَابِيًّا فَدِيَةُ كِتَابِيٍّ أَوْ مَجُوسِيًّا فَدِيَةُ مَجُوسِيٍّ فَإِنْ جَهِلَ قَدْرَ دِيَةِ أَهْلِ دِينِهِ بِأَنْ عَلِمْنَا تَمَسُّكَهُ بِدِينٍ حَقٍّ كَصُحُفِ إبْرَاهِيمَ وَشِيثٍ وَالتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَلَمْ نَعْلَمْ عَيْنَهُ وَجَبَ أَخَسُّ الدِّيَاتِ يَعْنِي دِيَةَ الْمَجُوسِيِّ لِأَنَّهُ الْمُتَيَقَّنُ. اهـ. م د.
قَوْلُهُ: (وَإِلَّا) بِأَنْ تَمَسَّكَ بِمَا بُدِّلَ مِنْ دِينٍ أَوْ لَمْ يَتَمَسَّكْ بِشَيْءٍ بِأَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ دَعْوَةُ نَبِيٍّ أَصْلًا.
قَوْلُهُ: (مَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ) أَيْ قَبْلَ الدُّعَاءِ إلَى الْإِسْلَامِ اهـ رَوْضٌ.
قَوْلُهُ: (وَإِنْ تَمَكَّنَ) أَيْ مِنْ الْهِجْرَةِ يَعْنِي أَنْ تَمَكُّنَهُ مِنْهَا وَلَمْ يُهَاجِرْ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ الْعِصْمَةِ.
قَوْلُهُ: (فِي بَيَانِ مَا دُونَهَا) أَيْ فِي بَيَانِ دِيَةِ مَا دُونَهَا. وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ:
قَوْلُهُ: (وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ) الضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِمَا وَأَنَّثَهُ بِالنَّظَرِ لِمَعْنَاهَا، لِأَنَّ مَا دُونَ النَّفْسِ مُتَعَدِّدٌ لَكِنْ لَا يُنَاسِبُهُ قَوْلُهُ: بَعْدَ إبَانَةِ طَرَفٍ إلَخْ وَالظَّاهِرُ أَنَّ " مَا " وَاقِعَةٌ عَلَى الدِّيَةِ وَيُقَدَّرُ مُضَافٌ فِي قَوْلِهِ: " إبَانَةِ " أَيْ دِيَةِ إبَانَةِ طَرَفٍ وَكَذَا يُقَدَّرُ فِيمَا بَعْدَهُ تَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: (وَجُرْحٌ) بِالرَّفْعِ.
قَوْلُهُ: (مُخِلًّا بِتَرْتِيبِهَا) أَيْ لِأَنَّهُ ذَكَرَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَيَيْنِ بَعْدَ الْمَنَافِعِ.
قَوْلُهُ: (الَّذِي كَتَبَهُ) أَيْ أَذِنَ لَهُ فِي كِتَابَتِهِ.
قَوْلُهُ: (فِي إبَانَةِ الرِّجْلَيْنِ) أَيْ قَطْعِ الرِّجْلَيْنِ.
قَوْلُهُ: (لِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ بِذَلِكَ) أَيْ
وَالْكَعْبُ كَالْكَفِّ، وَالسَّاقُ كَالسَّاعِدِ، وَالْفَخِذُ كَالْعَضُدِ.
وَالْأَعْرَجُ كَالسَّلِيمِ، لِأَنَّ الْعَيْبَ لَيْسَ فِي نَفْسِ الْعُضْوِ، وَإِنَّمَا الْعَرَجُ نَقْصٌ فِي الْفَخِذِ وَفِي إحْدَاهُمَا نِصْفُهَا لِمَا مَرَّ.
وَفِي كُلِّ أُصْبُعٍ أَصْلِيَّةٍ مِنْ يَدٍ، أَوْ رِجْلٍ عُشْرُ دِيَةِ صَاحِبِهَا فَفِيهَا لِذَكَرٍ حُرٍّ مُسْلِمٍ عَشَرَةُ أَبْعِرَةٍ.
كَمَا جَاءَ فِي خَبَرِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ أَمَّا الْأُصْبُعُ الزَّائِدُ، أَوْ الْيَدُ الزَّائِدَةُ أَوْ الرِّجْلُ الزَّائِدَةُ فَفِيهَا حُكُومَةٌ، وَفِي كُلِّ أُنْمُلَةٍ مِنْ أَصَابِعِ الْيَدَيْنِ، أَوْ الرِّجْلَيْنِ مِنْ غَيْرِ إبْهَامٍ ثُلُثُ الْعَشَرَةِ، لِأَنَّ كُلَّ أُصْبُعٍ لَهُ ثَلَاثُ أَنَامِلَ إلَّا الْإِبْهَامَ فَلَهُ أُنْمُلَتَانِ فَفِي أُنْمُلَتِهِ نِصْفُهَا عَمَلًا بِقِسْطِ وَاجِبِ الْأُصْبُعِ.
(وَ) تُكَمَّلُ دِيَةُ النَّفْسِ فِي إبَانَةِ مَارِنِ (الْأَنْفِ) وَهُوَ مَا لَانَ مِنْ الْأَنْفِ وَخَلَا مِنْ الْعَظْمِ لِخَبَرِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ بِذَلِكَ وَلِأَنَّ فِيهِ جَمَالًا وَمَنْفَعَةً وَهُوَ مُشْتَمِلٌ عَلَى الطَّرَفَيْنِ الْمُسَمَّيَانِ الْمَنْخِرَيْنِ وَعَلَى الْحَاجِزِ بَيْنَهُمَا.
وَتَنْدَرِجُ حُكُومَةُ قَصَبَتِهِ فِي دِيَتِهِ كَمَا رَجَّحَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ.
وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْأَخْشَمِ وَغَيْرِهِ، وَفِي كُلٍّ مِنْ طَرَفَيْهِ وَالْحَاجِزِ ثُلُثٌ تَوْزِيعًا لِلدِّيَةِ عَلَيْهَا.
(وَ) تُكَمَّلُ دِيَةُ النَّفْسِ فِي إبَانَةِ (الْأُذُنَيْنِ) مِنْ أَصْلِهِمَا بِغَيْرِ إيضَاحٍ سَوَاءٌ أَكَانَ سَمِيعًا أَمْ أَصَمَّ لِخَبَرِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ: «فِي الْأُذُنِ خَمْسُونَ مِنْ الْإِبِلِ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ وَلِأَنَّهُمَا عُضْوَانِ فِيهِمَا جَمَالٌ وَمَنْفَعَةٌ، فَوَجَبَ أَنْ تُكَمَّلَ فِيهِمَا الدِّيَةُ.
فَإِنْ حَصَلَ بِالْجِنَايَةِ إيضَاحٌ وَجَبَ مَعَ الدِّيَةِ أَرْشٌ وَفِي بَعْضِ الْأُذُنِ بِقِسْطِهِ.
وَيُقَدَّرُ بِالْمِسَاحَةِ وَلَوْ أَيَبْسَهُمَا بِالْجِنَايَةِ عَلَيْهِمَا بِحَيْثُ لَوْ حُرِّكَتَا لَمْ تَتَحَرَّكَا فَدِيَةٌ كَمَا لَوْ ضَرَبَ يَدَهُ فَشُلَّتْ وَلَوْ قَطَعَ أُذُنَيْنِ يَابِسَتَيْنِ بِجِنَايَةٍ، أَوْ غَيْرِهَا فَحُكُومَةٌ.
(وَ) تُكَمَّلُ دِيَةُ النَّفْسِ فِي إبَانَةِ (الْعَيْنَيْنِ) لِخَبَرِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ بِذَلِكَ وَحَكَى ابْنُ الْمُنْذِرِ فِيهِ الْإِجْمَاعَ وَلِأَنَّهُمَا مِنْ أَعْظَمِ الْجَوَارِحِ نَفْعًا فَكَانَتَا أَوْلَى بِإِيجَابِ الدِّيَةِ.
وَفِي كُلِّ عَيْنٍ نِصْفُهَا، وَلَوْ عَيْنَ أَحْوَلَ وَهُوَ مَنْ فِي عَيْنَيْهِ خَلَلٌ دُونَ بَصَرِهِ، وَعَيْنَ أَعْمَشَ وَهُوَ مَنْ يَسِيلُ دَمْعُهُ غَالِبًا مَعَ ضَعْفِ رُؤْيَتِهِ، وَعَيْنَ أَعْوَرَ وَهُوَ
ــ
[حاشية البجيرمي]
بِكَمَالِ دِيَةِ النَّفْسِ فِيهِمَا.
قَوْلُهُ: (وَالْكَعْبُ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: وَالْقَدَمُ كَالْكَفِّ، لِأَنَّ الْقَدَمَ هُوَ التَّابِعُ لِلْأَصَابِعِ كَمَا أَنَّ الْكَفَّ تَابِعٌ لَهَا.
قَوْلُهُ: (وَالسَّاقُ كَالسَّاعِدِ) يَقْتَضِي أَنَّهُ ذَكَرَ حُكْمَ السَّاعِدِ وَالْعَضُدِ فِيمَا تَقَدَّمَ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ: ذَكَرَهُ فِي ضِمْنِ قَوْلِهِ: فَإِنْ قَطَعَ مِنْ فَوْقِ كَفٍّ.
قَوْلُهُ: (نَقَصَ فِي الْفَخِذِ) أَيْ مَثَلًا أَوْ السَّاقِ، أَوْ الرُّكْبَةِ.
قَوْلُهُ: (وَفِي إحْدَاهُمَا) أَيْ الرِّجْلَيْنِ نِصْفُهَا لِمَا مَرَّ أَيْ النَّصِّ الَّذِي وَرَدَ فِي كِتَابِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ الَّذِي كَتَبَهُ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم.
قَوْلُهُ: (وَفِي كُلِّ أُصْبُعٍ أَصْلِيَّةٍ) أَيْ، وَإِنْ زَادَتْ عَلَى الْعَشَرَةِ فِي الْيَدِ، أَوْ الرِّجْلِ سَوَاءٌ عُلِمَتْ أَصْلِيَّتُهَا، أَوْ اشْتَبَهَتْ بِخِلَافِ الزَّائِدَةِ يَقِينًا فَفِيهَا حُكُومَةٌ وَلَوْ زَادَتْ الْأَنَامِلُ، أَوْ نَقَصَتْ وُزِّعَ وَاجِبُ الْأُصْبُعِ عَلَيْهَا. اهـ. ق ل.
قَوْلُهُ: (أَمَّا الْأُصْبُعُ الزَّائِدَةُ فَيَجِبُ لَهَا حُكُومَةٌ) أَيْ إنْ قَطَعَهَا وَحْدَهَا فَإِنْ قَطَعَ الْيَدَ وَفِيهَا أُصْبُعٌ زَائِدَةٌ دَخَلَتْ حُكُومَتُهَا فِي دِيَةِ الْيَدِ لِكَوْنِ الْعُضْوِ وَاحِدًا بِخِلَافِ مَا لَوْ قَطَعَ يَدًا أَصْلِيَّةً مَعَ يَدٍ زَائِدَةٍ فَيَجِبُ لِلزَّائِدَةِ حُكُومَةٌ زِيَادَةٌ عَلَى دِيَةِ الْأَصْلِيَّةِ.
قَوْلُهُ: (ثُلُثُ الْعَشَرَةِ) الْأَوْلَى ثُلُثُ الْعُشْرِ لِيَعُمَّ الذِّمِّيَّ وَالْمَرْأَةَ.
قَوْلُهُ: (ثَلَاثُ أَنَامِلَ) فِيهِ خَفَاءٌ بِالنَّظَرِ لِأَصَابِعِ الرِّجْلَيْنِ خُصُوصًا فِي خِنْصَرِهِمَا.
قَوْلُهُ: (مَارِنِ الْأَنْفِ) قَدْرِ مَارِنٍ، لِأَنَّ الْقَصَبَةَ دَاخِلَةٌ فِي الْأَنْفِ مَعَ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ قَطْعُهَا فِي كَمَالِ الدِّيَةِ، وَعِبَارَةُ الْمَنْهَجِ: وَفِي كُلٍّ مِنْ طَرَفَيْ مَارِنٍ وَحَاجِزٍ بَيْنَهُمَا ثُلُثٌ لِذَلِكَ فَفِي الْمَارِنِ الدِّيَةُ وَتَنْدَرِجُ فِيهَا حُكُومَةُ الْقَصَبَةِ.
اهـ وَقَوْلُهُ فَفِي الْمَارِنِ الدِّيَةُ أَيْ وَلَوْ بِانْشِلَالِهِ وَفِي اعْوِجَاجِهِ حُكُومَةٌ كَاعْوِجَاجِ الرَّقَبَةِ وَتَسْوِيدِ الْوَجْهِ فَإِنْ ذَهَبَ بَعْضُهُ وَلَوْ بِآفَةٍ فَفِي الْبَاقِي قِسْطُهُ مِنْهَا وَانْظُرْ لَوْ ذَهَبَ بَعْضُهُ خِلْقَةً قَالَ شَيْخُنَا الشبراملسي: الْقِيَاسُ أَنَّهُ لَا يُكَمَّلُ فِيهِ الدِّيَةُ بِرْمَاوِيٌّ.
قَوْلُهُ: (الْمُسَمَّيَانِ) عَلَى لُغَةِ مَنْ يُلْزِمُ الْمُثَنَّى الْأَلِفَ أَوْ هُوَ نَعْتٌ مَقْطُوعٌ أَيْ وَهُمَا الْمُسَمَّيَانِ بِالْمَنْخِرَيْنِ إلَخْ م د وَفِيهِ أَنَّ الْمَنْعُوتَ لَمْ يَتَعَيَّنْ بِدُونِهِ وَهُوَ لَا يَجُوزُ.
قَوْلُهُ: (بِغَيْرِ إيضَاحٍ) أَيْ وُصُولٍ إلَى الْعَظْمِ.
قَوْلُهُ: (وَفِي بَعْضِ الْأُذُنِ بِقِسْطِهِ) الْبَاءُ زَائِدَةٌ.
قَوْلُهُ: (وَيُقَدَّرُ) : أَيْ الْبَعْضُ بِالْمِسَاحَةِ أَيْ لِمَعْرِفَةِ الْجُزْئِيَّةِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي أَجْزَاءِ الْأَطْرَافِ بِرْمَاوِيٌّ وَعِبَارَةُ الرَّشِيدِيِّ وَيُقَدَّرُ بِالْمِسَاحَةِ أَيْ بِالْجُزْئِيَّةِ أَيْضًا بِأَنْ يُقَاسَ الْمَقْطُوعُ مِنْهَا وَالْبَاقِي وَيُنْسَبَ مِقْدَارُ الْمَقْطُوعِ لِلْجُمْلَةِ وَيُؤْخَذَ بِتِلْكَ النِّسْبَةِ مِنْ دِيَتِهَا فَإِذَا كَانَ الْمَقْطُوعُ نِصْفَهَا كَانَ الْوَاجِبُ نِصْفَ دِيَتِهَا فَالْمِسَاحَةُ هُنَا تُوصِلُ إلَى مَعْرِفَةِ الْجُزْئِيَّةِ بِخِلَافِهَا فِيمَا مَرَّ فِي قَوَدِ الْمُوضِحَةِ فَإِنَّهَا تُوصِلُ إلَى مِقْدَارِ الْجُرْحِ لِيُوضَحَ مِنْ الْجَانِي بِقَدْرِ هَذَا الْمِقْدَارِ وَهَذَا ظَاهِرٌ، وَإِنْ تَوَقَّفَ فِيهِ الشَّيْخُ.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ عَيْنَ أَحْوَلَ) نَظِيرُ ذَلِكَ عَدَمُ نَظَرِهِمْ إلَى اخْتِلَافِ الْأَيْدِي مَثَلًا بِقُوَّةِ الْبَطْشِ وَضَعْفِهِ
ذَاهِبُ حُسْنِ إحْدَى الْعَيْنَيْنِ مَعَ بَقَاءِ بَصَرِهِ، وَعَيْنَ أَخْفَشَ وَهُوَ صَغِيرُ الْعَيْنِ الْمُبْصِرَةِ، وَعَيْنَ أَعْشَى وَهُوَ مَنْ لَا يُبْصِرُ لَيْلًا، وَعَيْنَ أَجْهَرَ وَهُوَ مَنْ لَا يُبْصِرُ فِي الشَّمْسِ، لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ بَاقِيَةٌ بِأَعْيُنِ مَنْ ذُكِرَ، وَمِقْدَارُ الْمَنْفَعَةِ لَا يُنْظَرُ إلَيْهِ وَكَذَا مَنْ بِعَيْنِهِ بَيَاضٌ عَلَا بَيَاضَهَا، أَوْ سَوَادَهَا أَوْ نَاظِرَهَا، وَهُوَ رَقِيقٌ لَا يَنْقُصُ الضَّوْءَ الَّذِي فِيهَا يَجِبُ فِي قَلْعِهَا نِصْفُ دِيَةٍ لِمَا مَرَّ، فَإِنْ نَقَصَ الضَّوْءَ وَأَمْكَنَ ضَبْطُ النَّقْصِ فَقِسْطُ مَا نَقَصَ يَسْقُطُ مِنْ الدِّيَةِ فَإِنْ لَمْ يَنْضَبِطْ النَّقْصُ وَجَبَتْ حُكُومَتُهُ.
(وَ) تُكَمَّلُ دِيَةُ النَّفْسِ فِي إبَانَةِ (الْجُفُونِ الْأَرْبَعَةِ) وَفِي كُلِّ جَفْنٍ بِفَتْحِ جِيمِهِ وَكَسْرِهَا وَهُوَ غِطَاءُ الْعَيْنِ رُبُعُ دِيَةٍ سَوَاءٌ الْأَعْلَى أَوْ الْأَسْفَلُ
وَلَوْ كَانَتْ لِأَعْمَى وَبِلَا هُدْبٍ لِأَنَّ فِيهَا جَمَالًا وَمَنْفَعَةً وَقَدْ اُخْتُصَّتْ عَنْ غَيْرِهَا مِنْ الْأَعْضَاءِ بِكَوْنِهَا رُبَاعِيَّةً وَتَدْخُلُ حُكُومَةُ الْأَهْدَابِ فِي دِيَةِ الْأَجْفَانِ بِخِلَافِ مَا لَوْ انْفَرَدَتْ الْأَهْدَابُ فَإِنَّ فِيهَا حُكُومَةً إذَا فَسَدَ مَنْبَتُهَا كَسَائِرِ الشُّعُورِ لِأَنَّ الْفَائِتَ بِقَطْعِهَا الزِّينَةُ وَالْجَمَالُ دُونَ الْمَقَاصِدِ الْأَصْلِيَّةِ وَإِلَّا فَالتَّعْزِيرُ
وَفِي قَطْعِ الْجَفْنِ الْمُسْتَحْشِفِ حُكُومَةٌ وَفِي إحْشَافِ الْجَفْنِ الصَّحِيحِ رُبُعُ دِيَةٍ وَفِي بَعْضِ الْجَفْنِ الْوَاحِدِ قِسْطُهُ مِنْ الرُّبُعِ
فَإِنْ قَطَعَ بَعْضَهُ فَتَقَلَّصَ بَاقِيهِ فَقَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ عَدَمُ تَكْمِيلِ الدِّيَةِ
(وَ) تُكَمَّلُ دِيَةُ النَّفْسِ فِي إبَانَةِ (اللِّسَانِ) لِنَاطِقٍ سَلِيمِ الذَّوْقِ وَلَوْ كَانَ اللِّسَانُ لِأَلْكَنَ وَهُوَ مَنْ
ــ
[حاشية البجيرمي]
سم.
وَاعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْغَايَاتِ لِلتَّعْمِيمِ إلَّا الثَّالِثَةَ فَإِنَّهَا لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ يَقُولُ بِوُجُوبِ الدِّيَةِ الْكَامِلَةِ فِي عَيْنِ الْأَعْوَرِ، لِأَنَّ سَلِيمَتَهُ بِمَنْزِلَةِ عَيْنَيْ غَيْرِهِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر.
قَوْلُهُ: (دُونَ بَصَرِهِ) الْمُرَادُ بِالْبَصَرِ الْقُوَّةُ الْبَاصِرَةُ.
قَوْلُهُ: (وَعَيْنَ أَعْوَرَ) أَيْ خِلَافًا لِلْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ حَيْثُ أَوْجَبُوا فِي عَيْنِهِ كَمَالَ الدِّيَةِ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ: وَلَعَلَّهُ فِيمَنْ خُلِقَ كَذَلِكَ وَسُئِلَ الْعَلَّامَةُ الَأُجْهُورِيُّ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ لَا فَرْقَ بِرْمَاوِيٌّ.
قَوْلُهُ: (وَهُوَ ذَاهِبُ حِسِّ) أَيْ ضَوْءِ.
قَوْلُهُ: (مَعَ بَقَاءِ بَصَرِهِ) أَيْ فِي الْأُخْرَى.
وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْجِنَايَةَ كَانَتْ عَلَى عَيْنِهِ السَّلِيمَةِ،. اهـ. شَرْحَ الْمَنْهَجِ.
قَوْلُهُ: (عَلَا بَيَاضَهَا إلَخْ) عَلَا فِعْلٌ مَاضٍ وَفَاعِلُهُ ضَمِيرُ الْبَيَاضِ " وَبَيَاضَهَا " بِالنَّصْبِ مَفْعُولُهُ اهـ م د وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ بَلْ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ " عَلَى " حَرْفَ جَرٍّ وَالْمَعْنَى عَلَى الْأَوَّلِ صَعِدَ الْبَيَاضُ بَيَاضَهَا، أَوْ سَوَادَهَا وَعَلَى الثَّانِي أَنَّ الْبَيَاضَ مُسْتَعْلٍ عَلَى بَيَاضِهَا إلَخْ وَعِبَارَةُ الْمَنْهَجِ، أَوْ بِهَا بَيَاضٌ لَا يَنْقُصُ ضَوْءًا اهـ.
قَوْلُهُ (أَوْ نَاظِرَهَا) وَهُوَ السَّوَادُ الْأَصْغَرُ الَّذِي هُوَ فِي مَحَلِّ الْإِبْصَارِ وَفِي وَسَطِ السَّوَادِ الْأَعْظَمِ.
قَوْلُهُ: (لَا يَنْقُصُ) بِفَتْحٍ، ثُمَّ ضَمٍّ مُخَفَّفًا عَلَى الْأَفْصَحِ بِرْمَاوِيٌّ وَقَالَ شَيْخُنَا: وَهُوَ بِفَتْحِ الْيَاءِ وَضَمِّ الْقَافِ، أَوْ بِضَمِّ الْيَاءِ وَكَسْرِ الْقَافِ الْمُشَدَّدَةِ، وَأَمَّا ضَمُّ الْيَاءِ، وَإِسْكَانُ النُّونِ وَكَسْرُ الْقَافِ الْمُخَفَّفَةِ فَلَحْنٌ.
قَوْلُهُ: (فَإِنْ نَقَصَ) أَيْ الْبَيَاضُ الضَّوْءَ أَيْ وَكَانَ عَارِضًا بِأَنْ تَوَلَّدَ مِنْ آفَةٍ أَوْ جِنَايَةٍ فَلَوْ كَانَ خِلْقِيًّا كُمِّلَتْ فِيهَا الدِّيَةُ. اهـ. ح ل.
قَوْلُهُ: (وَأَمْكَنَ ضَبْطُ النَّقْصِ) بِأَنْ عُلِمَ غَايَةُ مَا يَرَاهُ قَبْلَ حُدُوثِ الْبَيَاضِ وَبَعْدَ حُدُوثِ الْبَيَاضِ، ثُمَّ جَنَى عَلَى عَيْنِهِ الَّتِي عَلَيْهَا الْبَيَاضُ فَيَجِبُ الْقِسْطُ، أَوْ يُقَالُ: إنَّهُ بَعْدَ حُدُوثِ الْبَيَاضِ بِعَيْنِهِ عَرَفْنَا مِقْدَارَ النَّقْصِ بِأَنْ عَصَبْنَا الْعَلِيلَةَ وَعَرَفْنَا مِقْدَارَ نَظَرِ الصَّحِيحَةِ ثُمَّ عَصَبْنَا الصَّحِيحَةَ وَأَطْلَقْنَا الْعَلِيلَةَ وَعَرَفْنَا مِقْدَارَ نَظَرِهَا. ثُمَّ جَنَى عَلَى الْعَلِيلَةِ فَيَجِبَ الْقِسْطُ.
قَوْلُهُ: (وَفِي كُلِّ جَفْنٍ) وَلَوْ بِإِيبَاسِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُدْبٌ وَفِي هُدْبِهِ حُكُومَةٌ إنْ فَسَدَ الْمَنْبَتُ وَإِلَّا فَالتَّعْزِيرُ فَقَطْ بِرْمَاوِيٌّ قَالَ فِي الْعُبَابِ: وَإِنْ ذَهَبَ بَعْضُهُ وَلَوْ بِآفَةٍ فَفِي الْبَاقِي قِسْطُهُ مِنْهَا اهـ.
وَانْظُرْ لَوْ ذَهَبَ بَعْضُهُ خِلْقَةً، وَالْقِيَاسُ لَا يُكَمَّلُ فِيهِ الدِّيَةُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي الْأَعْمَشِ أَنَّهُ لَوْ تَوَلَّدَ الْعَمْشُ مِنْ آفَةٍ أَوْ جِنَايَةٍ لَا تُكَمَّلُ فِيهِ الدِّيَةُ. اهـ. ع ش عَلَى م ر.
قَوْلُهُ: (وَقَدْ اخْتَصَّتْ) أَيْ الْجُفُونُ عَنْ غَيْرِهَا.
قَوْلُهُ: (وَتَدْخُلُ حُكُومَةُ الْأَهْدَابِ إلَخْ) لِأَنَّهَا تَابِعَةٌ لَهَا بِخِلَافِ قَطْعِ السَّاعِدِ مَعَ الْكَفِّ يُفْرَدُ بِحُكُومَةٍ سم.
قَوْلُهُ: (كَسَائِرِ الشُّعُورِ) أَيْ الَّتِي فِيهَا جَمَالٌ كَشَعْرِ الْحَاجِبَيْنِ وَبَقِيَّةِ شُعُورِ الْوَجْهِ دُونَ الْإِبِطِ، وَالْعَانَةِ مَثَلًا إذَا فَسَدَ مَنْبَتُهُمَا فَلَا حُكُومَةَ وَلَا تَعْزِيرَ بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُمَا.
قَوْلُهُ: (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَفْسُدْ مَنْبَتُهُمَا فَالتَّعْزِيرُ.
قَوْلُهُ (وَفِي إحْشَافِ الْجَفْنِ) أَيْ بِأَنْ ضَرَبَهُ بِهِ وَأَحْشَفَ جَفْنَهُ أَيْ أَوْقَفَهُ فَصَارَ لَا يَتَحَرَّكُ.
قَوْلُهُ: (فَتَقَلَّصَ) أَيْ ارْتَفَعَ بَاقِيهِ وَانْكَمَشَ.
قَوْلُهُ: (عَدَمُ تَكْمِيلِ الدِّيَةِ) أَيْ دِيَتُهُ، وَإِنَّمَا يَجِبُ قِسْطُ مَا قُطِعَ فَقَطْ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ.
قَوْلُهُ: (وَتُكَمَّلُ دِيَةُ النَّفْسِ فِي إبَانَةِ اللِّسَانِ) ، وَفِي قَطْعِ بَعْضِهِ مَعَ بَقَاءِ نُطْقِهِ حُكُومَةٌ لَا قِسْطُهُ مِنْ الدِّيَةِ كَمَا أَفَادَهُ م د.
قَوْلُهُ: (لِنَاطِقٍ) أَيْ بِالْفِعْلِ أَوْ الْقُوَّةِ
فِي لِسَانِهِ لُكْنَةٌ أَيْ عُجْمَةٌ وَلَوْ لِسَانَ أَرَتَّ بِمُثَنَّاةٍ، أَوْ أَلْثَغَ بِمُثَلَّثَةٍ وَسَبَقَ تَفْسِيرُهُمَا فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ وَلَوْ لِسَانَ طِفْلٍ، وَإِنْ لَمْ يَنْطِقْ، كُلُّ ذَلِكَ لِإِطْلَاقِ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ:«وَفِي اللِّسَانِ الدِّيَةُ» صَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَنَقَلَ ابْنُ الْمُنْذِرِ فِيهِ الْإِجْمَاعَ وَلِأَنَّ فِيهِ جَمَالًا وَمَنْفَعَةً يَتَمَيَّزُ بِهِ الْإِنْسَانُ عَنْ الْبَهَائِمِ فِي الْبَيَانِ وَالْعِبَارَةِ عَمَّا فِي الضَّمِيرِ وَفِيهِ ثَلَاثُ مَنَافِعَ: الْكَلَامُ وَالذَّوْقُ وَالِاعْتِمَادُ فِي أَكْلِ الطَّعَامِ، وَإِدَارَتِهِ فِي اللَّهَوَاتِ حَتَّى يَسْتَكْمِلَ طَحْنَهُ بِالْأَضْرَاسِ نَعَمْ لَوْ بَلَغَ الطِّفْلُ أَوَانَ النُّطْقِ وَالتَّحْرِيكِ وَلَمْ يُوجَدَا مِنْهُ فَفِيهِ حُكُومَةٌ لَا دِيَةٌ لِإِشْعَارِ الْحَالِ بِعَجْزِهِ، وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ أَوَانَ النُّطْقِ فَدِيَةٌ أَخْذًا بِظَاهِرِ السَّلَامَةِ.
كَمَا تَجِبُ الدِّيَةُ فِي يَدِهِ وَرِجْلِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْحَالِ بَطَشَ وَلَا مَشْيٌ، وَخَرَجَ بِقَيْدِ النَّاطِقِ الْأَخْرَسُ فَالْوَاجِبُ فِيهِ حُكُومَةٌ وَلَوْ كَانَ خَرَسُهُ عَارِضًا كَمَا فِي قَطْعِ الْيَدِ الشَّلَّاءِ، وَبِسَلِيمِ الذَّوْقِ عَدِيمُهُ فَجَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ وَصَاحِبُ الْمُهَذَّبِ بِأَنَّ فِيهِ حُكُومَةً كَالْأَخْرَسِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهَذَا بِنَاءٌ عَلَى الْمَشْهُورِ أَنَّ الذَّوْقَ فِي اللِّسَانِ وَقَدْ يُنَازِعُهُ قَوْلُ الْبَغَوِيِّ وَغَيْرِهِ: إذَا قَطَعَ لِسَانَهُ فَذَهَبَ ذَوْقُهُ لَزِمَهُ دِيَتَانِ اهـ.
وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ لِقَوْلِ الرَّافِعِيِّ: إذَا قَطَعَ لِسَانَ أَخْرَسَ فَذَهَبَ ذَوْقُهُ وَجَبَتْ الدِّيَةُ لِلذَّوْقِ.
وَهَذَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِمْ: إنَّ فِي الذَّوْقِ الدِّيَةَ، وَإِنْ لَمْ يَقْطَعْ اللِّسَانَ.
(وَ) تُكَمَّلُ دِيَةُ النَّفْسِ فِي إبَانَةِ (الشَّفَتَيْنِ) لِوُرُودِهِ فِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ: «وَفِي الشَّفَتَيْنِ الدِّيَةُ» ، وَفِي كُلِّ شَفَةٍ وَهِيَ فِي عَرْضِ الْوَجْهِ إلَى الشِّدْقَيْنِ وَفِي طُولِهِ مَا يَسْتُرُ اللِّثَةَ كَمَا قَالَهُ فِي الْمُحَرَّرِ: نِصْفُ الدِّيَةِ عُلْيَا، أَوْ سُفْلَى رَقَّتْ، أَوْ غَلُظَتْ صَغُرَتْ، أَوْ كَبِرَتْ، وَالْإِشْلَالُ كَالْقَطْعِ، وَفِي
ــ
[حاشية البجيرمي]
وَلَوْ بِبَعْضِ الْحُرُوفِ.
وَإِنْ كَانَ زَوَالُ الْبَعْضِ بِجِنَايَةٍ وَفِي قَطْعِ بَعْضِهِ قِسْطُهُ إنْ زَالَ بِقَطْعِهِ بَعْضُ نُطْقِهِ، وَإِلَّا فَحُكُومَةٌ تَجِبُ لَا قِسْطٌ إذْ لَوْ وَجَبَ لَلَزِمَ إيجَابُ الدِّيَةِ الْكَامِلَةِ فِي لِسَانِ الْأَخْرَسِ. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
قَوْلُهُ: (سَلِيمِ الذَّوْقِ) لَيْسَ بِقَيْدٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا يَأْتِي وَقَيَّدَ بِهِ لِذِكْرِ الْخِلَافِ الْآتِي.
وَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا أَزَالَ اللِّسَانَ فَفِيهِ دِيَةٌ لَهُ وَيَدْخُلُ فِيهِ دِيَةُ الْكَلَامِ وَمَنْفَعَةُ الِاعْتِمَادِ فِي أَكْلِ الطَّعَامِ فِيهَا، وَأَمَّا الذَّوْقُ فَإِذَا زَالَ بِذَلِكَ وَجَبَ لَهُ دِيَةٌ وَحْدَهُ زِيَادَةً عَلَى دِيَةِ اللِّسَانِ وَالْمُرَادُ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَاللِّسَانِ أَيْ كُلِّهِ أَمَّا إبَانَةُ بَعْضِهِ فَيَجِبُ الْأَكْثَرُ، مِنْ قَدْرِ النَّقْصِ مِنْ اللِّسَانِ، أَوْ الْكَلَامِ فَإِنْ قَطَعَ نِصْفَ لِسَانِهِ فَزَالَ رُبُعُ كَلَامِهِ وَجَبَ النِّصْفُ مِنْ الدِّيَةِ، أَوْ أَزَالَ الرُّبُعَ مِنْ اللِّسَانِ فَزَالَ نِصْفُ الْكَلَامِ وَجَبَ نِصْفُ الدِّيَةِ أَيْضًا اعْتِبَارًا بِالْأَكْثَرِ وَهَذَا يُخَالِفُ كَلَامَ الْبِرْمَاوِيِّ السَّابِقَ وَلَوْ عَادَ اللِّسَانُ بَعْدَ قَطْعِهِ لَمْ تَسْقُطْ الدِّيَةُ وَكَذَا سَائِرُ الْأَجْرَامِ إلَّا فِي ثَلَاثَةٍ سِنِّ غَيْرِ الْمَثْغُورِ وَسَلْخِ الْجِلْدِ وَالْإِفْضَاءِ.
، وَأَمَّا الْمَعَانِي فَيَسْقُطُ الْأَرْشُ بِعَوْدِهَا مُطْلَقًا لِأَنَّ ذَهَابَهَا مَظْنُونٌ. اهـ. ق ل. عَلَى الْجَلَالِ مَعَ زِيَادَةٍ، وَقَدْ جَمَعَ بَعْضُهُمْ فَقَالَ: فِي غَيْرِ مَعْنًى وَإِفْضَاءٍ وَمُثْغِرَةٍ وَالْجِلْدِ لَيْسَ يُرَدُّ الْأَرْشُ لِلْجَانِي.
قَوْلُهُ: (لِأَلْكَنَ) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ اللَّكَنُ الْعِيُّ وَهُوَ ثِقَلُ اللِّسَانِ، وَلَكِنَ لَكَنًا مِنْ بَابِ تَعِبَ صَارَ كَذَلِكَ، فَالذَّكَرُ أَلْكَنُ وَالْأُنْثَى لَكْنَاءُ مِثْلُ: أَحْمَرَ وَحَمْرَاءَ، وَفِي الْمُغْرِبِ الْأَلْكَنُ الَّذِي لَا يُفْصِحُ بِالْعَرَبِيَّةِ.
قَوْلُهُ: (عُجْمَةٌ) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ الْعُجْمَةُ فِي اللِّسَانِ بِضَمِّ الْعَيْنِ عَدَمُ فَصَاحَتِهِ.
قَوْلُهُ: (كُلُّ ذَلِكَ إلَخْ) كَلَامٌ مُسْتَأْنَفٌ.
قَوْلُهُ: (يَتَمَيَّزُ بِهِ) أَيْ بِاللِّسَانِ الَّذِي يَحْصُلُ بِهِ الْكَلَامُ، الْإِنْسَانُ فَاعِلُ يَتَمَيَّزُ.
قَوْلُهُ: (وَالْعِبَارَةِ) ضَمَّنَهُ مَعْنَى التَّعْبِيرِ فَعَدَّاهُ بِعَنْ.
قَوْلُهُ: (فِي اللَّهَوَاتِ) جَمْعُ لَهَاةٍ وَهِيَ اللُّحْمَةُ الَّتِي بِأَعْلَى الْحَنْجَرَةِ مِنْ أَقْصَى الْفَمِ اهـ مَوَاهِبَ قَالَ شَارِحُهَا: وَالْحَنْجَرَةُ الْحَلْقُ.
قَوْلُهُ: (لَوْ بَلَغَ الطِّفْلُ أَوَانَ النُّطْقِ) أَيْ ثُمَّ قَطَعَ لِسَانَهُ وَعِبَارَةُ م ر وَلَوْ بَلَغَ أَوَانَ النُّطْقِ وَالتَّحْرِيكِ وَلَمْ يَظْهَرْ أَثَرُهُ تَعَيَّنَتْ الْحُكُومَةُ، فَلَوْ وُلِدَ أَصَمَّ فَلَمْ يُحْسِنْ الْكَلَامَ لِعَدَمِ سَمَاعِهِ فَهَلْ يَجِبُ فِي لِسَانِهِ دِيَةٌ، أَوْ حُكُومَةٌ وَجْهَانِ جَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ بِأَوَّلِهِمَا وَصَحَّحَ الزَّرْكَشِيّ ثَانِيَهُمَا، لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ الْمُعْتَبَرَةَ فِي اللِّسَانِ النُّطْقُ.
قَوْلُهُ: (وَقَدْ يُنَازِعُهُ) أَيْ يُنَازِعُ كَوْنَ الذَّوْقِ فِي اللِّسَانِ، وَوَجْهُ الْمُنَازَعَةِ أَنَّ وُجُوبَ الدِّيَتَيْنِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الذَّوْقَ لَيْسَ فِي اللِّسَانِ، لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ فِيهِ لَوَجَبَتْ دِيَةٌ وَاحِدَةٌ.
قَوْلُهُ: (الشِّدْقَيْنِ) بِكَسْرِ الشِّينِ وَفَتْحِهَا وَبِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ اهـ
شَقِّهَا بِلَا إبَانَةٍ حُكُومَةٌ.
وَلَوْ قَطَعَ شَفَةً مَشْقُوقَةً وَجَبَتْ دِيَتُهَا إلَّا حُكُومَةَ الشَّقِّ، وَإِنْ قَطَعَ بَعْضَهُمَا فَتَقَلَّصَ الْبَعْضَانِ الْبَاقِيَانِ وَبَقِيَا كَمَقْطُوعِ الْجَمِيعِ، وُزِّعَتْ الدِّيَةُ عَلَى الْمَقْطُوعِ وَالْبَاقِي كَمَا اقْتَضَاهُ نَصُّ الْأُمِّ وَهَلْ يَسْقُطُ مَعَ قَطْعِهِمَا حُكُومَةُ الشَّارِبِ، أَوْ لَا.؟ وَجْهَانِ: أَظْهَرُهُمَا الْأَوَّلُ كَمَا فِي الْأَهْدَابِ مَعَ الْأَجْفَانِ، وَيَجِبُ فِي كُلِّ لَحْيٍ نِصْفُ دِيَةٍ وَهُوَ بِفَتْحِ لَامِهِ وَكَسْرِهَا وَاحِدُ اللَّحْيَيْنِ بِالْفَتْحِ وَهُمَا الْعَظْمَاتُ اللَّذَانِ تَنْبُتُ عَلَيْهِمَا الْأَسْنَانُ السُّفْلَى، وَمُلْتَقَاهُمَا الذَّقَنُ أَمَّا الْعُلْيَا فَمَنْبَتُهَا عَظْمُ الرَّأْسِ، وَلَا يَدْخُلُ أَرْشُ الْأَسْنَانِ فِي دِيَةِ فَكِّ اللَّحْيَيْنِ، لِأَنَّ كُلًّا مِنْهَا مُسْتَقِلٌّ بِرَأْسِهِ.
وَلَهُ بَدَلٌ مُقَدَّرٌ وَاسْمٌ يَخُصُّهُ فَلَا يَدْخُلُ أَحَدُهُمَا فِي الْآخَرِ، كَالْأَسْنَانِ وَاللِّسَانِ.
، ثُمَّ شَرَعَ فِي الْقِسْمِ الثَّانِي وَهُوَ إزَالَةُ الْمَنَافِعِ فَقَالَ:(وَ) تُكَمَّلُ دِيَةُ النَّفْسِ (فِي ذَهَابِ الْكَلَامِ) فِي الْجِنَايَةِ عَلَى اللِّسَانِ لِخَبَرِ الْبَيْهَقِيّ: «فِي اللِّسَانِ الدِّيَةُ إنْ مُنِعَ الْكَلَامَ» وَقَالَ ابْنُ أَسْلَمَ: مَضَتْ السُّنَّةُ بِذَلِكَ.
وَلِأَنَّ اللِّسَانَ عُضْوٌ مَضْمُونٌ بِالدِّيَةِ فَكَذَا مَنْفَعَتُهُ الْعُظْمَى كَالْيَدِ وَالرِّجْلِ، وَإِنَّمَا تُؤْخَذُ الدِّيَةُ إذَا قَالَ أَهْلُ
ــ
[حاشية البجيرمي]
مِصْبَاحٌ ع ش.
قَوْلُهُ: (اللِّثَةَ) أَيْ لَحْمَ الْأَسْنَانِ.
قَوْلُهُ: (صَغُرَتْ، أَوْ كَبِرَتْ) بِكَسْرِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ يُقَالُ فِي الْمَحْسُوسِ: كَبِرَ مِنْ بَابِ تَعِبَ، وَأَمَّا فِي الْمَعَانِي فَيُقَالُ: كَبُرَ بِضَمِّهَا.
قَالَ تَعَالَى: {كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ} [غافر: 35] . اهـ. مِصْبَاحٌ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ صَغِيرَةً أَوْ كَبِيرَةً.
قَوْلُهُ: (مَشْقُوقَةً) مَا لَمْ يَكُنْ الشَّقُّ خِلْقِيًّا، وَإِلَّا فَدِيَةٌ كَامِلَةٌ كَنَاقِصِ بَعْضِ الْحُرُوفِ خِلْقَةً كَمَا يَأْتِي وَالْمَشْقُوقُ الشَّفَةِ الْعُلْيَا يُقَالُ لَهُ أَعْلَمُ وَالسُّفْلَى يُقَالُ لَهُ أَفْلَحُ وَعَلَيْهِ قَوْلُ الزَّمَخْشَرِيِّ:
وَأَخَّرَنِي دَهْرِي وَقَدَّمَ مَعْشَرًا
…
عَلَيَّ أَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ وَأَعْلَمُ
وَمُذْ أَفْلَحَ الْجُهَّالُ أَيْقَنْتُ أَنَّنِي
…
أَنَا الْمِيمُ وَالْأَيَّامُ أَفْلَحُ أَعْلَمُ
أَيْ لَا يُمْكِنُهَا أَنْ تُقَدِّمَنِي كَمَا أَنَّ الْأَفْلَحَ الْأَعْلَمَ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَنْطِقَ بِالْمِيمِ الْمَذْكُورَةِ.
قَوْلُهُ: (فَتَقَلَّصَ) أَيْ انْكَمَشَ الْبَعْضَانِ.
قَوْلُهُ: (كَمَقْطُوعِ الْجَمِيعِ) أَيْ فِي عَدَمِ النَّفْعِ فِيهِمَا.
قَوْلُهُ: (عَلَى الْمَقْطُوعِ وَالْبَاقِي) أَيْ الَّذِي تَقَلَّصَ أَيْ فَلَا يَجِبُ فِي الْبَاقِي الْمُتَقَلِّصِ شَيْءٌ بَلْ يَجِبُ فِي الْمَقْطُوعِ قِسْطُهُ مِنْ الدِّيَةِ فَفَائِدَةُ التَّوْزِيعِ مَعْرِفَةُ قِسْطِ الْمَقْطُوعِ شَيْخُنَا.
قَوْلُهُ: (فَكِّ اللَّحْيَيْنِ) مِنْ إضَافَةِ الصِّفَةِ لِلْمَوْصُوفِ أَيْ اللَّحْيَيْنِ الْمَفْكُوكَيْنِ أَيْ الْمُنْفَصِلَيْنِ مِنْ بَعْضِهِمَا.
قَوْلُهُ: (فِي ذَهَابِ الْكَلَامِ) أَيْ بِأَنْ جَنَى عَلَى اللِّسَانِ مَعَ بَقَائِهِ.
قَوْلُهُ: (إنْ مُنِعَ الْكَلَامَ) صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَا تَجِبُ الدِّيَةُ فِي إزَالَةِ اللِّسَانِ إلَّا إذَا مُنِعَ الْكَلَامَ مَعَ أَنَّهُ قَدَّمَ أَنَّ اللِّسَانَ وَحْدَهُ فِيهِ الدِّيَةُ وَذَكَرَ هُنَا أَنَّ ذَهَابَ الْكَلَامِ فِيهِ الدِّيَةُ فَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ إنْ أَزَالَ لِسَانَهُ فَذَهَبَ كَلَامُهُ وَجَبَ دِيَتَانِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ.
قَوْلُهُ وَلِأَنَّ اللِّسَانَ إلَخْ وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَلَوْ قَطَعَ نِصْفَ لِسَانِهِ فَذَهَبَ رُبُعُ كَلَامٍ، أَوْ عُكِسَ، فَنِصْفُ دِيَةٍ اعْتِبَارًا بِأَكْثَرِ الْأَمْرَيْنِ الْمَضْمُونِ كُلٌّ مِنْهُمَا بِالدِّيَةِ وَلَوْ قَطَعَ النِّصْفَ فَزَالَ النِّصْفُ فَنِصْفُ دِيَةٍ اهـ، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِلْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: إطْلَاقُ ذَهَابِ رُبُعِ الْكَلَامِ وَنِصْفِهِ مَجَازٌ، وَالْمُرَادُ ذَهَابُ رُبُعِ أَحْرُفِ كَلَامِهِ، أَوْ نِصْفِ كَلَامِهِ، لِأَنَّ الْكَلَامَ الَّذِي هُوَ اللَّفْظُ الْمُفِيدُ فَائِدَةً يَحْسُنُ السُّكُوتُ عَلَيْهَا لَا تَوْزِيعَ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا التَّوْزِيعُ عَلَى حُرُوفِ الْهِجَاءِ وَتَبِعَ الْمُصَنِّفُ كَغَيْرِهِ فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ الشَّافِعِيَّ وَالْأَصْحَابَ وَقَوْلُهُ: الْمَضْمُونِ كُلٌّ مِنْهُمَا بِالدِّيَةِ ظَاهِرُ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّ لِسَانَ الْأَخْرَسِ فِيهِ دِيَةٌ وَالرَّاجِحُ أَنَّ فِيهِ حُكُومَةً، لِأَنَّ النُّطْقَ هُوَ الْمُعْتَبَرُ يَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ قَطَعَ بَعْضَ لِسَانِهِ وَلَمْ يَذْهَبْ شَيْءٌ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ قِسْطُهُ مِنْ الدِّيَةِ وَإِنَّمَا تَجِبُ الْحُكُومَةُ عَلَى الْأَصَحِّ لِئَلَّا تَذْهَبَ الْجِنَايَةُ هَدَرًا، وَلَوْ قَطَعَ طَرَفَ لِسَانِهِ فَذَهَبَ الْكَلَامُ مِنْهُ لَزِمَتْهُ دِيَةٌ كَامِلَةٌ اعْتِبَارًا بِالنُّطْقِ، وَإِنَّمَا وَجَبَ النِّصْفُ فِيمَا إذَا قَطَعَ بَعْضَ اللِّسَانِ فَذَهَبَ رُبُعُ الْكَلَامِ، لِأَنَّ الْجِنَايَةَ عَلَى النِّصْفِ الْجَرْمِيِّ قَدْ تَحَقَّقَتْ، وَقَاعِدَةُ الْأَجْرَامِ ذَوَاتِ الْمَنَافِعِ أَنْ يُقَسَّطَ عَلَى نِسْبَتِهَا فَرَجَعْنَا لِهَذَا الْأَصْلِ كَمَا قَالَهُ سُلْطَانٌ.
وَقَوْلُهُ: فَنِصْفُ دِيَةٍ مُقْتَضَى كَوْنِ اللِّسَانِ وَحْدَهُ فِيهِ الدِّيَةُ وَالْكَلَامِ وَحْدَهُ فِيهِ الدِّيَةُ أَنْ تَجِبَ دِيَةٌ كَامِلَةٌ فَلْيُنْظَرْ وَجْهُ ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: (السُّنَّةُ) أَيْ الطَّرِيقَةُ.
قَوْلُهُ:
الْخِبْرَةِ لَا يَعُودُ كَلَامُهُ.
فَإِنْ أُخِذَتْ، ثُمَّ عَادَ اُسْتُرِدَّتْ وَلَوْ ادَّعَى زَوَالَ نُطْقِهِ اُمْتُحِنَ بِأَنْ يُرَوَّعَ فِي أَوْقَاتِ الْخَلَوَاتِ وَيُنْظَرَ هَلْ يَصْدُرُ مِنْهُ مَا يُعْرَفُ بِهِ كَذِبُهُ فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ شَيْءٌ حَلَفَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ كَمَا يَحْلِفُ الْأَخْرَسُ هَذَا فِي إبْطَالِ نُطْقِهِ بِكُلِّ الْحُرُوفِ.
وَأَمَّا فِي إبْطَالِ بَعْضِ الْحُرُوفِ فَيُعْتَبَرُ قِسْطُهُ مِنْ الدِّيَةِ هَذَا إذَا بَقِيَ لَهُ كَلَامٌ مَفْهُومٌ.
وَإِلَّا فَعَلَيْهِ كَمَالُ الدِّيَةِ كَمَا جَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ، وَالْحُرُوفُ الَّتِي تُوَزِّعُ الدِّيَةَ ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ حَرْفًا فِي لُغَةِ الْعَرَبِ بِحَذْفِ كَلِمَةِ " لَا "، لِأَنَّهَا لَامُ أَلِفٍ، وَهُمَا مَعْدُودَتَانِ.
فَفِي إبْطَالِ نِصْفِ الْحُرُوفِ نِصْفُ الدِّيَةِ، وَفِي إبْطَالِ حَرْفٍ مِنْهَا رُبُعُ سُبُعِهَا.
وَخَرَجَ بِلُغَةِ الْعَرَبِ غَيْرُهَا فَتُوَزَّعُ عَلَيْهَا، وَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ حُرُوفًا وَقَدْ انْفَرَدَتْ لُغَةُ الْعَرَبِ بِحَرْفِ الضَّادِ فَلَا يُوجَدُ فِي غَيْرِهَا.
وَفِي اللُّغَاتِ حُرُوفٌ لَيْسَتْ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ كَالْحَرْفِ الْمُتَوَلِّدِ بَيْنَ الْجِيمِ وَالشِّينِ، وَحُرُوفُ اللُّغَاتِ مُخْتَلِفَةٌ بَعْضُهَا أَحَدَ عَشَرَ وَبَعْضُهَا أَحَدٌ وَثَلَاثُونَ، وَلَا فَرْقَ فِي تَوْزِيعِ الدِّيَةِ عَلَى الْحُرُوفِ بَيْنَ اللِّسَانِيَّةِ وَغَيْرِهَا كَالْحُرُوفِ الْحَلْقِيَّةِ.
وَلَوْ عَجَزَ الْمَجْنِيُّ عَلَى لِسَانِهِ عَنْ بَعْضِ الْحُرُوفِ خِلْقَةً كَأَرَتَّ وَأَلْثَغَ، أَوْ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ.
فَدِيَةٌ كَامِلَةٌ فِي إبْطَالِ كَلَامِ كُلٍّ مِنْهُمَا لِأَنَّهُ نَاطِقٌ وَلَهُ كَلَامٌ مَفْهُومٌ إلَّا أَنَّ فِي نُطْقِهِ ضَعْفًا وَضَعْفُ مَنْفَعَةِ الْعُضْوِ لَا يَقْدَحُ فِي كَمَالِ الدِّيَةِ، كَضَعْفِ الْبَطْشِ وَالْبَصَرِ.
فَعَلَى هَذَا لَوْ أَبْطَلَ بِالْجِنَايَةِ بَعْضَ الْحُرُوفِ فَالتَّوْزِيعُ عَلَى مَا يُحْسِنُهُ لَا عَلَى جَمِيعِ الْحُرُوفِ.
ــ
[حاشية البجيرمي]
وَلَوْ ادَّعَى) أَيْ بِالْإِشَارَةِ لِأَنَّ الْمُدَّعَى زَوَالُ النُّطْقِ فَكَيْفَ تَحْصُلُ الدَّعْوَى كَذَا قِيلَ، وَلَا حَاجَةَ لِذَلِكَ بَلْ يُقْرَأُ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَعَمَّ مِنْ أَنْ يَدَّعِيَ هُوَ بِالْإِشَارَةِ أَوْ الْكِتَابَةِ، أَوْ يَدَّعِيَ وَلِيُّهُ.
قَوْلُهُ: (بِأَنْ يُرَوَّعَ) أَيْ يُخَوَّفَ فِي غَفْلَةٍ لِيُنْظَرَ أَيَنْطِقُ أَوْ لَا
قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ رَاعَنِي الشَّيْءُ رَوْعًا مِنْ بَابِ قَالَ أَفْزَعَنِي وَرَوَّعَنِي مِثْلُهُ. اهـ.
قَوْلُهُ كَمَا يُحَلَّفُ الْأَخْرَسُ أَيْ بِالْإِشَارَةِ وَلَوْ أَذْهَبَ حَرْفًا فَعَادَ لَهُ حُرُوفٌ لَمْ يَكُنْ يُحْسِنُهَا وَجَبَ لِلذَّاهِبِ قِسْطُهُ مِنْ الْحُرُوفِ الَّتِي يُحْسِنُهَا قَبْلَ الْجِنَايَةِ وَلَوْ قَطَعَ نِصْفَ لِسَانِهِ فَذَهَبَ نِصْفُ كَلَامِهِ فَاقْتُصَّ مِنْ الْجَانِي فَلَمْ يَذْهَبْ إلَّا رُبُعُ كَلَامِهِ فَلِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ رُبُعُ الدِّيَةِ لِيَتِمَّ حَقُّهُ فَإِذَا اُقْتُصَّ مِنْهُ فَذَهَبَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ كَلَامِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ لِأَنَّ سِرَايَةَ الْقِصَاصِ مُهْدَرَةٌ اهـ س ل
قَوْلُهُ مَعْدُودَتَانِ فِيهِ أَنَّ الْمَعْدُودَ أَوَّلًا أَلِفٌ يَابِسَةٌ الَّتِي هِيَ أَوَّلُ الْحُرُوفِ وَهَذِهِ أَلِفٌ لَيِّنَةٌ
قَوْلُهُ رُبُعُ سُبُعِهَا أَيْ الدِّيَةِ وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَبْعِرَةٍ وَأَرْبَعَةُ أَسْبَاعٍ لِأَنَّ سُبُعَ الْمِائَةِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ وَسُبُعَانِ رُبُعُهَا ثَلَاثَةُ أَبْعِرَةٍ وَأَرْبَعَةُ أَسْبَاعِ بَعِيرٍ هَذَا فِي الذَّكَرِ الْمُسْلِمِ الْحُرِّ وَفِي الْأُنْثَى الْحُرَّةِ الْمُسْلِمَةِ وَاحِدٌ وَنِصْفٌ وَسُبُعَانِ وَفِي الذِّمِّيِّ بَعِيرٌ وَسُبُعُ بَعِيرٍ وَثُلُثَا سُبُعِ بَعِيرٍ وَفِي الْأُنْثَى الذِّمِّيَّةِ نِصْفُ بَعِيرٍ وَثُلُثَا سُبُعِ بَعِيرٍ وَفِي الْمَجُوسِيِّ سُبُعُ بَعِيرٍ وَثُلُثَا سُبُعِ بَعِيرٍ وَفِي الْأُنْثَى ثُلُثَا سُبُعٍ وَنِصْفُ ثُلُثِ سُبُعٍ. اهـ. مَيْدَانِيٌّ
قَوْلُهُ فَتُوَزَّعُ عَلَيْهَا أَيْ عَلَى غَيْرِ لُغَةِ الْعَرَبِ وَأَنَّثَ الضَّمِيرَ لِاكْتِسَابِ غَيْرِ التَّأْنِيثِ مِنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ
وَلَوْ نَقَصَ بَعْضُ الْحُرُوفِ بِجِنَايَةٍ مَثَلًا فَالتَّوْزِيعُ عَلَى بَاقِيهَا وَأَمَّا لَوْ تَكَلَّمَ بِلُغَتَيْنِ فَتُوَزَّعُ الدِّيَةُ عَلَى أَكْثَرِهِمَا وَإِنْ قُطِعَتْ شَفَتَاهُ فَذَهَبَتْ الْمِيمُ وَجَبَ أَرْشُهَا مَعَ دِيَتِهَا فِي أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ وَأَمَّا لَوْ تَكَلَّمَ بِالْعَرَبِيَّةِ وَغَيْرِهَا فَهَلْ يُعْتَبَرُ الْأَكْثَرُ أَيْضًا أَوْ تُعْتَبَرُ الْعَرَبِيَّةُ قُلْت أَوْ كَثُرَتْ عَنْ الْأُخْرَى
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ إنَّ الْعِبْرَةَ بِالْعَرَبِيَّةِ مِنْهُمَا وَيَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ ابْنِ حَجَرٍ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ وَغَيْرِهِ
وَقَالَ شَيْخُنَا ع ش الْمُعْتَبَرُ الْأَكْثَرُ حُرُوفًا أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ وَهِيَ الِانْتِفَاعُ بِالْحُرُوفِ. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ
قَوْلُهُ فِي إبْطَالِ كَلَامِ كُلٍّ مِنْهُمَا أَيْ الْعَاجِزِ خِلْقَةً وَالْعَاجِزِ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ قَوْلُهُ فَعَلَى هَذَا أَيْ قَوْلُهُ خِلْقَةً أَوْ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ وَقَوْلُهُ لَوْ أَبْطَلَ بِالْجِنَايَةِ بَعْضَ الْحُرُوفِ أَيْ الَّتِي يُحْسِنُهَا غَيْرُ الْمَعْجُوزِ عَنْهَا خِلْقَةً أَوْ بِآفَةٍ فَإِذَا كَانَ عَاجِزًا خِلْقَةً أَوْ بِآفَةٍ عَنْ ثَمَانِ حُرُوفٍ وَأَبْطَلَ شَخْصٌ بِالْجِنَايَةِ بَعْضَ الْعِشْرِينَ الَّتِي يُحْسِنُهَا كَحَرْفٍ فَتُوَزَّعُ الدِّيَةُ عَلَى الْعِشْرِينَ الَّتِي يُحْسِنُهَا وَيُنْظَرُ مَاذَا يَخُصُّ هَذَا الْحَرْفَ الَّذِي أَبْطَلَهُ الْجَانِي هَكَذَا يَتَعَيَّنُ فَهْمُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ
قَوْلُهُ لَوْ أَبْطَلَ بِالْجِنَايَةِ بَعْضَ الْحُرُوفِ هَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ فَدِيَةٌ كَامِلَةٌ فِي إبْطَالِ كَلَامِ كُلٍّ مِنْهُمَا عِبَارَةُ الْمَنْهَجِ وَشَرْحِهِ لَا إنْ كَانَ عَدَمُ إحْسَانِهِ لِذَلِكَ بِجِنَايَةٍ فَلَا دِيَةَ فِيهِ لِئَلَّا يَتَضَاعَفَ الْغُرْمُ فِي الْقَدْرِ الَّذِي أَزَالَهُ الْجَانِي الْأَوَّلُ. اهـ.
قَالَ م ر وَإِنْ كَانَ الْجَانِي الْأَوَّلُ
(وَ) تُكَمَّلُ دِيَةُ النَّفْسِ فِي (ذَهَابِ الْبَصَرِ) مِنْ الْعَيْنَيْنِ لِخَبَرِ مُعَاذٍ: «فِي الْبَصَرِ الدِّيَةُ» وَهُوَ غَرِيبٌ، وَلِأَنَّ مَنْفَعَتَهُ النَّظَرُ، وَفِي ذَهَابِ بَصَرِ كُلِّ عَيْنٍ نِصْفُهَا صَغِيرَةً كَانَتْ أَوْ كَبِيرَةً، حَادَّةً أَوْ كَالَّةً، صَحِيحَةً أَوْ عَلِيلَةً، عَمْشَاءَ أَوْ حَوْلَاءَ، مِنْ شَيْخٍ أَوْ طِفْلٍ حَيْثُ الْبَصَرُ سَلِيمٌ، فَلَوْ قَلَعَهَا لَمْ يَزِدْ عَلَى نِصْفِ الدِّيَةِ كَمَا لَوْ قَطَعَ يَدَهُ.
وَلَوْ ادَّعَى الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ زَوَالَ الضَّوْءِ، وَأَنْكَرَ الْجَانِي سُئِلَ عَدْلَانِ مِنْ أَهْلِ الْخِبْرَةِ، أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ.
إنْ كَانَ خَطَأً، أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ، فَإِنَّهُمْ إذَا أَوْقَفُوا الشَّخْصَ فِي مُقَابَلَةِ عَيْنِ الشَّمْسِ، وَنَظَرُوا فِي عَيْنِهِ عَرَفُوا أَنَّ الضَّوْءَ ذَاهِبٌ، أَوْ مَوْجُودٌ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مَا ذُكِرَ مِنْ أَهْلِ الْخِبْرَةِ اُمْتُحِنَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ بِتَقْرِيبِ عَقْرَبٍ، أَوْ حَدِيدَةٍ مُحْمَاةٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، مِنْ عَيْنِهِ بَغْتَةً وَنُظِرَ هَلْ يَنْزَعِجُ، أَوْ لَا.؟ فَإِنْ انْزَعَجَ صُدِّقَ الْجَانِي بِيَمِينِهِ، وَإِلَّا فَالْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ بِيَمِينِهِ.
وَإِنْ نَقَصَ ضَوْءُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَإِنْ عُرِفَ قَدْرُ النَّقْصِ؛ بِأَنْ كَانَ يَرَى الشَّخْصَ مِنْ مَسَافَةٍ فَصَارَ لَا يَرَاهُ إلَّا مِنْ نِصْفِهَا مَثَلًا، فَقِسْطُهُ مِنْ الدِّيَةِ، وَإِلَّا فَحُكُومَةٌ.
(وَ) تُكَمَّلُ دِيَةُ النَّفْسِ فِي (ذَهَابِ السَّمْعِ) لِخَبَرِ الْبَيْهَقِيّ: «وَفِي السَّمْعِ الدِّيَةُ» وَنَقَلَ ابْنُ الْمُنْذِرِ فِيهِ الْإِجْمَاعَ.
وَلِأَنَّهُ مِنْ أَشْرَفِ الْحَوَاسِّ فَكَانَ كَالْبَصَرِ بَلْ هُوَ أَشْرَفُ مِنْهُ عِنْدَ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ.
لِأَنَّ بِهِ يُدْرِكُ الْفَهْمَ وَيُدْرِكُ مِنْ الْجِهَاتِ السِّتِّ وَفِي النُّورِ وَالظُّلُمَاتِ، وَلَا يُدْرِكُ بِالْبَصَرِ إلَّا مِنْ جِهَةِ الْمُقَابَلَةِ وَبِوَاسِطَةٍ مِنْ ضِيَاءٍ أَوْ شُعَاعٍ.
وَقَالَ أَكْثَرُ الْمُتَكَلِّمِينَ بِتَفْضِيلِ الْبَصَرِ عَلَيْهِ، لِأَنَّ السَّمْعَ لَا يُدْرِكُ بِهِ إلَّا الْأَصْوَاتَ وَالْبَصَرَ يُدْرِكُ بِهِ الْأَجْسَامَ وَالْأَلْوَانَ وَالْهَيْئَاتِ.
فَلَمَّا كَانَ تَعَلُّقَاتُهُ أَكْثَرَ كَانَ أَشْرَفَ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ.
تَنْبِيهٌ: لَا بُدَّ فِي وُجُوبِ الدِّيَةِ مِنْ تَحَقُّقِ زَوَالِهِ فَلَوْ قَالَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ: يَعُودُ وَقَدَّرُوا لَهُ مُدَّةً لَا يُسْتَبْعَدُ أَنْ يَعِيشَ إلَيْهَا اُنْتُظِرَتْ فَإِنْ اُسْتُبْعِدَ ذَلِكَ، أَوْ لَمْ يُقَدِّرُوا لَهُ مُدَّةً أُخِذَتْ الدِّيَةُ فِي الْحَالِ.
وَفِي إزَالَتِهِ مِنْ أُذُنٍ نِصْفُهَا لَا لِتَعَدُّدِ السَّمْعِ فَإِنَّهُ وَاحِدٌ، وَإِنَّمَا التَّعَدُّدُ فِي مَنْفَذِهِ بِخِلَافِ ضَوْءِ الْبَصَرِ؛ إذْ تِلْكَ اللَّطِيفَةُ مُتَعَدِّدَةٌ وَمَحَلُّهَا الْحَدَقَةُ، بَلْ لِأَنَّ ضَبْطَ نُقْصَانِهِ بِالْمَنْفَذِ أَقْرَبُ مِنْهُ بِغَيْرِهِ وَهَذَا مَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَلَوْ ادَّعَى الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ زَوَالَهُ مِنْ أُذُنَيْهِ وَكَذَّبَهُ الْجَانِي وَانْزَعَجَ
ــ
[حاشية البجيرمي]
غَيْرَ ضَامِنٍ. اهـ. كَالْحَرْبِيِّ لِأَنَّ شَأْنَ الْجِنَايَةِ الضَّمَانُ اهـ وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ قَوْلُهُ لِئَلَّا يَتَضَاعَفَ مُقْتَضَى هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّ الْجِنَايَةَ الْأُولَى إذَا لَمْ تَكُنْ مَضْمُونَةً كَجِنَايَةِ الْحَرْبِيِّ أَنْ يَضْمَنَ بِجَمِيعِ الدِّيَةِ لَكِنَّ الْأَوْجَهَ خِلَافُهُ فَالتَّعْلِيلُ لِلْأَغْلَبِ خِلَافًا لِلْعَلَّامَةِ ابْنِ حَجَرٍ. اهـ.
قَوْلُهُ: (فِي ذَهَابِ الْبَصَرِ) مُقْتَضَى وُجُوبِ الدِّيَةِ فِي إزَالَةِ الْعَيْنَيْنِ كَمَا سَبَقَ أَنْ تَجِبَ الدِّيَةُ فِي كُلٍّ مِنْ إزَالَتِهَا وَإِزَالَةِ بَصَرِهِمَا مَعَ أَنَّهُ إذَا فَقَأَهُمَا فَزَالَ بَصَرُهُمَا وَجَبَتْ دِيَةٌ وَاحِدَةٌ، وَإِذَا كَانَ لَا يُبْصِرُ بِهِمَا وَأَزَالَهُمَا كَانَ فِيهَا حُكُومَةٌ فَالْمَدَارُ عَلَى ذَهَابِ الْبَصَرِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّ التَّعْمِيمَ السَّابِقَ ذَكَرَهُ هُنَا.
وَالْبَصَرُ عِنْدَ الْحُكَمَاءِ قُوَّةٌ أَوْدَعَهَا اللَّهُ تَعَالَى فِي الْعَصَبَتَيْنِ الْمُجَوَّفَتَيْنِ الْخَارِجَتَيْنِ مِنْ مُقَدَّمِ الدِّمَاغِ، ثُمَّ تَنْعَطِفُ الْعَصَبَةُ الَّتِي مِنْ الْجِهَةِ الْيُمْنَى إلَى الْجِهَةِ الْيُسْرَى وَاَلَّتِي مِنْ الْيُسْرَى إلَى الْيُمْنَى حَتَّى يَتَلَاقَيَا، ثُمَّ تَأْخُذُ الَّتِي مِنْ الْجِهَةِ الْيُمْنَى يَمِينًا وَاَلَّتِي مِنْ الْجِهَةِ الْيُسْرَى يَسَارًا حَتَّى تَصِلَ كُلُّ وَاحِدَةٍ إلَى عَيْنٍ تُدْرِكُ بِتِلْكَ الْقُوَّةِ الْأَلْوَانَ وَغَيْرَهَا، وَأَمَّا عِنْدَ السُّنَّةِ: فَإِدْرَاكُ مَا ذُكِرَ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى بِمَعْنَى أَنَّ اللَّهَ يَخْلُقُ إدْرَاكَ مَا ذُكِرَ فِي النَّفْسِ عِنْدَ اسْتِعْمَالِ تِلْكَ الْقُوَّةِ ز ي. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
قَوْلُهُ: (مَنْفَعَتَهُ) أَيْ الْبَصَرِ، وَالْمُرَادُ الْقُوَّةُ الْبَاصِرَةُ وَقَوْلُهُ: النَّظَرُ أَيْ الْإِدْرَاكُ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَلِأَنَّ مَنْفَعَةَ النَّظَرِ أَقْوَى.
قَوْلُهُ: (فَلَوْ قَلَعَهَا) أَيْ فَقَعَهَا.
قَوْلُهُ: (إنْ كَانَ خَطَأً، أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ: أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُمَا الْمَالُ بِخِلَافِ الْعَمْدِ فَلَا يُقْبَلُ فِيهِ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَتَانِ، لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ الْقِصَاصُ، وَالنِّسَاءُ لَا تُقْبَلُ إلَّا فِيمَا كَانَ الْقَصْدُ مِنْهُ الْمَالَ.
فَإِنْ قِيلَ: إذَا ثَبَتَ الْقِصَاصُ يُمْكِنُ أَنْ يُعْفَى عَنْهُ عَلَى مَالٍ فَتَجِبَ الدِّيَةُ فَيَكُونَ الْمَقْصُودُ مِنْهُ الْمَالَ فَيُقْبَلَ فِيهِ النِّسَاءُ.
أُجِيبَ بِأَنَّ الدِّيَةَ بَدَلٌ لَا أَصْلٌ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا
قَوْلُهُ: (عِنْدَ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ) مُعْتَمَدٌ م ر.
قَوْلُهُ: (الْفَهْمَ) أَيْ الْمَفْهُومَ مِنْ الشَّرَائِعِ وَغَيْرِهَا كَمَا تَدُلُّ عَلَيْهِ عِبَارَةُ م ر. وَنَصُّهَا، لِأَنَّ بِهِ يُدْرِكُ الشَّرْعَ الَّذِي بِهِ التَّكْلِيفُ قَرَّرَهُ شَيْخُنَا.
قَوْلُهُ: (أَوْ شُعَاعٍ) ، أَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ وَالْمُرَادُ بِالشُّعَاعِ انْبِعَاثٌ أَيْ انْفِصَالُ أَشِعَّةٍ أَيْ أَجْزَاءٍ مِنْ الْعَيْنِ وَاتِّصَالُهَا بِالْمَرْئِيِّ.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ أَكْثَرُ الْمُتَكَلِّمِينَ بِتَفْضِيلِ الْبَصَرِ) عِبَارَةُ الْعُبَابِ: " فَائِدَةٌ ": هَلْ حَاسَّةُ السَّمْعِ أَفْضَلُ مِنْ الْبَصَرِ أَوْ عَكْسُهُ فِيهِ خِلَافٌ لِلْعُلَمَاءِ، وَتَقَدُّمُ ذِكْرِ السَّمْعِ فِي آيَاتِ الْقُرْآنِ وَالْأَحَادِيثِ يَقْتَضِي أَفْضَلِيَّتَهُ اهـ. وَكَتَبَ الْعَلَّامَةُ سم بِهَامِشِهِ
بِالصِّيَاحِ فِي نَوْمٍ، أَوْ غَفْلَةٍ فَكَاذِبٌ، لِأَنَّ ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى التَّصَنُّعِ.
وَإِنْ لَمْ يَنْزَعِجْ بِالصِّيَاحِ وَنَحْوِهِ، فَصَادِقٌ فِي دَعْوَاهُ وَحُلِّفَ حِينَئِذٍ لِاحْتِمَالِ تَجَلُّدِهِ وَأَخَذَ الدِّيَةَ، وَإِنْ نَقَصَ سَمْعُهُ فَقِسْطُهُ مِنْ الدِّيَةِ إنْ عُرِفَ، وَإِلَّا فَحُكُومَةٌ بِاجْتِهَادِ قَاضٍ.
(وَ) تُكَمَّلُ دِيَةُ النَّفْسِ فِي (ذَهَابِ الشَّمِّ) مِنْ الْمَنْخِرَيْنِ كَمَا جَاءَ فِي خَبَرِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ وَهُوَ غَرِيبٌ وَلِأَنَّهُ مِنْ الْحَوَاسِّ النَّافِعَةِ فَكُمِّلَتْ فِيهِ الدِّيَةُ كَالسَّمْعِ، وَفِي إزَالَةِ شَمِّ كُلِّ مَنْخِرٍ نِصْفُ الدِّيَةِ وَلَوْ نَقَصَ الشَّمُّ وَجَبَ بِقِسْطِهِ مِنْ الدِّيَةِ إنْ أَمْكَنَ مَعْرِفَتُهُ، وَإِلَّا فَحُكُومَةٌ.
تَنْبِيهٌ: لَوْ أَنْكَرَ الْجَانِي زَوَالَهُ اُمْتُحِنَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ فِي غَفَلَاتِهِ بِالرَّوَائِحِ الْحَادَّةِ فَإِنْ هَشَّ لِلطِّيبِ وَعَبَسَ لِغَيْرِهِ حُلِّفَ الْجَانِي لِظُهُورِ كَذِبِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، وَإِلَّا حُلِّفَ هُوَ لِظُهُورِ صِدْقِهِ مَعَ أَنَّهُ لَا يُعْرَفُ إلَّا مِنْهُ.
(وَ) تُكَمَّلُ دِيَةُ النَّفْسِ فِي (ذَهَابِ الْعَقْلِ) إنْ لَمْ يُرْجَ عَوْدُهُ بِقَوْلِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ فِي مُدَّةٍ يُظَنُّ أَنَّهُ يَعِيشُ إلَيْهَا كَمَا جَاءَ فِي خَبَرِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ أَجْمَعَ كُلُّ مَنْ يُحْفَظُ عَنْهُ الْعِلْمُ عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ أَشْرَفُ الْمَعَانِي وَبِهِ يَتَمَيَّزُ الْإِنْسَانُ عَنْ الْبَهِيمَةِ.
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ: وَالْمُرَادُ الْعَقْلُ الْغَرِيزِيُّ الَّذِي بِهِ التَّكْلِيفُ دُونَ الْمُكْتَسَبِ الَّذِي بِهِ حُسْنُ التَّصَرُّفِ: فَفِيهِ حُكُومَةٌ فَإِنْ رُجِيَ عَوْدُهُ فِي الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ اُنْتُظِرَ فَإِنْ عَادَ فَلَا ضَمَانَ.
ــ
[حاشية البجيرمي]
مَا نَصُّهُ: قَوْلُهُ: (وَتَقَدُّمُ ذِكْرِ السَّمْعِ إلَخْ) اعْتَرَضَهُ شَيْخُنَا السَّيِّدُ الشَّرِيفُ عِيسَى الصَّفْوِيُّ بِأَنَّهُ فِي مَوَاضِعَ مِنْ الْقُرْآنِ ذَكَرَ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ فَقَطْ مُقَدِّمًا لِلْأَوَّلِ وَفِي مَوَاضِعَ ذَكَرَ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ مُقَدِّمًا لِلْأَوَّلِ ثُمَّ الثَّانِي كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ} [النحل: 78] فَفِي الْمَوَاضِعِ الثَّانِيَةِ لَا جَائِزَ أَنْ يَكُونَ مِنْ بَابِ التَّدَلِّي، وَإِلَّا لَزِمَ أَنَّ كُلًّا مِنْ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ أَفْضَلُ مِنْ الْفُؤَادِ وَهُوَ بَاطِلٌ فَتَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ مِنْ بَابِ التَّرَقِّي فَيَلْزَمَ أَنْ يَكُونَ تَقْدِيمُ السَّمْعِ عَلَى الْبَصَرِ فِي الْمَوَاضِعِ الْأُوَلِ مِنْ بَابِ التَّرَقِّي فَيَكُونَ الْبَصَرُ أَفْضَلَ عَلَى مُقْتَضَى الِاسْتِدْلَالِ بِالتَّقْدِيمِ فِي الْآيَاتِ.
أَقُولُ: يُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ التَّقْدِيمَ يَدُلُّ عَلَى الْأَفْضَلِيَّةِ إلَّا مَا خَرَجَ بِدَلِيلٍ كَالْأَفْئِدَةِ فِي الْمَوَاضِعِ الثَّانِيَةِ اهـ. بِحُرُوفِهِ قَالَ ع ش: السَّمْعُ عِنْدَ الْحُكَمَاءِ قُوَّةٌ أَوْدَعَهَا اللَّهُ فِي الْعَصَبِ الْمَفْرُوشِ فِي الصِّمَاخِ يُدْرِكُ بِهَا الصَّوْتَ بِطَرِيقِ وُصُولِ الْهَوَاءِ الْمُتَكَيِّفِ بِكَيْفِيَّةِ الصَّوْتِ إلَى الصِّمَاخِ أَيْ خَرْقِ الْأُذُنِ، وَعِنْدَ السُّنَّةِ أَنَّ الْوُصُولَ الْمَذْكُورَ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى مَعْنَى خَلَقَ اللَّهُ الْإِدْرَاكَ فِي النَّفْسِ عِنْدَ ذَلِكَ، اهـ.
قَوْلُهُ: (وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ) هَذِهِ طَرِيقَةٌ لَهُ وَاَلَّذِي اعْتَمَدَهُ ز ي أَنَّ السَّمْعَ أَفْضَلُ.
قَوْلُهُ: (مِنْ تَحَقُّقِ زَوَالِهِ) الْمُرَادُ بِالتَّحَقُّقِ غَلَبَةُ الظَّنِّ.
قَوْله: (فَلَوْ قَالَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ) أَيْ اثْنَانِ مِنْهُمْ ع ش عَلَى م ر.
قَوْلُهُ: (إذْ تِلْكَ اللَّطِيفَةُ) أَيْ الْبَصَرُ مُتَعَدِّدَةٌ.
قَوْلُهُ: (وَهَذَا) أَيْ اعْتِبَارُ النِّصْفِ فِيمَا إذَا أَزَالَهُ مِنْ أُذُنٍ وَاحِدَةٍ وَالْقَوْلُ الثَّانِي يَقُولُ الْوَاجِبُ الْقِسْطُ أَيْ قِسْطُ مَا نَقَصَ مِنْ السَّمْعِ أَفَادَهُ شَيْخُنَا.
قَوْلُهُ: (كُلِّ مَنْخِرٍ) بِوَزْنِ مَجْلِسٍ ثُقْبُ الْأَنْفِ وَقَدْ تُكْسَرُ الْمِيمُ إتْبَاعًا لِكِسْرَةِ الْخَاءِ كَمَا قَالُوا: مُنْتِنٌ وَهُمَا نَادِرَانِ، لِأَنَّ مُفْعِلٌ لَيْسَ مِنْ الْمَشْهُورِ، وَفِي الْقَامُوسِ أَنَّهُ يَجُوزُ أَيْضًا فَتْحُهُمَا وَضَمُّهُمَا، وَمُنْخُورٌ كَعُصْفُورٍ فَاللُّغَاتُ خَمْسٌ.
قَوْلُهُ: (وَجَبَ بِقِسْطِهِ) الْبَاءُ زَائِدَةٌ.
قَوْلُهُ: (بِالرَّوَائِحِ الْحَادَّةِ) أَيْ الْقَوِيَّةِ مِنْ الطَّيِّبِ وَالْخَبِيثِ.
قَوْلُهُ: (فَإِنْ هَشَّ) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ هَشَّ الرَّجُلُ هَشَاشَةً مِنْ بَابِ تَعِبَ وَضَرَبَ تَبَسَّمَ وَارْتَاحَ.
قَوْلُهُ: (عَبَسَ) بَابُهُ ضَرَبَ وَفِي مُخْتَارِ الصِّحَاحِ أَنَّهُ بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيدِ يُقَالُ عَبَسَ الرَّجُلُ كَلَحَ وَبَابُهُ جَلَسَ وَعَبَّسَ وَجْهَهُ شُدِّدَ لِلْمُبَالَغَةِ. اهـ.
وَفِي الْمِصْبَاحِ عَبَسَ مِنْ بَابِ ضَرَبَ عُبُوسًا قَلَبَ وَجْهَهُ فَهُوَ عَابِسٌ. اهـ.
قَوْلُهُ: (فِي ذَهَابِ الْعَقْلِ) لَوْ قَدَّمَهُ عَلَى غَيْرِهِ كَمَا فِي الْمَنْهَجِ لَكَانَ أَوْلَى كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ قَوْلُ الشَّارِحِ، لِأَنَّهُ أَشْرَفُ الْمَعَانِي إلَخْ وَسُمِّيَ عَقْلًا، لِأَنَّهُ يَعْقِلُ صَاحِبَهُ أَيْ يَمْنَعُهُ مِنْ ارْتِكَابِ مَا لَا يَلِيقُ مِنْ الْمَعَاصِي وَالتَّوَرُّطِ فِي الْمَهَالِكِ اهـ.
قَوْلُهُ: (عَلَى ذَلِكَ) أَيْ عَلَى كَمَالِ الدِّيَةِ فِي ذَهَابِ الْعَقْلِ.
قَوْلُهُ: (فَفِيهِ حُكُومَةٌ) وَلَا تَبْلُغُ قَدْرَ دِيَةِ الْعَقْلِ
تَنْبِيهٌ: اقْتِصَارُ الْمُصَنِّفِ عَلَى الدِّيَةِ يَقْتَضِي عَدَمَ وُجُوبِ الْقِصَاصِ فِيهِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ لِلِاخْتِلَافِ فِي مَحَلِّهِ. فَقِيلَ: الْقَلْبُ.
وَقِيلَ: الدِّمَاغُ.
وَقِيلَ: مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا.
وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى الْأَوَّلِ، وَقِيلَ: مَسْكَنُهُ الدِّمَاغُ وَتَدْبِيرُهُ فِي الْقَلْبِ وَسُمِّيَ عَقْلًا، لِأَنَّهُ يَعْقِلُ صَاحِبَهُ عَنْ التَّوَرُّطِ فِي الْمَهَالِكِ.
وَلَا يُزَادُ شَيْءٌ عَلَى دِيَةِ الْعَقْلِ إنْ زَالَ بِمَا لَا أَرْشَ لَهُ.
فَإِنْ زَالَ بِجُرْحٍ لَهُ أَرْشٌ مُقَدَّرٌ كَالْمُوضِحَةِ، أَوْ حُكُومَةٌ وَجَبَتْ الدِّيَةُ وَالْأَرْشُ، أَوْ هِيَ وَالْحُكُومَةُ.
وَلَا يَنْدَرِجُ ذَلِكَ فِي دِيَةِ الْعَقْلِ، لِأَنَّهَا جِنَايَةٌ أَبْطَلَتْ مَنْفَعَةً غَيْرَ حَالَّةٍ فِي مَحَلِّ الْجِنَايَةِ فَكَانَتْ كَمَا انْفَرَدَتْ الْجِنَايَةُ عَنْ زَوَالِ الْعَقْلِ.
وَلَوْ ادَّعَى وَلِيُّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ زَوَالَ الْعَقْلِ، وَأَنْكَرَ الْجَانِي فَإِنْ لَمْ يَنْتَظِمْ قَوْلُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَفِعْلُهُ فِي خَلَوَاتِهِ فَلَهُ دِيَةٌ بِلَا يَمِينٍ؛ لِأَنَّ يَمِينَهُ تُثْبِتُ جُنُونَهُ.
وَالْمَجْنُونُ لَا يُحَلَّفُ وَهَذَا فِي الْجُنُونِ الْمُطْبِقِ.
أَمَّا الْمُتَقَطِّعُ فَإِنَّهُ يُحَلَّفُ فِي زَمَنِ إفَاقَتِهِ.
فَإِنْ انْتَظَمَ قَوْلُهُ وَفِعْلُهُ حُلِّفَ الْجَانِي لِاحْتِمَالِ صُدُورِ الْمُنْتَظِمِ، اتِّفَاقًا، أَوْ جَرْيًا عَلَى الْعَادَةِ، وَخَرَجَ بِالْغَرِيزِيِّ الْعَقْلُ الْمُكْتَسَبُ الَّذِي بِهِ حُسْنُ التَّصَرُّفِ فَتَجِبَ فِيهِ حُكُومَةٌ فَقَطْ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ.
ــ
[حاشية البجيرمي]
الْغَرِيزِيِّ م ر.
قَوْلُهُ: (اقْتِصَارُ الْمُصَنِّفِ عَلَى الدِّيَةِ) فِيهِ أَنَّهُ كَمَا اقْتَصَرَ عَلَى الدِّيَةِ فِي الْعَقْلِ اقْتَصَرَ عَلَيْهَا فِي غَيْرِهِ أَيْضًا.
قَوْلُهُ: (وُجُوبِ الْقِصَاصِ فِيهِ) أَيْ فِي الْعَقْلِ.
قَوْلُهُ: (وَهُوَ الْمَذْهَبُ) بِخِلَافِ بَاقِي الْمَعَانِي الْمُتَقَدِّمَةِ الَّتِي هِيَ السَّمْعُ وَالْبَصَرُ وَالْبَطْشُ وَالذَّوْقُ وَالشَّمُّ وَالْكَلَامُ فَيَجِبُ فِيهَا الْقِصَاصُ، لِأَنَّ لَهَا مَحَالُّ مَضْبُوطَةٌ وَلِأَهْلِ الْخِبْرَةِ طُرُقٌ فِي إبْطَالِهَا كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَنَظَمَهَا بَعْضُهُمْ فَقَالَ: وَلَا قِصَاصَ فِي الْمَعَانِي يَجِبُ مِنْ غَيْرِ سِتَّةٍ وَفِيهَا أَوْجَبُوا سَمْعٌ وَبَطْشٌ بَصَرٌ كَلَامٌ وَالذَّوْقُ وَالشَّمُّ لَهَا خِتَامُ.
قَوْلُهُ: (لِلِاخْتِلَافِ فِي مَحَلِّهِ) عِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ وَقَدْ مَرَّ أَوَّلَ الْكِتَابِ أَنَّهُ غَرِيزَةٌ يَتْبَعُهَا الْعِلْمُ بِالضَّرُورِيَّاتِ عِنْدَ سَلَامَةِ الْآلَاتِ أَيْ الْحَوَاسِّ الْخَمْسِ، وَمَحَلُّهُ الْقَلْبُ عَلَى الرَّاجِحِ لِلْآيَةِ وَهِيَ قَوْله تَعَالَى {لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا} [الأعراف: 179] وَلَهُ شُعَاعٌ مُتَّصِلٌ بِالدِّمَاغِ أَيْ الرَّأْسِ، وَقِيلَ: مَحَلُّهُ الرَّأْسُ وَعَلَيْهِ أَبُو حَنِيفَةَ وَجَمَاعَةٌ.
، وَقِيلَ: مَحَلُّهُ هُمَا مَعًا.
قَالَ الْإِمَامُ: لَا مَحَلَّ لَهُ مُعَيَّنٌ.
وَوَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهُ هَلْ هُوَ مِنْ قَبِيلِ الْأَعْرَاضِ، أَوْ الْجَوَاهِرِ أَوْ لَا وَلَا وَعَلَى كُلٍّ هَلْ هُوَ مَخْصُوصٌ بِالنَّوْعِ الْإِنْسَانِيِّ أَمْ هُوَ كُلِّيٌّ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ كُلِّ حَيٍّ مَخْلُوقٍ وَعَلَى ذَلِكَ هَلْ هُوَ مِنْ الْكُلِّيِّ الْمُشَكِّكِ، أَوْ الْمُتَوَاطِئِ؟ وَالْجَوَابُ هُوَ عِنْدَ عُلَمَاءِ السُّنَّةِ عَرَضٌ قَائِمٌ بِالْقَلْبِ مُتَّصِلٌ بِالدِّمَاغِ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ، وَعِنْدَ الْحُكَمَاءِ جَوْهَرٌ مُجَرَّدٌ عَنْ الْمَادَّةِ مُقَارِنٌ لَهَا فِي الْفِعْلِ وَهُوَ فِي الْإِنْسَانِ وَالْمَلَكِ وَالْجِنِّ لَكِنَّهُ فِي النَّوْعِ الْإِنْسَانِيِّ أَكْمَلُ؛ وَمِنْ ثَمَّ كَانَ مِنْ قَبِيلِ الْمُشَكِّكِ لَا الْمُتَوَاطِئِ، وَالْمُشَكِّكُ هُوَ اتِّحَادُ اللَّفْظِ وَتَعَدُّدُ الْحُكْمِ مَعَ النَّظَرِ إلَى زِيَادَتِهِ وَنُقْصَانِهِ ضَعْفًا وَقُوَّةً وَالْمُتَوَاطِئُ هُوَ الْمُتَسَاوِي فِي اللَّفْظِ اهـ.
قَوْلُهُ: (يَعْقِلُ صَاحِبَهُ) أَيْ يَمْنَعُهُ إذْ الْعَقْلُ الْمَنْعُ أَيْ شَأْنُهُ ذَلِكَ.
{فَائِدَةٌ} : الْعَقْلُ لُغَةً هُوَ الْمَنْعُ، وَأَمَّا فِي الِاصْطِلَاحِ فَفِيهِ عِبَارَاتٌ أَحْسَنُهَا مَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ: إنَّهُ صِفَةٌ يُمَيَّزُ بِهَا بَيْنَ الْحَسَنِ وَالْقَبِيحِ وَقَالَ الْعِمْرَانِيُّ: الْجُنُونُ يُزِيلُ الْعَقْلَ وَالْإِغْمَاءُ يَغْمُرُهُ وَالنَّوْمُ يَسْتُرُهُ.
وَالْوَاجِبُ فِي الْعَقْلِ الدِّيَةُ؛ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ قِصَاصٌ كَمَا لَا يُتَصَوَّرُ الْقِصَاصُ بَيْنَ ذَكَرِ الرَّجُلِ وَقُبُلِ الْمَرْأَةِ لِعَدَمِ الْمُمَاثَلَةِ بَلْ تَجِبُ الدِّيَةُ فِيهِمَا اهـ نَسَّابَةُ فِي شَرْحِ مَنْظُومَةِ الْأَنْكِحَةِ لِابْنِ الْعِمَادِ وَقَالَ الْمُنَاوِيُّ عَلَى الْخَصَائِصِ نَقْلًا عَنْ السُّهْرَوَرْدِيِّ: وَالْعَقْلُ مِائَةُ جُزْءٍ وَاخْتُصَّ مِنْهَا الْمُصْطَفَى بِتِسْعَةٍ وَتِسْعِينَ جُزْءًا، وَجُزْءٌ فِي جَمِيعِ الْمُؤْمِنِينَ، وَالْجُزْءُ الَّذِي فِيهِمْ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ سَهْمًا فَسَهْمٌ يَتَسَاوَى فِيهِ الْكُلُّ وَهُوَ كَلِمَةُ التَّوْحِيدِ وَعِشْرُونَ سَهْمًا يَتَفَاضَلُونَ فِيهَا عَلَى قَدْرِ حَقَائِقِ إيمَانِهِمْ.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ ادَّعَى وَلِيُّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ إلَخْ) لَمَّا كَانَ الْمَجْنُونُ لَا يَصِحُّ دَعْوَاهُ قَالَ هُنَا: وَلَوْ ادَّعَى وَلِيُّ إلَخْ.
قَوْلُهُ: (وَخَرَجَ بِالْغَرِيزِيِّ الْعَقْلُ الْمُكْتَسَبُ) هَذَا مُكَرَّرٌ مَعَ مَا مَرَّ
(وَ) تُكَمَّلُ دِيَةُ النَّفْسِ فِي (الذَّكَرِ) السَّلِيمِ لِخَبَرِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ بِذَلِكَ وَلَوْ كَانَ لِصَغِيرٍ وَشَيْخٍ وَعِنِّينٍ وَخَصِيٍّ لِإِطْلَاقِ الْخَبَرِ الْمَذْكُورِ، وَلِأَنَّ ذَكَرَ الْخَصِيِّ سَلِيمٌ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى الْإِيلَاجِ، وَإِنَّمَا الْفَائِتُ الْإِيلَادُ.
وَالْعُنَّةُ عَيْبٌ فِي غَيْرِ الذَّكَرِ، لِأَنَّ الشَّهْوَةَ فِي الْقَلْبِ، وَالْمَنِيَّ فِي الصُّلْبِ وَلَيْسَ الذَّكَرُ بِمَحَلٍّ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا.
فَكَانَ سَلِيمًا مِنْ الْعَيْبِ بِخِلَافِ الْأَشَلِّ، وَحُكْمُ الْحَشَفَةِ حُكْمُ الذَّكَرِ، لِأَنَّ مَا عَدَاهَا مِنْ الذَّكَرِ كَالتَّابِعِ لَهَا كَالْكَفِّ مَعَ الْأَصَابِعِ، لِأَنَّ أَحْكَامَ الْوَطْءِ تَدُورُ عَلَيْهَا، وَبَعْضُهَا بِقِسْطِهِ مِنْهَا؛ لِأَنَّ الدِّيَةَ تُكَمَّلُ بِقَطْعِهَا كَمَا مَرَّ فَقُسِّطَتْ عَلَى أَبْعَاضِهَا.
(وَ) تُكَمَّلُ دِيَةُ النَّفْسِ فِي (الْأُنْثَيَيْنِ) لِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ بِذَلِكَ وَلِأَنَّهُمَا مِنْ تَمَامِ الْخِلْقَةِ، وَمَحَلُّ التَّنَاسُلِ، وَفِي إحْدَاهُمَا نِصْفُهَا سَوَاءٌ الْيُمْنَى وَالْيُسْرَى وَلَوْ مِنْ عِنِّينٍ وَمَجْبُوبٍ وَطِفْلٍ وَغَيْرِهِمْ.
تَنْبِيهٌ: الْمُرَادُ بِالْأُنْثَيَيْنِ الْبَيْضَتَانِ.
كَمَا صُرِّحَ بِهِمَا فِي بَعْضِ طُرُقِ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ.
وَأَمَّا الْخُصْيَتَانِ فَالْجِلْدَتَانِ اللَّتَانِ فِيهِمَا الْبَيْضَتَانِ.
(وَ) يَجِبُ فِي (الْمُوضِحَةِ) أَيْ مُوضِحَةِ الرَّأْسِ وَلَوْ لِلْعَظْمِ النَّاتِئِ خَلْفَ الْأُذُنِ، أَوْ الْوَجْهِ وَإِنْ صَغُرَتْ وَلَوْ لِمَا تَحْتَ الْمُقَبَّلِ مِنْ اللَّحْيَيْنِ نِصْفُ عُشْرِ دِيَةِ صَاحِبِهَا فَفِيهَا لِحُرٍّ مُسْلِمٍ غَيْرِ جَنِينٍ (خَمْسٌ مِنْ
ــ
[حاشية البجيرمي]
كَمَا قَالَهُ: ق ل.
وَقَدْ يُقَالُ: لَا تَكْرَارَ، لِأَنَّ الَّذِي ذَكَرَهُ أَوَّلًا لِلِاحْتِرَازِ وَمَا ذَكَرَهُ هُنَا لِأَجْلِ نِسْبَةِ الْقَوْلِ إلَى قَائِلِهِ وَقَدْ يُقَالُ: إنَّهُ أَوَّلًا نَسَبَهُ أَيْضًا لِقَائِلِهِ فَإِنَّهُ قَالَ: قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ فَهُوَ مَحْضُ تَكْرَارٍ م د.
قَوْلُهُ: (وَفِي الذَّكَرِ) وَفِي تَعَذُّرِ الْجِمَاعِ حُكُومَةٌ قَالَ الْعَلَّامَةُ الزِّيَادِيُّ: فَلَوْ قَطَعَهُ شَخْصٌ بَعْدَ ذَلِكَ لَزِمَهُ دِيَةٌ قَالَ شَيْخُنَا: وَفِيهِ نَظَرٌ، فَرَاجِعْهُ بِرْمَاوِيٌّ.
قَوْلُهُ: (وَعِنِّينٍ) أَيْ: لِأَنَّ الْعُنَّةَ ضَعْفٌ فِي الْقَلْبِ لَا فِي نَفْسِ الذَّكَرِ وَمِثْلُهُ الْمَجْبُوبُ بِبَاءَيْنِ وَنَحْوِهِ بِرْمَاوِيٌّ.
قَوْلُهُ: (وَحُكْمُ الْحَشَفَةِ إلَخْ) لَوْ قَالَ: وَالْمُرَادُ مِنْ الذَّكَرِ الْحَشَفَةُ.
إلَخْ لَكَانَ أَوْلَى فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ.
كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى مَنْ تَأَمَّلَ. اهـ. ق ل قَالَ فِي الرَّوْضِ، وَفِي قَطْعِ بَاقِي الذَّكَرِ، أَوْ قَلْعِهِ مِنْهُ حُكُومَةٌ وَكَذَا فِي قَطْعِ الْأَشَلِّ فَإِنْ أَشَلَّهُ، أَوْ شَقَّهُ طُولًا فَأَبْطَلَ مَنْفَعَتَهُ فَدِيَةٌ تَجِبُ، أَوْ تَعَذَّرَ بِضَرْبِهِ الْجِمَاعُ، لَا الِانْقِبَاضُ وَالِانْبِسَاطُ فَحُكُومَةٌ تَجِبُ، لِأَنَّهُ وَمَنْفَعَتَهُ بَاقِيَانِ، وَالْخَلَلَ فِي غَيْرِهِمَا، ثُمَّ ذَكَرَ فِي شَرْحِهِ فِيمَا لَوْ قَطَعَهُ قَاطِعٌ هَلْ يَجِبُ الْقِصَاصُ كَلَامًا طَوِيلًا اهـ. سم، وَانْظُرْ مَا إذَا جَنَى عَلَى ذَكَرٍ بِلَا حَشَفَةٍ، هَلْ الْوَاجِبُ حُكُومَةٌ، أَوْ دِيَةٌ لَكِنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ " كَالْكَفِّ مَعَ الْأَصَابِعِ " يُرْشِدُ إلَى أَنَّ الْوَاجِبَ الْحُكُومَةُ لَا الدِّيَةُ وَهُوَ مَا مَالَ إلَيْهِ شَيْخُنَا أَوَّلًا، ثُمَّ اعْتَمَدَهُ بَعْدَ ذَلِكَ كَذَا بِخَطِّ الشَّيْخِ خ ض.
قَوْلُهُ: (فِي الْأُنْثَيَيْنِ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إنْ قَطَعَ الْأُنْثَيَيْنِ بِالْجِلْدَتَيْنِ فَفِيهِمَا الدِّيَةُ وَتَدْخُلُ حُكُومَةُ الْجِلْدَتَيْنِ، وَإِنْ قَطَعَ الْجِلْدَتَيْنِ مَعَ بَقَاءِ الْأُنْثَيَيْنِ وَجَبَتْ حُكُومَةٌ، وَإِنْ سَلَّ الْبَيْضَتَيْنِ وَجَبَتْ دِيَةٌ نَاقِصَةٌ حُكُومَةَ الْجِلْدَتَيْنِ.
قَوْلُهُ: (الْخُصْيَتَانِ) تَثْنِيَةُ خُصْيَةٍ بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَيَجُوزُ كَسْرُهَا وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ سَمِعْته بِالضَّمِّ وَلَمْ أَسْمَعْهُ بِالْكَسْرِ. اهـ. مُخْتَارٌ
قَوْلُهُ: (وَلَوْ لِلْعَظْمِ النَّاتِئِ إلَخْ) فَهُوَ مِنْ الرَّأْسِ هُنَا بِخِلَافِهِ فِي الْوُضُوءِ، وَإِنَّمَا أَخَذَ الْعَظْمَ النَّاتِئَ خَلْفَ الْأُذُنِ وَاَلَّذِي تَحْتَ الْمُقَبَّلِ مِنْ اللَّحْيَيْنِ غَايَةً، لِأَنَّهُ رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالرَّأْسِ وَالْوَجْهِ مَا يَجِبُ غَسْلُهُ، أَوْ مَسْحُهُ فِي الْوُضُوءِ فَبَيَّنَ أَنَّهُ لَيْسَ مُرَادًا وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا حَيْثُ عُدَّ هُنَا مِنْ الرَّأْسِ وَلَمْ يُعَدَّ فِي الْوُضُوءِ مِنْهُ لِأَنَّ الْمَدَارَ هُنَا عَلَى كَوْنِهِ خَطَرًا وَلَا شَكَّ أَنَّ الْمَوْضُوعَ الْمَذْكُورَ خَطَرٌ، وَفِي الْوُضُوءِ عَلَى مَا يُسَمَّى رَأْسًا، وَالْمَوْضِعُ الْمَذْكُورُ لَا يُسَمَّى رَأْسًا. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ.
وَعِبَارَةُ م ر: يَجِبُ فِي مُوضِحَةِ الرَّأْسِ وَمِنْهُ هُنَا دُونَ الْوُضُوءِ الْعَظْمُ الَّذِي خَلْفَ الْأُذُنِ مُتَّصِلًا بِهِ وَمَا انْحَدَرَ عَنْ آخِرِ الرَّأْسِ إلَى الرَّقَبَةِ، أَوْ الْوَجْهِ وَمِنْهُ هُنَا لَا ثَمَّ أَيْضًا مَا تَحْتَ الْمُقَبَّلِ مِنْ اللَّحْيَيْنِ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ مَا هُنَا وَالْوُضُوءِ أَنَّ الْمَدَارَ هُنَا عَلَى الْخَطَرِ، أَوْ الشَّرَفِ، إذْ الرَّأْسُ وَالْوَجْهُ أَشْرَفُ مَا فِي الْبَدَنِ وَمَا جَاوَزَ الْخَطِيرَ أَوْ الشَّرِيفَ مِثْلُهُ، وَثَمَّ عَلَى مَا رَأَسَ وَعَلَا وَعَلَى مَا يَقَعُ بِهِ الْمُوَاجَهَةُ وَلَيْسَا مُجَاوِرُهُمَا كَذَلِكَ اهـ، وَقَوْلُهُ:" أَوْ الشَّرَفِ " الْأَوْلَى إسْقَاطُ الْأَلِفِ.
قَوْلُهُ: (أَوْ الْوَجْهِ) عَطْفٌ عَلَى الرَّأْسِ وَقَوْلُهُ: وَإِنْ صَغُرَتْ غَايَةٌ فِي الْمُوضِحَةِ وَعِبَارَةُ الْمَنْهَجِ وَلَوْ صَغُرَتْ وَالْتَحَمَتْ اهـ أَيْ بِخِلَافِ الِالْتِحَامِ فِي الْإِفْضَاءِ فَإِنَّهُ يُسْقِطُ الضَّمَانَ وَكَذَا نَبَاتُ الْجِلْدِ وَفَارَقَ ذَلِكَ سِنَّ غَيْرِ الْمَثْغُورِ، وَإِنْ كَانَ الْغَالِبُ عَلَى الْمُوضِحَةِ الِالْتِحَامَ لِئَلَّا يَلْزَمَ إهْدَارُ الْمُوضِحَاتِ دَائِمًا بِخِلَافِ السِّنِّ فَإِنَّهُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ يَنْتَقِلُ إلَى حَالَةٍ أُخْرَى يَضْمَنُ فِيهَا. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ وسم.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ لِمَا
الْإِبِلِ) لِمَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ: «فِي الْمُوضِحَةِ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ» فَتُرَاعَى هَذِهِ النِّسْبَةُ فِي حَقِّ غَيْرِهِ مِنْ الْمَرْأَةِ وَالْكِتَابِيِّ وَغَيْرِهِمَا.
وَخَرَجَ بِقَيْدِ الرَّأْسِ وَالْوَجْهِ مَا عَدَاهُمَا: كَالسَّاقِ وَالْعَضُدِ فَإِنَّ فِيهِمَا الْحُكُومَةَ وَبِقَيْدِ الْحُرِّ الرَّقِيقُ فَفِيهِ نِصْفُ عُشْرِ قِيمَتِهِ وَبِقَيْدِ الْمُسْلِمِ الْكِتَابِيُّ فَفِي مُوضِحَتِهِ بَعِيرٌ وَثُلُثَانِ.
وَالْمَجُوسِيُّ وَنَحْوُهُ فَفِي مُوضِحَتِهِ ثُلُثُ بَعِيرٍ.
وَلَا يَخْتَلِفُ أَرْشُ مُوضِحَةٍ بِكِبَرِهَا وَلَا صِغَرِهَا لِاتِّبَاعِ الِاسْمِ كَالْأَطْرَافِ وَلَا لِكَوْنِهَا بَارِزَةً، أَوْ مَسْتُورَةً بِالشَّعْرِ وَيَجِبُ فِي هَاشِمَةٍ عَشْرٌ مِنْ الْإِبِلِ وَيَجِبُ فِي هَاشِمَةٍ دُونَ إيضَاحٍ خَمْسَةُ أَبْعِرَةٍ وَيَجِبُ فِي مُنَقِّلَةٍ مَعَ إيضَاحٍ وَهَشْمٍ خَمْسَةَ عَشَرَ بَعِيرًا كَمَا رَوَاهُ النَّسَائِيُّ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
(وَ) يَجِبُ (فِي) قَلْعِ (السِّنِّ) الْأَصْلِيَّةِ التَّامَّةِ الْمَثْغُورَةِ غَيْرِ الْمُقَلْقَلَةِ صَغِيرَةً كَانَتْ أَوْ كَبِيرَةً، بَيْضَاءَ أَوْ سَوْدَاءَ نِصْفُ عُشْرِ دِيَةِ صَاحِبِهَا فَفِيهَا لِذَكَرٍ حُرٍّ مُسْلِمٍ (خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ) لِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ بِذَلِكَ فَقَوْلُهُ: خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْ الْمَسْأَلَتَيْنِ كَمَا تَقَرَّرَ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الثَّنِيَّةِ وَالنَّابِ وَالضِّرْسِ وَإِنْ انْفَرَدَ كُلٌّ مِنْهَا بِاسْمٍ كَالسَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى وَالْخِنْصَرِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
تَحْتَ) غَايَةٌ فِي قَوْلِهِ: أَوْ الْوَجْهِ فَيَكُونُ مَا تَحْتَ الْمُقَبَّلِ مِنْ الْوَجْهِ هُنَا بِخِلَافِهِ فِي الْوُضُوءِ، قَوْلُهُ:(نِصْفُ عُشْرِ إلَخْ) أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى قُصُورِ قَوْلِ الْمَتْنِ خُمُسٍ وَأَنَّهُ لَوْ قَالَ: وَفِي كُلٍّ مِنْ الْمُوضِحَةِ وَالسِّنِّ نِصْفُ عُشْرِ دِيَةِ صَاحِبِهَا لَكَانَ أَوْلَى وَأَعَمَّ.
اهـ.
قَوْلُهُ: (فَفِيهَا لِحُرٍّ مُسْلِمٍ) أَيْ مِنْ حُرٍّ مُسْلِمٍ غَيْرِ جَنِينٍ فَخَرَجَ الْجَنِينُ، فَإِذَا أَوْضَحَهُ وَهُوَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ فَإِنْ مَاتَ بِغَيْرِ الْإِيضَاحِ بِأَنْ صَغُرَتْ الْمُوضِحَةُ وَجَبَ نِصْفُ عُشْرِ غُرَّةٍ، لِأَنَّ فِي الْمُوضِحَةِ نِصْفَ عُشْرِ دِيَةِ صَاحِبِهَا، وَدِيَةِ الْجَنِينِ وَهِيَ الْغُرَّةُ وَإِنْ مَاتَ بِالْإِيضَاحِ وَجَبَتْ غُرَّةٌ كَامِلَةٌ، وَإِنْ انْفَصَلَ حَيًّا، ثُمَّ مَاتَ بِغَيْرِ الْإِيضَاحِ وَجَبَ نِصْفُ عُشْرِ دِيَةٍ، وَإِنْ مَاتَ بِالْإِيضَاحِ وَجَبَتْ دِيَةٌ كَامِلَةٌ ع ش.
قَوْلُهُ: (فَتُرَاعَى هَذِهِ النِّسْبَةُ إلَخْ) فَفِيهَا لِحُرَّةٍ مُسْلِمَةٍ بَعِيرَانِ وَنِصْفٌ وَلِذِمِّيٍّ بَعِيرٌ وَثُلُثَانِ وَلِمَجُوسِيٍّ ثُلُثُ بَعِيرٍ وَلِذِمِّيَّةٍ خَمْسَةُ أَسْدَاسِ بَعِيرٍ وَلِمَجُوسِيَّةٍ سُدُسُ بَعِيرٍ. اهـ. ح ل.
قَوْلُهُ: (فَإِنَّ فِيهِمَا) أَيْ فِي مُوضِحَتِهِمَا الْحُكُومَةَ، وَمِثْلُ الْمُوضِحَةِ غَيْرُهَا مِنْ الْجُرُوحِ إذَا كَانَتْ فِي غَيْرِ الْوَجْهِ وَالرَّأْسِ فَفِيهَا حُكُومَةٌ، وَأَمَّا الْقِصَاصُ فَلَا قِصَاصَ فِيهَا كُلِّهَا إلَّا الْمُوضِحَةَ سَوَاءٌ كَانَتْ فِي الْوَجْهِ أَوْ الرَّأْسِ، أَوْ بَقِيَّةِ الْبَدَنِ.
قَوْلُهُ: (فَفِي مُوضِحَتِهِ بَعِيرٌ وَثُلُثَانِ) ، لِأَنَّهَا نِصْفُ عُشْرِ دِيَتِهِ.
قَوْلُهُ: (فَفِي مُوضِحَتِهِ ثُلُثُ بَعِيرٍ) وَفِي مُوضِحَةِ ذِمِّيَّةٍ خَمْسَةُ أَسْدَاسِ بَعِيرٍ، لِأَنَّ دِيَتَهَا سِتَّةَ عَشَرَ وَثُلُثَانِ، عُشْرُهَا بَعِيرٌ وَثُلُثَانِ بِعَشْرِ أَسْدَاسٍ، وَنِصْفُهَا خَمْسَةُ أَسْدَاسٍ وَفِي مُوضِحَةِ مَجُوسِيَّةٍ سُدُسُ بَعِيرٍ، لِأَنَّ دِيَتَهَا ثَلَاثَةٌ وَثُلُثُ عُشْرِهَا ثُلُثُ بَعِيرٍ وَنِصْفُهُ سُدُسٌ.
قَوْلُهُ: (وَلَا يَخْتَلِفُ أَرْشُ مُوضِحَةٍ) هَذَا يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ الْمُتَقَدِّمُ، وَإِنْ صَغُرَتْ إلَّا أَنَّهُ ذَكَرَهُ لِلتَّعْلِيلِ الَّذِي ذَكَرَهُ.
قَوْلُهُ: (رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْ الْمَسْأَلَتَيْنِ) أَيْ الْمُوضِحَةِ وَالسِّنِّ وَذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ: وَفِي الْمُوضِحَةِ وَالسِّنِّ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ وَهَذَا بِنَاءٌ عَلَى ظَاهِرِ كَلَامِ الْمَتْنِ مِنْ جَعْلِ الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ خَبَرًا مُقَدَّمًا وَخَمْسٌ مُبْتَدَأٌ مُؤَخَّرٌ وَأَمَّا بِالنَّظَرِ لِتَقْدِيرِ كَلَامِ الشَّارِحِ الْفِعْلَ فِي الْمَوْضِعَيْنِ فَيَكُونُ خَمْسٌ مُبْتَدَأً، وَخَبَرُهُ مَحْذُوفٌ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِ، وَفَاعِلُ الْفِعْلِ قَدَّرَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ: نِصْفُ عُشْرِ إلَخْ.
قَوْلُهُ: (وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الثَّنِيَّةِ إلَخْ) الْأَسْنَانُ سِتَّةُ أَنْوَاعٍ ثَنَايَا وَرَبَاعِيَاتٌ وَأَنْيَابٌ وَضَوَاحِكُ وَنَوَاجِذُ، وَكُلٌّ مِنْهَا أَرْبَعٌ اثْنَانِ عُلْيَا وَاثْنَانِ سُفْلَى وَأَضْرَاسٌ وَهِيَ اثْنَا عَشَرَ سِنَّةً عُلْيَا وَسِتَّةٌ سُفْلَى وَهِيَ بَيْنَ الضَّوَاحِكِ وَالنَّوَاجِذِ، وَالنَّوَاجِذُ آخِرُهَا مِمَّا يَلِي الْأُذُنَ وَعِبَارَةُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَهِيَ ثِنْتَانِ وَثَلَاثُونَ أَيْ غَالِبًا فِي الْآدَمِيِّ الْحُرِّ، وَإِلَّا فَقَدْ تَزِيدُ وَقَدْ تَنْقُصُ فَيُزَادُ وَيُنْقَصُ بِحَسَبِهِ نِصْفُهَا فِي الْفَكِّ الْأَعْلَى وَنِصْفُهَا فِي الْفَكِّ الْأَسْفَلِ وَلِكُلِّ أَرْبَعٍ مِنْهَا اسْمٌ يَخُصُّهَا فَالْأَرْبَعَةُ الَّتِي فِي مُقَدَّمِ الْفَمِ تُسَمَّى الثَّنَايَا وَاَلَّتِي تَلِيهَا تُسَمَّى الرَّبَاعِيَاتِ وَاَلَّتِي تَلِيهَا تُسَمَّى الضَّوَاحِكَ وَهِيَ الْمُرَادَةُ بِالنَّوَاجِذِ فِي ضَحِكِهِ صلى الله عليه وسلم لِأَنَّ ضَحِكَهُ تَبَسُّمٌ وَاَلَّتِي تَلِيهَا تُسَمَّى الْأَنْيَابَ وَبَعْدَهَا اثْنَا عَشَرَ ضِرْسًا وَيُقَالُ لَهَا الطَّوَاحِينُ وَالرَّحَا وَيَلِيهَا أَرْبَعَةٌ تُسَمَّى نَوَاجِذَ وَهِيَ مِنْ الْأَضْرَاسِ، وَيُقَالُ لَهَا أَضْرَاسُ الْعَقْلِ وَأَضْرَاسُ الْحُلُمِ وَهِيَ أَقْصَاهَا وَآخِرُهَا نَبَاتًا فَإِنَّ الْغَالِبَ عَلَيْهَا لَا تَنْبُتُ إلَّا بَعْدَ الْبُلُوغِ وَلَا مَانِعَ مِنْ إرَادَتِهَا فِي ضَحِكِهِ صلى الله عليه وسلم -
فِي الْأَصَابِعِ وَفِيهَا لِأُنْثَى حُرَّةٍ مُسْلِمَةٍ بَعِيرَانِ وَنِصْفٌ، وَلِذِمِّيٍّ بَعِيرٌ وَثُلُثَانِ وَلِمَجُوسِيٍّ ثُلُثُ بَعِيرٍ.
وَلِرَقِيقٍ نِصْفُ عُشْرِ قِيمَتِهِ.
تَنْبِيهٌ: يُسْتَثْنَى مِنْ إطْلَاقِهِ صُورَتَانِ: الْأُولَى لَوْ انْتَهَى صِغَرُ السِّنِّ: إلَّا أَنْ لَا تَصْلُحَ لِلْمَضْغِ فَلَيْسَ فِيهَا إلَّا الْحُكُومَةُ.
الثَّانِيَةُ: أَنَّ الْغَالِبَ طُولُ الثَّنَايَا عَلَى الرَّبَاعِيَاتِ فَلَوْ كَانَتْ مِثْلَهَا، أَوْ أَقْصَرَ فَقَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا أَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْخَمْسُ بَلْ يَنْقُصُ مِنْهَا بِحَسَبِ نُقْصَانِهَا وَلَا فَرْقَ فِي وُجُوبِ دِيَةِ السِّنِّ بَيْنَ أَنْ يَقْلَعَهَا مَعَ السِّنْخِ وَهُوَ بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ النُّونِ، وَإِعْجَامِ الْخَاءِ أَصْلُهَا الْمُسْتَتِرُ بِاللَّحْمِ أَوْ بِكَسْرِ الظَّاهِرِ مِنْهَا دُونَهُ؛ لِأَنَّ السِّنْخَ تَابِعٌ فَأَشْبَهَ الْكَفَّ مَعَ الْأَصَابِعِ، وَلَوْ أَذْهَبَ مَنْفَعَةَ السِّنِّ وَهِيَ بَاقِيَةٌ عَلَى حَالِهَا وَجَبَتْ دِيَتُهَا وَخَرَجَ بِقَيْدِ الْأَصْلِيَّةِ الزَّائِدَةُ وَهِيَ الشَّاغِيَةُ الْخَارِجَةُ عَنْ سَمْتِ الْأَسْنَانِ الْأَصْلِيَّةِ لِمُخَالَفَةِ نَبَاتِهَا لَهَا فَفِيهَا حُكُومَةٌ كَالْأُصْبُعِ الزَّائِدَةِ وَبِقَيْدِ التَّامَّةِ مَا لَوْ كُسِرَ بَعْضُ الظَّاهِرِ مِنْهَا فَفِيهِ قِسْطُهُ مِنْ الْأَرْشِ وَيُنْسَبُ الْمَكْسُورُ إلَى مَا بَقِيَ مِنْ الظَّاهِرِ دُونَ السِّنْخِ عَلَى الْمَذْهَبِ وَبِقَيْدِ الْمَثْغُورَةِ مَا لَوْ قُلِعَ سِنٌّ صَغِيرٌ، أَوْ كَبِيرٌ لَمْ يُثْغَرْ نُظِرَ: إنْ بَانَ فَسَادُ الْمَنْبَتِ فَكَالْمَثْغُورَةِ، وَإِنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ الْحَالُ حَتَّى مَاتَ فَفِيهَا الْحُكُومَةُ وَبِقَيْدِ غَيْرِ الْمُقَلْقَلَةِ الْمُقَلْقَلَةُ، فَإِنْ بَطَلَتْ مَنْفَعَتُهَا فَفِيهَا الْحُكُومَةُ وَحَرَكَةُ السِّنِّ لِكِبَرٍ، أَوْ مَرَضٍ إنْ قَلَّتْ بِحَيْثُ لَا تُؤَدِّي الْقَلْقَلَةُ نَقْصًا فِي مَنْفَعَتِهَا مِنْ مَضْغٍ وَغَيْرِهِ فَكَصَحِيحَةٍ حُكْمُهَا لِبَقَاءِ الْجَمَالِ وَالْمَنْفَعَةِ.
(وَ) يَجِبُ (فِي كُلِّ عُضْوٍ لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ) كَالْيَدِ الشَّلَّاءِ وَالذَّكَرِ الْأَشَلِّ وَنَحْوِ ذَلِكَ، كَالْأُصْبُعِ الْأَشَلِّ. (حُكُومَةٌ) وَكَذَا فِي كَسْرِ الْعِظَامِ، لِأَنَّ
ــ
[حاشية البجيرمي]
وَهَذِهِ الْأَرْبَعَةُ مَفْقُودَةٌ فِي الْخَصِيِّ وَالْكَوْسَجِ أَيْ الْأَجْرُودِ فَأَسْنَانُهُمَا ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ سِنًّا وَلِابْنِ رَسْلَانَ:
مِنْهَا ثَنَايَا أَرْبَعٌ رَبَاعِيَةٌ
…
كَذَا وَأَنْيَابٌ كَمِثْلِ تَالِيهِ
وَأَرْبَعٌ ضَوَاحِكُ وَاثْنَا عَشَرَ
…
ضِرْسًا وَأَرْبَعٌ نَوَاجِذُ أُخَرْ
قَالُوا: وَأَسْنَانُ الْمَرْأَةِ ثَلَاثُونَ سِنًّا وَخَرَجَ بِالْآدَمِيِّ غَيْرُهُ فَأَسْنَانُ الْبَقَرِ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ سِنًّا وَأَسْنَانُ الشَّاةِ إحْدَى وَعِشْرُونَ سِنًّا وَأَسْنَانُ التَّيْسِ ثَلَاثَةٌ وَعِشْرُونَ سِنًّا وَأَسْنَانُ الْعَنْزِ تِسْعَ عَشْرَةَ سِنًّا اهـ.
قَوْلُهُ: (يُسْتَثْنَى) صَوَابُهُ أَنْ يَقُولَ: وَخَرَجَ بِالتَّامَّةِ الَّتِي وَصَفَ السِّنَّ بِهَا فِيمَا مَرَّ إذْ لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مَفْهُومُ الْقَيْدِ مُسْتَثْنًى ق ل، وَيُرَدُّ بِأَنَّ الصُّورَةَ الْأُولَى لَيْسَتْ مَفْهُومَ الْقَيْدِ الْمَذْكُورِ، وَهُوَ التَّامَّةُ بَلْ مَفْهُومُهُ سَيَذْكُرُهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ: وَبِقَيْدِ التَّامَّةِ مَا لَوْ كَسَرَ إلَخْ، نَعَمْ مَا ذَكَرَهُ ق ل مِنْ أَنَّ الصُّورَةَ الْأُولَى مَفْهُومُ الْقَيْدِ ظَاهِرٌ بِأَنَّ السِّنَّ غَيْرُ تَامَّةٍ، وَأَمَّا قَوْلُ الشَّارِحِ: وَبِغَيْرِ التَّامَّةِ مَا لَوْ كَسَرَ إلَخْ لَا يَظْهَرُ كَوْنُهُ مَفْهُومَ الْقَيْدِ لِأَنَّ مَفْهُومَهُ مِنْ السِّنِّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ تَكُونُ غَيْرَ تَامَّةٍ لَا أَنَّهُ يَكْسِرُ بَعْضَ سِنٍّ تَامَّةٍ.
قَوْلُهُ: (أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْخُمُسُ) هَذَا وَجْهٌ مَرْجُوحٌ وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الطَّوِيلَةِ وَالْقَصِيرَةِ فِي وُجُوبِ الْخُمُسِ.
قَوْلُهُ: (الْخَارِجَةُ) تَفْسِيرٌ لِلشَّاغِيَةِ.
قَوْلُهُ: (فَفِيهَا حُكُومَةٌ) وَأَمَّا السِّنُّ الْمُتَّخَذَةُ مِنْ ذَهَبٍ وَنَحْوِهِ فَلَا دِيَةَ فِي قَلْعِهَا وَلَا حُكُومَةَ شَرْحُ الْمَنُوفِيِّ.
قَوْلُهُ: (لَمْ يُثْغَرْ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ لَمْ يُثْغَرْ كُلٌّ مِنْهُمَا.
قَوْلُهُ: (نُظِرَ) نُسْخَةٌ: فَإِنَّهُ يُنْظَرُ وَهِيَ أَوْلَى، لِأَنَّ فِي الْأُولَى رَكَاكَةً.
قَوْلُهُ: (فَكَالْمَثْغُورَةِ) فَفِيهَا الْخُمُسُ.
قَوْلُهُ: (فَفِيهَا الْحُكُومَةُ) ، لِأَنَّ الظَّاهِرَ عَوْدُهَا لَوْ عَاشَ وَالْأَصْلُ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ شَرْحِ الْمَنْهَجِ.
قَوْلُهُ: (الْمُقَلْقَلَةُ) أَيْ الْمُتَحَرِّكَةُ. قَوْلُهُ: (وَحَرَكَةُ السِّنِّ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ جُمْلَةُ إنْ قُلْت: وَالْقَصْدُ مِنْهُ تَقْيِيدُ مَا قَبْلَهُ وَهَذَا فِي الْمَعْنَى مَفْهُومُ قَوْلِهِ: فَإِنْ بَطَلَتْ مَنْفَعَتُهَا، وَفِي تَعْبِيرِهِ قَلَاقَةٌ.
قَوْلُهُ: (بِحَيْثُ لَا تُؤَدِّي) أَيْ تُورِثُ نَقْصًا إلَخْ فَانْدَفَعَ قَوْلُ مَنْ حَكَمَ عَلَى الْعِبَارَةِ بِالنَّقْصِ وَقَالَ: لَعَلَّ الْعِبَارَةَ إلَى نَقْصِ إلَخْ.
اهـ أج.
أَيْ فَهُوَ مُضَمَّنُ مَعْنَى تُورِثُ وَفِي نُسَخٍ إلَى نَقْصٍ وَهُوَ وَاضِحٌ.
قَوْلُهُ: (حُكْمُهَا) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ، وَفِي نُسْخَةٍ فِي حُكْمِهَا وَهِيَ أَوْلَى أَيْ فَفِيهَا الْأَرْشُ كَامِلًا.
قَوْلُهُ: (وَفِي كُلِّ عُضْوٍ لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ) لَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيَانِ
الشَّرْعَ لَمْ يَنُصَّ عَلَيْهِ وَلَمْ يُبَيِّنْهُ فَوَجَبَ فِيهِ حُكُومَةٌ وَكَذَا يَجِبُ فِي تَعْوِيجِ الرَّقَبَةِ وَالْوَجْهِ وَتَسْوِيدِهِ، وَفِي حَلَمَتَيْ الرَّجُلِ وَالْخُنْثَى.
وَأَمَّا حَلَمَتَا الْمَرْأَةِ فَفِيهِمَا دِيَتُهُمَا لِأَنَّ مَنْفَعَةَ الْإِرْضَاعِ وَجَمَالَ الثَّدْيِ بِهِمَا كَمَنْفَعَةِ الْيَدَيْنِ وَجَمَالِهِمَا بِالْأَصَابِعِ، وَفِي إحْدَاهُمَا نِصْفُهَا وَالْحَلَمَةُ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ الْمُجْتَمَعُ النَّاتِئُ عَلَى رَأْسِ الثَّدْيِ
تَنْبِيهٌ لَوْ ضَرَبَ ثَدْيَ امْرَأَةٍ فَشَلَّ بِفَتْحِ الشِّينِ وَجَبَتْ دِيَتُهُ
وَإِنْ اسْتَرْسَلَ فَحُكُومَةٌ لِأَنَّ الْفَائِتَ مُجَرَّدُ جَمَالٍ وَإِنْ ضَرَبَ ثَدْيَ خُنْثَى فَاسْتَرْسَلَ لَمْ يَجِبْ فِيهِ حُكُومَةٌ حَتَّى يَتَبَيَّنَ كَوْنُهُ امْرَأَةً لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ رَجُلًا فَلَا يَلْحَقُهُ نَقْصٌ بِالِاسْتِرْسَالِ
وَلَا يَفُوتُهُ جَمَالٌ فَإِذَا تَبَيَّنَ أَنَّهُ امْرَأَةٌ وَجَبَتْ الْحُكُومَةُ وَالْحُكُومَةُ جُزْءٌ مِنْ الدِّيَةِ نِسْبَتُهُ إلَى دِيَةِ النَّفْسِ نِسْبَةُ نَقْصِ الْجِنَايَةِ مِنْ قِيمَةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ لَوْ كَانَ رَقِيقًا بِصِفَاتِهِ الَّتِي هُوَ عَلَيْهَا
مِثَالُهُ جَرَحَ يَدَهُ فَيُقَالُ كَمْ قِيمَةُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِصِفَاتِهِ الَّتِي هُوَ عَلَيْهَا بِغَيْرِ جِنَايَةٍ لَوْ كَانَ رَقِيقًا فَإِذَا قِيلَ مِائَةٌ فَيُقَالُ كَمْ قِيمَتُهُ بَعْدَ الْجِنَايَةِ فَإِذَا قِيلَ تِسْعُونَ فَالتَّفَاوُتُ الْعُشْرُ فَيَجِبُ عُشْرُ دِيَةِ النَّفْسِ وَهِيَ عَشْرٌ مِنْ الْإِبِلِ إذَا كَانَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ حُرًّا ذَكَرًا مُسْلِمًا لِأَنَّ الْجُمْلَةَ مَضْمُونَةٌ بِالدِّيَةِ فَتُضْمَنُ الْأَجْزَاءُ بِجُزْءٍ مِنْهَا كَمَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ عَيْبِ الْمَبِيعِ
تَنْبِيهٌ تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَخَلَّ بِتَرْتِيبِ صُوَرِ الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ فَإِنَّهُ قَبْلَ فَرَاغِهِ مِنْ الْأَوَّلِ أَعْنِي إبَانَةَ الْأَطْرَافِ ذَكَرَ الثَّانِيَ أَعْنِي الْمَنَافِعَ ثُمَّ عَادَ إلَى الْأَوَّلِ ثُمَّ ذَكَرَ الثَّالِثَ أَعْنِي الْجِرَاحَةَ ثُمَّ خَتَمَ بِالسِّنِّ الَّذِي هُوَ مِنْ جُمْلَةِ صُوَرِ الْأَوَّلِ
وَكَانَ حَقُّ التَّرْتِيبِ الْوَضْعِيِّ ذِكْرَ الْأَوَّلِ عَلَى نَسَقٍ إلَّا أَنَّ الْأَمْرَ فِيهِ سَهْلٌ ثُمَّ إنَّهُ اقْتَصَرَ فِي الْأَوَّلِ عَلَى إيرَادِ إحْدَى عَشْرَةَ صُورَةً وَأَهْمَلَ مِنْ صُوَرِهِ سِتَّةً وَفِي الثَّانِي عَلَى خَمْسَةٍ وَأَهْمَلَ مِنْ صُوَرِهِ تِسْعَةً كَمَا أَوْضَحْته كُلَّهُ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ وَغَيْرِهِ
(وَدِيَةُ الْعَبْدِ) أَيْ وَالْجِنَايَةُ عَلَى نَفْسِ الرَّقِيقِ الْمَعْصُومِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى، وَلَوْ مُدَبَّرًا، أَوْ مُكَاتَبًا، أَوْ أُمَّ وَلَدٍ (قِيمَتُهُ) بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ سَوَاءٌ أَكَانَتْ الْجِنَايَةُ عَمْدًا أَمْ خَطَأً؟ وَإِنْ زَادَتْ عَلَى دِيَةِ الْحُرِّ كَسَائِرِ الْأَمْوَالِ الْمُتْلَفَةِ وَلَوْ عَبَّرَ بِالْقِيمَةِ بَدَلَ الدِّيَةِ لَكَانَ أَوْلَى فَيَقُولُ: وَفِي الْعَبْدِ قِيمَتُهُ لِمَا سَبَقَ فِي تَعْرِيفِ الدِّيَةِ أَوَّلَ الْفَصْلِ، وَلَا يَدْخُلُ فِي قِيمَتِهِ التَّغْلِيظُ.
أَمَّا الْمُرْتَدُّ فَلَا ضَمَانَ فِي إتْلَافِهِ قَالَ فِي الْبَيَانِ: وَلَيْسَ لَنَا شَيْءٌ يَصِحُّ بَيْعُهُ وَلَا يَجِبُ فِي إتْلَافِهِ شَيْءٌ سِوَاهُ، وَيَجِبُ فِي إتْلَافِ غَيْرِ نَفْسِ الرَّقِيقِ مِنْ أَطْرَافِهِ وَلِطَائِفِهِ مَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ سَلِيمًا، إنْ لَمْ يَتَقَدَّرْ ذَلِكَ الْغَيْرُ مِنْ الْحُرِّ وَلَمْ يَتْبَعْ مُقَدَّرًا وَلَا يَبْلُغُ
ــ
[حاشية البجيرمي]
الْجِنَايَةِ الَّتِي لَهَا أَرْشٌ مُقَدَّرٌ شَرَعَ يَتَكَلَّمُ عَلَى الْجِنَايَةِ الَّتِي لَيْسَ لَهَا أَرْشٌ مُقَدَّرٌ، وَإِعْرَابُ الْمَتْنِ " فِي كُلِّ عُضْوٍ " خَبَرٌ مُقَدَّمٌ وَ " حُكُومَةٌ " مُبْتَدَأٌ مُؤَخَّرٌ فَقَدَّرَ الشَّارِحُ فِعْلًا وَجَعَلَ " حُكُومَةٌ " فَاعِلًا لَهُ فَأَخْرَجَ الْمَتْنَ عَنْ نَوْعِ إعْرَابِهِ وَهُوَ لَيْسَ بِمَعِيبٍ فَلَا اعْتِرَاضَ فَتَأَمَّلْ.
قَوْلُهُ: (لَمْ يَنُصَّ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْعُضْوِ الَّذِي لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ.
قَوْلُهُ: (وَأَمَّا حَلَمَتَا الْمَرْأَةِ) بِالْأَلِفِ فِي صِحَاحِ النُّسَخِ وَهُوَ ظَاهِرٌ، قَوْلُهُ:(النَّاتِئُ) أَيْ الْبَارِزُ.
قَوْلُهُ: (وَإِنْ اسْتَرْسَلَ) أَيْ اسْتَرْخَى عَلَى صَدْرِهَا بِأَنْ كَانَ قَبْلَ الضَّرْبِ غَيْرَ مُسْتَرْخٍ كَأَنْ كَانَ مِثْلَ الرُّمَّانَةِ.
قَوْلُهُ: (مُجَرَّدُ جَمَالٍ) ، لِأَنَّ الْجَمَالَ فِي غَيْرِ الْمُسْتَرْسِلِ دُونَ الْمُسْتَرْسِلِ وَالنَّاسُ مُخْتَلِفُونَ فِيمَا يَسْتَحِبُّونَ مِنْ صِغَرِ الثَّدْيِ وَكِبَرِهِ.
قَوْلُهُ: (جُزْءٌ مِنْ الدِّيَةِ) فَالْوَاجِبُ مِنْ الدِّيَةِ التَّقْوِيمُ بِالنَّقْدِ.
قَوْلُهُ: (ثُمَّ عَادَ إلَى الْأَوَّلِ) أَيْ بِقَوْلِهِ: وَالذَّكَرِ وَالْأُنْثَيَيْنِ.
قَوْلُهُ: (إحْدَى عَشْرَةَ) وَهِيَ الْيَدَانِ وَالرِّجْلَانِ وَالْأُذُنَانِ وَالْعَيْنَانِ وَالْجُفُونُ وَالْأَنْفُ وَاللِّسَانُ وَالشَّفَتَانِ وَالذَّكَرُ وَالْأُنْثَيَانِ وَالْأَسْنَانُ وَأَهْمَلَ مِنْ صُوَرِهِ سِتَّةً، وَهِيَ اللَّحْيَانِ وَالْحَلَمَتَانِ وَالْأَلْيَانِ وَالشُّفْرَانِ وَالْجِلْدُ وَالْأَنَامِلُ وَقَوْلُهُ: عَلَى خَمْسَةٍ وَهِيَ الْكَلَامُ وَالْبَصَرُ وَالسَّمْعُ وَالشَّمُّ وَالْعَقْلُ وَأَهْمَلَ مِنْ صُوَرِهِ تِسْعَةً، وَهِيَ الذَّوْقُ وَالْمَضْغُ وَالْجِمَاعُ وَقُوَّةُ الْإِمْنَاءِ وَقُوَّةُ الْحَبَلِ وَالْإِفْضَاءِ وَالْبَطْشِ وَالْمَشْيِ وَالصَّوْتِ
قَوْلُهُ: (أَيْ وَالْجِنَايَةُ) أَيْ وَوَاجِبُ الْجِنَايَةِ، وَإِطْلَاقُ الدِّيَةِ عَلَى الْقِيمَةِ مَجَازٌ، لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا فِي مُقَابَلَةِ النَّفْسِ وَهُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ وَدِيَةُ جِنَايَةِ الْعَبْدِ أَيْ الْجِنَايَةُ عَلَيْهِ إلَخْ.
قَوْلُهُ: (أَمَّا الْمُرْتَدُّ) أَيْ الْعَبْدُ الْمُرْتَدُّ فَلَا ضَمَانَ، وَإِنْ كَانَ يُبَاعُ.
قَوْلُهُ: (بَيْعُهُ) مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِلْمَفْعُولِ.
قَوْلُهُ: (وَلَمْ يَتْبَعْ مُقَدَّرًا) لَيْسَ
بِالْحُكُومَةِ قِيمَةَ جُمْلَةِ الرَّقِيقِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، أَوْ قِيمَةَ عُضْوِهِ عَلَى مَا سَبَقَ فِي الْحُرِّ.
وَإِنْ قُدِّرَتْ فِي الْحُرِّ كَمُوضِحَةٍ وَقَطْعِ عُضْوٍ فَيَجِبُ مِثْلُ نِسْبَتِهِ مِنْ الدِّيَةِ مِنْ قِيمَتِهِ، لِأَنَّا نُشَبِّهُ الْحُرَّ بِالرَّقِيقِ فِي الْحُكُومَةِ، لِيَعْرِفَ قَدْرَ التَّفَاوُتِ لِيَرْجِعَ بِهِ، فَفِي الْمُشَبَّهِ بِهِ أَوْلَى وَلِأَنَّهُ أَشْبَهَ الْحُرَّ فِي أَكْثَرِ الْأَحْكَامِ بِدَلِيلِ التَّكْلِيفِ فَأَلْحَقْنَاهُ بِهِ فِي التَّقْدِيرِ، فَفِي قَطْعِ يَدِهِ نِصْفُ قِيمَتِهِ وَفِي يَدَيْهِ قِيمَتُهُ، وَفِي أُصْبُعِهِ عُشْرُهَا، وَفِي مُوضِحَتِهِ نِصْفُ عُشْرِهَا وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسُ وَلَوْ قَطَعَ ذَكَرَهُ وَأُنْثَيَاهُ وَنَحْوَهُمَا مِمَّا يَجِبُ لِلْحُرِّ فِيهِ دِيَتَانِ: وَجَبَ بِقَطْعِهِمَا قِيمَتَانِ كَمَا يَجِبُ فِيهِمَا لِلْحُرِّ دِيَتَانِ وَمَنْ نِصْفُهُ حُرٌّ.
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: يَجِبُ فِي طَرَفِهِ نِصْفُ مَا فِي طَرَفِ الْحُرِّ وَنِصْفُ مَا فِي الْعَبْدِ فَفِي يَدِهِ رُبُعُ الدِّيَةِ وَرُبُعُ الْقِيمَةِ، وَفِي أُصْبُعِهِ نِصْفُ عُشْرِ الدِّيَةِ وَنِصْفُ عُشْرِ الْقِيمَةِ.
وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسُ فِيمَا زَادَ مِنْ الْجِرَاحَةِ، أَوْ نَقَصَ.
(وَ) فِي (دِيَةِ الْجَنِينِ الْحُرِّ) الْمُسْلِمِ (غُرَّةُ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَضَى فِي الْجَنِينِ بِغُرَّةٍ» عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ بِتَرْكِ تَنْوِينِ غُرَّةٍ عَلَى الْإِضَافَةِ الْبَيَانِيَّةِ وَتَنْوِينُهَا عَلَى أَنَّ
ــ
[حاشية البجيرمي]
بِقَيْدٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَإِنْ تَبِعَ مُقَدَّرًا كَقَطْعِ كَفٍّ بِلَا أَصَابِعَ وَكَانَ وَاجِبُهُ بِالتَّقْوِيمِ أَكْثَرَ مِنْ مَتْبُوعِهِ، أَوْ مِثْلَهُ لَمْ يَجِبْ كُلُّهُ بَلْ يُوجِبُ الْحَاكِمُ شَيْئًا بِاجْتِهَادِهِ وَهَذِهِ طَرِيقَةٌ مَرْجُوحَةٌ نَقَلَهَا م ر.
عَنْ الْبُلْقِينِيُّ وَرَدَّهَا بِقَوْلِهِ: وَهَذَا غَيْرُ مُتَّجَهٍ؛ إذْ النَّظَرُ فِي الْقِنِّ أَصَالَةٌ إلَى نَقْصِ الْقِيمَةِ، حَتَّى فِي الْمُقَدَّرِ عَلَى قَوْلٍ فَلَمْ يَنْظُرُوا فِي غَيْرِهِ لِتَبَعِيَّتِهِ.
فَالْحَاصِلُ: أَنَّهُ إذَا اتَّبَعَ مُقَدَّرًا يَكُونُ الْوَاجِبُ مَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ سَوَاءً كَانَ زَائِدًا عَلَى وَاجِبِ الْمَتْبُوعِ أَوْ نَاقِصًا عَنْهُ، أَوْ مُسَاوِيًا لَهُ عَلَى مَا اعْتَمَدَهُ م ر. اهـ. شَيْخُنَا.
قَوْلُهُ: (بِالْحُكُومَةِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: بِمَا نَقَصَ، لِأَنَّ الْحُكُومَةَ لَا تَكُونُ إلَّا فِي الْحُرِّ، لِأَنَّهَا جُزْءٌ مِنْ الدِّيَةِ بِنِسْبَتِهِ إلَخْ وَعَلَى فَرْضِ أَنَّهَا تَكُونُ فِي الرَّقِيقِ فَلَا يُمْكِنُ أَنْ تَبْلُغَ قِيمَتَهُ، لِأَنَّهَا جُزْءٌ مُقَدَّرٌ مِنْ الْقِيمَةِ فَكَيْفَ تَبْلُغُ الْقِيمَةَ ق ل.
فَكَانَ الصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ: وَلَا يَبْلُغُ وَاجِبُ غَيْرِ الْمُقَدَّرِ قِيمَتَهُ إلَخْ قَالَ سم: وَالْجَوَابُ أَنَّ غَرَضَهُمْ مِنْ هَذَا الْكَلَامِ الْإِشَارَةُ إلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ نَقْصُهَا عَنْ أَرْشِ الْمُقَدَّرِ كَمَا فِي حُكُومَةِ الْمُقَدَّرِ فَتَأَمَّلْ.
فَإِنَّهُ دَقِيقٌ وَلَمْ يَتَقَدَّمْ لِلْحُكُومَةِ ذِكْرٌ إلَّا أَنْ يُقَالَ: تَقَدَّمَتْ ضِمْنًا فِي قَوْلِهِ مَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ، وَبَعْدَ ذَلِكَ فِيهِ مُسَامَحَةٌ إلَّا أَنْ يُقَالَ: سُمِّيَ ذَلِكَ حُكُومَةً لِمَجَازِ الْمُشَابَهَةِ أَيْ مُشَابَهَةِ نَقْصِ الْقِيمَةِ لِنَقْصِ الدِّيَةِ.
وَقَوْلُهُ: عَلَى مَا سَبَقَ لَمْ يَتَقَدَّمْ ذَلِكَ حَتَّى يُحِيلَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: تَوَهَّمَ أَنَّهُ سَبَقَ ذِكْرُ ذَلِكَ فِي الْحُرِّ وَهَذِهِ الْعِبَارَةُ ذَكَرَهَا فِي الْمَنْهَجِ فِي الْحُرِّ وَأَحَالَ عَلَيْهَا الرَّقِيقَ وَالشَّارِحُ ذَكَرَهَا فِي الرَّقِيقِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهَا، ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ: وَلَا يَبْلُغُ بِالْحُكُومَةِ قِيمَةَ جُمْلَةِ الرَّقِيقِ مُحَالٌ لَا يُتَصَوَّرُ فَلَا يَصِحُّ نَفْيُهُ، لِأَنَّ الْحُكْمَ عَلَى الشَّيْءِ فَرْعٌ عَنْ تَصَوُّرِهِ فَهُوَ فَرْضٌ مُحَالٌ، وَقَوْلُهُ: أَوْ قِيمَةُ عُضْوِهِ هَذَا مُمْكِنٌ فَنَفْيُهُ صَحِيحٌ إلَّا أَنَّهُ طَرِيقَةٌ ضَعِيفَةٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْعَبْدِ لِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ الْجِنَايَةَ فِي الْعَبْدِ إذَا كَانَتْ لَا أَرْشَ لَهَا مُقَدَّرٌ وَكَانَتْ عَلَى عُضْوٍ لَهُ أَرْشٌ مُقَدَّرٌ يَجِبُ فِيهَا مَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ، سَوَاءٌ كَانَ قَدْرَ قِيمَةِ الْعُضْوِ الَّذِي وَقَعَتْ الْجِنَايَةُ عَلَيْهِ، أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ بِخِلَافِ نَظِيرِ ذَلِكَ فِي الْحُرِّ فَيُشْتَرَطُ فِي أَرْشِ الْجِنَايَةِ الْمَذْكُورَةِ أَنْ لَا تَبْلُغَ دِيَةُ ذَلِكَ الْعُضْوِ فَإِنْ بَلَغَتْهَا نَقَصَ مِنْهَا شَيْءٌ.
قَوْلُهُ: (وَإِنْ قُدِّرَتْ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: وَإِنْ قُدِّرَ أَيْ ذَلِكَ الْغَيْرُ، لِأَنَّهُ مُقَابِلُ قَوْلِهِ: إنْ لَمْ يُقَدَّرْ إلَخْ.
قَوْلُهُ: (لِأَنَّا نُشَبِّهُ إلَخْ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ: مَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ سَلِيمًا إنْ لَمْ يَتَقَدَّرْ إلَخْ وَقَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ أَشْبَهَ الْحُرَّ عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ: وَإِنْ قُدِّرَتْ فِي الْحُرِّ إلَخْ شَيْخُنَا.
قَوْلُهُ: (وَلَوْ قُطِعَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ فَقَوْلُهُ: وَأُنْثَيَاهُ بِالْأَلِفِ صَحِيحٌ عَلَى الْجَادَّةِ فَسَقَطَ الِاعْتِرَاضُ.
، وَإِذَا قُطِعَتْ أَطْرَافُ عَبْدٍ ثُمَّ حَزَّ رَقَبَتَهُ آخَرُ لَزِمَهُ قِيمَةُ الْعَبْدِ ذَاهِبَ الْأَطْرَافِ. اهـ. م د.
قَوْلُهُ: (فِيمَا زَادَ) أَيْ زَادَ عَلَى مَا ذَكَرَ مِنْ قَطْعِ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَيَيْنِ أَوْ نَقَصَ عَمَّا ذَكَرَ مِنْ ذَلِكَ وَمِنْ الْيَدِ وَنَحْوِهَا
قَوْلُهُ: (وَفِي دِيَةِ الْجَنِينِ) لَا يَخْفَى أَنَّ لَفْظَ دِيَةٍ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مَرْفُوعٌ مُبْتَدَأٍ، وَفِي إدْخَالِ الْجَارِّ عَلَيْهِ تَغْيِيرُ إعْرَابِهِ الظَّاهِرِ مَعَ أَنَّهُ لَا يَسْتَقِيمُ كَوْنُ الدِّيَةِ ظَرْفًا لِلْغُرَّةِ لِأَنَّهَا بَدَلٌ عَنْ النَّفْسِ وَتَقَدَّمَ أَنَّ فِي إطْلَاقِ الدِّيَةِ عَلَى الْغُرَّةِ مُسَامَحَةً.
قَوْلُهُ: (الْمُسْلِمِ) لَيْسَ بِقَيْدٍ لِمَا يَأْتِي أَنَّ الْجَنِينَ الْكَافِرَ فِيهِ غُرَّةٌ أَيْضًا لَكِنَّهَا كَثُلُثِ غُرَّةِ الْمُسْلِمِ فِي الْكِتَابِيِّ وَثُلُثِ خُمُسِ غُرَّةِ الْمُسْلِمِ فِي الْمَجُوسِيِّ، وَأَمَّا الْمُرْتَدُّ وَالْحَرْبِيُّ فَمُهْدَرَانِ كَمَا يَأْتِي كُلُّهُ فِي كَلَامِهِ فَالْمُعْتَبَرُ كَوْنُهُ مَعْصُومًا، وَجُمْلَةُ مَا ذَكَرَ مِنْ الشُّرُوطِ هُنَا وَفِيمَا يَأْتِي ثَمَانِيَةٌ وَالتَّعْمِيمَاتُ ثَمَانِيَةٌ مِثْلُهَا، فَلَوْ أَبْقَى الشَّارِحُ كَلَامَ الْمَتْنِ عَلَى ظَاهِرِهِ لَكَانَ أَعَمَّ.
قَوْلُهُ: (عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ) بِخِيرَةِ الْغَارِمِ لَا الْمُسْتَحِقِّ.
وَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ امْتِنَاعُ الْخُنْثَى وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُمْ: يُشْتَرَطُ
مَا بَعْدَهَا بَدَلٌ مِنْهَا
وَأَصْلُ الْغُرَّةِ الْبَيَاضُ فِي وَجْهِ الْفَرَسِ وَلِهَذَا شَرَطَ عَمْرُو بْنُ الْعَلَاءِ أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ أَبْيَضَ وَالْأَمَةُ بَيْضَاءَ وَحَكَاهُ الْفَاكِهَانِيُّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ أَيْضًا
وَلَمْ يَشْتَرِطْ الْأَكْثَرُونَ ذَلِكَ
وَقَالُوا النَّسَمَةُ مِنْ الرَّقِيقِ غُرَّةٌ لِأَنَّهَا غُرَّةُ مَا يُمْلَكُ أَيْ أَفْضَلُهُ وَغُرَّةُ كُلِّ شَيْءٍ خِيَارُهُ وَإِنَّمَا تَجِبُ الْغُرَّةُ فِي الْجَنِينِ إذَا انْفَصَلَ مَيِّتًا بِجِنَايَةٍ عَلَى أُمِّهِ الْحَيَّةِ مُؤَثِّرَةٍ فِيهِ سَوَاءٌ كَانَتْ الْجِنَايَةُ بِالْقَوْلِ كَالتَّهْدِيدِ وَالتَّخْوِيفِ الْمُفْضِي إلَى سُقُوطِ الْجَنِينِ أَمْ بِالْفِعْلِ كَأَنْ يَضْرِبَهَا أَوْ يُوجِرَهَا دَوَاءً أَوْ غَيْرَهُ فَتُلْقِيَ جَنِينًا أَمْ بِالتَّرْكِ كَأَنْ يَمْنَعَهَا الطَّعَامَ أَوْ الشَّرَابَ حَتَّى تُلْقِيَ الْجَنِينَ وَكَانَتْ الْأَجِنَّةُ تَسْقُطُ بِذَلِكَ وَلَوْ دَعَتْهَا ضَرُورَةٌ إلَى شُرْبِ دَوَاءٍ فَيَنْبَغِي كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيّ أَنَّهَا لَا تَضْمَنُ بِسَبَبِهِ
وَلَيْسَ مِنْ الضَّرُورَةِ الصَّوْمُ وَلَوْ فِي رَمَضَانَ إذَا خَشِيَتْ مِنْهُ الْإِجْهَاضَ فَإِذَا فَعَلَتْهُ وَأَجْهَضَتْ ضَمِنَتْهُ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَلَا تَرِثُ مِنْهُ لِأَنَّهَا قَاتِلَةٌ وَسَوَاءٌ أَكَانَ الْجَنِينُ ذَكَرًا أَمْ غَيْرَهُ لِإِطْلَاقِ الْخَبَرِ لِأَنَّ دِيَتَهُمَا لَوْ اخْتَلَفَتْ لَكَثُرَ الِاخْتِلَافُ فِي كَوْنِهِ ذَكَرًا أَوْ غَيْرَهُ
ــ
[حاشية البجيرمي]
كَوْنُهُ سَالِمًا مِنْ عَيْبِ الْمَبِيعِ، وَالْخُنُوثَةُ عَيْبٌ م ر.
قَوْلُهُ: (بِتَرْكِ تَنْوِينِ إلَخْ) هَذَا لَا يَسْتَقِيمُ إلَّا لَوْ ذَكَرَ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ مِنْ غَيْرِ فَاصِلٍ فِيهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: كَلَامُ الشَّارِحِ بِالنَّظَرِ لِلْمَتْنِ ق ل.
قَوْلُهُ: (وَحَكَاهُ الْفَاكِهَانِيُّ) أَيْ الْمَالِكِيُّ. قَوْلُهُ: (النَّسَمَةُ) أَيْ الذَّاتُ بَيْضَاءَ، أَوْ سَوْدَاءَ.
قَوْلُهُ: (لِأَنَّهَا غُرَّةٌ) لِأَنَّهَا مِنْ بَنِي آدَمَ وَقَالَ تَعَالَى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ} [الإسراء: 70] .
قَوْلُهُ: (وَإِنَّمَا تَجِبُ الْغُرَّةُ) إشَارَةٌ إلَى شُرُوطِ وُجُوبِهَا.
وَحَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ ثَمَانِيَةٌ فَذَكَرَ هُنَا أَرْبَعَةً وَسَيَأْتِي بِذِكْرِ اثْنَيْنِ عِنْدَ قَوْلِهِ: وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مَعْصُومًا مَضْمُونًا وَتَقَدَّمَ ذِكْرُ اثْنَيْنِ عِنْدَ قَوْلِهِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ.
وَإِنْ كَانَ الْأَوْلَى عَدَمَ التَّقْيِيدِ بِالْمُسْلِمِ، لِأَنَّ الْكَافِرَ كَذَلِكَ مَضْمُونٌ بِالْغُرَّةِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: قَيَّدَ بِذَلِكَ لِأَجْلِ قَوْلِهِ: عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ، لِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ فِي الْمُسْلِمِ أَمَّا الْكَافِرُ فَفِيهِ أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ كَمَا يَأْتِي، أَوْ يُقَالُ: الْمَفْهُومُ فِيهِ تَفْصِيلٌ فَإِنْ كَانَ مَعْصُومًا فَكَذَلِكَ، وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ.
قَوْلُهُ: (سَوَاءٌ أَكَانَتْ الْجِنَايَةُ) إشَارَةٌ إلَى تَعْمِيمَاتٍ سَبْعَةٍ: بَعْضُهَا فِي نَفْسِ الْجِنَايَةِ وَهُوَ مَا هُنَا وَهُوَ ثَلَاثَةٌ، وَبَعْضُهَا فِي الْجَنِينِ وَهُوَ ثَلَاثَةٌ أَيْضًا ذَكَرَهَا بِقَوْلِهِ: سَوَاءٌ كَانَ ذَكَرًا أَمْ أُنْثَى، وَبَعْضُهَا وَهُوَ وَاحِدٌ فِي أُمِّهِ وَهُوَ قَوْلُهُ: سَوَاءٌ انْفَصَلَ فِي حَيَاتِهَا، أَوْ بَعْدَ مَوْتِهَا.
قَوْلُهُ: (أَوْ يُوجِرَهَا) هُوَ إدْخَالُ شَيْءٍ فِي الْفَمِ قَهْرًا.
قَوْلُهُ: (الْإِجْهَاضُ) أَيْ الرَّمْيُ قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ أَجْهَضَتْ النَّاقَةُ وَلَدَهَا إجْهَاضًا أَلْقَتْهُ قَبْلَ أَنْ يَبِينَ خَلْقُهُ
قَالَ الْأَزْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ لَا يُقَالُ أَجْهَضَتْ إلَّا النَّاقَةُ خَاصَّةً فَهِيَ مُجْهِضَةٌ وَيُقَالُ فِي الْمَرْأَةِ أَسْقَطَتْ وَالْجِهَاضُ بِالْكَسْرِ اسْمٌ مِنْهُ اهـ
فَإِطْلَاقُ الْإِجْهَاضِ عَلَى إسْقَاطِ الْمَرْأَةِ مَجَازٌ قَوْلُهُ فَإِذَا فَعَلَتْهُ أَيْ صَامَتْ فَأَجْهَضَتْ أَيْ وَضَعَتْ ضَمِنَتْهُ بِخِلَافِ الْمُرْضِعِ إذَا صَامَتْ فَقَلَّ اللَّبَنُ أَوْ انْقَطَعَ وَمَاتَ الرَّضِيعُ فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهَا لِأَنَّهَا لَمْ تُحْدِثْ فِيهِ صُنْعًا كَمَا لَوْ أَخَذَ طَعَامَ شَخْصٍ وَشَرَابَهُ فَمَاتَ ذَلِكَ الشَّخْصُ فَلَا ضَمَانَ
وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ فَرْعٌ مَنْ حَبَسَ آدَمِيًّا وَمَنَعَهُ الزَّادَ وَالْمَاءَ أَوْ عَرَّاهُ فَمَاتَ فَإِنْ كَانَ زَمَنًا يَمُوتُ فِيهِ غَالِبًا جُوعًا أَوْ عَطَشًا أَوْ بَرْدًا فَعَمْدٌ أَوْ لَا يَمُوتُ فِيهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ جُوعٌ وَعَطَشٌ سَابِقٌ فَشِبْهُ عَمْدٍ وَإِلَّا فَإِنْ حَبَسَهُ زَمَنًا إذَا ضُمَّ إلَى الْأَوَّلِ وَمَاتَ وَعَلِمَ سَابِقَ جُوعِهِ وَعَطَشِهِ فَعَمْدٌ مَحْضٌ وَإِنْ جَهِلَ وَجَبَ نِصْفُ دِيَةِ شِبْهِ الْعَمْدِ
وَفِي الرَّحْمَانِيِّ مَا نَصُّهُ تَنْبِيهٌ تُجْبَرُ الْأُمُّ عَلَى إرْضَاعِ اللِّبَأِ وَلَهَا الْأُجْرَةُ فَإِنْ امْتَنَعَتْ وَمَاتَ لَمْ تَضْمَنْ وَإِنْ تَعَيَّنَتْ وَيَأْتِي أَنَّهَا تَضْمَنُ بِتَرْكِ مَا يَدْفَعُ الْإِجْهَاضَ بِالْغُرَّةِ عَلَى عَاقِلَتِهَا وَفِي الْفَرْقِ عُسْرٌ وَيَجِبُ عَلَى الْوَلِيِّ إنْ حَضَرَ وَإِلَّا فَمَنْ عَلِمَ عَيْنًا إنْ انْفَرَدَ وَإِلَّا فَكِفَايَةٌ كَقَطْعِ سُرَّةِ الْمَوْلُودِ عَقِبَ وِلَادَتِهِ لِتَوَقُّفِ إمْسَاكِ الطَّعَامِ عَلَيْهِ كَإِرْضَاعِهِ لِأَنَّهُ وَاجِبٌ فَوْرِيٌّ لَا يَقْبَلُ التَّأْخِيرَ فَإِنْ فَرَّطَ ضَمِنَ وَيَجِبُ خِتَانُ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى لَا الْخُنْثَى بَلْ لَا يَجُوزُ. اهـ. حَجّ
وَفِي الْفَتَاوَى الْخَيْرِيَّةِ مِنْ كُتُبِ الْحَنَفِيَّةِ سُئِلَ فِي امْرَأَةٍ سَافَرَ عَنْهَا زَوْجُهَا فِرَارًا مِنْ نَفَقَتِهَا فَخَافَتْ الْهَلَاكَ فَانْتَقَلَتْ عِنْدَ أَهْلِهَا وَتَرَكَتْ بِنْتًا صَغِيرَةً فَطِيمَةً لَهَا مِنْهُ عِنْدَ أَهْلِهِ وَمَاتَتْ فَادَّعَى عَلَى أَنَّكُمْ فَرَّقْتُمْ بَيْنَ زَوْجَتِي وَبِنْتِهَا وَمَاتَتْ بِسَبَبِ ذَلِكَ فَعَلَيْكُمْ دِيَتُهَا هَلْ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ بِذَلِكَ أَمْ لَا
أَجَابَ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَالْحَالُ هَذِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ أَكَانَ الْجَنِينُ تَعْمِيمٌ فِي قَوْلِهِ وَدِيَةُ الْجَنِينِ الْحُرِّ غُرَّةٌ يَعْنِي أَنَّ فِي الْجَنِينِ غُرَّةً
فَسَوَّى الشَّارِعُ بَيْنَهُمَا وَسَوَاءٌ أَكَانَ الْجَنِينُ تَامَّ الْأَعْضَاءِ أَمْ نَاقِصَهَا ثَابِتَ النَّسَبِ أَمْ لَا لَكِنْ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مَعْصُومًا مَضْمُونًا عَلَى الْجَانِي عِنْدَ الْجِنَايَةِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ أُمُّهُ مَعْصُومَةً أَوْ مَضْمُونَةً عِنْدَهَا وَلَا أَثَرَ لِنَحْوِ لَطْمَةٍ خَفِيفَةٍ كَمَا لَا تُؤَثِّرُ فِي الدِّيَةِ وَلَا لِضَرْبَةٍ قَوِيَّةٍ أَقَامَتْ بَعْدَهَا بِلَا أَلَمٍ ثُمَّ أَلْقَتْ جَنِينًا نَقَلَهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ النَّصِّ
وَسَوَاءٌ انْفَصَلَ فِي حَيَاتِهَا بِجِنَايَةٍ أَوْ انْفَصَلَ بَعْدَ مَوْتِهَا بِجِنَايَةٍ فِي حَيَاتِهَا وَلَوْ ظَهَرَ بَعْضُ الْجَنِينِ بِلَا انْفِصَالٍ مِنْ أُمِّهِ كَخُرُوجِ رَأْسِهِ مَيِّتًا وَجَبَتْ فِيهِ الْغُرَّةُ لِتَحَقُّقِ وُجُودِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعْصُومًا عِنْدَ الْجِنَايَةِ كَجَنِينِ حَرْبِيَّةٍ مِنْ حَرْبِيٍّ
وَإِنْ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ الْجِنَايَةِ أَوْ لَمْ يَكُنْ مَضْمُومًا كَأَنْ يَكُونَ مَالِكًا لِلْجَنِينِ وَلِأُمِّهِ بِأَنْ جَنَى السَّيِّدُ عَلَى أَمَتِهِ الْحَامِلِ وَجَنِينُهَا مِنْ غَيْرِهِ وَهُوَ مِلْكٌ لَهُ فَعَتَقَتْ ثُمَّ أَلْقَتْ الْجَنِينَ أَوْ كَانَتْ أُمُّهُ مَيِّتَةً أَوْ لَمْ يَنْفَصِلْ وَلَا ظَهَرَ عَلَى أُمِّهِ شَيْنٌ بِالْجِنَايَةِ فَلَا شَيْءَ فِيهِ لِعَدَمِ احْتِرَامِهِ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى وَعَدَمِ ضَمَانِ الْجَانِي فِي الثَّانِيَةِ وَظُهُورِ مَوْتِهِ بِمَوْتِهَا فِي الثَّالِثَةِ وَلِعَدَمِ تَحَقُّقِ وُجُودِهِ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ وَلَوْ انْفَصَلَ
ــ
[حاشية البجيرمي]
سَوَاءٌ كَانَ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى
قَوْلُهُ لِأَنَّ دِيَتَهُمَا الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَلِأَنَّ دِيَتَهُمَا لِأَنَّهُ عِلَّةٌ ثَانِيَةٌ
قَوْلُهُ لَكَثُرَ الِاخْتِلَافُ أَيْ بَيْنَ الْوَارِثِ وَالْجَانِي فَيَدَّعِي وَارِثُهُ أَنَّهُ ذَكَرٌ لِيَأْخُذَ الْأَكْثَرَ وَالْجَانِي أَنَّهُ أُنْثَى لِيَدْفَعَ الْأَقَلَّ قَوْلُهُ أَمْ لَا كَابْنِ الزِّنَا قَوْلُهُ مَضْمُونًا عَلَى الْجَانِي لَا حَاجَةَ إلَيْهِ لِأَنَّ كَلَامَنَا فِي الْجَنِينِ الْحُرِّ
قَوْلُهُ عِنْدَهَا أَيْ الْجِنَايَةِ وَهُوَ قَيْدٌ فِي الْعِصْمَةِ وَالضَّمَانِ
قَوْلُهُ وَلَا أَثَرَ لِنَحْوِ لَطْمَةٍ مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ مُؤَثِّرَةً وَقَوْلُهُ وَلَا لِضَرْبَةٍ قَوِيَّةٍ مَفْهُومُ قَوْلِهِ بِجِنَايَةٍ عَلَى أُمِّهِ
قَوْلُهُ بِجِنَايَةٍ لَا حَاجَةَ لَهُ لِأَنَّهُ فَرْضُ الْمَسْأَلَةِ
قَوْلُهُ بَعْدَ مَوْتِهَا بِجِنَايَةٍ فِي حَيَاتِهَا
أَيْ فَإِنَّهُ تَجِبُ فِيهِ الْغُرَّةُ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْمِنْهَاجِ وَأَقَرَّهُ م ر وَكَذَا عَكْسُهُ كَمَا لَوْ جَنَى عَلَيْهَا وَهِيَ مَيِّتَةٌ فَأَحْيَاهَا اللَّهُ وَأَلْقَتْهُ فِي حَيَاتِهَا فَإِنَّهُ تَجِبُ فِيهِ الْغُرَّةُ أَيْضًا مَيْدَانِيٌّ
وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ وَغَيْرِهِ خِلَافُهُ أَيْ لَا تَجِبُ فِيهِ الْغُرَّةُ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا قَالَهُ ب ش اهـ م د
قَوْلُهُ وَلَوْ ظَهَرَ بَعْضُ الْجَنِينِ أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ قَوْلَهُ فِيمَا تَقَدَّمَ إنَّمَا تَجِبُ إذَا انْفَصَلَ أَيْ كُلًّا أَوْ بَعْضًا كَمَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَالَ شَيْخُنَا وَأُخِذَ مِنْهُ أَنَّهُ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَقُولَ فِيمَا سَبَقَ وَإِنَّمَا تَجِبُ الْغُرَّةُ فِي الْجَنِينِ إذَا انْفَصَلَ أَوْ ظَهَرَ إلَخْ
كَمَا فَعَلَ غَيْرُهُ وَلَعَلَّهُ أَفْرَدَ مَسْأَلَةَ الظُّهُورِ لِمَا فِيهَا مِنْ الْخِلَافِ
قَوْلُهُ أَوْ يَكُنْ مَضْمُونًا ظَاهِرُهُ أَنَّ هَذَا غَيْرُ دَاخِلٍ فِي عَدَمِ الْعِصْمَةِ وَاَلَّذِي فِي شَرْحِ م ر وَحَجّ دُخُولُ ذَلِكَ فِي عَدَمِ الْعِصْمَةِ وَعِبَارَتُهُمَا وَخَرَجَ بِتَقْيِيدِ الْجَنِينِ بِالْعِصْمَةِ مَا لَوْ جَنَى عَلَى حَرْبِيَّةٍ حَامِلٍ مِنْ حَرْبِيٍّ أَوْ مُرْتَدَّةٍ حَامِلٍ بِوَلَدٍ فِي حَالِ رِدَّتِهَا فَأَسْلَمَتْ ثُمَّ أَجْهَضَتْ أَوْ عَلَى أَمَتِهِ الْحَامِلِ مِنْ غَيْرِهِ فَعَتَقَتْ ثُمَّ أَجْهَضَتْ وَالْحَمْلُ مِلْكُهُ فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ فِيهِ لِإِهْدَارِهِ
قَوْلُهُ وَلِأُمِّهِ لَيْسَ قَيْدًا بَلْ الْمَدَارُ عَلَى مِلْكِ الْجَنِينِ فَقَطْ وَقَالَ بَعْضُهُمْ إنَّمَا زَادَ ذَلِكَ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْجَنِينِ الْحُرِّ وَلَوْ بِالسِّرَايَةِ بَعْدَ الْجِنَايَةِ فَقَوْلُهُ بَعْدُ وَعَتَقَتْ أَيْ وَسَرَى الْعِتْقُ لِلْجَنِينِ فَصَحَّ التَّمْثِيلُ وَإِنْ كَانَ حَالَ الْجِنَايَةِ رَقِيقًا وَحِينَئِذٍ يَكُونُ قَوْلُهُ وَلِأُمِّهِ قَيْدًا خِلَافًا لِمَا فِي الْحَاشِيَةِ
قَوْلُهُ الْحَامِلِ أَيْ مِنْ زَوْجٍ بِأَنْ كَانَتْ مُزَوَّجَةً فَحَمَلَتْ مِنْ زَوْجِهَا ثُمَّ جَنَى السَّيِّدُ عَلَيْهَا ثُمَّ عَتَقَتْ وَأَجْهَضَتْ فَلَا شَيْءَ عَلَى السَّيِّدِ الْجَانِي
وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْكَلَامَ الْآنَ فِي الْجَنِينِ الْحُرِّ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ فَعَتَقَتْ فَتَأَمَّلْ وَحَرِّرْ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ إنَّمَا قَالَ فَعَتَقَتْ لِلِاحْتِرَازِ عَنْ عِتْقِهَا قَبْلَ الْحَمْلِ فَإِنَّ وَلَدَهَا يَكُونُ حُرًّا تَبَعًا لَهَا فَيَضْمَنُهُ الْجَانِي وَيَتْبَعُهَا الْحَمْلُ فِي الْعِتْقِ وَلَكِنْ لَا يَضْمَنُهُ السَّيِّدُ لِأَنَّهُ حَالَةَ الْجِنَايَةِ رَقِيقٌ مِلْكُهُ لَهُ لَكِنَّ الْكَلَامَ الْآنَ فِي الْجَنِينِ الْحُرِّ حَالَ الْجِنَايَةِ فَتَأَمَّلْ. اهـ. م د
قَوْلُهُ فَعَتَقَتْ أَيْ وَيَتْبَعُهَا الْحَمْلُ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ إنَّ الْكَلَامَ فِي الْجَنِينِ الْحُرِّ وَهَذَا رَقِيقٌ
قَوْلُهُ أَوْ لَمْ يَنْفَصِلْ أَيْ لَا كُلًّا وَلَا بَعْضًا وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ فَإِنْ لَمْ يَنْفَصِلْ وَلَمْ يَظْهَرْ أَوْ انْفَصَلَ أَوْ ظَهَرَ لَحْمٌ لَا صُورَةَ فِيهِ أَوْ كَانَتْ أُمُّهُ مَيِّتَةً أَوْ كَانَ هُوَ غَيْرَ مَعْصُومٍ عِنْدَ الْجِنَايَةِ كَجَنِينِ حَرْبِيَّةٍ مِنْ حَرْبِيٍّ وَإِنْ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ الْجِنَايَةِ فَلَا شَيْءَ فِيهِ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ وُجُودِهِ فِي الْأُولَيَيْنِ وَظُهُورِ مَوْتِهِ فِي الثَّالِثَةِ وَعَدَمِ الِاحْتِرَامِ فِي الرَّابِعَةِ. اهـ.
قَوْلُهُ وَلَا ظَهَرَ عَلَى أُمِّهِ شَيْنٌ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ شَرْطٌ فِيمَا قَبْلَهُ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا ظَهَرَ عَلَى أُمِّهِ شَيْنٌ تَجِبُ الْغُرَّةُ مَعَ أَنَّ الْمَوْضُوعَ أَنَّهُ لَمْ يَنْفَصِلْ فَلَا غُرَّةَ حِينَئِذٍ فَكَانَ الْأَوْلَى حَذْفَ قَوْلِهِ وَلَا ظَهَرَ وَيَقُولُ فِي الْأَخِيرَةِ بَدَلَ الْأَخِيرَتَيْنِ أَوْ أَنْ يَقُولَ أَوْ لَمْ يَظْهَرْ إلَخْ وَالْمَعْنَى أَوْ انْفَصَلَ لَكِنْ لَمْ يَظْهَرْ عَلَى أُمِّهِ شَيْنٌ بِالْجِنَايَةِ فَلَا تَجِبُ الْغُرَّةُ وَهَذَا صَحِيحٌ وَيَظْهَرُ
حَيًّا وَبَقِيَ بَعْدَ انْفِصَالِهِ زَمَنًا بِلَا أَلَمٍ فِيهِ ثُمَّ مَاتَ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْجَانِي
وَإِنْ مَاتَ حِينَ خَرَجَ بَعْدَ انْفِصَالِهِ أَوْ دَامَ أَلَمُهُ وَمَاتَ مِنْهُ فَدِيَةُ نَفْسٍ كَامِلَةٌ عَلَى الْجَانِي
تَنْبِيهٌ لَوْ أَلْقَتْ امْرَأَةٌ بِجِنَايَةٍ عَلَيْهَا جَنِينَيْنِ مَيِّتَيْنِ وَجَبَتْ غُرَّتَانِ أَوْ ثَلَاثًا فَثَلَاثٌ وَهَكَذَا
وَلَوْ أَلْقَتْ يَدًا أَوْ رِجْلًا وَمَاتَتْ وَجَبَتْ غُرَّةٌ لِأَنَّ الْعِلْمَ قَدْ حَصَلَ بِوُجُودِ الْجَنِينِ
أَمَّا لَوْ عَاشَتْ الْأُمُّ وَلَمْ تُلْقِ جَنِينًا فَلَا يَجِبُ إلَّا نِصْفُ غُرَّةٍ كَمَا أَنَّ يَدَ الْحَيِّ لَا يَجِبُ فِيهَا إلَّا نِصْفُ دِيَةٍ وَلَا يَضْمَنُ بَاقِيَهُ لِأَنَّا لَمْ نَتَحَقَّقْ تَلَفَهُ وَلَوْ أَلْقَتْ لَحْمًا قَالَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ فِيهِ صُورَةُ آدَمِيٍّ خَفِيَّةٌ وَجَبَتْ الْغُرَّةُ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالُوا لَوْ بَقِيَ لِتَصَوُّرِ أَيِّ تَخَلُّقٍ فَلَا شَيْءَ فِيهِ وَإِنْ انْقَضَتْ بِهِ الْعِدَّةُ كَمَا مَرَّ فِي الْعَدَدِ وَالْخِيرَةُ فِي الْغُرَّةِ إلَى الْغَارِمِ وَيُجْبَرُ الْمُسْتَحِقُّ عَلَى قَبُولِهَا مِنْ أَيِّ نَوْعٍ كَانَتْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ أَوْ الْأَمَةُ مُمَيِّزًا فَلَا يَلْزَمُهُ قَبُولُ غَيْرِهِ سَلِيمًا مِنْ عَيْبِ مَبِيعٍ لِأَنَّ الْمَعِيبَ لَيْسَ مِنْ الْخِيَارِ وَالْأَصَحُّ قَبُولُ رَقِيقٍ كَبِيرٍ لَمْ يَعْجِزْ بِهَرَمٍ
لِأَنَّهُ مِنْ الْخِيَارِ مَا لَمْ تَنْقُصْ مَنَافِعُهُ وَيُشْتَرَطُ بُلُوغُهَا فِي الْقِيمَةِ نِصْفَ عُشْرِ الدِّيَةِ مِنْ الْأَبِ الْمُسْلِمِ وَهُوَ عُشْرُ دِيَةِ الْأُمِّ الْمُسْلِمَةِ
فَفِي الْحُرِّ الْمُسْلِمِ رَقِيقٌ قِيمَتُهُ خَمْسَةُ أَبْعِرَةٍ كَمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -
فَإِنْ فُقِدَتْ الْغُرَّةُ حِسًّا بِأَنْ لَمْ تُوجَدْ أَوْ شَرْعًا بِأَنْ وُجِدَتْ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ مِثْلِهَا فَخَمْسَةُ أَبْعِرَةٍ بَدَلَهَا لِأَنَّهَا مُقَدَّرَةٌ بِهَا وَهِيَ لِوَرَثَةِ الْجَنِينِ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى وَهِيَ وَاجِبَةٌ عَلَى عَاقِلَةِ الْجَانِي وَالْجَنِينُ الْيَهُودِيُّ أَوْ النَّصْرَانِيُّ بِالتَّبَعِ لِأَبَوَيْهِ تَجِبُ فِيهِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
قَوْلُهُ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ لِأَنَّهُمَا حِينَئِذٍ مَسْأَلَتَانِ وَلَكِنْ تَكُونُ الثَّانِيَةُ مُكَرَّرَةً مَعَ قَوْلِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ وَلَا أَثَرَ لِضَرْبَةِ خَفِيفَةً فَرَجَعْنَا إلَى أَنَّ الْأَوْلَى حَذْفُ قَوْلِهِ وَلَا ظَهَرَ وَكَذَا قَوْلُهُ أَوْ لَمْ يَظْهَرْ لَوْ أَتَى بِهَا وَقَالَ بَعْضُهُمْ قَوْلُهُ شَيْنٌ صَوَابُهُ شَيْءٌ كَمَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ أَيْ وَلَا ظَهَرَ بِسَبَبِ الْجِنَايَةِ عَلَى أُمِّهِ شَيْءٌ مِنْ أَجْزَائِهِ
قَوْلُهُ الْأُولَى هِيَ جَنِينُ حَرْبِيَّةٍ مِنْ حَرْبِيٍّ وَالْمُرَادُ بِالثَّانِيَةِ كَوْنُ الْجَنِينِ وَأُمِّهِ مِلْكًا لِلْجَانِي وَالثَّالِثَةِ كَوْنُ أُمِّ الْجَنِينِ مَيِّتَةً وَالْمُرَادُ بِالْأَخِيرَتَيْنِ هُمَا عَدَمُ الِانْفِصَالِ وَعَدَمُ ظُهُورِ الشَّيْنِ بِالْجِنَايَةِ عَلَى أُمِّهِ وَالْعِلَّةُ ظَاهِرَةٌ فِي أُولَى الْأَخِيرَتَيْنِ دُونَ الثَّانِيَةِ. اهـ.
قَوْلُهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْجَانِي لِأَنَّا لَمْ نَتَحَقَّقْ مَوْتَهُ بِالْجِنَايَةِ شَرْحَ الْمَنْهَجِ
قَوْلُهُ عَلَى الْجَانِي أَيْ عَلَى عَاقِلَتِهِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُهُ بَعْدُ لِأَنَّ الْجَنِينَ لَا يُقْصَدُ بِالْجِنَايَةِ
قَوْلُهُ حِينَ خَرَجَ أَيْ تَمَّ خُرُوجُهُ. اهـ. م ر وَحَجّ وَخَرَجَ بِهِ مَا لَوْ مَاتَ قَبْلَ تَمَامِ خُرُوجِهِ وَفِي الْعُبَابِ وَلَوْ ضَرَبَهَا فَخَرَجَ رَأْسُهُ وَصَاحَ فَحَزَّهُ شَخْصٌ لَزِمَهُ الْقَوَدُ أَوْ الدِّيَةُ أَوْ فَصَاحَ وَمَاتَ قَبْلَ انْفِصَالِهِ فَعَلَى الضَّارِبِ الْغُرَّةُ أَوْ بَعْدَهُ فَالدِّيَةُ. اهـ. سم
قَوْلُهُ فَدِيَةُ نَفْسٍ كَامِلَةٌ أَيْ وَلَوْ انْفَصَلَ الْجَنِينُ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ. اهـ. مَتْنَ الرَّوْضِ
قَوْلُهُ لِأَنَّا لَمْ نَتَحَقَّقْ تَلَفَهُ أَيْ كَيَدَيْنِ أَلْقَتْهُمَا وَمَاتَتْ أَوْ عَاشَتْ فَيَجِبُ فِيهِمَا غُرَّةٌ وَكَذَا لَوْ أَلْقَتْ ثَلَاثًا أَوْ أَرْبَعًا مِنْ الْأَيْدِي أَوْ الْأَرْجُلِ وَرَأْسَيْنِ لِإِمْكَانِ كَوْنِهِمَا لِجَنِينٍ وَاحِدٍ بَعْضُهَا أَصْلِيٌّ وَبَعْضُهَا زَائِدٌ وَعَنْ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ أُخْبِرَ بِامْرَأَةٍ لَهَا رَأْسَانِ فَنَكَحَهَا بِمِائَةِ دِينَارٍ وَنَظَرَ إلَيْهَا وَطَلَّقَهَا وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَجِبُ لِلْعُضْوِ الثَّالِثِ فَأَكْثَرَ حُكُومَةٌ شَرْحَ الرَّوْضِ
قَوْلُهُ وَالْخِيرَةُ فِي الْغُرَّةِ مِنْ كَوْنِهَا عَبْدًا أَوْ أَمَةً أَوْ بَيْضَاءَ أَوْ سَوْدَاءَ
قَوْلُهُ مُمَيِّزًا أَيْ وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ سَبْعَ سِنِينَ كَمَا قَالَهُ م ر
قَوْلُهُ فَلَا يَلْزَمُهُ قَبُولُ غَيْرِهِ أَيْ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَجُوزُ قَبُولُهُ وَيُجْزِئُ وَمِثْلُهُ غَيْرُ السَّلِيمِ الْمَذْكُورُ بَعْدَهُ فَرَاجِعْهُ ق ل
قَوْلُهُ وَيُشْتَرَطُ بُلُوغُهَا هَلْ هَذَا الشَّرْطُ لِعَدَمِ لُزُومِ الْقَبُولِ أَوْ لِعَدَمِ الْإِجْزَاءِ رَاجِعْهُ ق ل
قَوْلُهُ فَإِنْ فُقِدَتْ الْغُرَّةُ إلَخْ فَإِنْ فُقِدَتْ الْإِبِلُ أَيْضًا وَجَبَ قِيمَتُهَا
كَمَا فِي الدِّيَةِ.
اهـ.
مَرْحُومِي وَلَمْ يُبَيِّنْ الشَّارِحُ الْمَحَلَّ الَّذِي فُقِدَتْ مِنْهُ هَلْ هُوَ مَسَافَةُ الْقَصْرِ أَوْ غَيْرُهَا وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي فَقْدِ الدِّيَةِ أَنَّهُ هُنَا مَسَافَةُ الْقَصْرِ كَمَا قَالَهُ ع ش م ر
قَوْلُهُ وَهِيَ أَيْ الْغُرَّةُ أَيْ إنْ وُجِدَتْ وَكَذَا بَدَلُهَا مِنْ الْإِبِلِ عِنْدَ عَدَمِهَا وَكَذَا قِيمَةُ الْإِبِلِ فَالْمَرَاتِبُ ثَلَاثَةٌ
قَوْلُهُ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ أَيْ عَلَى قَاعِدَةِ قِسْمَةِ فَرَائِضِ اللَّهِ
قَوْلُهُ عَلَى عَاقِلَةِ الْجَانِي أَيْ مُؤَجَّلَةً لِأَنَّ كُلَّ مَا وَجَبَ عَلَى الْعَاقِلَةِ يَكُونُ مُؤَجَّلًا وَإِنَّمَا كَانَتْ عَلَى الْعَاقِلَةِ لِأَنَّ الْجَنِينَ لَا يَتَحَقَّقُ وُجُودُهُ حَتَّى يُقْصَدَ بِالْجِنَايَةِ فَالْجِنَايَةُ عَلَيْهِ مِنْ قَبِيلِ الْخَطَأِ أَوْ شِبْهِ الْعَمْدِ وَلِهَذَا لَا يَدْخُلُ الْغُرَّةَ تَغْلِيظٌ وَإِنْ وَقَعَ ذَلِكَ فِي الْحَرَمِ أَوْ كَانَ الْجَنِينُ
غُرَّةٌ كَثُلُثِ غُرَّةِ مُسْلِمٍ كَمَا فِي دِيَتِهِ وَهُوَ بَعِيرٌ وَثُلُثَا بَعِيرٍ
وَفِي الْجَنِينِ الْمَجُوسِيِّ ثُلُثُ خُمُسِ غُرَّةِ مُسْلِمٍ كَمَا فِي دِيَتِهِ وَهُوَ ثُلُثُ بَعِيرٍ وَأَمَّا الْجَنِينُ الْحَرْبِيُّ وَالْجَنِينُ الْمُرْتَدُّ بِالتَّبَعِ لِأَبَوَيْهِمَا فَمُهْدَرَانِ
، ثُمَّ شَرَعَ فِي حُكْمِ الْجَنِينِ الرَّقِيقِ فَقَالَ (وَدِيَةُ الْجَنِينِ الْمَمْلُوكِ) ذَكَرًا كَانَ، أَوْ غَيْرَهُ فِيهِ (عُشْرُ قِيمَةِ أُمِّهِ) قِنَّةً كَانَتْ أَوْ مُدَبَّرَةً، أَوْ مُكَاتَبَةً، أَوْ مُسْتَوْلَدَةً قِيَاسًا عَلَى الْجَنِينِ الْحُرِّ، فَإِنَّ الْغُرَّةَ فِي الْجَنِينِ مُعْتَبَرَةٌ بِعُشْرِ مَا تُضْمَنُ بِهِ الْأُمُّ وَإِنَّمَا لَمْ يَعْتَبِرُوا قِيمَتَهُ فِي نَفْسِهِ لِعَدَمِ ثُبُوتِ اسْتِقْلَالِهِ بِانْفِصَالِهِ مَيِّتًا.
تَنْبِيهٌ: يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَا إذَا كَانَتْ الْأُمُّ هِيَ الْجَانِيَةَ عَلَى نَفْسِهَا فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ فِي جَنِينِهَا الْمَمْلُوكِ لِلسَّيِّدِ شَيْءٌ، إذْ لَا يَجِبُ لِلسَّيِّدِ عَلَى رَقِيقِهِ شَيْءٌ، وَخَرَجَ بِالرَّقِيقِ الْمُبَعَّضُ فَاَلَّذِي يَنْبَغِي أَنْ تُوَزَّعَ الْغُرَّةُ فِيهِ عَلَى الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ خِلَافًا لِلْمَحَامِلِيِّ فِي قَوْلِهِ: إنَّهُ كَالْحُرِّ، وَتُعْتَبَرُ قِيمَةُ الْأُمِّ كَمَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ، بِأَكْثَرِ مَا كَانَتْ مِنْ حِينِ الْجِنَايَةِ إلَى حِينِ الْإِجْهَاضِ خِلَافًا لِمَا جَرَى عَلَيْهِ فِي الْمِنْهَاجِ؛ مِنْ أَنَّهَا يَوْمَ الْجِنَايَةِ هَذَا إذَا انْفَصَلَ مَيِّتًا كَمَا عُلِمَ مِنْ التَّعْلِيلِ السَّابِقِ فَإِنْ انْفَصَلَ حَيًّا وَمَاتَ مِنْ أَثَرِ الْجِنَايَةِ فَإِنَّ فِيهِ قِيمَتَهُ يَوْمَ الِانْفِصَالِ.
وَإِنْ نَقَصَتْ عَنْ عُشْرِ قِيمَةِ أُمِّهِ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ النَّصِّ وَسَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَنْ الْمُسْتَحِقِّ لِذَلِكَ.
وَاَلَّذِي فِي الرَّوْضَةِ أَنَّ بَدَلَ الْجَنِينِ الْمَمْلُوكِ لِسَيِّدِهِ وَهُوَ أَحْسَنُ مِنْ قَوْلِ الْمِنْهَاجِ: لِسَيِّدِهَا أَيْ أُمِّ الْجَنِينِ، لِأَنَّ الْجَنِينَ قَدْ يَكُونُ لِشَخْصٍ وَصَّى لَهُ بِهِ، وَتَكُونُ الْأُمُّ لِآخَرَ فَالْبَدَلُ لِسَيِّدِهِ لَا لِسَيِّدِهَا وَقَدْ يُرَدُّ عَنْ الْمِنْهَاجِ بِأَنَّهُ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ، مِنْ أَنَّ الْحَمْلَ الْمَمْلُوكَ لِسَيِّدِ الْأَمَةِ.
تَتِمَّةٌ: لَوْ كَانَتْ الْأُمُّ مَقْطُوعَةَ الْأَطْرَافِ وَالْجَنِينُ سَلِيمَهَا قُوِّمَتْ بِتَقْدِيرِهَا سَلِيمَةً فِي الْأَصَحِّ لِسَلَامَتِهِ كَمَا لَوْ
ــ
[حاشية البجيرمي]
مَحْرَمَ رَحِمٍ وَآلَ الْأَمْرُ إلَى الْإِبِلِ دَخَلَ التَّغْلِيظُ فَلَوْ غُلِّظَتْ كَانَ الْوَاجِبُ حِقَّةً وَنِصْفًا وَجَذَعَةً وَنِصْفًا وَخَلِفَتَيْنِ كَمَا قَالَهُ ح ل م ر
قَوْلُهُ وَالْجَنِينُ الْيَهُودِيُّ هَذَا يَشْمَلُهُ كَلَامُ الْمَتْنِ لِأَنَّهُ لَمْ يُقَيِّدْ بِالْمُسْلِمِ وَإِنَّمَا قَيَّدَهُ الشَّارِحُ غَايَةَ الْأَمْرِ أَنَّ الْغُرَّةَ فِي الْمُسْلِمِ أَكْثَرُ قِيمَةً مِنْ غَيْرِهِ فَلَوْ أَسْقَطَ الشَّارِحُ الْمُسْلِمَ فِيمَا سَبَقَ لَاسْتَغْنَى عَنْ ذَلِكَ نَعَمْ
قَوْلُهُ كَثُلُثِ إلَخْ لَمْ يُعْلَمْ مِمَّا سَبَقَ
قَوْلُهُ: (وَدِيَةُ الْجَنِينِ) هِيَ قِيمَةٌ لَا دِيَةٌ فَالْأَوْلَى " وَقِيمَةُ " وَعِبَارَةُ الْمَنْهَجِ: وَفِي جَنِينٍ رَقِيقٍ عُشْرُ أَقْصَى قِيَمِ أُمِّهِ مِنْ جِنَايَةٍ إلَى إلْقَاءٍ لِسَيِّدِهِ وَتُقَوَّمُ الْأُمُّ سَلِيمَةً اهـ.
وَقَوْلُهُ: عُشْرُ أَقْصَى قِيَمِ أُمِّهِ مَحَلُّ ذَلِكَ مَا لَمْ يَنْفَصِلْ حَيًّا وَيَمُوتُ أَمَّا إذَا انْفَصَلَ حَيًّا وَمَاتَ مِنْ أَثَرِ الْجِنَايَةِ فَإِنَّ فِيهِ تَمَامَ قِيمَتِهِ يَوْمَ الِانْفِصَالِ قَطْعًا كَمَا فِي شَرْحِ م ر.
قَوْلُهُ: (فِيهِ) الظَّاهِرُ إسْقَاطُهُ وَقَدْ يُقَالُ: إنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ صِفَةٍ لِدِيَةٍ أَيْ الْوَاجِبَةِ فِيهِ وَعِبَارَةُ ق ل: قَوْلُهُ: فِيهِ لَوْ أَسْقَطَهُ لَكَانَ أَوْلَى، لِأَنَّ فِيهِ إبْدَالَ الْخَبَرِ الْمُفْرَدِ بِالْخَبَرِ الْجُمْلَةِ.
قَوْلُهُ: (وَخَرَجَ بِالرَّقِيقِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: بِالْمَمْلُوكِ لِأَنَّهُ الَّذِي عَبَّرَ بِهِ وَقَوْلُهُ " الْمُبَعَّضُ " بِأَنْ كَانَتْ أُمُّهُ مُبَعَّضَةً فَإِنَّ سَيِّدَهَا مُبَعَّضٌ عَلَى الرَّاجِحِ.
قَوْلُهُ: (أَنْ تُوَزَّعَ الْغُرَّةُ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: أَنْ يُوَزَّعَ الْوَاجِبُ فَإِذَا كَانَ نِصْفُهُ حُرًّا وَنِصْفُهُ رَقِيقًا فَالْوَاجِبُ نِصْفُ غُرَّةٍ وَنِصْفُ عُشْرِ قِيمَةِ أُمِّهِ وَعِبَارَةُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَلَوْ كَانَتْ الْأُمُّ مُبَعَّضَةً فَهَلْ الْمُعْتَبَرُ عُشْرُ قِيمَتِهَا، أَوْ عُشْرُ دِيَتِهَا، أَوْ عُشْرُهُمَا مَعًا.
نَعَمْ إنْ انْفَصَلَ حَيًّا ثُمَّ مَاتَتْ بِالْجِنَايَةِ اُعْتُبِرَ يَوْمَ انْفِصَالِهِ قَطْعًا، وَلَوْ كَانَتْ كَافِرَةً وَالْجَنِينُ مُسْلِمٌ اُعْتُبِرَتْ مُسْلِمَةً أَوْ كَانَتْ حُرَّةً وَالْجَنِينُ رَقِيقٌ قُدِّرَتْ رَقِيقَةً وَلَوْ أَنْكَرَ الْجَانِي أَصْلَ الْجِنَايَةِ، أَوْ أَقَرَّ بِهَا وَأَنْكَرَ الْإِجْهَاضَ، أَوْ أَقَرَّ بِهَا وَادَّعَى نُزُولَهُ حَيًّا، أَوْ ادَّعَى مَوْتَهُ بِسَبَبٍ آخَرَ وَأَمْكَنَ لِطُولِ زَمَنٍ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ وَتُقْبَلُ بَيِّنَةُ الْوَارِثِ وَلَوْ رَجُلًا وَامْرَأَتَيْنِ مُطْلَقًا.
وَكَذَا مَحْضُ النِّسَاءِ فِي الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ لِأَنَّهُمَا مِنْ الْوِلَادَةِ وَتَشْهَدُ فِي الْأَخِيرَةِ بِدَوَامِ الْأَلَمِ إلَى الْمَوْتِ.
وَلَوْ لَمْ يُمْكِنْ فِيهَا مَا ذُكِرَ صُدِّقَ الْوَارِثُ وَلَوْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْوَارِثِ وَلَوْ أَلْقَتْ جَنِينَيْنِ عُرِفَ مَوْتُ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ وَجَبَ الْيَقِينُ وَهُوَ غُرَّةٌ وَدِيَةُ أُنْثَى وَلَوْ أَلْقَتْ حَيًّا وَمَيِّتًا وَمَاتَتْ هِيَ وَالْحَيُّ وَادَّعَى الْوَارِثُ أَنَّ الْجَنِينَ سَبَقَ مَوْتَهَا وَوَارِثُهَا عَكْسُهُ فَإِنْ حُلِّفَا، أَوْ نَكَلَا فَلَا تَوَارُثَ، وَإِلَّا قُضِيَ لِلْحَالِفِ اهـ.
قَوْلُهُ: (مِنْ التَّعْلِيلِ السَّابِقِ) وَهُوَ قَوْلُهُ: لِعَدَمِ ثُبُوتِ اسْتِقْلَالِهِ بِانْفِصَالِهِ مَيِّتًا.
قَوْلُهُ: (وَقَدْ يَعْتَذِرُ) أَيْ يُجَابُ عَنْهُ.
قَوْلُهُ: (وَيَحْمِلُ الْعُشْرَ الْمَذْكُورَ عَاقِلَةُ الْجَانِي عَلَى